برئاسة السيد القاضي / عبد المنعم دسوقي نائب
رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة / أحمد الحسيني يوسف ، وائل سعد رفاعي نائبي رئيس المحكمة ، عبد الرحيم عبد
العال الشاهد والريدي عدلي محمد .
-------------
(1 - 4) نقض "إجراءات
الطعن" "إيداع الكفالة" .
(1) وجوب إيداع الكفالة قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض
أو خلال الأجل المقرر له . م 254 مرافعات . تخلف ذلك . أثره . بطلان الطعن .
(2) إيداع كفالة الطعن . عدم تحققه إلا
بتوريد الكفالة إلى خزانة المحكمة خلال ميعاد الطعن . م254 مرافعات .
(3) لمحكمة النقض التثبت من صحة إيداع الكفالة عن
طريق تأشير الموظف المختص بتمامه أو تقديم الإيصال الدال عليه .
(4) تأشير الموظف المختص على صحيفة الطعن بإيداع
الكفالة بموجب الإيصال الدال على ذلك . أثره . صحة إيداع الطاعن لمبلغ الكفالة .
(5 -7) إعلان " آثار الإعلان : تسليم الإعلان
إلى النيابة".
(5) إعلان الأوراق القضائية للنيابة . استثناء .
لا يصح اللجوء إليه إلا بعد القيام بتحريات كافية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه
وعدم الاهتداء إليه .
(6) تقدير كفاية التحريات التي تسبق الإعلان
للنيابة . مرجعه ظروف كل حالة على حدة .
(7) التحريات السابقة للإعلان في مواجهة النيابة .
أمر يتولاه طالب الإعلان بنفسه . مؤداه . التحري واقعة مادية جواز إثباتها بكافة
طرق الإثبات .
(8) تعويض " التعويض عن الفعل الضار غير المشروع : الخطأ الموجب
للتعويض " .
الالتزام بالتعويض عن كل خطأ سبب ضرراً للغير .
شموله كل فعل أو قول خاطئ ولو تجرد من صفة الجريمة . م 163 مدنى . مؤدى ذلك .
التزام المحاكم المدنية بالفصل في طلب التعويض طالما لم يرد نص يدل على انفراد
المحاكم الجنائية بنظره .
(9 - 11) تعويض " التعويض الذى حدده القانون " .
(9) العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة
رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة العامة . وجوب توقيعها في جميع
الأحوال .
(10) تدخل الخزانة العامة في الدعوى وإن وصف بأنه
دعوى مدنية . لا يغير من طبيعة التعويض الأصلية . شرطه . ألا يكون مقابل ضرر نشأ
عن جريمة .
(11) المصادرة . قد تكون عقوبة اختيارية تكميلية
أو وجوبية يقتضيها النظام العام , أو من قبيل التعويضات المدنية في بعض القوانين
الخاصة .
(12) تعويض " التعويض عن مخالفة قوانين الضرائب والرسوم "
.
التعويضات المنصوص عليها في القوانين
المتعلقة بالضرائب والرسوم . عقوبات تكميلية تنطوي على عنصر التعويض . جواز تدخل
الخزانة العامة أمام المحكمة الجنائية . علة ذلك وأساسه .
(13، 14) استيراد " الإفراج عن السلع المستوردة " .
(13) الإفراج النهائي عن السلع المستوردة
بالمخالفة للقانون رقم 118 لسنة 1975 . مناطه . أن تكون موجودة في حيازة الجهة
الإدارية . شرطه . أن يكون ذلك قبل رفع الدعوى الجنائية .
(14) صدور حكم جنائي بات بمعاقبة الطاعن
بالغرامة ومصادرة السلعة محل طلب التعويض قبل رفع الدعوى الراهنة . لازمه . عدم
وجود السلعة في حيازة الجهة الإدارية حتى تفرج عنها مقابل التعويض . مؤداه . عدم
توافر شرائط قبول طلب التعويض عن السلع المستوردة المفرج عنها بالمخالفة لأحكام ق
الاستيراد والتصدير . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــ المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المشرع أوجب بنص
المادة 254 من قانون المرافعات في حالات الطعن بالنقض إجراءً جوهرياً لازماً هو
إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا
كان باطلاً .
2ـــــ إيداع الكفالة الذى قصد إليه المشرع في المادة 254
سالفـة الذكـر لا يتحقق كإجراء جوهري مرعى إلا بتوريدها فعلاً إلى خزانة المحكمة
خلال ميعـاد الطعن .
3ـــــ لمحكمة النقض التثبت من صحة إيداع الكفالة عن طريق
تأشير الموظف المختص بتمامه أو تقديم الإيصال الدال عليه .
4ــــــ إذ كان الثابت في طلب إيداع صحيفة الطعن التأشير من
مدير عام الحسابات بالمحكمة بصحة الإيداع لمبلغ مائة وخمسة وعشرين جنيهاً المؤشر
به بالإيصال رقم ...... في 13 من أغسطس سنة 1994 والثابت بطلب إيداع صحيفة الطعن ,
بما تثبت معه صحة إيداع الطاعن لمبلغ الكفالة المقرر قانوناً خلال ميعـاد الطعن
بالنقض .
5ــــــ المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تسليم صور الأوراق
للنيابة العامة متى كان موطن المعلن إليه غير معلوم هو استثناء لا يصح اللجوء إليه
إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية وأثبت أنه رغم ما قام به من بحث جدى لم يهتد
إلى معرفة محل إقامة المراد إعلانه .
6ــــــ تقدير كفاية التحريات التي تسبق الإعلان للنيابة أمر
موضوعي يرجع فيه إلى ظروف كل حالة على حدة .
7ـــــ القيام بالتحري أمر يتولاه طالب الإعلان بنفسه وهى
واقعة مادية سابقـة علـى توجيـه الإعـلان للنيابـة يجـوز إثباتها بكافة طرق
الإثبات . لما كان ذلك , وكان الثابت في الأوراق من الخطاب المرسل من الطاعن إلى
رئيس محكمة الاستئناف بإقامته المستمرة بدولة ألمانيا اعتباراً من عام 1960 , ولم
يدع علم المطعون ضده بموطنه بالخارج , كما ثبت من إعلانه بصحيفة الاستئناف عدم
الاستدلال عليه بالموطنين الواردين بسبب النعي لمغادرتـه البلاد , فإن الحكم
المطعون فيه إذ اعتد بإعلانه بصحيفة الدعوى المبتدأة الذى تم في مواجهة النيابة –
لتحقق الغاية بإقامته بالخارج وقت إعلانه في أحد الموطنين – تقديراً بكفاية
التحريات التي أسفرت عن عدم الاستدلال على موطنه يكون قد أقيم على استخلاص سائغ .
8 ـــــ المقرر – في قضاء محكمة النقض –
أن المشرع رتب بنص المادة 163 من التقنين المدني الالتزام بالتعويض عن كل خطأ سبب
ضرراً للغير , وأورد عبارة النص في صيغة عامة بما يجعلها شاملة لكل فعل أو قول
خاطئ سواء أكان مكوناً لجريمة معاقباً عليها أم كان لا يقع تحت طائلة العقاب ويكون
مقصوراً على الإخلال بأى واجب قانونى , ومن الالتزامات القانونية , الالتزام بدفع
الضرائب والرسوم , ويكون من ارتكب الجريمة مسئولاً مسئولية جنائية جزاؤها العقوبة
, ويكون من خالف القانون أو أضر بالغير مسئولاً مسئولية مدنية جزاؤها التعويض ,
وقد يترتب على العمل الواحد المسئوليتين معاً في وقت واحد فتؤثر المسئولية
الجنائية في المسئولية المدنية , ومصدر الحق في التعويض ليس هو الحكم الصادر في
دعوى المسئولية , فالحكم ليس إلا مقرراً للحق في التعويض يقومـه ويقويه .
9ــــــ المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن العقوبات التكميلية
تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة العامة يجب
توقيعها في جميع الأحوال بلا ضرورة لتدخل الخزانة في الدعوى .
10ــــ تدخل الخزانة العامة وإن وُصِف بأنه دعوى مدنية لا يغير
من طبيعة التعويض الأصلية ما دام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن جريمة بالفعل بل هو في
الحقيقة عقوبة رأى الشارع أن يكمل بها العقوبة الأصلية وليس من قبيل التعويضات
المدنية الصرفة .
11ـــــــ المصادرة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض -
بوصفها عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح , إلا إذا نص القانون على غير
ذلك – لا يُقضى بها إلا إذا كان الشيء موضوعها سبق ضبطه على ذمة الفصل في الدعوى ,
وقد تكون في بعض القوانين الخاصة من قبيل التعويضات المدنية , إذا نُص على أن تؤول
الأشياء المصادرة إلى المجنى عليه أو خزانة الدولة كتعويض عما سببته الجريمة من
أضرار .
12ـــــــــ استقر قضاء محكمة النقض على اعتبار التعويضات
المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم – ومنها قانون الجمارك – هي
من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض ولذلك أجاز تدخل الخزانة
العامة أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها ثم الطعن في هذا الحكم ، ورتب على
ذلك أن يـــــطبق في شـــــأنها بــــاعتبارها عـــــقوبة الـــــقواعد القانونية
العامة في شأن العقوبات ، فلا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية التي يجب
عليها أن تحكم بها من تلقاء ذاتها ، إلا أن ذلك لا يمنع من اختصاص المحكمة المدنية
بنظر طلب التعويض – باعتبارها صاحبة الولاية العامة والاختصاص الأصيل بالفصل في
هذه الطلبات لمخالفة واجب قانوني ، كعدم الإضرار بالغير أو لمخالفة التزام قانوني
بدفع الضرائب والرسوم عند توافر شروط تطبيقه وقبل تحريك الدعوى الجنائية ضد
المخالف .
13ـــــــــ نص المادة 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن
الاستيراد والتصدير على أن " يعاقب كل من يخالف أحكام المادة (1) من هذا
القانون أو القرارات المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف
جنيه وتحكم المحكمة في جميع الأحوال بمصادرة السلع موضوع الجريمة . ولوزير التجارة
أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية الإفراج عن السلع التي تستورد بالمخالفة
لحكم المادة (1) أو القرارات المنفذة لها على أساس دفع المخالف تعويضاً يعادل قيمة
السلع المفرج عنها حسب تثمين مصلحة الجمارك يحصل لحساب وزارة التجارة ....."
دل على أن طلب التعويض الوارد به مقابل الإفراج النهائي عن السلع المستوردة
بالمخالفـة لأحكامه – والذى يعتبر بديلاً عن المصادرة كما أفصحت مذكرتـه الإيضاحية
– يجب أن يكون قبل رفع الدعوى الجنائية – بما يفترض معه أن تكون هذه السلع في
حيازة الجهة الإدارية – فإذا أقيمت كان للمحكمة الجنائية الحكم بمصادرة هذه السلع
إذا ضبطت على ذمة الفصل في الدعوى .
14ــــــ إذ كان الثابت في الأوراق , أنه قُضى جنائياً بحكم
بات بتاريخ 28 من مارس سنة 1985 في الطعن رقم ..... بمعاقبة الطاعن بالغرامة
والمصادرة للسيارات محل طلب التعويض وذلك قبل رفع الدعوى محل الطعن بما لازمه أنها
لم تكن في حيازة الجهة الإدارية حتى يمكنها الإفراج عنها مقابل التعويض الوارد
بالمادة 15 من قانون الاستيراد والتصدير سالف البيان , ومن ثم يفتقد طلب التعويض
المؤسس على هذا النص شرائط قبوله – طبقاً لما تقدم – وإذ خالف الحكم المطعون فيه
هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بالتعويض فإنه يكون معيباً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر
أوراق الطعن ـ تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم ... لسنة 1985 تجارى
الإسكندرية الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى له بصفته مبلغ
359851 جنيهاً والفوائد القانونية , على سند من صدور الأمر علـى عريضة رقم ...
لسنة 1978 من محكمة الجمرك بالإفراج عن 114 سيارة نقل واردة باسم الطاعن بموافقة
وزارة الإسكان ، وإذ لم تتضمن تلك الموافقة سداد التعويضات المستحقة عند الإفراج
عن هذه البضائع إعمالاً للمادة 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 عن البضائع
المستوردة والتى تقدر بالمبلغ المطالب به ، فقد أقام الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً
فيها وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 25 من يونيو سنة 1990 بإلزام الطاعن بأن
يؤدى للمطعون ضده مبلغ 320616 جنيهاً والفوائد القانونية بنسبة 4% من تاريخ
المطالبة . استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 46 ق
الإسكندرية ، كما استأنفه الطاعن بمذكرة استئناف مقابل رقم ... لسنة 48 ق
وباستئناف أصلى رقم ... لسنة 49 ق أمام ذات المحكمة ، وبعد أن ضمت المحكمة
الاستئنافين الثاني والثالث إلى الأول وندبت خبيراً فيهم وأودع تقريره ، قضت
بتاريخ 15 من يونيو سنة 1994 في الاستئناف الأول بتعديل مبلغ التعويض بجعله مبلغ
359851 جنيهاً والتأييد فيما عدا ذلك ، ورفض استئنافي الطاعن . طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريـق النقض ، وقدمت النيابــــة العامة مذكرة أبدت الرأي فيها أصلياً :
ببطلان الطعن لعـدم إرفاق إيصال سداد الكفالة واحتياطياً بنقض الحكم المطعون فيه ،
وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة ـ في غرفة مشورة ـ حددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها .
وحيث إنه في شأن الدفع المبدى من النيابة العامة ببطلان الطعن
لعدم إرفاق الإيصال الدال على سداد مبلغ الكفالة المقررة بالمادة 254 من قانون
المرافعات ، فهو في غير محله , ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات في حالات الطعن بالنقض إجراءً
جوهرياً لازماً هو إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال
الأجل المقرر له وإلا كان باطلاً ، وكان إيداع الكفالة الذى قصد إليه المشرع في
المادة 254 سالفـة الذكـر لا يتحقق كإجراء جوهرى مرعى إلا بتوريدها فعلاً إلى
خزانة المحكمة خلال ميعـاد الطعن ، ولمحكمة النقض التثبت من صحة هذا الإيداع عن
طريق تأشير الموظف المختص بتمامه أو تقديم الإيصال الدال عليه . لما كان ذلك ،
وكان الثابت في طلب إيداع صحيفة الطعن التأشير من مدير عام الحسابات بالمحكمة بصحة
الإيداع لمبلغ مائة وخمسة وعشرين جنيهاً المؤشر به بالإيصال رقم ... في 13 من
أغسطس سنة 1994 والثابت بطلب إيداع صحيفة الطعن ، بما يثبت معه صحة إيداع الطاعن
بمبلغ الكفالة المقرر قانوناً خلال ميعاد الطعن بالنقض ويكون النعي عليه في هذا
الخصوص غير سديد .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول
منها على الحكم المطعون فيه البطلان ، ذلك بأنه دفع ببطلان إعلان صحيفة الدعوى
المبتدأة لتمامه في مواجهة النيابة العامة رغم عدم سبق إجرائه في ... – حلوان –
آخر موطن له قبل مغادرته للبلاد ، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بصحة هذا الإعلان ،
لثبوت عدم الاستدلال على الطاعن في عنوانه ... – الإسكندرية – رغم تركه لهذا
الموطن ، ووروده على عدد قليل من البيانات الجمركية ، وأيد الحكم الابتدائي رغم
بطلانه لعدم انعقاد الخصومة , فقد شابه البطلان بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك بأن المقرر – في قضاء
هذه المحكمة - أن تسليم صور الأوراق للنيابة العامة متى كان موطن المعلن إليه
غير معلوم هو استثناء لا يصلح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية
وأثبت أنه رغم ما قام من بحث جدى لم يهتد إلى معرفة محل إقامة المراد إعلانه ,
وكان تقدير كفاية هذه التحريات أمراً صورياً يرجع فيه إلى ظروف كل حالة على حدة ،
إذ القيام بالتحري أمـر يتولاه طالب الإعلان وهى واقعة مادية سابقـة
علـى توجيـه الإعـلان للنيابـة يجـوز إثباتها بكافة طرق الإثبات . لما كان ذلك ،
وكان الثابت في الأوراق من الخطاب المرسل من الطاعن إلى رئيس محكمة الاستئناف
بإقامته المستمرة بدولة ألمانيا اعتباراً من عام 1960 ، ولم يدع علم المطعون ضده
بموطنه بالخارج , كما ثبت من إعلانه بصحيفة الاستئناف عدم الاستدلال عليه
بالموطنين الواردين بسبب النعي لمغادرتـه البلاد , فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد
بإعلانه بصحيفة الدعوى المبتدأة الذى تم في مواجهة النيابة – لتحقق الغاية بإقامته
بالخارج وقت إعلانه في أحد الموطنين – تقديراً بكفاية التحريات التي أسفرت عن عدم
الاستدلال على موطنه يكون قد أقيم على استخلاص سائغ ويكون النعي بهذا السبب على
غير أساس .
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن بالوجه الثاني من السبب الثالث من
أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أعمل نص المادة 15
من القانون رقم 118 لسنة 1975 لمخالفة الطاعن لنص المادة الأولى من ذات القانون ,
في حين أن ذلك مشروط بتقدم المستورد بطلب للإفراج عن الواردات محل المخالفة وسداده
التعويض حسب تثمين مصلحة الجمارك لحساب وزارة الاقتصاد ، على أن يتم ذلك قبل إقامة
الدعوى الجنائية ضده ، ولما كان قد أُدين جنائياً بحكم بات في 28 من مارس سنة 1985
قبل رفع الدعوى الحالية الحاصل في 18 من مايو سنة 1985 – وبمصادرة السيارات محل
الدعوى ، وكانت المصادرة تمثل على هذا النحو تعويضاً ارتآه المشرع كافياً لردع
المخالف ، فإن الحكم إذ ألزمه بالتعويض استناداً لنص المادة 15 سالفة الذكر عن
الواقعة محل عقوبة المصادرة على سند من اختلاف كل منهما عن الآخر ، رغم أن الجمع
بينهما فيه ازدواج للتعويض عن واقعة واحدة ومخالفاً لحجية الحكم الجنائي بالمصادرة
، ولاحق على إقامة الدعوى الجنائية ضده ، فإنه يكون قــــد شابه الخطأ في تطبيق
القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ، ذلك بأن المقرر أن المشرع
رتب بنص المادة 163 من التقنين المدني الالتزام بالتعويض عن كل خطأ سبب ضرراً
للغير ، وأورد عبارة النص في صيغة عامة بما يجعلها شاملة لكل فعل أو قول خاطئ سواء
أكان مكوناً لجريمة معاقباً عليها أم كان لا يقع تحت طائلة العقاب ويكون مقصوراً
على الإخلال بأي واجب قانوني ، ومن الالتزامات القانونية ، الالتزام بدفع الضرائب
والرسوم ، ويكون من ارتكب الجريمة مسئولاً مسئولية جنائية جزاؤها العقوبة ويكون من
خالف القانون أو أضر بالغير مسئولاً مسئولية مدنية جزاؤها التعويض ، وقد يترتب على
العمل الواحد المسئوليتين معاً في وقت واحد فتؤثر المسئولية الجنائية في المسئولية
المدنية ، ومصدر الحق في التعويض ليس هو الحكم الصادر في دعوى المسئولية , فالحكم
ليس إلا مقرراً للحق في التعويض يقومه ويقويه ، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة –
أن العقوبات التكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني
للخزانة العامة يجب توقيعها في جميع الأحوال بلا ضرورة لتدخل الخزانة في الدعوى .
وهذا التدخل وإن وُصِف بأنه دعوى مدنية لا يغير من طبيعة التعويض الأصلية ما دام
أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن جريمة بالفعل بل هو في الحقيقة عقوبة رأى الشارع أن يكمل
بها العقوبة الأصلية وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرفة , وكانت المصادرة –
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بوصفها عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات
والجنح , إلا إذا نص القانون على غير ذلك – لا يُقضى بها إلا إذا كان الشيء
موضوعها سبق ضبطه على ذمة الفصل في الدعوى , وقد تكون في بعض القوانين الخاصة من
قبيل التعويضات المدنية , إذا نُص على أن تؤول الأشياء المصادرة إلى المجنى عليه
أو خزانة الدولة كتعويض عما سببته الجريمة من أضرار , وكان قضاء هذه المحكمة قد
استقر على اعتبار التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم
– ومنها قانون الجمارك – هي من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر
التعويض ولذلك أجاز تدخل الخزانة العامة أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها ثم
الطعن في هذا الحكم , ورتب على ذلك أن يطبق في شأنها باعتبارها عقوبة القواعد
القانونية العامة في شأن العقوبات فلا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية
التي يجب عليها أن تحكم بها من تلقاء ذاتها , إلا أن ذلك لا يمنع من اختصاص
المحكمة المدنية بنظر طلب التعويض – باعتبارها صاحبة الولاية العامة والاختصاص
الأصيل بالفصل في هذه الطلبات لمخالفة واجـب قانوني كعدم الإضـرار
بالغير أو لمخالفة التزام قانوني بدفع الضرائب والرسوم عند توافر شروط تطبيقه وقبل
تحريك الدعوى الجنائية ضد المخالف ، وهو ما أكده نص المادة 15 من القانون رقم 118
لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير على أن " يعاقب كل من يخالف أحكام
المادة (1) من هذا القانون أو القرارات المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه
ولا تزيد على ألف جنيه وتحكم المحكمة في جميع الأحوال بمصادرة السلع موضوع الجريمة
. ولوزير التجارة أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية الإفراج عن السلع التي
تستورد بالمخالفة لحكم المادة (1) أو القرارات المنفذة لها على أساس دفع المخالف
تعويضاً يعادل قيمة السلع المفرج عنها حسب تثمين مصلحة الجمارك يحصل لحساب وزارة
التجارة ...." والذي دل على أن طلب التعويض الوارد به مقابل الإفراج النهائي
عن السلع المستوردة بالمخالفة لأحكامه – والذى يعتبر بديلاً عن المصادرة كما أفصحت
مذكرتـه الإيضاحية – يجب أن يكون قبل رفع الدعوى الجنائية – بما يفترض معه أن تكون
هذه السلع في حيازة الجهة الإدارية – فإذا أقيمت كان للمحكمة الجنائية الحكم
بمصادرة هذه السلع إذا ضبطت على ذمة الفصل في الدعوى . لما كان ذلك , وكان الثابت
في الأوراق , أنه قُضى جنائياً بحكم بات بتاريخ 28 من مارس سنة 1985 في الطعن رقم
..... لسنة 53 ق بمعاقبة الطاعن بالغرامة والمصادرة للسيارات محل طلب التعويض وذلك
قبل رفع الدعوى محل الطعن بما لازمه أنها لم تكن في حيازة الجهة الإدارية حتى
يمكنها الإفراج عنها مقابل التعويض الوارد بالمادة 15 من قانون الاستيراد والتصدير
سالف البيان ، ومن ثم يفتقد طلب التعويض المؤسس على هذا النص شرائط قبوله – طبقاً
لما تقدم – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بالتعويض
فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى وجوه الطعن . وحيث إن الموضوع
صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق