جلسة 14 من نوفمبر سنة 1962
برياسة السيد/ محمد فؤاد
جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين:، محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى
محمد، وأميل جبران، وقطب فراج.
----------------
(155)
الطعن رقم 1 لسنة 30
"أحوال شخصية"
وقف "شرط
الواقف". "تفسيره". "الاستحقاق في الوقف".
شرط الواقف بأن يجرى
استحقاق أولاده على التفاضل فيما بينهم وبان يجرى استحقاق أولاد معتوقيه على النص
والترتيب المذكورين بالنسبة لذريته. دلالة ذلك أن يأخذ استحقاق أولاد المعتوقين
حكم استحقاق أولاد الواقف. مخالفة الحكم ذلك مخالف لشرط الواقف.
---------------
يحمل كلام الواقف على
المعنى الذى يظهر أنه أراده، فإذا كان يبين من إشهاد الوقف أن الواقف أراد أن يأخذ
استحقاق أولاد معتوقيه وأولاد أولادهما حكم استحقاق أولاد الواقف وأولاد أولاده
ويجرى مجراه بدلالة قوله في الاشهاد على أن يجرى استحقاق أولاد معتوقيه على النص
والترتيب المذكورين بالنسبة لذريته، وكان استحقاق أولاد الواقف إنما يجرى على
التفاضل فيما بينهم للذكر منهم مثل حظ الانثيين فان استحقاق أولاد المعتوقين يتبعه
ويجرى على التفاضل كذلك الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد خالف شرط
الواقف بما يوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد فهمى خورشيد
المطعون عليه أقام الدعوى رقم 452 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد
كل من وزارة الأوقاف وحسن رأفت ابراهيم رأفت مورث الطاعنين بطلب استحقاقه لحصة في وقف
المرحوم أحمد باشا رشيد وقال شرحا لدعواه إنه بموجب إشهاد الوقف المؤرخ 14 ربيع الثاني
سنة 1297 وإشهادي التغيير المؤرخين 22 صفر سنة 1302 و6 ربيع الثاني سنة 1314 وقف
المرحوم أحمد باشا رشيد الأطيان المبينة بها على نفسه مدة حياته ثم من بعده جعل
منها 760 فدانا و12 قيراطا وقفا على أولاده ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين
الموجودين ومن يحدثه الله له من الأولاد وعلى زوجتيه ثم من بعد كل منهم فعلى
أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريتهم ونسلهم
وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب السفلى
من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد ويشترك
فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو
أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لأخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق
واستحق ما كان يستحقه أصله مضافا لاستحقاقه فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات فلا قرب
الطبقات للمتوفى من أصل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن من مات منهم قبل دخوله في
هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه
لولده أو ولد ولده وقام ولده أو ولد ولده مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما
كان يستحقه أصله أن لو كان الأصل حيا باقيا يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين
انقراضهم أجمعين - كما جعل منها 50 فدانا و12 سهما وقفا على معتوقيه ابراهيم رأفت
الچركسى وزوجته كلفدان بحق 40 فدانا و12 قيراطا للأول و10 أفدنة للثانية ثم من بعد
كل منهما يكون نصيبه من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد
أولاد أولاده على النص والترتيب المشروحين في ذرية الواقف، وقد توفى الواقف والوقف
باق على حاله ثم توفى ابراهيم رأفت وزوجته كلفدان وبوفاتهما انتقل استحقاقهما إلى
ولديهما حسن وتفيده ثم توفيت تفيده وبوفاتها انتقل استحقاقها إلى أولادها ومنهم
المدعى، وإذ جرت الوزارة على توزيع هذا الاستحقاق بالتفاضل بين حسن وتفيده وبحق
الثلثين للأول والثلث للثانية بينما تقضى إشهادات الوقف والتغيير بتوزيعه بالتساوي
ومناصفة بينهما، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بنصيبه في هذا الفرق وهو 1 فدان و20
قيراطا و12 سهما. وأثناء نظر الدعوى توفى حسن وأدخل ورثته خصوما فيها، وبجلسة 28/
2/ 1956 عدل المدعى طلباته في مواجهتهم إلى طلب الحكم باستحقاق مورثته للسدس
الموقوف تكملة للنصف. وبتاريخ 28/ 3/ 1959 حكمت المحكمة حضوريا برفض الدعوى وألزمت
المدعى مصروفاتها وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف محمد فهمى خورشيد
هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبا إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 5
من ديسمبر سنة 1959 حكمت المحكمة حضوريا للمستأنف على المستأنف عليهم باستحقاق
والدة المستأنف الست تفيدة رأفت لنصف الموقوف على والديها ابراهيم رأفت وكلفدان
البيضاء بمقتضى إشهاد التغيير الصادر في 6 ربيع الثاني سنة 1314 أمام محكمة مصر
الشرعية بدلا من الثلث وألزمت المستأنف عليهم عدا وزارة الأوقاف مصاريف الدرجتين
وستة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض
للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى
هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض
الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الطعن يقوم على
سببين حاصلهما (1) أن الأصل في الاستحقاق هو أن يكون بالتساوي ما لم يشترط الواقف
التفاضل أو تقوم قرينة على خلافه ومع تسليم الحكم المطعون فيه بهذا الأصل إلا أنه
أخطأ في تطبيقه على واقعة الدعوى لأن الواقف نص على التفاضل بين الطبقات بقوله في آخر
الانشاء "يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين" ومفهوم هذه
العبارة أن الموقوف عليهم من جميع الطبقات يتداولون الموقوف ويسحقونه كالتداول
المبين قبله وبالتفاضل فيما بينهم وهى قرينة على أن الواقف لم يسكت عن بيان غرضه
في تفضيل الذكر على الأنثى من جميع الطبقات. (2) وما عول عليه الحكم من أن التفاضل
المذكور في حجة الوقف كان مقترنا بالطبقة الأولى فيه إغفال لقصد الواقف ولما نصت
عليه المادة 10 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف وما جاء في المذكرة
التفسيرية لهذا القانون من أنه يجب حمل كلام الواقفين على ما يظهر أنهم أرادوه منه
وافق ذلك لغة العرب أو لغة الشارع أولا.
وحيث إن هذا النعي في محله
ذلك أن كلام الواقف يحمل على المعنى الذى يظهر أنه إرادة، وغرض الواقف هنا ظاهر في
أن استحقاق أولاد ابراهيم رأفت وزوجته كلفدان وأولاد أولادهما يأخذ حكم استحقاق
أولاد الواقف وأولاد أولاده ويجرى مجراه وهو ما يدل عليه قوله في إشهاد الوقف
وإشهاد التغيير الأول "... ومن ذلك الخمسين فدانا وثمن فدان وثلثي قيراط من
فدان التي بناحية....... تكون وقفا على ابراهيم رأفت الجركسى وزوجته الست كلفدان
البيضاء الجركسية ثم من بعد كل منهما فعلى أولاده وأولاد أولاده على النص والترتيب
المشروحين في ذرية سعادة الواقف" وقوله في إشهاد التغيير الثاني إنه
".... جعل الثمانية وخمسين فدانا ونصف قيراط من فدان الكائنة بناحية....... وقفا
على ابراهيم أفندى رأفت وزوجته الست كلفدان والست (-) ما هو لإبراهيم أفندي رأفت
أربعون فدانا ونصف قيراط من فدان وما هو لزوجته الست كلفدان المذكورة عشرة أفدنة
وما هو للست (-) ثمانية أفدنة باقي ذلك ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك وقفا
على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده على النص والترتيب
المشروحين بكتابي الوقف والتغيير" وإذا كان استحقاق أولاد الواقف - وهو القدر
اللازم للفصل في النزاع - إنما يجرى على التفاضل فيما بينهم للذكر منهم مثل حظ
الانثيين فإن استحقاق أولاد ابراهيم رأفت وزوجته كلفدان يتبعه وأن يجرى على
التفاضل كذلك - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى
"باستحقاق والدة المستأنف الست تفيدة رأفت لنص الموقوف على والديها ابراهيم
رأفت وكلفدان البيضاء بدلا عن الثلث" فإنه يكون قد خالف شرط الواقف بما يوجب
نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح
للفصل فيه ولما تقدم ولأن الحكم المستأنف صحيح في ذاته فإنه يتعين تأييده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق