جلسة 5 من مارس سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور محمد حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
-------------
(67)
الطعن رقم 1 لسنة 36 القضائية
(أ) تحكيم. "تعيين المحكم". اختصاص.
المحكمة المختصة بتعيين المحكم وفق المادة 825 مرافعات هي المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع المتفق على فضه بالتحكيم سواء كانت محكمة ابتدائية أو محكمة استئناف.
(ب) تحكيم. "انسحاب أحد أعضاء الهيئة".
انسحاب أحد أعضاء هيئة التحكيم. أثره. وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار الحكم في النزاع حتى صدور الحكم بتعيين محكم جديد. م 838 مرافعات.
(ج) تحكيم. "امتداد ميعاد الحكم".
تعيين محكم جديد بدلاً من المحكم المعتزل. أثره. سريان الباقي من مدة الحكم المتفق عليها وإضافة مدة ثلاثين يوماً أخرى عليها. 831 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بمقتضى مشارطة تحكيم مؤرخة 8/ 2/ 1965 اتفق الطاعنون والمطعون عليهم على عرض منازعات ثلاث قائمة بينهم، منها النزاعان موضوع الاستئنافين رقمي 202، 248 سنة 14 قضائية استئناف طنطا على هيئة تحكيم مكونة من الأستاذ محمد عطية إسماعيل رئيساً وعضوية المهندس الزراعي محمود محمد حافظ عن الطاعنين والأستاذ أحمد ناصر إسماعيل عن المطعون عليهم. وقد مضت هذه الهيئة في نظر تلك المنازعات. وبجلسة 4/ 10/ 1965 انتهت المرافعة وحددت يوم 6/ 10/ 1965 للمداولة، ويوم 11/ 10/ 1965 للنطق بالحكم، إلا أن هيئة التحكيم قررت في ذلك اليوم الأخير وقف إجراءات التحكيم لانسحاب المهندس محمود محمد حافظ عضو الهيئة، وعلى أثر صدور هذا القرار وفي 17/ 10/ 1965 قام المطعون عليهم بإعلان الطاعنين بصحيفة نبهوا عليهم فيها باختيار محكم عنهم بدلاً من المحكم المنسحب خلال سبعة أيام من تاريخ إعلانهم عملاً بنص البند الرابع من مشارطة التحكيم، وفي حالة الامتناع فإنهم يكلفونهم بالحضور أمام محكمة استئناف طنطا لسمع الحكم بتعيين محكم بدلاً من المحكم المنسحب، وعلى أن يختار هذا المحكم من بين الأسماء المنصوص عليها في البند الأول من مشارطة التحكيم وقيدت هذه الدعوى برقم 353 سنة 15 ق استئناف طنطا. ودفع الطاعنون بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر الدعوى تأسيساً على أنها إنما تختص عملاً بالمادة 53 مرافعات بالحكم في قضايا استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية، وأن الاختصاص بهذه الدعوى منعقد لمحكمة بنها الابتدائية المختصة أصلاً بنظر النزاع، كما تمسكوا بانقضاء التحكيم بانتهاء ميعاده المحدد في المشارطة. وفي 9/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم "الطاعنين" بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها، وبتعيين الأستاذ علي علي منصور محكماً بدلاً من المحكم المنسحب المهندس الزراعي محمود محمد حافظ لتنفيذ مشارطة التحكيم المحررة في 8/ 2/ 1965. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم المطعون فيه وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن هذا الحكم قضى برفض الدفع المبدى منهم بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر الدعوى استناداً إلى أن المادة 825 من قانون المرافعات تنص على أن يكون تعيين المحكم من اختصاص المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع المتفق على التحكيم فيه، وأن موضوع الاستئنافين رقمي 202، 248 سنة 14 ق في مقدمة المنازعات التي نصت مشارطة التحكيم على الفصل فيها بهذا الطريق، مما تكون معه محكمة الاستئناف هي المختصة بنظر الدعوى. وهو منه مخالفة للقانون وخطأ في الاستنتاج، لأن النص في المادة 825 من قانون المرافعات على منع الطعن بالمعارضة أو الاستئناف في الحكم الذي يقضي بتعيين المحكم يقطع بأن هذا الحكم إنما يصدر من محكمة ابتدائية يجوز الطعن في أحكامها بالمعارضة أو الاستئناف، ولو كانت محكمة الاستئناف مختصة بتعيين المحكم لما كان ثمة مبرر للنص على عدم قابلية حكمها للطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف لأن أحكام محكمة الاستئناف غير قابلة بطبيعتها للطعن فيها بالاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 825 من قانون المرافعات على أنه "إذا لم يتفق الخصوم على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزل العمل أو قام مانع من مباشرته له أو عزل عنه ولم يكن بين الخصوم شرط خاص، عينت المحكمة التي يكون من اختصاصها أصلاً الحكم في تلك المنازعة من يلزم من المحكمين...." صريح في أن المحكمة المختصة بتعيين هذا المحكم هي المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع المتفق على فضه بطريق التحكيم فإن كان هذا النزاع لم يسبق عرضه على المحاكم أو عرض على محكمة الدرجة الأولى المختصة أصلاً بنظره كانت هي المختصة بتعيين المحكم، وإن كان النزاع المذكور استئنافاً لحكم صدر من محكمة أول درجة كانت محكمة الاستئناف المختصة أصلاً بنظر هذا الاستئناف هي المختصة أيضاًَ بتعيين المحكم، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة من عدم جواز الطعن في هذا الحكم بالمعارضة ولا بالاستئناف، إذ أن المشرع إنما قصد بهذا النص منع الطعن بالمعارضة أو الاستئناف فيما يجوز الطعن فيه من هذه الأحكام بأحد هذين الطريقين. لما كان ذلك وكان من بين المنازعات الثلاث المتفق بين الخصوم على فضها بطريق التحكيم منازعتان كانتا معروضتين على محكمة استئناف طنطا في الاستئنافين رقمي 202، 248 سنة 14 ق فإن محكمة استئناف طنطا تكون هي المحكمة المختصة بنظر طلب تعيين محكم بدلاً من المحكم المنسحب، وإذ كان الحكم المطعون قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن مدة التحكيم المحددة في المشارطة بثلاثة شهور كانت تنتهي في 7/ 5/ 1965 وأنها امتدت ثلاثة شهور أخرى، وقد انقضت في 7/ 8/ 1965، وبذلك فلم يعد ثمة مبرر لتعيين محكم بدلاً من المحكم المنسحب، وقد ردت المحكمة على هذا الدفاع بأن المدة تنتهي في 7/ 5/ 1965 وأنها امتدت بموافقة الخصوم بجلسة 20/ 6/ 1965 ثلاثة شهور أخرى تنتهي في 7/ 11/ 1965، وبذلك يكون الميعاد ممتداً، وهذا من الحكم استنتاج خاطئ، إذ أنه بفرض صحة الوقائع التي ذكرها الحكم فإنها تعني أن المشارطة تنتهي في 7/ 11/ 1965، وإذ كان الحكم المذكور قد صدر في 9/ 12/ 1965، فإنه يكون قد صدر بعد انتهاء المدة المحددة للتحكيم، والمفروض أن تفصل هيئة التحكيم في النزاع أثناء قيام المشارطة ونفاذها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 838 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا عرضت خلال التحكيم مسألة أولية تخرج عن ولاية المحكمين... ووقف المحكمون عملهم ووقف الميعاد المحدد للحكم إلى أن يصدر حكم انتهائي في تلك المسألة العارضة" ولما كان الواقع الثابت بالحكم المطعون فيه أن أحد أعضاء هيئة التحكيم قد انسحب من العمل قبل إصدار الحكم فاستحال على الهيئة مواصلة السير في نظر الطلب، وأصدرت بتاريخ 11/ 10/ 1965 قراراً بوقف إجراءات التحكيم، فإن الميعاد المحدد لإصدار الحكم في النزاع المعروض على الهيئة يقف سريانه حتى يصدر من المحكمة المختصة حكم بتعيين محكم بدلاً من المحكم المعتزل عملاً بالمادة 825 من قانون المرافعات، وذلك بحسبان هذه المسألة مسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين، ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم. لما كان ذلك فإن ميعاد التحكيم يعتبر عملاً بالمادة 838 سالفة الذكر موقوفاً من تاريخ اعتزال المحكم في 11/ 10/ 1965 حتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وإذ نصت المادة 831 من قانون المرافعات على أن الميعاد المحدد للحكم يمتد ثلاثين يوماً في حالة تعيين محكم بدلاً من المحكم المعزول أو المعتزل سواء تم التعيين بحكم من المحكمة أو باتفاق الخصوم، وذلك افساحاً في الوقت ليتسنى لمن خلف المحكم المعزول أو المعتزل دراسة موضوع النزاع، ولأن تغيير المحكم يستوجب إعادة المرافعة أمام الهيئة الجديدة، وينبني على ذلك أنه بعد صدور الحكم بتعيين محكم بدلاً من المحكم المعتزل يبدأ سريان الباقي من مدة التحكيم المتفق عليها ثم تضاف إليه مدة ثلاثين يوماً أخرى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم دفعوا بعدم حجية الصور العرفية لمحاضر جلسات التحكيم المقدمة من المطعون عليهم، وتمسكوا بضرورة تقديم أصول هذه المحاضر التي يبين منها إن كانوا قد وافقوا أو لم يوافقوا على مد ميعاد التحكيم، لأن توقيعاتهم ثابتة على هذه الأصول ولا أثر لها في الصور العرفية، كما تمسكوا بأن السيدة زينب كجوك لم تحضر ولم توافق على مد أجل التحكيم، وقد سكت الحكم المطعون فيه عن الرد على هذا الدفاع الجوهري فشابه قصور يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول وغير مقبول في شقه الثاني، ذلك أنه يبين من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة لمحكمة الاستئناف أنهم قالوا في هذا الصدد "أنه لا عبرة بصور المحاضر المقدمة من المدعين ونحن لا نوافق عليها وكان الواجب يقضي بتقديم المحاضر نفسها وهو ما نصر عليه" وظاهر من ذلك أن دفاعهم قد اقتصر على أن العبرة في الإثبات هي بأصل المحاضر لا بصورها، ولم يتمسكوا فيها بعدم توقيعهم أو أحدهم على هذه المحاضر أو أنهم لم يوافقوا على مد ميعاد التحكيم، وبذلك يكون دفاعهم في هذا الخصوص جديداً لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، أما دفاعهم الأول فقد رد عليه الحكم المطعون فيه، بقوله إن صور محاضر الجلسات معتمدة من رئيس هيئة التحكيم، وهو رد يتضمن أن المحكمة رأت الأخذ بهذه الصور على اعتبار أنها صادرة من رئيس هيئة التحكيم الذي يهيمن على محاضر جلسات الهيئة ويوقعها هو وأمين السر الذي يقوم بتحريرها، وأن ما ورد في هذه الصور مطابق للثابت في محاضر الجلسات، وتكون لها حجية مماثلة للأصل المأخوذة منه، وهو رد سائغ ولا مخالفة فيه للقانون، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشق على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق