الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 285 لسنة 30 ق جلسة 25 / 3 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 62 ص 396

جلسة 25 من مارس سنة 1965

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-------------

(62)
الطعن رقم 285 لسنة 30 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية حارس الشيء".
الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه في معنى المادة 187 مدني، هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السلطة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً ولا تنتقل الحراسة منه إلى تابعه المنوط به استعمال الشيء. العبرة في قيام الحراسة الموجهة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه. السيطرة المادية للتابع على الشيء وقت استعماله له لا تضفي عليه صفة الحارس، إذ هو يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء كما لو كان هو الذي يستعمله. مثال.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية حارس الشيء".
يدرأ مسئولية حارس الشيء المفترضة إثباته وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد له فيه. يشترط أن يكون هذا السبب محدداً لا تجهيل فيه ولا إبهام سواء أكان ماثلاً في قوة قاهرة أم حادث فجائي أم خطأ المصاب أم خطأ الغير.
(جـ) تعويض. "تقديره".
الغاية من التعويض هو جبر الضرر جبراً متكافئاً وغير زائد عليه. مثال.

----------------
1 - حارس الأشياء الذي يفترض الخطأ في جانبه على مقتضى نص المادة 178 من القانون المدني، هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السلطة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً، ولا تنتقل الحراسة منه إلى تابعه المنوط به استعمال الشيء، لأنه وإن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء وقت استعماله، إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته، فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء كما لو كان هو الذي يستعمله، ذلك أن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه. فإذا كانت الوزارة الطاعنة هي المالكة للطائرة وقد أعدتها لتدريب طلبة كلية الطيران وعهدت إلى مورث المطعون ضدها وهو تابعها بمهمة تدريبهم واختبارهم وأنه في يوم الحادث حلق بها مصطحباً أحد الطلبة لاختباره، فسقطت به ولقي مصرعه، فإن الحراسة على الطائرة تكون وقت وقوع الحادث معقودة للطاعنة باعتبارها صاحبة السيطرة الفعلية عليها ولم تنتقل إلى مورث المطعون ضدها، وبالتالي تكون الطاعنة مسئولة عن الضرر الذي لحق به مسئولية مبنية على خطأ مفترض طبقاً للمادة 178 من القانون المدني ولا تنتفي عنها هذه المسئولية إلا إذا أثبتت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه.
2 - إنه وإن جاز لحارس الأشياء أو الآلات الميكانيكية في حكم المادة 178 مدني نفي مسئوليته المفترضة عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر بإثبات أن ما وقع كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، إلا أنه يشترط أن يكون السبب الذي يسوقه لدفع مسئوليته محدداً لا تجهيل فيه ولا إبهام سواء أكان ممثلاً في قوة قاهرة أم حادث فجائي أم خطأ المصاب أم خطأ الغير.
3 - تقرير الوزارة الطاعنة مكافأة أو معاشاً استثنائياً للمطعون ضدها لفقدها زوجها إثر حادث وهو يؤدي واجبه لا يمنعها من مطالبة الوزارة قضائياً بالتعويض المناسب باعتبارها مسئولة طبقاً لقواعد القانون المدني عما لحقها من أضرار متى كانت المكافأة والمعاش اللذان قررتهما لا يكفيان لجبر جميع هذه الأضرار، على أن يراعي القاضي عند تقديره التعويض خصم ما تقرر صرفه من مكافأة أو معاش من جملة التعويض المستحق عن جميع الأضرار، إذ أن الغاية من التزام الوزارة هو جبر الضرر جبراً متكافئاً معه وغير زائد عليه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الوزارة الطاعنة الدعوى رقم 675 سنة 1956 مدني كلي القاهرة تطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها بلغ 20000 جنيه وقالت في بيان دعواها إن زوجها الذي كان يشغل وظيفة قائد سرب بسلاح الطيران. قد لقى مصرعه يوم 15 يناير سنة 1955 إذ سقطت به إحدى الطائرات التابعة للوزارة الطاعنة أثناء قيامه باختبار طلبة كلية الطيران ببلبيس. وأن الوزارة تعتبر مسئولة عن الحادث مسئولية مفترضة عملاً بنص المادة 178 من القانون المدني، وذلك إلى جانب خطئها الثابت لعدم تزويدها الطائرة بأكثر من مظلة هبوط واحدة. وأنه إذ كان ما قررته الوزارة لها من مكافأة أو معاش استثنائي لا يتناسب مع جسامة الضرر الذي لحقها بسبب فقد زوجها فقد رفعت عليها الدعوى بباقي التعويض الذي تستحقه - دفعت الوزارة الطاعنة بانتفاء مسئوليتها المقامة على الخطأ المفترض بأن الطائرة كانت في حراسة زوج المطعون ضدها وأنه على أي حال فإن الحادث يرجع إلى خطئه أو إلى القوة القاهرة مما ينتفي به مسئوليتها المؤسسة على المادة 178 من القانون المدني كما دفعت بعدم وقوع خطأ تقصيري من جانبها مقررة أن الطائرة كانت مزودة بمظلتين لا بمظلة واحدة كما تدعي المطعون ضدها - وبتاريخ 28 ديسمبر سنة 1958 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 1600 جنيه مؤسسة قضاءها على أن الوزارة الطاعنة تعتبر الحارسة على الطائرة وقت وقوع الحادث وتسأل تبعاً لذلك عما ترتب عليه من ضرر ما دامت لم تثبت أن وقوعه كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه - فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم طالبة إلغاءه ورفض الدعوى. وقيد استئنافها برقم 393 سنة 76 ق القاهرة كما استأنفته فرعياً المطعون ضدها طالبة زيادة التعويض إلى المبلغ الذي رفعت به دعواها وقيد استئنافها برقم 668 سنة 76 ق وفي 26 من إبريل سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الوزارة أن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 3000 ج على سبيل التعويض فطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 30 نوفمبر سنة 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه أقام قضاءه بإلزامها بالتعويض على اعتبار أنها حارسة للطائرة ومسئولة بالتالي عما ينشأ عنها من ضرر للغير عملاً بالمادة 178 مدني في حين أن تلك الحراسة قد انتقلت إلى مورث المطعون ضدها الذي أصبح وحده دون الوزارة الطاعنة صاحب السيطرة الفعلية على الطائرة بعد أن نيطت به مسئولية العناية الفنية بها والإشراف على سلامتها وصلاحيتها للطيران وقد وقع على السجل الخاص بالطائرة بما يفيد تحققه من صلاحيتها للطيران قبل تحليقه بها.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن المادة 178 من القانون المدني إذ جرى نصها بالآتي: "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه" فإن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السلطة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً، ولا تنتقل الحراسة منه إلى تابعه المنوط به استعمال الشيء، لأنه وإن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء وقت استعماله، إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته - فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء كما لو كان هو الذي يستعمله، ذلك أن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه - ولما كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه وأوراق الدعوى أن الوزارة الطاعنة هي المالكة للطائرة وقد أعدتها لتدريب طلبة كلية الطيران وعهدت إلى مورث المطعون ضدها وهو تابعها بمهمة تدريبهم واختبارهم وأنه في يوم الحادث حلق بها مصطحباً أحد الطلبة لاختباره، فسقطت به ولقي مصرعه، لما كان ذلك، فإن الحراسة على الطائرة تكون وقت وقوع الحادث معقودة للطاعنة باعتبارها صاحبة السيطرة الفعلية عليها ولم تنتقل إلى مورث المطعون ضدها، وبالتالي تكون الطاعنة مسئولة عن الضرر الذي لحق به مسئولية مبنية على خطأ مفترض طبقاً للمادة 178 من القانون المدني ولا تنتفي عنها هذه المسئولية إلا إذا أثبتت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد توخى صحيح حكم القانون؛ ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في رفض ما تمسكت به دفعاً لمسئوليتها المؤسسة على المادة 178 مدني من أن الحادث يرجع إلى خطأ مورث المطعون ضدها أو إلى القوة القاهرة. ذلك أن الثابت من تحقيقات النيابة وقرار مجلس التحقيق اللذين كانا مقدمين إلى محكمة الموضوع أن سبب الحادث يرجع إلى دخول الطائرة في انهيار حلزوني مفلطح. وأن هذا أمر نادر الحدوث ومن ثم فإن الحادث لا بد أن يكون سببه أحد أمرين الأول هو خطأ المورث الناشئ عن سوء تصرفه وعدم اتخاذه الأساليب الفنية اللازمة للخروج من هذا الموقف أو عن عدم استعماله المظلة الواقية للهبوط من الطائرة قبل سقوطها والأمر الثاني هو القوة القاهرة باعتبار أن الانهيار الحلزوني المفلطح الذي دخلت فيه الطائرة فجأة أمر نادر الحدوث غير معروف الأسباب كما شهد الشهود في تحقيقات النيابة وبالتالي لم يكن في الوسع توقعه ولا دفعه، وقد رفض الحكم الأخذ بكلا الأمرين متعللاً في نفي الخطأ عن المصاب بما قاله من أنه لم يكن في الطائرة سوى مظلة واحدة هي المظلة التي استعملها الطالب في الهبوط. وهذا القول قد بنته المحكمة على مجرد استنتاج شخصي لا يسانده الواقع بل تدحضه الأوراق وما ثبت فيها من أن مورث المطعون ضدها كان قد استعار قبل تحليقه مظلة أخرى بالإضافة إلى المظلة التي كانت في الطائرة وقد وجدت بمكان الحادث بعد سقوط الطائرة، كذلك فإن استناد الحكم في نفي قيام القوة القاهرة إلى ما جاء بأقوال قائدي الأسراب يوسف سعودي ومهدي خيرت في التحقيقات، غير صحيح، لأن ما قرره الشاهد الأول من أن حالة الانهيار الحلزوني الذي صادفته الطائرة وأدى إلى سقوطها نادر الوقوع إنما يجعل من الانهيار المذكور قوة قاهرة باعتبارها أمراً غير متوقع. وإذ كان سببه مجهولاً فنياً فإنه يكون من غير المستطاع دفعه، أما ما قرره قائد الأسراب مهدي خيرت مما عول عليه الحكم فإنه قول نظري لم يبن على الخبرة والتجربة وإنما على مجرد التخمين.
وحيث إنه يبين من أسباب الحكم الابتدائي التي أقرها الحكم المطعون فيه أنها تضمنت في خصوص نفي السبب الأجنبي ما يلي: "وبما أنه وقد استكملت المسئولية المفترضة عناصرها في ذمة المدعى عليها (الطاعنة) فرضاً غير قابل لإثبات العكس فإنها لا تنتفي إلا بقطع علاقة السببية التي تربط بين فعل الطائرة والضرر بإثبات السبب الأجنبي أي القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ أو خطأ المضرور أو خطأ الغير - وبما أن سبب الحادث هو حالة الانهيار الحلزوني المفلطح التي وقعت فيها الطائرة خلال حركة الالتفات الحلزوني التي قام بها الطالب الممتحن، وهي حالة لا يد لشخص معين فيها - وبما أنه وإن قال الدفاع عن وزارة الحربية إن سبب تلك الحالة غير معروف إلا أن هذا القول بفرض صحته لا يعني على الإطلاق أن ثمة سبب أجنبي عن الطائرة هو العلة، فثبوت ارتباط السببية بحادث مفاجئ أو قوة قاهرة واجب لقطع رابطة السببية بينما تجهيل السبب يعني أنه قد يكون راجعاً لحادث مفاجئ أو قوة قاهرة، وقد لا يكون، ومن ثم لا يكفي لدحض المسئولية المفترضة. وفضلاً عن ذلك فقد شهد فني (قائد الأسراب يوسف سعودي) بأن الحالة التي نشأ عنها الحادث في ذاتها جائزة الوقوع ومعروفة فنياً، ومن ثم فهي لم تكن مستحيلة التوقع، بل هي قد وقعت لذات الطيار في نفس اليوم وفقاً لأقوال الطالب محمد فخري رفعت، وهي ليست مستحيلة الدفع بدلالة خروج الطيار منها في المرة السابقة، وبالتالي فإن حالة الانهيار الحلزوني، المفلطح بذاتها تفتقد الركنين اللذين يقوم عليهما وصف الحادث بأنه مفاجئ أو قهري، بل إن أحد الفنيين (قائد الأسراب مهدي خيرت) شهد بأن تلك الحالة ترجع إلى تصميم الطائرة. وبما أنه مما سلف يبين أن مسئولية المدعى عليها (الطاعنة) عما أصاب المدعية (المطعون ضدها) من ضرر شخصي قائم على أركانها القانونية ولم يدحضها إثبات أي سبب أجنبي". ورد الحكم المطعون فيه على قول الطاعنة بوقوع الخطأ من مورث المطعون عليها لعدم قفزه بالمظلة من الطائرة قبل سقوطها بما يلي "إن الأوراق المقدمة من الوزارة قاطعة في أن الطائرة لم تكن تحمل سوى مظلة واحدة رقم 5593 تسلمها الطيار بتاريخ 3 يناير سنة 1955 وردت بعد الحادث في 18 يناير سنة 1955 وهي ذات المظلة التي أجري تصليحها وغسلها. وفي بطاقة الإعارة ما يقطع بأن الفقيد لم يكن يتسلم أكثر من مظلة واحدة فهو قد تسلم المظلة السابقة في 19 ديسمبر سنة 1954 وردها في 3 يناير سنة 1955 وفي نفس هذا التاريخ تسلم البراشوت المصري رقم 5593 الذي رد بعد الحادث وأجري تصليحه على النحو السابق الإشارة إليه وليس يجوز القول إن الطيار بعد أن عمل على إنقاذ تلميذه قد هانت عليه حياته وضحى بها مع وجود أداة أخرى للهبوط بالطائرة وكان حقاً إذن ما نشرته مجلة القوات المسلحة في عددها رقم 287 الصادر في أول فبراير سنة 1955 في رثاء الشهيد البطل منير مفتاح من أنه إذ لم تطاوعه عجلة القيادة تفضل بأن يكون أستاذاً في فنه وفي خلقه فسلم المظلة وهي أداة إنقاذه الوحيدة إلى تلميذه فنجا. أما هو فقد مات شهيداً". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه صحيح في القانون ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ذلك أنه وإن جاز لحارس الأشياء أو الآلات الميكانيكية في حكم المادة 178 مدني نفي مسئوليته المفترضة عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر بإثبات أن ما وقع كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، إلا أنه يشترط أن يكون السبب الذي يسوقه لدفع مسئوليته محدداً لا تجهيل فيه ولا إبهام سواء أكان ممثلاً في قوة قاهرة أم حادث فجائي أم خطأ المصاب أم خطأ الغير، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد انتهت في حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق إلى أن الطاعنة قد عجزت عن إثبات السبب الأجنبي الذي لا تندفع مسئوليتها إلا به طبقاً للمادة 178 مدني وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بالدليل الذي تطمئن إليه وتطرح ما عداه بلا معقب عليها في ذلك من محكمة النقض فإن النعي بهذا السبب في حقيقته لا يعدوا أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق إذ اعتبرها مسئولة مسئولية تقصيرية مبنية على خطأ ثابت في حقها إلى جانب الخطأ المفترض الذي قال به مستنداً في ذلك إلى تزويدها الطائرة بمظلة واحدة - مع أن الثابت في أوراق الدعوى التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف أن الطائرة كانت مزودة بمظلتين لا بمظلة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم - على ما سبق بيانه في الرد على السبب السابق - قد استخلص وجود مظلة واحدة في الطائرة استخلاصاً موضوعياً سائغاً من وقائع تؤدي إليه ولها أصلها الثابت في الأوراق ومن ثم يكون النعي بهذا السبب هو أيضاً جدل في أمر موضوعي مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة ما هو مقرر قانوناً من عدم جواز الجمع بين المكافأة والمعاش الاستثنائي وبين التعويض لاتحاد سببهما والغاية منهما - هذا إلى أنها وقد أعطت للمطعون ضدها مبلغ 500 ج بصفة مكافأة وقدرت لها معاشاً استثنائياً قدره 20 ج شهرياً. وهو ما يكفي لتعويضها عما لحقها من ضرر بسبب فقد زوجها، فإنه لم يكن للمحكمة بعد ذلك أن تقضي لها بتعويض آخر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تقرير الوزارة الطاعنة مكافأة أو معاشاً استثنائياً للمطعون ضدها لفقدها زوجها إثر حادث وهو يؤدي واجبه، لا يمنعها من مطالبة الوزارة قضائياً بالتعويض المناسب باعتبارها مسئولة طبقاً لقواعد القانون المدني عما لحقها من أضرار متى كانت المكافأة والمعاش اللذان قررتهما لا يكفيان لجبر جميع هذه الأضرار، على أن يراعي القاضي عند تقديره التعويض خصم ما تقرر صرفه من مكافأة أو معاش من جملة التعويض المستحق عن جميع الأضرار إذ أن الغاية من التزامي الوزارة هو جبر الضرر جبراً متكافئاً معه وغير زائد عليه - ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها بتعويض قدره 3000 ج قد راعى على ما صرح به في أسبابه ما تقرر لها من معاش ومكافأة، مورداً في أسبابه "أن المحكمة إذ تريد جبر هذه الأضرار الواقعة على الزوجة (المطعون ضدها) يتعين عليها مراعاة ما قامت الحكومة بدفعه وهو 500 ج وما رفعت به المعاش المستحق لها إلى مبلغ 21 ج، وترى مع مراعاة هذه الظروف وحتى يكون التعويض كاملاً جابراً للضرر تعديل الحكم المستأنف وإلزام الوزارة (الطاعنة) بدفع 3000 ج" لما كان ذلك، فلا محل للنعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون في هذا الخصوص. أما ما تثيره الطاعنة في خصوص تقدير الحكم المطعون فيه للتعويض الذي ألزمها به فإنه جدل منها فيما تستقل محكمة الموضوع به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) نقض 25/ 6/ 1964 الطعن 308 س 29 ق السنة 15 ص 868.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق