الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حاكم إمارة رأس الخيمة
-------------------------
محكمة تمييز رأس الخيمة
الدائرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمودة الشريف رئيس الدائرة
وعضوية السيد المستشار/ صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيد المستشار /محمد عبد العظيم عقبة
وبحضور السيد/ حسام على أميناً للسر
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأثنين 28 صفر 1438ه الموافق 28 من نوفمبر من العام 2016م
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 142 لسنة 11 ق 2016 مدنى
الطاعن / .... بوكالة المحامي / ....
المطعون ضده / .... بوكالة المحامي / ....
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد حمودة الشريف.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المدعي ( الطاعن ) أقام بمواجهة المدعى عليه الدعوى رقم17/2016 كلي رأس الخيمة بطلب بشراء أرض خالية في منطقة بخاء – رأس الخيمة بلوك رقم ... قسيمة رقم ... من المرحوم .... منذ 1980 بموجب اتفاق مؤرخ في 17/4/2018 بشهادة ... و .... وقام المدعي ببناء الأرض، وبعد فترة في عام 2013 اتصل به أحد الجيران الذين يسكنون بجوار البيت موضوع الدعوى وأخبره أن المدعى عليه أحضر عمال وقام بكسر الأقفال وتقطيع الأبواب، وبسبب أن المدعي حينها كان بصدد السفر خارج الدولة للعلاج أمر ببناء طابوق على الأبواب إلا أن المدعى عليه قام مرة أخرى بهدم الطابوق ومنذ تلك الفترة وحتى تاريخ تقديم هذه الدعوى علم المدعي أن المدعى عليه يقوم بصيانة البيت مما حدا بالمدعي لإقامة هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 17.03.2012 برفض الدعوى بحالتها وألزمت المدعي المصاريف ومائة درهم مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 203/2016 وبتاريخ 14/6/2016 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصروفات.
طعن في هذا الحكم بالطعن الماثل بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 7/8/2016 وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره تم تداوله فيها على النحو المبين بالمحضر وقررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم.
حيث أقيم الطعن على ثلاث أسباب :ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع حيث قضى في موضوع النزاع على الرغم من عدم استنفاد محكمة أول درجة ولايتها بشأن النزاع لكون قضائها كان برفض الدعوى بحالتها تأسيساً على أن المستندات المقدمة من المدعي (الطاعن) صورة ضوئية تم جحدها دون تقديم أصولها. ورغم تقديم الطاعن لمحكمة الاستئناف أصول المستندات المجحودة إلا أن محكمة الاستئناف قامت بالفصل في موضوع الدعوى الأمر الذي نتج عنه حرمان الطاعن من درجة من درجات التقاضي بما يشوب الحكم المطعون فيه بعيب الخطأ في تطبيق القانون حيث كان يجب على محكمة الاستئناف إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في موضوع النزاع على ضوء المستندات المقدمة لها أصولها.
حيث إن هذا النعي غير سديد ذلك، أن النص في المادة 166 من قانون الإجراءات المدنية على أنه "إذا حكمت المحكمة الابتدائية في الموضوع ورأت محكمة الاستئناف أن هناك بطلاناً في الحكم أو بطلاناً في الإجراءات أثر في الحكم تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى، أما إذا حكمت المحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في الدعوى وحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم وباختصاص المحكمة أو برفض الدفع الفرعي وبنظر الدعوى وجب عليها أن تعيد القضية للمحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها"، يدل على أن محكمة الاستئناف تلتزم عندما تقضي بإلغاء الحكم المستأنف الذي فصل في دفع موضوعي بالتصدي لموضوع النزاع المردد بين الطرفين والفصل فيه، أما إذا قضت بإلغاء الحكم الابتدائي لعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في موضوع الدعوى فإنه يمتنع عليها التصدي للفصل في هذا الموضوع وإنما يجب عليها أن تعيد القضية للمحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها الذي لم تكن قد استنفدت ولايتها بالفصل فيه. وكان المقرر أن الدفع الموضوعي هو الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيه أو لانقضاء المدة المحددة في القانون برفعها أما حيث يتعلق الأمر بإجراء أوجب القانون اتخاذه حتى تستقيم الدعوى ويستهدف الطعن في صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها، فإن الدفع المبني على تخلف هذا الإجراء يعد دفعها شكلياً دون اعتداد بالتسمية التي تطلق عليه لأن العبرة في تكييف الدفع هي بحقيقة جوهره وبما تستخلصه المحكمة من مرماه بغض النظر عن ظاهره فيصبح من غير الممكن الرجوع إليها فيه. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد قضى في فرع الدعوى المتعلق بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع الطاعن بالرفض على سند من أن عقد البيع المذكور لا حجية له بعد أن جحد المدعى عليه صورته الضوئية المقدمة بالدعوى وناقشه معتبرة أن الطاعن يكون بذلك قد عجز عن إثبات دعواه فان المحكمة تكون بذلك قد نظرت في دفع موضوعي في الدعوى لا مجرد دفع فرعى يتعلق بإجراء من إجراءاتها يستهدف الطعن في صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها وإذ انتهى الحكم إلى هذه النتيجة وقضي في موضوع النزاع فيكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس يتعين رفضه.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب حين أستند في قضائه لأحكام المادة 191 من قانون الأحوال الشخصية التي لا تنطبق على موضوع النزاع لصدور قانون الأحوال الشخصية بتاريخ 19/11/2005 بعد عقد البيع موضوع النزاع المؤرخ في 17/4/1980. ولأن أحكام قانون المعاملات المدنية أيضاً لا تنطبق على العقد موضوع النزاع لصدورها تاريخ 15/12/1985 بعد تاريخ العقد المشار إليه فكان على محكمة الحكم المطعون فيه إعمالاً لأحكام الدستور تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على واقعة البيع محل التداعي التي تجيز للأب أن يتصرف في مال القاصر الصغير بالمصلحة فله بيع مال ولده المحجور عليه مطلقاً عقاراً أو منقولاً وإن لم يذكر سبب البيع لأن تصرفه محمول على المصلحة.
حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في فقه الشريعة الإسلامية أن تصرف الولي و الوصي مقيد في جميع الأحوال بالنظر والمصلحة لقوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار). كما أنه من المقرر في فقه الإمام مالك الذي له الأولوية في التطبيق أن الوصي لا يكون إلا عدلاً وكل ما يفعله على وجه النظر فهو جائز بخلاف ما يفعله على وجه المحاباة وسوء النظر، وإذا حصل منه سوء تصرف في مال القاصر فإنه يعزل ولا يكون تصرفه نافذاً في حق التركة أو القصر لما هو مقرر من أنه إذا انعدمت النيابة أو تجاوز النائب حدودها فإن أثار التصرف لا تضاف إلى الأصيل ولو كان الغير حسن النية. وأنه لا يجوز للوصي أن يبيع عقار الصغير لأجنبي عنه إلا بمسوغ شرعي وبإذن من القاضي. جاء في المجموع شرح المهذب ح 3 ص 346 و 347 أن الناظر لا يتصرف في مال القاصر إلا على النظر والاحتياط وفيما فيه حظ واغتباط وأنه لا تجوز له الهبة والمحاباة وفي هذه التصرفات إضرار بالصبي فوجب أن لا يملكه وجاء في الجزء الثاني من الشرح الصغير للدردوري ص 142 أن الولي يتصرف على المحجور (يشمل لفظ المحجوز القاصر) وجوباً بالمصلحة العائدة على المحجور حالاً أو مآلا. وفي الجزء الثاني من جواهر الإكليل ص 100 أن ولى القاصر لا يعفو عن الجاني على محجوره عمداً أو خطأ إلا أن يعوض الولي محجوره من ماله نظير ما فوته بعفوه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضي به من رفض دعوى الطاعن صحة ونفاذ عقد البيع سند الدعوى على ما أورده بمدوناته من (أن عقد البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه لم يكن صادراً عن المستأنف ضده وإنما من والده وليه عندما كان قاصراً وحتى يكون هذا العقد صحيحاً ونافذاً بحق المستأنف ضده وفي مواجهته يتوجب أن يكون وليه قد احتصل على إذن القاضي قبل قيامه بالتصرف في بيع أرضه) وكان الطاعن لا ينازع في صحة دفع المطعون ضده الدعوى بصدور البيع سند الدعوى عن غير مالك لا صفة له بالبيع ما لم يكن بيده إذن قضائي بذلك يراعي في صدوره توافر مصلحة المالك – (المطعون ضده) القاصر في تاريخ البيع فيكون قضاء الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون والشرع استناداً إلى الأسباب أعلاه التي تستبدل بها هذه المحكمة في نطاق ما هو مخول لها قانوناً من تصحيح التقريرات القانونية الخاطئة للحكم دون نقضه أسباب الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص إذا ما كان انتهى إلى نتيجة صحيحة قانوناً.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض في الأسباب إذ بعد أن قرر أن عقد البيع سند الدعوى غير نافذ بحق المستأنف ضده لعدم صدوره من وليه بناءً على إذن القاضي قبل قيامه بالتصرف في بيع الأرض موضوعه قرر بأن (المحكمة ترى أن الحكم المستأنف في محله للأسباب السائغة التي بني عليها) وهذا تناقض بالأسباب حيث لا يستقيم للمحكمة أن تأخذ بأسباب الحكم المستأنف التي بنيت على مجرد جحد المدعى عليه (المطعون ضده) للصورة الضوئية لعقد البيع المقدمة أمام محكمة الدرجة الأولى بعد أن قدم أصل هذا العقد لمحكمة الحكم المطعون فيه التي قضت في موضوع النزاع على ضوء ذلك استناداً إلى أسباب جديدة وأعملت نص المادة 191 من قانون الأحوال الشخصية الأمر الذي لا يستقيم معه لمحكمة الاستئناف بناء حكمها المطعون عليه على أسباب حكم أول درجة أو حتى الجمع بين أسباب حكم أول درجة والأسباب التي أضافتها.
وحيث أن هذا النعي غير مقبول لما هو مقرر من انه اذا أقيم الحكم على عدة دعامات كل منها مستقلة عن الأخرى وكان يصح بناء الحكم على إحداها فان تعييبه في باقي الدعامات الأخرى بفرض صحته يكون غير منتج . وكان الحكم المطعون فيه أسس قضاءه في فرع الدعوى المتعلق بطلب صحة ونفاذ عقد بيع الطاعن على ما ثبت لديه من عدم صدوره بناء على إذن القاضي المختص لتعلقه بعقار على ملك قاصر في تاريخ البيع، الذى يكفى دعامة لقيام الحكم المطعون فيه فلا ينال من صحته ما استطرد إليه من تقريرات إضافية أوردها رداً على ما قال بأنه (بقية أسباب الاستئناف) لا وجود لها في الواقع لانحصار أسباب الاستئناف في فرع الدعوى المتعلق بصحة ونفاذ العقد لا غير ومن ثم فان النعي يكون غير منتج
ولما تقدم يتعين رفض الطعن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق