الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 نوفمبر 2017

الطعن 12790 لسنة 75 ق جلسة 22 / 3/ 2011 مكتب فني 62 ق 65 ص 392

برئاسة السيد القاضي / عبد المنعم دســـوقي نائـب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمــد الحسينــي ، ناصــر مشــالـي ، محمـد النعناعـــي ووائــل رفاعـي نـواب رئيس المحكمة .
------------
(1، 2) نظام عام " المسائل المتعلقة بالنظام العام " .
(1) القواعد المتعلقة بالنظام العام . ماهيتها .
(2) النظام العام . فكرة نسبية . تحديد القاضي لمضمونها . مناطه . التقيد بالتيار العام السائد بشأنها في بلده وزمانه . مؤداه , اعتبارها مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
(3) تحكيم " بطلان حكم التحكيم " .
المحكمة التي تنظر دعوى البطلان . قضاؤها ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها . شرطه . تضمنه ما يخالف النظام العام في مصر . م53/2 ق27 لسنة 1994 . تحقق هذا الشرط عند مخالفة أحد المبادئ الأساسية في التقاضي وتخلفه عند مخالفة قاعدة آمرة في القانون المصري .
(4) سجل تجارى " القيد في السجل التجاري " .
السجل التجاري . يقيد به أسماء التجار والشركات . مخالفة تلك القاعدة الآمرة لا تبطل التصرفات المبرمة بينهم . علة ذلك . عدم تعلقها بالنظام العام .
(5) تحكيم " اتفاق التحكيم " .
 قضـاء الحكـم المطعـون فيـه برفض الدفع المبدى ببطلان شرط التحكيم استناداً لعدم وجود ارتباط بين قيد الشركة في السجل التجاري وأهلية التعاقد والالتزام . صحيـح . علـة ذلك . النعي عليه . غير منتج .
(6 - 9) فوائد " أنواع الفوائد : الفوائد الاتفاقية : الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية " " الفوائد التأخيرية " .
(6) الفوائد . نوعاها . تعويضية وتأخيرية . ماهية كل منهما .
(7) الفوائــــــد التأخيرية . عدم جواز الاتفاق على زيادتها على 7% . الاستثناء . عمليات البنوك . علة ذلك . م227 من القانون المدني .
 (8) الحد الأقصى للفوائد . تعلقه بالنظام العام .
(9) الفائدة . مفترضة في القروض التي يعقدها التاجر بمناسبة أعماله التجارية . احتسابها بالسعر القانوني المقرر في المسائل التجارية ما لم يتم الاتفاق على سعر آخر . طريقة أدائها . نهاية كل سنة دون انتظار لحلول أجل الدين . وجود اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك . أثره . انتفاع المديــن بها قبل حلول الأجل وعدم سريانها في حقه حال تأخره في سداد الدين عند حلول أجله . لازمه . ألا تجاوز الفوائد التأخيرية الحد الأقصى المقرر قانوناً . م50 ق التجارة رقم 17 لسنة 1999 .
(10) تحكيم " بطلان حكم التحكيم " .
للمحكمـــة التي تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم إذا خالف النظام العام . علة ذلك . م53/2 ق 27 لسنة 1994 . رفض الحكم المطعون فيه القضاء ببطلانه على سند من عدم مخالفته للنظام العام رغم قضائه بفوائد تزيد على الحد الأقصى المقرر قانوناً مخالفا بذلك لحكم المادة 226 مدنى . خطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن خلا التقنين المدنى من تحديد المقصود بالنظام العام، إلا أن المتفق عليه أنه يشمل القواعد التي ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية والتى تتعلق بالوضع الطبيعى المادى والمعنوى لمجتمع منظم وتعلو فيه على مصالح الأفراد .
2 - قواعد النظام العام فكرة نسبية فالقاضى في تحديد مضمونها مقيد بالتيار العام السائد بشأنها في بلده وزمانه ، مما تعتبر معه مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض وفى ذلك ضمانة كبرى لإقامة هذا التحديد على أسس موضوعية .
3 – إذ كان قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 قد خول بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها ، إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في مصر ، وقد تحدث المخالفة بسبب ما ينص عليه القانون بالنسبة للعملية التحكيمية ، وقد تكون المخالفة هى فقط القضاء بما يخالف النظام العام في مصر ، فلا يكفى مخالفة الحكم لقاعدة آمرة في القانون المصري .
4 – إذ كان قانون السجل التجاري قد أوجب قيد أسماء التجار والشركات بالسجلات التجارية إلا أنه لم يرتب على مخالفة أحكامه في هذه الحالة بطلان التصرفات والالتزامات التي تبرم بين التجار والشركات قبل إجراء القيد وبالتالي فإن تعاقد الشركات الأجنبية على مزاولة الأعمال التجارية قبل القيد في السجل التجاري وإن اعتبر مخالفة لقاعدة قانونية آمرة إلا أنها غير متعلقة بالنظام العام .
5 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن ببطلان شرط التحكيم على سند من أن " وجوب قيد الشركة بالسجل التجاري اعتباراً بأنها تزاول عملاً تجارياً في مصر عملاً بنص المادة 4/3 من القانون رقم 34 لسنة 1976 في شأن السجل التجاري فإنه لا علاقة له بما لها من أهلية للتعاقد والالتزام كما أن عدم القيد في السجل المذكور لا يترتب عليه انعدام أهلية الشركة الأجنبية وإن أوجب توقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة (19) من القانون سالف البيان " وكانت هذه الدعامة صحيحة وتكفى وحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فإن النعي عليه فيما انتهى إليه من سقوط الدفع بالبطلان وبصحة الاتفاق على التحكيم لقيام شركة مقيدة في السجل التجاري بتنفيذ التزامات الشركـــــة الأجنبية يكون – أيا كان وجه الرأي فيه – غير منتج .
6 – المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادتين 226 ، 227 من القانون المدني أن هناك نوعين من الفوائد ، فوائد تعويضية يتفق فيها المدين مع دائنه مقدماً عليها وتكون مقابل انتفاع المدين بمبلغ من النقود يكون في ذمته لأجل محدد ولم يحل أجل استحقاقه ، وفوائد تأخيرية وهى تعويض عن التأخير في الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ محدد من النقود وتأخر المدين في سداده عند حلول أجل استحقاقه .
7 - في خصوص الفوائد التأخيرية المستحقة عن التأخير في الوفاء بالديون – وفـــى غير عمليات البنوك – فقد منع المشرع بنص المادة 227 من القانون المدني الاتفاق على فوائد تأخيرية عن حد أقصى معلوم مقداره 7./..
8 – تحديد الحد الأقصى للفوائد من النظام العام .
9 - وإذ كان النص في المادة 50 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن 1- تعتبر تجارية القروض التي يعقدها التاجر لشئون تتعلق بأعماله التجارية. 2- إذا اقتضت مهنة التاجر أداء مبالغ أو مصاريف لحساب عملائه جاز له مطالبتهم بعائد عنها من يوم صرفها ما لم يتفق على غير ذلك . 3- يحسب العائد وفقاً للسعر الذى يتعامل به البنك المركزي ، ما لم يتفق على مقابل أقل . 4- يؤدى العائد في نهاية كل سنة إذا كان الدين مؤجلاً لأكثر من سنة وفى يوم الاستحقاق إذا كان لأجل سنة أو أقل ما لم يتفق أو يجر العرف على غير ذلك " . مفاده أن المشرع قد افترض شرط الفائدة في القروض التي يعقدها التاجر لشئون تتعلق بأعماله التجارية إلا إذا اتفق المتعاقدون على غير ذلك على أن تحسب الفوائد بالسعر القانوني المقرر في المسائل التجارية إلا إذا اتفق على سعر آخر ، وتدفع الفوائد في نهاية كل سنة دون انتظار لحلول أجل الدين إذا كان الدين مؤجلاً لأكثر من سنة وتدفع هذه الفوائد في يوم الاستحقاق إذا كان الأجل لسنة أو أقل ما لم يتفق أو يجرى العرف على غير ذلك وهو ما يدل على اتجاه قصد المشرع إلى تطبيق هذا النص على القروض التي ينتفع بها المدين قبل حلول أجل استحقاقها ولا يسرى في حالة تأخر المدين في سداد الدين عند حلول أجل استحقاقه مما لازمه ألا تجاوز الفوائد التأخيرية الحد الأقصى المقرر قانوناً.
10 – إذ كان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم قد تضمن قضاؤه إلزام الطاعن بفوائد تأخيرية طبقاً لسعر الفائدة التي يتعامل بها البنك المركزي ، وكان الحد الأقصى للسعر القانوني للفوائد التأخيرية في المواد التجارية وفقاً للمقـــرر – في قضاء هذه المحكمة – مما يتصل بالنظام العام في مصر، وكان قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 قد خول بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في مصر. فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض القضاء ببطلان حكم التحكيم تأسيساً على أن سعر الفائدة في المسائل التجارية لم يعد متعلقاً بالنظام العام وأن النعي على الحكم قضاؤه بفائدة تأخير تزيد على 5./. هو أمر لا يتسع له نطاق دعوى البطلان وحجب بذلك نفسه عن التحقق من مدى موافقة الفائدة المقضي بها للحد الأقصى المقرر قانوناً للفائدة التأخيرية في المادة 226 مدنى فإنه يكون معيباً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم .... لسنة 121 ق لدى محكمة استئناف القاهرة على الشركة المطعون ضدها الأولى بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم رقم .... لسنة 2003 الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتاريخ 26 من يوليو سنة 2004 وفى الموضوع ببطلانه ، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 22 من مارس سنة 2001 أسند إلى المطعون ضدها الأولى إدارة الفندق الذى يملكه والمبين بالأوراق لمدة عشر سنوات من تاريخ الافتتاح على أن تتولى سداد قيمة القرض الذى حصل عليه من المطعون ضدها الثانية ومقداره ..... دولار أمريكي بضمان المطعون ضدها الأولى من حصيلة تشغيل الفندق نظير حصولها على 2٪ من إجمالي الإيرادات و10٪ من إجمالي أرباح التشغيل بعد تحقيق الحد الأدنى لهذه الأرباح المذكورة بالعقد وإذ قام الخلف بينهما فقد أقامت المطعون ضدها الأولى القضية التحكيمية سالفة البيان إعمالاً للبند 20 من العقد ، وبتاريخ 26 من يوليو سنة 2004 حكمت هيئة التحكيم أولاً : رفض الدفع بعدم الاختصاص . ثانياً: رفض طلب ضم الدعويين ... ، ... لسنة 2003. ثالثاً : بصحة عقد الإدارة المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها بتاريخ 22 من مارس 2001. رابعاً : إلزام كل من الطرفين بتنفيذ عقـد الإدارة المبرم بينهما والمؤرخ 22 من مارس 2001 تنفيذاً عينياً وبما يترتب على ذلك من آثار . خامساً: استمرار إدارة المطعون ضدها لفندق ..... وفقاً لما جاء في البند 2-3 من عقد الإدارة. سادساً: إلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضدها المبالغ الآتية .... جنيه كتعويض عن الضرر الأدبي، ... جنيه مع عوائدها اعتباراً من تاريخ استحقاق كل دفعة وقدرها ..... جنيه في الأول من أكتوبر سنة 2002 ، الأول من نوفمبر سنة 2002 ، الأول من ديسمبر سنة 2002 وذلك وفقاً لسعر التعامل لدى البنك المركزي بالجنيه المصري . سابعاً: أحقية المطعون ضدها في استرداد مبلغ .... جنيه من حساب التشغيل . ثامناً: الطلبات المقابلة : إلزام المطعون ضدها الأولى بأن تودع في حساب تشغيل الفندق في مصر 1- مبلغ ...... يورو . 2- مبلغ يوازى أجرة الجناح رقم 1225 لمدة مائة وأربعين يوماً حسب سعر هذا الجناح المعتمد من وزارة السياحة . كما أقام الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 121 ق لدى محكمة استئناف القاهرة على الشركة المطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم رقم ... لسنة 2003 الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بتاريخ 26 من يوليو سنة 2004 وفى الموضوع ببطلانه وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 22 من مارس سنة 2001 مبرم بينه وبين المطعون ضدهما منحته المطعون ضدها الثانية قرضاً قيمته ... دولار أمريكي لاستخدامه في إعداد الفندق المملوك له والمبين في الأوراق للتشغيل وعلى أن تتولى المطعون ضدها الأولى إدارة الفندق وسداد القرض المذكور على أقساط من عائد تشغيل الفندق ونظراً لسوء إدارة الأخيرة للفندق مما أدى إلى عدم تحقيق الحد الأدنى من الربح الذى يتيح سداد أقساط القرض فقد أقامت المطعون ضدها الثانية القضية التحكيمية رقم ... لسنة 2003 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي إعمالاً للبند رقم 7 من العقد سالف البيان . وبتاريخ 26 من يوليو سنة 2004 حكمت هيئة التحكيم . أولاً: رفض الدفع بعدم اختصاص الهيئة بنظر النزاع . ثانياً: رفض طلب ضم التحكيمين ... , ... لسنة 2003. ثالثاً: بصحة عقد القرض الموقع 22/3/2001 بين المطعون ضدها الثانية والطاعن بخصوص منحة قرضاً قيمته ستة ملايين وأربعمائة وخمسة وسبعون ألف دولار أمريكي  رابعاً: إلزام الطاعن بسداد الأقساط المستحقة حتى تاريخ الحكم في الدعوى وهى الأقساط من الأول إلى الخامس وقيمتها ... دولار أمريكي . خامساً : رفض طلب سقوط آجال الأقساط التي لم تحل . سادساً: إلزام الطاعن بعوائد تأخير الأقساط الخمسة الأولى من القرض التي حلت وذلك طبقاً لسعر الفائدة التي يتعامل بها البنك المركزي عن الدولار الأمريكي وقت استحقاق كل قسط واعتباراً من تاريخ استحقاقه وحتى السداد . سابعاً: إلزام الطاعن بتسليم مدير القرض – المطعون ضدها الأولى – فندق ... واستناد لبطلان حكمي هيئة التحكيم سالفي البيان لبطلان عقدي الاتفاق المؤرخين 22 من مارس سنة 2001 لانعدام أهلية المطعون ضدهما عند التعاقد لأنهما شركتين أجنبيتين ليس لهما فرع في مصر وغير مقيدين بالسجل التجاري يكون العقدان وشرطا التحكيم الواردان بها باطلين بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ولقضاء الحكمين بفوائد تجاوز الحد الأقصى للسعر القانوني في المواد التجارية فقد أقام الدعويين رقمي ... ، .... لسنة 121 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 30 من مايو سنة 2005 برفض هذين الدعويين . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواه ببطلان حكم التحكيم على سقوط الدفع ببطلان اتفاق التحكيم لانعدام أهلية الشركة المطعون ضدها الأولى وأن عدم قيدها في السجل التجاري لا يؤثر على أهليتها للتعاقد وأن جزاء ذلك هو الغرامة والغلق كما أنها عهدت إلى شركة ... التابعة لها والمقيدة في السجل التجاري بتمثيلها وتنفيذ التزاماتها في عقد الإدارة في حين أن الشركة المطعون ضدها الأولى شركة إسبانية وهى التي أبرمت العقد ولم تكن مقيدة في السجل التجاري بما يمتنع عليها مزاولة أعمال الإدارة في مصر وبالتالي لا يجوز لها توكيل غيرها في تنفيذ هذا العقد كما وأن إبرام عقد القرض بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية كان مرتبطاً بتنفيذ عقد الإدارة وبذلك فإنه يعد عملاً تجارياً ، وإذ كانت الأخيرة غير مقيدة في السجل التجاري فإنه لا يصح لها مزاولة الأعمال التجارية والمالية ويكون عقدا الإدارة والقرض باطلين بطلاناً مطلقاً يتعلق بالنظام العام ويترتب على ذلك بطلان شرط التحكيم الوارد فيهما، وإذ كان الدفع بهذا البطلان يتعلق بالنظام العام مما تجوز إثارته في أي وقت فإن قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط الحق في الدفع به وبصحة هذا الاتفاق يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن خلا التقنين المدني من تحديد المقصود بالنظام العام ، إلا أن المتفق عليه أنه يشمل القواعد التي ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية والتي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي والمعنوي لمجتمع منظم وتعلو فيه على مصالح الأفراد ، وهى فكرة نسبية فالقاضي في تحديد مضمونها مقيد بالتيار العام السائد بشأنها في بلده وزمانه ، مما تعتبر معه مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض وفى ذلك ضمانة كبرى لإقامة هذا التحديد على أسس موضوعية ، وكان قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 قد خول بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها ، إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في مصر، وقد تحدث المخالفة بسبب ما ينص عليه القانون بالنسبة للعملية التحكيمية ، وقد تكون المخالفة هي فقط القضاء بما يخالف النظام العام في مصر، فلا تكفى مخالفة الحكم لقاعدة آمرة في القانون المصري . ومن حيث إنه وإن كان قانون السجل التجاري قد أوجب قيد أسماء التجار والشركات بالسجلات التجارية إلا أنه لم يرتب على مخالفة أحكامه في هذه الحالة بطلان التصرفات والالتزامات التي تبرم بين التجار والشركات قبل إجراء القيد وبالتالي فإن تعاقد الشركات الأجنبية على مزاولة الأعمال التجارية قبل القيد في السجل التجاري وإن اعتبر مخالفة لقاعدة قانونية آمرة إلا أنها غير متعلقة بالنظام العام . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن ببطلان شرط التحكيم على سند من أن " وجوب قيد الشركة بالسجل التجاري اعتباراً بأنها تزاول عملاً تجارياً في مصر عملاً بنص المادة 4/3 من القانون رقم 34 لسنة 1976 في شأن السجل التجاري فإنه لا علاقة له بما لها من أهلية للتعاقد والالتزام كما أن عدم القيد في السجل المذكور لا يترتب عليه انعدام أهلية الشركة الأجنبية وإن أوجب توقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة (19) من القانون سالف البيان " وكانت هذه الدعامة صحيحة وتكفى وحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فإن النعي عليه فيما انتهى إليه من سقوط الدفع بالبطلان وبصحة الاتفاق على التحكيم لقيام شركة مقيدة في السجل التجاري بتنفيذ التزامات الشركة الأجنبية يكون – أيا كان وجه الرأي فيه – غير منتج ، ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون إذ قضى برفض بطلان حكم التحكيم لمخالفته للنظام العام بما قضى به من إلزام الطاعن بالفوائد التأخيرية طبقاً للسعر الذى يتعامل به البنك المركزي استناداً إلى نص المادتين 50 و64 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 معتبراً أن ما ورد بهما بشأن العائد المستحق على القروض التي يعقدها التاجر لشئون تجارته يعد استثناءً من قيد الحد الأقصى المنصوص عليه في المادتين 226 ، 227 من القانـــون المدني ويكون قضاء الحكم بالفوائد التأخيرية المقضي بها لا يخالف النظام العام في حين أن حكم المادة 50 من قانون التجارة سالفي البيان يقتصر على الفوائد التعويضية وأن نص المادة 64 من ذات القانون قد جعل استحقاق العائد عن التأخير في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها وبالتالي يبقى سعر الفوائد التأخيرية محكوماً بالقانون المدني وتعتبر قاعدة تحديد الحد الأقصى لهذه الفوائد من النظام العام ومخالفة حكم التحكيم لها يؤدى إلى بطلانه ويوجب على المحكمة إعمالاً لنص المادة 53/2 من قانون التحكيم القضاء ببطلانه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادتين 226 ، 227 من القانون المدني أن هناك نوعين من الفوائد ، فوائد تعويضية يتفق فيها المدين مع دائنه مقدماً عليها وتكون مقابل انتفاع المدين بمبلغ من النقود يكون في ذمته لأجل محدد ولم يحل أجل استحقاقه ، وفوائد تأخيرية وهى تعويض عن التأخير في الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ محدد من النقود وتأخر المدين في سداده عند حلول أجل استحقاقه ، وفى خصوص الفوائد التأخيرية المستحقة عن التأخير في الوفاء بالديون – وفى غير عمليات البنوك – فقد منع المشرع بنص المادة 227 من القانون المدني الاتفاق على فوائد تأخيرية عن حد أقصى معلوم مقداره 7./. ، وكان تحديد الحد الأقصى للفوائد من النظام العام ، وإذ كان النص في المادة 50 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن 1- تعتبر تجارية القروض التي يعقدها التاجر لشئون تتعلق بأعماله التجارية . 2- إذا اقتضت مهنة التاجر أداء مبالغ أو مصاريف لحساب عملائه جاز له مطالبتهم بعائد عنها من يوم صرفها ما لم يتفق على غير ذلك . 3- يحسب العائد وفقاً للسعر الذى يتعامل به البنك المركزي ، ما لم يتفق على مقابل أقل . 4- يؤدى العائد في نهاية كل سنة إذا كان الدين مؤجلاً لأكثر من سنة وفى يوم الاستحقاق إذا كان لأجل سنة أو أقل ما لم يتفق أو يجر العرف على غير ذلك . مفاده أن المشرع قد افترض شرط الفائدة في القروض التي يعقدها التاجر لشئون تتعلق بأعماله التجارية إلا إذا اتفق المتعاقدون على غير ذلك على أن تحسب الفوائد بالسعر القانوني المقرر في المسائل التجارية إلا إذا اتفق على سعر آخر ، وتدفع الفوائد في نهاية كل سنة دون انتظار لحلول أجل الدين إذا كان الدين مؤجلاً لأكثر من سنة وتدفع هذه الفوائد في يوم الاستحقاق إذا كان الأجل لسنة أو أقل ما لم يتفق أو يجرى العرف على غير ذلك وهو ما يدل على اتجاه قصد المشرع إلى تطبيق هذا النص على القروض التي ينتفع بها المدين قبل حلول أجل استحقاقها ولا يسرى في حالة تأخر المدين في سداد الدين عند حلول أجل استحقاقه مما لازمه ألا تجاوز الفوائد التأخيرية الحد الأقصى المقرر قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم قد تضمن قضاءه إلزام الطاعن بفوائد تأخيرية طبقاً لسعر الفائدة التي يتعامل بها البنك المركزي ، وكان الحد الأقصى للسعر القانوني للفوائد التأخيرية في المواد التجارية وفقاً للمقـــرر – في قضاء هذه المحكمة – مما يتصل بالنظام العام في مصر، وكان قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 قد خول بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التي تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في مصر. فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض القضاء ببطلان حكم التحكيم تأسيساً على أن سعر الفائدة في المسائل التجارية لم يعد متعلقاً بالنظام العام وأن النعي على الحكم قضاؤه بفائدة تأخير تزيد على 5./. هو أمر لا يتسع له نطاق دعوى البطلان وحجب بذلك نفسه عن التحقق من مدى موافقة الفائدة المقضي بها للحد الأقصى المقرر قانوناً للفائدة التأخيرية في المادة 226 مدنى فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجــــــة إلى بحث السبب الثالث مـــن أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق