الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2023

الطعن 166 لسنة 30 ق جلسة 28 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 19 ص 114

جلسة 28 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-------------

(19)
الطعن رقم 166 لسنة 30 القضائية

(أ) نقض. "إجراءات الطعن". "إعلان الطعن". إعلان. بطلان.
القانون 106 لسنة 1962. رفعه عبء إعلان الطعن عن كاهل الطاعن وإلقاؤه على عاتق قلم الكتاب. القصد من ذلك الإقلال من مواطن البطلان. جواز تصحيح ما يقع في إعلان أحد المدعى عليهم في الطعن ولو بعد انقضاء الميعاد المحدد في المادة 11 من القانون 57 لسنة 1959. صيرورة هذا الميعاد ميعاداً تنظيمياً لا يترتب على تجاوزه البطلان.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار". محكمة الموضوع.
عدم خروج محكمة الموضوع في تفسيرها للإقرار عن المعنى الظاهر لعباراته. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(ج) حكم. "الطعن فيه". "موانع الطعن". "القبول المانع من الطعن". استئناف. حكم. "عيوب التدليل". "الفساد في الاستدلال". "ما لا يعد كذلك".
قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل قول أو فعل أو إجراء يدل دلالة واضحة على الرضاء بالحكم وترك الحق في الطعن فيه. الحكم باعتبار المدعي تاركاً لدعواه. عدم مبادرته إلى استئناف الحكم. رفعه دعوى جديدة بالطلبات عينها وعلى الخصوم أنفسهم. رفض دعواه هذه. استئنافه الحكم الصادر فيها. إتباع هذا الاستئناف برفع استئناف عن الحكم الصادر في الدعوى الأولى. اعتبار رفع الدعوى من جديد بمثابة تنفيذ اختياري للحكم باعتباره تاركاً لدعواه. استخلاص موضوعي سائغ. النعي بمخالفة القانون وبفساد الاستدلال على قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف. على غير أساس.

---------------
1 - إذا كان إعلان الطعن قد تم بمعرفة قلم الكتاب في ظل القانون رقم 106 لسنة 1962 الذي رفع عن كاهل الطاعن عبء إعلان الطعن وألقاه على عاتق قلم الكتاب بقصد التيسير على الطاعن والإقلال من مواطن البطلان في التشريع - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - فإن وقوع بطلان في إعلان بعض المطعون ضدهم لا يترتب عليه سوى ضرورة إعادة إعلانهم بالطعن إعلاناً صحيحاً ولو بعد فوات الميعاد المحدد للإعلان في المادة 11 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ذلك أن هذا الميعاد لم يعد بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 ميعاداً حتمياً بل مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه البطلان (1).
2 - إذا كانت محكمة الموضوع فيما حصلته من الإقرار لم تخرج في تفسيرها له عن المعنى الظاهر لعباراته فإنه لا يكون لمحكمة النقض سبيل عليها في ذلك.
3 - قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل قول أو فعل أو إجراء يدل دلالة واضحة على الرضاء بالحكم وترك الحق في الطعن فيه. فإذا كانت محكمة الاستئناف قد استخلصت قبول الطاعن للحكم الصادر في دعواه الأولى باعتباره تاركاً لها من أنه بدلاً من أن يستأنف هذا الحكم رفع دعوى جديدة بالطلبات عينها وعلى الخصوم أنفسهم ولما قضى برفض دعواه هذه رفع استئنافاً عن الحكم الصادر فيها ثم أتبعه برفع استئناف عن الحكم الصادر في دعواه الأولى، واعتبرت رفعه الدعوى من جديد بمثابة تنفيذ اختياري لما قضى به الحكم الأول من اعتباره تاركاً دعواه وذلك لما في رفعه الدعوى الثانية بدلاً من استئنافه الحكم الصادر في دعواه الأولى من دلالة واضحة على تركه الدعوى الأولى فعلاً، فإن هذا الذي استخلصته محكمة الاستئناف هو استخلاص موضوعي سائغ مستمد من وقائع تؤدي إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن رفع على المطعون ضدهم الدعوى رقم 330 سنة 1949 أمام محكمة المنصورة الابتدائية طالباً الحكم: أولاً - بأحقيته في العقود والقيود المبينة بصحيفة الدعوى وذلك بما يوازي 2798.340 ج. ثانياً - بإلزام المطعون ضدهم المذكورين تحت أولاً (ورثة المرحوم إسماعيل فهمي الشلقاني)، وثانياً - (الحارس على تركة المرحومة أسما حليم)، ورابعاً (شركة الاتحاد العقاري المصري) بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ 2798.340 ج والفوائد 8% من أول يوليه سنة 1934 حتى 15 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 7% من 16/ 10/ 1949 حتى السداد - وبجلسة 23 سبتمبر سنة 1952 قضت المحكمة بوقف هذه الدعوى لمدة ستة شهور باتفاق الطرفين حتى يتمكنا من تنفيذ قرار المحكمة القاضي بترجمة المستندات المقدمة في القضية ولما لم يعجل الطاعن الدعوى في الميعاد القانوني قضت المحكمة في 2 من يونيه سنة 1953 باعتباره تاركاً دعواه مع إلزامه بمصروفاتها. لكن الطاعن عاد ورفع أمام ذات المحكمة دعوى جديدة على الخصوم أنفسهم وبالطلبات عينها قيدت برقم 54 سنة 1954 وقال في تبيانها ما قاله في الدعوى الأولى من أن المرحومة أسما حليم كانت تدير أطيانه البالغ مساحتها 164 ف و17 ط و17 س بطريق النيابة عنه وقد أجرتها مع أطيان أخرى تخصها جملتها 1075 ف و20 ط و14 س إلى المرحوم إسماعيل فهمي الشلقاني وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1926 وتجددت لمدد أخرى تنتهي في آخر أكتوبر سنة 1935 وقد تمت المحاسبة بين المؤجرة والمستأجر في 15 يونيه سنة 1934 وأقر الأخير كتابة بمديونيته للأولى بمبلغ 30350 ج و499 م وضماناً لهذا الدين رهن لها 536 فداناً وكسور من أطيانه رهناً تأمينياً وذلك بموجب عقد رسمي قيد بقلم رهون محكمة المنصورة المختلطة في 26 يوليه سنة 1934 برقم 1277 وعدل بتاريخ 30 أكتوبر سنة 1937 بعد وفاة المؤجرة بأن جعل الرهن لصالح علي بهجت الحارس السابق على تركتها. ولقيام نزاع بين هذا الحارس وبين المستأجر على تفسير الاتفاق آنف الذكر أقام الأول على الثاني دعوى بطلب الدين المتبقي في ذمته وقضى في هذه الدعوى ابتدائياً من محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام ورثة المستأجر بأن يدفعوا لورثة المؤجرة مبلغ 17628 ج و665 م وبمقتضى هذا الحكم حصل هؤلاء الورثة الأخيرون على حق اختصاص بعقارات مدينهم واستأنف ورثة كل من المستأجر والمؤجرة هذا الحكم وانتهى الأمر بعقد صلح بينهما أقر فيه ورثة المستأجر بمديونية مورثهم بمبلغ عشرين ألف من الجنيهات وصدقت محكمة الاستئناف على هذا الصلح بجلسة 11 يونيه سنة 1943 وللوفاء بهذا الدين لجأ ورثة المستأجر إلى بيع الأطيان المرهونة إلى شركة الاتحاد العقاري المصري وصرحوا لها بدفع قيمة هذا الدين مباشرة إلى الحارس على تركة المؤجرة وذلك من أصل الثمن ويقول الطاعن إنه لما كانت السيدة أسما حليم حين أجرت أطيانه إلى المرحوم إسماعيل الشلقاني مع أطيانها لم تفصح في عقود الإيجار عن صفتها كنائبة عنه بالنسبة للقدر المملوك له والبالغ إيجاره في مدة المحاسبة 2798 ج و340 م ولم تفصل بين حقوقها وحقوقه والتأمينات التي حصلت عليها لضمان دين الإيجار وكان من حق الموكل أن يحل محل وكيله في العقود التي يبرمها لصالحه هذا الوكيل وفي جميع الحقوق المترتبة عليها عينية كانت أو شخصية - وكانت شركة الاتحاد العقاري المصري (المطعون عليها الرابعة) قد اشترت الأطيان المرهونة وهي على علم بحقوقه إذ قام بإخطارها رسمياً في 28 يونيه سنة 1943 بما له من حقوق على تلك الأطيان ومع ذلك فقد دفعت الثمن جميعه لورثة الشلقاني والحارس عل تركة أسما حليم دون أن تحجز له نصيبه فيه مما يجعلها مسئولة معهما بالتضامن عن دينه آنف الذكر لهذا فقد رفع هذه الدعوى بطلباته السابقة. دفع المطعون ضده الثاني (الحارس على تركة أسما حليم) بعدم أحقية الطاعن في المطالبة بالإيجار أولاً لصدور حكم من المحكمين في 8 من مايو سنة 1935 يحسم كل نزاع بينه وبين زوجة أبيه السيدة أسما حليم وورثتها وقد قضي في هذا الحكم بتثبيت ملكية القدر الذي يطالب الطاعن بإيجاره للسيدة أسما. ثانياً - لإقرار الطاعن في دعوى الحساب رقم 1121 سنة 1037 كلي مصر التي كان قد رفعها على ورثة المؤجرة المذكورة بتخالصه نهائياً عن جميع الحقوق الناشئة عن إدارتها لأطيانه في المدة من 15 سبتمبر سنة 1923 تاريخ وفاة والده المرحوم حسين واصف إلى 26 ديسمبر سنة 1936 تاريخ وفاة السيدة أسما حليم - ورد الطاعن بأن حكم المحكمين وإقراره بالتنازل في دعوى الحساب لم يتناولا الدين موضوع دعواه الحالية - وبتاريخ 14/ 12/ 1954 حكمت محكمة المنصورة الابتدائية برفض الدعوى فرفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة استئناف المنصورة في 17/ 3/ 1955 وقيد هذا الاستئناف برقم 128 سنة 7 ق كما رفع في ذات التاريخ استئنافاً آخر عن الحكم الصادر في دعواه الأولى باعتباره تاركاً لها وقيد هذا الاستئناف برقم 129 سنة 7 ق وقد ضمت المحكمة الاستئنافين ثم حكمت بتاريخ 28/ 2/ 1960 في الاستئناف الأول بتأييد الحكم المستأنف وفي الاستئناف الثاني بعدم جواز الاستئناف لقبول الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بشقيه بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد إعلان الطعن إلى المدعى عليهم فيه قدم هؤلاء مذكرات بدفاعهم وقد دفع ورثة الشلقاني في مذكرتهم بعدم قبول الطعن لبطلان إعلانه لبعضهم وبالجلسة المحددة لنظره طلبت النيابة رفض هذا الدفع وتمسكت برأيها السابق.
وحيث إن ورثة الشلقاني المطعون ضدهم المذكورين تحت: أولاً - دفعوا في مذكرتهم ببطلان الطعن تأسيساً على أن إعلانه إلى عبد العزيز وعواطف وممدوح أولاد المرحوم إسماعيل فهمي الشلقاني وإلى السيدة سنية حسين صدقي زوجة المورث المذكور هذا الإعلان قد وقع باطلاً ذلك أن عبد العزيز قد فرضت عليه الحراسة بموجب الأمر رقم 138 لسنة 1961 ورغم ذلك أعلن الطعن إلى شخصه مع أن القانون كان يوجب توجيه الإعلان إلى الحارس عليه، كذلك وجه الإعلان إلى عواطف في شخص والدتها السيدة سنية حسين صدقي بوصفها وصية عليها مع أنها كانت قد بلغت سن الرشد قبل إعلانها بالطعن - أما ممدوح ووالدته السيدة سنية صدقي فإنه على الرغم من وجود محل إقامة معروف لهما فقد أعلنا بالطعن في النيابة دون أن يبذل الطاعن أي جهد في سبيل الاهتداء إلى محل إقامتهما. وحيث إنه لما كان إعلان الطعن قد تم بمعرفة قلم الكتاب في ظل القانون رقم 106 لسنة 1962 الذي رفع عن كاهل الطاعن عبء إعلان الطعن وألقاه على عاتق قلم الكتاب بقصد التيسير على الطاعن والإقلال من مواطن البطلان في التشريع على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - فإنه بفرض وقوع البطلان المدعى به في إعلان بعض المطعون ضدهم فإن ذلك لا يترتب عليه سوى إعادة إعلانهم بالطعن إعلاناً صحيحاً ولو بعد فوات الميعاد المحدد للإعلان في المادة 11 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ذلك أن هذا الميعاد لم يعد بعد صدور القانون آنف الذكر ميعاداً حتمياً بل مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه البطلان ولما كان الحارس علي عبد العزيز إسماعيل الشلقاني وكذلك باقي المطعون عليهم المدعي بوقوع بطلان في إعلانهم بالطعن قد أودعوا مذكرة بدفاعهم في الميعاد القانوني وحضر محام عنهم جميعاً أمام هذه المحكمة ولم يتبينوا وجه مصلحتهم في التمسك بالبطلان الذي يدعونه فإنه لا محل بعد ذلك لإعادة إعلانهم بالطعن ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
أولاً - عن الطعن الموجه إلى قضاء الحكم في الاستئناف رقم 128 سنة 7 ق المنصورة:
وحيث إن الطاعن ينعى على هذا القضاء في سببين أولهما من وجهين والثاني من ثلاثة أوجه ويتحصل الوجه الأول من السبب الأول في أن الحكم قد شابه قصور في التسبيب ذلك أن طلباته في الدعوى كانت من شقين الأول طلب الحكم بأحقيته في العقود المذكورة بالصحيفة - إيجار ورهن - وفي القيود الحاصلة بمقتضى هذه العقود - رهن واختصاص - وذلك بما يوازي 2798 ج و340 م قيمة حصته في دين الأجرة والشق الثاني طلب إلزام المطعون ضدهم متضامنين بهذا المبلغ - وعلى الرغم من اختلاف الطلبين في طبيعتهما وفي أسسهما إذ ينطوي الأول على دعوى عينية والثاني على دعوى شخصية فإن الحكم المطعون فيه حين قضى برفض الدعوى برمتها لم يسبب قضاءه برفض الشق الأول من الطلبات أما الشق الثاني منها فإن الحكم وإن كان قد أورد أسباباً لقضائه برفضها إلا أن هذه الأسباب جاءت مقصورة على ورثة الشلقاني وشركة الاتحاد العقاري المصري - البائعين والمشترين للعين المرهونة ضماناً لدين الأجرة - أما تركة المرحومة أسما حليم التي كان هذا الشق من الطلبات موجهاً إليها أيضاً فقد أغفل الحكم المطعون فيه كلية تسبيب قضاءه بالنسبة لها ومن ثم يكون هذا الحكم قد قضى بالرفض دون ما سبب في شق من الطلبات وسبب قضاءه في الشق الثاني بالنسبة لبعض المدعى عليهم دون باقيهم رغم اختلاف أوضاعهم ومراكزهم القانونية في الدعوى مما لا يمكن معه انطباق الأسباب الواردة في شأن هذا البعض على الباقين.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن الصورة المعلنة لصحيفة الاستئناف رقم 128 سنة 7 ق والمقدمة بملف الطعن، أن الطاعن اقتصر في استئنافه هذا على طلب إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلبه الخاص بإلزام المستأنف عليهم أن يدفعوا له المبلغ موضوع الدعوى وفوائده وطلب الطاعن من محكمة الاستئناف القضاء له بهذا المبلغ وقدره 2798 ج و340 م وفوائده بواقع 8% من أول يوليه سنة 1934 حتى 15/ 10/ 1949 وبواقع 7% من 16/ 10/ 1949 حتى تمام السداد مع تسجيل الحكم الذي يصدر على هامش التسجيلات والقيود المشار إليها بصحيفة الاستئناف ولم يضمن الطاعن طلباته في هذا الاستئناف شيئاً بخصوص ما كان قد طلبه أمام محكمة أول درجة من الحكم له بأحقيته في العقود والقيود المبينة بصحيفة دعواه الابتدائية وإذ كان الاستئناف على ما تقدم ذكره لم يتناول قضاء الحكم في هذا الشق من الطلبات ولم يطلب الطاعن من محكمة الاستئناف القضاء له به فإن هذا الشق من الطلبات لا يكون مطروحاً على تلك المحكمة ومن ثم فلم يكن لها أن تعرض له في حكمها إذ ليس على محكمة الدرجة الثانية أن تعرض لما لم يستأنفه الخصوم من قضاء محكمة الدرجة الأولى وبالتالي يكون النعي بالقصور على الحكم المطعون فيه لإغفاله الرد على هذا الطلب على غير أساس - أما ما يقوله الطاعن من أن هذا الحكم لم يسبب قضاءه برفض طلب إلزام تركة المرحومة أسما حليم بالمبلغ المطالب به فإن هذا القول غير صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن من بين ما استند إليه في نفي التزام المستأنف عليهم جميعاً ومن بينهم الحارس القضائي على هذه التركة بهذا المبلغ قوله "أن المستأنف (الطاعن) أقام دعوى يطالب فيها ورثة السيدة المرحومة أسما حليم بتقديم حساب عن إدارتها لأطيانه عن المدة من 15/ 9/ 1923 إلى 26/ 9/ 1936 تقيدت برقم 1121 سنة 1937 كلي مصر وفيها أقر المستأنف بتنازله عن الدعوى وقد كان الحساب المطلوب شاملاً للمدة الواقعة بين وفاة والده المرحوم حسين باشا واصف ووفاة المرحومة أسما هانم حليم ومن البديهي أن المحاسبة عن الأطيان موضوع النزاع كانت من أهداف تلك الدعوى وذلك بالرغم من إنكار وكيله بمذكرته" كما أحال الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض مع أسبابه ومن بين ما تشمله هذه الإحالة ما تضمنه الحكم الابتدائي من أسباب مسهبة لتبرير قضائه برفض طلب إلزام تركة المرحومة أسما حليم بالمبلغ المطالب به - ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في جميع ما تضمنه غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم دلل على حسن نية شركة الاتحاد العقاري المصري (المطعون ضدها الرابعة) في الوفاء للحارس على تركة أسما حليم (المطعون ضده الثاني) بأن الطاعن كان قد رفع دعوى حساب على ورثة المرحومة أسما حليم وتنازل عنها وإن هذا التنازل يشمل الحق الذي يطالب به في دعواه الحالية هذا في حين أن دعوى الحساب التي تنازل عنها الطاعن لم تكن تتضمن هذا الحق. ومن ثم فلا يتناوله هذا التنازل وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه التنازل منصباً على ذلك الحق على الرغم من أنه لم يكن محلاً للنزاع في دعوى الحساب آنفة الذكر فإن الحكم يكون مشوباً بفساد الاستدلال فضلاً عن مخالفته لنص المادة 555 من القانون المدني التي توجب تفسير عبارات التنازل تفسيراً ضيقاً وقصره على الحقوق التي كانت وحدها بصفة جلية محلاً للنزاع الذي حسمه الصلح.
وينعى الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون فيما أقام عليه قضاءه برفض الدعوى بالنسبة لشركة الاتحاد العقاري المصري (المطعون ضدها الرابعة) من أن وفاءها بالدين الذي كانت الأطيان التي اشترتها مثقلة به - للحارس على تركة المرحومة أسما حليم كان بحسن نية ولشخص كان الدين في حيازته فتبرأ به ذمة الشركة طبقاً للمادة 333 من القانون المدني ويقول الطاعن إنه لا مجال لإعمال تلك المادة متى كان قد أخبر الشركة باستحقاقه لبعض هذا الدين قبل أن توفي به مما كان يقتضي - في رأيه - تطبيق المواد الخاصة بالنيابة ومن بينها المادة 106 من القانون المدني التي تقضي بأن أثر العقد يضاف إلى الأصيل حتى ولو لم يكن العاقد قد أعلن وقت إبرامه العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً وذلك متى كان من المفروض حتماً أن من تعاقد مع النائب يعلم بوجود النيابة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب.
ويتحصل الوجه الثاني من السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون فيما قاله من أن المشرع يحمي الذين تعاملوا مع الدائن الظاهر ولو كان سيء النية وكشف حقيقة أمره ذلك أنه طالما انكشف للمدين سوء نية الدائن الظاهر وانعدام حقه فإن المدين يصبح سيء النية ولا يسري الوفاء الحاصل منه إلى الدائن الظاهر في حق الدائن الحقيقي.
ويتحصل الوجه الثالث من هذا السبب في أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال فيما قرره من أن تسجيل الطاعن عريضة دعواه والتأشير بذلك على هامش قيد الرهن والاختصاص لم يأخذ مأخذ الجد، وأن هذا التأشير ما كان ليمنع مصلحة الشهر العقاري من إجراء شطب قيد الرهن لأن دعوى الطاعن تعتبر دعوى شخصية وتسجيل عريضتها لا يرتب له حقاً عينياً - هذا في حين أن دعوى الطاعن في شقها الأول تتضمن المطالبة بحق عيني ولم يتطلب المشرع لحفظ حقه هذا أكثر من الإجراء الذي اتخذه.
وحيث إن الحكم الابتدائي قد أورد في أسبابه التي أخذ بها الحكم المطعون فيه - بصدد نفي التزام تركة المرحومة أسما حليم بالمبلغ الذي طالب به الطاعن ما يأتي "وحيث إن الحارس المصفي لتركة المرحومة أسما حليم طلب رفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى الإقرار الرسمي من المدعي (الطاعن) بتاريخ 20 يوليه سنة 1937 الذي جاء بالبند الثاني منه "إلحاقاً لما تقدم في البند الأول أقرر أيضاً بتنازلي نهائياً عن دعوى الحساب رقم 1121 سنة 1937 كلي مصر المبينة في صدر هذا الإقرار" وحيث إنه بالرجوع إلى عريضة الدعوى المذكورة المنضمة يتضح أنها أعلنت من المدعي إلى محمد علي حليم وإبراهيم حليم والسيدة فاطمة توفيق لإلزامهم بصفتهم ورثة المرحومة أسما حليم بأن يقدموا له حساباً صحيحاً مؤيداً بالمستندات عن إيراداته ومصروفاته وذلك عن المدة من 15 سبتمبر سنة 1923 تاريخ وفاة والده إلى 26 ديسمبر سنة 1936 تاريخ وفاة مورثة المدعى عليهم التي وضعت يدها على تركة مورثه ومورثها بصفتها حارسة فوصية عليه فوكيلة عنه وحيث إن المدعي (الطاعن) رد على ذلك بأن الإقرار إنما ينصب على الدعاوى التي كانت قائمة فقط عند صدوره ولم تكن الدعوى الراهنة من بينها ومن ثم فلا ينسحب عليها. وحيث إنه بالرجوع إلى أوراق الدعوى الحالية يتضح أن المحاسبة تمت بين المستأجر والمؤجرة شخصياً بتاريخ 15 يونيه سنة 1934 وأن رهن الأعيان الذي تم ضماناً للدين المعترف به قيد في 26 يوليه سنة 1934 وأن دعوى الإيجار رفعت في سنة 1936 وحكم فيها ابتدائياً في 15/ 11/ 1941 ورفض تدخل المدعي فيها أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 18 يونيه سنة 1942 وتم التصديق على محضر الصلح المقدم فيها من الطرفين في 11 يونيه سنة 1943، وحيث إن المسلم به من المدعي (الطاعن) نفسه أن المبلغ المطالب به قد نتج عن إدارة المرحومة أسما حليم لجزء من أطيانه عن طريق تأجيره للغير في المدة من أول نوفمبر سنة 1926 إلى آخر أكتوبر سنة 1935 أي في فترة داخلة في مدة وكالتها عنه حسب الثابت بعريضة دعوى الحساب وقد صفى حساب الإيجار المقول بعقده لصالحه بمعرفة وكيلته ومن ثم يكون إقراره بالتنازل نهائياً عن دعوى الحساب وبأحقيته فقط لمبالغ معينة وردت في ذلك الإقرار يعتبر وارداً في حقوقه الناشئة من الإيجار المشار إليه باعتباره أحد أعمال الإدارة التي قامت بها نيابة عنه، وحيث إن عقد الرهن المقيد في 26 يوليه سنة 1934 والأحكام الصادرة بعد ذلك والصلح المصدق عليه في 11 يونيه سنة 1943 ليست في الحقيقة سوى سلسلة من الأعمال القانونية قصد بها تفسير وتنفيذ المحاسبة التي تمت بين المؤجرة والمستأجر في 15 يوليه سنة 1934 فلم يكن من أثرها إنشاء حق استقر للمؤجرة في ذمة المستأجر وورثته من بعده في تاريخ لاحق للمدة التي قامت فيها السيدة أسما حليم بإدارة أمواله والتي طالب المدعي ورثتها بتقديم الحساب عنها. وحيث إنه متى ثبت أن الدين المطالب به في الدعوى الحالية ناشئ عن إدارة السيدة أسما حليم لأطيان المدعي في المدة الواردة بعريضة دعوى الحساب وثبت كذلك أن المدعي قد تنازل عن دعوى الحساب المرفوعة منه على ورثتها مع استثناء مبالغ معينة أشير إليها صراحة في إقرار التنازل بغير ما قيد أو تحفظ بالنسبة لغيرها فإن الدعوى الحالية تكون على غير أساس متعينة الرفض دون حاجة للتعرض للنزاع الذي أثاره الحارس حول ملكية المدعي للأرض المطالب بإيجارها استناداً إلى ما ورد بحكم المحكمين" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم ما سبق نقله عنه في الرد على الوجه الأول من السبب الأول ولما كان يبين من الإقرار الكتابي المصدق عليه في 20 يوليه سنة 1937 والمقدمة صورته الرسمية من الطاعن بملف الطعن أن هذا الطاعن أقر فيه بتنازله نهائياً عن الدعوى رقم 961 سنة 1937 كلي مصر التي كان قد رفعها بطلب بطلان حكم المحكمين وعن الدعوى رقم 1021 سنة 1937 التي كان قد رفعها ضد ورثة المرحومة أسما حليم بطلب تقديم حساب عن إدارة مورثتهم المذكورة لتركة والده المرحوم حسين واصف في المدة من 15 سبتمبر سنة 1923 تاريخ وفاة الأخير حتى 26 ديسمبر سنة 1936 تاريخ وفاة السيدة أسما حليم وعن الدعوى رقم 490 سنة 1947 كلي مصر التي كان الطاعن قد أقامها ضد ورثة السيدة المذكورة بطلب إلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثتهم مبلغ 8740 ج - كما تنازل الطاعن عن الحجز الذي كان قد أوقعه تحت يد بنك مصر وفاء لهذا المبلغ وأقر الطاعن في هذا الإقرار بصحة حكم المحكمين وبقبوله له وتعهد بتنفيذه كما أقر في البند الثالث بما يأتي "وحيث إنه لم يكن لي طرف المرحومة أسما هانم حليم سوى مبلغ 3474 ج و645 م وهذا المبلغ وافق ورثة السيدة المذكورة بأنه حقي لذلك فإني أوافق على دفع هذا المبلغ إلى البنك العقاري المصري لحسابي من النقود المودعة ببنك مصر باسم المرحومة أسما هانم حليم" وختم الإقرار بالعبارة الآتية "قد صدر هذا الإقرار مني بعد فحص ودرس جميع تفصيلات القضايا المذكورة بهذا والأرقام الحسابية المقيدة في الدفاتر وصار هذا الإقرار نهائياً لا رجوع فيه بأي وجه من الوجوه" لما كان هذا هو الثابت في الإقرار المختلف على تفسيره فإن محكمة الموضوع إذ حصلت منه أنه تضمن فيما تضمنه تصفية حساب الإيجار المطالب به في الدعوى الحالية بحيث يمتنع على الطاعن العودة إلى المطالبة بهذا الدين وبينت المحكمة الاعتبارات المؤدية لذلك وكانت فيما حصلته لم تخرج في تفسيرها لهذا الإقرار عن المعنى الظاهر لعباراته فإنه لا يكون لمحكمة النقض سبيل عليها في ذلك ولا وجه للنعي على حكمها بمخالفة نص المادة 555 من القانون المدني في هذا التفسير ذلك أن ما ورد في البند الثالث الآنف الذكر صريح في الدلالة على أن الطاعن قد أبرأ ذمة السيدة أسما حليم نهائياً من جميع ماله من ديون عليها حتى تاريخ وفاتها باستثناء مبلغ ال 3464 ج و645 م المشار إليه في هذا البند والذي اتفق على أن يدفعه الورثة للبنك العقاري المصري لحسابه ولم ينازع الطاعن في أنهم دفعوه فعلاً - ولما كان الدين المطالب به في الدعوى الحالية قائماً في ذمة السيدة أسما حليم وقت صدور هذا الإقرار من الطاعن فإن التصفية التي تمت تكون قد شملته حتماً ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في الوجه الأول من السبب الثاني بفساد الاستدلال ومخالفة القانون في خصوص تفسيره للإقرار المتقدم الذكر على غير أساس وإذ كان الحكم قد انتهى صحيحاً إلى عدم أحقية الطاعن في مطالبة ورثة المرحومة أسما حليم بالمبلغ المطالب به فإن ذلك يستتبع بالضرورة عدم أحقيته أيضاً في مطالبة ورثة الشلقاني وشركة الاتحاد العقاري المصري بهذا المبلغ لأن حقه في مطالبتهما به مترتب على انشغال ذمة تركة المرحومة أسما بهذا الدين ومن ثم فقد كان حسب الحكم المطعون فيه لرفض الدعوى قبل هذين المطعون عليهما (ورثة الشلقاني والشركة) ما أورده من أسباب لرفضها قبل تلك التركة وبالتالي يكون كل ما قاله الحكم في شأن صحة الوفاء الحاصل من الشركة وورثة الشلقاني إلى ورثة المرحومة أسما حليم وفي شأن ما يترتب على تسجيل عريضة دعوى الطاعن استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى لا يؤثر الخطأ في سلامة الحكم ومن ثم يكون النعي بباقي أوجه الطعن المتقدم ذكرها وهو منصب على ما ورد في تلك الأسباب الزائدة غير منتج - بفرض صحته. ثانياً - عن الطعن الموجه إلى قضاء الحكم المطعون فيه في الاستئناف رقم 129 سنة 7 ق المنصورة.
وحيث إن هذا الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في الاستدلال ذلك أنه أقام قضاءه بعدم جواز استئناف الحكم الصادر باعتبار الطاعن تاركاً دعواه على ما قاله من أن الطاعن قبل هذا الحكم ونفذه بأن رفع الدعوى من جديد وأنه لا مصلحة له في هذا الاستئناف بعد أن قضي في موضوع دعواه الثانية برفضها واستأنف الحكم الصادر فيها - هذا في حين أن الطاعن عندما رفع دعواه الثانية احتفظ لنفسه بالحق في استئناف الحكم الصادر في دعواه الأولى باعتباره تاركاً لها كما أن رفعه دعواه الثانية لا يمكن أن يعتبر تنفيذاً للحكم الصادر في الدعوى الأولى لأن هذا الحكم لم يقض بشيء يمكن للطاعن تنفيذه إذ قد اقتصر قضاؤه على اعتبار المدعي تاركاً دعواه وإلزامه بالمصاريف كما أن قبول الحكم الذي يفيد التنازل عن الحق في الاستئناف يجب أن يكون صريحاً ولا يؤخذ بطريق الاستنتاج كذلك فإن مصلحة الطاعن في استئناف الحكم الصادر في دعواه الأولى قائمة لأنه طالب فيها بالفوائد من تاريخ رفعها وبالمصاريف والقضاء باعتباره تاركاً هذه الدعوى يترتب عليه ضياع هذه الفوائد والمصاريف عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على قوله "وحيث إن المستأنف (الطاعن) أقام أولاً الدعوى رقم 330 سنة 1949 كلي المنصورة وقد انتهت بالقضاء فيها بتاريخ 2 يونيه سنة 1953 باعتباره تاركاً دعواه وبعد أن صدر هذا الحكم قام المستأنف برفع الدعوى من جديد ضد نفس الخصوم وبنفس الطلبات وقيدت هذه الدعوى برقم 54 لسنة 1954 وقد طعن على الحكم الصادر فيها برفضها بطريق الاستئناف ثم طعن بعد ذلك على الحكم الأول الصادر في الدعوى رقم 330 سنة 1949 بطريق الاستئناف أيضاً. وحيث إن هذا الإجراء الذي قام به المستأنف يعتبر من جانبه قبولاً للحكم الصادر في الدعوى الأولى موضوع هذا الاستئناف وذلك طبقاً لحكم المادة 377 من قانون المرافعات التي تنص على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم... ومن المقرر قانوناً تطبيقاً لهذه المادة أن المحكوم عليه يعتبر قابلاً للحكم إذا نفذه باختياره دون أن يكون مجبراً على التنفيذ ولما كان الحكم قد قضى باعتبار المدعي تاركاً لدعواه فإنه يكون قد ترك دعواه فعلاً ويعتبر بذلك أنه نفذ الحكم باختياره حين قام برفع الدعوى من جديد بنفس الطلبات وعلى نفس الخصوم بإجراءات مبتدأة وعلى ذلك أصبح الحكم الصادر في الدعوى رقم 330 سنة 1949 نهائياً غير قابل للاستئناف وحيث إنه من جهة أخرى فإنه من المقرر قانوناً أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن وإذ ثبت مما تقدم أن المستأنف قد عدل عن الاستمرار في تلك الدعوى وأقام دعوى أخرى فإنه لا تكون له مصلحة في الطعن على الحكم الصادر في الدعوى الأولى باعتباره تاركاً لها لأنه لن يعود هذا الطعن عليه بأية فائدة وحيث إنه لذلك يكون الدفع المبدى من مصلحة الشهر العقاري بعدم جواز الطعن في الحكم الأول بطريق الاستئناف في محله". ولما كان قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل قول أو فعل أو إجراء يدل دلالة واضحة على الرضاء بالحكم وترك الحق في الطعن فيه، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت قبول الطاعن للحكم الصادر في دعواه الأولى باعتباره تاركاً لها من أنه بدلاً من أن يستأنف هذا الحكم رفع دعوى جديدة بالطلبات عينها وعلى الخصوم أنفسهم ولما قضي برفض دعواه هذه رفع استئنافاً عن الحكم الصادر فيها ثم أتبعه برفع استئناف عن الحكم الصادر في دعواه الأولى واعتبرت محكمة الاستئناف رفعه الدعوى من جديد بمثابة تنفيذ اختياري لما قضى به الحكم الأول من اعتباره تاركاً دعواه وذلك لما في رفعه الدعوى الثانية بدلاً من استئنافه الحكم الصادر في دعواه الأولى من دلالة واضحة على تركه الدعوى الأولى فعلاً وإذ كان هذا الذي استخلصته محكمة الاستئناف هو استخلاص موضوعي سائغ مستمد من وقائع تؤدي إليه وكان ما يدعيه الطاعن من أنه احتفظ بحقه في استئناف هذا الحكم عند رفع دعواه الثانية هو ادعاء مجرد من الدليل فلا يؤبه به - لما كان ذلك، فإن النعي بمخالفة القانون وبفساد الاستدلال على قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف يكون على غير أساس وإذ كان يكفي هذا الحكم لإقامة قضائه هذا ما قرره من قبول الطاعن للحكم المستأنف فإن ما أورده في أسبابه عن انتفاء مصلحة الطاعن في الاستئناف يكون تزيداً منه لم يكن هو بحاجة إليه في إقامة قضائه ومهما وقع من خطأ في هذه الأسباب النافلة فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم وبالتالي يكون النعي بهذا الخطأ غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


(1) راجع نقض 3/ 12/ 1964 الطعن 20 س 30 ق السنة 15 ص 1091.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق