الدعوى رقم 124 لسنة 31 ق "دستورية". جلسة 6
/ 11 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من نوفمبر سنة 2021م،
الموافق الأول من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
أصدرت الحكم الآتي
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور
عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب
رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 124 لسنة 31
قضائية "دستورية".
المقامة من
1 - سافيناز محمد أحمد فرغلى
2 - نرمين محمد مجد الدين كشك
3 - شهدان محمد مجد الدين كشك
4 - شيرين سعيد سيد أحمد زغلول
ضــــد
1 - رئيس الجمهورية
2 - رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)
3 - رئيس مجلس الوزراء
4 - وزير العدل
5 - مروان حسن الجداوى
6 - شركة مصر لإدارة الأصول العقارية
---------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الحادي عشر من يونيه سنة 2009، أودعت المدعيات صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبات الحكم بعدم دستورية الفقرة
الأخيرة من المادة العاشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974
بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، فيما تضمنه من
نفاذ عقود الإيجار المبرمة قبل العمل بهذا القانون في مواجهة ملاك العقارات والأراضي
والمنشآت التي تسلم إلى مستحقيها. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم
برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم، وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات في غضون أسبوع، أودعت خلاله المدعيات مذكرة،
صممن فيها على طلباتهن الواردة في صحيفة الدعوى.
-----------------
" المحكمــــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعيات أقمن الدعوى رقم 1232 لسنة 2009 مدني كلي، أمام محكمة جنوب القاهرة
الابتدائية، ضد المدعى عليهما الخامس والسادسة، طلبًــــا للحكم بانعدام عقد
الإيجار المؤرخ 26/ 11/ 1963، للشقة محل النزاع، وتسليمها لهن خالية مما يشغلها،
على سند من أن العقار الكائنة به تلك الشقة مملوك لهن بموجب العقد المسجـل برقم
162 لسنة 1958 توثيق القاهرة، وقد فرضت عليه وعلى عقارات أخرى مملوكة لهن الحراسة
الإدارية - بالتبعية لمورثهن الخاضع الأصيل - بموجب أمر رئيس الجمهورية رقم 138
لسنة 1961، المستند إلى قراره بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وعين
الحارس العام لإدارة تلك العقارات، فقام بتاريخ 10/ 4/ 1963، ببيع هذا العقار إلى
الشركة المدعى عليها السادسة، فقامت بتأجير شقة النزاع للمدعى عليه الخامس، بموجب
عقد إيجار مؤرخ 26/ 11/ 1963، قبل أن تؤول ملكية العقـار للدولة بموجب قرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 150 لسنة 1964 بشأن رفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض
الأشخاص، مما يبطل عقدي البيع والإيجار المشار إليهما، ويجعلهما والعدم سواء. وبصدور
القانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - المنشور في الجريدة
الرسمية بالعدد (30) تابع بتاريخ 25/ 7/ 1974، وعملاً بنص المادة الحادية عشرة
منه، تم رد ملكية العقار إليهن بتاريخ 10/ 11/ 1982، محملاً بعقود الإيجار المبرمة
قبل سريان أحكام ذلك القانون، وقد تأشر بذلك على هامش العقد المسجل رقم 1772 لسنة
1971 توثيق شمال القاهرة، سند ملكية الشركة المدعى عليها السادسة للعقار، قبل رده
للمدعيات. وأثناء نظر الدعوى الموضوعية، دفع محامى المدعيات بعـدم دستوريـــة نص
المادة (10) من القانون المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفـع، وصرحت لهن
بإقامة الدعوى الدستورية، أقمن الدعوى المعروضــة، على سند من إخـلال النص المطعون
فيه بالحماية المقررة للملكية الخاصة.
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى
الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن
يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها
والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتغيا هذا الشرط أن تفصل المحكمة الدستورية العليا
في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها
المجردة. وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، فلا يمتد لغير المطاعن التي
يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه.
ومؤدى ذلك أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وأن يكون هذا
الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلًا على من
ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي
يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال
النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أيّة فائدة عملية يمكن أن يتغير
بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن المادة العاشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون
تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة تنص على أنه " تلغى اعتبارًا من تاريخ
العمل بهذا القانون عقود البيع الابتدائية المبرمة بين الحراسة العامة أو إدارة
الأموال التي آلت إلى الدولة وبين الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو القطاع
العام أو الهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها، والتي لم يتم التصرف فيها لغير هذه
الجهات ولو بعقود ابتدائية متي طلب مستحقوها استلامها طبقًا لأحكام المواد (1 - 2
- 3 - 4)، وذلك في الأحوال الآتية: ( أ ) ........ (ب) العقارات المبنية ...... ما
لم تكن قد تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحي أو لغرض قومي أو ذي نفع عام. (ج).......(د)........(ه)..........
ويعتد في تحديد هذه العقارات والمنشآت وثمنها بما ورد في عقود بيعها إلى الجهات
المشار إليها. وفى جميـع الأحوال تسلم هــذه العقارات أو الأراضي أو المنشآت إلى
مستحقيها محملة بعقود الإيجار المبرمة قبل العمل بهذا القانون". وتنص المادة
الحادية عشرة من القانون ذاته على أنه " وفى غير الحالات المبينة بالمادة
السابقة يكون لجهات الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والقطاع العام والهيئات العامة
والوحدات التابعة لها والمشترية للعقارات المبينة من الحراسة العامة أو إدارة
الأموال التي آلت إلى الدولة الخيار بين الإبقاء على عقود البيع بشرط زيادة ثمن
الشراء إلى ما يوازى مائة وستين مثل الضريبة الأصلية المفروضة على العقار المبيع
في تاريخ البيع مع استمرار استحقاق الفوائد المفروضة على الثمن الأصلي دون
الزيادة، على أن تلتزم بأداء الزيادة وباقي الثمن خلال مده لا تجاوز سنة من تاريخ
العمل بهذا القانون، وبين اعتبار هذه العقود ملغاة ورد العقارات المبيعة إلى
مستحقيها. ويجب على هذه الجهات أن تخطر رئيس جهاز التصفية برغبتها بخطاب موصى عليه
بعلم الوصول خلال ثلاثة شهور من تاريخ العمل بهذا القانون، فإذا لم تخطره بذلك
اعتبر العقد ملغيًا اعتبارًا من تاريخ انتهاء هذه المهلة، ويؤشر بالإلغاء بغير
رسوم في سجلات الشهر العقاري. ويتحمل الخاضع والجهة المشترية رسـوم التسجيل المسـددة
عن العقود الملغاة مناصفة بينهما " .
وحيث إن المشرع قد استهدف بالتنظيم المتكامل الذى تضمنه القانون رقم
69 لسنة 1974 المشار إليه تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أموال
وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكامه، ورغبة منه في حل مشاكلهم حلاً جذريًا وتسوية
أوضاعهم بما يوائم بين مصالحهم وبين الأهداف التي ابتغتها الدولة من فرض الحراسة
على أموالهم.
وقد أفصحت عن هذه الأهداف المذكرة الإيضاحية لمشروع ذلك القانون،
ومنها رد الأموال والممتلكات - التي آلت ملكيتها للدولة بقرار رئيس الجمهورية
بالقانون رقم 150 لسنة 1964 بشأن رفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص -
لأصحابها، نقدًا أو عينًا إذا لم يكن قد تم التصرف فيها، دون المساس بحقوق الغير التي
ترتبت على هذه الأموال، كأحد المقاصد الأساسية لهذا التشريع. فاستحدث بالمواد (2،
4، 10) منه أحكامًا تتعلق بالرد العيني للأشخاص الطبيعيين الذين شملتهم الحراسـة
سواء بصفة أصلية أو بصفة تبعية، فجعلت الرد عينًا للأموال والممتلكات التي آلت
إليهم عن غير طريق الخاضع الأصلي ما لم يكن قد تم بيعها ولو بعقود ابتدائية، وجعلت
الرد عينًا للأشخاص الذين فرضت عليهم الحراسة، وكذا للخاضعين بالتبعية فيما آل إليهم
عن طريق الخاضع الأصلي. ونصت المادة العاشرة على إلغاء عقود البيع الابتدائية
المبرمة بين الحراسة العامة أو إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة وبين الحكومة
ووحدات الإدارة المحلية أو القطاع العام للعقارات المبنية متى طلب مستحقوها تسلمها
طبقًا لأحكام المواد (1، 2، 3، 4) من ذلك القانون ما لم تكن قد تغيرت معالمها.
وتضمن النص قواعد أخرى بالنسبة للأراضي الفضاء والعقارات المملوكة على الشيوع أو
المثقلة بحق رهن عيني أو ضمانًا لدين أو للمنشآت الفردية، دالاً بهذا النص على أن
قواعد الرد العيني للعقارات المبنية هي الواجبة ولا يصار إلى الرد بطريق التعويض
إلا إذا استحال تنفيذ الالتزام عينًا، وأن هذا الالتزام معلق على شرط واقف، لكون
بيع العقـار بموجب عقد ابتدائي لا يرتب إلا حقوقًا شخصية، ولا ينقل الملكية إلى
المشترى، مما حدا بالمشرع للنص صراحة على رد هذه العقارات مقرونة بتحميلها بعقود
الإيجار، مراعاة لصالح المستأجرين حَسنى النية. مستبعدًا بذلك عقود البيع التي تم
تسجيلها للعقارات المبنية من قواعد الرد العيني الوارد بالمادة العاشرة، وأفرد لها
تنظيمًـا خاصًا في المادة الحادية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974، نص في صدره
على أنه " في غير الحالات المبينة بالمادة السابقة يكون لجهات الحكومة ووحدات
الإدارة المحلية والقطاع العام .... ". وكان هذا النص حسبما دلت عليه صريح
عباراته إنما ينصرف إلى عقود بيع العقارات التي تم تسجيلهــا، بدلالة ما ورد النـص
عليه في عَجُــز المـادة ذاتها من أن " ويتحمل الخاضع والجهة المشترية رسوم
التسجيل المسددة عن العقود الملغاة مناصفة بينهما "، بما لا يجوز معه تفسير نص
تلك المادة أو تأويله وتحميله على ضوء القواعد الواردة بالمادة العاشرة. وكان مؤدى
نص المادة الحادية عشرة من القانون المشار إليه أن تلغى بقوة القانون عقود البيع
المسجلة إذا لم تخطر الجهة المشترية رئيس جهاز التصفية بخطاب موصى عليه بعلم
الوصول، خلال ثلاثة شهور من تاريخ العمل بهذا القانون - أو في فترة المد الواردة
بالقانون رقـــم 114 لسنة 1975 - برغبتها في الإبقاء على عقود البيع، بشرط الوفاء
بالالتزامات المالية الواردة بذلك النص، أو اعتبار هذه العقود ملغاة ورد العقارات
المبيعة إلى مستحقيها، فأورد بهذا النص تنظيمًا مغايرًا لقواعد الرد العيني
للعقارات المباعة بعقود ابتدائية، تضحى بمقتضاه العقود المسجلة ملغاة بقوة
القانون. ولم يتبع المشرع في نص المادة الحادية عشرة من ذلك القانون، النهج الذى
اتبعـه في عجز نص المادة العاشـرة منه، بتسليم العقارات إلى مستحقيها محملة بعقود
الإيجــار المبرمة قبل العمل بهذا القانون، لتطبق بشأنها الأحكام العامة في القانون
المدني.
وحيث كان ما تقدم، وكانت وقائع النزاع الموضوعي تفصح عن أن الحارس
العام قد باع العقار المملوك للمدعيات - أثناء خضوعهن لإجراءات الحراسة الإدارية
تبعًا لمورثهن - للشركة المدعى عليها السادسة، بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 10/ 4/
1963، تم تسجيله فيما بعد برقم 1772 لسنة 1971 توثيق شمال القاهرة، وقامت تلك
الشركة بتأجير شقة النزاع للمدعى عليه الخامس بموجب عقد إيجار مؤرخ 26/ 11/ 1963.
وإعمالاً لنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية
الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - المعمول بأحكامه اعتبارًا من 26/ 7/ 1974 - قامت
الشركة برد العقار للمدعيات، وتأشر بذلك على هامش سند ملكية العقار. ومن ثم، فإن
الإخلال بالحقوق التي تدعيها المدعيات، من سريان عقد الإيجار المؤرخ 26/ 11/ 1963،
في حقهن، لا يعود لنص المادة (10) من القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه -
المطعون على دستوريتها - لكون العمل بأحكامه ينصرف إلى عقود البيع الابتدائية، دون
تلك التي تم تسجيلها قبل العمل بأحكام ذلك القانون. ومؤدى ذلك، ولازمه، أن الفصل
في دستورية نص تلك المادة لا يرتب انعكاسًا على الطلبات المطروحة في الدعوى
الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، ولا تتوافر للمدعيات مصلحة في الطعن على نص
تلك المادة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعيات
المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق