برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي, وبحضور السادة المستشارين:
محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
----------
شيك بدون رصيد. قصد جنائي. حكم "تسبيب معيب".
العلم بالمديونية، لا يفيد وحده ثبوت علم المدين بتوقيع الحجز على ما
له لدى الغير، وما ترتب على ذلك من توقف البنك عن صرف شيك أصدره. قعود الحكم عن
استظهار هذا العلم. قصور في استظهار القصد الجنائي في جريمة إعطاء الشيك بدون رصيد
يستوجب نقضه.
متى كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في التدليل على توافر القصد
الجنائي لدى الطاعن في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد بقوله "إن علمه بتوقف البنك
عن الصرف مستمد من ارتباطه مع سلاح التموين بالجيش بعقود التوريد وبالبنك بورود
المستخلصات المستحقة له إليه يومياً بانتظام، وبأنه يحيط بظروفه المالية التي نبت
عنها توقيع الحجز تحت يد القوات المسلحة وتوقف البنك عن الصرف، وكان سوء القصد
يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره"، فإن
الحكم يكون قد قصر في استظهار القصد الجنائي وأقام قضاءه على فروض. ذلك أن علم
الطاعن بمديونيته لا يفيد وحدة ثبوت علمه بتوقيع الحجز تحت يد القوات المسلحة وما
ترتب عليه من توقف البنك عن الصرف ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً متعيناً نقضه
والإحالة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 مايو سنة 1959 بدائرة قسم
عابدين: أعطى لـ....... بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب, وطلبت
عقابه بالمادتين 336 ، 337 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح عابدين الجزئية قضت
غيابيا بتاريخ 14 أكتوبر سنة 1959 عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع
الشغل وكفالة خمسون جنيها لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فعارض المتهم في هذا
الحكم، وفي أثناء معارضته ادعى......بحق مدني قبل المتهم وطلب القضاء له بمبلغ
واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت وبتاريخ 24 فبراير سنة 1960 قضت
المحكمة بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع: أولا ـ برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه
بلا مصاريف جنائية. وثانيا ـ وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم بان يدفع للمدعي
بالحق المدني ثلاثين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومائتي قرش
مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات. استأنف المتهم الحكم الأخير,
ومحكمة القاهرة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ أول يناير سنة
1961 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف
تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...الخ.
------------
المحكمة
حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب,
ذلك أنه دانه بالرغم مما هو ثابت من وقائع الدعوى من عدم توفر القصد الجنائي لديه
وهو يتمثل في علمه - وقت إصدار الشيك - لأنه لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب يفي
بقيمته, ومع أن الطاعن أوضح للمحكمة أن مصلحة الضرائب لم تخطره بتوقيع الحجز تحت
يد القوات المسلحة في 23 من مايو سنة 1959, وأنه حرر الشيك وأصدره قبل ذلك في يوم
22 مايو سنة 1959, وإن كان قد أعطاه تاريخا آخر هو 28 مايو سنة 1959, فإن الحكم
المطعون فيه قد اكتفى في التدليل على توافر سوء النية لديه بقوله إنها مفترضة
خلافا للواقع.
وحيث إن دفاع الطاعن - على ما أثبته الحكم المطعون فيه - يقوم على
انتفاء القصد الجنائي لديه وأنه لا علم له بالحجز الذي أوقعته مصلحة الضرائب تحت
يد القوات المسلحة وبالتالي فهو لم يكن يعلم بأن حسابه أضحى غير قابل للسحب. لما كان
ذلك, وكان الحكم قد اكتفى في التدليل على توافر القصد الجنائي لديه بقوله
"وعلمه بتوقف البنك عن الصرف مستمد من ارتباطه مع سلاح التموين بالجيش بعقود
التوريد وبالبنك بورود المستخلصات المستحقة له إليه يوميا بانتظام, وبأنه يحيط
بظروفه المالية التي نبت عنها توقيع الحجز وتوقف البنك عن الصرف, وكان سوء القصد
يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره. ولما كان
علم الطاعن بمديونيته لا يفيد وحده ثبوت علمه بتوقيع الحجز تحت يد القوات المسلحة
وما ترتب عليه من توقف البنك عن الصرف, وكان الحكم قد قصر في استظهار هذا العلم
وأقام قضاءه على فروض فإنه يكون معيبا متعينا نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث
باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق