جلسة 28 من يناير سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.
----------------
(22)
الطعن رقم 185 لسنة 30 القضائية
(أ) إجارة. "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". حكم. "الطعن فيه".
المنازعات التي تشير إليها المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947. المقصود بها، المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق أحكام هذا التشريع الاستثنائي. الدعوى بطلب الإخلاء استناداً إلى أحكام القانون 121 لسنة 1947. دفعها بعدم قيام علاقة إيجارية. استناد المحكمة في إثبات هذه العلاقة إلى ورقة صادرة من وكيل الطاعن. النزاع حول ما لهذه الورقة من حجية على الطاعن في إثبات عقد الإيجار. خروجه بطبيعته عن نطاق القانون 121 لسنة 1947 إذ الفصل فيه إنما يكون بتطبيق أحكام القانون المدني. لا ينال من ذلك كون هذه المنازعة مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق القانون 121 لسنة 1947 أو عدم تطبيقه. الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالفصل في هذه المنازعة. خضوعه للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه.
(ب) نقض. "حالات الطعن". "مخالفة القانون". إجارة. "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947".
جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف لمخالفة القانون. عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم استناداً إلى المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947. مناطه، ورود الطعن على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في منازعة ناشئة عن تطبيق هذا القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 453 سنة 1959 أمام محكمة المنيا الابتدائية وقال شرحاً لها - إنه يمتلك المنزل المبين بالعريضة بموجب عقدي بيع صادرين إليه من باقي المطعون عليهم أولهما في 27/ 5/ 1956 والآخر في 11/ 11/ 1958 وقد تلقى البائعون له ملكية هذا المنزل بطريق الوقف عن المرحومة ست بنت عبد القدوس وذلك بمقتضى حجة وقف في سنة 1940 وأصبحوا ملاكاً له بصدور قانون حل الوقف ولما كان الطاعن يستأجره من المالكة الأصلية وقد استمر منتفعاً به وتأخر في دفع الأجرة رغم تكليفه بالوفاء رسمياً في 9 من أغسطس سنة 1959 وكان المطعون عليه الأول فضلاً عن ذلك تقوم به حالة ضرورة تلجئه إلى السكن في المنزل بنفسه بعد أن عقد خطبته بتاريخ 7 من يونيه سنة 1959 فإنه لهذا وذاك طلب الحكم على الطاعن في مواجهة المطعون عليهم بإخلاء العين المؤجرة استناداً إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وركن في إثبات العلاقة الإيجارية التي تربط الطاعن بالمالكة الأصلية إلى ورقة صادرة من شحاته حسانين بوصفه وكيلاً عن الطاعن تفيد وفاءه إلى واحدة من البائعين مقدار نصيبها في الأجرة وإلى إقرار هؤلاء البائعين بأنهم كانوا يقتضون الأجرة من الطاعن ويودع الأوصياء منهم نصيب القصر فيها خزانة محكمة الأحوال الشخصية وأنكر الطاعن قيام العلاقة الإيجارية المدعاة وذكر أنه لا يوجد عقد إيجار بينه وبين المطعون ضده أو البائعين له وأن التوكيل الصادر منه إلى شحاته حسانين والمقدم إلى محكمة الموضوع خاص بأعمال المحاماة فلا يخوله الصفة في إدارة شئون أمواله الخاصة وبالتالي فلا يمكن الاحتجاج عليه بالورقة التي يستند إليها المطعون عليه الأول في قيام العلاقة الإيجارية وتكون الدعوى لذلك خارجة عن نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، ومحكمة المنيا الابتدائية قضت في 22/ 12/ 1959 بالإخلاء تأسيساً على أن الورقة المشار إليها تنهض دليلاً على قيام علاقة إيجارية بين الطاعن وبين الملاك السابقين للمنزل وهو ما أقر به هؤلاء الملاك وأسست قضاءها بالإخلاء على ما ثبت لها من أن المطعون عليه الأول مالك المنزل تقوم به حالة ضرورة تلجئه لشغل المكان بنفسه - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 173 سنة 77 ق وطلب إلغاءه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص دائرة الإيجارات لعدم انطباق القانون رقم 121 لسنة 1947 على الأماكن المشغولة دون سند أصلاً أو بموجب سند آخر غير عقد إيجار كما هو الحال في الدعوى الحالية واحتياطياً برفض الدعوى وبتاريخ 8/ 3/ 1959 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف وألزمت المستأنف (الطاعن) بالمصروفات - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12/ 2/ 1963 وفيها صممت النيابة على ما جاء بالمذكرة التي قدمتها وطلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظره أخيراً جلسة 31/ 12/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضده دفع في مذكرته بعدم جواز الطعن بالنقض عملاً بالمادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الاستئناف فإن الطعن فيه بالنقض لمخالفته القانون يكون جائزاً عملاً بالمادة الأولى من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض ولا وجه لما يثيره المطعون ضده من أن الطعن في الحكم بطريق النقض غير جائز عملاً بالمادة 15 من القانون 121 سنة 1947 إذ أن محل تطبيق هذا النص أن يكون الطعن وارداً على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية وفي منازعة ناشئة عن تطبيق هذا القانون.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف قد خالف المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 والمادتين 51، 53 من قانون المرافعات وأخطأ في تطبيقهما وتأويلهما وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على مجرد القول بأن الدعوى إذ رفعت لمحكمة المنيا الابتدائية وفقاً للقانون رقم 121 لسنة 1947 وطلب فيها تطبيق أحكام هذا القانون وسارت أمام المحكمة على هذا الاعتبار فإن الحكم الصادر فيها يكون وفقاً لنص المادة 15 من القانون المشار إليه غير قابل لأي طعن - هذا في حين أن هذا النص لا يسري إلا على المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون المذكور أما إذا أثيرت منازعات جدية مدنية تخرج عن نطاق هذه الأحكام وفصلت فيها المحكمة فإن حكمها يكون قابلاً للاستئناف وإذ كان الطاعن قد دفع أمام المحكمة الابتدائية بعدم قيام أية علاقة إيجارية بينه وبين ملاك المنزل وأن الورقة المقدمة من المطعون عليه الأول للتدليل بها على وجود هذه العلاقة لا تعتبر حجة عليه لصدورها من شخص لا صفة له في النيابة عنه في شئون إدارة أمواله الخاصة لأن وكالته عنه قاصرة على الأعمال الخاصة بالمحاماة كما هو ثابت من سند التوكيل وكان الحكم المستأنف قد تعرض في أسبابه لما أثاره الطاعن وانتهى إلى القضاء بالإخلاء تأسيساً على ما جاء بهذه الأسباب من قضاء صريح في النزاع على ملكية المنزل إذ قال بثبوتها للمطعون عليه الأول ومن قضاء صريح كذلك في النزاع بشأن قيام علاقة الإيجار فقضى بقيامها استناداً إلى الورقة المشار إليها وإلى أقوال الخصوم فإنه يكون قد فصل في منازعات تخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 وبالتالي يكون قابلاً للطعن عليه بالاستئناف وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 15 من ذلك القانون وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن المطعون عليه الأول وإن كان قد أقام دعواه على الطاعن بطلب الإخلاء استناداً إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 إلا أن الطاعن دفع الدعوى بأن علاقة الإيجار المدعى بقيامها بينه وبين المالكة الأصلية لا وجود لها وأن الورقة الصادرة من وكيله في شئون أعماله بالمحاماة والمتضمنة إقرار هذا الوكيل بدفع أجرة المنزل لأحد ملاكه الأصليين البائعين للطاعن لا تعتبر حجة عليه في قيام العلاقة الإيجارية لأن الوكالة لا تجعل للوكيل صفة في النيابة عن الموكل إلا في الأمور المحددة في سند التوكيل وقد أطرحت محكمة الموضوع هذا الدفاع وقضت بالإخلاء على أساس قيام علاقة إيجار بين الطاعن والملاك الأصليين واستندت في إثبات هذه العلاقة إلى أن الورقة المشار إليها تعتبر حجة على الطاعن وقالت في هذا الخصوص "إن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 لا تسري إلا على الأماكن المؤجرة أي المشغولة والتي تشغل بموجب عقد إيجار وأنها لا تسري على الأماكن المشغولة دون سند أصلاً أو بموجب سند آخر غير عقد إيجار". وحيث إن المدعي لم يقدم عقد الإيجار المبرم بين المدعى عليه وبين المرحومة ست بنت عبد القدوس إلا أنه تقدم بإيصال عن إيجار مسدد للمالكة السابقة فايقة لوقا صالح عن قيمة نصيبها ومنه يبين أن الأجرة كانت تدفع دورية كل شهر وقد وقع على الإيصال وكيل المدعى عليه الأول ولا يقلل من قيمة ذلك التوقيع ما قدمه المدعى عليه من مستندات تفيد أنه وكيل في العمل القضائي لأن هذا لا يتعارض مع ما يقوم به الوكيل الموقع على الإيصال في أعماله لصالح المدعى عليه وإن كانت خارجة عن العمل القضائي إذ لا يمكن أن يؤدي مثل هذه الأعمال إلا برضائه وبعلمه بما قد يؤديه ذلك الوكيل كما أنه يمكن القول في خصوص تجديد مدة الإيجار بأن الإيجار يعتبر مجدداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وهي كما يظهر من الإيصال شهرية ويضاف إلى هذا دليل آخر على أن العلاقة بين المدعى عليه وست بنت عبد القدوس ثم ورثتها من بعدها هي علاقة تأجيرية إذ كان ضمن ورثة المؤجرة الأولى قصر وتراقب أموالهم محكمة الأحوال الشخصية فلو صح وكان المدعى عليه يقيم بالمنزل بغير عقد لكان لتلك المحكمة شأن آخر مع من يباشر أموال القصر وهو الوصي المدعى عليه الثاني ولكلف باتخاذ الإجراءات التي من شأنها المحافظة على أموال القصر ولا يمكن القول بأن الوصي كان يودع للقصر أموالاً دون أن يكون لها أصل ثابت في التركة فقول المدعى عليه عدا الأول أن ما كان يتحصل من الإيجار كان يودع لحساب القصر في حدود نصيبهم يدل على أن العلاقة علاقة تأجيرية وأن المدعى عليه يقيم بالمنزل بناء على سند هو عقد الإيجار ولا يستساغ القول بغير ذلك" ولما كان الثابت أنه لم يقدم للمحكمة عقد إيجار يثبت قيام علاقة إيجارية بين الطاعن والمطعون عليهم ملاك المنزل وكان النزاع حول ما للورقة التي استندت إليها المحكمة في قيام هذه العلاقة من حجية على الطاعن في إثبات عقد الإيجار يخرج بطبيعته عن نطاق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 إذ أن الفصل فيه لا يكون بتطبيق أحكام هذا القانون وإنما بتطبيق أحكام القانون المدني فإن هذه المنازعة وإن كانت تعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 أو عدم تطبيقه إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام القانون بالمعنى الذي تتطلبه المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 إذ المقصود بالمنازعات التي تشير إليها المادة المذكورة إنما هي المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي وعلى ذلك يكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية إذ فصل في هذه المنازعة خاضعاً للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه على ما نصت عليه المادة 15/ 4 من القانون رقم 121 لسنة 1947 وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وقضى بعدم جواز استئنافه تأسيساً على أن ذلك الحكم يخضع للحظر من الطعن الوارد في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
(1) نقض 14/ 5/ 1964 الطعن 395 س 27 ق السنة 15 ص 663.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق