جلسة 21 من يونيه سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي عبد ربه.
------------------
(173)
الطعن رقم 2608 لسنة 56 القضائية
(3 - 1)التماس إعادة النظر. حكم "الطعن في الأحكام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(1)الغش كسبب لالتماس إعادة النظر. ماهيته. وقوعه ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه.
(2)تقدير عناصر الغش إثباتاً ونفياً. تستقل به محكمة الموضوع ما دامت تستند إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت وتؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها.
(3)الخصومة في التماس إعادة النظر. مراحلها. شكلية وموضوعية. م 245 مرافعات.
(4)إثبات "القرائن". محكمة الموضوع.
استناد محكمة الموضوع في الإثبات إلى القرائن. لا عليها إن هي لم تأمر بالإثبات بشهادة الشهود. علة ذلك.
----------------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي بالمعنى الذي تقصده المادة 241/ 1 من قانون المرافعات هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه، ولم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به وخفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه، فإذا كان مُطَلعاً على أعمال خصمه ولم يناقشها، أو كان في وسعه تبين غشه وسكت عنه ولم يفضح أمره، أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه ولم يبين أوجه دفاعه في المسائل التي يتظلم منها فإنه لا وجه للالتماس.
2 - تقدير عناصر الغش إثباتاً ونفياً من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت تستند في هذا التقدير إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت، ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها بما يكفي لحمل قضائها.
3 - مفهوم نص المادة 245 من قانون المرافعات أن الخصومة في الالتماس تمر بمرحلتين إذ يتعين على المحكمة أن تتحقق أولاً من أن الطعن بالالتماس قد رفع في ميعاده صحيحاً من ناحية الشكل ومتعلقاً بحكم انتهائي ومبنياً على أحد الأسباب التي نص عليها القانون على سبيل الحصر وتنتهي هذه المرحلة إما بالحكم بعدم قبول الالتماس وإما أن تحكم بقبوله وفي هذه الحالة الأخيرة يترتب على هذا الحكم زوال الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن في حدود ما رفع عنه الطعن وتبدأ المرحلة الثانية وهي الحكم في موضوع الدعوى من جديد.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة. أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد اتخذت سبيل الإثبات بالقرائن على الوجه الذي أجاز فيه القانون فلا عليها إن هي لم تأمر بالإثبات بشهادة الشهود استناداً إلى الرخصة المخولة لها بالمادة 70 من قانون الإثبات، لأن هذا الحق جوازي متروك لرأيها ومطلق تقديرها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 7665 سنة 1981 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتسليمه الشقة المبينة بعقد الإيجار المؤرخ 10/ 2/ 1974 بالحالة التي هي عليها للانتفاع بها، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب هذا العقد استأجر من مورث المطعون ضدهم تلك الشقة ولكنه امتنع عن تسليمها له - فأجابته المحكمة لهذا الطلب - استأنف مورث المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4661 لسنة 100 قضائية، وبتاريخ 28/ 4/ 1984 حكمت المحكمة بوقف الدعوى إلى حين الفصل في طلب الرد المقدم من الطاعن، وبعد تنازله عن هذا الطلب قام المطعون ضدهم بتجديد السير فيها بصحيفة أعلنت إلى الأخير بتاريخ 15/ 11/ 1984، وبتاريخ 20 من فبراير سنة 1985 قضت المحكمة ببطلان الحكم المستأنف لبطلان صحيفة افتتاح الدعوى، فطعن الطاعن في هذا الحكم أمامها بالتماس إعادة النظر رقم 7309 لسنة 102 قضائية - بتاريخ 25 من يونيه سنة 1986 قضت المحكمة برفض الالتماس وتأييد الحكم الملتمس فيه - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه أقام قضاءه برفض التماس إعادة النظر على سند من أن إعلانه المثبت بصحيفة تعجيل الاستئناف هو رقم 38 شارع هارون الرشيد بمصر الجديدة الخاص بالمحل المختار لمكتب محاميه.......... الذي كان يحضر عنه أمام محكمة الاستئناف بموجب توكيل رسمي، وأما الخطأ في توجيه إعلان تلك الصحيفة إليه في عنوان آخر رقم 80 أ شارع هارون الرشيد وعدم إرسال خطاب مسجل إليه بتسليم صورة الإعلان لجهة الإدارة فيسأل عنه المحضر وحده، حال أن هذا الإعلان إذ وجه إليه في العنوان الأخير الذي لم يكن موطنه الأصلي ولم يتخذه موطناً مختاراً فإنه يكون قد تم بطريق الغش والتواطؤ مع المطعون ضدهم، ومما يدل على ذلك أنهم قدموا أصل صحيفة التعجيل إلى المحكمة بعد قيام المحضر بإجراءات الإعلان مما ينبئ عن علمهم بالغش واشتراكهم فيه، وأن المحضر أثبت على خلاف الحقيقة بورقة الإعلان أنه أرسل إليه خطاباً مسجلاً بتسليم الصورة لجهة الإدارة. مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يحقق واقعة الغش في إعلان صحيفة تعجيل الاستئناف قبل أن يقضي بنفيها، كما فاته أن خطأ المحضر في إجراءات الإعلان يترتب عليه البطلان مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي بالمعنى الذي تقصده المادة 241/ 1 من قانون المرافعات هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه، ولم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به وخفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه، فإذا كان مُطَلعاً على أعمال خصمه ولم يناقشها، أو كان في وسعه تبين غشه وسكت عنه ولم يفضح أمره، أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه ولم يبين أوجه دفاعه في المسائل التي يتظلم منها فإنه لا وجه للالتماس وتقدير عناصر الغش إثباتاً ونفياً من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت تستند في هذا التقدير إلى اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت، ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها بما يكفي لحمل قضائها. لما كان ذلك وكان مفهوم نص المادة 245 من قانون المرافعات أن الخصومة في الالتماس تمر بمرحلتين إذ يتعين على المحكمة أن تتحقق أولاً من أن الطعن بالالتماس قد رفع في ميعاده صحيحاً من ناحية الشكل ومتعلقاً بحكم انتهائي ومبنياً على أحد الأسباب التي نص عليها القانون على سبيل الحصر وتنتهي هذه المرحلة إما بالحكم بعدم قبول الالتماس وإما أن تحكم بقبوله وفي هذه الحالة الأخيرة يترتب على هذا الحكم زوال الحكم الملتمس فيه واعتباره كأن لم يكن في حدود ما رفع عنه الطعن وتبدأ المرحلة الثانية وهي الحكم في موضوع الدعوى من جديد وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد اتخذت سبيل الإثبات بالقرائن على الوجه الذي أجاز فيه القانون فلا عليها إن هي لم تأمر بالإثبات بشهادة الشهود استناداً إلى الرخصة المخولة لها بالمادة 70 من قانون الإثبات، لأن هذا الحق جوازي متروك لرأيها ومطلق تقديرها، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته "..... وكان الثابت من الاطلاع على إعلان تعجيل الاستئناف المطعون عليه بالغش أنه ثبت به أن عنوان الملتمس هو موطنه المختار مكتب الأستاذ/ ....... المحامي 38 شارع هارون الرشيد بمصر الجديدة القاهرة، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية حضور المحامي المذكور وكيلاً عن الملتمس بتوكيل رسمي عام ومن ثم فإن توجيه الإعلان للملتمس على مكتب محاميه وكيله يكون صحيحاً قانوناً عملاً بالمادة العاشرة من قانون المرافعات وإذا وقع خطأ في إتمام إجراءات الإعلان فإن المسئول عن ذلك هو المحضر الذي قام بالإعلان وليس المعلن، ولما كان وكيل الملتمس المحامي الحاضر لن يدع أن العنوان الموجه له الإعلان وهو 38 شارع هارون الرشيد ليس عنوانه وإنما قرر أن الإعلان تم في 80 أ شارع هارون الرشيد وأنه لم يتم إرسال خطاب مسجل فإن ذلك إن صح يكون مسئولية المحضر ويكون الخطأ وقع منه وليس من الملتمس ضدهم الذين وجهوا الإعلان صحيحاً ويكون الإدعاء بالتالي بحدوث غش منهم هو إدعاء غير صحيح كما أن الإدعاء بحدوث مشاركة منهم للمحضر في خطئه هذا إدعاء غير صحيح أيضاً لأن الثابت أنهم كتبوا العنوان الموجه إليه الإعلان عنواناً صحيحاً ولم يتعمدوا الخطأ به ولو كانوا يقصدون الغش في الإعلان لذكروا عنواناً وهمياً أو عنواناً خطأ ولكنهم ذكروا عنواناً صحيحاً لم ينازع وكيل المستأنف في صحته كعنوان للمكتب ومن ثم يكون الغش إن صح وقوعه قد وقع في غير جانب الملتمس ضدهم ولم يشاركوا فيه ومن ثم ينهار هذا السبب من أسباب الالتماس..." وكان يبين مما سلف أن الحكم قد خلص إلى عدم وقوع غش من جانب المطعون ضدهم في إعلان صحيفة تعجيل الاستئناف أو إسهامهم فيه متخذاً سبيل الإثبات بالقرائن على الوضع الذي أجازه فيه القانون بما يغني عن إجراء التحقيق عملاً بالرخصة المخولة للمحكمة قانوناً، وجاء استخلاصه سائغاً له معينه من الأوراق بأسباب كافية من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه من انتفاء الغش الذي بُني عليه التماس إعادة النظر، مما كان يفضي حتماً إلى القضاء بعدم جوازه وأن تقف المحكمة عند هذا الحد دون التطرق إلى موضوع الالتماس أو البحث عن العيوب الأخرى التي شابت إجراءات الإعلان المطعون عليه بالغش وهو ما التزم به الحكم المطعون في نتيجته فجاء موافقاً لصحيح القانون، ولا يعيبه من بعد قضاؤه برفض الالتماس موضوعاً لأنه يساوي في نتيجته القضاء بعدم جوازه ومن ثم يضحى النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق