جلسة 29 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، ولطفي علي أحمد، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
----------------
(5)
الطلب رقم 2 لسنة 33 ق "تنازع على حكمين متناقضين"
(أ) اختصاص "اختصاص المجالس الملية (الملغاة) "أحوال شخصية". "زواج".
تحرير عقد الزواج لدى جهة ملية معينة لا يمنح هذه الجهة اختصاصاً قضائياً بالفصل في منازعات الأحوال الشخصية الناشئة عن هذا الزواج. مناط الاختصاص كون طرفي الخصومة من أبناء الملة الواحدة التابعة للمجلس الملي.
(ب) اختصاص "اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية". "التنازع بين محاكم الأحوال الشخصية".
تعارض حكم المجلس الملي الإنجيلي باعتبار عقد زواج قبطيين أرثوذكسيين قائماً، مع حكم المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس القاضي بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج. اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بالفصل في هذا التنازع. عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي لصدوره من جهة لا ولاية لها في إصداره.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الطلب ومن سائر الأوراق - تتحصل في أنه بموجب عقد محرر بتاريخ 22/ 5/ 1943 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تمت الخطبة بين الطالب والمدعى عليها، وذكر فيه أنهما قبطيان أرثوذكسيان، وبتاريخ 24/ 6/ 1943 تزوجا أمام الكنيسة الإنجيلية، وفي 2/ 10/ 1947 انعقد بينهما زواج آخر أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - ثم حدث أن أقامت المدعى عليها على الطالب أمام مجلس ملي فرعي مصر للأقباط الأرثوذكس الدعوى رقم 481 سنة 1950 تطلب الحكم عليه بنفقة، وبتاريخ 26/ 1/ 1951 حكم لها المجلس بنفقة قدرها أربعة جنيهات شهرياً، فاستأنف المدعى عليها هذا الحكم طالبة زيادة النفقة المحكوم بها وبتاريخ 6/ 6/ 1951 حكم المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس في القضية رقم 88 سنة 1951 بزيادة النفقة إلى عشرة جنيهات شهرياً ابتداء من 1/ 6/ 1961 - كذلك رفع الطالب على المدعى عليها أمام نفس المجلس، دعوى تطليق قضى برفضها تأسيساً على أنهما قد يتصالحان، ثم رفع دعوى ثانية أمام المجلس نفسه قضى برفضها لنفس السبب، وأخيراً رفع دعوى ثالثة قيدت برقم 256 سنة 1953 طالباً الحكم له بالفصل بينه وبين زوجته المدعى عليها، وقد قضى في هذه الدعوى بتاريخ 30/ 4/ 1955 بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج بعد تصديق المجلس الملي العام - استأنفت المدعى عليها هذا الحكم أمام المجلس الملي العام وقيد الاستئناف برقم 339 سنة 1954 - وبتاريخ 3/ 3/ 1955 قضى المجلس المذكور برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف - أقامت المدعى عليها، بعد ذلك، على الطالب أمام المجلس الملي الإنجيلي العام الدعوى رقم 7 سنة 1955 طالبة الحكم بصحة زواجهما المعقود أمام الكنيسة الإنجيلية، واعتبار هذا الزواج لا يزال قائماً وقد دفع الطالب هذه الدعوى بعدم اختصاص المجلس الملي الإنجيلي بنظرها مستنداً في ذلك إلى أن الخطبة تمت أمام بطريركية الأقباط الأرثوذكس وإلى أنهما تزوجا بعد ذلك أمام البطريركية المذكورة، وقال إن عقد الزواج المقدم من المدعى عليها والمقول بأنه حاصل أمام الكنيسة الإنجيلية، هو عقد مزور - لم يأخذ المجلس بدفاع الطالب، وقضى بتاريخ 20/ 10/ 1955 برفض الدفع بعدم الاختصاص، وفي الموضوع باعتبار عقد الزواج الحاصل بين الطرفين في 24/ 6/ 1943 ما زال قائماً، وهو عقد صحيح، وأسس قضاءه برفض الدفع على أن النزاع متعلق بزواج تم أمام الكنيسة الإنجيلية - طعن الطالب في هذا الحكم بطريق التماس إعادة النظر، ونظراً لإلغاء المحاكم الملية بالقانون رقم 462 لسنة 1955 أحيل هذا الالتماس إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 109 سنة 73 ق، وبتاريخ 18/ 4/ 1956 حكمت دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة المذكورة بعدم جواز الالتماس لأن الأسباب التي بني عليها ليست من أسباب التماس إعادة النظر المحددة قانوناً - وإذ كانت المدعى عليها قد أقامت ضد الطالب الدعوى رقم 163 سنة 1955 أمام اللجنة الإنجيلية للأمور المستعجلة قضى فيها غيابياً بتاريخ 24/ 12/ 1955 بإلزامه أن يدفع لها نفقة قدرها عشرون جنيهاً شهرياً ابتداء من 1/ 11/ 1955،فقد عارض الطالب في هذه الحكم، وبمناسبة إلغاء المجالس الملية، أحيلت المعارضة إلى محكمة شبرا الجزئية وقيدت برقم 1019 سنة 1956 كما أقام الطالب الدعوى رقم 488 سنة 1956 أمام نفس المحكمة طالبا الحكم بإسقاط النفقة المحكوم بها عليه من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس، وذلك من تاريخ صدور حكم هذا المجلس القاضي بالفصل، وقد دفعتها المدعى عليها بأنها ما زالت زوجة شرعية للطالب، استناداً إلى الحكم الذي استصدرته من المجلس الملي الإنجيلي العام في هذا الخصوص - قررت المحكمة ضم الدعويين، وبتاريخ 23/ 4/ 1958 قضت في المعارضة بإلغاء حكم النفقة الغيابي الصادر من اللجنة الإنجيلية للأمور المستعجلة، وقضت بوقف دعوى إسقاط النفقة حتى يحصل الطالب على حكم محكمة النقض بترجيح أحد الحكمين المتناقضين الانتهائيين الصادر أحدهما من المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس والقاضي بالفصل بين الزوجين، والصادر ثانيهما من المجلس الإنجيلي العام والقاضي باعتبار الزواج قائماً بينهما - استأنف الطالب هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية فيما قضى به من وقف الفصل في دعوى إسقاط النفقة وقيد الاستئناف برقم 1120 سنة 1958، كما استأنفته المدعى عليها أمام نفس المحكمة فيما قضى به من إلغاء حكم النفقة الصادر من اللجنة الإنجيلية وقيد استئنافها برقم 1132 سنة 1958، وضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 27/ 3/ 1961 حكمت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف، وأسست قضاءها في الاستئناف الأول، على أنه ثبت لها أن الطرفين من طائفة واحدة، هي طائفة الأقباط الأرثوذكس، وبذلك يكون المجلس الملي الأرثوذكسي هو المختص بالفصل في المنازعات الخاصة بهما، ويكون المجلس الإنجيلي قد جاوز حدود ولايته حيث قضى في دعوى النفقة التي أقامتها المدعى عليها أمامه - وفي الاستئناف الثاني على نص المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 الذي كان معمولاً به وقت صدور الحكم الابتدائي، بعد تعديل هذه المادة بالقانون رقم 400 لسنة 1953 - ويقول الطالب إنه إزاء ذلك يطلب القضاء له بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي العام بتاريخ 20/ 10/ 1955 في القضية رقم 7 سنة 1955 مؤسساً هذا الطلب على أن ذلك الحكم صادر في غير حدود ولاية المجلس الملي الإنجيلي الذي لا ينعقد له الولاية إلا إذا كان الطرفان إنجيليين، والحال أنه والمدعى عليها، قبطيان أرثوذكسيان.
وحيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة برأيها في الطلب، خلصت فيها إلى أن حكم المجلس الملي العام الإنجيلي القاضي باعتبار زواج الطالب بالمدعى عليها صحيحاً وقائماً، ليست له حجية تناهض حجية حكم التطليق الصادر من المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس، لصدور الحكم الأول من جهة لا ولاية لها في إصداره، ولذلك يكون طلب القضاء بعدم الاعتداد بهذا الحكم في محله.
وحيث إن هذا الطلب في محله، ذلك أن تحرير عقد الزواج لدى جهة ملية معينه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنح هذه الجهة اختصاصاً قضائياً بالفصل في منازعات الأحوال الشخصية الناشئة عن هذا الزواج بل العبرة في اختصاص المجلس الملي بذلك هي بكون طرفي الخصومة من أبناء الملة الواحدة التابعة لهذا المجلس وإذ كان يبين من الأوراق أن عقد الخطبة بين الطرفين قد تم أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في 22/ 5/ 1943 وثبت فيه أنهما قبطيان أرثوذكسيان، كما أنهما عقدا بعد ذلك زواجهما أمام الكنيسة الأرثوذكسية في 2/ 10/ 1947 وأنهما ظلا يتنازعان أمام المجالس الملية للأقباط الأرثوذكسيين، وإلى أن حكم استئنافياً من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس في 3/ 3/ 1955 بالفصل بينهما وبالتصريح لكل منهما بالزواج، فإن واقع الحال يدل على أنهما قبطيان أرثوذكسيان ومن أبناء ملة واحدة ولا يغير من هذا النظر كونهما عقدا في الفترة بين الخطبة والزواج أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية زواجاً آخر أمام الكنيسة الإنجيلية، إذ مثل هذا الزواج لا يخول المجلس الملي الإنجيلي اختصاصاً فيما يقوم بين الطرفين من نزاع طالما أنهما قبطيان أرثوذكسيان - ولما كان الحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي العام بتاريخ 20/ 10/ 1955 والقاضي باعتبار عقد الزواج بين الطالب والمدعى عليها ما زال قائماً، يتعارض مع الحكم الصادر من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس بتاريخ 3/ 3/ 1955 والقاضي بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج وهو ما يتحقق معه اختصاص هذه المحكمة وفقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 56 لسنة 1959 - ولما تقدم - فإنه يتعين الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي بتاريخ 20/ 10/ 1955 واعتباره كأن لم يكن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق