الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 مارس 2023

الطعن 319 لسنة 32 ق جلسة 14 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 15 ص 85

جلسة 14 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد، ومحمد أبو حمزة مندور، وأحمد طوسون.

----------------

(15)
الطعن رقم 319 لسنة 32 القضائية

ضرائب. "ضريبة التركات ورسم الأيلولة". تركة. "استيفاء حقوق الدائن". تأمينات عينية. "حق الامتياز".
ضريبة التركات ورسم الأيلولة يفرضان على صافي قيمة تركة المتوفى. لدائني المتوفى أن يستوفوا ديونهم من أموال التركة. امتياز مصلحة الضرائب المقرر في المادة 43 من قانون رسم الأيلولة رقم 142 لسنة 1944. لا أثر له على حقوق هؤلاء الدائنين.

----------------
مؤدى نص المادة 1/ 1 من القانون رقم 159 لسنة 1952 - بشأن ضريبة التركات - والمواد 1/ 1 و12 و14 و43 من القانون رقم 142 لسنة 1944 - بشأن رسم الأيلولة - أن ضريبة التركات ورسم الأيلولة إنما يفرضان على صافي قيمة تركة المتوفى، وهذا الصافي لا يكون إلا بعد تقدير قيمة أصول التركة وما عليها من ديون والتزامات واستبعاد قيمة هذه الديون والالتزامات من أصول التركة، فيكون لدائني المتوفى الثابتة ديونهم بمستندات تصلح دليلاً عليه أمام القضاء، أن يستوفوا هذه الديون من أموال التركة، ولا يكون للامتياز المقرر لمصلحة الضرائب بمقتضى المادة 43 أي أثر على حقوق هؤلاء الدائنين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك الصناعي اتخذ إجراءات نزع ملكية عقار مملوك لمدينه المرحوم أحمد محمد الحسيني في القضية رقم 106 لسنة 1956 بيوع كلي القاهرة ورسا مزاد هذا العقار على السيدة هيلانة رزق الله مقابل ثمن قدره 3500 ج خلاف المصروفات وقدرها 59 ج و260 م. وبعد إيداع الثمن والمصروفات خزانة المحكمة، تقدم البنك الصناعي بطلب توزيع المبلغ المودع على الدائنين وأصدر قاضي التوزيع القائمة المؤقتة على الوجه الآتي: (1) تخصيص مصلحة الضرائب بمبلغ 1670 ج و61 م منه مبلغ 229 ج و930 م قيمة باقي الضريبة العامة على الإيراد المستحقة على المدين المذكور عن السنوات من 1950 إلى 1954 ومبلغ 1440 ج و131 م قيمة رسم الأيلولة على تركته. أما مبلغ الـ 3472 ج و542 م قيمة ضريبة التركات المستحقة على هذه التركة فقد استبعد من القائمة. (2) تخصيص البنك الصناعي بباقي المبلغ المودع وقدره 1747 ج و514 م باعتباره دائناً مرتهناً. واعترضت مصلحة الضرائب على هذه القائمة طالبة تخصيصها بطريق الامتياز بكل المبلغ المودع خصماً من ضريبة الإيراد العام ورسم الأيلولة وضريبة التركات المستحقة لها والبالغ مجموعها 5042 ج و603 م. كما اعترض كل من البنك الصناعي والأستاذ جمال العبد بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة المدين المرحوم أحمد محمد الحسيني، والأستاذ عبده أبو شقة بصفته دائناً على أساس وجوب استنزال ديون المدين من التركة قبل رسم الأيلولة وضريبة التركات. وإذ تعذرت التسوية أمام قاضي التوزيع فقد أحيلت الاعتراضات إلى المحكمة، وفي 5/ 4/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدفع المبدى من مصلحة الضرائب بعدم جواز مناقضة الأستاذين عبده أبو شفة وجمال العبد وبقبول المناقضة شكلاً وبقبول مناقصة مصلحة الضرائب شكلاً وبعدم قبول مناقضة البنك الصناعي وفي الموضوع برفض مناقضة مصلحة الضرائب وبتعديل قائمة التوزيع المؤقتة رقم 4 سنة 1961 كلي القاهرة المحررة في 18/ 7/ 1961، وذلك بتخصيص مصلحة الضرائب بمبلغ 229 ج و930 م قيمة باقي ضريبة الإيراد العام المستحقة على المورث وبتخصيص البنك الصناعي بمبلغ 2709 ج و488 م قيمة دينه المضمون برهن والسابق في المرتبة على رهن الأستاذ عبده أبو شقة، وبتخصيص الأستاذ عبده أبو شقة بمبلغ 429 ج و111 م والباقي وقدره 56 ج و47 م يعود إلى التركة، استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه, والحكم لها بطلباتها وقيد استئنافها برقم 577 سنة 79 قضائية، وفي 27/ 5/ 1962 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يقدم المطعون ضدهما الأول والثالث دفاعاً، وطلب المطعون ضده الثاني رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض تخصيص مصلحة الضرائب بطريق الامتياز بالمبلغ موضوع التوزيع خصماً من ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحقين لها، استناداً إلى أن المستفاد من نص المادة الأولى من القانون رقم 159 سنة 1952 والمادة الأولى من القانون رقم 142 سنة 1944 أن ضريبة التركات، ورسم الأيلولة لا يستحقان إلا على صافي التركة بعد استنزال الديون المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 142 سنة 1944، وهي الديون الثابتة بمستند يصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء، وإذ كان دين كل من البنك الصناعي والأستاذ عبده أبو شقة ثابتاً بسند رسمي فإنهما يستبعدان من أصول التركة، وما يبقى هو الذي يعتبر تركة تسري عليه ضريبة التركات ورسم الأيلولة، عملاً بقاعدة لا تركة إلا بعد سداد الدين. كما أن ضريبة التركات ورسم الأيلولة لا يلزمان إلا من آلت إليه أصول التركة فتكون مصلحة الضرائب ممتازة بدينها الناتج من الضريبتين المذكورتين على دائني هؤلاء. أما دائني المورث فإنهم يستبعدون أصلاًً لأن ديونهم لا تعتبر تركة ولا تدخل في أصولها. وهذا منه خطأ ومخالفة للقانون، إذ المستفاد من نصوص المواد 1139، 1134/ 2 مدني، 43 من القانون رقم 142 سنة 1944 و1/ 2 من القانون رقم 159 سنة 1952 أن امتياز مستحقات الخزانة من ضرائب ورسوم، ومنها ضريبة ورسم الأيلولة على التركات، امتياز عام من نوع خاص يخول الدولة حق تتبع المال المنقل به في أي يد كانت وحق استيفاء الدين المضمون به بالأولوية على أي حق آخر ولو كان ممتازاً أو مضموناً برهن رسمي، وبذلك يكون لمصلحة الضرائب امتياز عام على أموال المرحوم أحمد محمد الحسيني يخولها حق استيفاء مستحقاتها منها بالأولوية على البنك الصناعي والأستاذ عبده أبو شقة، مما كان يتعين معه تخصيصها بكامل مبلغ التوزيع خصماً من هذه المستحقات، كما أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من وجوب استبعاد الديون المستحقة على التركة ينطوي على خلط بين أحكام تقدير وربط ضريبة ورسم الأيلولة على التركات التي نظمها المشرع في المواد 36 و37 و38 من القانون رقم 142 سنة 1944 والمادة 1 من القانون رقم 159 سنة 1952 والتي بمقتضاها يصبح ربط الضريبة نهائياً إذا لم يطعن فيه الممول أو المصلحة بالطرق التي بينتها هذه المواد، وبين أحكام تحصيل الضريبة والرسم المبينة في المواد من 39 إلى 44 من القانون رقم 142 لسنة 1944 والمادة 1 من القانون رقم 159 لسنة 1952، وإذ حددت المحكمة صافي الضريبة ونسبت الخطأ إلى مصلحة الضرائب في ربطها، فإنها تكون قد خرجت عن ولايتها وفصلت في أمر تقدير التركة الذي يخرج عن اختصاصها، كما أخطأ الحكم إذ قرر أن المصلحة لا تزاحم بحق امتيازها دائني المورث، إذ أنه وإن كانت ضريبة التركات ورسم الأيلولة لا يستحقان إلا على صافي التركة بعد استنزال الديون المستحقة عليها، إلا أن هذا الإجراء ليس إلا عملية حسابية للوصول منها إلى تحديد صافي الضريبة، ولا يمنع المصلحة من أن تزاحم بمستحقاتها أصحاب الديون المستحقة على التركة والتي لم يتم الوفاء بها حتى تاريخ التحصيل، والقول بغير ذلك ينطوي على تخصيص لحق الامتياز المقرر للحكومة بالمادة 43 من القانون رقم 142 سنة 1944 بغير مخصص.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 1/ 1 من القانون رقم 159 سنة 1952 تنص على أنه: "تفرض على التركات ضريبة تعتبر مستحقة من وقت الوفاة وتحسب على صافي قيمة تركة كل من يتوفى طبقاً للنسب الآتية:..... وتستحق هذه الضريبة مع رسم الأيلولة وبالإضافة إليه وتسري بالنسبة إليها أحكام القانون رقم 142 سنة 1944 المشار إليه" وتنص المادة 1/ 1 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أنه "يفرض على أيلولة التركات رسم يعتبر مستحقاً من وقت الوفاة على صافي نصيب الوارث طبقاً للنسب الآتية...." كما تنص المادة 12 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أنه "تشمل التركات الخاضعة لرسم الأيلولة جميع الأموال التي تتألف منها التركة منقولة كانت أو ثابتة والنقود والأوراق والإيرادات المرتبة لمدى الحياة والديون المطلوبة للتركة والحقوق والدعاوى والتأمينات على الحياة وكل ما عداه من التأمينات التي استحق تسديدها بعد وفاة المورث، وكذلك كل ما أبرمه من عقود التأمين في حياته لمصلحة ورثته أو غيرهم، وذلك كله بعد خصم ما على التركة من الديون والالتزامات واستبعاد الأوراق والقيم المالية المعفاة من هذا الرسم قانوناً". وتنص المادة 14 منه على أنه "يستبعد من التركة كل ما عليها من الديون والالتزامات إذا كانت ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء" وتنص المادة 43 منه على أنه "ويكون للحكومة لأجل تحصيل رسوم الأيلولة المقررة بموجب هذا القانون حق امتياز على نصيب كل وارث بقدر المطلوب منه وحق تتبعه تحت يد الغير" وهذه النصوص صريحة في أن ضريبة التركات ورسم الأيلولة إنما تفرضان على صافي قيمة تركة المتوفى. وهذا الصافي لا يكون إلا بعد تقدير قيمة أصول التركة وما عليها من ديون والتزامات، واستبعاد قيمة هذه الديون والالتزامات من أصول التركة فيكون لدائني المتوفى الثابتة ديونهم بمستندات تصلح دليلاً عليه أمام القضاء أن يستوفوا هذه الديون من أموال التركة، ولا يكون للامتياز المقرر لمصلحة الضرائب بمقتضى المادة 43 أي أثر على حقوق هؤلاء الدائنين. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون. ولا وجه للقول بأن الحكم المطعون فيه قد فصل في أمر تقدير التركة وربط الضريبة، وخرج بذلك على قواعد الاختصاص حين انتهى إلى تفضيل حقوق دائني المتوفى على حق مصلحة الضرائب، ذلك أن المصلحة لم تنازع في مقدار التركة، ولا في أمر استحقاق هذه الديون وإنما اقتصرت منازعتها على القول بأن لها امتيازاً عاماً يخولها حق تتبع أعيان التركة، واستيفاء حقها بالأولوية على دائني المتوفى وهي منازعة لا تتصل بأمر تقدير التركة أو ربط الضريبة عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق