جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
------------------
(229)
الطعن رقم 1411 لسنة 38 القضائية
(أ، ب) فعل فاضح. جريمة. "أركانها". مكان عام. "المكان العام بالمصادفة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أوجه الطعن".
(أ ) ماهية المكان العام بالمصادفة؟
متى تتوافر العلانية بالمكان العام بالمصادفة ومتى لا تتوافر؟
(ب) وجوب استظهار عناصر المصادفة التي تضفي على المكان وصف العمومية.
قصور الحكم في بيان ركن العلنية في جريمة الفعل الفاضح العلني. يعيبه.
(ج) نقض. "الطعن بالنقض. أثره". محكمة النقض. "سلطتها". استئناف.
نقض الحكم بالنسبة لمن لم يطعن فيه من الخصوم، مشروط باستئناف الحكم الابتدائي، واتصال المحكمة الاستئنافية بموضوع الدعوى. المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
قبول الاستئناف شكلاً. شرط للاتصال بموضوعه.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". بطلان. مقاومة الموظفين.
اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها. واجب.
خلو الحكم من الأسباب. يبطله.
---------------------
1 - المكان العام بالمصادفة - كالمستشفيات - هو بحسب الأصل مكان خاص قاصر على أفراد أو طوائف معينة ولكنه يكتسب صفة المكان العام في الوقت الذي يوجد فيه عدد من أفراد الجمهور بطريق المصادفة أو الاتفاق فتتحقق العلانية في الفعل الفاضح المخل بالحياء في الوقت المحدد لاجتماع الجمهور بالمكان ولو لم يره أحد، أما في غير هذا الوقت فإنه يأخذ حكم الأماكن الخاصة بحيث تتوافر العلانية متى شاهد الفعل الفاضح أحد أصحاب المكان أو نزلائه، أو كان من المستطاع رؤيته بسبب عدم احتياط الفاعل، فإذا اتخذ الفاعل كافة الاحتياطات اللازمة لمنع الاطلاع على ما يدور بالداخل انتفى تحقق العلانية ولو افتضح الفعل نتيجة حادث قهري أو بسبب غير مشروع.
2 - متى كان الحكم لم يستظهر عناصر المصادفة التي تسبغ على المكان وصف العمومية وقت ارتكاب الفعل الفاضح المخل بالحياء، ولم يبين إن كان الطاعن قد اتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع مشاهدة الفعل من الخارج، أو أنه قصر في اتخاذها ولم يتحقق إن كان باستطاعة الشهود رؤية الفعل في هذا الوقت المتأخر من الليل لو لم يعمدوا إلى النظر من ثقب الباب أو تسلق النافذة أو السور، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في بيان ركن العلانية التي يتطلبها القانون في هذه الجريمة بما يوجب نقضه.
3 - لئن كان العيب الذي شاب الحكم يتصل بالطاعن ومتهمة أخرى لم تقرر بالطعن - إلا أنه لا محل لإعمال حكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لأن هذه المتهمة وإن استأنفت الحكم الابتدائي الصادر ضدها إلا أن استئنافها كان بعد الميعاد القانوني وقضت المحكمة بعدم قبوله شكلاً، والمحكمة الاستئنافية لا تتصل بموضوع الدعوى إلا إذا كان الاستئناف مقبولاً شكلاً.
4 - أوجبت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وأن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، كما نصت المادة 312 من القانون المشار إليه على أن الحكم يبطل لخلوه من الأسباب، وإذ كان ذلك وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلا من الأسباب التي استندت إليها المحكمة في تأييد الحكم المستأنف بالنسبة لجريمة استعمال القوة التي دان الطاعن بها، فلا هو أخذ بالأسباب الواردة في الحكم المستأنف ولا جاء بأسباب تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه يكون باطلاً ويتعين نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 25 مايو سنة 1966 بدائرة بندر الفيوم - الأول (الطاعن) والثانية: فعلا علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء على النحو المبين بالمحضر. الأول: استعمل القسوة مع المتهم الثالث اعتماداً على وظيفته وأحدث به آلاماً تمثلت في الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. الثالث: تعدى على المتهم الأول وهو مستخدم عمومي أثناء تأديته وظيفته وصاحب هذا التعدي ضرب أحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي. وطلبت عقابهم بالمواد 129، 136، 137، 278 من قانون العقوبات. ومحكمة بندر الفيوم الجزئية قضت عملاً بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الأول والثانية والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثالث بحبس المتهم الأول شهراً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لإيقاف التنفيذ عن التهمة الأولى وتغريمه مائتي قرش عن التهمة الثانية وحبس المتهمة الثانية شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لإيقاف التنفيذ وبراءة المتهم الثالث مما أسند إليه. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً (أولاً) بعدم قبول الاستئناف المرفوع من التهمة الثانية شكلاً لرفعه بعد الميعاد (ثانياً) بقبول الاستئناف المرفوع من المتهم الأول شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن (المتهم الأول) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الفعل الفاضح العلني واستعمال القسوة قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر غرفة الاستقبال في المستشفى محلاً عاماً تتوفر فيه العلانية المشترطة في القانون رغم أنها لا تتوافر بالنسبة لها إذ حسبما قرر الشهود فإن الحادث وقع في منتصف الليل والمستشفى مغلق والمرضى نيام وكان الطاعن قد أغلق باب حجرة الاستقبال مما دفع الشاهدين حسني قرني وقرني جلال إلى تسلق السور ليريا عن طريق النافذة ما يجري بداخل الحجرة وهو طريق غير طبيعي لرؤية الفعل الفاضح ما كان يتوقعه الطاعن فلا ينطبق على الواقعة نص المادة 278 من قانون العقوبات. هذا ولم يبين الحكم في أسبابه واقعة استعمال القسوة ولم يستظهر أركانها ولم يورد الدليل على ارتكابها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن أحد المرضى بمستشفى الفيوم اتجه في الساعة 11 و30 من مساء يوم الحادث إلى دورة المياه بالمستشفى فشاهد امرأة بحجرة الاستقبال تجلس مع الطاعن وعند عودته وجد باب الغرفة مغلقاً فنظر من ثقب الباب وشاهد الطاعن يواقع تلك المرأة فارتقى النافذة وتمكن من رؤية الفعل كاملاً فأخطر زميلين له من المرضى قدم أحدهما مسرعاً ورأى الفعل من ثقب الباب ثم ارتقى السور وشاهد الفعل بحالة أوضح أما ثانيهما فقد قدم متأخراً فرأى المتهمين أثناء ارتداء كل منهما سرواله. وقد اعتدى الطاعن على الشاهد الأول بالضرب عندما أشهد عليه مرضى القسم فحدث بكل منهما إصابة. ثم عرض الحكم إلى ركن العلانية في جريمة الفعل الفاضح واستظهره في قوله "وحيث إن الفقه والقضاء قد استقر على أن غرفة الاستقبال في مستشفى عام هي محل عام وتكون العلانية قد توفرت". لما كان ذلك، وكان المكان العام بالمصادفة - كالمستشفيات - هو بحسب الأصل مكان قاصر على أفراد أو طوائف معينة ولكنه يكتسب صفة المكان العام في الوقت الذي يوجد فيه عدد من أفراد الجمهور بطريق المصادفة أو الاتفاق فتتحقق العلانية في الفعل الفاضح المخل بالحياء وقت اجتماع الجمهور بالمكان ولو لم يره أحد أما في غير هذا الوقت فإنه يأخذ حكم الأماكن الخاصة بحيث تتوافر العلانية متى شاهد الفعل الفاضح أحد أصحاب المكان أو نزلائه أو كان من المستطاع رؤيته بسبب عدم احتياط الفاعل، فإذا اتخذ الفاعل كافة الاحتياطات اللازمة لمنع الاطلاع على ما يدور بالداخل انتفى تحقق العلانية حتى ولو افتضح الفعل نتيجة حادث قهري أو بسبب غير مشروع. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر عناصر المصادفة التي تسبغ على المكان وصف العمومية وقت ارتكاب الفعل الفاضح المخل بالحياء، ولم يبين إن كان الطاعن قد اتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع مشاهدة الفعل من الخارج أو أنه قصر في اتخاذها ولم يتحقق إن كان باستطاعة الشهود رؤية الفعل في هذا الوقت المتأخر من الليل لو لم يعمدوا إلى النظر من ثقب الباب أو تسلق النافذة والسور، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في بيان ركن العلانية التي يتطلبها القانون في هذه الجريمة بما يوجب نقضه. وجدير بالذكر أنه وإن كان العيب الذي شاب الحكم يتصل بالمحكوم عليها الثانية التي لم تقرر بالطعن - إلا أنه لا محل لإعمال حكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لأن هذه المتهمة وإن استأنفت الحكم الابتدائي الصادر ضدها إلا أن استئنافها كان بعد الميعاد القانوني وقضت المحكمة بعدم قبوله شكلاً والمحكمة الاستئنافية لا تتصل بموضوع الدعوى إلا إذا كان الاستئناف مقبولاً شكلاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أوجبت أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وأن كل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه كما نصت المادة 312 من القانون المشار إليه على أن الحكم يبطل لخلوه من الأسباب. ولما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلا من الأسباب التي استندت إليها المحكمة في تأييد الحكم المستأنف بالنسبة للجريمة الثانية الخاصة باستعمال القوة التي دان الطاعن بها، فلا هو أخذ بالأسباب الواردة في الحكم المستأنف ولا جاء بأسباب تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون باطلاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق