جلسة 28 من إبريل سنة 1960
برياسة السيد محمود عياد
المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود
القاضي المستشارين.
----------------
(55)
الطعن رقم 438 لسنة 25
القضائية
(أ، ب) دعوى "نظر
الدعوى أمام المحكمة" "تلاوة تقرير التلخيص". "تضمين الحكم
هذا البيان".
تضمين الحكم بيان أن
تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة أمر لم يوجبه القانون. الم 349 مرافعات.
خلو الحكم من بيان أن
تقرير التلخيص قد تلي. التمسك ببطلانه يكون عارياً عن الدليل إذا اقتصر على تقديم
صورة محضر خالية من إثبات هذه التلاوة طالما لم يقدم ما يثبت أن هذه الجلسة كانت
الجلسة الوحيدة للمرافعة.
(جـ) مسئولية
"المسئولية التقصيرية" "أركانها" "ركن الخطأ - تطبيقات
مختلفة لفكرة الخطأ" "فسخ الخطبة". أحوال شخصية "المسائل
الخاصة بالمصريين" "المسئولية عن فسخ الخطبة". خطبة.
وجوب توافر شرائط
المسئولية التقصيرية للحكم بالتعويض بسبب العدول عن الخطبة بأن يكون هذا العدول قد
لازمته أفعال خاطئة في ذاتها ومستقلة عنه استقلالاً تاماً ومنسوبة لأحد الطرفين
وأن ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي للطرف الآخر. مثال لسبب عدول لاصق به ذاته ومجرد
عنه أي فعل خاطئ مستقل عنه.
(د) حكم "عيوب
التدليل" "القصور" "الخطأ في الاستناد" "ما لا يعد
كذلك".
مثال في مسئولية عن جهاز
أعد للزواج أثناء الخطبة.
---------------
1 - تضمين الحكم بيان أن
تقرير التلخيص قد تلي في الجلسة أمر لم يوجبه القانون إذ أن البيانات التي يجب أن
يشتملها الحكم قد نص عليها بالمادة 349 مرافعات على سبيل الحصر وليس من بينها بيان
خاص بإثبات تلاوة تقرير التلخيص.
2 - إذا كان الحكم قد خلا
مما يدل على أن تقرير التلخيص قد تلي قبل بدء المرافعة وكان الطاعن قد تمسك ببطلان
الحكم لهذا السبب وقدم صورة محضر جلسة خالية من إثبات هذه التلاوة ولكن لم يقدم ما
يدل على أن هذه الجلسة كانت الجلسة الوحيدة للمرافعة فإن نعيه يكون عارياً عن
الدليل.
3 - يتعين للحكم بالتعويض
بسبب العدول عن الخطبة أن تتوافر شرائط المسئولية التقصيرية بأن يكون هذا العدول
قد لازمته أفعال خاطئة في ذاتها ومستقلة عنه استقلالاً تاماً ومنسوبة لأحد الطرفين
وأن ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي للطرف الآخر. فإذا كان يبين من الحكم المطعون فيه
أنه أقام قضاءه بالتعويض للمطعون عليها عن فسخ الخطبة على ما ورد فيه من أن الطاعن
أقدم على فسخ الخطبة لغير ما سبب سوى طمعه في مال والد خطيبته لرفضه أن يخص ابنته
بنصيبها في ماله حال حياته، واعتبرت المحكمة عدول الطاعن لهذا السبب عدولاً طائشاً
ليس له مسوغ يقتضيه ورتبت عليه الحكم للمطعون عليها بالتعويض، وكان سبب العدول على
هذا النحو لاصقاً بالعدول ذاته ومجرداً عن أي فعل خاطئ مستقل عنه، فإن الحكم
المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون إذ قضى للمطعون عليها بالتعويض.
4 - إذا كان الحكم المطعون
فيه قد استند إلى الخطابات الصادرة من الطاعن، والفواتير المتعلقة بجهاز المطعون
عليها، وإقرار الطاعن نفسه - في تقرير مسئوليته عن الأشياء والنقود التي سلمت إليه
من جهاز المطعون عليها وملابسها التي أعدت لزواجها أثناء الخطبة، كما استند إليه
أيضاً فيما انتهى إليه من أن تقدير المجلس الملي للجهاز والملابس هو تقدير صائب لا
مغالاة فيه، وكان ما ورد بالحكم المطعون فيه بشأن ما جاء في دعوى رفعها الطاعن من
أن حكم المجلس الملي قد حاز قوته القانونية فيما انتهى إليه من أحقية المطعون
عليها للجهاز - لا يعدو أن يكون تقريراً لما ورد فيه لا أساساً من الأسس التي بني
عليها الحكم المطعون فيه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بني على أساس قانوني سليم
وأدلة سائغة ويكون النعي عليه بمخالفة القانون وبالقصور وبالخطأ في الإسناد لا
أساس له.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع النزاع
تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 11/ 11/
1936 أقامت المطعون عليها الدعوى رقم 99 سنة 1936 أمام المجلس الملي الإنجيلي ضد
الطاعن وقالت في بيانها إنه قد تمت خطبتها منه بمحضر حرر في 8/ 12/ 1936 وقبل أن
يتم زواجهما طلب الطاعن من أبيها أن يورثها حال حياته فلما لم يجبه إلى طلبه أعلن
عن عدم رغبته في إتمام الزواج مما أدى إلى إلحاق الضرر بها، وطلبت الحكم بفسخ
الخطبة المشار إليها وإلزام الطاعن بأن يدفع لها 1200 جنيه على سبيل التعويض ودفع
الطاعن بعدم اختصاص المجلس الملي بنظر الدعوى وطلب احتياطياً رفضها. وفي 8/ 4/
1937 حكم المجلس برفض الدفع وباختصاصه وبفسخ الخطبة وإلزام الطاعن بأن يدفع
للمطعون عليها مبلغ 740 جنيهاً صافي المستحق لها بعد خصم ما دفعه الطاعن نقداً منه
مبلغ 246 جنيهاً و830 مليماً بمثل ما سلم للطاعن من نقود وأشياء منزلية من
مستلزمات الجهاز كبيانو وغرفة نوم - ومبلغ 113 جنيهاً و700 مليماً مقدار ما أنفقته
المطعون عليها على ملابسها بمناسبة الزواج ومبلغ 77 جنيهاً و550 مليماً نفقات
انتقال للعائلة للقاهرة ثلاث مرات لعقد الزواج وفي كل مرة كان التأجيل يأتي من
جانب الطاعن، ومبلغ 400 جنيه تعويضاً عن فسخ الخطبة يخصم منه مبلغ 100 جنيه مقدار
المهر المدفوع فعلاً للمطعون عليها عند الخطبة فيكون الباقي 300 جنيه، بإضافته إلى
باقي المفردات يكون المجموع 740 جنيهاً وهو المبلغ المحكوم به، كما ألزم المجلس الطاعن
برد الأشياء الخصوصية موضوع الكشف المؤرخ 8/ 12/ 1936 أو ثمنها وقدره 60 جنيهاً
ولما طلبت المطعون عليها تنفيذ هذا الحكم أفتى قسم قضايا وزارة الداخلية بعدم
التصديق عليه مؤقتاً حتى تستصدر صاحبة الشأن قراراً من المجلس الملي يحدد قيمة
الجهاز مستقلاً عن التعويض وباقي الأشياء التي تخرج عن اختصاص المجلس. وبتاريخ 12/ 4/ 1939
أقامت المطعون عليها الدعوى رقم 41 لسنة 1939 أمام المجلس الملي نفسه طلبت فيها
اعتبار ما صرف في شئون الجهاز هو مبلغ 500 جنيه والحكم لها به، قضى المجلس الملي
في 28/ 9/ 1939 بأن ما صرف على الجهاز هو مبلغ 360 جنيهاً و530 مليماً ويمثل ثمن
الأشياء التي اشتريت للجهاز والملابس الخاصة بالزواج واستبعد المجلس ما عدا ذلك من
الطلبات فأقام الطاعن الدعوى رقم 462 سنة 1940 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليها
ووزارة الداخلية وطلب الحكم ببطلان حكمي المجلس الملي لصدورهما من جهة لا ولاية
لها، وبإلزام المطعون عليها بأن ترد له مبلغ 200 جنيه كانت قد قبضته منه أثناء
الخطبة وباق في ذمتها، وبإلزامها بالتضامن مع وزارة الداخلية بأن يدفعا له مبلغ
2000 جنيه على سبيل التعويض. فقضت المحكمة في 19/ 12/ 1944 ببطلان حكمي المجلس
الملي المشار إليهما وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. فرفعت المطعون عليها الدعوى
الحالية برقم 2542 سنة 1950 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن ووزارة الداخلية وطلبت
الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 800 جنيه، وقالت إن الطاعن ارتبط
معها بعقد خطبة، وقبل الزواج تقدم لوالدها يطلب توريثها حال حياته فلما رفض والدها
أعلن الطاعن عن عدم رغبته في الزواج واستطردت تقول إن الطاعن مسئول عن طلباتها،
كما تسأل وزارة الداخلية عن تعطيل حكم المجلس الملي مدة تزيد عن سنة. فقضت المحكمة
في 17/ 12/ 1953 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ 360 جنيهاً منه مبلغ
300 جنيه تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي لحق بالمطعون عليها بسبب فسخ الخطبة، ومبلغ
60 جنيه أقر الطاعن باستلامه من ثمن غرفة النوم، ورفضت المحكمة ما عدا ذلك من
الطلبات. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها
برقم 1186 سنة 71 ق وطلبت إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلباتها فيما
زاد عن 360 جنيهاً والحكم لها بمبلغ 800 جنيه بأكمله كما استأنف الطاعن هذا الحكم،
وقيد استئنافه أمام نفس المحكمة برقم 1190 سنة 71 ق وطلب إلغاءه ورفض دعوى المطعون
عليها وضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت بتاريخ 12/ 6/ 1955 في استئناف الطاعن
برفضه، وفي استئناف المطعون عليها بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع
للمطعون عليها مبلغ 660 جنيهاً و530 مليماً وتشمل الزيادة قيمة الجهاز والملابس
الشخصية للمطعون عليها التي حاكتها بمناسبة الزواج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم نقضاً جزئياً، وقررت
دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت
النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على
أسباب ثلاثة، يتحصل السبب الأول في النعي على الحكم بالبطلان لعدم استيفاء المحكمة
إجراء جوهرياً هو تلاوة تقرير التلخيص بالجلسة قبل البدء في المرافعة. ويقول
الطاعن إن الحكم المطعون فيه إذ خلا من الإشارة إلى أن هناك تقريراً قد وضع وأن
هذا التقرير تلي بالجلسة فإنه يكون باطلاً. ويستند الطاعن في التدليل على عدم
تلاوة التقرير إلى صورتين من محضري جلسة 8/ 5/ 1955 في كل من الاستئناف رقم 1186
سنة 71 ق والاستئناف رقم 1190 سنة 71 ق وطلب التي تقرر فيهما ضمهما، إذ لم يثبت
بهما ما يفيد تلاوة التقرير.
وحيث إن هذا النعي مردود
في شطره الأول، ذلك أنه وإن كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد خلا مما يدل على
أن تقريراً للتلخيص قد وضع في الدعوى، وأن هذا التقرير قد تلي بالجلسة قبل البدء
في المرافعة، إلا أن تضمين الحكم هذا البيان أمر لم يوجبه القانون، إذ أن البيانات
التي يجب أن يشملها الحكم قد نص عليها بالمادة 349 مرافعات على سبيل الحصر وليس من
بينها بيان خاص بإثبات تلاوة تقرير التلخيص. والنعي في شقه الثاني عار عن الدليل
ذلك أن الطاعن لم يقدم سوى صورتي محضري جلسة 8/ 5/ 1955 ولم يقدم ما يدل على أن
هذه الجلسة كانت الجلسة الوحيدة للمرافعة.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني في الوجهين الثالث والرابع وبالسبب الثالث في
أوجهه الثلاثة مخالفة القانون وقصور التسبيب والخطأ في الإسناد، ويقول في بيان ذلك
إن محكمة الموضوع قد أخطأت إذ استندت إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 462 لسنة
1940 كلي القاهرة فيما جاء به من أن حكمي المجلس الملي الصادرين في الدعويين رقمي
99 سنة 1936، 41 سنة 1939 قد حازا قوتهما القانونية فيما انتهيا إليه من أحقية
المطعون عليها للجهاز فقد حجبت المحكمة نفسها بهذا عن بحث مسئولية الطاعن بالنسبة
للجهاز الذي تدعيه المطعون عليها اكتفاء منها بما قرره حكما المجلس الملي في هذا
الخصوص رغم القضاء ببطلانهما لعدم ولاية المجلس بإصدارهما كما أخطأت محكمة الموضوع
إذ قضت للمطعون عليها بغير سند من الأوراق بثمن أشياء قالت إنها سلمتها للطاعن.
ويضيف الطاعن أن تقدير محكمة الموضوع لقيمة هذه الأشياء وإن استندت فيه إلى خطابات
وفواتير إلا أنها لم تبين مفردات المستندات التي اعتمدت عليها، ولم تستخلص من هذه
المستندات قيمة رقمية محددة، وإنما لجأت إلى تقدير المجلس الملي لها رغم عدم
تحقيقه لقيمتها.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها ثمن الأشياء
التي تسلمها من جهازها الذي أعدته أثناء الخطبة على ما جاء به من أنه "يبين
من الاطلاع على الخطابات المقدمة من المستأنفة (المطعون عليها) بالحافظة رقم 5 من
المفردات الاستئنافية، وأخصها الخطابات المودعة تحت رقم 5 و6 و7 و10 و12 و13 أن
المستأنف عليه الأول (الطاعن) يقر باستلامه بعض المنقولات والأشياء التي أعدتها
المستأنفة لجهازها وقد أقر أيضاً أمام المجلس الملي بجلسته المنعقدة في 7 من إبريل
سنة 1937 باستلام البيانو ومبلغ 60 ج من ثمن غرفة النوم ومبلغ عشرة جنيهات كما أقر
باستلامه عشرة جنيهات ذهباً. ولما كان الثابت من الفواتير المقدمة من المستأنفة
بالحافظة 7 من المفردات أنها أعدت ما يلزم غرفة النوم من الفراش، كما أعدت ملابس
العرس وخاطتها، وكان للمستأنف عليه بعض الملاحظات على ما كانت المستأنفة تقوم
بإعداده من لوازم الجهاز، فقد جاء بخطابه المؤرخ 18 من مارس سنة 1936 المرفق تحت
رقم 13 من الحافظة 5 أنه تسلم كشفاً بما أرسلته المستأنفة إليه ويبين من كل ذلك أن
التقدير الذي انتهى إليه المجلس الملي عن قيمة الجهاز والملابس بمبلغ 360 ج و530 م
إنما هو تقدير مناسب لا مغالاة فيه وترى المحكمة الأخذ به". ومؤدى هذا الذي
أورده الحكم أنه استند إلى الخطابات الصادرة من الطاعن والفواتير المتعلقة بجهاز
المطعون عليها وإقرار الطاعن نفسه - استند الحكم إلى ذلك كله في تقرير مسئولية
الطاعن عن الأشياء والنقود التي سلمت إليه من جهاز المطعون عليها وملابسها التي
أعدت لزواجها أثناء الخطبة. كما استند إليه أيضاً فيما انتهى إليه من أن تقدير
المجلس الملي للجهاز والملابس بمبلغ 360 ج و530 م هو تقدير صائب لا مغالاة فيه أما
ما ورد بالحكم المطعون فيه بشأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 462 سنة 1940 كلي
القاهرة فلا يعدو أن يكون تقريراً لما ورد فيه لا أساساً من الأسس التي بني عليها
الحكم المطعون فيه - لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد بني على أساس قانوني سليم
وأدلة سائغة ويكون النعي عليه بمخالفة القانون وبالقصور وبالخطأ في الإسناد لا
أساس له.
وحيث إن الوجهين الأول
والثاني من السبب الثاني يتحصلان في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في
القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك أن محكمة الموضوع قررت أن السبب في فسخ الخطبة
هو إخفاق الطاعن في الحصول من والد خطيبته على حصتها الميراثية وأن عدوله عن
الزواج عدول طائش لم يكن له مسوغ يقتضيه، ورتبت على ذلك مسئوليته بالتعويض، في حين
أن فسخ الخطبة في ذاته لا يستوجب التعويض إلا إذا لازمته أفعال مستقلة عنه
استقلالاً تاماً ينتج عنها ضرر مادي أو أدبي للطرف الآخر ويضيف الطاعن أن السبب
الذي نسبته إليه محكمة الموضوع باعتباره سبباً للعدول عن الزواج لا يوجب مساءلته،
إذ ليس ثمة خطأ في أن يرغب خطيب في الاطمئنان على مركز خطيبته المالي، وسواء وصف
عدول الطاعن عن الزواج بأنه عدول طائش أو غير طائش فهو سبب لاصق بالعدول ذاته وليس
مستقلاً عنه - فلا يؤدي إلى مسئولية الطاعن والحكم للمطعون عليها بتعويض.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالتعويض للمطعون عليها عن فسخ الخطبة على ما ورد فيه
وفي الحكم الابتدائي الذي أحال إليه من أن الطاعن أقدم على فسخ الخطبة لغير ما سبب
سوى طمعه في مال والد خطيبته لرفضه أن يخص ابنته بنصيبها في ماله حال حياته،
واعتبرت المحكمة عدول الطاعن لهذا السبب عدولاً طائشاً لم يكن له مسوغ يقتضيه،
ورتبت عليه الحكم للطعون عليها بتعويض قدره 300 ج. وهذا الذي انتهى إليه الحكم في
تقرير المسئولية غير صحيح في القانون، ذلك أنه يتعين للحكم بالتعويض بسبب العدول
عن الخطبة أن تتوافر شرائط المسئولية التقصيرية بأن يكون هذا العدول قد لازمته
أفعالاً خاطئة في ذاتها ومستقلة عنه استقلالاً تاماً ومنسوبة لأحد الطرفين وأن
ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي للطرف الآخر. ولما كان عدول الطاعن عن الخطبة الذي ترتب
عليه الحكم للمطعون عليها بالتعويض قد وصفته محكمة الموضوع بكونه عدولاً طائشاً
ليس له مسوغ يقتضيه، وكان سبب العدول على هذا النحو لاصقاً بالعدول ذاته ومجرداً
عن أي فعل خاطئ مستقل عنه، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في
القانون إذ قضى للمطعون عليها بالتعويض مما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً قاصراً على
هذا الشق من النزاع.
وحيث إن الموضوع صالح
للفصل فيه.
وحيث إنه لما سبق بيانه
يتعين الحكم في الاستئنافين رقمي 1186 سنة 71 ق و1190 سنة 71 ق استئناف القاهرة
بتعديل الحكم المستأنف الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1953 وإلزام بأن يدفع للمطعون
عليها مبلغ 360 ج و530 م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق