الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 مارس 2023

الطعن 233 لسنة 22 ق جلسة 10/ 2/ 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 192 ص 513

جلسة 10 من فبراير سنة 1953

برياسة حضرة الأستاذ رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن ومحمود إبراهيم إسماعيل.

----------------

(192)
القضية رقم 233 سنة 22 القضائية

(أ) تزوير في أوراق رسمية. 

اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده فقط من القوانين واللوائح بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه .

رسمية المحرر. يستندها من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره, أو بالنظر إلى البيانات التي تدرج به ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها.
(ب) حكم. تسبيبه. 

استعمال ورقة مزورة. نفي المحكمة حصول تزوير فيها لا تثريب عليها إن لم تتحدث عن جريمة الاستعمال.

-----------------
1 - إذا كانت الواقعة المسندة إلى المتهمين (مهندس وكاتب ري الأقصر) هى أنهما حررا شهادتين إدارتين لاستبدال محضر إثبات الحالة الذي حرر أولا بتاريخ وصول رسالة البنزين ناقصة من مخزن ري قنا إلى هندسة الأقصر بهما ولتقوما مقامه في إجراءات التحري والخصم من العهدة, وأن المتهمين أثبتا بالشهادتين ما يفيد حصول العجز عن طريق التبخر بعد وصول البنزين إلى الأقصر على خلاف الحقيقة التي سبق إثباتها في محضر إثبات الحالة الأول من وصول عدد من صفائح البنزين إلى مخزن الأقصر وهى خالية منه وناقصة وذلك سترا للعجز الذي سبق أن لوحظ على البنزين عند وصوله, وكان إجراء التحري عن فقد الأصناف بالمخزن لمعرفة سببه من اختصاص أمينه أو الموظف التابع له بالمخزن طبقا للمادة 15 من لائحة المخازن المعمول بها وقت الحادث, وكان ما يثبته الموظف أثناء إجراء هذا التحري في محضر على خلاف الواقع الذي يعلمه يعتبر منه تغييرا للحقيقة في هذا المحرر, ولا عبرة بعد ذلك بأن نتيجة التحري لم تحرر على الاستمارة رقم 186 حسابات, وكان تفتيش الري وهو الجهة الرئيسية لهندسة الأقصر كان يطلب إليها بإشارات تليفونية لمناسبة الجرد السنوي إرسال الشهادات الإدارية من أربع صور موضح بها أسباب استهلاك البنزين المطلوب خصمه للنظر في اعتمادها - لما كان ذلك وكان اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فقط بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به, كما قد يستمد المحرر رسميته من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره أو بالنظر إلى البيانات التي تدرج به ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها, فإنه إذا كانت المحكمة لم تمحص هذه الواقعة ولم تبحث أمر ما أسند إلى المتهمين على الأسس المتقدمة ارتكانا على القول بأن الشهادة الإدارية لا تعتبر من الأوراق الرسمية لأن تحريرها غير داخل في أعمال وظيفة المتهمين, وأنه لا يخرج عن أن يكون دعوى من جانبهما بأن نقص البنزين كان عن طريق التبخر وأن الشهادة لا يمكن أن تتخذ مصدرا يعتمد عليه في إثبات النقص والتبخر وأنها لغو لا يتأدى به الواجب من التحري ولا قيمة لها من الوجهة القانونية, ولا يترتب على عدم الصدق فيها أي مسئولية جنائية. إذا اكتفت المحكمة بذلك وأسست عليه قضاءها بالبراءة, فإن حكمها يكون مبنيا على الخطأ في تطبيق القانون.
2 - لا تثريب على المحكمة إذا هى لم تتحدث في حكمها عن جريمة استعمال ورقة مزورة مادامت قد نفت التزوير فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم الأول: أولا: بصفته أمينا على الودائع "أمين مخزن تفتيش ري خامس قنا" تجاري على اختلاس الأخشاب والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والجدول المرفق والمملوكة للحكومة حالة كون هذه الأمتعة قد سلمت إليه بسبب وظيفته وذلك بأن نقل بعضها إلى منزله وإلى منزل المتهم الثاني وأخفى الناقص من عهدته "الوقائع الختامية بالجدول المرفق 4و5و9و10و11و21و22و29و33 وسائر الوقائع المبينة في ثانيا. وثانيا: ارتكب واحدا وثلاثين تزويرا في طلبات الصرف استمارة 111ع.ح و113 ع.ح ومستندات الإيراد 111ع.ح ودفتر العهدة 118ع.ح المبينة بالتحقيقات والجدول المرفق حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعله وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في خانة المنصرف المختص بتحريرها كميات تخالف الحقيقة "بالزيادة أو عدم صرفها أصلا كما ارتكب تزويرات مادية فيها وفي صورة محضر جرد مايو سنة 1946 استمارة 121ع.ح ملف 23 - 16/ 12 توريدات بأن أثبت بها بعض البيانات المزورة التي لا يدخل في اختصاصه إدراجها بها واصطنع بعضها بالشكل الذي تصدر به من الموظف المختص بتحريرها وذلك تغطية لجنايات الاختلاس السالف ذكرها وتوطئة لاختلاس ما لم يتم اختلاسه منها "الوقائع من 1 إلى 3, من 6 إلى 10, ومن 12 إلى 17, 19, 20, من 22 إلى 24, 28, من 30 إلى 32. وثالثا استعمل الأوراق الرسمية المزورة السالف ذكرها في ثانيا بأن صرف بمقتضاها الأصناف المدرجة بها وخصم بعضها بدفتر عهدته "من سنة 1945" وذلك مع علمه بتزويرها "الوقائع المبينة ثانيا". والثاني أولا: اشترك مع المتهم الأول في بعض جنايات الاختلاس السابق ذكرها في أولا المبينة بالجدول المرفق "المستند الثالث والتاسع بالمظروف الرابع من المستندات" بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة وذلك بأن اتفق معه وحرضه على اختلاسها وتسليمها له ولتابعيه ونقل بعضها إلى منزله وساعده بصفته مديرا للمخازن في الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكابها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة "الوقائع 4, 9, 10, 11, 18, 27, 29, 31, 32". وثانيا: بصفته مديرا للمخازن منوطا به حسابات انقاض القمانة وفرحانة والكرنك واستراحة ارمنت اختلس أخشاب الأرضية والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والجدول المرفق المملوكة للحكومة وذلك بأن أمر بهدم المباني المذكورة من غير موافقة الجهات المختصة كما عمد إلى عدم حصرها وتسليمها بمعرفة اللجنة المختصة واختلسها لنفسه "الواقعة 27". وثالثا: اشترك مع مرءوسيه الموظفين العموميين الحسني النية بطريق التحريض والمساعدة على اختلاس الكراسي وحوض الاستحمام "البانيو" وأدوات الكهرباء "الترانسفورمر" والماكينة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر وذلك بأن أمرهم بتسليمها إليه من عهدتهم بعد أن مهد لذلك بإجراءات تحايل بها على التعليمات ثم استولى عليها لنفسه فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة الواقعتين 294, ورابعا: اشترك مع ديمتري حنين فانوس وزكي وهبه الموظفين العموميين الحسني النية في تزوير طلب الصرف 192, 113ع.ح ومرفقاته بطريق التحريض والمساعدة وذلك بأن أصدر أمرا شفويا إليهما بإجراء تزوير معنوي في المحرر الرسمي المذكور حال تحريره المختص بوظيفتهما بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بإثبات أن الأخشاب قد صرفت لترميم كراسي, خلافا للحقيقة من عمل كراسي تحايلا وإخفاء لها فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة "الواقعة 4" وخامسا: زور في طلبات الصرف 793و796و792 استمارة 113ع.ح حال اعتمادها المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اعتمد صرف الأصناف المدرجة بها واستهلاكها مع علمه بأنه لم يسلم أو يستهلك منها إلا بعضها "الوقائع 7, 9, 10" وسادسا: ارتكب تزويرا ماديا في طلب الصرف 174 استمارة 111ع.ح بأن صحح رقم صنف الشكاير المنصرفة من 200 إلى 450 أكثر من الرقم الذي كانت مدرجة به تغطية لاختلاس الفرق بين الرقمين مع علمه بذلك "الواقعة 18" وسابعا: زور الشهادتين الإداريتين وصورها المبينة بالتحقيقات والجدول المرفق حال اعتماده المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اعتمدها وهو يعلم أنها تخالف الحقيقة المبينة في محضر إثبات الحالة المحرر عند وصول البنزين ناقصا من مخزن قنا إلى مخزن الأقصر كما اشترك بطريقي الاتفاق والتحريض مع المتهمين الثالث والرابع في تزوير الشهادتين المذكورتين بأن ابتكر لهما فكرة استعمالها تغطية لوصول البنزين ناقصا بالقدر المختلس المبين بالتحقيقات "الواقعة 22" وثامنا: اشترك مع أديب بقطر العمومي الحسن النية والمختص بتحرير وصرف استمارات السفر بطريق التحريض والمساعدة في إجراء تزوير في استمارات السفر الأربع المثبته بالتحقيقات حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وذلك بأن أثبت بها ضعف ما تستحقه عائلته فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك المساعدة, كما أجرى تزويرا معنويا في الاستمارة 811546 من دفتر عهدته حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعله الواقعة المزورة سالفة الذكر في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها كما استعمل ثلاثا من الاستمارات الخمس المزورة بأن قدمها إلى مكتب السكة الحديد المختص وصرفها مع علمه بتزويرها "الواقعة 25" وتاسعا: بصفته أمينا على دفتر الاستمارات المبينة بالفقرة الثانية من الوصف السابق في ثامنا اختلس الاستمارة 811546 المذكورة وهى من الأوراق الجارية مجرى النقود المسلمة إليه بسبب وظيفته لاستعمالها في الأعمال المصلحية فاختلسها لعائلته "الواقعة 25" وعاشرا: بصفته موظفا عموميا "وكل تفتيش" مكلفا بتنفيذ أمر تطهير مصرف سمهود على ذمة الحكومة استحصل بواسطة غشه على ربح لغيره تعود منه الخسارة على الحكومة وذلك بأن أصدر أمره بتطهير المصرف المذكور إلى المقاول عباس أبو طه دون أن يكون المصرف في حاجة إلى تطهير وذلك لمنفعة المقاول "الواقعة 26" والثالث والرابع: ارتكبا تزويرا في الشهادتين الإداريتين السالفتي الذكر في سابعا حال تحريرهما المختص بوظيفتهما وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أثبتا بها تبخير البنزين بالأقصر خلافا للحقيقة المدرجة بمحضر إثبات الحالة عند وصوله ناقصا من مخازن قنا القدر المختلس بها لاسالف الذكر "الواقعة 22" وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبة المتهم الأول بالمواد 112, 211, 212, 213, 214 والثاني بالمواد 40/ 1 - 2 - 3 و41, 112, 118, 211, 212, 213, 214 والثالث والرابع بالمواد 211, 212, 213 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت فيها حضوريا عملا بالمادة 50/ 2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات ببراءة المتهمين من جميع ما هو منسوب إليهم وأعفتهم من المصاريف الجنائية. فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن المطعون ضده الثاني "حبيب اسكندر" قد توفى فيتعين الحكم بإنقضاء الدعوى العمومية بالنسبة إليه.
وحيث إن مبنى الطعن فيما يختص بالمطعون ضده الأول هو أن الحكم المطعون فيه جاء متخاذلا ومخطئا في الاستدلال وقاصرا في البيان إذ أنه بالنسبة للواقعة الخامسة عشرة من الجدول المرافق لتقرير الاتهام أقام قضاءه بالبراءة على ما ثبت بدفتر خفير المخزن من أن سائق السيارة أعاد إلى المخزن 50 صفيحة فارغة واستدل بذلك على أن ما كان قد تسلمه من بنزين هو مائتا جالون باعتبار أن بكل صفيحة أربعة جالونات فيكون ما أثبته المطعون ضده في الإذن وهو مائتا جالون هو عدد صحيح لا تزوير فيه وذلك دون أن يتعرض الحكم لأقوال الشهود المثبتة لوقوع التزوير في الإذن المذكور, كما أنه اعتبر ما أحدثه المتهم من تغيير في بعض الأذون تصحيحا واستكمالا لنقص أجراه المتهم بحسن نية مع أن فيه تغييرا للحقيقة بسوء قصد وأنه بالنسبة للإذن رقم 43/ 112 كيف ما وقع من المتهم بأنه خطأ وارتباك لا جريمة فيه مع أنه تزوير في الإذن بإثبات أن عدد الملاءات ثمان بعد أن كان محررا بتسع ورغم أن التغيير فيه ظاهر ومؤيد بما قرره الشهود, وأنه بالنسبة للإذن رقم 415 اقام البراءة على أن من وقع عليه باستلام ما ورد فيه مأخوذ بتوقيعه واكتفى بذلك دون أن يشير إلى أقوال الشهود وما قرره المستلم من أنه وقع على الإذن تحت تهديد وإكراه من المتهم وأنه بالنسبة للإذن رقم 490 رجح الحكم دفاع المتهم وعززه بقوله إنه وجدت عند الجرد زيادة في كمية الأسمنت قدرها طنان مع أن المتهم قرر في التحقيق أن الإذن كان معتمدا قبل إجراء التصحيح فيه ورغم أن الزيادة التي وجدت في الأسمنت لا تؤخذ دليلا على براءة المتهم لأنه كان يعمل على توفير كميات مختلفة مما كان في عهدته إعدادا لاختلاسها؛ وأنه بالنسبة إلى الإذن رقم 30/ 112 أخذ الحكم في تبرئة المتهم بما زعمه من سبب لتحريره بعشر مخدات كبيرة وعشرة أخرى صغيرة وأنه لم يتبين أن المنجد أعد أربع مخدات كبيرة و16 صغيرة وأنه صحح رقم المخدات الكبيرة وترك رقم المخدات الصغيرة دون تصحيح مع أنه لو كان صادقا لصحح عدد المخدات الصغيرة أيضا, وأنه بالنسبة إلى الإذن رقم 796 أخذ الحكم في براءة المتهم بأن ما وقع منه كان خطأ لم يقصده لذاته إذ هو لا يميز بين نوع وآخر من الأخشاب الأوربية مع أن المتهم لم يقل ذلك بل قرر في التحقيق أنه أخطأ في بيانات الإذن بالقدم الطولي بدلا من القدم المكعب فضلا عن أنه تبين وجود عجز في نوع الخشب القاويش, وأما ما ذكره الحكم من وجود زيادة فهى لم تكن في هذا النوع من الخشب, وأنه بالنسبة إلى واقعة اختلاس البنزين عن طريق أن المتهم كان يسلمه للسائقين في صفائح بكل منها ثلاثة جالونات ونصف جالون بدلا من أربعة أخذ الحكم في براءة المتهم منها بأنه لم ينكر إجراء التعبئة بالمعيار الناقص المضبوط سدا للعجز الناشئ عن التبخير والتطاير وما قد يتساقط من البنزين عند التفريغ لعدم وجود طلمبة للصرف وأن ما يتوفر من استعمال ذلك المكيال يضاف إلى حساب الحكومة واستدل الحكم على ذلك بعملية حسابية خاطئة انتهى منها إلى "أن الزيادة التي نتجت من التعبئة على أساس المكيال الناقص بعد تغطية ما فقد من التبخير وما ضاع عند عملية التعبئة هى سبع صفائح قد أضيفت لأعمال المصلحة وقد انتفعت بها" وتقول النيابة في طعنها إن من مقتضى العملية الحسابية التي أوردتها المحكمة أن يكون هناك نقص قدره 33 صفيحة ضاع على الحكومة لازيادة سبع صفائح كما حسبت, وأن الحكم بالنسبة للواقعتين 28و30 والتزوير في دفتر العهدة رقم 118 استند في تبرئة المتهم من اختلاس جالون شل توكس إلى ما قاله من أن ما وقع منه كان خطأ في النظر وأنه ليس في الأوراق ما ينفيه وأن هذه الأشياء التافهة أحقر من أن يفكر المتهم في اختلاسها مع أن هذا لا يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه, كما أنه بالنسبة إلى الواقعة 30 أخذ في تبرئة المتهم بأن زيت جار جويل وجد عند الجرد زائدا عن العهدة الأمر الذي ينتفي به الاختلاس وأن ما وقع من تغيير في الإذن لم يكن مقصودا لذاته بل كان نتيجة خطأ كتابي محض. ويقول النيابة إن تهمة الاختلاس لم تكن مطروحة على المحكمة حتى تستند إلى عدم وقوع الاختلاس في قضائها بالبراءة من تهمة التزوير ولهذا يكون الحكم بالبراءة منها خلوا من الأسباب. وأنه بالنسبة إلى واقعة التزوير في محضر جرد مايو سنة 1946 اعتبرت المحكمة أن التعديل الذي أجراه المطعون ضده في المحضر غير مشتمل على شئ من الكذب بل يتضمن أمورا حقيقية ولم تخسر الحكومة من جرائه شيئا إذ زاد المتهم في أعبائه وكان حسن النية فيما فعل. وتقول النيابة إن التغيير في المحضر لم يكن كله بالزيادة وأن المتهم كان سئ النية في أحداثه - وأنه بالنسبة إلى الواقعة رقم 13 الخاصة بإذن الصرف 710 مكرر ودفتر العهدة أخذ الحكم في براءة المتهم بدفاعه مع أنه لا سند له من الأوراق فضلا عن أنه لو كان صحيحا لعدل في إذن الصرف المذكور - وأن الحكم خلا من أسباب البراءة من بعض التهم المسندة إلى هذا المتهم وأشارت إلى الواقعة 12 الخاصة بإذن الصرف رقم 415 والواقعة 14 الخاصة بالتزوير في صورة إذن الصرف 213 والواقعة 19 الخاصة بإذن الصرف رقم 172 وكذلك إذن الصرف المؤرخ 14 أغسطس سنة 1946 وإذن الصرف 455 المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 وأن الحكم تعرض للإذن رقم 296 والإذن رقم 530 المؤرخ 3 سبتمبر سنة 1946 وقضى ببراءة المتهم من التزوير فيهما مع أن الدعوى العمومية لم ترفع عليه بشأنهما وإنما أقيمت الدعوى عن الإذن رقم 530 المؤرخ 18 أكتوبر سنة 1945 ودفتر العهدة رقم 118 فيما يتصل به فالحكم ببراءة المتهم من التزوير في هذا الإذن وفي دفتر العهدة يكون خاليا من الأسباب كما أنه خلا من أسباب القضاء بالبرءة من جريمة استعمال هذا الإذن وباقي الأوراق المزورة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهم الاختلاس والتزوير في طائفة من الوقائع التي تشير إليها النيابة على نفي وقوع اختلاس أو تزوير فيها وبسط الملاحظات التي سجلها على أعمال المخزن المعهود إليه به من نقص واضطراب ووجود مهمات في العراء بالفضاء الموجود أمامه - وما ثبت للمحكمة من عدم تسليمه إلى المتهم تسليما فعليا عند انتقاله إلى عهدته - وما تبين لها من أن من الأذون ما كانت تصرف المواد الواردة به في غيبته - وما لمسته من عيوب في عملية الجرد وخطأ في الإجراءات التي اتبعت فيها مما أدى إلى تشككها في صحة النتيجة التي انتهى الجرد إليها, وما ثبت لها كذلك من أن عدم العثور على بعض الأوراق والمستندات نشأ عنه إنحراف بعض الشهود عن قول الحق وتأثر البعض الآخر في أداء شهادتهم بأمور بينتها في حكمها. ولما كان الحكم فيما يتعلق بطائفة من وقائع التزوير والاختلاس بوجه عام قد قال إنها لا تخرج عن نوع من ثلاثة أنواع - الأول أذون صدرت صحيحة واستوفت شرائطها ووقع عليها أصحاب الشأن بالاستلام والنوع الثاني أذون لم يوقع عليها أحد بالاستلام والنوع الثالث أذون تناول التغيير بعض الأرقام أو البيانات فيها. ثم قال إنه ثبت للمحكمة بالنسبة إلى النوع الأول عدم حصول تزوير أو اختلاس فيه كما أشار في شأن النوع الثاني إلى ما استخلصته المحكمة من ظروف تحريرها أثناء الفيضان في وقت كان صرف المهمات يجري ليلا ونهارا دون انقطاع في غيبة المتهم أمين المخزن أو حضوره مما رجحت معه أن المهمات موضوع هذه الأذون قد أرسلت فعلا بصفة عاجلة بناء على محادثة تليفونية أو مكالمة شفوية وذكرت المحكمة أنها لا تثق بشهادة الشهود في شأنها لأن واقع الحال يكذبهم, أما بالنسبة إلى النوع الثالث فقد قال الحكم إن التصحيح في الأوراق الرسمية من حق كل موظف متى لاحظ نقصا أو خطأ في عمله أما عند تحرير الورقة أو الإذن أو بعده برضاء صاحب الشأن ومن ذلك ما حصل من المطعون ضده في أذون لم تصرف في مدة عمله, ثم تعرض الحكم بعد ذلك للتفصيل بالنسبة إلى الوقائع موضوع الاتهام - ولما كان ما أوردته المحكمة في حكمها - فيما عدا ما يختص بالبنزين موضوع الشهادتين الإداريتين المسند تزويرهما إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع وما أسند إلى المطعون ضده الأول بشأنه - مقاما على أدلة سائغة وقد أرجعتها إلى سندها من الأوراق, وكان للمحكمة أن تصدق دفاع المتهم وتطرح أقوال الشاهد لعدم ثقتها فيها إذ الأمر مرجعه إلى حريتها في تكوين عقيدتها واطمئنانها إلى الدليل المطروح أمامها, وكانت المحكمة بالنسبة إلى العملية الحسابية لجالونات البنزين التي أشارت إليها النيابة في طعنها إنما استطردت إليها بعد بيان دفاع المتهم الذي أخذت به من حيث تطاير البنزين عند تعبئته في الصفائح بغير طلمبة خاصة للصرف وبرطيقة غير منظمة ولا دقيقة ولا تكفل سلامة عهدته, وقالت إن ما كان يفعله المتهم من استعمال مكيال ناقص إنما كان يقع علنا ولم يقصد منه اختلاسا للبنزين بل اتقاء للمسئولية عما في عهدته منه, فخطأ المحكمة في العملية الحسابية لا يكون من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى أو مؤثرا في دفاع المتهم مادام جوهر دفاعه الذي أخذت به وأفاضت في بيانه هو وقوع العجز في البنزين نتيجة عملية التعبئة وما يصحبها من تبخر وتساقط وما دام مقدار ما في البراميل من البنزين الذي اتخذته المحكمة أساسا للعملية الحسابية ليس منضبطا انضباطا دقيقا لما اشارت إليه من أن جانبا منه يضيع في الطريق ووقت التفريغ مما يجعل الأساس الذي بنيت عليه تلك العملية افتراضيا ولا واقعيا - ولما كان ما تبينته المحكمة من أن ما أجراه المتهم في بعض الأذون لم يقصد منه تزويرا بل تصحيحا لخطأ أو استكمالا لنقص قد بنته على أسباب مقبولة, وكان لا تثريب عليها إذ هى استدلت على نفي وقوع اختلاس في صنف معين بما تبين عند الجرد من وجود زيادة فيه - أو إذا هى استدلت بوجه عام على عدم وقوع تزوير بإذن الصرف أو بدفتر العهدة في بيانات صنف معين بأنه لم يقع اختلاس فيه إذ أن هذا منها بيان لانتفاء العلة في التزوير وعدم قيام ما قد يقتضيه, أو إذا هى لم تتحدث في حكمها عن جريمة استعمال ورقة مزورة ما دامت قد نفت التزوير فيها - ولما كان لا وجه لما تنعاه النيابة على الحكم من عدم ذكر أسباب خاصة للبراءة من تهمة التزوير في الإذن رقم 530 المؤرخ 18 أكتوبر سنة 1945 وفي دفتر العهدة فيما يتصل به وفي الأذون الأخرى التي أشارت إليها في طعنها إذ يجري عليها ما جعلته المحكمة أساسا للبراءة في الأذون والأوراق المماثلة من النوع الذي تدخل فيه وأشارت إلى عدم ثقتها في شهود وقائعها. ولما كانت المحكمة فيما ذكرته من عدم تمييز المتهم بين نوع وآخر من الأخشاب الأوربية قد اقامته في الأصل على أن هذا التمييز قد يتعذر على المهندسين أنفسهم لما تبين لها من الاطلاع على تقرير الجرد من صعوبة التمييز بينها حتى على لجنة الجرد نفسها واستخلصت من ذلك أنه لا يمكن أخذ المتهم بالتهمة المسندة إليه في شأنها, وكان لا يقدح فيما ارتأته المحكمة من ذلك أن تكون الزيادة التي أشارت إليها هى في أصناف أخرى ما دام أن ما رأته كان مقاما على صعوبة التمييز بين صنف وآخر والتماسها العذر للمتهم في الخطأ فيه, وكان يكفي للحكم بالبراءة أن تبدي المحكمة عدم اطمئنانها إلى الأدلة المطروحة أمامها بعد تمحيصها. لما كان ذلك فإن ما تقوله النيابة مما تقدم جميعه نعيا على تقدير المحكمة لوقائع الدعوى وأدلة الاتهام فيها لا يكون مقبولا أمام محكمة النقض.
وحيث إن النيابة العامة تقول في طعنها إن الحكم في قضائه بالبراءة من تهمة التزوير في الشهادتين الإداريتين كان مخطئا في تطبيق القانون إذ بعد أن سلم بأن المتهمين الثالث والرابع قد حررا الشهادتين بما تضمنتاه من تغيير للحقيقة في سبب العجز في كمية البنزين ومكان حصوله قد قال "إن هاتين الشهادتين لا يمكن اعتبارهما من الأوراق الرسمية بالمعنى المفهوم قانونا إذ أن تحريرهما غير داخل في أعمال وظيفتهما وهو لا يخرج عن أن يكون دعوى من جانب المخزنجي المتهم الثالث يؤيده فيها الرابع بأن نقص البنزين كان عن طريق التبخر, وأن هاتين الشهادتين لا يمكن أن تتخذا مصدرا يعتمد عليه في إثبات النقص أو التبخير إذ هما لغو صرف لا يتأدى به الواجب من التحري ولا قيمة لهما من الوجهة القانونية ولا يترتب على عدم الصدق فيهما أي مسئولية جنائية" وتقول النيابة إن الشهادتين محررتان بوصف كون كل منهما محضر إثبات حالة بمعرفة موظفين عموميين مختصين وتأشر على كل منهما بالنظر من باشمهندس ري قنا وتوقع عليهما من رئيس الحسابات وباعتمادهما من المتهم الثاني عن مفتش الري تطبيقا لنص المادة 15 من لائحة المخازن القديمة المعمول بها وقتذاك وقد تم الخصم بموجبهما من العهدة في الدفاتر فهما من الأوراق الرسمية التي يدخل في اختصاص هذين المتهمين تحريرها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة هاتين الشهادتين قد قال "إنه بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1945 حرر المتهم الأول صبحي فاضل بناء على طلب هندسة ري الأقصر تليفونيا طلب صرف رقم 500 عن 40 صفيحة مملوءة بنزينا وسلم هذه الصفائح للسائق محمود على لتوصيلها للأقصر وبفصحها بعد وصولها بمعرفة يوسف العفي كاتب هندسة مركز الأقصر وجد بها صفيحتين فارغتين واحدي عشر صفيحة بكل منها جالون واحد وصفيحة أخرى بها نصف جالون غاز وباقي الصفائح وعددها 26 صفيحة وجدت كاملة فرفع يوسف العفي الأمر إلى توفيق أفندي فريد مهندس المركز في حضور بطرس مرقس أفندي باشمهندس ري قنا إذ تصادف وجود بالأقصر في ذلك الحين وانتهى الرأي بينهم على عمل محضر إثبات حالة وتحرر المحضر بنفس تاريخ وصول الرسالة أثبتت فيه البيانات السابق الإشارة إليها وتوقع عليه من المهندس والكاتب وأرسل إلى هندسة مديرية قنا برقم 749 بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1946 بطلب اعتماد التصحيح حسب البيان الموضح بمحضر إثبات الحالة فرفعت الهندسة بدورها الأمر لتفتيش الري الذي طلب بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1949 إعادة الصفائح الناقصة من البنزين ضمن الرسالة لإرسال بدلها مع التنويه في الخطاب بأنه لم ترسل صفائح فارغة ضمن الرسالة المذكورة فردت هندسة الأقصر بأنها نظرا لقلة البنزين بمخزنها قد صرفت من لاصفائح الناقصة الإحدى عشرة للسائقين ثمانيا على اعتبار الكمية الفعلية الموجودة في كل صفيحة أما الثلاث صفائح الباقية فقد صرفت للسائقين على اعتبار أنها كاملة. ثم تصادف وجود المتهم الثاني في الأقصر فعرض عليه يوسف العفي هذا الأمر فأقر وجهة نظره وطلب منه إرسال الرد عن هذا الموضوع مبينا به جميع أسبابه لمناقشة المخازن فيها وإقناعها باعتمادها وفعلا أرسل مذكرة في شكل شكوى وارفق بها الخطابات المتبادلة ولكن بالرغم من ذلك لم تسو المسألة وأصبحت معلقة والسنة المالية على وشك الإنتهاء وتوالت الاستعجالات من هندسة الأقصر لهندسة قنا بمكانبات رسمية وإشارات تليفونية وكانت الهندسة تحولها في وقتها إلى التفتيش وكان آخر استعجال ورد من الأقصر الإشارة التليفونية رقم 1892 في 25 من أبريل سنة 1946 فحولتها الهندسة للتفتيش في نفس اليوم وأجاب التفتيش ردا على ذلك بإشارة تليفونية في اليوم نفسه بطلب إرسال الشهادات الإدارية من أربع صور موضحا بها أسباب استهلاك البنزين المطلوب خصمه للنظر نحو اعتمادها حيث إنه لم يعثر عليها وأجابت هندسة الأقصر بإشارة تليفونية في اليوم المذكور بأن الشهادات الإدارية سبق عملها بمعرفة مهندس الأقصر السابق فريد اسحق أفندي إذ كان قد نقل في ذلك الوقت إلى الفيوم, وطلبت الإفادة عما إذا كان الغرض تحرير صور منها فتأشر على هذه الإشارة من صبحي فاضل بالنظر وبأنها عرضت على المفتش. ونظرا لأن يوسف العفي لم يحتفظ بصورة من محضر إثبات الحالة اتصل رمزي الخولي بهندسة قنا (بطرس مرقس أفندي) فأفهمه هذا الأخير بضرورة عمل شهادتين إداريتين كل منهما باستهلاك أربع صفائح بنزين في الأقصر في كل من شهري مارس وأبريل سنة 1946 فحرر يوسف العفي الشهادتين المطلوبتين بالنص الآتي "بمعرفتي أنا رمزي الخولي مهندس ري الأقصر ويوسف سليمان العفي كاتب ري الأقصر قد فحصنا كمية البنزين الموجودة بمخزن ري الأقصر في شهر مارس سنة 1946 فوجدت أربع صفائح بنزينا متبخرة وخالية من البنزين فنوصي على خصم الكمية التي كانت تحتوي عليها هذه الصفائح ومقدارها 16 جالونا وهذه شهادة منا بذلك, كاتب ري الأقصر. مهندس ري الأقصر. والشهادة الثانية صورة طبق الأصل من ذلك مع اختلاف واحد هو أن جعلت عن شهر أبريل سنة 1946 بدلا من مارس, ثم تأشر على كل منهما بالنظر من باشمهندس ري قنا في 28 من أبريل سنة 1946 وتوقع عليهما أيضا من رئيس الحسابات واعتمدت بتاريخ 30 من أبريل سنة 1946 من مفتش ري قنا بإمضاء المتهم الثاني". ولما كانت الواقعة المسندة إلى المتهمين الثالث والرابع هى أنهما حررا الشهادتين الإداريتين لاستبدالهما بمحضر إثبات الحالة الذي حرر أولا بتاريخ وصول رسالة البنزين (موضوع إذن الصرف رقم 500 الذي حرره المتهم الأول) من مخزن ري قنا إلى هندسة الأقصر ولتقوما مقامه في إجراءات التحري والخصم من العهدة, وأن المتهمين أثبتا بالشهادتين ما يفيد حصول العجز عن طريق التبخر بعد وصول البنزين إلى الأقصر على خلاف الحقيقة التي سبق إثباتها في محضر إثبات الحالة الأول من وصول عدد من صفائح البنزين إلى مخزن الأقصر وهى خالية منه أو ناقصة وذلك سترا للعجز الذي سبق أن لوحظ على البنزين عند وصوله. وكان إجراء التحري عن فقد الأصناف بالمخزن لمعرفة سببه من اختصاص أمينه أو الموظف التابع له المخزن طبقا للمادة 15 من لائحة المخازن المعمول بها وقت الحادث, وكان ما يثبته الموظف أثناء إجراء هذه التحري في محضر على خلاف الواقع الذي يعلمه يعتبر منه تغييرا للحقيقة في هذا المحرر, ولا عبرة بعد ذلك بأن نتيجة التحري لم تحرر على الاستمارة رقم 186 حسابات, وكان يبين من الحكم المطعون فيه فضلا عن ذلك أن تفتيش الري وهو الجهة الرئيسية لهندسة الأقصر كان يطلب إليها بإشارات تليفونية لمناسبة الجرد السنوي إرسال الشهادات الإدارية من أربع صور موضحا بها أسباب استهلاك البنزين المطلوب خصمه للنظر في اعتمادها, وكان اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فقط بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به كما قد يستمد المحرر رسميته من ظروف إنشائه أو من جهة مصدره أو بالنظر إلى البيانات التي تدرج به ولزوم تدخل الموظف لإثباتها أو لإقرارها - ولما كانت المحكمة لم تمحص هذه الواقعة ولم تبحث أمر ما أسند إلى المتهمين الثالث والرابع على الأسس المتقدمة ارتكانا على القول بأن الشهادة الإدارية لا تعتبر من الأوراق الرسمية لأن تحريرها غير داخل في أعمال وظيفة المتهمين وأنه لا يخرج عن أن يكون دعوى من جانبهما بأن نقص البنزين كان عن طريق التبخر وأن الشهادة لا يمكن أن تتخذ مصدرا يعتمد عليه في إثبات النقص أو التبخر وأنها لقولا يتأدى به الواجب من التحري ولا قيمة لها من الوجهة القانونية ولا يترتب على عدم الصدق فيها أي مسئولية جنائية. إذ اكتفت المحكمة بذلك وأسست عليه قضاءها بالبراءة, فإن حكمها يكون مبنيا على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة المسندة إلى المتهمين الثالث والرابع ومن ثم يتعين نقض الحكم بالنسبة إليها وإعادة المحاكمة عن واقعة تحرير هاتين الشهادتين على الأساس السابق بيانه.
وحيث إن المحكمة قضت ببراءة المتهم الأول من تهمة التزوير في الشهادتين مع أن تزويرهما لم يسند إليه - ولما كان ما أسند إليه في الواقعة رقم 22 من الجدول الملحق بتقرير الاتهام الخاصة بالبنزين الذي حرر به إذن الصرف رقم 500 - وهو الذي حرر المتهمان الثالث والرابع والشهادتين الإداريتين عن ثماني صفائح منه بعد وصوله إلى الأقصر - مرتبطا بتهمة تزوير هاتين الشهادتين, وكانت المحكمة لم تتعرض في حكمها لتلك الواقعة بالنسبة إلى المتهم الأول وقضت ببراءته من التهم جميعا مما يبين منه أنها إما كانت غافلة عن هذه الواقعة بالنسبة إليه أو كانت متأثرة بالرأي الذي انتهت إليه في تزوير الشهادتين - لما كان ذلك فإنه يتعين مع نقض الحكم بالنسبة إلى المتهمين الثالث والرابع قبول طعن النيابة ونقض الحكم بالنسبة إلى المتهم الأول في خصوص الواقعة المشار إليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق