جلسة
22 من نوفمبر سنة 1945
برياسة حضرة محمد كامل مرسى بك المستشار
وحضور حضرات: أحمد نشأت بك وأحمد على علوبة بك ومحمد توفيق إبراهيم بك وسليمان
حافظ بك المستشارين.
-------------
(1)
القضية رقم
14 سنة 15 القضائية
ا- كفالة:
تسوية
الديون العقارية. تخفيض الدين. لا يحول دون رجوع الدائن على الكفيل. تعارض ذلك مع
نص المادة 509 مدنى. مقصود.
(القانون
رقم 12 لسنة 1942 والمادة 509 مدنى)
ب-
القانون رقم 12 لسنة 1942.
المقصود
منه مصلحة المدين دون غيره. كفيل. لا يستفيد من حكم المادة 10 من ذلك القانون فيما
يختص بالفوائد.
جـ - نقض وإبرام.
سبب جديد.
طلب
الكفيل الترخيص له في إدخال المدين ضامنا. تقديمه إلى المحكمة الابتدائية. رفضه.
عدم ثبوت إثارة هذه المسألة أمام محكمة الاستئناف. إثارتها أمام محكمة النقض. لا
تجوز.
-------------------
1
- إن المادة 14 من القانون رقم 12 لسنة 1942 الخاص بتسوية الديون العقارية، بعد أن
ذكرت أن الديون المضمونة بكفيل تكون محلا للتخفيض، عقبت على ذلك بقولها: "على
أن هذا التخفيض لا يحول دون رجوع الدائن على الكفيل". ومع صراحة هذا النص لا
يصح التحدي في هذا المقام بما نصت عليه المادة 509 من القانون المدني من أنه
"يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج
المدين بها ما عدا الأوجه الخاصة بشخصه". بل الواقع أن الشارع إذا أورد ذلك
الحكم في المادة 14 المذكورة مع قيام المادة 509 (1) إنما قصد أن يعارض به حكم هذه المادة التي كانت
تحت نظره وفى حسابه.
ولا يصح الاعتراض
بأن عقد الكفالة إنما هو عقد تابع للالتزام الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه، ومع إبراء
ذمة المدين من بعض الدين لا يكون للالتزام الأصلي بالنسبة إلى باقي الدين وجود
وإذن لا يكون لعقد الكفالة وجود - لا يصح لأن الرجوع على الكفيل هنا مستمد من
القانون فهو قائم على أساس مستقل لا يتأثر بما يتأثر به الالتزام الأصلي.
2
- إن القانون رقم 12 لسنة 1942 الخاص بتسوية الديون العقارية إنما أريد به مصلحة
المدين لا غيره. فهو وحده، دون الكفلاء، الذى يستفيد من المادة 10 من ذلك القانون
فيما يختص بالفوائد.
3- إذا رفضت
المحكمة الابتدائية طلب الكفيل الترخيص له في إدخال المدين ضامنا بعد أن قضت
بإثبات تنازل الدائن عن مخاصمته (أى المدين)، ولم يكن في حكم محكمة الاستئناف ما
يدل على أن الكفيل قد تمسك أمامها بهذا الدفع، ولم يقدم الكفيل إلى محكمة النقض ما
يدل على أنه أثاره أمام محكمة الاستئناف، فلا يجوز له الإدلاء به أمام محكمة النقض
مدعيا وقوع إخلال بحقوقه في الدفاع (2) .
--------------------
الوقائع
تتحصل وقائع هذا
الطعن في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 330 سنة 1943 أمام محكمة الزقازيق
الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضده الثاني طالبا الحكم بإلزام المطعون ضده الثاني
بصفته مديناً والطاعنين بصفتهم ضامنين متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 44628 قرشاً مع
المصاريف والفوائد بسعر 6% سنوياً من أكتوبر سنة 1930 لغاية الوفاء ومقابل أتعاب
المحاماة. وبجلسة 9 من سبتمبر سنة 1943 طلب المطعون ضده الأول إثبات تنازله عن
مخاصمة المطعون ضده الثاني والحكم بطلباته على الطاعنين. فقضت المحكمة في هذه
الجلسة بإثبات ذلك التنازل. وفى 25 من نوفمبر سنة 1943 قضت المحكمة بإلزام
الطاعنين بصفتهم ضامنين متضامنين بأنه يدفعوا للمطعون ضده الأول 44628 قرشاً
وفوائدها بسعر 6% عن السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى وما يستجد حتى الوفاء
والمصاريف الخ. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالبين القضاء
بإلغائه ورفض دعوى المطعون ضده الأول وبإلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن
الدرجتين. ومن باب الاحتياط القضاء بوقف الفصل في الدعوى حتى تنتهى إجراءات
التسوية العقارية نهائياً ويتحدد ما يستحقه المطعون ضده المذكور. وبجلسة 24 من
فبراير سنة 1944 رفع المطعون ضده الأول استئنافاً فرعياً طالباً القضاء بالفوائد
من سنة 1930 عن القدر الذى لم تحكم به محكمة أول درجة وهو 200 جنية بسعر 6%. وفى 2
من نوفمبر سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين
متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول مبلغ 366 ج و280 م وفوائد هذا المبالغ من
أكتوبر سنة 1930 لغاية الوفاء بسعر 6% وألزمت الطاعنين بثلاثة أرباع المصاريف عن
الدرجتين والمطعون ضده الأول بربع المصاريف عن الدرجتين كذلك وأمرت بالمقاصة في أتعاب
المحاماة.
وقد أعلن هذا الحكم
إلى الطاعنين.... فقرر وكيلهم.... الطعن فيه بطريق النقض وطلب نقض الحكم المطعون
فيه ورفض دعوى المطعون ضده الأول فيما زاد على ما برئت منه ذمة المدين ووقف سريان
الفوائد من 23 من يناير سنة 1939 مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف.
--------------
المحكمة
ومن حيث إن
الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في الوجهين الأول والثاني أنه أخطأ في تطبيق
القانون، وفى الوجه الثالث أنه أخل بحقوق الدفاع.
ومن حيث إن
الطاعنين يقولون في بيان الوجه الأول إن الحكم المطعون فيه أخذ بوجهة نظر الحكم الابتدائي
في أن قرار لجنة تسوية الديون العقارية لا يستفيد منه الكفلاء ولا يؤثر في حقوق
الدائن بالنسبة إليهم استناداً إلى المادة 14 من القانون رقم 12 لسنة 1942 التي
نصت على أن الديون المضمونة بكفيل تكون محلا للتخفيض على أن هذا التخفيض لا يحول
دون رجوع الدائن على الكفيل، مع أنه جاء في المادة 26 من القانون رقم 143 لسنة
1944 "يكون قرار لجنة تسوية الديون العقارية مبرئاً لذمة المدين من كافة
الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدور هذا
القرار، ويعتبر ذلك القرار منهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم
على تاريخ طلب التسوية". ولما كانت المادة 509 من القانون المدني تنص على أن
الكفيل يبرأ بمجرد براءة المدين فلا يكون للدائن إذن أن يرجع على الكفيل إلا في حدود
ما خفض إليه الدين، لا بكل الدين حتى ما برئت ذمة المدين منه، كما ذهب إليه الحكم
المطعون فيه. ولا يمكن أن يقال إن قانون تسوية الديون العقارية قد ألغى المادة 509
من القانون المدني، لأنه قانون استثنائي فلا يلغى القانون العام إلا إذا نص فيه
صراحة على ذلك، وهو لم ينص على إلغاء المادة 509 المذكور، وفضلا عن ذلك فإن
الكفالة عقد تابع لا يقوم إلا بوجود التزام أصلى، وهذا الالتزام الأصلي لا وجود له
لبراءة المدين منه.
ومن حيث إن المادة
14 من القانون رقم 12 لسنة 1942 الخاص بتسوية الديون العقارية، بعد أن ذكرت أن
الديون المضمونة بكفيل تكون محلا للتخفيض، عقبت على ذلك بقولها "على أن هذا
التخفيض لا يحول دون رجوع الدائن على الكفيل". ومع صراحة هذا النص لا يكون
ثمة محل للتحدي في هذا المقام بما نصت عليه المادة 509 من القانون المدني التي جاء
فيها "يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج
المدين بها ما عدا الأوجه الخاصة بشخصه". وذلك لأن نص المادة 14 السالف ذكرها
قد أورد مع قيام نص القانون المدني، ومفاد هذا أن الشارع قد قصد أن ينص على هذا
الحكم معارضاً به نص المادة 509 المذكورة التي كانت في حسابه. يؤكد هذا أن
المناقشات في هذا النص بمجلسي النواب والشيوخ كانت دائرة حول تعارض ذلك الحكم مع
نص المادة 509 المذكورة، وانتهت آخر الأمر بإقرار إبقائها توخياً للاقتصاد القومي
وصيانة للثروة العقارية ومحافظة على البيوت المالية المشتغلة بالتسليف وتسهيلا
للمعاملات التجارية، وعلى أساس اتخاذ الكفلاء إنما هو ضرب من ضروب التوقي التي
يلجأ إليها الدائنون. أما ما يعترض به الطاعنون من أن قانون تسوية الديون العقارية
إنما هو قانون استثنائي فلا يلغى القانون العام فلا وجه له، لأنه القانون رقم 12
لسنة 1942 وقد استوفى أوضاعه فهو واجب العمل به، وما دام الحكم الذى أتى به يتعارض
مع الحكم الذى جاء في القانون السابق فإن حكمه هو الواجب إعماله. وكذلك لا وجه لما
يعترض له الطاعنون من أن إبراء المدين مما زاد على السبعين في المائة إنما كان
بقانون صدر فيما بعد هو القانون رقم 143 لسنة 1944 - لا وجه له لأن الشارع حين نص
في قانون سنة 1944 على ذلك الإبراء كان أمامه نص المادة 14 من قانون سنة 1942 ومع
ذلك لم يلغه، مما دلالته أنه أراد إبقاء حكمه. وأما ما يعترضون به من أن عقد
الكفالة إنما هو عقد تابع للالتزام الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه، ومع إبراء ذمة
المدين مما زاد على السبعين في المائة لا يكون للالتزام الأصلي بالنسبة إلى
الثلاثين في المائة وجود، فلا يكون إذن لعقد الكفالة وجود - ما يعترضون به من ذلك
مردود بأن الرجوع على الكفيل هنا مستمد من القانون، فهو رجوع قائم على أساس مستقل
لا يتأثر بما يتأثر به الالتزام الأصلي.
ومن حيث إن الطاعنين
يقولون في بيان الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه قضى بسريان الفوائد لغاية
الوفاء مع أن المادة 10 من القانون رقم 12 لسنة 1942 تنص على أنه "يترتب على
قبول التسوية نهائياً تحديد الديون العادية المستحقة قبل 23 يناير سنة 1939 وكذا
الديون التي تربو على 95% من قيمة العقار. ويوقف سريان الفوائد العادية والجزائية
عن هذه الديون اعتباراً من التاريخ المذكور". فمن حقهم إذن بصفتهم كفلاء
للمدين أن يستفيدوا من هذه المادة بوقف سريان الفوائد عن دين المدين ابتداءً من 23
من يناير سنة 1939.
ومن حيث إن ما
ينعاه الطاعنون في هذا الوجه مردود بأن القانون رقم 12 لسنة 1942 المذكور إنما
أريد به مصلحة المدين لا غيره، فهو وحده، دون الكفلاء، الذى يستفيد من المادة 10
فيما يختص بالفوائد للاعتبارات السابق إيرادها في الرد على الوجه الأول.
ومن حيث إن
الطاعنين يقولون في الوجه الثالث إن المحكمة رفضت الترخيص لهم بإدخال المدين
ضامناً بعد أن قضت بإثبات تنازل الدائن عن مخاصمته، وفى هذا إخلال بحقوق الدفاع
يعيب الحكم.
ومن حيث إن
الطاعنين قد أبدوا هذا الدفع أمام المحكمة الابتدائية فرفضته مبينة وجهة نظرها في ذلك،
وليس في حكم محكمة الاستئناف ما يدل على أنهم قد تمسكوا أمامها بهذا الدفع، بل إن
الطاعنين أنفسهم لم يقدموا إلى هذه المحكمة ما يدل على أنهم أثاروه لدى محكمة
الاستئناف، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لهم أن يدلوا أمام محكمة النقض.
ــــــــــــــــــ
(1)
تقابلها في القانون
الجديد المادة 782 وتطابقها فيما عدا أنها استبدلت بعبارة "ما عدا الأوجه
الخاصة بشخصه" فقرة ثانية نصها: "على أنه إذا كان الوجه الذى يحتج به
المدين هو نقص أهليته، وكان الكفيل عالما بذلك وقت التعاقد فليس له أن يحتج بهذا
الوجه".
(2) إذا طلب أحد الخصوم الترخيص له في إدخال
ضامن في الدعوى فإن المحكمة تفصل في طلبه بحكم تصدره على وجه الاستعجال (انظر
المادة 144 مرافعات) ويكون قابلا للطعن فيه بالاستئناف كسائر الأحكام. فإذا كان
طاب إدخال الضامن لم يستأنف الحكم الصادر برفض طلبه فلا يقبل منه الكلام في هذا
لطلب أمام محكمة الاستئناف فيما بعد عند استئناف الحكم الصادر في الموضوع، إلا إذا
أريد إدخال الضامن أمام محكمة الاستئناف فعندئذ يجب إبداء الطلب بذلك لديها والحكم
فيه منها (وهو طلب غير مقبول في الاستئناف). ولعل هذا هو ما لاحظته محكمة النقض في
حكمها في هذه القضية. ولا تظن أن ما احتج به الحكم من أن الطاعن لم يثبت أنه أثار
الدفع أمام محكمة الاستئناف (بعد سبق إثارته أمام المحكمة الابتدائية) قد أريد به
تقرير قاعدة عامة تعفى محاكم الدرجة الثانية من النظر في الدفوع التي يكون الخصوم
قد أثاروها أمام المحاكم الابتدائية ولم يعيدوها في الاستئناف، فان هذه القاعدة
غير صحيحة على إطلاق، إذ من الواجب على محكمة الاستئناف أن تقضى في الدعوى بحالتها
التي كانت عليها أمام المحكمة الابتدائية بحيث تعتبر جميع الدفوع ووسائل الدفاع
السابق إبداؤها أمام المحكمة الابتدائية مطروحة على محكمة الاستئناف كنتيجة لازمة
لنقل النزاع إليها، ما لم يكن السكوت عن التمسك بالدفع أمام محكمة الاستئناف دالا
بذاته في خصوص القضية على العدول عنه إلى ما يناقضه أو على النزول عن الحق فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق