جلسة 22 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، حسين نعمان - نواب رئيس المحكمة، وسعيد فودة.
----------------
(43)
الطعن رقم 3171 لسنة 60 القضائية
(1) حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق".
مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها.
(2) أشخاص اعتبارية "الطوائف الدينية".
طائفة الإنجيليين الوطنيين. اعتراف الدولة بها كطائفة واحدة قائمة بذاتها يمثلها المجلس العمومي لها. عدم إسباغ الشخصية المعنوية على أي من كنائسها أو الهيئات أو المذاهب المتفرعة عنها أو المنتسبة إليها وليس لأي منها ذمة مالية مستقلة. مؤداه. اعتبار إيرادات مختلف الكنائس والمراكز التابعة للطائفة مال عام للطائفة.
2- المقرر في قضاء محكمة النقض أن اعتراف الدولة بطائفة الإنجيليين الوطنيين هو اعتراف بالطائفة جميعها بكافة شيعها وكنائسها باعتبارها طائفة واحدة يمثلها المجلس العمومي لها, وأن المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لأي من كنائسها أو الهيئات أو المذاهب المتفرعة عنها أو المنتسبة إليها, ولم يجعل لأي منها ذمة مالية مستقلة, وإنما جعل من ذلك المجلس هيئة أعطاها الاختصاص بالإشراف الشامل على مراكز المسيحيين الإنجيليين الوطنيين من النواحي الدينية والإدارية وتنظيمها, وأن الإيرادات التي تصل إلى مختلف الكنائس والمراكز التابعة للطائفة تعتبر مال الطائفة الإنجيلية كلها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1973 سنة 1976 مدني المنيا الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بأحقية الطاعن الثاني - بصفته ممثلاً للكنيسة الرسولية بالمنيا - في أن تنصرف إليه آثار العقد المؤرخ 8/ 4/ 1976 المتضمن بيع المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين إلى المطعون عليه الأول - بصفته رئيساً لمجتمع الله الخمسيني - مساحة 94.12 م2 شائعة في العقار المبين بالصحيفة الذي تتخذ منه الكنيسة مقراً لها, وقالا بياناً لذلك إن المطعون عليه الأول كان مفوضاً من المجلس الملي الإنجيلي العام في التعامل باسم ذلك المجمع إبان السعي لتأسيسه وفي الإشراف على الكنيسة المشار إليها حتى قرر المجلس إعفاءه من هذا الإشراف بتاريخ 19/ 2/ 1975, كما قرر بتاريخ 19/ 12/ 1975 عدم اعتماد قيام المجمع المذكور أصلاً, إلا أنه لم يأبه بكل ذلك واشترى الحصة العقارية سالفة البيان بموجب العقد المشار إليه من أموال الكنيسة التي ينصرف إليها أثر هذا العقد ولذا فقد أقاما الدعوى, بتاريخ 19/ 3/ 1980 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" بالاستئناف رقم 123 سنة 16 ق, وبتاريخ 8/ 12/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 158 سنة 53 ق, بتاريخ 26/ 1/ 1988 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه, ولما عجل الطاعنان السير في الاستئناف حكمت المحكمة بتاريخ 16/ 5/ 1990 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على قاله أن الأوراق لا تقطع في أن المطعون عليه الأول اشترى عقار التداعي لحساب "مجمع الله الخمسيني" الذي لم يكن له ثمة وجود عند التعاقد وأن الثمن المدفوع للمبيع ليس من ماله خاصة وأن المجلس الملي الإنجيلي العام كان قد نحاه عن منصبه قبل الشراء في حين قطع المذكور بمذكراته ومستنداته التي قدمها لمحكمة الموضوع في أنه اشترى حصة النزاع لحساب الكنيسة والمجمع اللذين يمثلهما وأنه دفع ثمنها من أموال الطائفة التي ينتمي إليها، وإذ قام قضاء الحكم المطعون فيه على خلاف الثابت بالأوراق فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرتي المطعون عليه الأول المقدمتين أمام محكمة أول درجة بجلستي 1/ 6/ 1977 و15/ 3/ 1978 أنه أسس دفاعه فيهما على سند من أن الكنيسة القائمة على العقار الذي اشترى لها منه حصة التداعي اقترضت ثمن المبيع من "كنيسة الله الخمسينية المركزية بالقاهرة" وما زالت مدينة لها به واستدل على ذلك بصورة من محضر اجتماع الجمعية العمومية "لمجمع الله الخمسيني للكنيسة الرسولية" بتاريخ 31/ 8/ 1978 أرفقه ضمن حافظة مستنداته المقدمة لجلسة 8/ 11/ 1978، كما قدم حافظة أخرى بمستنداته لجلسة 12/ 1/ 1977 تضمنت محضر اجتماع الجمعية المذكورة بتاريخ 10/ 3/ 1975 والذي وافقت فيه على قرار بشراء أرض الكنيسة موضوع التداعي وفوضت المطعون عليه الأول في تمثيل الكنيسة والمجمع في عقد الشراء مع الموافقة على السلفة المقدمة من الكنيسة الرسولية بشبرا والتعهد بسدادها من فائض حصيلة الاشتراكات، وهو ما يقطع في أن المطعون عليه الأول إنما كان يمثل "مجمع الله الخمسيني" والكنيسة الرسولية بالمنيا في العقد الذي اشترى به عقار النزاع وسدد ثمنه من الأموال التي اقترضتها الكنيسة لهذا الغرض، وكان عماد الحكم المطعون فيه في قضائه برفض الدعوى هو ما حصله بالمخالفة للثابت بالأوراق أنها "لا تقطع في أنه - المطعون عليه الأول - اشترى لحساب هذا المجمع.. - وأن الأوراق قد خلت مما يدل على أن الثمن المدفوع للمبيع ليس من مال المشتري..." بما مؤداه أن الحكم عول في قضائه على فهم حصلته المحكمة مخالفاً للثابت بأوراق دعوى وهو ما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين الحكم في الموضوع عملاً بالمادة 269/ 4 من قانون المرافعات.
وحيث إن المقرر في قضاء محكمة النقض أن اعتراف الدولة بطائفة الإنجيليين الوطنيين هو اعتراف بالطائفة جميعها بكافة شيعها وكنائسها باعتبارها طائفة واحدة يمثلها المجلس العمومي لها, وأن المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لأي من كنائسها أو الهيئات أو المذاهب المتفرعة عنها أو المنتسبة إليها, ولم يجعل لأي منها ذمة مالية مستقلة, وإنما جعل من ذلك المجلس هيئة أعطاها الاختصاص بالإشراف الشامل على مراكز المسيحيين الإنجيليين الوطنيين من النواحي الدينية والإدارية وتنظيمها, وأن الإيرادات التي تصل إلى مختلف الكنائس والمركز التابعة للطائفة تعتبر مال الطائفة الإنجيلية كلها. لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق - وعلى ما سلف بيانه في الرد على سبب النعي - أن المستأنف ضده الأول اشترى مساحة 94.12 م2 شائعة في العقار الذي تشغله الكنيسة الرسولية بالمنيا وسدد ثمن القدر المبيع مما آل إليها من أموال، وقد تم هذا التعاقد لمصلحة الكنيسة المذكورة ولحسابها وبالتالي ينصرف أثره إلى المجلس الملي الإنجيلي العام الذي يمثلها قانوناً.
وحيث إن المستأنف الأول وعلى ما أورده صحيفة دعواه وضمنه مذكراته فيها قد خصص تلك الحصة لخدمة الكنيسة التي يمثلها المستأنف الثاني وطلب الحكم بانصراف أثر العقد إليها وهو ما لا تحمل الأوراق مانعاً من إجابته إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق