الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أغسطس 2020

الطعن 2 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1931 مج عمر المدنية ج 1 ق 1 ص 1

جلسة 12 نوفمبر سنة 1931

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.

----------------

(1)
القضية رقم 2 سنة 1 القضائية

نقض. ميعاده. حق مكتسب.

مناطه على مقتضى قانون النقض. أحكام صادرة قبل بدء العمل بالقانون ولم تعلن. أحكام معلنة ولم يمض عليها ميعاد النقض عند بدء العمل بالقانون. جواز الطعن فيها بالنقض.
(المواد 14 و47 و53 من القانون رقم 68 لسنة 1931 بإنشاء محكمة النقض والإبرام).

-----------------
إن مناطق الحق المكتسب على مقتضى قانون محكمة النقض إنما هو كون الحكم الصادر في عهد القانون القديم قد أعلن وانقضى ميعاد الطعن فيه قبل بدء العمل بالقانون الجديد أو قبل نشره. أما الأحكام الصادرة في عهد القانون القديم التي لم تعلن للآن والتي أعلنت ولم يمض عليها ميعاد الطعن عند وجوب العمل بالقانون الجديد (قانون محكمة النقض) أو التي أعلنت بعد العمل بهذا القانون - جميع هذه الأحكام يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض بشروطه وقيوده ومواعيده (1).


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن النيابة العامة قد دفعت بعدم جواز هذا الطعن وحجتها أنه من المبادئ القانونية التي أجمع عليها الفقهاء وثبت عليها قضاء المحاكم أن قوانين الإجراءات والمرافعات تجرى على الحوادث السابقة على وجوب العمل بها ما لم تمس حقا مكتسبا، وأن القانون الواجب اتباعه لمعرفة ما إذا كان يجوز الطعن في حكم بطريق النقض إنما هو القانون الذى كان عليه العمل عند صدور هذا الحكم، وأنه ما دام الحكم المطعون فيه قد صدر قبل وجوب العمل بالقانون رقم 68 سنة 1931 (قانون محكمة النقض والإبرام) فهذا الطعن غير جائز.
ومن حيث إنه لا محل للبحث في معنى الحق المكتسب ولا في معنى سريان القانون على الحوادث السابقة تاريخ العمل به وما قام بشأن ذلك من الخلاف الفقهي ما دام الشارع قد أشار في قانون محكمة النقض إلى ما يجب اتباعه بالنسبة للأحكام الصادرة قبل العمل به.
ومن حيث إن الشارع - في المادة التاسعة من قانون محكمة النقض - قد نص على جواز الطعن في الأحكام الانتهائية بغير أن يقيدها بكونها الصادرة في عهد القانون الجديد.
ومن حيث إنه قرر بالمادة (14) من هذا القانون أن ميعاد الطعن بطريق النقض هو ثلاثون يوما من تاريخ إعلان الحكم الحضوري أو الغيابي الصادر في المعارضة، وقرر بالمادة (15) منه أن هذا الطعن يحصل بتقرير يكتب بقلم كتاب محكمة النقض ويوقع عليه من المحامي المقيد أمامها الموكل عن الطاعن، وأوجب بالمادة العاشرة المكررة التي أضيفت إلى قانون المحاماة الأهلية رقم 26 أغسطس سنة 1912 بمقتضى المادة السادسة من قانون محكمة النقض إنشاء جدول خاص بالمحامين الذين يقبلون للمحاماة أمام هذه المحكمة. ولاحتمال أن يتأخر نشر هذا الجدول عن اليوم الذى يبتدئ العمل فيه بهذا القانون قد قضى بالمادة 47 من هذا القانون بمدّ ميعاد رفع الطعن المنصوص عليه في المادة (14) إلى ثلاثين يوما بعد نشر جدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض بالنسبة للأحكام التي لما يمض عليها بعد هذا الميعاد يوم وجوب العمل بهذا القانون (حسب النص الفرنسي) أو بالنسبة للأحكام المعلنة قبل العمل بهذا القانون التي لم يمض عليها وقت نشره الميعاد المنصوص عليه في المادة 14 (حسب النص العربي)، وكذلك بالنسبة للأحكام المعلنة بعد نشره كالنص العربي أو بعد يوم العمل به كالنص الفرنسي.
ومن حيث إنه يترتب بالضرورة على مدّ ميعاد رفع الطعن في هذه الأحكام المبينة بالمادة 47 المتقدّمة الذكر جواز الطعن فيها إذ يستحيل عقلا أن يمدّ الشارع ميعاد رفع الطعن في أحكام لا يجوز هذا الطعن فيها.
ومن حيث إنه يتضح من نص هذه المادة أن الشارع قد أراد مدّ سلطان قانونه الجديد على الأحكام الصادرة قبله، فاعتبر أن الأحكام التي أعلنت وانقضى فيها الميعاد (30 يوما) عند وجوب العمل بالقانون الجديد قد أصبحت من الحالات القانونية الثابتة التي لا يصح مساسها، واعتبر ما عداها من الأحكام، وهى ما لم يعلن بعد أو أعلن ولما يمض عليه الميعاد، من الأحوال التي ينعطف إليها القانون الجديد، ولذلك عنى بالنص على مدّ ميعاد رفع الطعن فيها. وعلى هذا يكون الشارع قد اعتبر أن مناط الحق المكتسب الذى لا ينبغي أن يمسه هذا القانون الجديد إنما هو كون الحكم الصادر في عهد القانون القديم قد أعلن وانقضى ميعاد الطعن فيه قبل بدء العمل بالقانون الجديد (أو قبل نشره). وعلى هذا الأساس يلحق القانون الجديد الأحكام الصادرة قبله ولم تعلن والتي أعلنت ولما يمض على إعلانها ميعاد الطعن عند بدء العمل بهذا القانون (أو عند نشره) وما أعلن بعد ذلك.
ومن حيث إن الظاهر أن الشارع عند أخذه بهذا المناط، على ما ذكر، لم ير حاجة للنص على مدّ ميعاد الطعن بالنسبة للأحكام التي لم تكن أعلنت عند العمل بالقانون الجديد (أو عند نشره) لأنها إن بقيت بدون إعلان فميعاد الطعن فيها ممتدّ بطبيعته ما دام الميعاد لا يبتدئ إلا من يوم إعلانها، وإن أعلنت بعد العمل بالقانون الجديد فقد شملها وقضى لها بامتداد الميعاد.
وحيث إن القول بأن نص المادة 47 صريح في أن الغرض منه إنما هو مدّ ميعاد الطعن بالنسبة للأحكام المعلنة قبل العمل بهذا القانون التي لما يمض عليها وقت نشره الميعاد المنصوص عليه بالمادة 14 وكذلك بالنسبة للأحكام المعلنة بعد نشره، فلا يندرج إذن تحته الأحكام التي لم تعلن قبل نشر هذا القانون - هذا القول مردود، لأنه من غير المعقول أن يمدّ القانون الجديد سلطانه على الأحكام الصادرة والمعلنة في عهد القانون القديم ولما يمض عليها بعد ميعاد الطعن يوم العمل بالقانون الجديد ولا يمدّ سلطانه على الأحكام الصادرة تحت سلطان القانون القديم ولم تعلن بعد، لأن هذه الأحكام التي لم تعلن هي أضعف في معنى اكتساب الحق على مقتضى القانون القديم من الأحكام التي تكون قد صدرت وأعلنت كذلك في عهد هذا القانون ولكن لم يمض عليها ميعاد الطعن عند وجوب العمل بالقانون الجديد، فاذا كان هذا القانون قد تناول بسلطانه الأحكام التي أعلنت في عهد القانون القديم لعدم بلوغها حدّ الحق المكتسب في نظر الشارع فتناوله الأحكام التي لم تعلن في هذا العهد يكون من باب أولى.
وحيث إن النيابة العامة ذهبت في دفع الاحتجاج عليها بالمادة 47 مذاهب مختلفة إذ قالت في إحدى مذكراتها إنه يجب قصر هذه المادة على الأحكام المعلنة قبل العمل بالقانون الجديد التي لم يمض على إعلانها الميعاد المنصوص عليه بالمادة 14 لأنها وردت بخصوص هذه الأحكام على سبيل الاستثناء فلا ينبغي تعدية حكمها بالقياس إلى غيرها من الأحكام الصادرة في عهد القانون القديم التي لم تعلن. وقالت في مذكرة أخرى إنه ليس مقصود الشارع من المادة 47 تقرير رجعية القانون الجديد وإلا كان مخالفا لحكم المادة 53 التي تنص على أن يعمل بهذا القانون بعد خمسة عشر يوما من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، بل مقصوده منها هو فقط مدّ ميعاد رفع الطعن في الأحكام التي تصدر بعد العمل بالقانون الجديد. ثم قالت في مذكرة ثالثة إنه لو سلم جدلا بأن ظاهر هذه المادة (47) يفيد بدلالته رجعية القانون الجديد بالنسبة للأحكام المعلنة قبله التي لم يمض عليها يوم العمل به ميعاد الطعن وبالنسبة للأحكام المعلنة بعد هذا اليوم فلا ينبغي العمل بهذه الدلالة التي اقتضاها النص وترك العمل بالمادة 53 المانعة من هذه الرجعية أخذا بالقاعدة الأصولية المشهورة "إذا تعارض المقتضى والمانع وجب تقديم المانع". ثم قالت بجلسة المرافعة إنها ترى أن كل حكم صدر في عهد القانون القديم يعتبر في نظرها حقا مكتسبا لا يمكن أن يمسه القانون الجديد.
ومن حيث إن هذه الأقوال لا يمكن التعويل عليها: (أوّلا) لأن نص المادة 47 جاء مستقلا بذاته لم يصرح فيه بالمستثنى منه حتى يعلم ما الذى بقى منه بعد الاستثناء فيحرص على بقائه على الحكم الأصلي للمستثنى منه، فهو إذن أصل قائم بذاته للمحكمة أن تحقق فيه مناط الحكم طبقا لمنطوق النص وفحواه. (ثانيا) لأن مقصود الشارع من إيراد المادة 53 بقانون محكمة النقض إنما هو فقط تقصير الميعاد العام المنصوص عليه في المادة الأولى من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وجعله خمسة عشر يوما بدلا من ثلاثين. أما مقصوده من إيراد نص المادة 47 فهو - كما يدل عليه وضعها في باب الأحكام الوقتية - مدّ الميعاد بالنسبة للأحكام التي أشار إلى جواز الطعن فيها على ما سبق شرحه بهذا الحكم. وإذن فلا تعارض بين المادتين 47 و53. على أنه إذا سلم بهذا التعارض فان محل العمل بتقديم المانع على المقتضى إنما يكون بلا شك عند عدم إمكان العمل بهما، أما إذا تيسر بجعل المقتضى مخصصا للمانع في بعض صوره عمل بهما معا، هذا فيما بقى له من عمومه وذاك فيما ورد بخصوصه. وظاهر أنه إذا اعتبر نص المادة 53 دالا على عموم عدم رجعية القانون الجديد فانه من الممكن اعتبار نص المادة 47 مخصصا لهذا العموم فيما جاءت بخصوصه، (ثالثا) لأن في الأخذ برأي النيابة تعطيلا لنص المادة 47، ولا شك في أن إعمال النص خير من تعطيله.
وحيث إنه ينتج من جميع ما تقدّم أن مناط الحق المكتسب على مقتضى قانون محكمة النقض إنما هو كون الحكم الصادر في عهد القانون القديم قد أعلن وانقضى ميعاد الطعن فيه قبل بدء العمل بالقانون الجديد (أو قبل نشره). أما الأحكام الصادرة في عهد القانون القديم التي لم تعلن للآن والتي أعلنت ولم يمض عليها ميعاد الطعن عند وجوب العمل بالقانون الجديد والتي أعلنت بعد العمل بهذا القانون - جميع هذه الأحكام يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض بشروطه وقيوده ومواعيده.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه في الدعوى الحالية صدر في 23 أبريل سنة 1931 ولم يعلن للآن فالطعن فيه جائز. وعلى ذلك يتعين رفض دفع النيابة والحكم بجواز الطعن.


  (1) راجع أيضا حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 17 يناير سنة 1935 في القضية رقم 13 سنة 4 القضائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق