الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2023

الطعن 460 لسنة 35 ق جلسة 2 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 89 ص 549

جلسة 2 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

----------------

(89)
الطعن رقم 460 لسنة 35 القضائية

(أ) إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها". نقض.
المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947. محل تطبيقها أن يكون الطعن وارداً على حكم من المحكمة الابتدائية في منازعة ناشئة عن تطبيق هذا القانون. الحكم الاستئنافي الصادر بعدم جواز الاستئناف. جواز الطعن فيه بالنقض.
(ب) إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها".
تحديد أجرة المساكن من المسائل التي يحكمها القانون رقم 121 لسنة 1947. الحكم بخضوع العقار للقانون 55 لسنة 1958 وتخفيض أجرته. حكم صادر في منازعة ناشئة عن القانون 121 لسنة 1947. عدم قابليته للطعن فيه. لا يغير من ذلك تمسك المؤجر بإقرار المستأجرين بأن الأجرة قد تم تخفيضها وإطراح المحكمة لهذا الدفاع.
(ج) إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها". دفوع. دعوى. استئناف.
الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. استناده في قيام العلاقة الإيجارية وتوافر الصفة للمستأجر إلى القواعد العامة دون أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 جواز الطعن فيه بالاستئناف.
(د) دعوى. "قيمة الدعوى". "النصاب الانتهائي". استئناف. بطلان. حكم. إيجار.
الحكم الصادر في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة. عدم جواز الطعن فيه بالاستئناف إلا بسبب وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم. مثال في دعوى تخفيض أجرة.

---------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف، فإن الطعن فيه بالنقض يكون جائزاً، ولا وجه لما يثيره المطعون عليه من أن الطعن في الحكم بطريق النقض غير جائز عملاً بالمادة 15 من القانون 121 سنة 1947، إذ أن محل تطبيق هذا النص أن يكون الطعن وارداً على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في منازعة ناشئة عن تطبيق هذا القانون (1).
2 - تحديد أجرة المساكن من المسائل التي يحكمها القانون رقم 121 لسنة 1947 لنصه عليها في المادة الرابعة منه، وإذ كانت المحكمة الابتدائية قد قضت بخضوع العقار موضوع النزاع للقانون رقم 55 سنة 1958 وبتخفيض الأجرة الواردة في عقود المطعون عليهم بالتطبيق لأحكام هذا القانون، فإن حكمها يكون صادراً في منازعة ناشئة عن تطبيق القانون 121 سنة 1947 بالمعنى المقصود في المادة 15 منه، ويكون بالتالي غير قابل لأي طعن وفقاً للفقرة الرابعة من هذه المادة. ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن - المؤجر - قد تمسك بإقرار المستأجرين بعقود الإيجار بأن أجرة قد تم تخفيضها بنسبة 15% من إيجار المثل تنفيذاً للقانون رقم 199 سنة 1952 وأن تكون المحكمة قد عرضت في أسباب حكمها لهذا الدفاع ورفضت الاعتداد بما ورد في هذه العقود، لما تبينته من مخالفته لأحكام القانون، ذلك أن هذا الدفاع لا يعدو أن يكون حجة ساقها الطاعن لتدعيم وجهة نظره في انطباق القانون رقم 199 سنة 1952 على العين المؤجرة وعدم خضوعها بالتالي للقانون رقم 55 سنة 1958، ومن ثم فإن بحث المحكمة لهذا الدليل وإطراحها له لا يغير من وصف المنازعة بأنها إيجارية، ولا يعتبر فصل المحكمة في هذا الدفاع فصلاً في منازعة مدنية مما يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 ويقبل الطعن وفقاً للقواعد العامة، بل إنه فصل في صميم المنازعة الإيجارية التي قضت فيها المحكمة.
3 - متى كان الدفع الذي أبداه الطاعن أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبول دعوى المطعون عليها لرفعها من غير ذي صفة، يقوم على إنكاره وجود علاقة إيجارية بينهما، وكانت المحكمة قد رفضت هذا الدفع استناداً إلى قيام هذه العلاقة الإيجارية التي أنكرها الطاعن، وكان هذا الذي استندت إليه المحكمة ليس تطبيقاً لأحكام القانون رقم 121 سنة 1947 وإنما هو تطبيق للقواعد العامة فإن الحكم الصادر برفض هذا الدفع يكون مما يجوز استئنافه.
4 - متى كان الثابت أن الأجرة الشهرية للشقة موضوع النزاع كانت 10 ج و200 م شهرياً وأنها خفضت إلى 8 ج و160 م فإن قيمة الدعوى في عقد الإيجار تكون أقل من 250 ج سواء اعتبرت مدة العقد مشاهرة عملاً بالمادة 563 من القانوني المدني أو اعتبرت مدته سنة كسائر عقود الإيجار الخاصة بشقق المنزل موضوع النزاع، وبالتالي فإن الفصل في الدعوى وفي الدفوع المقدمة فيها يكون نهائياً عملاً المادة 51 من قانون المرافعات ولا يجوز الطعن فيها بطريق الاستئناف إلا بسبب وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم عملاً بالمادة 396 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبده محمد مطر (الطاعن) أقام الدعوى رقم 221 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد السيد/ البير فرج مقار (المطعون عليه الأول) طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 34 ج و200 م. وقال شرحاً لدعواه إنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 4/ 6/ 1955 استأجر منه المدعى عليه شقة بالمنزل رقم 7 بشارع القبة بمصر الجديدة ولما كان هذا المنزل قد بدئ في إنشائه قبل 18/ 9/ 1952 وتم بعد هذا التاريخ ويخضع لأحكام القانون رقم 199 سنة 1952، فقد روعي في تحديد الأجرة المتفق عليها وهي 10 ج و200 م شهرياً أن تكون مساوية لأجرة المثل عند العمل بهذا القانون مخفضة بنسبة 15% ونص في العقد على أن هذه الأجرة تعادل أجرة المثل لعدد من الشقق في منزل المدعي رقم 7 أ الملاصق لمنزل النزاع والمتمم له والتي خفضت من قبل بنسبة 15% عملاً بالقانون رقم 199 سنة 1952 المشار إليه، ونظراً لظروف خاصة أحاطت بالمدعى عليه فقد اتفق الطرفان بتاريخ 2/ 7/ 1957 على تخفيض أجرة الشقة المذكورة بصفة مؤقتة إلى 9 جنيه شهرياً، ونص في العقد على أن هذا التخفيض المؤقت يحتسب في حالة صدور تشريع جديد بتخفيض آخر يزيد عن نسبة إلى 15% السابقة. ولما صدر القانون رقم 55 لسنة 1958 بشأن تخفيض إيجارات الأماكن المنشأة بعد 18/ 9/ 1952 بواقع 20% طالبه المدعى عليه بتخفيض الأجرة بنسبة 20% وأبلغ الأمر للنيابة العامة فقبل تخفيض الأجرة إلى 7 ج و200 م شهرياً واحتفظ بحقه في الرجوع على المستأجر بالفرق، ولما كان خضوع العقار للتخفيض المنصوص عليه في القانون رقم 199 سنة 1952 يمنع من خضوعه للتخفيض الوارد بالقانون رقم 55 سنة 1958 فقد رفع دعواه بطلب إلزام المدعى عليه برد الفروق التي خصمها بواقع 180 قرش شهرياً لمدة 19 شهراً من يوليه سنة 1958 إلى يناير سنة 1960 وجملتها 34 ج و200 م. كما أقام المطعون عليهم الثمانية الأول الدعوى رقم 390 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن طالبين الحكم باعتبار المبنى رقم 7 شارع القبة بمصر الجديدة - والمملوك للطاعن ويستأجرون بعض الشقق فيه - خاضعاً للقانون رقم 55 سنة 1958 وبتخفيض الأجرة بنسبة 20% من الأجور الواردة في عقد الإيجار أو إيصالات سداد الأجرة أيهما أقل. وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت بتاريخ 7/ 11/ 1961 بندب خبير للانتقال إلى العين موضوع النزاع والاطلاع على الأوراق وكافة ما يرى الاطلاع عليه بالجهات الرسمية المختصة أو ما يقدمه إليه الخصوم، لبيان ما إذا كان العقار موضوع الدعويين قد بدئ في إنشائه قبل 18/ 9/ 1952 أو بعد ذلك وتاريخ إتمامه. وفي 23/ 11/ 1961 طلب المطعون عليهم من التاسع إلى الثالث عشر وهم مستأجرو الشقق رقم 7، 25، 12، 17، 18 بالمنزل المذكور قبولهم خصوماً في الدعوى منضمين إلى المدعى عليه البير فرج مقار في طلب رفض دعوى الطاعن، كما طلبوا الحكم لهم بما يطالب به المدعون في الدعوى رقم 390 سنة 1960 من اعتبار الشقق التي يستأجرونها خاضعة للقانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض الأجرة بنسبة 20% من الأجور الواردة في عقود الإيجار أو إيصالات سداد الأجرة أيهما أقل. كما أقام أندريه اسكندر مستأجر الشقة رقم 13 الدعوى رقم 665 سنة 1962 على المؤجر عبده محمد مطر طالباً الحكم بخضوع الشقة التي يستأجرها منه لأحكام القانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض أجرتها من 8 ج و500 م إلى 6 ج و800 م شهرياً. وكذلك أقام الرائد أحمد حلمي إبراهيم مستأجر الشقة رقم 33 بالعقار المذكور الدعوى رقم 853 سنة 1962 مدني كلي القاهرة على المؤجر عبده محمد مطر طالباً الحكم بخضوع الشقة التي يستأجرها لأحكام القانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض أجرتها من 12 ج و750 م إلى 10 ج و200 م شهرياً. وقدم الخبير المنتدب تقريره الذي انتهى فيه إلى أن العقار موضوع الدعوى قد بدئ في إنشائه بعد 18/ 9/ 1952 وتم شغله قبل نوفمبر سنة 1954 كما قدم عبده محمد مطر تقريراً استشارياً من المهندس محمد وجيه محمود انتهى فيه إلى أن المنزل موضوع النزاع يكون مع المنزل الملاصق له وحدة واحدة مكملة لبعضها وقد بدئ في إنشائه بجناحيه في أغسطس سنة 1951. وفي 27/ 6/ 1962 حكمت المحكمة (أولاً) بقبول تدخل كلاً من سوبترس تساروس وجرجوار خاخلوس وماري الياس رباط واماليا سرور سركيس وادمون الياس نتباري (المطعون عليهم من التاسع إلى الثالث عشر) خصوماً ثلثاً في الدعوى رقم 221 سنة 1960 كلي القاهرة. (ثانياً) وفي الدعوى رقم 221 سنة 1960 كلي القاهرة برفضها. (ثالثاً) وفي الدعوى رقم 390 سنة 1960 كلي القاهرة باعتبار شقق المدعين التي يستأجرونها في العقار موضوع النزاع رقم 7 شارع القبة والموضحة بعقود إيجارهم خاضعة للقانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض فئاتها الإيجارية بنسبة 20% من الأجور الواردة في عقود إيجارهم أو إيصالات سداد الأجرة خلال سنة سابقة على يونيه سنة 1958 أيهما أقل (رابعاً) وفي دعوى الخصوم الثلث والمرفوعة بطلب تدخلهم الهجومي قبل المدعى عليه عبده محمد مطر باعتبار شقق الخصوم الثلث المذكورين آنفاً والتي يستأجرونها في العقار موضوع النزاع رقم 7 شارع القبة والموضحة بعقود إيجارهم خاضعة للقانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض فئات إيجارها بنسبة 20% من الأجور الواردة في عقود إيجارهم أو إيصالات سداد الأجرة خلال سنة سابقة على يونيه سنة 1958 أيهما أقل. (خامساً) وفي الدعوى رقم 561 سنة 1962 كلي القاهرة بخضوع الشقة رقم 13 بالمنزل رقم 7 شارع القبة التي يستأجرها المدعي من المدعى عليه لأحكام القانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض أجرتها من مبلغ 8 ج و500 م إلى مبلغ 6 ج و800 م، وفي الدعوى رقم 853 سنة 1962 كلي القاهرة بخضوع الشقة رقم 33 بالمنزل رقم 7 بشارع القبة والتي يستأجرها المدعي من المدعى عليه لأحكام القانون رقم 55 سنة 1958 وتخفيض أجرتها من مبلغ 12 ج و750 م إلى 10 ج و200 م. واستأنف المؤجر عبده محمد مطر هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً (أولاً) إلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 221 سنة 1960 والحكم له بطلباته فيها. (ثانياً) بعدم قبول تدخل الخصوم الثلث سونبري دوس وجرجوار خاخلوس وماري الياس رباط واماليا سرور سركيس وأدمون الياس تناوي في الدعوى رقم 221 سنة 1960 كلي القاهرة (ثالثاً) إلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 390 سنة 1960 كلي القاهرة والحكم برفضها (رابعاً) إلغاء الحكم الصادر في دعوى الخصوم الثلث وهم المطعون ضدهم من التاسع إلى الثالث عشر (خامساً) إلغاء الحكم الصادر في الدعويين رقمي 561 سنة 1962، 853 سنة 1952 كلي القاهرة. ودفع المستأنف عليهم بعدم جواز الاستئناف طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 121 سنة 1947. وفي 12/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف لعدم قابلية الحكم المستأنف لأي طعن. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليهم الأول والثاني والثالث والخامس والثالث عشر والرابع عشر بعدم جواز الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع المقدم من المطعون عليهم الأول والثاني والثالث والخامس والثالث عشر والرابع عشر أن الحكم المطعون فيه صدر في منازعة إيجارية خاضعة للقانون رقم 121 سنة 1947 ولا يجوز الطعن فيه عملاً بالمادة 15 من ذلك القانون.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف، فإن الطعن فيه بالنقض جائز. ولا وجه لما يثيره المطعون عليه من أن الطعن في الحكم بطريق النقض غير جائز عملاً بالمادة 15 من القانون 121 سنة 1947 إذ أن محل تطبيق هذا النص أن يكون وارداً على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في منازعة ناشئة عن تطبيق هذا القانون.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في صحيفة الاستئناف بأن البند 20 من عقد الإيجار تضمن إقراراً من الطرفين بأن المنزل موضوع النزاع أنشئ قبل 18/ 9/ 1952 إذ نص فيه على أن الأجرة المذكورة به تعادل أجرة المثل في سبتمبر سنة 1952 مخفضة بنسبة 15% طبقاً للقانون رقم 199 سنة 1952 وأن الفصل في حجية الإقرار بهذه الواقعة المادية وهي إنشاء المنزل قبل 18/ 9/ 1952 لا يدخل في المنازعات التي نصت المادة 15/ 4 من القانون رقم 121 سنة 1947 على عدم قابلية الحكم الصادر فيها لأي طعن، بل إنه يدخل ضمن المنازعات الأخرى التي نصت المادة 15/ 5 من القانون المذكور على أن تظل خاضعة للقواعد العامة من حيث موضوع النزاع والاختصاص القضائي والإجراءات، وبالتالي يكون الحكم قابلاً للطعن فيه بطريق الاستئناف، ولم ترد محكمة الاستئناف على هذا الدفاع واكتفت بالقول بأن هذا الاتفاق مخالف للقانون دون أن تبين وجه هذه المخالفة، وهو منها قصور يعيب حكمها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين اعتبر تحديد تاريخ البدء في إنشاء المنزل موضوع النزاع من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى والتي لا يجوز استئناف الحكم الصادر فيها، ذلك أن إنشاء المنزل إنما هو واقعة مادية يخضع إثباتها للقواعد العامة وتعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تحديد القانون الواجب تطبيقه وهل هو القانون رقم 199 سنة 1952 أم القانون رقم 55 سنة 1958 ومؤدى ذلك أن الحكم الذي يصدر من محكمة أول درجة في خصوص تحديد بدء إنشاء المنزل محل النزاع يكون من الأحكام التي يجوز استئنافها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف أن النزاع الذي فصلت فيه المحكمة الابتدائية (دائرة الإيجارات) بحكمها الصادر بتاريخ 27/ 6/ 1962 قد دار بين المؤجر (الطاعن) وبين المستأجرين (المطعون عليهم) حول أي القانونين رقم 199 سنة 1952 و55 سنة 1958 هو المنطبق على العين المؤجرة، فقد ادعى الطاعن أنها خاضعة للقانون رقم 199 سنة 1952 ونازعه المطعون عليهم في ذلك تأسيساً على أن العين خاضعة للقانون رقم 55 سنة 1958 لأنها أنشئت بعد 18/ 9/ 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 199 سنة 1952، وأنه لذلك يكون من حقهم الإفادة من التخفيض الوارد في القانون رقم 55 سنة 1958، وتمهيداً للفصل في هذا النزاع قضت المحكمة بندب خبير لبيان ما إذا كان العقار موضوع النزاع قد بدئ في إنشائه قبل 18/ 9/ 1952 أو بعد ذلك وتاريخ إتمامه، وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن العقار قد بدئ في إنشائه بعد 18/ 9/ 1952 حكمت المحكمة بعدم انطباق القانون رقم 199 سنة 1952 على هذا العقار وبانطباق أحكام القانون رقم 55 سنة 1958 عليه. لما كان ذلك وكان تحديد أجرة المساكن من المسائل التي يحكمها القانون رقم 121 سنة 1947 لنصه عليها في المادة الرابعة منه، وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت بخضوع العقار موضوع النزاع للقانون رقم 55 لسنة 1958 وبتخفيض الأجرة الواردة في عقود المطعون عليهم بالتطبيق لأحكام هذا القانون، فإن حكمها يكون صادراً في منازعة ناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 بالمعنى المقصود في المادة 15 منه ويكون بالتالي غير قابل لأي طعن وفقاً للفقرة الرابعة من هذه المادة. ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد تمسك في الدعوى بأن المطعون عليهم قد أقروا في البند 20 من عقود إيجارهم بأن الأجرة قد تم تخفيضها بنسبة 15% من إيجار المثل تنفيذاً للقانون رقم 199 سنة 1952 وأن تكون المحكمة الابتدائية قد عرضت في أسباب حكمها لهذه الوقائع ورفضت الاعتداد بما ورد في هذا البند لما تبينته من مخالفته لأحكام القانون. ذلك أن هذا الدفاع لا يعدو أن يكون حجة ساقها الطاعن لتدعيم وجهة نظره في انطباق القانون رقم 199 سنة 1952 على العين المؤجرة وعدم خضوعها بالتالي للقانون رقم 55 سنة 1958، ومن ثم فإن بحث المحكمة لهذا الدليل وإطراحها له لا يغير من وصف المنازعة بأنها إيجارية، ولا يعتبر فصل المحكمة في هذا الدفاع فصلاً في منازعة مدنية مما يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 ويقبل الطعن وفقاً للقواعد العامة كما يذهب الطاعن، بل إنه فصل في صميم المنازعة الإيجارية التي قضت فيها المحكمة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الطاعن دفع بعدم قبول دعوى المطعون عليها الحادية عشرة لرفعها من غير ذي صفة واعتبر الحكم المطعون فيه هذا الدفع من الدفوع التي يسري عليها ما يسري على موضوع الدعوى من حيث عدم جواز الطعن في الحكم الصادر فيه، وهو منه مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه إذ أن هذا الدفع إنما يقوم على عدم وجود علاقة إيجارية بين الطاعن وبين المطعون عليها المذكورة وإنما العلاقة الإيجارية قائمة بينه وبين زوجها، وهذا النزاع يخضع للقواعد العامة في القانون المدني وليس في نصوص القانون رقم 121 سنة 1947 ما يجوز لقاضي الإيجارات إنشاء علاقة إيجارية غير موجودة أو إنهاء علاقة أخرى قائمة فعلاً وبالتالي فإنه يجوز استئناف الحكم الصادر برفض هذا الدفع وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه وإن كان الدفع الذي أبداه الطاعن أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبول دعوى المطعون عليها الحادية عشرة لرفعها من غير ذي صفة يقوم على إنكاره وجود علاقة إيجارية بينهما، وكانت المحكمة قد رفضت هذا الدفع استناداً إلى قيام هذه العلاقة الإيجارية التي أنكرها الطاعن، وكان هذا الذي استندت إليه المحكمة ليس تطبيقاً لأحكام القانون رقم 121 سنة 1947 وإنما هو تطبيق للقواعد العامة مما يجوز معه استئناف الحكم الصادر برفض هذا الدفع، إلا أنه يبين مما سجله الحكمان الابتدائي والمطعون فيه أن إيصال سداد الأجرة الذي قدمته المطعون عليها يفيد أن الأجرة الشهرية للشقة موضوع النزاع كانت 10 ج و200 م شهرياً وأنها خفضت إلى 8 ج و160 م وبذلك فإن قيمة الدعوى وعقد الإيجار تكون أقل من 250 جنيه سواء اعتبرت مدة العقد مشاهرة عملاً بالمادة 563 من القانون المدني أو اعتبرت مدته سنة كسائر عقود الإيجار الخاصة بشقق المنزل موضوع النزاع المقدمة من الخصوم، وبالتالي فإن الفصل في الدعوى وفي الدفوع المقدمة فيها يكون نهائياً عملاً بالمادة 51 من قانون المرافعات، ولا يجوز الطعن فيها بطريق الاستئناف إلا بسبب وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم عملاً بالمادة 396 من قانون المرافعات، بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 ولئن كان الطاعن قد تمسك في صحيفة الاستئناف ببطلان الحكم لعدم تلاوته بالجلسة إلا أنه لم يقدم لمحكمة الموضوع دليلاً على هذا الذي ادعاه مخالفاً للثابت في الحكم، وبالتالي فإن هذا الحكم يكون قد صدر من المحكمة الابتدائية في حدود نصابها النهائي ولا يجوز استئنافه، وإذ كان الحكم المطعون قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 17/ 5/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1139.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق