جلسة 4 من أغسطس سنة 1956
برئاسة السيد/ السيد علي
السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام
الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
------------------
(122)
القضية رقم 1679 لسنة 2
القضائية
(أ) أجنبي - تمتع الدولة
بسلطة عامة مطلقة في تقدير مناسبات إقامة أو عدم إقامة الأجنبي في أراضيها في حدود
ما تراه متفقاً مع الصالح العام - عدم التزامها بالسماح له بالدخول في أراضيها أو
بمد إقامته إلا إذا كانت تشريعاتها ترتب له حقاً في ذلك.
(ب) أجنبي - إقامته في
مصر هي مركز قانوني لابد لنشوئه من صدور قرار إداري - يستوي في ذلك أن تكون
الإقامة خاصة أم عادية أم مؤقتة.
(جـ) أجنبي - إذا كانت
إقامته مؤقتة ترخصت الإدارة في تقدير مناسباتها بسلطة مطلقة في حدود المصلحة
العامة بأوسع معانيها - إذا كانت إقامته خاصة أو عادية فللإدارة رفض الترخيص بها
أو تجديدها إذا كان في وجوده ما يهدد الأمن أو السلامة في الداخل أو الخارج أو
الاقتصاد أو الصحة أو الآداب أو السكينة أو كان عالة على الدولة - لا ضرورة عندئذ
لأخذ رأي اللجنة المنصوص عليها بالمادة 16 من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 -
الحالات التي يتعين فيها أخذ رأي هذه اللجنة.
----------------
1 - من الأصول المسلمة،
أن الدولة بحكم ما لها من سيادة على إقليمها والحق في اتخاذ ما تراه لازماً من
الوسائل للمحافظة على كيانها أو أمنها في الداخل والخارج ومصالح رعاياها. تتمتع
بسلطة عامة مطلقة في تقدير مناسبات إقامة أو عدم إقامة الأجنبي في أراضيها في حدود
ما تراه متفقاً مع الصالح العام، فلا تلتزم بالسماح له بالدخول في أراضيها ولا بمد
إقامته بها إلا إذا كانت تشريعاتها ترتب له حقاً من هذا القبيل بحسب الأوضاع
والشروط التي تقررها، فإن لم يوجد، وجب عليه مغادرة البلاد مهما تكن الأعذار التي
يتعلل بها أو يتمحل لها، حتى ولو لم يكن به سبب يدل على خطورته، كما يجوز إبعاده
خلال المدة المرخص له فيها بالإقامة إذا كان في وجوده خطر عليها، وذلك بعد إتباع
الأوضاع المقررة إن وجدت.
2 - يبين من استظهار نصوص
المواد 9 و10 و15 من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 في شأن جوازات السفر وإقامة
الأجانب، إن إقامة الأجنبي في جمهورية مصر أياً كانت صفتها، سواء أكانت خاصة أم
عادية أم مؤقتة، هي مركز قانوني لا ينشأ من تلقاء نفسه، بل لابد لنشوئه من صدور
قرار إداري به.
3 - إنه وإن اختلفت
الشروط والأوضاع ومدى الآثار القانونية في كل حالة من حالات الإقامة الثلاث (الخاصة
أو العادية أو المؤقتة)، إلا أنه يلزم فيها جميعاً، طبقاً للمادة 9 من المرسوم
بقانون رقم 74 لسنة 1952، أن تكون بترخيص من وزارة الداخلية. فإذا كانت الإقامة
مؤقتة ترخصت في تقدير مناسبتها بسلطة مطلقة في حدود ما تراه متفقاً مع المصلحة
العامة بأوسع معانيها؛ إذ الإقامة العارضة لا تعدو أن تكون صلة وقتية عابرة لا
تقوم إلا على مجرد التسامح الودي من جانب الدولة، ولا تزايلها هذه الصفة مهما تكرر
تجديدها، ما دام لم يصدر قرار إداري ينشئ للأجنبي مركزاً قانونياً في إقامة من نوع
آخر. وإذا كانت الإقامة خاصة أو عادية كان لها أن ترفض الترخيص بها أو تجديدها،
حتى لو توافرت شروطها الأخرى، إذا كان في وجود الأجنبي ما يهدد أمن الدولة أو
سلامتها في الداخل أو في الخارج أو اقتصادها القومي أو الصحة العامة أو الآداب
العامة أو السكينة العامة أو كان عالة على الدولة، وذلك بدون حاجة إلى أخذ رأي
اللجنة المنصوص عليها في المادة 16؛ إذ اشتراط أخذ رأي هذه اللجنة إنما يلزم،
طبقاً للمادة 15، في حالة إبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة أو العادية خلال
مدة الإقامة المرخص له فيها، فلا يلزم أخذ رأيها عند تقدير ملاءمة الترخيص للأجنبي
في الإقامة أو تجديدها أياً كانت صفتها بعد انتهائها، ولا عند إبعاد الأجنبي من
ذوي الإقامة المؤقتة حتى خلال مدة الإقامة المرخص له فيها.
إجراءات الطعن
في 25 من يوليه سنة 1956
أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناًًًًً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
(الهيئة الأولى) بجلسة 12 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 1257 لسنة 10 القضائية
المرفوعة من السيد/ علاء الدين مختار ضد وزارة الداخلية (إدارة الهجرة والجنسية)،
القاضي: "بوقف تنفيذ القرار المطعون" وهو بتكليفه بالسفر ومغادرة البلاد
لانتهاء مدة إقامته، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بصحيفة الطعن
الحكم "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبرفض
طلب وقف التنفيذ"، وقد أعلن الطعن إلى المطعون عليه في 26 من يوليه سنة 1956،
وإلى وزارة الداخلية في 29 منه، وعين لنظره جلسة اليوم، وفيها سمعت المحكمة
الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، ثم أصدرت الحكم التالي.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه
المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1257
لسنة 10 أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت سكرتيريتها في 14 من يونيه سنة
1956، طالباً ضمن طلباته وقف تنفيذ القرار الصادر في 9 من أبريل سنة 1956 المبلغ
إليه في 12 منه بتكليفه مغادرة البلاد لانتهاء مدة إقامته. وقد قضت المحكمة
المذكور في 12 من يونيه سنة 1956 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه استناداً إلى أنه:
"قدم شهادة من القنصلية التركية تفيد أنه مقيد بسجلاتها منذ سنة 1930 وكان
قيده يتجدد سنوياً حتى سنة 1956 وشهادة من البنك الأهلي بأنه كان له حساب مفتوح من
3 من أبريل سنة 1935 وظل كذلك بدون انقطاع حتى 19 من نوفمبر سنة 1947 وكان يوقع
بإمضائه، وشهادة من بنك بركليز أنه كان لديه حساب له من سنة 1934 لغاية سنة 1937
ومن سنة 1940 لغاية سنة 1947، وأنه كان يوقع على الشيكات المسحوبة على هذا الحساب
بنفسه، ويدل الملف على أن إقامة المدعي كانت تجدد بانتظام منذ سنة 1949 حتى الآن،
ومن ثم يكون المدعي، بحسب الظاهر، من الأجانب أصحاب الإقامة العادية الذين لا يجوز
إبعادهم عن البلاد إلا لسبب من الأسباب المبينة بالمادة 15 من القانون رقم 74 لسنة
1952 وبعد أخذ رأي اللجنة الاستشارية المبينة بالمادة 16 من القانون المذكور، وعلى
ذلك يكون الأمر الصادر للمدعي بتكليفه بالسفر المطعون فيه على أساس أنه من أصحاب
الإقامة المؤقتة وبدون عرض أمره على اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 - لا يكون هذا
الأمر مخالفاً للقانون، وبالتالي يكون طعن المدعي مستنداً إلى أسباب جدية تبرر
إجابته إلى طلب وقف تنفيذه نظراً لما يترتب على التنفيذ من نتائج يتعذر تداركها".
ومن حيث إنه من الأصول
المسلمة، أن الدولة بحكم ما لها من سيادة على إقليمها والحق في اتخاذ ما تراه لازماً
من الوسائل للمحافظة على كيانها أو أمنها في الداخل والخارج ومصالح رعاياها, تتمتع
بسلطة عامة مطلقة في تقدير مناسبات إقامة أو عدم إقامة الأجنبي في أراضيها، في
حدود ما تراه متفقاً مع الصالح العام؛ فلا تلتزم بالسماح له بالدخول في أراضيها
ولا بمد إقامته بها إلا إذا كانت تشريعاتها ترتب له حقاً من هذا القبيل بحسب
الأوضاع والشروط التي تقررها، فإن لم يوجد، وجب عليه مغادرة البلاد مهما تكن
الأعذار التي يتعلل بها أو يتمحل لها، حتى ولو لم يكن به سبب يدل على خطورته، كما
يجوز إبعاده خلال المدة المرخص له فيها بالإقامة إذا كان في وجوده خطر عليها، وذلك
بعد إتباع الأوضاع المقررة إن وجدت.
ومن حيث إن المادة 9 من
المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 في شأن جوازات السفر وإقامة الأجانب إذ نصت على
أنه "يجب على كل أجنبي أن يكون حاصلاً على ترخيص في الإقامة وأن يغادر
الأراضي المصرية عند انتهاء مدة إقامته ما لم يكن قد حصل قبل ذلك على ترخيص من
وزارة الداخلية في مد إقامته"، إنما رددت الأصل المسلم في القانون الدولي. ثم
نظمت المواد التالية المراكز القانونية للأجانب في الإقامة، وعينت الأوضاع والشروط
في هذا الشأن؛ فنصت المادة 10 (المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 133 في 4 من أغسطس سنة
1952) على أنه: "يقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى ثلاث فئات:
1 - الأجانب ذوو الإقامة
الخاصة وهم: ( أ ) الأجانب الذين ولدوا في المملكة المصرية ولم تنقطع إقامتهم فيها
حتى تاريخ العمل بهذا القانون. (ب) الأجانب الذين مضى على إقامتهم في المملكة
المصرية عشرون سنة لم تنقطع حتى تاريخ العمل بهذا القانون وكانوا قد دخلوا أراضيها
بطريق مشروع. (جـ) الأجانب الذين مضى على إقامتهم في المملكة المصرية أكثر من خمس
سنوات كانت تتجدد بانتظام حتى تاريخ العمل بهذا القانون وكانوا قد دخلوا أراضيها
بطريق مشروع وكذلك الأجانب الذين يمضي على إقامتهم أكثر من خمس سنوات بالشروط
ذاتها إذا كانوا في الحالين يقومون بأعمال مفيدة للاقتصاد القومي أو يؤدون خدمات
علمية أو ثقافية أو فنية للبلاد. وتعين بقرار من وزير الداخلية بعد أخذ رأي الجهات
المختصة الأعمال والخدمات المذكورة. (د) العلماء ورجال الأدب والفن والصناعة
والاقتصاد وغيرهم ممن يؤدون خدمات جلية للبلاد الذين يصدر في شأنهم قرار من وزير
الداخلية. ويرخص لأفراد هذه الفئة في الإقامة لمدة عشر سنوات تجدد عند الطلب وذلك
ما لم يكونوا في إحدى الحالات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 15.
2 - الأجانب ذوو الإقامة
العادية وهم: الأجانب الذين مضى على إقامتهم في المملكة المصرية خمس عشرة سنة ولم
تنقطع حتى تاريخ العمل بهذا القانون وكانوا قد دخلوا المملكة المصرية بطريق مشروع.
ويرخص لأفراد هذه الفئة في الإقامة لمدة خمس سنوات ما لم يكونوا في إحدى الحالات
المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 15. ويجوز تجديد إقامتهم.
3 - الأجانب ذوو الإقامة
المؤقتة، وهم الذين لا تتوافر فيهم الشروط السابقة، ويجوز منح أفراد هذه الفئة
ترخيصاً في الإقامة لمدة أقصاها سنة يجوز تجديدها. وتبين بقرار من وزير الداخلية
الإجراءات الخاصة بالترخيص في الإقامة وتجديدها وميعاد طلبها".
ونصت المادة 15 على أنه
"لوزير الداخلية بقرار منه إبعاد الأجانب ولا يجوز إبعاد الأجنبي من ذوي
الإقامة الخاصة أو العادية إلا إذا كان في وجوده ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها في
الداخل أو الخارج أو اقتصادها القومي أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكينة
العامة أو كان عالة على الدولة وبشرط أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة
التالية.......".
ومن حيث إنه يبين من
استظهار هذه النصوص أن إقامة الأجنبي في جمهورية مصر، أياً كانت صفتها، سواء أكانت
خاصة أم عادية أم مؤقتة، هي مركز قانوني لا ينشأ من تلقاء نفسه، بل لابد لنشوئه من
صدور قرار إداري به. ولئن اختلفت الشروط والأوضاع ومدى الآثار القانونية في كل
حالة من الحالات الثلاث، إلا أنه يلزم فيها جميعاً، طبقاً للمادة 9، أن تكون
بترخيص من وزارة الداخلية؛ فإذا كانت الإقامة مؤقتة ترخصت في تقدير مناسبتها بسلطة
مطلقة في حدود ما تراه متفقاً مع المصلحة العامة بأوسع معانيها؛ إذ الإقامة
العارضة لا تعدو أن تكون صلة وقتية عابرة لا تقوم إلا على مجرد التسامح الودي من
جانب الدولة، ولا تزايلها هذه الصفة مهما تكرر تجديدها، ما دام لم يصدر قرار إداري
ينشئ للأجنبي مركزاً قانونياً في إقامة من نوع آخر. وإذا كانت الإقامة خاصة أو
عادية كان لها أن ترفض الترخيص بها أو تجديدها، حتى لو توافرت شروطها الأخرى، إذا
كان في وجود الأجنبي ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها في الداخل أو في الخارج أو
اقتصادها القومي أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكينة العامة أو كان عالة
على الدولة، وذلك بدون حاجة إلى أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة 16؛ إذ
اشتراط أخذ رأي هذه اللجنة إنما يلزم، طبقاً للمادة 15، في حالة إبعاد الأجنبي من
ذوي الإقامة الخاصة أو العادية خلال مدة الإقامة المرخص له فيها، فلا يلزم أخذ
رأيها عند تقدير ملاءمة الترخيص للأجنبي في الإقامة أو تجديدها أياً كانت صفتها
بعد انتهائها، ولا عند إبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة المؤقتة، حتى خلال مدة
الإقامة المرخص له فيها.
ومن حيث إنه قد بان
للمحكمة من الأوراق أن المطعون عليه تركي الجنسية قدم إلى مصر في 3 من سبتمبر سنة
1935 للإقامة بها لمدة سنة بإذن من القنصلية المصرية بفينا، ثم طلب الترخيص له في
الإقامة المستديمة فلم يجب إلى طلبه، ثم عاد إلى مصر في 4 من ديسمبر سنة 1938
بترخيص من القنصلية المصرية بروما لمدة ثلاثة أشهر، وأعطيت له بعد ذلك تأشيرة
بالعودة، ثم منح إقامة مؤقتة لمدة سنة من 30 من يوليه سنة 1947 كانت تتجدد سنوياً
بصفة مؤقتة رغم إلحاحه في منحه إقامة مستديمة ورغم مركزه الأدبي وقتذاك. ولما صدر
المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 تقدم في 8 من يوليه سنة 1952 بطلب منحه إقامة
خاصة أو عادية وقدم شهادة من القنصلية التركية تتضمن أنه يقيم بمصر منذ سنة 1935
وشهادة من بنك بركليز تتضمن أن له حسابات من سنة 1934 إلى سنة 1939 ومن سنة 1940
إلى سنة 1947، ولم تر إدارة الجنسية في هذه الأوراق ما يقطع بانتظام إقامته وعدم
انقطاعها فلم تجبه إلى طلبه وعاملته على الأساس المؤقت فكانت تجدد إقامته سنة
فسنة، وقد انتهت الأخيرة منها في 27 من مارس سنة 1956. ولاعتبارات تتعلق بسلامة
الوطن ومصلحته العليا رؤى عدم تجديد إقامته وصدر له أمر تكليف بالسفر.
ومن حيث إنه يظهر من ذلك
أن المطعون عليه لم يمنح أية إقامة خاصة أو عادية، وإنما منح إقامة مؤقتة كانت
تجدد سنوياً، وقد انتهت المدة الأخيرة منها وكلف بالسفر عند انتهائها، ولم تر
الإدارة تجديدها لأسباب تتعلق بأمن الدولة وسلامتها.
ومن حيث إنه على مقتضى ما
تقدم. يكون الطعن، على حسب الظاهر، قد قام على أساس سليم من القانون، فيتعين إلغاء
الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض طلب وقف التنفيذ، وذلك مع عدم المساس بأصل طلب
الإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن
شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وألزمت
المطعون عليه بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق