الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2023

الطعن 12 لسنة 36 ق جلسة 26 / 3 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 83 ص 519

جلسة 26 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي؛ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(83)
الطعن رقم 12 لسنة 36 القضائية

قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم".
القضاء السابق في مسألة أساسية. اكتسابه قوة الأمر المقضي مانع للخصوم من العودة للتنازع فيها في أية دعوى تالية. لا يمنع من حيازة الحكم السابق قوة الأمر المقضي أن يكون الفصل في المسألة الأساسية وارداً في أسبابه. ارتباط أسباب الحكم بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً. اعتبارهما وحدة لا تتجزأ، يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي.

----------------
متى كان الحكم قد حدد نطاق الالتزام المطعون عليه، وكان فصله في هذه المسألة لازماً لتحديد مدلول التسليم المقضى به، وكانت هذه المسألة مسألة أساسية في الدعوى المذكورة تجادل فيها الخصوم وعرضت لها المحكمة في أسباب حكمها فبحثتها وحسمتها، بتقريرها أن التزام البنك لا يقتصر على مجرد التعاقد، وكان هذا التقرير هو العلة التي انبنى عليها منطوق حكمها، فإن قضاءها في هذه المسألة متى أصبح نهائياً يكون مانعاً من التنازع فيها بين الخصوم أنفسهم في أية دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها ولا يمنع من حيازة قضاء الحكم في هذه المسألة لقوة الأمر المقضي أن يكون الفصل فيها وارداً في أسباب الحكم السابق، ذلك أنه متى كانت هذه الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها فإنها تكون معه وحدة لا تتجزأ ويرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المهندس خليفة داود بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين أسامة وخالد، أقام الدعوى رقم 5157 سنة 64 كلي القاهرة على بنك القاهرة، طالباً الحكم عليه في مواجهة البنك المصري العربي (بنك مصر) والمهندس محمود سامي بفسخ التعاقد الذي تم بينهما بتاريخ 8/ 1/ 1959 وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 4012 ج و610 م قيمة الأسهم المبينة بالصحيفة والتي كلفه بشرائها لحساب ولديه المذكورين والفوائد بواقع 7% سنوياً من تاريخ التعاقد حتى السداد، وقال شرحاً للدعوى إنه بتاريخ 6/ 1/ 1959 طلب إلى المدعى عليه شراء مائتي سهم من أسهم البنك العربي المصري، وقد أخطره البنك المدعى عليه بإتمام هذا الشراء كما أخطره في 10/ 1/ 1959 بخصم مبلغ 4012 ج و610 م قيمة ثمن الأسهم ومقابل السمسرة ومصروفات العقد من حسابه لديه، ولما تبين له أن البنك لم يقم بنقل ملكية الأسهم لاسم ولديه القاصرين أقام ضده الدعوى رقم 1360 سنة 60 كلي القاهرة طالباً إلزامه برد المبلغ المشار إليه وفوائده بواقع 7% من تاريخ الإخطار بالشراء واحتياطياً إلزامه بتسليم الأسهم عيناً، وتمسك البنك المدعى عليه بأنه مجرد وكيل عن المدعي وقد أوفى التزامات الوكالة بإجراء التعاقد فلا يسأل في ماله عما لا يد له فيه، ثم أدخل كلاً من البنك العربي والمالك الأصلي للأسهم ضامنين له في الدعوى ليحكم عليهما بما عسى أن يحكم به عليه. وفي 9/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بإلزام بنك القاهرة بتسليم الأسهم المشتراة لحساب الطاعن بصفته تسليماً عينياً وبإلزام المدعى عليهما المدخلين بضمان التسليم المحكوم به، وأن يدفعا للبنك مدعي الضمان المصروفات التي ألزم بها، مستندة في ذلك إلى أنه ما دام التنفيذ العيني ممكناً فإنه لا يجوز الالتجاء إلى التعويض عند عدم تنفيذ العقد وأصبح هذا الحكم نهائياً، ولما تعذر تنفيذ هذا الحكم بسبب إقرار البنك المحكوم ضده بعدم إمكان التنفيذ العيني، أقام دعواه الحالية بطلباته سالفة البيان. ودفع الحاضر عن بنك القاهرة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1360 سنة 1960 كلي القاهرة. وفي 24/ 2/ 1965 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها (ثانياً) برفض الدعوى. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 667 سنة 82 ق. وبتاريخ 7/ 11/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت قبول الطعن في خصوص السبب الأول.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السبب الأول، مخالفة الحكم المطعون فيه للمادتين 405، 215 من القانون المدني، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر بين الخصوم أنفسهم في الدعوى رقم 1360 سنة 1960 كلي القاهرة والذي أصبح نهائياً وحاز قوة الشيء المحكوم به قد حسم الخلاف بين الطاعن وبنك القاهرة في مدى التزام هذا البنك بصفته وكيلاً عن الطاعن في شراء الأسهم باسم ولديه القاصرين ودفع ثمنها من حسابه لديه، إذ رفض دفاع البنك من أنه كان مجرد وكيل عن الطاعن وأنه أوفى بالتزاماته بمجرد التعاقد فلا يسأل في ماله عما لا يد له فيه، وقضى بأنه كان على البنك المذكور أن يبلغ بالعمل المتفق عليه مقصد الموكل وهو نقل ملكية الأسهم، لا مجرد التعاقد على شرائها، ونتيجة لذلك قضى الحكم المذكور بإلزام البنك بتسليم الأسهم المشتراة إلى الطاعن عيناً، والتسليم المقضى به لا يكون إلا بعد تحويل الأسهم لاسم من اشتريت لحسابهم، وبالرغم من تمسك الطاعن بما انتهى إليه الحكم المذكور من أن المقصود من الوكالة هو قيام البنك بنقل ملكية الأسهم لاسم المشتريين بما يجعل التزامه قبلهما التزاماً بغاية، فإن الحكم المطعون فيه قد رفض الأخذ بهذا الدفاع، تأسيساً على أن الحكم السابق قد انتهى في منطوقه إلى إلزام المطعون عليه الأول بتسليم الأسهم المشتراة لحساب الطاعن تسليماً عينياً، وأنه لا ارتباط بين هذا المنطوق وبين العمل على نقل ملكيتها بتحويلها لاسم المشتريين، وأن التزام البنك كان مجرد التزام ببذل عناية بما يجعله غير مسئول قبل الطاعن عن تحويل الأسهم إلى من اشتريت لحسابهما، وهو منه مسخ وتشويه للحكم السابق صدوره بين الطرفين أدى إلى إهداره لحجية هذا الحكم وإلى إعادة النظر في المسائل التي فصل فيها بما يخالفه ويناقضه، الأمر الذي ما كان يقع لو التفتت المحكمة إلى أن الحكم المذكور قد قضى في دعوى الضمان المرفوعة من بنك القاهرة ضد البنك العربي بإلزام هذا الأخير بضمان التسليم العيني المحكوم به على بنك القاهرة، باعتباره الممتنع عن نقل ملكية الأسهم لاسم المشتريين وأنه المسئول عن هذا الامتناع، ومتى كان الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع المطروح خلافاً للحكم الانتهائي السابق، فإنه يكون متعين النقض فلا يبق في الدعوى غير ذلك الحكم وإقرار بنك القاهرة باستحالة التنفيذ العيني الذي ألزمه به، ولما كان من المقرر أن الخطأ التعاقدي يتحقق بمجرد عدم تنفيذ الالتزام بغاية المتفق عليه، وكان خذلان من تعامل معهما البنك المطعون عليه الأول لا يعتبر سبباً أجنبياً لا يد له فيه يحول دون مسئوليته عن عدم التنفيذ العيني، فإن إلزامه بالتعويض الذي ثبتت عناصره من مدونات الحكم المطعون فيه يكون واجباً.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم السابق صدوره بين الطرفين في الدعوى رقم 1360 سنة 1960 كلي القاهرة، أنه أقام قضاءه بإلزام بنك القاهرة بتسليم الطاعن الأسهم المشتراة عيناً على قوله "وبما أنه وإن وضح أن البنك وكيل فهو وكيل بالعمولة وعليه تنفيذ الوكالة بعناية الشخص الحريص، وهو من ثم إذ وكله المدعي (الطاعن) بشراء أسهم اسمية فنفذ الأمر بالشراء في البورصة، كان عليه أن يبلغ بالعمل مقصد الموكل وهو نقل الملكية لا مجرد التعاقد، ونقل الملكية لا يتم إلا بتمام تحويل الأسهم لاسمه، وبما أن الالتزام بدفع قيمة الأسهم المختصمة من حساب المدعي رغم قيام عقد البيع وعدم طلب فسخه لا يمكن أن ينبني على أساس من القانون إلا باعتبار ذلك تعويضاً، وبما أن التنفيذ العيني لا زال ممكنناً فلا يجوز من ثم الالتجاء إلى التعويض عند عدم التنفيذ" ومفاد ذلك أن الحكم قد حدد نطاق التزام المطعون عليه الأول وأن فصله في هذه المسألة كان لازماً لتحديد مدلول التسليم المقضى به، ولما كانت هذه المسألة مسألة أساسية في الدعوى المذكورة تجادل فيها الخصوم وعرضت لها المحكمة في أسباب حكمها، فبحثتها وحسمتها بتقريرها أن التزام البنك لا يقتصر على مجرد التعاقد، وكان هذا التقرير هو العلة التي انبنى عليها منطوق حكمها، فإن قضاءها في هذه المسألة متى أصبح نهائياً يكون مانعاً من التنازع فيها بين الخصوم أنفسهم في أية دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها، ولا يمنع من حيازة قضاء الحكم في هذه المسألة لقوة الأمر المقضي أن يكون الفصل فيها وارداً في أسباب الحكم السابق، ذلك أنه متى كانت هذه الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فإنها تكون معه وحدة لا تتجزأ، ويرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على ما قرره من أن "البنك قام بكل ما طلب منه فأتم الصفقة طبقاً لرغبات المستأنف (الطاعن)، والمستأنف عليه الثالث (المطعون عليه الثالث) واستلم الأسهم بعد خصم الثمن ومصاريف العقد من حساب المستأنف وسلمه للبائع، وأنه لا يمكن أن يطلب من المستأنف عليه الأول (بنك القاهرة) بصفته وكيلاً بالعمولة أزيد مما يفرضه عليه القانون، إذ أن مهمته تنتهي بمجرد إبرام العقد وتوقيعه، أما ما يلي ذلك من إجراءات تنفيذ العقد أو ضمانة هذا التنفيذ فليس مسئولاً عنها" فإنه يكون قد أعاد النظر في ذات المسألة التي فصل فيها الحكم السابق إذ أن الأساس الذي بنيت عليه الدعوى المطروحة هو أن البنك لم يقم بتنفيذ التزامه بإتمام الصفقة ولم يقم بنقل ملكية الأسهم إلى اسم المشترين وهو بذاته الالتزام الذي حدد نطاقه الحكم السابق. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جاء خلافاً لذلك الحكم الذي صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق