الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 مارس 2023

الطعن 498 لسنة 35 ق جلسة 12 / 3 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 69 ص 425

جلسة 12 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(69)
الطعن رقم 498 لسنة 35 القضائية

(أ) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
قضاء المحكمة ليس هو منطوق الحكم وحده وإنما هو ذات القول للفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق. اعتبار أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً وحدة لا تتجزأ. يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي. لا يغير من ذلك إمكان أن يكون ما صدر به الحكم محلاً لقرار بدون أسباب. المرجع هو حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة لها.
(ب) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف.
مناط عدم جواز الطعن في الحكم وفقاً للمادة 378 مرافعات أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع. الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يجوز الطعن فيه استقلالاً في المواعيد المحددة قانوناً وإلا ترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق في الطعن.
(ج) عقد. "فسخ العقد". التزام.
للمدين أن يتوقى الفسخ بتنفيذ التزامه كاملاً قبل صدور حكم نهائي بالفسخ سواء في ذلك أكان حسن النية أو سيء النية. محل ذلك لا يكون إلا عند النظر في التعويض عن التأخير في تنفيذ الالتزام.

---------------
1 - قضاء المحكمة ليس هو منطوق الحكم وحده وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، ولا حجة في قول الطاعنتين أن إمهال القاضي للمدين لا يقتضي إصدار حكم بذلك، بل يكفي فيه صدور القرار بما لا يستلزم أسباباً وإن وجدت هذه الأسباب فهي زائدة لا حجة لها، ذلك أن القضاء هو الفصل في النزاع الذي يدور بين الطرفين بعد مناقشة حجج وأسانيد كل منهما، وإذ قامت أسباب الحكم على هذا الأساس وجعل الحكم من منطوقه نتيجة لهذه الأسباب فإنها تحوز معه حجية فيما بت فيه من عناصر النزاع المطروح دون أن يغير من ذلك إمكان صدور قرار الإمهال دون أسباب، إذ أن مرجع ذلك جميعه إلى حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة لها.
2 - مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع، وبالتالي فإن الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يخرج عن نطاق التحريم المقرر بها، ويجوز الطعن فيه على استقلال طبقاً للقواعد العامة للطعن في الأحكام، والبين من نص المادة 378 من قانون المرافعات أن الشارع فرق بين نوعين من الأحكام، أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وأحكام صادرة في الموضوع، ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة، ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد القانونية، ويترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن، ولا يغير من ذلك ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون، من أن الحكمة من تحريم الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، هي عدم تقطيع أوصال القضية الواحدة، إذ لا علاقة لذلك بالأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها، كما لا يجوز الاستناد إلى المادة 404 من قانون المرافعات إذ أن عبارتها إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، فضلاً عن أن هذه المادة لم ترد في الفصل الأول من الباب الثاني عشر المخصص للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام وإنما وردت في الفصل الثالث عشر الخاص بالاستئناف ولا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض (1).
3 - يتعين لإجابة طلب الفسخ أن يظل الطرف الآخر متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي، وله أن يتوقى صدور هذا الحكم بتنفيذ التزامه إلى ما قبل صدوره، ويستوي في ذلك أن يكون حسن النية أو سيئ النية إذ محل ذلك لا يكون إلا عند النظر في التعويض عن التأخير في تنفيذ الالتزام (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدتين روض عبد المسيح وسنية ملطي عبد المسيح أقامتا بتاريخ 7 فبراير سنة 1959 الدعوى 774 سنة 59 أمام محكمة القاهرة الابتدائية وطلبتا فيها الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المحرر بتاريخ 5/ 6/ 1958 والملحق المحرر بتاريخ 3/ 7/ 1958 واعتبارهما كأن لم يكونا مع ما يترتب على ذلك من آثار، لا سيما استحقاق الطالبتين للعربون المدفوع وقدره 3000 ج ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض. وقالتا شرحاً لدعواهما إن الأستاذ أنيس عطية المحامي اشترى منهما في 5 يونيه سنة 1958 أطياناً زراعية مساحتها 15 فداناً مسورة بالأسلاك الشائكة وبها أشجار موالح مختلفة ومقام على جزء منها فيلا ومخازن وماكينة ري وماسورة معين بثمن قدره 10500 ج بواقع ثمن الفدان الواحد 700 ج دفع المشتري منه 1000 ج عند التعاقد والتزم بأداء 2000 ج أخرى في 30 يونيه سنة 1958 ونص بالعقد على أن يعتبر مبلغ الثلاثة آلاف جنيه عربوناً لهذا البيع وعلى أن يقوم المشتري أيضاً بالوفاء بدين بنك الائتمان طبقاً للكشف الذي تستخرجه البائعتان قبل التوقيع على العقد النهائي الذي تحدد له نهاية شهر ديسمبر سنة 1958، وأنهما - طبقاً لنصوص العقد - قامتا بتسليم المبيع عند وفاء المشتري بمبلغ الألفي جنيه في 3 يوليه 1958 حيث تم تحرير ملحق للعقد عن واقعة التسليم، وثبت فيه أن الطرفين قد وقعا الطلب الخاص بالشهر العقاري، وبتاريخ 23 نوفمبر سنة 1958 سلمتاه باقي مستندات الملكية بالإضافة إلى عقد التمليك الذي كان قد تسلمه عند التوقيع على العقد الابتدائي، ثم أنذرتاه في 30 ديسمبر سنة 1958 بحلول موعد التوقيع على العقد النهائي واستحقاقهما باقي الثمن وأمهلتاه أسبوعاً لإتمام ذلك وإلا أصبح العقد مفسوخاً بقوة القانون واعتبار العربون من حقهما على سبيل التعويض ورد الأطيان إليهما. وإذ لم يستجب المشتري لطلبهما فقد اعتبرتا ذلك منه عدولاً عن الشراء مما يجعل العقد مفسوخاً ويجعل العربون من حقهما، وأقام الأستاذ أنيس عطية المحامي الدعوى رقم 1131 سنة 1959 أمام ذات المحكمة طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المشار إليه، وقال بياناً لطلبه أنه قام بالوفاء بمبلغ الألفي جنيه في 3 يوليه سنة 1958 ولكنه تبين عند تسلمه الأرض المبيعة عدم وجود ماكينة الري، وتعهدت البائعتان في محضر التسليم بردها إلى مكانها صالحة للعمل وتسليمها إليه في موعد غايته 13 يوليه سنة 1958، كما تعهدتا أيضاً بتقديم عقد شطب امتياز البائع لهما مع باقي مستندات الملكية. ولما لم تفيا بتعهدهما فقد أنذرهما في 13 أغسطس سنة 1958 بأنه سوف يضطر لشراء ماكينة جديدة في حالة عدم مبادرتهما بتنفيذ هذا الالتزام، وأضاف في صحيفة دعواه أنه إذ أدى عن البائعتين دين بنك التسليف ودين بنك الائتمان الذي حل محلهما فيه، وإذ ظهر له أن تسليمه الأرض على أساس الحدود المسورة بالسلك الشائك لا يتفق والمساحة المبينة بالعقد، إذ تنقص 22 قيراطاً، فإن من حقه أن يخصم من الثمن 977 ج و607 م دين بنك الائتمان و1804 ج حق امتياز البائع الأصلي و282 ج و504 م ما أداه إلى بنك التسليف الزراعي و26 ج و442 قيمة نصف الأموال الأميرية عن سنة 1958 و1022 ج و781 م قيمة مصاريف نقل وتركيب ماكينة الري الجديدة و240 ج قيمة ري الأرض حتى نهاية ديسمبر سنة 1958 و641 و666 م قيمة عجز 22 ط من القدر المبيع ومجموع ذلك خمسة آلاف جنيه ويكون الباقي من جملة الثمن 2500 ج وهو ما عرضه على البائعتين، ولما رفضتا قبوله أقام دعواه سالفة الذكر بصحة عقده، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بتاريخ 10 يناير سنة 1960 بندب الخبير الزراعي بمكتب الخبراء الحكومي بوزارة العدد للانتقال إلى العين المبيعة والمسلمة إلى المشتري في 3 يوليه سنة 1958 لبيان مساحتها ومقدار الفرق بينها وبين المساحة الواردة بعقد البيع وسببه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت تلك المحكمة في 28 مايو سنة 1963 قبل الفصل في موضوع الدعويين بإمهال المشتري الأستاذ أنيس عطية لدفع باقي الثمن للأطيان مشتراة من السيدتين روض عبد المسيح وسنية ملطي عبد المسيح وفقاً للأسس المبينة بأسباب هذا الحكم أو عرضه عليهما عرضاً قانونياً خلال أسبوعين من النطق بهذا الحكم، ثم عادت وبتاريخ 16 فبراير سنة 1965 فحكمت بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5 يونيه سنة 1958، وملحقه المؤرخ 3 يوليه سنة 1958 وباعتبارهما كأن لم يكونا وألزمت المدعى عليه برد الأطيان المبيعة إلى المدعيتين، كما قضت برفض دعوى صحة العقد، واستأنف الأستاذ أنيس عطية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته ورفض دعوى الفسخ، وقيد استئنافه برقم 365 سنة 82 قضائية، كما استأنفته السيدتان روض عبد المسيح حنا وسنية ملطي عبد المسيح وطلبتا في استئنافهما الحكم بأحقيتهما لمبلغ العربون المدفوع وقدره ثلاثة آلاف جنيه، وقيد هذا الاستئناف برقم 714 سنة 82 قضائية، ثم أقامتا أيضاً - بمذكرتهما المقدمة في فترة حجز الاستئنافين الآخرين للحكم - استئنافاً فرعياً طلبتا فيه قبوله شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم الصادر في موضوع الدعوى فيما قضى به من فسخ عقد البيع المشار إليه وملحقه ورد الأطيان المبيعة إلى البائعتين. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين الأصليين حكمت بتاريخ 31 مايو سنة 1965 في موضوعهما (1) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 774 سنة 59 مدني كلي القاهرة، من فسخ عقد البيع المؤرخ 5 يونيه سنة 1958 وملحقه المؤرخ 3 يوليه سنة 1958، ومن رد الأطيان المبيعة إلى السيدتين روض عبد المسيح وسنية ملطي عبد المسيح، والقضاء برفض الدعوى في هذا الخصوص، وتأييده فيما قضى به من رفض أحقيتهما لمبلغ العربون وقدره 3000 ج (2) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 1131 سنة 1959 مدني كلي القاهرة، والقضاء بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5 يونيه سنة 1958 المتضمن بيع السيدتين روض عبد المسيح حنا وسنية ملطي عبد المسيح إلى الأستاذ أنيس عطية المحامي أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالعقد المذكور لقاء ثمن قدره 10500 ج (3) بعدم قبول الاستئناف الفرعي لرفعه بعد الأوان. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنتان على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وبالجلسة أصرت على هذا الرأي وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سببي الطعن الأول والخامس، أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر في 16 فبراير سنة 1965 بفسخ عقد البيع استناداً إلى أن تلك المحكمة أهدرت حجية حكمها الصادر في 28 مايو سنة 1963 والذي قضى بإمهال المشتري لأداء ما حدده على أنه الباقي من ثمن المبيع، فلم يكن يجوز لها أن تعود في حكمها الثاني إلى مناقشة ما سبق وحددته مما يجب على المشتري دفعه من هذا الثمن وتقضي فيه على خلاف ما فصلت فيه أولاً، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن الحكم الصادر في 28 مايو سنة 1963 ليس حكماً بالمعنى الحقيقي، وإنما هو مجرد قرار بإعطاء مهلة وهو تصرف ولائي محض من المحكمة، لأنه لا يتعلق في ذاته بنزاع على حق، كما أنه لا يحتاج إلى تسبيب فإن قام على أسباب فهي غير لازمة، وإذ كانت الحجية لا تثبت إلا لمنطوق الحكم وأسبابه التي تكون لازمة وضرورية له، فإن الأسباب الزائدة عن حاجة المنطوق لا تكون لها حجية، ويكون تحديد المحكمة عند إمهالها المشتري للمبالغ الباقية في ذمته غير مقيد لها، وأنه لو صح وكان لهذه الأسباب الزائدة حجية ما، فإن هذه الحجية تنتفي لأنها جاءت متعارضة مع إقرار المقضى لصالحه بما يخالفها، ذلك أن حكم 28 مايو سنة 1963 قد حدد دين بنك الائتمان بمبلغ 977 ج و607 م حتى نهاية ديسمبر سنة 1958، وإذ كانت البائعتان قد سددتا لهذا البنك بعد ذلك مبلغ 84 ج و500 م وتمسكتا بذلك بجلسة 2 إبريل سنة 1963 واعترف المشتري بذلك وأقر باستعداده لأداء هذا المبلغ، وكان حكم 28 مايو سنة 1963 لم يدخل هذا المبلغ في الاعتبار عند تحديد باقي الثمن الواجب على المشتري الوفاء به، فإن تحديده لهذا الباقي لا يحوز حجية ما لمخالفته إقرار صاحب الشأن، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون، وقد جره هذا الخطأ إلى مخالفة الثابت في الأوراق من إقرار المدين بالتزامه بهذا المبلغ وإغفال المحكمة استنزاله مما اختصمته من باقي الثمن.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية في 28 مايو سنة 1963 وإن قضى قبل الفصل في موضوع الدعويين "بإمهال المشتري الأستاذ أنيس عطية لدفع باقي الثمن للأطيان مشتراة من السيدتين روض عبد المسيح وسنية ملطي عبد المسيح وفقاً للأسس المبينة بأسباب هذا الحكم أو عرضه عليهما عرضاً قانونياً خلال أسبوعين من النطق بهذا الحكم" إلا أنه سرد في أسبابه وقائع النزاع وطلبات الطرفين فيها وحجج كل منهم وأسانيده الواقعية والقانونية، كما أشار إلى سبق ندب المحكمة لمكتب الخبراء لتحقيق مساحة الأطيان المبيعة وتحدث عن الدعوى 6325 سنة 62 مدني كلي القاهرة التي أقامتها البائعتان أمام دائرة أخرى بطلب الحكم بتزوير فاتورة شراء ماكينة الري التي ركن إليها خصمهما وطلبهما إحالة الدعويين الأصليين إلى دعوى التزوير، وانتهى الحكم من سرد هذه الوقائع إلى قوله "إنه يستخلص مما تقدم جميعه أن البائعتين تطلبان فسخ عقد البيع المبرم بينهما وبين الأستاذ أنيس عطية بتاريخ 5/ 6/ 1958 بينما يطالب هذا الأخير في دعواه بصحة ونفاذ العقد المذكور وأنه للفصل في هذا النزاع يتعين الرجوع إلى العقد المبرم بين الطرفين بتاريخ 5/ 6/ 1958 لبيان ما اتفق عليه الطرفان بشأن فسخ العقد أو إبرامه" وبعد أن رتب الحكم في أسبابه أن اتفاق الطرفين بعقد البيع - وطبقاً للمادة الحادية عشرة منه - يخضع لأحكام المادة 157 من القانون المدني التي تقضي فقرتها الأولى وعند تخلف أحد المتعاقدين للوفاء بالتزامه، للمتعاقد الآخر الحق أن يطلب تنفيذ العقد أو فسخه، وترخص فقرتها الثانية للقاضي منح المدين أجلاً إذا اقتضت الظروف ذلك، أو رفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، قرر الحكم أن إعمال هذه السلطة التقديرية يقتضي استعراض مراحل النزاع ومسلك كل من الطرفين في خصومته لتحديد خطأ أو أخطاء كل منهما، وبعد أن استعرض الحكم نصوص عقد البيع وشروطه وما تم تنفيذاً له من أداء بعض الثمن واستلام المبيع بما في ذلك ماكينة الري التابعة له وما ثار بين الطرفين من نزاع حول عجز في مسطح الأطيان المبيعة وصلاحية ماكينة الري التي كانت البائعتان قد تعهدتا بإصلاحها وردها للعين المبيعة ثم تصفية المبالغ التي يتعين على المشتري أن يدفعها نيابة على البائعتين أو لحسابهما، انتهى الحكم من ذلك العرض للوقائع بقوله "ومن ثم تناقش المحكمة كل من هذه الأمور لتحديد مسئولية كل من الطرفين في الخلاف على كل أمر من هذه الأمور" ثم قال "إن ما ادعاه المشتري من وجود عجز في مساحة الأطيان كان له ما يؤيده من واقع الحال مهما قل مقدار هذا العجز إذ كان من حقه أن يتبين حقيقة العجز ومعرفة حدود الأطيان الحقيقية حتى يستطيع أن يستعمل حقه إما في قبول الصفقة أو في رفضها، خاصة وأن القانون أوجب عليه ذلك كما نص على سقوط حقه في استنزال قيمة العجز من الثمن في خلال سنة من وقت استلامه المبيع عملاً بالمادة 434 مدني" و"إن عدم تنفيذ التزام المشتري بدفع باقي الثمن والتوقيع على عقد البيع النهائي يرجع إلى فعل البائعتين إذ أن أبسط الأمور كانت تقتضي من هاتين الأخيرتين أن تستعينا بأحد المهندسين لإجراء مقاس الحديقة في حضور المشتري" كما قرر الحكم في أسبابه بأن "المنازعة التي أثارها المشتري حول صلاحية ماكينة الري وإن كان قد تمادى فيها إلا أن تصرف البائعتين بعد ذلك بطعنهما بتزوير فاتورة شراء المشتري لماكينة ري أخرى وتحديدهما جلسة لها أمام دائرة أخرى وطلبهما إحالة الدعويين الأصليين إلى دعوى التزوير مع أن هذا الطعن بالتزوير - والذي تنازلتا عنه - لم يكن مقبولاً لأنه انصب على ورقة لا تحمل توقيعاً لأي منهما ولا تقيدهما في شيء مما تعتبر معه الدعوى من قبيل العبث في التقاضي بما يجعل هذا التصرف منهما متعادلاً مع تصرف المشتري" ثم خلص الحكم في أسبابه إلى مناقشة ما يجوز للمشتري خصمه من الثمن بعد أن سجل قبول الطرفين خصم دين بنك الائتمان وقدره 977 ج و607 م ودين بنك التسليف وقدره 209 ج و510 م وقيمة نصف الأموال الأميرية وقدره 26 ج و440 م، وأطرحت المحكمة ما حدده المشتري مقابل العجز بعد أن أثبتت أن هذا العجز عبارة عن حرم حول الحديقة يتفق والتزامات الجوار التي فرضتها المادة 807 من القانون المدني، وكذلك أطرحت ما حدده مقابل شراء ماكينة أكبر حجماً من تلك التي كانت بالحديقة على أساس أن البائعتين غير ملزمتين بتقديم ماكينة غير تلك التي تم التعاقد بشأنها، كما أطرحت تكاليف الري لعدم قيام الدليل عليها ثم عقب الحكم على ذلك بقوله "وحيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه يثبت بجلاء أن البائعتين هما المتسببتين أصلاً في عدم تنفيذ المشتري لالتزاماته وإن كان الأمر لا يخلو من خطأ من جانب المشتري وأنه على أقصى تقدير فالخطأ مشترك من جانب الطرفين إذ استبد بكل منهما العناد واتخذ الطرفان معاً من ساحة القضاء مسرحاً لعنادهما والتراشق بالاتهامات، إلا أن خطأ المدعيتين في التجهيل في عدم تحديد المبيع تحديداً دقيقاً في عقد البيع يهون من خطأ المشتري، الأمر الذي يبرر من جانبه عدم تنفيذ العقد حتى يقول القضاء كلمته في النزاع، ومن ثم واستناداً إلى هذا الاعتبار ترى المحكمة قبل الفصل في موضوع الدعويين منح المشتري أجلاً لتكملة الثمن وفقاً لما انتهت إليه هذه المحكمة عملاً بنص المادة 157/ 2 مدني، وتحدد المحكمة هذا المبلغ بمبلغ 6286 ج و441 م يخصم منه صافي المبلغ المودع بخزينة المحكمة، وعلى المشتري تكملة الفرق أو عرضه على البائعتين عرضاً قانونياً في خلال المهلة المبينة بمنطوق هذا الحكم، هذا ولا يفوت المحكمة في هذا المقام أن تشير إلى أنها ترى تحميل المشتري مصروفات الإيداع في مقابل ما بدر منه من خطأ، كما أنها لا ترى محلاً لإلزام المشتري بفوائد باقي الثمن لأنه لا يجوز للبائعتين أن تفيدا من خطئهما وهو التجهيل بالمبيع في عقد البيع ومن هذا يبين أن الحكم المذكور بعد أن استخلص واقع النزاع وحجج الخصوم وأسانيدهم ناقش كل شق من النزاع على حدة وبت في كل برأيه، منتهياً إلى منطوقه الذي أسسه على هذه الأسباب وأحال عليها فيه، لما كان ذلك وكان قضاء المحكمة ليس هو منطوق الحكم وحده، وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أياً كان موضعه سواء في الأسباب أو في المنطوق، ولا حجية في قول الطاعنتين أن إمهال القاضي للمدين لا يقتضي إصدار حكم بذلك بل يكفي فيه صدور القرار بما لا يستلزم أسباباً، وإن وجدت هذه الأسباب فهي زائدة لا حجية لها، ذلك أن القضاء هو الفصل في النزاع الذي يدور بين الطرفين بعد مناقشة حجج وأسانيد كل منهما، وإذ قامت أسباب حكم 28 مايو سنة 1963 على هذا الأساس وجعل الحكم من منطوقه نتيجة لهذه الأسباب، فإنها تحوز معه حجية فيما بت فيه من عناصر النزاع المطروح دون أن يغير من ذلك إمكان صدور قرار الإمهال دون أسباب، إذ أن مرجع ذلك جميعه إلى حقيقة ما فصلت فيه المحكمة مما تعلق بمنطوقها أو كان هذا الأخير نتيجة لها، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، كما لا يعيب الحكم إغفاله البت في أمر مبلغ 84 ج و500 م التي ذهبت البائعتان إلى أنهما قامتا بأدائه لبنك الائتمان بعد بدء النزاع، وأن المشتري أقر بجلسة 2 إبريل سنة 1963 قبول رده إليهما، ذلك أن الحجية لا تتناول إلا ما فصلت فيه المحكمة دون ما أغفلت الفصل فيه، إذ يظل حق صاحب الشأن فيما تركته المحكمة دون فصل قائماً.
وحيث إن حاصل السبب الثاني، أن أسباب الحكم المطعون فيه جاءت متناقضة، ذلك أنه أقام قضاءه بعدم قبول الاستئناف على أن هذا الاستئناف أقيم عن حكم 28 مايو سنة 1963 الصادر قبل الفصل في الموضوع بما لا يجوز معه الطعن فيه استقلالاً، ثم عاد فأسبغ حجية الشيء المحكوم فيه على أسباب ذلك الحكم بقوله إنها قطعت في أوجه المنازعة بين الطرفين مما يعد قضاء مرتبطاً بالمنطوق ومكملاً له ولا يقوم للمنطوق قائمة إلا بها، لأنه محمول عليها ولا ينفصل عنها، مما يعيبه بالتناقض. كما أنه جاء مشوباً بالتخاذل، ذلك أنه لما كان منطوق حكم 28 مايو سنة 1963 قد اقتصر على منح مهلة للمشتري وهو ما كان يكفي فيه أن يكون للبائعتين أي مبلغ مستحق الأداء، وكان ذلك لا يقتضي الفصل في أي منازعة لأن تقدير المبالغ المتبقية على المشتري يقع على عاتقه وفقاً لأحكام القانون، وكان حكم 28 مايو سنة 1963 لم يفصل في دعوى الفسخ واقتصر على إمهال المشتري فإنه لم يكن يجوز بذلك استئنافه استقلالاً وإن كان قد أنهى شيئاً من الخصومة، فإن رخصة استئناف ذلك استقلالاً لا تمنع استئنافه مع الموضوع، لأن الأصل أن يكون الطعن في جميع الأحكام الفرعية جملة واحدة عن صدور الحكم في الموضوع، وهو ما يعتبر معه حكم 28 مايو سنة 1963 مستأنفاً حتماً وتبعاً لاستئناف حكم الموضوع عملاً بنص المادة 404 من قانون المرافعات، وبذلك فإن الطاعنتين لم تكن بهما حاجة لرفع استئناف فرعي عن ذلك الحكم، الأمر الذي أخذت به محكمة النقض في حكمها الصادر في الطعن 38 سنة 34 أحوال شخصية بتاريخ ديسمبر سنة 1962.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الاستئناف الفرعي الذي أقامته الطاعنتان على ما قرره من أن الاستئناف الفرعي إذ أقيم بمذكرة أودعت بعد قفل باب المرافعة فإنه يكون غير مقبول وأضاف الحكم أن ذلك "بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى تشوبه إذ أنه رفع عن حكم قبل الفصل في الموضوع مما لا يجوز الطعن فيه استقلالاً" وإذ كانت الدعامة الأولى التي قام عليها الحكم كافية لحمله فإن ما استطرد إليه في دعامته الثانية يكون من قبيل التزيد الذي يستقيم بدونه مما يرتفع به التناقض الذي يقوم عليه هذا الشق من النعي. والنعي مردود في الشق الثاني بأنه وإن كان منطوق حكم 28 مايو سنة 1963 قد اقتصر على منح مهلة للمشتري إلا أن هذا المنطوق - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والخامس - قد أحال إلى الأسباب التي قام عليها بعد أن فصل في مناحي المنازعة بين الطرفين بما تستنفد به المحكمة ولايتها بشأنه ويحوز هذا القضاء منها حجية الشيء المحكوم فيه بما يجوز الطعن فيه استقلالاً، ذلك أن المادة 378 من قانون المرافعات السابق إذ نصت على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات، إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى في الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع، فإنها بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بحكمها الصادر من الهيئة العامة بتاريخ 26 فبراير سنة 1966 - تكون قد دلت على أن مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع، وبالتالي فإن الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يخرج عن نطاق التحريم المقرر بها، ويجوز الطعن فيه على استقلال طبقاً للقواعد العامة للطعن في الأحكام والبين من نص المادة 378 من قانون المرافعات أن الشارع فرق بين نوعين من الأحكام، أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وأحكام صادرة في الموضوع، ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال، ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع، دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة، ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد القانونية، ويترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن، ولا يغير من ذلك ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون، من أن الحكمة من تحريم الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع، ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها هي عدم تقطيع أوصال القضية الواحدة، إذ لا علاقة لذلك بالأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها، كما لا يجوز الاستناد إلى المادة 404 من قانون المرافعات إذ أن عبارتها إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، فضلاً عن أن هذه المادة لم ترد في الفصل الأول من الباب الثاني عشر المخصص للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام وإنما وردت في الفصل الثالث عشر الخاص بالاستئناف ولا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث، أن الحكم المطعون فيه استبعد طلب الفوائد مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 28 مايو سنة 1963 قد قطع في أسبابه بعدم التزام المشتري بفوائد المتأخر من الثمن، وأنه كان يتعين على الحكم المستأنف ألا يعود إلى مناقشة هذه الفوائد وتقديرها أخذاً بحجية الأمر المقضي، هذا بالإضافة إلى أن الثابت في محضر جلسة 2 إبريل سنة 1963 أن البائعتين طالبتا بفوائد باقي الثمن، ولما طالبهما قلم الكتاب بالرسوم المستحقة على هذا الطلب تنازلتا عنه وقصرتا دعواهما على الطلبات الأصلية الواردة في صحيفة الدعوى، وهو ما كان يوجب على الحكم المستأنف عدم التعرض للفوائد لعدم جواز الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم، وهذا الذي جرى عليه الحكم المطعون فيه خطأ ومخالفة للقانون وقصور وفساد في الاستدلال من وجوه (أولها) أن حكم 28 مايو سنة 1963 لا حجية لأسبابه بصفة عامة وعلى وجه الخصوص بالنسبة لطلب الفوائد، إذ لم يعرض في أسبابه لهذا الطلب بل اقتصر على القول بأن المدعيتين احتفظتا بالحق في طلب الريع والتعويض دون أن يشير إلى الفوائد على الإطلاق (وثانيها) أنه قرر بأن البائعتين تنازلتا في محضر جلسة 2 إبريل سنة 1963 عن طلب الفوائد وأخذ على الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع مناقشته لهذا الطلب وهو غير معروض عليه، ثم عاد وقرر في نفس الوقت أن حكم 28 مايو سنة 1963 قد حاز قوة الأمر المقضي بشأن الفوائد وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور والتناقض (وثالثها) أن حكم 28 مايو سنة 1963 وإن كان قد ذكر أن المحكمة لا ترى محلاً لاستحقاق الفوائد إلا أنه قد أسس هذا النظر على ما قرره من وقوع خطأ من جانب البائعتين بتجهيلهما للمبيع، وهي أسباب خاطئة وغير سائغة، لأنه على فرض وقوع هذا الخطأ فإنه لا يترتب عليه حرمان البائعتين من الحق في الفوائد المقررة بمقتضى المادة 458 من القانون المدني، هذا بالإضافة إلى أن حكم 28 مايو قد عاد ونقض ما قرره بشأن الفوائد في مواضع أخرى منه (ورابعها) أن ما قرره الحكم المطعون فيه بشأن تنازل الطاعنتين عن طلب الفوائد ينطوي على فساد في الاستدلال، لأن ما ورد بمحضر جلسة 2 إبريل سنة 1963 لا يفيد هذا التنازل، فقد ذكرا الحاضر عنهما أنه يعدل طلباته إلى إلزام المدعى عليه من باب الاحتياط بأن يدفع لهما 1140 ج و940 م قيمة الفوائد المستحقة اعتباراً من أول يناير سنة 1959 عملاً بنص المادة 458 من القانون المدني، فلما طلب قلم الكتاب تسوية الرسوم الخاصة بهذا الطلب رد الحاضر عن الطاعنتين بأن طلبه هو الطلب الأصلي في دعوى الفسخ، ومؤدى ذلك أنه طلبه لا يرى استحقاق رسم على طلب الفوائد لأنه يدخل في عموم طلب الفسخ الذي سدد عنه أقصى رسم يجب تحصيله وفقاً لقانون الرسوم، وأنه تمسك بالفوائد في مؤاخذة المشتري على عدم وفائه بباقي الثمن وملحقاته ليتخذ من ذلك أساساً لطلبه الأصلي وهو الفسخ، وهو ما أوضحته المدعيتان في مذكرتهما المقدمة لجلسة 30 إبريل سنة 1963، وفضلاً عن ذلك فإن طلب الفوائد في دعوى الفسخ يعتبر طلباً ضمنياً واجب الفصل فيه لتحديد المبلغ الواجب على المشتري دفعه، وإذ استبعد الحكم المطعون فيه هذه الفوائد، فإنه يكون قد بني على استدلال فاسد يخاف القانون الذي يقرر بأن التنازل لا يفترض.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الثابت من الرجوع إلى الأوراق، أن حكم 28 مايو سنة 1963 قد تعرض لأمر الفوائد التي طلبتها الطاعنتان بجلسة 2 إبريل 1963 على ما تبقى لهما من ثمن في ذمة المشتري - المطعون عليه - وقضي فيها بعدم استحقاق البائعتين لهذه الفوائد بقوله "إن المحكمة لا ترى محلاً لالتزام المشتري بفوائد باقي الثمن لأنه لا يجوز للبائعتين أن تفيدا من خطئهما وهو تجهيل المبيع في عقد البيع" وهو قضاء قطعي له حجيته في تحديد ما يجب على المشتري دفعه لتفادي الفسخ مما يسقط حق الطعن عليه بفوات ميعاد الاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أساس قانوني صحيح يكفي لحمله، فلا يعيبه ما استطرد إليه تزيداً بشأن تنازل الطاعنتين عن طلب هذه الفوائد.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن المشتري - المطعون عليه - إذ ماطل في أداء الثمن منذ إبرام عقد البيع في 5 يونيه سنة 1958 حتى تاريخ إيداعه الباقي خزانة المحكمة في 17 مارس سنة 1965 يكون قد خالف التزاماً جوهرياً مؤداه أن يقوم بأداء التزامه بدفع الثمن بطريقة تتفق مع حسن النية ويقع الفسخ رغم أداء كامل الثمن أو حتى لو كان عدم التنفيذ ضئيلاً جزاء سوء النية، إذ يقتضي حسن النية المطلوب من المتعاقد أن يتبع قواعد الشرف والثقة المتبادلة في التعامل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر. فإنه يكون قاصراً مخلاً بحق الدفاع، وقد أدى به ذلك إلى مخالفة القانون بما قرره من أن الفقه والقضاء مجمعان على إمكان تفادي المدين للفسخ بالوفاء بالتزامه إلى ما قبل النطق بالحكم النهائي، مع أن ذلك لا يكون إلا للمدين حسن النية دون المدين المماطل.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم الصادر في 16 فبراير سنة 1965 من محكمة أول درجة بفسخ عقد البيع، على أن حكمها الأول الصادر في 28 مايو سنة 1963 والذي منح المشتري - المطعون عليه - مهلة للوفاء بالباقي الذي حدده ذلك الحكم من الثمن قد حسم الخلاف في كافة المنازعات بين الطرفين وحاز قوة الأمر المقضي بفوات مواعيد الطعن عليه، وأن المشتري إذ قام بإيداع مبلغ 61 جنيه و638 مليم في 3 يونيه سنة 1963 عقب صدور ذلك الحكم وتنفيذاً له، ثم أودع مبلغ 740 مليماً في 17 مارس سنة 1965 أثناء نظر الاستئناف يكون قد أوفى بطريق الإيداع أو الدفع للبائعتين أو عنهما مبلغ 10500 جنيه و8 مليم، وهو ما يزيد على الثمن المحدد بالعقد، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك وأخذاً بإجماع رأي الفقه والقضاء تجنيب المشتري فسخ عقده نتيجة تنفيذه التزامه قبل صدور الحكم النهائي، وهو نظر من الحكم المطعون فيه سديد، ذلك أنه يتعين لإجابة طلب الفسخ أن يظل الطرف الآخر متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي، وله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتوقى صدور هذا الحكم بتنفيذ التزامه إلى ما قبل صدوره، ويستوي في ذلك أن يكون حسن النية أو سيئ النية، إذ محل ذلك لا يكون إلا عند النظر في التعويض عن التأخير في تنفيذ الالتزام، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.


(1) نقض 26/ 2/ 1966 - الطعن رقم 369 لسنة 29 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 18.
(2) نقض 20/ 4/ 1967 - الطعن رقم 332 لسنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني - السنة 18 ص 859.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق