جلسة 18 من فبراير سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.
--------------
(27)
الطعن رقم 143 لسنة 30 القضائية
(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "التأمين من المسئولية عن حوادث السيارات". تأمين. الاشتراط لمصلحة الغير.
ليس للمضرور قبل العمل بقانون التأمين الإجباري من المسئولية عن حوادث السيارات الرجوع على المؤمن بحق مباشر إلا حيث تتضمن وثيقة التأمين اشتراطاً لمصلحة الغير. لا يمنع ذلك المؤمن من الاحتجاج على المضرور بالدفوع التي نشأت قبل وقوع الحادث.
(ب) تأمين. "التأمين من المسئولية عن حوادث السيارات". "مسئولية". "مسئولية تقصيرية".
اشتراط سقوط الحق في التأمين بسبب عدم صلاحية السيارة للاستعمال وقت الحادث، ينأى عن البطلان الذي تجرى به المادة 750 فقرة أولى مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها حورية عبد العظيم السعدني أقامت الدعوى رقم 621 سنة 1957 كلي مصر على شركة التأمين الطاعنة طالبة إلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 7820 ج وذلك في مواجهة المطعون عليه الثاني صاحب السيارة رقم 26458 المؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة وقالت بياناً لدعواها إن قائد السيارة المذكورة كان قد صدم بها مورثها المرحوم عبد العظيم السعدني بتاريخ 15/ 3/ 1955 - وتسبب بذلك في وفاته واتهمت النيابة قائد السيارة بقتل المورث خطأ وأقامت عليه دعوى الجنحة رقم 1417 سنة 1955 الوايلي وقد ادعت المطعون عليها الأولى مدنياً في هذه الدعوى ضد المتهم وصاحب السيارة المسئول عن الحقوق المدنية طالبة إلزامهما بالتعويض بالتضامن وقضى نهائياً على المتهم بالعقوبة وبإلزامه مع صاحب السيارة متضامنين بدفع مبلغ 7500 ج بصفة تعويض، ونظراً لعدم استيفاء المطعون عليها المذكورة مبلغ التعويض من المحكوم عليهما فقد رفعت دعواها الحالية ضد الشركة الطاعنة طالبة إلزامها بأدائه مضافاً إليه مصروفات الادعاء المدني عن الدرجتين، ودفعت الطاعنة بعدم مسئوليتها عن دفع مبلغ التأمين وأقامت على صاحب السيارة دعوى فرعية طالبة فسخ عقد التأمين تأسيساً على أنه لم يخطرها بتغيير رقم السيارة وأنه تنازل عن اللوحة المعدنية المسجل بها رقمها القديم خلافاً لما تنص عليه وثيقة التأمين وعلى أن إدارة المرور قد أجرت تغيير الرقم دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون، وبجلسة 30 نوفمبر سنة 1958 قضت المحكمة في الدعوى الفرعية برفضها وفي الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ 7600 ج وأسست قضاءها في هذه الدعوى الأخيرة على أن للمطعون عليها الرجوع بدعوى مباشرة على الطاعنة عملاً بالمادة 5 من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية عن حوادث السيارات استأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 160 سنة 76 ق وبجلسة 23 فبراير سنة 1960 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 9 نوفمبر سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة التي حددت لنظره أمامها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وقصوره في التسبيب وتقول في بيان ذلك إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم مسئوليتها عن دفع مبلغ التأمين سواء إلى المطعون عليه الثاني المستأمن أو المطعون عليها الأولى (المضرور) واستندت في ذلك إلى أن وثيقة التأمين توجب على المستأمن أن يتخذ الاحتياطات المعقولة للمحافظة على السيارة المؤمن عليها وصيانتها بحيث تكون دائماً صالحة للاستعمال وبحالة جيدة وإلا كانت شركة التأمين غير مسئولة عن دفع مبلغ التأمين وأنه قد ثبت بمحضر الجنحة رقم 1417 سنة 1955 الوايلي الذي حرر عن الحادث وقضي بناء عليه بإدانة قائد السيارة وبإلزامه بالتضامن مع المطعون عليه الثاني (المسئول عن الحقوق المدنية) بالتعويض المدني أن السيارة كانت غير صالحة للاستعمال وقت الحادث بسبب اختلال الفرامل وعجلة القيادة - وقد اغتنى الحكم المطعون فيه عن مواجهة هذا الدفاع وبحثه بما قاله من أن القواعد العامة في التأمين تخول المضرور حقاً مباشراً في الرجوع على المؤمن وأن وثيقة التأمين المعقودة بين شركة التأمين الطاعنة وبين المطعون عليه الثاني يستخلص منها أن الطرفين قصدا الاشتراط لمصلحة الغير الذي يصاب بالضرر من السيارة بما يجعل للمطعون عليها الأولى حقاً مباشراً قبل الطاعنة بموجب هذا الاشتراط أيضاً وأنه لا يجوز للطاعنة على هذا الأساس أن تدفع في مواجهة المطعون عليها الأولى بما كان لها أن تدفع به قبل المطعون عليه الثاني وذلك في حين أنه ليس في الأحكام العامة للتأمين ما يخول المضرور مطالبة شركة التأمين بحق مباشر وبذلك فلا يكون له أن يرجع عليها إلا استعمالاً لحق مدينه (المستأمن) بطريق الدعوى غير المباشرة، وفي حين أن الثابت بوثيقة التأمين أن الشركة الطاعنة قد التزمت بدفع مبلغ التأمين إلى المستأمن دون سواه وليس بها ما يدل على أن الطرفين قد قصدا اشتراط حق مباشر لمصلحة الغير وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ثبوت حق مباشر للمطعون عليها قبل الطاعنة بالاستناد إلى الأحكام العامة في التأمين أو بموجب وثيقة التأمين المقدمة في الدعوى وتحلل بذلك من بحث الدفع الذي تمسكت به الطاعنة فإن ذلك الحكم يكون معيباً بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استبعد ما ذهب إليه الحكم الابتدائي من الاستناد إلى أحكام القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية عن حوادث السيارات في تقرير حق المطعون عليها الأولى في الرجوع بدعوى مباشرة على الطاعنة بعد أن استبعد الحكم ذلك الاستناد تأسيساً على أن القانون المشار إليه لم يعمل به إلا بعد تاريخ الحادث المؤمن منه عرض بصفة عامة لما أثارته الطاعنة من دفوع وقصر حديثه عنها على القول بأنه لا يجوز للطاعنة أن تحتج في مواجهة المطعون عليها الأولى وهي المضرور بالدفوع التي كانت لها قبل المطعون عليه الثاني (المستأمن) لأن المطعون عليها الأولى لا ترجع على الطاعنة بدعوى مدينها المطعون عليه الثاني وإنما ترجع عليها بما لها هي من حق مباشر تستمده من وثيقة التأمين التي يستخلص من بنودها أن طرفيها قصدا الاشتراط لمصلحة الغير الذي يصاب بالضرر كما أن الفقه قد جرى على تخويل المضرور حقاً مباشراً في مطالبة المؤمن تحقيقاً للغاية من التأمين، ولما كان المشرع المصري - قبل العمل بالقانون رقم 652 لسنة 1955 المشار إليه - لم يورد نصاً خاصاً يقرر للمضرور حقاً مباشراً في مطالبة المؤمن بالتعويض الذي يسأل عنه هذا الأخير قبل المستأمن فإنه لا يكون للمضرور قبل العمل بقانون التأمين الإجباري المشار إليه الرجوع على المؤمن بحق مباشر إلا حيث تتضمن وثيقة التأمين اشتراطاً لمصلحة الغير، كذلك فإنه بفرض صحة ما ذهب إليه الحكم من أنه يستخلص من شروط وثيقة التأمين المعقودة بين الطاعنة والمطعون عليه الثاني أن الطرفين قصدا الاشتراط لمصلحة الغير وخولا بذلك للمضرور حقاً مباشراً في منافع العقد طبقاً للقواعد العامة في القانون فإنه بذلك لا يمنع من أن يكون للمؤمن الاحتجاج على المضرور بالدفوع التي نشأت قبل وقوع الحادث لأن المضرور إنما يتلقى حقه المباشر كما هو بالدفوع التي ترد عليه وقت وقوع الحادث وفي الحدود التي يرسمها عقد التأمين الذي أنشأ له هذا الحق، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع - على ما هو ثابت بالصورة الرسمية لمذكرتها المقدمة لجلسة 23 فبراير سنة 1960 بعدم مسئوليتها عن دفع مبلغ التأمين إلى المطعون عليه الثاني (المستأمن) أو إلى المطعون عليها الأولى (المضرور) مستندة في ذلك إلى ما تنص عليه وثيقة التأمين في البندين الرابع والتاسع من أنه يجب على المستأمن المحافظة على السيارة وصيانتها وجعلها صالحة للاستعمال وإلا كانت شركة التأمين غير مسئولة عن دفع مبلغ التأمين وذكرت أنه قد ثبت في قضية الجنحة الخاصة بالحادث المؤمن منه أن السيارة لم تكن صالحة للاستعمال وقت وقوع ذلك الحادث بسبب اختلال الفرامل وعجلة القيادة. وكان الشرط الذي يرد في عقد التأمين بسقوط الحق في التأمين بسبب عدم صلاحية السيارة للاستعمال وقت وقوع الحادث ينطوي على استبعاد مخالفة معينة من المخالفات المنصوص عليها في قانون المرور من نطاق التأمين ومبناه الرغبة المشروعة في الحد من نطاق المسئولية باستبعاد بعض الصور التي يكون من شأنها جعل الحادث المؤمن منه أكثر احتمالاً. مما ينأى بذلك الشرط قانوناً عن البطلان الذي تجرى به المادة 750 فقرة أولى مدني على الشروط التي تقضي بسقوط الحق في التأمين بسبب مخالفة القوانين أو اللوائح بصفة عامة دون تحديد لمخالفة معينة من المخالفات المنصوص عليها فيها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن للمطعون عليها الأولى طبقاً للأحكام الخاصة بعقد التأمين حقاً مباشراً في مطالبة الطاعنة بالتعويض ولو لم تتضمن الوثيقة اشتراطاً لمصلحة الغير وإذ قرر أن الحق المباشر الذي استخلصه لمصلحة المضرور من شروط وثيقة التأمين مثار النزاع في الدعوى يحول بين الطاعنة وبين الدفع في مواجهة المطعون عليها الأولى بما لها الدفع به في مواجهة المطعون عليه الثاني دون تمييز بين الدفوع السابقة على الحادث والدفوع اللاحقة له فإن ذلك الحكم يكون قد أخطأ في القانون كما أن المحكمة وقد حجبت نفسها بهذا التقرير الخاطئ عن البحث في الدفع الذي أثارته الطاعنة باعتباره من الدفوع السابقة على الحادث وعما يقتضيه هذا البحث بالضرورة من التثبت أولاً من أن الشرط الذي تستند إليه الطاعنة في دفعها لا يقع تحت طائلة البطلان المنصوص عليه في البندين الثالث والخامس من المادة 750 مدني فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق