الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 نوفمبر 2017

الطعن 1478 لسنة 48 ق جلسة 11 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 164 ص 897

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد، إبراهيم زغو ومحمد عبد المنعم جابر.

-----------------

(164)
الطعن رقم 1478 لسنة 48 القضائية

(1، 2، 3) الشفعة. "النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة".دعوى. "ترك الخصومة في الدعوى". محكمة الموضوع. "مسائل الواقع".
(1) النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة. جوازه قبل البيع أو بعده وحتى صدور الحكم فيها. اشترط أن يكون النزول أثناء نظر الدعاوى مسبوقاً بإبداء ترك الخصوم. خطأ. علة ذلك.
(2) النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة. جواز أن يكون صريحاً أو ضمنياً. استخلاص النزول الضمني من سلطة محكمة الموضوع متى كان سائغاً مستمداً مما له أصله بالأوراق.
(3) النزول الضمني. ماهيته. مساومة الشفيع للمشتري. بيع العقار له أو مقاسمته فيه أو إشراكه في جزء منه. مفاده. رضائه بالمشتري مالكاً وإسقاط حقه في أخذه الشفعة.

-------------------
1 - النص في المادة 948 من القانون المدني بأن "يسقط الحق في الأخذ بالشفعة في الأحوال الآتية:
(1) إذا نزل الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع الذي هو سبب الشفعة كما قد يكون تالياً له سواء أكان هذا النزول قبل رفع الدعوى بالشفعة أو من بعد رفعها وحتى صدور الحكم منها، ولا يشترط في النزول الذي يصدر أثناء سير الدعوى على ما يحتج به الطاعنان أن يكون مسبوقاً بإبداء ترك الخصومة وفقاً للطريق الذي رسمه قانون المرافعات. ذلك أنه متى كان النص على النزول ورد عاماً مطلقاً فلا محل لتقييده بشكل معين أثناء سير الدعوى وفي القول يتطلب هذا الشرط استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص. هذا إلى أن ترك الخصومة يقتصر التنازل فيه عن إجراء الخصومة دون أن يؤثر في الحق ذاته الذي يظل قائماً في حين أن النزول عن الحق المتداعى بشأنه يؤدي إلى زوال ذات الحق وإسقاطه، ومن ثم فلا حاجة لاشتراط سلوك طريق ترك الخصومة عند التحقيق من النزول عن الحق.
2 - النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة قد يصدر صريحاً. فإنه قد يكون ضمنياً بإتيان الشفيع بعد البيع عملاً أو اتخاذه موقفاً يكشف بوضوح في دلالته عن هذا النزول، واستخلاص ذلك من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً مستمداً له أصل ثابت بأوراق الدعوى.
3 - النزول الضمني عن الحق في الأخذ بالشفعة، ذلك هو كل ما يدل على رضا الشفيع بالبيع وحكمه للمشتري وهو ثبوت الملك له من شأنه أن يفيد النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة، فإذا ساوم الشفيع المشتري على العقار المشفوع فيه بأن طلب بيعه له بثمن شرائه أو بما يزيد عنه، فإن ذلك يعني طلب تمليك بعقد جديد من هذا المشتري، وفي ذلك دلالة الرضا به مالكاً بمقتضى البيع الصادر إليه، كذلك فإن طلب الشفيع من المشتري مقاسمته للعقار المشفوع فيه أو إشراكه في جزء منه يفصح في دلالته عن الإعراض عن استعمال الحق في الأخذ بالشفعة ورضائه بالمشتري مالكاً، وهذه أمور اعتبرت لهذا السبب من مسقطات الشفعة في فقه الشريعة الإسلامية التي هي مصدر نظام الشفعة في القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 565 سنة 1975 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدهما طالبين الحكم بأحقيتهما في الأخذ بالشفعة الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة والمبيعة من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بصفته ولياً طبيعياً على أبنائه القصر بالعقد المؤرخ 24/ 6/ 1974 والمسجل بتاريخ 11/ 11/ 1974 لقاء الثمن الحقيقي وملحقاته ومقدار ذلك مبلغ 57867 ج و705 م مع تسليم الأرض إليهما، وقالا بياناً لدعواهما إنهما يمتلكان أرضاً زراعية مناصفة بينهما بمقتضى عقد بيع مسجل بتاريخ 21/ 5/ 1973 وإذ كانت أرضهما تجاوز الأرض المشفوع فيها ملاصقة من جهتين شمالاً وغرباً كما أن لأرضهما عليها حق ارتفاق بالري والمرور فإنه يحق لهما أخذها بالشفعة، وقد اتخذ إجراءات طلبها بإبداء الرغبة في الإنذار المعلن إلى المطعون ضدهما في 4/ 1/ 1975 والذي أعقبه إيداع الثمن وملحقاته خزانة المحكمة ق 26/ 5/ 1975، ثم أقاما دعواهما للحكم بالطلبات آنفة البيان. ودفع المطعون ضده الأول بصفته بعدم جواز الأخذ بالشفعة على سند من أن العقار قد بيع لعدة أشخاص مشاعاً بينهم فلا تجوز للشفعة فيه إلا بتمامه وإذ اقتصر طلب الطاعنين على الحصة الشائعة المبيعة له وحده فلا تكون الشفعة جائزة لما في ذلك من تجزئة للصفقة، ودفع أيضاً بسقوط حق الطاعنين في الأخذ بالشفعة لنزولهما الضمني عن هذا الحق المستفاد من مساومتهما شراء العقار المشفوع فيه منه بما يدل على رضائهما بالبيع وملكيته المبيع، وبتاريخ 29 من فبراير سنة 1976 قضت محكمة أول درجة بندب خبير وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1976 برفض الدعوى تأسيساً على أن طلب الشفعة يتضمن تجزئة للصفقة المبيعة. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 3499 لسنة 93 القضائية، وبتاريخ 24 من مايو سنة 1977 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول أن الطاعنين ساوماه في شراء العقار المشفوع فيه بما يفيد نزولهما عن الحق في الشفعة ولينفي الطاعنان ذلك، وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت بتاريخ 11 من يونيه سنة 1978 بتعديل الحكم المستأنف وبسقوط حق الطاعنين في الأخذ بالشفعة - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسببين الأول والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والانحراف عن مدلول أقوال الشهود والخطأ في فهمها والقصور في التسبيب من وجوه ثلاثة حاصلها (أولاً) أن الحكم حين استعرض في أسبابه أقوال شهود الإثبات أوردها في عبارات مجملة أسقط منها ألفاظاً هامة وحاسمة دون بيان سبب ذلك وأوجز أقوال شاهد النفي...... بما لا يظهر حقيقة ما أدلى به من شهادة.
(ثانياً) إن الحكم إذ استخلص من أقوال الشهود أن الطاعنين قد عرضا على المطعون ضده الأول شراء الأرض المشفوع فيها قد خالف ما أجمع عليه الشهود إثباتاً ونفياً إذ لم يرد على لسان أحدهم هذه الواقعة بل قرروا أن العرض جاء إما من المطعون ضده الأول أو من وسطائه أو من رجال الآمن وخالف الحكم أيضاً الثابت بأقوال الشهود في موضع آخر حين استظهر منها أن الطاعنين عرضا على المطعون ضده الأول أن يأخذا منه فدانين من الأرض المشفوع فيها مقابل إنهاء خصومة دعوى للشفعة مع أن أحداً من شهود الطرفين لم يشهد بذلك. (ثالثاً) إن مفهوم الشهادة التي أدلى بها الشهود تكشف أن المساومة والمفاوضات التي دارت بين طرفي الخصومة ما كان مقصوداً منها رغبة الطاعنين شراء الأرض المشفوع فيها من المطعون ضده الأول بل كان مستهدفاً منها إنهاء النزاع على قيام حق ارتفاق الري والمرور المقرر لأرضهما على الأرض المشفوع فيها وهو النزاع الذي احتدم وهدد أمن المنطقة واستدعى تدخل رجال الأمن، وبالرغم من أن الطاعنين قد تمسكا في دفاعهما بهذه الحقيقة أمام محكمة الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل مواجهة هذا الدفاع.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود بأن محكمة الموضوع ليست ملزمة أن تعرضوا بأسباب حكمها نصاً كاملاً للشهادة التي أدلى بها كل شاهد في التحقيق الذي أجرته وحسب الحكم أن يشير إلى مضمون ما ورد بأقوال الشهود بما ينبئ عن مراجعتها، وإذ كان تقدير الشهادة واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع فإنه لا يكون ملزماً بتصديق الشاهد في كل قوله بل له أن يطرح منه ما لا يطمئن إليه وأن يأخذ بأقوال واحد أو أكثر من الشهود دون الآخرين من غير أن يكون ملزماً ببيان أسباب ترجيحه لما أخذ به وإطراحه لغيره لأن هذا مما تتناوله سلطته في تقدير الأدلة. والنعي بالوجه الثاني غير صحيح ذلك أن الثابت من التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف أن شاهد الإثبات الأول أفصح في شهادته أنه كان وسيطاً لإنهاء الخلاف بين طرفي التداعي وأنبأته الطاعنة الثانية قبولها شراء الأرض المشفوع فيها من المطعون ضده الأول بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه للفدان فاتصل به ونقل إليه هذا العرض فطلب بزيادة الثمن إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه فلم يصادف طلبه قبولاً لدى الطاعنة الثانية، وأبان شاهد الإثبات الثاني إعلامه بهذه الواقعة من الطاعنة الثانية التي كلفته بدوره بالاتصال بالمطعون ضده الأول وتجديد عرض آخر عليه بأن يتنازل عن فدان أو فدانين من الأرض المشفوع فيها فقبل هذا الأخير الاجتماع بالطاعنين لمناقشة هذا العرض أو بعد اللقاء الذي لم يحضره أخبره المطعون ضده الأول أن الطاعنين إنما ينفيان تنازله عن فدانين مقام عليهما مرافق الري بالأرض المشفوع فيها ورفضا نزوله عن فدانين آخرين منها بموقع آخر وشهد شاهد الإثبات الثالث بحضوره الاجتماع الذي التقى فيه الزوجان الطاعنان بالمطعون ضده الأول وأن الطاعن الأول تحدث عن العرض الذي كان سبباً في الاجتماع وهو التنازل له ولزوجته عن فدانين من الأرض المشفوع فيها حدد موقعهما مقابل إنهاء النزاع في قضية الشفعة فرفض المطعون ضده الأول العرض لأهمية موقع الفدانين، وصرح الشاهدان الرابع والخامس بأنهما حضرا اجتماعاً بمقر الشرطة دار النقاش فيه بين وسطاء الطرفين حول رغبة الطاعنين شراء الأرض المشفوع فيها من المطعون ضده الأول بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وتوقف النقاش للخلاف حول تحديد الثمن، إذ كان ذلك هو الثابت من التحقيق وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه مؤدى شهادة هؤلاء الشهود بما لا يناقض أو يخالف الثابت بأقوالهم ثم استخلص منها أن الطاعنين ساوما المطعون ضده الأول على شراء الأرض المشفوع فيها بثمن يزيد على الثمن الذي اشترى به وعرضا عليه أيضاً أخذ فدانين من هذه الأرض مقابل إنهاء النزاع في دعوى الشفعة فإنه يكون قد استظهر أمراً صحيحاً ثابتاًً بأقوالهم ولم يخرج بشهاداتهم إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها. والنعي بالوجه الثالث مردود بأن تقدير أقوال الشهود منوط بمحكمة الموضوع ولا سلطان عليها في تكوين عقيدتها بما يدلى به الشهود أمامها، ولها أن تأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عبارتها دون معني آخر ولو كان محتملاً، وحسبها أن تبين هذه الحقيقة التي اقتنعت بها دون أن تكون ملزمة بتتبع الخصم والرد استقلالاً على ما يثيره خلافاً لها، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه استخلاصاً من شهادة الشهود - وعلى ما سلف بيانه - يتوافق مع مدلول هذه الشهادة وما تعنيه أقوالهم وفي بيان المحكمة لهذه الحقيقة التي اطمأن إليها وجدانها الرد الضمني على ما تمسك به الطاعنان من دفاع يتعلق بما يخالف هذا المعنى من الشهادة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن المفاوضة والمساومة التي تحدث عنها الحكم إنما تعتبر من قبيل التمهيد للصلح وهي بالتالي طالما لم يتم الصلح لا تكشف عن النزول النهائي عن الحق في الأخذ بالشفعة إذ من بعد رفع الدعوى بطلب الشفعة تقوم الخصومة بوجه رسمي تجعل مركز الشفيع في مواجهة المشتري مركز الخصم في منازعة على ملكية غير مستقرة وغير نهائية فلا يؤثر فيه دخوله في مساومات ومفاوضات مع خصمه وحتى يصح قول الحكم المطعون فيه باعتراف الشفيع بالمشتري مالكاً العقار المشفوع فيه ومسقطاً للحق في الأخذ بالشفعة ينبغي أن يقرر الشفيع بداءة تركه لدعوى الشفعة لكي يزيل أثرها الذي جعل حق المشتري متنازعاً فيه وملكيته غير مستقرة ويجب أن يتم الترك وفقاً للطرق التي أوردتها المادة 141 من قانون المرافعات على سبيل الحصر، وإذ كان الطاعنان لم يسلكا سبيل ترك الخصومة على النحو الذي يتطلبه قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى تأويل المساومة ومفاوضات الصلح بأنها تنطوي على نزول ضمني عن الحق في الأخذ بالشفعة بالرغم من أنها لا تفيد عزوفاً عن استعمال هذا الحق أو اعترافاً بالمشتري مالكاً فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 948 من القانون المدني بأن "يسقط الحق في الأخذ بالشفعة في الأحوال الآتية: (1) إذا نزل الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع‘، مفاد أن النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة كما قد يكون قبل البيع الذي هو سبب الشفعة قد يكون تالياً له سواء أكان هذا النزول قبل رفع الدعوى بالشفعة أو من بعد رفعها وحتى صدور الحكم منها، ولا يشترط في النزول الذي يصدر أثناء سير الدعوى - على ما يحتج به الطاعنان - أن يكون مسبوقاً بإبداء ترك الخصومة وفقاً للطريق الذي رسمه قانون المرافعات ذلك أنه متى كان النص على النزول ورد عاماً مطلقاً فلا محل لتقييده بشكل معين أثناء سير الدعوى، وفي القول يتطلب هذا الشرط استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص وتخصيص لعمومه بغير مخصص، هذا إلى أن ترك الخصومة يقتصر التنازل فيه عن إجراء الخصومة دون أن يؤثر في الحق ذاته الذي يظل قائماً في حين أن النزول عن الحق المتداعي بشأنه يؤدي إلى زوال ذات الحق وإسقاطه، ومن ثم فلا حاجة لاشتراط سلوك طريق ترك الخصومة عند التحقق من النزول عن الحق، ولما كان النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة قد يصدر صريحاً، فإنه قد يكون ضمنياً بإتيان الشفيع بعد البيع عملاً أو اتخاذه موقفاً يكشف بوضوح في دلالته عن هذا النزول، واستخلاص ذلك من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً مستمداً مما له أصل ثابت بأوراق الدعوى، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص نزول الطاعنين عن حقهما في الأخذ بالشفعة بما أورده في مدوناته من قول بأن "حاصل ما تطمئن إليه هذه المحكمة من أقوال الشهود أن المستأنفين (الطاعنين) قد عرضا على المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) شراء الأرض المشفوع فيها بثمن يزيد على الثمن المشتراة به وهو ما يعد مساومة أو عرضاً للشراء فيه تسليم بملكيته للأرض المشفوع فيها كما أنهما عرضا عليه أخذ فدانين من الأرض المشفوع فيها لإنهاء النزاع وهو أيضاً يعد اعترافاً بملكيته للأرض المشفوع فيها يسقط حقهما في الأخذ بالشفعة ولا ينال من ذلك القول منهما بأن ذلك كان مفاوضة في صلح إذ أنهما ما داما قد عرضا أو قبلا شراء الأرض بثمن يزيد عن ثمن شراء المستأنف عليه الأول فإن في ذلك تسليم منهما بملكيته للأرض المشفوع فيها يسقط الحق في الأخذ بالشفعة كما أن طلبهما قطعة من الأرض المشفوع فيها لإنهاء النزاع لا يعد هو الآخر مفاوضة في صلح وإنما تسليم بالملكية يسقط هو الآخر الحق في الأخذ بالشفعة......" لما كان ذلك وكان هذا الذي أورده الحكم له مأخذه الصحيح من واقع ما ثبت من شهادة الشهود، ويعد استدلالاً سائغاً على النزول الضمني عن الحق في الأخذ بالشفعة، ذلك بأن كل ما يدل على رضا الشفيع بالبيع وحكمه للمشتري وهو ثبوت الملك له من شأنه أن يفيد النزول عن الحق في الأخذ بالشفعة فإذا ساوم الشفيع المشتري على العقار المشفوع فيه بأن طلب بيعه له بثمن شرائه أو بما يزيد عنه، فإن ذلك يعني طلب تمليك بعقد جديد من هذا المشتري وفي ذلك دلالة الرضا به مالكاً بمقتضى البيع الصادر إليه، كذلك فإن طلب الشفيع من المشتري مقاسمته العقار المشفوع فيه أو إشراكه في جزء منه يفصح في دلالته عن الإعراض عن استعمال الحق في الأخذ بالشفعة ورضائه بالمشتري مالكاً، وهذه أمور اعتبرت لهذا السبب من مسقطات الشفعة في فقه الشريعة الإسلامية التي هي مصدر نظام الشفعة في القانون المدني ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقع الدعوى، ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق