جلسة 1 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ د. مدحت محمد سعد الدين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد محمد هريدي، صلاح عبد العاطي أبو رابح نائب رئيس المحكمة، عبد الناصر عبد اللاه فراج ووليد ربيع السعداوي.
----------------
(58)
الطعن 1893 لسنة 69 القضائية
(1 ، 2) أموال "الأموال العامة". إيجار "القواعد العامة في الإيجار: بعض أنواع الإيجار: الترخيص بالانتفاع بالأملاك العامة".
(1) الأموال العامة. تصرف السلطة الإدارية في انتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص المؤقت ومقابل رسم لا أجرة. تكييف العلاقة بين جهة الإدارة وبين المنتفع بالمال العام. مناطه. حقيقة الواقع وحكم القانون. شرطه. تعلق العقد بمال عام ويكون هدف الإدارة تحقيق المصلحة العامة.
(2) إسناد الدولة للشركة الطاعنة إقامة منطقة المعمورة ومرافقها وإدارتها واستغلالها واعتماد تقسيمها من المحافظ المختص وتقديم الخدمات لرواد الشاطئ. أثره. ثبوت صفة المال العام لأماكن الخدمات بالشاطئ ومنها حانوت التداعي. مؤداه. كون العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم علاقة إدارية يحكمها ترخيص ومقابل انتفاعها هو رسم وليس أجرة. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن هذه العلاقة إيجارية وعدم تطبيق شروط الترخيص. فساد وخطأ ومخالفة للقانون.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتا وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائما - لدواعي المصلحة العامة - الحق في إلغائه والرجوع فيه ولو قبل حلول أجله، ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة، والعبرة في تكييف العلاقة التي تربط جهة الإدارة بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع وحكم القانون ما دام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة.
2 - إذ كانت الشركة الطاعنة - وهي إحدى شركات القطاع العام - لا تعتبر من الأشخاص العامة إلا أن الثابت من أحكام القانون رقم 565 لسنة 1954 والقانون رقم 60 لسنة 1962 وقرار رئيس الجمهورية رقم 2909 لسنة 1964 - بإنشاء الشركة العامة للتعمير السياحي والتي تحول اسمها في سنة 1968 إلى اسم الشركة الطاعنة - أن الدولة أناطت بها إقامة منطقة المعمورة ومرافقها وإدارتها واستغلالها بما لازمه أن تتولى الشركة الطاعنة تخطيط المنطقة واستصدار قرار المحافظة باعتماد هذا التقسيم إعمالا لأحكام القانون 52 لسنة 1940 - في شأن تقسيم الأرض المعدة للبناء - المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1952 وقامت الشركة الطاعنة باستصدار موافقة مجلس محافظة الإسكندرية باعتماد تقسيم منطقة المعمورة وذلك بالقرار رقم 185 لسنة 1964، وقد وضح من خريطة التقسيم تحديد الشوارع والميادين والحدائق والمنتزهات العامة والأسواق ومنها شاطئ المعمورة الذي يقع به محل النزاع، وكان القصد من إقامته تقديم الخدمات لرواد الشاطئ والمصطافين بتوفير احتياجاتهم ولوازمهم بما يسبغ عليه صفة المال العام، وتكون العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم على المحل علاقة إدارية يحكمها ترخيص، ويكون مقابل الانتفاع رسما وليس أجرة، ولما كان الثابت من شروط الترخيص المحرر في 22/ 4/ 1992 أنه مبرم بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم لانتفاع بمحل لمزاولة نشاط "كافيتريا وحلواني" وتم تجهيزه للغرض المرخص من أجله وأن مدة هذا الترخيص عشر سنوات تبدأ من 10/ 10/ 1991 وتنتهي في 9/ 10/ 2001 دون تنبيه، وبمقتضى البند الثالث منه يلتزم المرخص لهم بسداد مقابل الانتفاع مقدما في شهر أكتوبر من كل عام وحتى نهاية الترخيص، وأنه في حالة التأخير في السداد يلتزمون بدفع 15% من قيمة المبالغ المتأخرة كتعويض متفق عليه مع حق الطاعنة المرخصة في إلغاء الترخيص دون تنبيه، كما يلتزم المرخص لهم بمباشرة النشاط بصفة مستمرة خلال فترة الترخيص، بل وأناط بهم في البند السابع استخراج سائر التراخيص اللازمة لمباشرة النشاط من الجهات المختصة وعلى نفقتهم، ونص في البند الواحد والعشرين على أن أي مخالفة لبنود هذا الترخيص تجيز للطاعنة إنهاءه دون تنبيه أو إنذار أو صدور حكم قضائي. فمتى كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى رفض الدعوى على سند من أنه لا توجد مخالفة لشروط الترخيص وقعت من المطعون ضدهم لأن توقفهم عن أداء مقابل الانتفاع مرده عدم انتفاعهم بالمحل الذي امتنعت جهة الإدارة عن إصدار ترخيص مزاولة النشاط به، رغم أن شروط الترخيص سالفة البيان ألزمت المرخص لهم باستخراج التراخيص اللازمة لمباشرة نشاطهم وتأيد ذلك بما أثبته الخبير في تقريره من أن السبب في عدم استخراج ترخيص مزاولة النشاط يرجع إلى المطعون ضدهم، فضلا عن أن شهادة شركة الكهرباء غير المجحودة من المطعون ضدهم تثبت عدم توقفهم عن مزاولة نشاط المحل المرخص لهم به وإذ كانوا قد توقفوا عن سداد رسم الانتفاع فإنه يحق للشركة الطاعنة إنهاؤه طبقا للبند الثالث من شروط الترخيص دون اتخاذ أي إجراء قانوني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم هي علاقة إيجارية وأخضع مقابل الانتفاع بمحل النزاع لقواعد القانون المدني - في شأن ضمان المؤجر عدم التعرض للمستأجر - ولم يطبق شروط الترخيص سند الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجاء معيبا بالفساد في الاستدلال.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 1996 الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم باعتبار الترخيص المؤرخ 22/ 4/ 1992 منتهيا وإخلائهم من محل النزاع المبين بالصحيفة والتسليم، وقالت شرحا لذلك إنها رخصت للمطعون ضدهم باستغلال المحل المشار إليه لمدة عشر سنوات تبدأ من 10/ 10/ 1991 وتنتهي في 9/ 10/ 2001 بمقابل انتفاع مقداره 13900 جنيه يلتزم المرخص لهم بسدادها سنويا ومقدما في أكتوبر من كل عام وفي حالة التأخير يلتزمون بدفع 15% من قيمة المبالغ المتأخرة كتعويض متفق عليه من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد مع حق الشركة في إلغاء الترخيص، وإذ امتنع المطعون ضدهم عن الوفاء بمقابل الانتفاع أعوام 93، 94، 95، 96 رغم إنذارهم بذلك فقد أقامت الدعوى، كما وجه المطعون ضدهم دعوى فرعية للطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لهم مبلغ 500000 جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم من جراء عدم انتفاعهم بالمحل. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 25/ 11/ 1998 في الدعوى الأصلية بانتهاء الترخيص وإخلاء المحل وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف المطعون ضدهم الحكم في الدعوى الأصلية بالاستئناف رقم ... لسنة 55ق الإسكندرية، وبتاريخ 6/ 6/ 1999 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى تأسيسا على أن الأجرة مقابل الانتفاع، وخلت الأوراق من دليل على أن المطعون ضدهم ينتفعون بعين النزاع، إذ لم يستطيعوا الحصول على ترخيص بمباشرة النشاط المرخص لهم به مع أن أوراق الدعوى ومستنداتها ومن بينها شهادة شركة توزيع الكهرباء بالإسكندرية المقدمة من الشركة الطاعنة تثبت بما لا يدع مجالا للشك انتفاع المطعون ضدهم بعين النزاع، فضلا عن إخفاقهم في الحصول على ترخيص مزاولة النشاط ليس بسبب الشركة الطاعنة، إذ له طريق آخر غير المتفق عليه بترخيص الشركة الطاعنة للمطعون ضدهم باستغلال محل النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر العلاقة بينهما علاقة إيجارية وليست ترخيصا وأن الأجرة مقابل انتفاع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتة وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائما - لدواعي المصلحة العامة - الحق في إلغائه والرجوع فيه ولو قبل حلول أجله، ويكون منحه للمنتفع مقابل رسم لا أجرة، والعبرة في تكييف العلاقة التي تربط جهة الإدارة بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع وحكم القانون مادام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة. لما كان ذلك، ولكن كانت الشركة الطاعنة - وهي إحدى شركات القطاع العام - لا تعتبر من الأشخاص العامة إلا أن الثابت من أحكام القانون رقم 565 لسنة 1954 والقانون رقم 60 لسنة 1962 وقرار رئيس الجمهورية رقم 2909 لسنة 1964 - بإنشاء الشركة العامة للتعمير السياحي والتي تحول اسمها في سنة 1968 إلى اسم الشركة الطاعنة - أن الدولة أناطت بها إقامة منطقة المعمورة ومرافقها وإدارتها واستغلالها، بما لازمه أن تتولى الشركة الطاعنة تخطيط المنطقة واستصدار قرار المحافظة باعتماد هذا التقسيم إعمالا لأحكام القانون 52 لسنة 1940 - في شأن تقسيم الأرض المعدة للبناء - المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1952 وقامت الشركة الطاعنة باستصدار موافقة مجلس محافظة الإسكندرية باعتماد تقسيم منطقة المعمورة وذلك بالقرار رقم 185 لسنة 1964، وقد وضح من خريطة التقسيم تحديد الشوارع والميادين والحدائق والمنتزهات العامة والأسواق ومنها شاطئ المعمورة الذي يقع به محل النزاع، وكان القصد من إقامته تقديم الخدمات لرواد الشاطئ والمصطافين بتوفير احتياجاتهم ولوازمهم بما يسبغ عليه صفة المال العام، وتكون العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم على المحل علاقة إدارية يحكمها ترخيص، ويكون مقابل الانتفاع رسما وليس أجرة، ولما كان الثابت من شروط الترخيص المحرر في 22/ 4/ 1992 أنه مبرم بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم لانتفاع بمحل لمزاولة نشاط "كافيتريا وحلواني" وتم تجهيزه للغرض المرخص من أجله وأن مدة هذا الترخيص عشر سنوات تبدأ من 10/ 10/ 1991 وتنتهي في 9/ 10/ 2001 دون تنبيه، وبمقتضى البند الثالث منه يلتزم المرخص لهم بسداد مقابل الانتفاع مقدما في شهر أكتوبر من كل عام وحتى نهاية الترخيص، وأنه في حالة التأخير في السداد يلتزمون بدفع 15% من قيمة المبالغ المتأخرة كتعويض متفق عليه مع حق الطاعنة المرخصة في إلغاء الترخيص دون تنبيه، كما يلتزم المرخص لهم بمباشرة النشاط بصفة مستمرة خلال فترة الترخيص، بل وأناط بهم في البند السابع استخراج سائر التراخيص اللازمة لمباشرة النشاط من الجهات المختصة وعلى نفقتهم، ونص في البند الواحد والعشرين على أن أي مخالفة لبنود هذا الترخيص تجيز للطاعنة إنهاءه دون تنبيه أو إنذار أو صدور حكم قضائي، فمتى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى رفض الدعوى على سند من أنه لا توجد مخالفة لشروط الترخيص وقعت من المطعون ضدهم لأن توقفهم عن أداء مقابل الانتفاع مرده عدم انتفاعهم بالمحل الذي امتنعت جهة الإدارة عن إصدار ترخيص مزاولة النشاط به، رغم أن شروط الترخيص سالفة البيان ألزمت المرخص لهم باستخراج التراخيص اللازمة لمباشرة نشاطهم وتأيد ذلك بما أثبته الخبير في تقريره من أن السبب في عدم استخراج ترخيص مزاولة النشاط يرجع إلى المطعون ضدهم، فضلا عن أن شهادة شركة الكهرباء غير المجحودة من المطعون ضدهم تثبت عدم توقفهم عن مزاولة نشاط المحل المرخص لهم به وإن كانوا قد توقفوا عن سداد رسم الانتفاع، فإنه يحق للشركة الطاعنة إنهاؤه طبقا للبند الثالث من شروط الترخيص دون اتخاذ أي إجراء قانوني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم هي علاقة إيجارية وأخضع مقابل الانتفاع بمحل النزاع لقواعد القانون المدني - في شأن ضمان المؤجر عدم التعرض للمستأجر - ولم يطبق شروط الترخيص سند الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجاء معيبا بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق