جلسة 6 من أبريل سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي
نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم،
أحمد كمال حمدي وحسام عبد العاطي سرحان نواب رئيس المحكمة.
-------------
(56)
الطعن 2450 لسنة 85 ق
(1 ، 2) محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم
الاقتصادية: الاختصاص النوعي".
(1) الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية.
مناطه. تعلق الدعوى بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة السادسة
ق 120 لسنة 2008. الاستثناء. الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة.
(2) المطالبة بأداء قيمة السند الإذني.
انحسار الاختصاص بنظرها عن المحاكم الاقتصادية. عله ذلك. خضوعها للأحكام الخاصة
بالأوراق التجارية. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد حكم محكمة أول درجة والتصدي
لموضوع النزاع ملتفتا عن الدفع المبدى بانعقاد الاختصاص للمحكمة الاستئنافية
الاقتصادية بنظر النزاع لكون السند محل الدين ناشئ عن عقد قرض. صحيح. علة ذلك.
وجوب التمسك بالدفع أمام محكمة الموضوع.
(3) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب
المفتقر للدليل".
وجوب تقديم الخصوم الدليل على ما
يتمسكون به وإلا أصبح النعي مفتقرا إلى دليله. عدم تقديم الطاعنين ما يؤيد
دفاعهما. أثره. صيرورة النعي عاريا عن الدليل وغير مقبول.
(4) نيابة عامة "تدخل النيابة العامة في
الدعاوى".
إغفال إخطار النيابة العامة في قضايا
القصر. أثره. بطلان نسبي مقرر لمصلحتهم. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة
النقض.
(5) نقض "أسباب الطعن بالنقض: أسباب
قانونية يخالطها واقع".
دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه
أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير
الأدلة والموازنة بينها من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم والرد
عليها استقلالا. حسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(7) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع في تقدير جدية
الدفوع المبداة من الخصوم: لفت نظر الخصوم إلى مقتضيات الدفاع وتقديم أدلته".
عدم التزام المحكمة بتكليف الخصوم
بتقديم الدليل على دفاعهم أو لفت نظرهم إلى مقتضياته. حسبها أن تقيم قضاءها وفقا
للمستندات والأدلة المطروحة عليها.
(8) إثبات "طرق الإثبات: اليمين: اليمين
الحاسمة".
الاستخلاص السائغ لكيدية طلب توجيه
اليمين الحاسمة بعد ثبوت المديونية بموجب السند الإذني محل النزاع. النعي على
الحكم المطعون فيه قضاؤه برفض طلب الطاعن الأول توجيه اليمين الحاسمة لممثل البنك
المطعون ضده دون بحث الغاية منها وهي براءة الذمة, وأن السند الإذني حرر ضمانا
للمديونية، وأنه وقع على بياض. دفاع جديد خلت الأوراق من الدليل عليه. وجوب التمسك
به أمام محكمة الموضوع.
-----------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن
مفاد النص في المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم
الاقتصادية أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيا دون غيرها من المحاكم
المدنية بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة
القوانين المذكورة بالنص المشار إليه- فيما عدا المنازعات التي يختص بها مجلس
الدولة- وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس
قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في
المسائل التي تستدعي تطبيق هذه القوانين.
2 - إذ كانت الدعوى المطروحة قد أقامها البنك
المطعون ضده الأول ابتداء بطلب الحكم بإلزام الطاعنين والشركة المطعون ضدها
الثانية بأداء قيمة السند الإذني محل النزاع، ولما كان السند المذكور يعد من
الأوراق التجارية الواردة بالباب الرابع من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 وليس
من عمليات البنوك الواردة بالباب الثالث من ذات القانون والتي ينعقد الاختصاص بها
للمحاكم الاقتصادية وفقا للفقرة السادسة السالف إيرادها بما لا يكون معه الحكم
المطعون فيه قد تجاوز نطاق اختصاصه النوعي لاسيما وأن الطاعنين لم يسبق لهما
التمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن السند المذكور ناشئ عن عقد قرض ويضحى
النعي على الحكم المطعون فيه (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الدين محل
النزاع- والذي تجاوزت قيمته مبلغ الخمسة ملايين جنيه- ناشئ عن عقد قرض منحه البنك
المطعون ضده الأول لمورثهم فينعقد الاختصاص بنظر المنازعة الناشئة عنه للمحكمة
الاستئنافية الاقتصادية بحسبانه من عمليات البنوك الواردة بالفقرة السادسة من
المادة 6 من قانون المحكمة الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 وهو ما يتعلق بالنظام
العام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وساير حكم أول درجة في التصدي لموضوع
النزاع) على غير أساس.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن المشرع
عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم
الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون وفق ما
تقضي به المادة 255 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المعدلة بالقانون 76
لسنة 2007 حتى يمكن للمحكمة التحقق مما ينعونه على الحكم المطعون فيه. لما كان
ذلك، وكان الطاعنان لم يقدما رفق طعنهما صورة رسمية من محاضر الجلسات والمذكرات
المقدمة فيها حتى يمكن للمحكمة التحقق من تمسكهما بهذا الدفع الشكلي غير المتعلق
بالنظام العام فإن نعيهما في هذا الخصوص (على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه لتمسكهما أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاصها محليا بنظر الدعوى
إلا أنها ومن بعدها الحكم المطعون فيه لم يعرضا لهذا الدفاع إيرادا وردا رغم أن
محل إقامتهما بمدينة طنطا حسب الثابت بالأوراق التي خلت مما يفيد الاتفاق على
اختصاص محاكم القاهرة) يكون عاريا عن دليله وغير مقبول.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن هدف
المشرع من تدخل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو لرعاية مصلحتهم
ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلانا
نسبيا مقررا لمصلحتهم وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع وإذا
فاتهم ذلك فلا يجوز لهم التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان
الثابت من الأوراق أنها قد خلت مما يفيد سبق التمسك بهذا البطلان أمام محكمة
الموضوع ومن ثم فلا يقبل التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة ويضحى النعي على
الحكم المطعون فيه (مخالفة القانون ذلك أن كلا من الحكم المطعون فيه والحكم
الابتدائي لم يدخلا النيابة العامة خصما في الدعوى رغم وجود قصر فيها وأن عقد
التسوية وعقد البيع المبرمين بين مورث القصر والبنك المطعون ضده الأول شابهما
البطلان لعدم عرضهما على النيابة العامة) بهذا السبب غير مقبول.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه إذا
كان سبب النعي متعلقا بدفاع يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ولم
تكن عناصره الموضوعية مطروحة عليها فإنه يعتبر سببا جديدا لا تجوز إثارته أمام
محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنها قد خلت مما يفيد سبق
التمسك بانتهاء الوصاية عن الطاعن الثاني ومن ثم فإن النعي (على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون إذ لم يفطن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أشخاص
الملتزمين بالمديونية فإنه على الرغم من انتهاء الوصاية عن الطاعن الثاني منذ سنة
2009 لم تأمر المحكمة باختصامه لشخصه) يضحى غير مقبول.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن لمحكمة
الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها
والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه دون حاجة إلى تتبع كل
حجة للخصوم والرد عليها استقلالا، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي
لحمله.
7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه لا
تثريب على محكمة الموضوع إن هي فصلت في الدعوى على مقتضى المستندات المقدمة إليها
وأنها غير ملزمة بأن تكلف الخصوم بتقديم أدلة دفاعهم أو تلفت نظرهم إلى مقتضياته
وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله من الأدلة والمستندات المطروحة عليها.
8 - إذ كان الحكم المطعون فيه وفي نطاق سلطته
في تقدير أدلة الدعوى وفهم الواقع فيها قد خلص إلى أن القصد من طلب توجيه اليمين
الحاسمة إلى ممثل البنك المطعون ضده هو إطالة أمد التقاضي بعد أن استظهر ثبوت
المديونية بموجب السند الإذني محل النزاع وكان ما انتهى إليه سائغا وله أصله
الثابت بالأوراق ولا ينال من ذلك ما أورده الطاعنان بسبب النعي بشأن سداد
المديونية وبأن السند الإذني محل المطالبة حرر ضمانا لها وأن التوقيع تم على بياض
فهو دفاع جديد لم يثبت سبق التمسك به أمام محكمة الموضوع بدرجتيها فضلا عن أن
الأوراق خلت من الدليل عليه ومن ثم يضحى النعي (على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم المطعون فيه المؤيد
لحكم أول درجة رفض طلب الطاعن الأول بتوجيه اليمين الحاسمة لممثل البنك المطعون
ضده دون بحث الغاية منها وهي براءة الذمة من المديونية لسدادها وبأن السند الإذني
المطالب به حرر ضمانا لتلك المديونية وأنه وقعه على بياض، وإذ رفض الحكم طلب توجيه
اليمين الحاسمة، ولم يعمل سلطته في بحث عناصر الدعوى وأوجه الطعن على سند
المديونية فإنه يكون معيبا) على غير أساس.
9 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الأصل
أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء فلا تنعقد أصلا إلا بين أشخاص موجودين على
قيد الحياة وإلا كانت معدومة لا ترتب أثرا ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد
عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد
أقامها البنك المطعون ضده الأول بعد رفض أمر الأداء الذي تقدم به بتاريخ 20/5/2012
قبل الشركة المطعون ضدها الثانية والطاعن الأول عن نفسه والمدعوة/ .... عن
نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم/ .... بطلب الحكم بإلزامهم بأداء
قيمة السند الإذني المؤرخ 15/7/2009 رغم أن السيدة/ ...... كانت متوفاة من
20/10/2011 قبل البدء في اتخاذ إجراءات المطالبة القضائية وذلك حسب الثابت بالصورة
الرسمية من قرار الوصاية الصادر بجلسة 16/11/2011 المرفق بالأوراق ومن ثم باتت
الخصومة معدومة بالنسبة لها ولا يترتب على إيداع صحيفة الدعوى أي أثر ولا يصححها
إجراء لاحق ويكون تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثتها عديم الأثر لوروده على غير محل،
إذ ليس من شأنه تصحيح الخصومة المعدومة وكان حقا على الحكم المطعون فيه القضاء
بإلغاء الحكم المستأنف وبانعدام الخصومة بالنسبة للمتوفاة سالفة الذكر والقصر
الذين كانوا في وصايتها، وإذ تنكب هذا السبيل فإنه يكون معيبا.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم
المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول- بعد رفض أمر
الأداء- أقام على الشركة المطعون ضدها الثانية والطاعن الأول عن نفسه والسيدة/ .....
عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم/ .... الدعوى رقم ... لسنة 2012
تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ 24424890.50
جنيه والفوائد بواقع 14.75% من تاريخ الاستحقاق حتى السداد، وقال بيانا لذلك إنه
يداينهم بالمبلغ المذكور بموجب سند إذني مؤرخ 15/7/2009 مستحق الأداء في
18/12/2011 وإذ امتنعوا عن السداد، فأقام الدعوى، صحح البنك المطعون ضده الأول شكل
دعواه باختصام ورثة السيدة/ ..... - الطاعن الأول عن نفسه والطاعن الثاني- ادعى
الطاعن الأول بتزوير توقيعه على سند المديونية، وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا حكمت
برفض الطعن بالتزوير وبصحة السند وحددت جلسة لنظر موضوع الدعوى، وبتاريخ 25/2/2014
حكمت بإلزام الطاعن الأول عن نفسه والطاعن الثاني والشركة المطعون ضدها الثانية
بالتضامن بأن يؤدوا للبنك المطعون ضده الأول مبلغ 24424890.50 جنيه والفوائد بواقع
14.75% من تاريخ الاستحقاق 18/12/2011. استأنف الطاعن الأول عن نفسه هذا الحكم لدى
محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم .... لسنة 131، وبتاريخ 6/1/2015 قضت
المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير
الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب
للسبب الثالث والسابع منها وجهان ينعى الطاعنان بالسبب السادس على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إن الدين محل النزاع-
والذي تجاوزت قيمته مبلغ الخمسة ملايين جنيه- ناشئ عن عقد قرض منحه البنك المطعون
ضده الأول لمورثهم فينعقد الاختصاص بنظر المنازعة الناشئة عنه للمحكمة الاستئنافية
الاقتصادية بحسبانه من عمليات البنوك الواردة بالفقرة السادسة من المادة 6 من
قانون المحكمة الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 وهو ما يتعلق بالنظام العام، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر وساير حكم أول درجة في التصدي لموضوع النزاع فإنه
يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن
المشرع قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية ونص في
المادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس
الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بنظر المنازعات
والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين
الآتية: .... 6- قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية وعمليات
البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه ... وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم
الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها
في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة
القيمة" فإن مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيا دون غيرها
من المحاكم المدنية بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق
قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه- فيما عدا المنازعات التي يختص بها
مجلس الدولة- وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على
أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية
بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق هذه القوانين. لما كان ذلك، وكانت الدعوى
المطروحة قد أقامها البنك المطعون ضده الأول ابتداء بطلب الحكم بإلزام الطاعنين
والشركة المطعون ضدها الثانية بأداء قيمة السند الإذني محل النزاع، ولما كان السند
المذكور يعد من الأوراق التجارية الواردة بالباب الرابع من قانون التجارة رقم 17
لسنة 1999 وليس من عمليات البنوك الواردة بالباب الثالث من ذات القانون والتي
ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الاقتصادية وفقا للفقرة السادسة السالف إيرادها بما لا
يكون معه الحكم المطعون فيه قد تجاوز نطاق اختصاصه النوعي لاسيما وأن الطاعنين لم
يسبق لهما التمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن السند المذكور ناشئ عن عقد قرض،
ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس
من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان
ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاصها محليا بنظر الدعوى إلا
أنها ومن بعدها الحكم المطعون فيه لم يعرضا لهذا الدفاع إيرادا وردا رغم أن محل
إقامتهما بمدينة طنطا حسب الثابت بالأوراق التي خلت مما يفيد الاتفاق على اختصاص
محاكم القاهرة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن
من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن المشرع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن
بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن
في المواعيد التي حددها القانون وفق ما تقضي به المادة 255 من قانون المرافعات
المدنية والتجارية المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 حتى يمكن للمحكمة التحقق مما
ينعونه على الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يقدما رفق طعنهما
صورة رسمية من محاضر الجلسات والمذكرات المقدمة فيها حتى يمكن للمحكمة التحقق من
تمسكهما بهذا الدفع الشكلي غير المتعلق بالنظام العام، فإن نعيهما في هذا الخصوص
يكون عاريا عن دليله وغير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع
والوجه الثاني من السبب السابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن كلا من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي لم
يدخلا النيابة العامة خصما في الدعوى رغم وجود قصر فيها وأن عقد التسوية وعقد
البيع المبرمين بين مورث القصر والبنك المطعون ضده الأول شابهما البطلان لعدم
عرضهما على النيابة العامة، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من
المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن هدف المشرع من تدخل النيابة العامة في القضايا
الخاصة بالقصر إنما هو لرعاية مصلحتهم، ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال
إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلانا نسبيا مقررا لمصلحتهم وبالتالي يتعين
عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع وإذا فاتهم ذلك فلا يجوز لهم التحدي به لأول
مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنها قد خلت مما يفيد
سبق التمسك بهذا البطلان أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل التحدي به لأول مرة
أمام هذه المحكمة، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول
من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ لم يفطن الحكم
الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أشخاص الملتزمين بالمديونية فإنه على الرغم
من انتهاء الوصاية عن الطاعن الثاني منذ سنة 2009 لم تأمر المحكمة باختصامه لشخصه
مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن
من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه إذا كان سبب النعي متعلقا بدفاع يخالطه واقع
لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ولم تكن عناصره الموضوعية مطروحة عليها فإنه
يعتبر سببا جديدا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من
الأوراق أنها قد خلت مما يفيد سبق التمسك بانتهاء الوصاية عن الطاعن الثاني ومن ثم
فإن النعي يضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول
من السبب السابع والسبب الثامن من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم
المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة رفض طلب الطاعن الأول بتوجيه اليمين الحاسمة
لممثل البنك المطعون ضده دون بحث الغاية منها وهي براءة الذمة من المديونية
لسدادها وبأن السند الإذني المطالب به حرر ضمانا لتلك المديونية وأنه وقعه على
بياض وإذ رفض الحكم طلب توجيه اليمين الحاسمة ولم يعمل سلطته في بحث عناصر الدعوى
وأوجه الطعن على سند المديونية فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن
لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات
المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه دون حاجة
إلى تتبع كل حجة للخصوم والرد عليها استقلالا وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب
سائغة تكفي لحمله، كما أنه من المقرر أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي فصلت
في الدعوى على مقتضى المستندات المقدمة إليها وأنها غير ملزمة بأن تكلف الخصوم
بتقديم أدلة دفاعهم أو تلفت نظرهم إلى مقتضياته وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي
لحمله من الأدلة والمستندات المطروحة عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
وفي نطاق سلطته في تقدير أدلة الدعوى وفهم الواقع فيها قد خلص إلى أن القصد من طلب
توجيه اليمين الحاسمة إلى ممثل البنك المطعون ضده هو إطالة أمد التقاضي بعد أن
استظهر ثبوت المديونية بموجب السند الإذني محل النزاع وكان ما انتهى إليه سائغا
وله أصله الثابت بالأوراق ولا ينال من ذلك ما أورده الطاعنان بسبب النعي بشأن سداد
المديونية وبأن السند الإذني محل المطالبة حرر ضمانا لها وأن التوقيع تم على بياض
فهو دفاع جديد لم يثبت سبق التمسك به أمام محكمة الموضوع بدرجتيها فضلا عن أن
الأوراق خلت من الدليل عليه، ومن ثم يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الأول
والثاني والوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ
قضى بتأييد حكم أول درجة رغم صدوره في خصومة منعدمة لوفاة السيدة/ ...... بتاريخ 20/10/2011 قبل رفع الدعوى المبتدأة والتي اختصمت فيها عن نفسها وبصفتها
وصية على أولادها القصر دون بيان أسمائهم رغم انتهاء تلك الوصاية بالوفاة ودون أن
يقوم البنك المطعون ضده الأول عند تصحيح شكل الدعوى بإدخال هؤلاء القصر الذين تم
اختصامهم ابتداء في شخص المتوفاة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن من
المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء فلا
تنعقد أصلا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة لا ترتب أثرا
ولا يصححها إجراء لاحق وعلى من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة
أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى
الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد أقامها البنك المطعون ضده الأول بعد رفض أمر
الأداء الذي تقدم به بتاريخ 20/5/2012 قبل الشركة المطعون ضدها الثانية والطاعن
الأول عن نفسه والمدعوة/ ........ عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم/
....... بطلب الحكم بإلزامهم بأداء قيمة السند الإذني المؤرخ 15/7/2009 رغم أن
السيدة/ ........... كانت متوفاة من 20/10/2011 قبل البدء في اتخاذ إجراءات
المطالبة القضائية وذلك حسب الثابت بالصورة الرسمية من قرار الوصاية الصادر بجلسة
16/11/2011 المرفق بالأوراق، ومن ثم باتت الخصومة معدومة بالنسبة لها ولا يترتب
على إيداع صحيفة الدعوى أي أثر ولا يصححها إجراء لاحق ويكون تصحيح شكل الدعوى
باختصام ورثتها عديم الأثر لوروده على غير محل إذ ليس من شأنه تصحيح الخصومة
المعدومة، وكان حقا على الحكم المطعون فيه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبانعدام
الخصومة بالنسبة للمتوفاة سالفة الذكر والقصر الذين كانوا في وصايتها وإذ تنكب هذا
السبيل فإنه يكون معيبا مما يوجب نقضه جزئيا لهذا السبب بالنسبة للطاعنين بصفتهما
ورثة/ ........ .
وحيث إنه عن الموضوع- في حدود ما تم
نقضه- بالنسبة للطاعنين بصفتهما ورثة المرحومة/ ........ فإنه يتعين إلغاء الحكم
المستأنف وبانعدام الخصومة بالنسبة لهما بصفتهما سالفة الذكر وتأييده فيما عدا ذلك
في خصوص قضائه بإلزام الطاعن الأول بشخصه والشركة المطعون ضدها الثانية بأداء
المبلغ المحكوم به وفوائده للبنك المطعون ضده الأول ذلك أن نقض الحكم- على نحو ما
سلف- كان بسبب خاص بالخصم المتوفى ولا تنتهي به الخصومة إلا بالنسبة لورثته دون باقي
الخصوم- سائر المدينين المتضامنين- الطاعن الأول بشخصه والشركة المطعون ضدها
الثانية ذلك أن كلا منهما يظل ملتزما قبل البنك الدائن- المطعون ضده الأول- بالدين
كله طبقا لحكم المادة 285 من القانون المدني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق