جلسة 24 من فبراير سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل، والدكتور محمد حافظ هريدي.
----------------
(34)
الطعن رقم 3 لسنة 31 القضائية
عقد. "تكييف العقد". عمل. وكالة.
رب العمل. توكيل أحد عماله في إبرام تصرفات قانونية لحسابه. الجمع بين صفته كأجير وصفته كوكيل. وجوب استظهار حقيقة العلاقة بين الطرفين لإمكان تكييفها. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن - عبد الحميد خضر يوسف - أقام الدعوى رقم 221 سنة 1957 كلي عمال المنصورة ضد المطعون عليه - يحيى محمد البدراوي عاشور - طالباً إلزامه بأن يدفع له مبلغ 2222 ج و660 م والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم يشمل بالنفاذ المعجل وبلا كفالة, منه 792 ج 660 م مكافأة نهاية الخدمة و86 ج بدل إنذار و86 ج مرتب شهر بدل أجازة و258 ج قيمة مرتبه عن أشهر يوليه وأغسطس وسبتمبر سنة 1956 و1000 ج كتعويض عن الفصل بلا مبرر، وقال بياناً لدعواه إنه التحق بالعمل لدى المدعى عليه في سنة 1945 مأموراً لدائرته ثم مفتشاًً لها وأخيراً مديراً لمصانعه وبلغ مرتبه الشهري 86 ج عدا إعانة غلاء المعيشة وأجور الانتقالات وظل يباشر عمله بأمانة إلى أن فوجئ في 28/ 11/ 1956 بخطاب من المدعى عليه يخطره فيه بالاستغناء عن خدماته وبإنهاء التوكيل الرسمي الصادر له منه، وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق في ذمة المدعى عليه المبالغ سالفة الذكر فقد انتهى إلى طلب الحكم له بها، وجرى النزاع في الدعوى - من بين ما جرى - حول طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين والقانون الذي يحكمها حيث قرر المدعي أنها علاقة عمل يحكمها قانون عقد العمل الفردي بينما قرر المدعى عليه أنها علاقة وكالة محددة بالتوكيلات الصادرة له منه وتحكمها قواعد الوكالة في القانون المدني. وبتاريخ 24/ 6/ 1957 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة الطرق أنه التحق بخدمة المدعى عليه كمأمور لدائرته في أول سنة 1945 وأصبح بعد ذلك مفتشاً بها ثم مديراً لمصانعه وأن أجره بلغ 86 ج شهرياً وأن المدعى عليه فصله دون مبرر على أن يكون للمدعى عليه النفي. وبعد تنفيذ هذا الحكم عادت وبتاريخ 16/ 12/ 1957 فحكمت بإلزام المدعى عليه أن يدفع للمدعي مبلغ 75 ج و470 م والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى عليه - يحيى محمد البدراوي عاشور - هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 14 سنة 10 قضائية كما استأنفه المدعي - عبد الحميد خضر يوسف - طالباً تعديله وإلزام المستأنف عليه بأن يدفع له مبلغ 2308 ج و660 م والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 16 سنة 10 ق، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين. وبتاريخ 30/ 1/ 1960 حكمت بقبولهما شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت عبد الحميد خضر يوسف أن مخدومه قد فصله بدون مبرر وليثبت يحيى محمد البدراوي أنه كان من أسباب الفصل ما تكشف له من اشتراك وكيله مع أمين الدمياطي في أعمال المقاولة ليحقق لنفسه فوائد مادية على حسابه وإيثار وكيله لشريكه في التجارة أحمد موافي بمحاصيل الدائرة ومنتجاتها ليحصل لنفسه على أرباح شخصية وليثبت أيضاً تاريخ علمه بهذا كله، وبعد تنفيذ هذا الحكم عادت وبتاريخ 30/ 11/ 1960 فحكمت حضورياً - أولاً: برفض الاستئناف رقم 16 سنة 10 المرفوع من السيد/ عبد الحميد خضر وألزمته بمصروفات استئنافه. ثانياً: بالنسبة للاستئناف رقم 14 سنة 10 المرفوع من السيد/ يحيى البدراوي بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف أن يدفع للمستأنف ضده مبلغ 327 ج و350 م والمصروفات المناسبة عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة عنهما. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها السابقة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار العلاقة بينه وبين المطعون عليه هي علاقة وكالة لا علاقة عمل مستنداً في ذلك إلى التوكيلات المؤرخة 13/ 4/ 1948 و13/ 5/ 1951 و22/ 1/ 1954 والصادرة من المطعون عليه للطاعن وهي توكيلات عامة صرح له فيها بحضور المزادات الرسمية وغير الرسمية والتزايد عنه فيها والشراء باسمه ورتب على ذلك أنه لا يعمل فقط لحساب الموكل ولكن يمثله كذلك في مباشرة الأعمال القانونية وبالتالي استبعد تكييف العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة عمل مع أن أحد هذه التوكيلات وهو التوكيل المؤرخ 13 من مايو سنة 1951 وصف الطاعن صراحة بأنه "وكيل دائرة المطعون عليه" ووكيل الدائرة - وعلى ما استقر عليه العرف الذي يكاد أن يجري مجرى النص - هو عامل لدى صاحب الدائرة ولا يغير من طبيعة هذه العلاقة أن يستصدر صاحب العمل الذي تتشعب مصالحه توكيلات لوكيل دائرته يستطيع بواسطتها أن يباشر مصالحها، وإذ أغفل الحكم هذا العرف المستقر كما أهدر الدلالة الظاهرة لعبارة هذا التوكيل دون سبب مقبول فإنه يكون معيباً بقصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في الدعوى على أنه "يكيف العلاقة بين طرفي الخصومة على أنها كانت وكالة لا عقد عمل كما يبين من الاطلاع على التوكيلات الثلاثة الرسمية.. وهي التي أفرغ فيها الاتفاق بين الطرفين وقد صدرت في 13/ 4/ 1948 و13/ 5/ 1951 و22/ 1/ 1954 والتي تفصح بجلاء عن صحة ما انتهت إليه المحكمة ولا أدل على ذلك من أنها فضلاً عن كونها توكيلات عامة فقد صرح الموكل فيها للوكيل بحضور المزادات الرسمية وغير الرسمية والتزايد عنه فيها والشراء باسمه سواء بالنسبة للأطيان الزراعية أو العقارات أو المنقولات ودفع ثمنها كما في التوكيل الأول ثم عهد إليه بعد ذلك في التوكيل الثاني بإدارة كافة أملاكه من الأطيان والعقارات وإجراء كل ما يلزم لذلك وبيع المحصولات وقبض ثمنها وغير ذلك وشراء الأطيان والعقارات والمنقولات لحسابه ودفع ثمنها حسب ما يراه ومقتضى ذلك هو أن الوكيل لا يعمل فقط لحساب الموكل وإنما يمثله كذلك في مباشرة الأعمال القانونية الأمر الذي يؤدي إلى استبعاد تكييف العلاقة بين الطرفين بأنها عقد عمل" وهي تقريرات قاصرة ليس من شأنها أن تنفي علاقة العمل التي يدعيها الطاعن ويقيم عليها دعواه، إذ ليس هناك ما يمنع من أن يعهد صاحب العمل إلى أحد عماله بإبرام تصرفات قانونية لحسابه إلى جانب ما يباشره من أعمال مادية أو فنية أخرى فيجمع بذلك بين صفته كأجير وصفته كوكيل متميزة كانت كل منهما عن الأخرى أو مختلطة وهو ما يتعين استظهاره والتحقق منه لإمكان تكييف العلاقة القانونية بين الطرفين. ولما تقدم يتعين نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق