باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حاكم إمارة رأس الخيمة
-------------------------
محكمة تمييز رأس الخيمة
الدائرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمودة الشريف رئيس الدائرة
وعضوية السيد المستشار/ صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيد المستشار /محمد عبد العظيم عقبة
وبحضور السيد/ حسام على أميناً للسر
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأثنين 7 صفر 1438ه الموافق 7 من نوفمبر من العام 2016م
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 84 لسنة 11 ق 2016 – مدنى
الطاعن / ..... بوكالة المحامي / ....
المطعون ضدهم / 1- ... بوكالة المحامي / .... 2- .... 3- ... بوكالة المحاميان / ....
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد حمودة الشريف .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن "الطاعن" أقام بتاريخ 13/5/2010م الدعوى رقم 171/2010 أمام محكمة رأس الخيمة الابتدائية بمواجهة المدعى عليهم "المطعون ضدهم" بموضوع "ندب خبير أراضي" وقال بياناً لدعواه أن والده يملك قطعة الأرض الكائنة في رأس الخيمة بوثيقة ملكية رقم .... تاريخ 10/3/1997م مسجل باسم "شركة ...." مملوكة له ملكية كاملة مساحتها 72860 قدم 2- وأنه في غضون شهر أبريل عام 2007 وبمناسبة عرض المدعي الأرض للبيع تعرف على المدعى عليه الأول .... الذي أقنعه بتولي عملية البيع وحرر المدعي له وكالة للتصرف إليها بناء على اتفاقية ومقابل تسليم المدعي شيكاً على بياض من المدعى عليه الأول وذلك بتاريخ 15/4/2007م وبعد فترة راجعه المدعى عليه واعلمه بتعذر التصرف بالأرض إلا من خلال مواطن وطلب منه إلغاء الوكالة وتسليمه الشيك ، وتم تحرير اتفاقية جديدة مع المدعى عليه الثاني ووكالة بالتصرف مقابل شيك من الثاني على بياض بتاريخ 7/5/2007م ، وفي شهر يوليو / 2007 أخبر المدعى عليه الثاني المدعي بأنه توجه لدائرة الأراضي وعلم أن المدعى عليه الأول تصرف بالأرض فقدم المدعي بلاغاً للنيابة ضد الأول قيد برقم 1295/2007 بتهمة الاحتيال وأثناء نظر الدعوى فوجئ (بالمدعى عليه الثاني) يستخدم التوكيل الممنوح له ويقدم تنازلاً موثقاً عن القضية الجزائية لصالح (الأول) وتمسك المدعي بطلبه حيث صدر حكم بإدانة (الأول) وحبسه لمدة سنتين وإلزامه بمبلغ 21000 درهم على سبيل التعويض وقد طعن في الحكم استئنافاً حيث قضى – بسقوط الاستئناف وأعلن الأول به ولم يطعن عليه فأصبح نهائياً ، وأن الأرض بيعت للمدعى عليه الثالث بواسطة كل من المدعى عليهما الأول والثاني بموجب الوكالات الممنوحة لهما ولم يتحصل المدعي على ثمنها مما دعاه لإقامة الدعوى لتحديد قيمة الأرض السوقية وقت البيع وإلزام المدعى عليهم بالتضامم بالثمن أو استرداد المبيع .
وبتاريخ 2/12/2010م أصدرت محكمة أول درجة حكمها برفض الدعوى وإلزام المدعي المصاريف ومائة درهم أتعاب محاماة .
استأنف المدعى هذا الحكم بالاستئناف رقم 18/2011 حيث قضت محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف لأن المحكمة لم تفصل بموضوع الدعوى وأغفلت الفصل في طلب المدعي المطالبة بالثمن أو استرداد المبيع ، وفي ضوء حكم الاستئناف قدم المدعي طلباً للفصل في الطلبات التي تم إغفالها والمتمثلة بثمن الأرض المبيعة أو إلزام المدعى عليهم برد المبيع .
نظرت محكمة أول درجة الطلب مجدداً وأصدرت بتاريخ 30/4/2012م حكمها المتضمن إلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدي للمدعي مبلغ خمسمائة وسبعين ألف درهم وإلزام بالمصاريف ومائة درهم مقابل أتعاب المحاماة .
لم يقبل المدعي بذلك الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 273/2012 .
وبتاريخ 26/2/2014م أصدرت محكمة الاستئناف حكمها المتضمن قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والحكم بإلزام المدعى عليه الأول بتأدية مبلغ (1427200) درهم وإلزامه بالرسوم والمصاريف ومائتي درهم مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك .
طعن المدعي في هذا الحكم بالطعن رقم 72/2014 وبتاريخ 30/6/2015 حكمت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لنظرها من هيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدهم رسوم ومصاريف الطعن وإعادة التأمين للطاعن .
وبتاريخ 14/3/2016 حكمت المحكمة : 1- بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمستأنف ضدهما الثاني والثالث وبقبولها . 2- بتعديل الحكم المستأنف ليصبح : أ/ فسخ عقد البيع رقم (1108/2007) المؤرخ في 19/4/2007 محل النزاع وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل البيع وإلزام المستأنف بأن يؤدي للمستأنف ضده الثالث مبلغ (570000) درهم خمسمائة وسبعون ألف درهم . ب- إلزام المستأنف ضدهما الأول والثاني بأن يؤديا إلى المستأنف بالتضامن مبلغ (570000) درهم خمسمائة وسبعون ألف درهم . ج- إلزام المستأنف ضدهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي .
طعن الطاعن على هذا الحكم بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ ...... وعرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصدرت هذا الحكم .
حيث أقيم الطعن على سبب واحد حاصله النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق عن وجهين : أولاً : لعدم التزام محكمة الاستئناف بقضاء الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم 72/2014 الذي حدد لمحكمة الاستئناف نطاق إعادة المحاكمة فيما يخص فقط الاتفاقية المبرمة بين المدعي والطاعن (نائل) لكون الأخير تعهد في هذه الاتفاقية بإرجاع كافة المستندات المتعلقة بالأرض محل التداعي إلا أن محكمة الاستئناف تصدت لما لم تكلف ببحثه لتتوصل إلى إن عملية البيع تمت بين البائع ... والمشتري ... وذلك بموجب غش وتواطأ ومساعدة وهو استخلاص لا أصل له في الأوراق إطلاقاً . ثانياً : الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق فيما انتهى إليه من أن قيام المطعون ضده الثاني (صبري) باع الأرض محل النزاع إلى المطعون ضده الثالث بثمن بخس خلافاً للاتفاق مع المطعون ضده الأول (مروان) لم يكن بحسن نية وإنما كان بناء على غش وتواطؤ ومساعدة من الطاعن (نائل) بقصد بيع أرض المطعون ضده الأول واستيلائهم على ثمنها الأمر الذي لا سند لها بالأوراق وذلك : 1- لأن الطاعن لم يكن له أي تواجد نهائياً قبل تاريخ البيع فالبيع تم بتاريخ 19/4/2007 و المطعون ضده الأول قام بتاريخ 7/5/2007 بتحرير توكيل للطاعن من أجل التصرف في قطعة الأرض محل التداعي أي بعد بيع الأرض والتصرف فيها من قبل المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الثالث . 2 - إن المطعون ضده الأول حتى تاريخ 7/5/2007 لم يلتق بالطاعن نهائياً بل إن بداية تعارفهما كانت بعد قيام المطعون ضده الثاني بالتصرف في الأرض وإلغاء التوكيل الذي كان أسنده المطعون ضده الأول (المدعي) للمطعون ضده الثاني ... أي بعد تاريخ التصرف في الأرض . ولا يمكن القول بأن ترشيح المطعون ضده الثاني للطاعن ليحل محله في التصرف في الأرض كان من قبيل الغش أو المساعدة أو التواطؤ لأن كل ذلك تم بعد تصرف المطعون ضده الثاني في الأرض فضلاً عن أقوال المطعون ضده الثالث .... بأن من قام ببيعه الأرض هو .... . 3- أن المقصود بالاتفاقية المبرمة بين الطاعن والمطعون ضده الأول (بالأوراق والمستندات) التي التزم الطاعن بإعادتها إلى الطاعن هي التي كان سوف يستخرجها بموجب التوكيل الممنوح له من المطعون ضده بعد إتمام الإجراءات المتفق عليها بالتوكيل وبما أن الطاعن لم يتمكن من التصرف في الأرض بموجب التوكيل نظراً لبيعها من المطعون ضده الثاني بموجب التوكيل الممنوح له من المطعون ضده الأول قبل إلغائه وقبل توكيل الطاعن فتنتفي مسؤولية الطاعن عن البيع وبالتالي فلا أثر لالتزامه بإعادة الأوراق والمستندات إلى المطعون ضده على حصول عملية البيع من عدمه إضافة إلى أنه لم يمتنع عن تسليم المطعون ضده الأول كتب التوكيل الذي أسنده له وهو المستند الوحيد الذي كان بحوزته إذ لا قيمة له لأنه قابل للإلغاء من الموكل في أي لحظة وبالتالي فإن بقاؤه بيد الطاعن لا أثر له على حصول البيع وكذا أياً ما كان بيد الطاعن من أوراق ومستندات لأن البيع قد تم قبل أن يقوم المطعون ضده الأول بتوكيل الطاعن . 4- عدم وجود أي إتهام أسند من النيابة إلى الطاعن عقب هذه الأحداث كما أن المطعون ضده الأول لم يقم بالشكوى عليه بتهمة خيانة الأمانة أو النصب والاحتيال لأنه يعلم جيداً بأن إجراءات التصرف والتنازل عن الأرض قبل توكيل الطاعن ولا يقدح في ذلك قيامه بالشكوى على الطاعن بالشيك الذي حرره له الطاعن على بياض تم حفظه من قبل النيابة لأن المطعون ضده لم يقبل على مثل هذا البلاغ إلا محاولة بائسة منه للتحصيل على ما يمكن تحصيله بعد ضياع أرضه وهروب المتصرف الحقيقي فيها إلى خارج الدولة منذ عام 2007 .
حيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة (من قانون الإجراءات المدنية أنه : ( يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة ) . إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فيكتسب القضاء في شأنها قوة الشيء المحكوم فيه أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ويجوز للخصوم أن يقدموا للمحكمة التي أحيلت إليها القضية من الدفاع ما كان لهم أن يقدموه لها قبل إصداره إلا ما يكون قد سقط الحق فيه ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها . وكان نقض الحكم لقصور في التسبيب – أياً كان وجه هذا القصور – لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادتان 129 و 130 من قانون الإجراءات المدنية اللتان أوجبتا أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة مما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوص . لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوره في التسبيب إذ برغم ما (ورد في أوراق الدعوى من أن المطعون ضده الثاني ( الطاعن الآن ) تعهد في الاتفاقية بينه وبين الطاعن ( المطعون ضده الأول الآن ) بإعادة كافة الأوراق والمستندات الخاصة بالأرض إلى الطرف الأول ( المطعون ضده الأول الآن ) فلم / تبين محكمة الاستئناف فيما إذا كان لذلك أثر على حصول البيع من المطعون ضده الأول للمطعون ضده الثالث وفيما إذا كان يرتب مسئولية على المطعون ضده الثاني مما يصم الحكم بالقصور في التسبيب ) . وكان مؤدى نقض الحكم والإحالة للقصور في التسبيب التزام محكمة الإحالة بتدارك هذا القصور بما يتحقق به مطلوب الحكم الناقض ويواجه عناصر النزاع القانونية والواقعية ، فإذا ما قامت المحكمة بما يرفع عن حكمها شائبة القصور عادت لها الحرية المطلقة في فهم واقع الدعوى وتفسير المحررات وفق أدلتها بغير معقب عليها من محكمة التمييز متى كان قضائها قائماً على أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه وتكفي لحمل قضائه . وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من خلال : 1 - سبق إبرام توكيل بين المطعون ضدهما الأول والثاني وكل بموجبه الأول الثاني ببيع قطعة الأرض محل النزاع بقيمتها السوقية تاريخ البيع . 2 - بيع المطعون ضده الثاني2 منذ تاريخ 19 / 4 / 2007م قطع الأرض محل النزاع للمطعون ضده الأول بثمن بخس لا يتجاوز 570 ألف درهم وهو أقل تكلفة من القيمة السوقية لمحل النزاع في تاريخ البيع المقدرة بالخبرة المأذون لها من المحكمة مبلغ 1427.200 درهم . 3 - إيهام المطعون ضد الثاني المطعون ضده الأول بعد أن باع الأرض محل النزاع بموجب الوكالة المشار إليها بضرورة إسناد وكالة جديدة لمواطن وتقديمه الطاعن له ليحل محله في الوكالة الجديدة التي أسندها المطعون ضده الأول ( للطاعن تاريخ 7/5/2007 بعد أو استرجع منه المطعون ضده الأول شيك الضمان الذي كان سلم له عند إبرام عقد الوكالة الملغاة التي كانت قائمة بينهما وإبرام وكالة جديدة لنفس غرض الأول من المطعون ضده الأول للطاعن في التاريخ المذكور بشهادة المطعون ضده الثاني فيها . صدور إقراراً وتنازل بعد ذلك من الطاعن بوصفه وكيلاً عن المطعون ضده الأول ودر علم هذا الأخير وموافقته في الجنحة رقم 1295 /2007 المتهم فيها المطعون ضده بتهمة إساءة الأمانة . 4 - أن ( قيام المطعون ضده الأول ببيع الأرض محل النزاع إلى المطعون ضده الثالث بثمن بخس لم يكن يحسن نية وإنما كان بناء على غش وتواطئ وبمساعدة من الطاعن بقصد بيع محل النزاع واستيلائهما على ثمنه ) وتبعاً لذلك إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لصالح الدعوى بالنسبة للطاعن وقد توافرت شروط مسئولية الطاعن التقصيرية بتعويض المطعون ضده الأول عن ضرره الذي تسببت له فيه – أيضاً الطاعن بخطئه الثابت من خلال توصل المطعون ضده الثالث مشتري محل النزاع من المطعون ضده الثاني إلى تسجيل عقد البيع الذي أبرمه مع الأخير ودائرة الأراضي الذي ما كان ليتم بدون سندات الملكية المسلمة من المطعون ضده للطاعن المشار إليها بعقد الوكالة المبرم بينهما فهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليه الحكم المطعون فيه وتكفي لحمله ومن ثم فلا يعدو النعي أن يكون جدلاً موضوعياً فيما يدخل في سلطة قاضي الموضوع التقديرية لفهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة. ومن ثم يعنى رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق