جلسة 25 من مارس سنة 1965
برياسة السيد الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
---------------
(61)
الطعن رقم 276 لسنة 30 القضائية
(أ) تركة. وارث. "تمثيل الوارث لباقي الورثة". تجزئة. "أحوال عدم التجزئة".
انفصال التركة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة. للدائنين عليها حق عيني تبعي بمعنى أنهم يتقاضون ديونهم منها قبل أن يؤول شيء منها للورثة. دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة، عدم قابليته للتجزئة، يكفي أن يبديه بعض الورثة ليستفيد منه البعض الآخر. مثال.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص العلم بالتصرف".
استخلاص العلم بالتصرف. مسألة موضوعية. خروجها عن رقابة محكمة النقض ما دام القاضي لم يعتمد على واقعة بغير سند لها في الأوراق أو يستخلص من الوقائع نتيجة غير مقبولة.
(جـ) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
عدم تمسك الطاعن بقيام المانع الأدبي أمام محكمة الموضوع. امتناع التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.
(د) نقض. "إجراءات الطعن". "التقرير بالطعن". "إبداء أسباب الطعن". نظام عام.
وجوب بيان جميع أسباب الطعن في التقرير. حظر التمسك بأي سبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت في التقرير. حظر عام يشمل ما يقدم منها في ميعاد الطعن أو بعد انقضائه. خروج الأسباب المتعلقة بالنظام العام من دائرة الحظر. جواز تقديمها في أي وقت.
(هـ) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تقرير التلخيص". استئناف. "طريقة رفعه". "نظر الاستئناف أمام المحكمة".
وضع تقرير تلخيص وتلاوته قبل بدء المرافعة. وجوبه في الدعاوى التي تعرض على التحضير دون تلك التي تقدم مباشرة إلى المحكمة. النص على نظر دعوى الاعتراض على قائمة شروط البيع على وجه السرعة. لازمه وجوب تقديمها مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على التحضير ورفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور. لا محل لوضع تقرير تلخيص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورثة الطاعنين المرحومة هانم محمد أبو الخير كانت قد أقامت الدعوى رقم 476 سنة 1955 كلي القاهرة على المطعون ضده وآخرين بصفتهم ورثة المرحوم سيد سيد أحمد طالبة الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لها من مال وتركة مورثهم المذكور مبلغ أربعة آلاف جنيه مستندة في ذلك إلى سند إذني تاريخه 25 نوفمبر سنة 1944 ويستحق السداد تحت الطلب وموقع عليه من هذا المورث بصفته مديناً - وقد طعن المطعون ضده في هذا السند بالتزوير وبتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الادعاء بالتزوير وبصحة السند المطعون فيه والمؤرخ 25 نوفمبر سنة 1944 وتغريم مدعي التزوير خمسة وعشرين جنيهاً وبإلزامه مع باقي ورثة المدين بأن يدفعوا من مال وتركة مورثهم مبلغ أربعة آلاف جنيه لورثة الدائنة (الطاعنين) الذين حلوا محلها في الدعوى بعد وفاتها - وقد استأنف المحكوم عليهم - المطعون ضده وباقي ورثة المدين - هذا الحكم بالاستئناف رقم 1154 سنة 74 ق القاهرة وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1958 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف - بعد ذلك اتخذ الطاعنون بمقتضى هذين الحكمين إجراءات التنفيذ الجبري ضد ورثة مدينهم على 17 ف و18 ط و23 س مملوكة له فأعلنوا هؤلاء الورثة ومن بينهم المطعون ضده بتنبيه بنزع ملكية هذا القدر إذا لم يوفوا الدين ثم سجلوا هذا التنبيه في 29 يناير سنة 1959 وقاموا بإيداع قائمة شروط البيع في 7 مايو سنة 1959 وبعد أن أخبر ورثة المدين بهذا الإيداع قرر المطعون ضده بتاريخ 11 يونيه سنة 1959 في قلم كتاب محكمة بنها الابتدائية التي كان يجرى التنفيذ في دائرتها بالاعتراض على قائمة شروط البيع وبنى اعتراضه على ما يأتي (1) بطلان إجراءات التنفيذ نتيجة بطلان ورقة التنبيه لخلوها من بيان تاريخ إعلان السند التنفيذي ومساحة أحد العقارات المنفذ عليها واسم الحوض الواقع فيه هذا العقار (2) عدم جواز التنفيذ على جميع الأطيان المنفذ عليها بسبب أن منها 14 ف و17 ط و19 س كان قد وقفها المدين في سنة 1945 على نفسه أثناء حياته ومن بعده على آخرين عينهم في كتاب وقفه ولما ألغى الوقف بالمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 آلت ملكية هذا القدر إليه ثم تلقاها ميراثاً عنه المطعون ضده وباقي ورثته وأنه طبقاً للمادة 5 مكرراً من ذلك القانون لا يجوز التنفيذ على هذه الأطيان التي كانت وقفاً لدين سابق على العمل بأحكامه - وأنه بعد استبعاد هذا القدر من الأطيان المنفذ عليها يصير الباقي والذي لا يملك المدين سواه هو 3 ف 1 ط 4 س وإذ كان هذا المدين زارعاً فإنه لا يجوز أيضاً التنفيذ على هذا الباقي طبقاً للقانون 513 لسنة 1953 بعدم جواز التنفيذ على الملكية الزراعية في حدود خمسة أفدنة (3) أن الأطيان المنفذ عليها مثقلة بحجزين عقاريين أوقعتهما مصلحة الضرائب قبل تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية وأنه لذلك لا يجوز للطاعنين المضي في الإجراءات على سبيل التعدد عملاً بالمادة 614 مرافعات - وانتهى المعترض إلى طلب الحكم أصلياً ببطلان إجراءات التنفيذ واحتياطياً بعدم جواز اتخاذ هذه الإجراءات - وقد قيدت دعوى الاعتراض برقم 158 سنة 1959 وبتاريخ 4 فبراير سنة 1960 حكمت محكمة بنها الابتدائية بقبول الاعتراضات شكلاً وبرفضها موضوعاً والاستمرار في التنفيذ فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 304 سنة 77 ق وبتاريخ 28 من إبريل سنة 1960 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع. أولاً - بإلغاء الحكم المستأنف والأمر بوقف التنفيذ الجبري على الأطيان التي كانت وقفاً ومقدارها 14 ف و17 ط و19 س. ثانياً - برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وألزمت كل طرف بنصف المصاريف عن الدرجتين وبتاريخ 24 مايو سنة 1960 قرر الطاعنون في قلم كتاب هذه المحكمة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وأوردوا في التقرير ثلاثة أسباب للطعن ثم عادوا بتاريخ 28 من الشهر المذكور وأودعوا قلم الكتاب ما أسموه ملحقاً لأسباب الطعن أضافوا فيه سببين آخرين - وقدمت النيابة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى عدم قبول السببين الواردين في هذا الملحق ورفض الطعن بالنسبة لباقي الأسباب وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 8 من فبراير سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صمم الطاعنون على طلباتهم وانضم المطعون ضده إلى النيابة في رأيها السابق وتمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مبنى السبب الأول من أسباب الطعن الواردة في التقرير أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه على الرغم من أن الاعتراض على قائمة شروط البيع قدم من المطعون ضده وحده دون باقي ورثة المدين الذين اتخذت إجراءات التنفيذ ضدهم فإن الحكم المطعون فيه قضى بوقف التنفيذ بالنسبة لجميع أطيان المدين التي كانت وقفاً بما فيها نصيب باقي ورثته الذين مضى ميعاد الاعتراض بالنسبة لهم دون أن يبدوا اعتراضاً ما على إجراءات التنفيذ المتخذة ضدهم مع أنه لو صح نظر الحكم في عدم جواز التنفيذ على أطيان المدين التي كانت وقفاً فإن اعتراض المطعون ضده على إجراءات التنفيذ المتخذة على هذه الأطيان لا يمكن أن يتعدى حصته الميراثية فيها وبالتالي فلا يترتب على قبوله سوى وقف التنفيذ بالنسبة لهذه الحصة أما ما عداها مما هو مملوك لباقي الورثة فإن إجراءات التنفيذ بما فيها تنبيه نزع الملكية وقائمة شروط البيع أصبحت نهائية بالنسبة لها لعدم الاعتراض عليها من هؤلاء الورثة في الميعاد المحدد للاعتراض ولعدم تدخلهم في الدعوى أثناء نظر الاعتراض المقدم من المطعون ضده ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف التنفيذ على حصتهم في الأطيان التي كانت موقوفة قد أخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الوقائع المتقدم ذكرها أن مورثة الطاعنين رفعت الدعوى بدينها طالبة الحكم لها به على تركة مدينها (مورث المطعون ضده) ممثلة في أشخاص ورثته ولم تطلب الحكم على كل واحد منهم بحصته التي تلزمه في هذا الدين ولما حكم لورثتها الطاعنين بهذا الدين على التركة اتخذوا بمقتضى هذا الحكم إجراءات التنفيذ على أعيانها جملة وبلا تجزئة لنصيب كل وارث فيها ووجهوا تلك الإجراءات إلى الورثة ومنهم المطعون ضده بوصفهم ممثلين للتركة ولم يوجهوها إليهم على اعتبار أن كلاً منهم مالك لنصيب محدد في الأعيان المنفذ عليها - وكان المطعون ضده حين طعن في إجراءات التنفيذ بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع لم يقصر اعتراضه على الإجراءات المتخذة على نصيبه الميراثي في الأطيان المنفذ عليها بل جعل اعتراضه شاملاً لعموم أعيان التركة المنفذ عليها وطلب إبطال الإجراءات المتخذة عليها جميعاً بما في ذلك أنصباء شركائه فيها - لما كان ذلك، فإن المطعون ضده في إبدائه لهذا الاعتراض لم يكن يعمل لمصلحة نفسه وفي حدود نصيبه وإنما لمصلحة عموم التركة كنائب شرعي عنها وقائم في الخصومة مقامها ومقام باقي الورثة ومن ثم فإنهم يفيدون من اعتراضه ذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة وللدائنين عليها حق عيني تبعي بمعنى أنهم يتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة وبصرف النظر عن نصيب كل منهم فيها، وإذ كانت القاعدة أن الحق العيني التبعي لا يقبل التجزئة فإنه على هذا الاعتبار يكون دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة أيضاً ويكفي أن يبديه البعض ليفيد منه باقي الورثة متى وضح أن مقصود من أبداه لم يكن هو الدفاع عن نصيبه المحدد في التركة وإنما الدفاع عن عموم التركة كنائب شرعي عنها - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون بقضائه بوقف التنفيذ على جميع أطيان التركة التي كانت موقوفة وانتهى فيها الوقف بالمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 وذلك على أساس أنها تتمتع بالحصانة المقررة في المادة الخامسة مكرراً من هذا المرسوم بقانون بالنسبة للديون السابقة على تاريخ العمل به ومنها دين مورثة الطاعنين المحرر سنده في 25 من نوفمبر سنة 1944 ومن ثم يكون النعي على الحكم بمخالفة القانون في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث الواردين في التقرير الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ومخالفة قواعد الإثبات وفي بيان ذلك يقولون إن هذا الحكم استند فيما قرره من سقوط حقهم في طلب إبطال وقف الأطيان التي قضي بوقف التنفيذ عليها على أن مورثتهم قد علمت بهذا الوقف وانقضت على هذا العلم المدة المسقطة لدعوى الإبطال بالتقادم وقد افترض الحكم تحقق هذا العلم من مجرد أن المورثة كانت مستحقة في هذا الوقف وأضاف إلى ذلك أن أحداً من الطاعنين لم يدع عدم علم مورثتهم به - هذا في حين أن العلم الذي يترتب عليه سقوط حق ما لا يجوز افتراضه بل يجب أن يثبت بصفة قاطعة ومجرد كون مورثة الطاعنين مستحقة في الوقف لا يقطع بذاته بأنها علمت به وقت صدوره إذ كثيراً ما يخفي الواقف أمر الوقف فلا يعلم به المستحقون إلا بعد وفاته وظهور الاستحقاق لهم فيه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ افترض علم الورثة بالوقف دون إقامة الدليل على هذا العلم وبيان تاريخه يكون قاصر التسبيب أما ما عزاه إلى الطاعنين من عدم إنكارهم ذلك العلم فإنه يخالف الواقع الثابت بالأوراق لأنهم أنكروا صراحة في المذكرتين المقدمتين منهما إلى محكمة الاستئناف في 31 مارس و28 إبريل سنة 1960 علمهم وعلم مورثهم بالوقف هذا إلى أن الحكم باعتماده على أقوالهم في إثبات العلم قد خالف قواعد الإثبات التي تقضي بأن عبء إثبات واقعة العلم يقع على عاتق المطعون ضده باعتباره مقدم الدفع بالتقادم المسقط وبالتالي فقد كان على محكمة الموضوع تكليفه بهذا الإثبات - ويضيف الطاعنون إلى ما تقدم أنهم أشاروا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف إلى قيام مانع أدبي بين مورثتهم وبين الواقف وهو عمها - يحول دون مطالبتها إياه بحقها ومن ثم يقطع التقادم وقد أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع مما يجعله قاصراً في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إنه ورد بأسباب الحكم المطعون فيه في خصوص سقوط حق الطاعنين في الدفع ببطلان ما يأتي "وقد تمسك المستأنف (المطعون ضده) في مذكرته بالسبب الثالث وقال إن الأطيان التي كانت وقفاً مساحتها 14 ف و17 ط و19 س وأن حق المستأنف ضدهم (الطاعنين) في الطعن على هذا الوقف إن كان له أساس فقد سقط بمضي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 243 مدني وأن مورثة المستأنف ضدهم تعلم بالوقف لأنها مستحقة فيه. وحيث إن المستأنف ضدهم طلبوا رفض الاعتراضات وتأييد الحكم المستأنف للأسباب الواردة في مذكرتهم وهي تؤيد الأسباب التي بني عليها هذا الحكم وقالوا إن الدفع بالسقوط طبقاً للمادة 243 مدني لا محل له لأن المادة 53 مدني قديم وهي المنطبقة وأن الدفع بالبطلان لا يسقط إلا بمضي 15 سنة طبقاً لأحكام القانون القديم - وحيث إنه من المتفق عليه أن المادتين 237 و238 من القانون المدني الجديد يشتملان على الحكم الذي كانت تتضمنه المادة 53 من القانون القديم وقد سلم المستأنف ضدهم بذلك في مذكرتهم المقدمة لجلسة 31 مارس سنة 1960 أمام هذه المحكمة - وحيث إنه طبقاً للمادة 243 مدني يسقط الحق في طلب البطلان بمضي ثلاث سنوات من تاريخ علم المدعي بسبب البطلان. وحيث إنه طبقاً للمادة 8 مدني يسري التقادم بالمدة الجديدة ابتداء من تاريخ سريان القانون الجديد أي من 15/ 10/ 1949 لأن المدة أقصر مما كانت في القانون القديم - وحيث إن علم المستأنف ضدهم ومورثيهم بالوقف ثابت من أن المورثة كانت مستحقة في الوقف ولم يدع أحد منهم بعدم العلم - وحيث إن الطعن بالبطلان على فرض جواز إبدائه بصفة دفع في الدعوى لم يثر قبل مضي الثلاث سنوات المذكورة والتي تبدأ في 15/ 10/ 1949 وحيث إنه لذلك يكون هذا الاعتراض في محله ويتعين الحكم بعدم جواز التنفيذ على الأطيان التي كانت وقفاً" ويبين من ذلك أن الحكم - خلافاً لما يدعيه الطاعنون - لم يفترض علم مورثة الطاعنين بالوقف عند صدوره بل إنه أقام الدليل عليه بأن هذه المورثة صاحبة استحقاق في هذا الوقف ولا يمكن لذلك أن تجهل أمره و أضاف الحكم إلى ذلك أن الطاعنين أنفسهم لم ينكروا علم مورثتهم بالوقف - ولما كان استخلاص العلم بتصرف ما هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك ما دام لم يعتمد على واقعة بغير سند لها في الأوراق أو يستخلص من الوقائع نتيجة غير مقبولة عقلاً - وكان استخلاص محكمة الاستئناف علم مورثة الطاعنين بالوقف عند صدوره من أنها مستحقة فيه هو استخلاص سائغ من واقعة تؤدي إليه كما أنه ليس في تدليل الحكم على العلم على هذا النحو مخالفة لقواعد الإثبات كما يزعم الطاعنون لأن المحكمة لا تكلف الخصم بإثبات واقعة متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لإقناعها بها - لما كان ذلك، وكان كل ما قدمه الطاعنون لمحكمة النقض للتدليل على صحة ما نعوه على الحكم المطعون فيه من خطأ في الإسناد في خصوص ما عزاه إليهم من عدم إنكارهم علم مورثتهم بالوقف هو صورة رسمية للمذكرة المقدمة منهم إلى محكم الاستئناف لجلسة 28 من إبريل سنة 1960 وهذه المذكرة لا يتوافر بها الدليل على صحة نفيهم هذا ذلك أنه فضلاً عن أنها لا تحوي إنكاراً صريحاً من الطاعنين لعلم مورثتهم بالوقف بعد صدوره فإن الطاعنين قد أشاروا في تقرير الطعن إلى مذكرة أخرى مقدمة منهم لجلسة 31/ 3/ 1960 كما أشار الحكم في أسبابه إلى مذكرة ثالثة مقدمة منهم في 31/ 3/ 1960 ولم يقدم الطاعنان لمحكمة النقض صورة من هاتين المذكرتين أو مما عسى أن يكونوا قد قدموه من مذكرات أخرى لمحكمة الاستئناف الأمر الذي يبقى معه قول الحكم بعدم إنكار الطاعنين علم مورثتهم بالوقف غير منقوض وذلك لاحتمال أن يكون الحكم قد استمد هذه الواقعة التي أسندها إلى الطاعنين مما ورد في مذكراتهم الأخرى ومحاضر الجلسات التي لم يقدموا صوراً منها لهذه المحكمة ومن ثم يكون نعيهم على الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا الخصوص عارياً عن الدليل كذلك فإن نعيهم عليه بالقصور لإغفاله الرد على المانع الأدبي الذي يقولون بأنهم تمسكوا به هذا النعي عار أيضاً عن الدليل لعدم تقديمهم لمحكمة النقض ما يفيد سبق تمسكهم بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وخلو الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي ومذكرتهم التي قدموا صورتها مما يشير إلى حصول هذا التمسك وما دام لم يثبت أنهم أبدوا هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لهم التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.
وحيث إن السببين اللذين أبداهما الطاعنون في المذكرة التي أودعوها قلم الكتاب في 28/ 5/ 1960 وعنونوها بأنها "ملحق لأسباب الطعن" هذين السببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان لإغفال الهيئة التي أصدرته وضع تقرير تلخيص في القضية وتلاوة هذا التقرير قبل بدء المرافعة ويتحصل السبب الآخر في أن الحكم قد أخطأ في القانون وتخاذلت أسبابه ذلك أنه أورد في بياناته في معرض سرد دفاع المستأنف - المطعون ضده - أنه ذكر أن السند المثبت للدين وإن كان يحمل سنة 1944 إلا أنه في الواقع لم يكتب إلا بعد صدور قانون إلغاء الوقف وذلك بقصد أن يحل هذا الدين محل الاستحقاق في الوقف الذي حرمت منه مورثة الطاعنين نتيجة صدور ذلك القانون إلا أن الحكم مع تسجيله لهذا الذي قال به المطعون ضده قد اعتبر أن أعيان مورث المطعون ضده التي كانت وقفاً تتمتع بالحصانة المقررة في المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف الأهلي مخالفاً بذلك ما تقضي به هذه المادة من أن الحظر من التنفيذ الوارد بها مقصور على الديون السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون أما الديون التي نشأت بعد هذا التاريخ ومنها دين مورثة الطاعنين حسب إقرار المطعون ضده آنف الذكر الذي سجله الحكم في أسبابه فإنه يخرج عن نطاق تطبيق المادة الخامسة مكرراً المشار إليها ويجوز بالتالي اتخاذ إجراءات التنفيذ وفاء لها على عقارات المدين - مورث المطعون ضده التي كانت وقفاً فيما مضى.
وحيث إن النيابة العامة والمطعون ضده دفعا بعدم قبول هذين السببين لعدم إبدائها في تقرير الطعن.
وحيث إن القانون رقم 47 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الذي يحكم هذا الطعن نص في المادة السابعة على أن "يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب ويشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم - على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان بالأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن، فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه حكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه - ولا يجوز التمسك بعد ذلك بسبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت في التقرير ومع ذلك فالأسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت. وللمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها". ومفاد ذلك أن المشرع رسم طريقاً خاصاً لإبداء أسباب الطعن وحظر إبداءها بغير هذا الطريق فأوجب على الطاعن أن يبين جميع الأسباب التي يبني عليها طعنه في التقرير الذي يحرره ويوقع عليه الموظف المختص بقلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وحظر المشرع التمسك بعد حصول هذا التقرير بأي سبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت فيه وهذا الحظر عام مطلق بحيث يشمل ما يقدم من هذه الأسباب في ميعاد الطعن أو بعد انقضائه ولم يستثن القانون من ذلك سوى الأسباب المتعلقة بالنظام العام فأجاز تقديمها في أي وقت - لما كان هذا هو حكم القانون وكان السبب الثاني الذي أبداه الطاعن في المذكرة التي أودعها قلم كتاب هذه المحكمة بعد تحرير التقرير بأربعة أيام وعنونها بأنها "ملحق لأسباب الطعن" هذا السبب كما يبين من شرحه المتقدم الذكر غير متعلق بالنظام العام فإنه يكون غير مقبول أما السبب الأول الوارد في تلك المذكرة فإنه إذ كان مبناه بطلان الحكم المترتب على مخالفة ما توجبه المادتان 407 مكرراً (2)، 408 من قانون المرافعات على المحكمة الاستئنافية من وضع تقرير تلخيص في القضية وتلاوة هذا التقرير قبل بدء المرافعة وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إغفال أحد هذين الإجراءين في الدعاوى التي يجب إجراؤهما فيه يترتب عليه بطلان متعلق بالنظام العام فإن هذا السبب يجوز إبداؤه في أي وقت ويتعين لذلك مناقشته.
وحيث إن المشرع حين كان قبل صدور القانون رقم 100 لسنة 1962 يستلزم وضع تقرير تلخيص وتلاوته قبل بدء المرافعة، فإنما كان يستلزم ذلك في الدعاوى التي تعرض على التحضير أما الدعاوى التي كانت تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على التحضير فلم يكن يتطلب فيها هذا الإجراء - ولما كانت المادة 647 من قانون المرافعات تنص على أن تفصل المحكمة على وجه السرعة في الاعتراضات على قائمة شروط البيع فإن دعوى الاعتراض كانت بحسب المادة 118 من قانون المرافعات تقدم إلى المحكمة مباشرة دون عرضها على التحضير ويرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور عملاً بحكم المادة 405 من هذا القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 264 لسنة 1953 - وهو ما التزمه المطعون ضده عند رفعه الاستئناف الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه - ومن ثم فلم يمر هذا الاستئناف في مرحلة التحضير وبالتالي فلم يكن على محكمة الاستئناف أن تضع تقرير تلخيص.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.
(1) نقض 19/ 11/ 1960 الطعن 451 س 29 ق السنة 51 ص 1050.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق