جلسة 25 من مارس سنة 1965
برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.
----------------
(60)
الطعن رقم 216 لسنة 30 القضائية
تأمين. "التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات". مسئولية.
النص في وثيقة التأمين على التزام المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة، وسريان هذا الالتزام لصالح الركاب من حوادث سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون 449 لسنة 1955، ولا يغطي التأمين المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق زوج قائد السيارة وأبويه وأبنائه ولا يشمل التأمين عمال السيارة. مؤداه أن التأمين من المسئولية المدنية حينما تكون السيارة المؤمن عليها سيارة نقل لا يفيد منه إلا الراكبين المسموح بركوبهما دون غيرهما فلا يشمل قائد السيارة لأنه من عمالها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مبروك وأحمد ومحمد أقامت على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 183 سنة 1957 أمام محكمة الجيزة الابتدائية طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين بدفع مبلغ 605 ج قائلة في تبيان دعواها إن زوجها ومورثها المرحوم حسني بركات سعيد كان يعمل قائداً لإحدى سيارات النقل التابعة لمصنع الطوب المملوك للمطعون ضده الثاني وقد حدث في صباح أول أكتوبر سنة 1950 أن كان المورث المذكور ينقل كمية من الطوب بالسيارة وأثناء سيره قابلته سيارة نقل أخرى يقودها أحد الأشخاص فجنح المورث بسيارته إلى اليمين لمفاداة السيارة المقابلة، وإذ كان الضباب في ذلك الوقت كثيفاً يحجب الرؤية فقد سقطت به السيارة في النيل وغرق وحرر عن ذلك المحضر رقم 788 سنة 1957 جنح إمبابة وقيد بالمادة 238 من قانون العقوبات ضد مجهول لأنه في يوم أول أكتوبر سنة 1956 بدائرة مركز إمبابة تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل حسني بركات (المورث) وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفة القوانين واللوائح بأن قاد سيارة نقل بسرعة زائدة وبكيفية خطرة رغم عدم وضوح الطريق بسبب الضباب ولم يهدئ من سرعتها عندما تقابل بسيارته مع السيارة التي كان يقودها المجني عليه رغم عدم اتساع الطريق لمرور سيارتين بالسرعة التي كان يسير بها مما اضطر المجني عليه إلى الانحراف بسيارته تجاه الجانب الأيمن من الطريق فسقط بسيارته في النيل وغرق - ولما كان القانون يلزم رب العمل بأداء تعويض يعادل أجرة ألف يوم بحيث لا يزيد على ستمائة جنيه يضاف إليه مصروفات الجنازة وقدرها خمسة جنيهات وكان المطعون ضده الثاني مؤمناً لدى الشركة الطاعنة بشأن إصابات عمال مصنعه فإن المطعون ضدها الأولى رفعت هذه الدعوى طالبة الحكم بالطلبات المشار إليها - ومحكمة الجيزة الابتدائية قضت في 24/ 6/ 1958 بإلزام المدعى عليهما (المطعون ضده الثاني والشركة الطاعنة) بأن يدفعا متضامنين إلى المدعية عن نفسها وبصفتها مبلغ ستمائة وخمسة جنيهات تأسيساً على أن مورث المطعون ضدها الأولى قد أصيب أثناء تأدية عمله وبسبب العمل إصابة أدت إلى وفاته فيستحق ورثته تعويضاً عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل وعلى ما ثبت من تحقيقات النيابة من أن حوادث السيارة التي كان يعمل عليها المورث كان مؤمناً عليها لدى الشركة الطاعنة مما يستوجب أن تكون الشركة الطاعنة مسئولة بالتضامن مع رب العمل طبقاً لنص المادة التاسعة من القانون المشار إليه رفعت الشركة الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 1049 سنة 75 ق. ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 20/ 3/ 1960 بتأييد الحكم المستأنف طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً حتى يفصل في الطعن ثم قررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تفسير وثيقة التأمين المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه ذهب في تفسير الشرط الأول من وثيقة التأمين إلى أن قائد السيارة يشمله التأمين باعتباره أحد ركابها وأنه بذلك لا يندرج ضمن عمال السيارة الذين استثنتهم الوثيقة من التأمين مع أن قائد السيارة يعتبر من عمال السيارة الذين لا يفيدون من التأمين حسبما هو صريح شرط الوثيقة المشار إليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين اعتبر قائد السيارة من غير عمالها وأنه بذلك لا يفيد من التأمين بنى ذلك على قوله "وحيث إن المادة الأولى من البوليصة نصت صراحة على سريان الالتزام لصالح الغير في حوادث السيارات أياً كان نوعها ولصالح الركاب في حوادث السيارات التي عددتها الفقرات أ، ب، جـ، د، هـ ولما كان قائد السيارة من ركابها فإنه ينتفع دون شك بالتأمين ولا يمكن أن ينصرف واضع الشروط إلى حرمانه - كما لا ينصرف لفظ عمال السيارة إلى قائدها ذلك أن عمال السيارة هم الذين يقومون بصيانتها وحراستها. أما قائد السيارة فقد يكون المؤمن له نفسه أو أي شخص آخر حاصل على ترخيص بالقيادة وطالما أن المؤمن له الحق في أن ينتفع بالتأمين إذا كان يقود السيارة فإن أي قائد آخر خلافه له هذا الحق لأنه من ركابها وينطبق عليه النص - كما أن عمال السيارة أنفسهم إذا كانوا من ركابها وقت الحادث كان لهم ولورثتهم الحق في الانتفاع بالتأمين أخذاً بنية واضع اللائحة وقواعد العدالة - ومما يؤكد هذا النظر أنه مذكور في فقرات المادة الأولى من شروط البوليصة أن التأمين لا يغطي المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة تلحق زوج قائد السيارة وأبويه وأبنائه وقت الحادث إذا كانوا من غير ركابها أياً كانت السيارة أو كانوا من ركاب السيارات الواردة بالفقرة "أ" (السيارات الأجرة وتحت الطلب ونقل الموتى) ومن ذلك يفهم أن قائد السيارة لم يكن محروماً من التأمين إنما شمل الحرمان زوجه وأبويه وأبناءه بشرط ألا يكونوا من ركاب السيارة أو كانوا من ركاب السيارة في الفقرة "أ" لا سيما وأن البوليصة إنما تستثني من التأمين عمال السيارة المبينة بياناتها فيها وليس قائد السيارة من هؤلاء العمال لعدم اشتمال تلك البيانات المتقدمة في البوليصة على ذكره مما يقطع في أن العقد لم يعتبره من عمال السيارة كما أنه إذا كان ركاب نقل البضائع هم السائق والعاملان المصرح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون رقم 449 لسنة 1955 دون سواهم وإذا كان لهذين العاملين الحق في التمتع بالتأمين فإن قائد السيارة لا يحرم منه إذ هو من ركابها ومصرح له بالقيادة" ولما كان نص الشرط الأول من وثيقة التأمين المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 سنة 1955 والصادر تنفيذاً للمادة الثانية من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات قد جرى على النحو الآتي... "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع في جمهورية مصر من السيارة المثبتة بياناتها في هذه الوثيقة وذلك عن مدة سريانها - ويسري هذا الالتزام لصالح الغير من حوادث السيارات أياً كان نوعها ولصالح الركاب أيضاً من حوادث السيارات الآتية ( أ )... (ب)... (جـ)... (د)... (هـ) سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة هـ من المادة 16 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ما لم يشملهما التأمين المنصوص عليه في القوانين رقم 86 لسنة 1942 و89 لسنة 1950 و117 لسنة 1950 ولا يغطي التأمين المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق زوج قائد السيارة وأبويه وأبناءه ويعتبر الشخص راكباً سواء أكان في داخل السيارة أو صاعداً إليها أو نازلاً منها - ولا يشمل التأمين عمال السيارة المبينة بياناتها في هذه الوثيقة". ويبين من هذا الشرط أن التأمين من المسئولية المدنية حينما تكون السيارة المؤمن عليها سيارة نقل - لا يفيد منه إلا الراكبان المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة السادسة عشرة من القانون رقم 449 لسنة 1955 دون غيرهما فلا يشمل قائد السيارة نزولاً على حكم دلالة اللفظ الواضحة وإعمالاً لحكم الاستثناء الوارد في نهاية الشرط من أن التأمين لا يشمل عمال السيارة إذ ما من شك أن قائد السيارة يعتبر من عمالها - وليس بصحيح ما جاء بالحكم المطعون فيه من أن عدم ورود قائد السيارة بين من حرمهم شرط الوثيقة من التأمين من زوج وأب وابن من مقتضاه إفادة قائد السيارة من التأمين ذلك أن الحرمان من التأمين إذا كان قد شمل الزوج والأب والابن بحكم صلتهم بقائد السيارة فإن الحرمان من باب أولى يشمل قائد السيارة الموصول به - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر قائد سيارة النقل من بين ركابها الذين يفيدون من التأمين وأنه لا يندرج تحت عمال السيارة المستثنين من هذا التأمين يكون قد مسخ الشرط الوارد في وثيقة التأمين وأخطأ في تأويل المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 والمادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإن مورث المطعون ضدها الأولى لا يفيد من التأمين ومن ثم تكون دعوى المطعون ضدها الأولى قبل الشركة الطاعنة لا أساس لها ويتعين رفض الدعوى قبلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق