جلسة 17 من ديسمبر سنة 1952
برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن وبحضور حضرات المستشارين: إبراهيم خليل ومصطفى حسن وأنيس غالي ومصطفى كامل.
---------------
(99)
القضية رقم 1241 سنة 22 القضائية
(1) نقض.
الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يختم في الميعاد.
(2) محكمة استئنافية.
الأصل أنها تحكم في الدعوى بعد إطلاعها على الأوراق. طلب المتهم إعادة سماع الشهود دون بيان وجه النقص الذي يطلب استكماله. عدم إجابته إلى ذلك. لا إخلال بحق الدفاع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: سما البقرة المبينة بالمحضر لمحمد إسماعيل يوسف بأن وضعا لها الزرنيخ قاصدين من ذلك قتلها فظهرت بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أدت إلى نفوقها. وطلبت عقابهما بالمادة 355/ 2 من قانون العقوبات. وقد أدعى محمد إسماعيل يوسف المجني عليه بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن. ومحكمة الصف الجزئية قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام أولا: في الدعوى العمومية بحبس كل من المتهمين ستة شهور بالشغل وكفالة عشرة جنيهات لكل منهما لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية وثانيا: في الدعوى المدنية بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدني ستين جنيها مصريا تعويضا مع المصروفات المدنية و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهمان ومحكمة مصر الابتدائية قضت فيه حضوريا بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المتهمين بالمصاريف المدنية. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين يعيبان على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالبطلان أولا لعدم التوقيع عليه في خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره, وثانيا: لاخلاله بحق الدفاع إذ طلبا من المحكمة الاستئنافية تحقيق الدعوى وسماع الشهود فأغفلت هذا الطلب ولم ترد عليه, وثالثا: لمخالفته للقانون إذ أن محكمة أول درجة اجتزأت أقوال بعض الشهود ولم تسمع البعض الآخر على خلاف ما تقضي به المواد 271, 272, 278, 290 من قانون الإجراءات الجنائية وقد طلب الدفاع من المحكمة الاستئنافية تصحيح الإجراء وتدارك النقص طبقا للمادتين419,413 من قانون الإجراءات فأغفلت هذا الطلب, ورابعا: لخطئه في الاسناد فانه وقد أخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة أخطأ في الاسناد (أ) فيما قرره بشأن الشاهدين عبد المنعم توفيق وسعيد محمد فقد اعتمد أقوالهما لأنهما من غير بلدة الخصوم بينما هذا لا يعتبر دليلا على صحة الشهادة (ب) بالنسبة لإنعدام رابطة هذين الشاهدين بالخصوم فلا دليل في أوراق الدعوى على ذلك (ج) بالنسبة للتقرير الطبي فهو بنصه وما ورد فيه يقوم على الشك وإصابة البقرة في حالة مرض معد. ومع نفوق هذه البقرة بعد ثلاثة أيام من الحادث فإن النيابة أمرت بإجراء التحليل وهو يعتبر لمصلحة الطاعنين ورغم ذلك كله فان الحكم يستند إلى التقرير في الجزم لنفوق البقرة من الزرنيخ المنسوب للطاعنين وضعه (خامسا) لمخالفته للقانون إذ قضى مؤيدا حكم محكمة أول درجة بإلزام الطاعنين متضامنين بمبلغ ستين جنيها مع المصروفات المدنية و200 قرش أتعاب محاماة في حين أن المدعي بالحق المدني اقتصر في توجيه دعواه على العبارة الآتية "ادعى مدنيا بمبلغ 100 جنيه" وفوق قضائه للمدعى بالحق المدني بما لم يطلبه فانه في المنطوق ألزم الطاعنين بالمصروفات المدنية كلها بينما في الأسباب رأى إلزامهما بالمصروفات المدنية المناسبة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول فان الطاعنين يعولان فيه على الشهادة المقدمة منهما الصادرة من قلم كتاب محكمة الجيزة بتاريخ 18 مايو من سنة 1952 ومفادها أن الحكم الصادر في الدعوى 326 سنة 1952 جنح مستأنفة المحكوم فيها بتاريخ 7 من أبريل سنة 1952 قد أودع ملفها موقعا عليه بتاريخ 8 مايو سنة 1952.
ومن حيث إنه لما كانت هذه الشهادة مقصورة على إثبات واقعة معينة وهى إيداع الحكم بتاريخ 8 من مايو سنة 1952 فهى لا تجدي في إثبات عدم التوقيع عليه في الثلاثين يوما التي حددتها المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية حسبما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أنه يجب لإثبات ذلك أن يحصل صاحب الشأن على شهادة تثبت أنه حين توجه لقلم الكتاب للاطلاع على الحكم لم يجده موقعا عليه ومودعا به رغم انقضاء ثلاثين يوما من تاريخ صدوره. لما كان ذلك فانه يتعين رفض هذا الوجه.
ومن حيث إنه عما يقوله الطاعنان في الوجهين الثاني والثالث من أن المحكمة لم تحقق الدعوى طبقا للقانون وأخلت بحقهما في الدفاع فانه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الابتدائية أن المحكمة سمعت اثنين من شهود الإثبات ثم أخذت في سماع شهود النفي فشهد والد الطاعن الثاني وعم الأول أن ابنه كان معه وقت الحادث ولم يسم البقرة وأن المجني عليه حضر مع ابنه بقصد الشجار معهما فاستغاث ثم سمعت شاهد نفي آخر وأخذت في سماع شاهد النفي الثالث وكانت شهادته تنصب على حصول شجار بين الطاعن الثاني ووالده وبين المجني عليه وأثبتت المحكمة في محضر الجلسة أن والد الطاعن الثاني أخذ يلقنه الشهادة فاكتفت بهذا القدر من أقواله وامتنعت عن إعادة سؤاله بناء على طلب الحاضر مع الطاعن الأول وبعد أن انتهت من سماع الشهود ترافعت النيابة ثم محاميا الطاعنين دون أن يشيرا في دفاعهما إلى أي نقص في التحقيق ودون أن يطلبا إلى المحكمة استجلاء وقائع بذاتها عن طريق مناقشة الشهود فيها. ويبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن محامي الطاعنين قالا فيها بالنسبة لشهادة الشهود "وأشار إلى ما ثبت بمحضر الجلسة من عدم تمكن الدفاع من مناقشة الشاهد وطلب إلى المحكمة أن تقرر سماع الشهود تصحيحا للوضع وصيانة للعدالة" وتمسك بضرورة سماع الشهود ومناقشتهم.
ومن حيث إنه لما كان واضحا من أقوال شاهد النفي الثالث أن شهادته لا تنصب على واقعة الدعوى ولكن على حصول مشاجرة قبل الواقعة بشهرين وقد أثبتت المحكمة في محضر الجلسة أنها لاحظت أن والد الطاعن الثاني يلقنه الشهادة وأنها اكتفت من شهادته بما قرره. ولما كان محامي الطاعن الأول قد طلب من المحكمة إعادة سؤال هذا الشاهد دون أن يبين الواقعة التي يريد إشهاده عليها وكانت شهادة الشاهد تتعلق بالطاعن الثاني الذي لم يبد اعتراضا. ولما كان محاميا الطاعنين قد ترافعا في موضوع الدعوى دون أن يطلبا إلى المحكمة إجراء أي تحقيق أو سماع شهود أو يوضحا ما سبق أن طلبه محامي الطاعن الأول من إعادة سماع شاهد النفي المشار إليه. ولما كان من المقرر أن للمحكمة إذا رأت الواقعة قد وضحت لديها وضوحا كافيا أن تمتنع عن سماع الشهود وكان لها أن تمتنع عن توجيه أسئلة للشاهد إذا كانت الواقعة المطلوب الاستشهاد عليها غير متعلقة بالدعوى, ولما كان الأصل في المحاكمة الاستئنافية بحسب المادتين 411و413 من قانون الإجراءات الجنائية أن تحكم المحكمة بعد اطلاعها على الأوراق دون أن تجري من التحقيقات إلا ما ترى هى لزوم إجرائه أو استكمال ما نقص من تحقيق كان يتعين على محكمة أول درجة إجراؤه, ولما كان الطاعنان إذ طلبا إلى المحكمة الاستئنافية إعادة شهادة الشهود لم يبينا وجه النقص الذي يطلبان استكماله واقتصر محامى أحدهما على طلب سماع الشهود تصحيحا للوضع وصيانة للعدالة كما اقتصر الآخر على طلب سماع الشهود ومناقشتهم دون بيان أو تحديد. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون سديدا.
ومن حيث إنه عن الوجه الرابع فإنه غير سديد كذلك, ففيما يتعلق بالواقعة الأولى أثبت في محضر جلسة المحاكمة الاسئنافية على لسان محامي الطاعنين "أن المتهمين من منيل سلطان والشهود من الكداية والمسافة بين البلدين 6 كيلو متر". فإذا كانت المحكمة قد رأت في ذلك ما يجعلها تطمئن إلي صدق هذين الشاهدين لذلك السبب فليس هذا مما يعيب تقديرها. وبالنسبة للواقعة الثانية فإن محكمة أول درجة سألت شاهد الإثبات عبد المنعم توفيق عما إذا كانت توجد بينه وبين المجني عليه قرابة فأجاب " لا ونحن من بلد وهو من بلد وزراعتنا بعيدة عن زراعته" فان اطمأنت المحكمة إلى قوله هذا وساقته للتدليل على صدق أقوال الشاهدين فان هذا من حقها خصوصا وأن الطاعنين لا ينازعان في صحة الواقعة التي استندات إليها المحكمة ـ ولا يختلف الأمر بالنسبة للتقرير الطبي فقد أورد حكم محكمة أول درجة المؤيد من الحكم المطعون فيه بصدده " ومن حيث إنه ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعى أن أحشاء البقرة عثر بها على آثار زرنيخ وهى المادة السامة التى أدت إلى قتل البقرة كما هو ثابت من التقرير البيطرى المؤرخ 21من أغسطس سنة 1951 وثبت من التقرير البيطرى أن البقرة نفقت من إصابتها بالتهاب معوي حاد بسبب تناولها مادة سامة يشتبه أن تكون زرنيخا وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي أن أحشاء البقرة وجد بها آثار زرنيخ وهي المادة السامة التى قتلتها وكل هذا يقطع في ثبوت التهمة قبل المتهمين" وهذا الذي ذكرته المحكمة نقلا عن تقرير الطبيب البيطري وعن تقرير مصلحة الطب الشرعى مضافا إلى ما استظهرته من أقوال الشهود وارتاحت له يؤدي إلى النتجة التى انتهت إليها.
ومن حيث إن ما يعترض عليه الطاعنان في الوجه الأخير من طعنهما هو حكم محكمة أول درجة المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه. ولما كان محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية قد خلا من أى اعتراض من جانب الطاعنين على الدعوى المدنية ومصاريفها فانه لا يقبل منهما إثارة هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ويتعين لذلك رفض هذا الوجه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق