الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 نوفمبر 2017

الجهة مختصة بنظر التظلم من قرار النائب العام بمنع السفر

القضية رقم 40 لسنة 27 ق " تنازع " جلسة 13 / 6 /2015
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يونيو سنـة 2015م، الموافـق السادس والعشرين من شعبان سنة 1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشـاد العاصي والدكتور حنفي على جبالي والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليـا برقـم 40 لسنة 27 قضائية " تنازع " .
المقامة من
1 - السيد / هاني صلاح الدين حافظ
2 - السيدة / رفاه عدنان العقــاد
ضد
1 - السيد المستشار النائب العــام
2 - السيد المستشار وزير العــدل
الإجراءات
بتاريخ التاسع والعشرين من أكتوبر سنة 2005 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين القضاء بتحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في النزاع الذى أقاماه طعنًا على قرار النائب العام بمنعهما من السفر، بعد أن تسلبت كل من جهتي القضاء العادي والإداري من نظره .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم بتعيين جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر النزاع .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا أصليًّا برأيها، وآخر تكميليًّا .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة سبق أن تولت التحقيق مع المدعيين فيما نسب إلى الأول من حصوله على تسهيلات ائتمانية من أحد البنوك بلغت جملتها 20 مليون جنيه مصري، بضمانات غير كافية، بالتواطؤ مع المسئولين بالبنك، فضلاً عن قيامه بضمان شخص آخر للحصول على تسهيل ائتماني من بنك آخـر بضمانات غير كافية بلغت جملتها 15 مليون جنيه، وما نسب إلى المدعية الثانية من ضمانها المدعى الأول لدى تلك البنوك، وأثناء التحقيق أصدر النائب العام قرارًا بمنع المدعيين من السفر لمقتضيات التحقيق، فبادرا بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بالدعوى رقم 593 لسنة 55 قضائية طالبين الحكم بصفة مستعجلة : وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه، وبجلسة 20/3/2001 قضت المحكمة برفض الشق العاجل من الدعوى، فطعن المدعيان على ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 6254 لسنة 47 قضائية، وبجلسة 28/2/2004 قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة استئناف الإسكندرية للاختصاص، وبجلسة 29/11/2004 قضت محكمة جنايات الإسكندرية بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإذ تسلبت جهتا القضاء العادي والإداري من نظر تلك الدعوى، فقد أقام المدعيان دعواهما الماثلة طلبًا لتحديد جهة القضاء المختصة بنظرها .

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى التنازع على الاختصاص وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها؛ وكان فض التنازع السلبى على الاختصاص يتوخى أن يكون لكل خصومة قضائية قاضي يمحص جوانبها إنهاءً للنزاع فى موضوعها، فلا يبقى معلقًا إلى غير حد بما يعرض للضياع الحقوق المدعى الإخلال بها، ويقوض الأغراض التي يتوخاها حق التقاضي باعتباره مدخلاً للفصل إنصافًا فى الحقوق المتنازع عليها، ضمانًا لتقديم الترضية القضائية التي تعود بها هذه الحقوق إلى أصحابها، ومن ثم فقد صار متعينًا أن ترد هذه المحكمة الخصومة القضائية المتسلب من نظرها، إلى جهة قضائية تكون قواعد الاختصاص الولائي التي رسمتها السلطة التشريعية فى مجال توزيعها لهذا الاختصاص بين جهات القضاء على اختلافها، قد أولتها دون غيرها سلطانًا مباشرًا عليها .
وحيث إن مقطع النزاع فى الدعوى الماثلة هو بيان التكييف القانوني للقرار الصادر من النائب العام بمنع المدعيين من السفر، وذلك بمناسبة وأثناء التحقيق الذى تجريه النيابة العامة معهما، وما إذا كان ذلك القرار يعد قرارًا إداريًّا مما يختص بنظر المنازعة فيه محاكم مجلس الدولة، أم أنه يُعد قرارًا قضائيًّا تختص جهة القضاء العادي دون غيرها بالفصل في المنازعات التي يثيرها .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص – إيجابيًّا كان أم سلبيًّا – إنما يتم على ضوء القواعد التي حدد بها المشرع لكل جهة أو هيئة قضائية تخوم ولايتها .
وحيث إن المقرر أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها يتعين دائمًا أن يكون بمقتضى مشروع، وأن تقييدها دون مسوغ مشروع، إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها، ولقد احتفت الدساتير المصرية جميعها بالحقوق المتصلة بالحق فى التنقل فنصت على حظر إلزام المواطن بالإقامة فى مكان معين أو منعه من الإقامة فى جهة معينة، إلا فى الأحوال التي يبينها القانون، كما حظرت بإبعاد المواطن عن البلاد أو حرمانه من العودة إليها، وأكدت على حق المواطن فى الهجرة الدائمة أو الموقوتة . واعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور المعدّل الصادر فى يناير سنة 2014 لا يجوز منع مواطن من مغادرة الأراضي المصرية إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفى الأحوال التي يبينها القانون .
وحيث إن النيابة العامة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – شعبة من السلطة القضائية، خصتها القوانين بصفتها الأمينة على الدعوى العمومية، بأعمال التحقيق فى الجنايات والجنح، وتحريك الدعوى الجنائية، ومباشرتها أمام المحاكم الجنائية، أو بالأمر بأ لا وجه لإقامتها، وأوجبت تمثيلها في تشكيل تلك المحاكم وإلا كان قضاؤها باطلاً .
وحيث إن إجراءات التحقيق التي تتولاها النيابة العامة بمناسبة ارتكاب جريمة جنائية تتميز بأنها ذات طبيعة قضائية، بها تتحرك الدعوى الجنائية، ويتحدد بمقتضاها التصرف فىهذه الدعوى، إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة، أو بالأمر فيها بألا وجه لإقامتها، وكان القرار الصادر من النائب العام بمنع المتهمين من السفر – بمناسبة التحقيقات التي تجريها النيابة العامة معهم – يُعد إجراءً قضائيًّا من الإجراءات الجنائية التي تباشرها النيابة العامة باعتبارها سلطة ناط بها القانون مهمة التحقيق عند ارتكاب جريمة، وكانت الغاية من إصدار ذلك القرار، هو بقاء المتهم قريبًا من السلطة التى تباشر التحقيق والمحافظة على أدلة الاتهام، وهو بهذه المثابة يُعد عملاً من أعمال التحقيق التي تتسم بالطبيعة القضائية، ومن ثم تكون جهة القضاء العادي، وقد ناط بها المشرع اختصاص الفصل فى الدعاوى الجنائية، هى المختصة بنظر المنازعات التى تثور بشأن تلك القرارات، ذلك أن هذه القرارات وقد صدرت من النيابة العامة فى شأن منازعة جنائية، باعتبارها تتصل بجريمة من الجرائم التى تدخل في اختصاص جهة القضاء العادى، فإن هذه الجهة بحسبانها الجهة صاحبة الولاية العامة بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم - عدا ما تختص به محاكم مجلس الدولة – تكون هى المختصة بنظر الطعن على هذه القرارات .
وحيث إن ما تقدم يؤكده أن القرار الصادر من النائب العام بمنع المتهمين من السفر – كما هو الحال فى الدعوى الماثلة – إنما صدر بمناسبة تحقيقات تجريها النيابة العامة، والتي تنتهى بصدور قرار قضائى منها، إما بالأمر بألا وجه لإقامة الدعوى، أو بإحالتها إلى المحكمة الجنائية، بحسبانها المختصة بنظر الدعاوى الجنائية والتعقيب على القرارات والأوامر التى تصدرها النيابة العامة فى شأن التحقيقات الجنائية، وإذا كان مستقر هذه التحقيقات فى الحالتين إلى المحاكم الجنائية، فإن تلك المحاكم تكون هى المختصة بنظر المنازعات التى يثيرها ذلك القرار، إعمالاً لقاعدتين – أولاهما – أن المحكمة المختصة بالفصل فى أصل النزاع تكون هى المختصة بالتالي بنظر ما يتفرع عنه من منازعات، ثانيتهما – أن تحقيق العدالة يستوجب أن تكون المنازعة وما يتفرع عنها بيد جهة قضائية واحدة، جمعًا لأواصر تلك المنازعة، وحرصًا على عدم تقطيع أوصالها بين جهات قضائية مختلفة، إذ كان ما تقدم وكان القرار الصادر من النائب العام بمنع المدعيين من السفر قد صدر بمناسبة تحقيقات تجريها النيابة العامة معهما، ويتصل بجريمة من الجرائم الجنائية التى تدخل فى اختصاص جهة القضاء العادى، ومن ثم تكون تلك الجهة هى المختصة بنظر الطعن على ذلك القرار .
وحيث إنه لا ينال مما تقدم القول، بأن القرارات التى يصدرها النائب العام بمنع المتهمين من السفر بمناسبة التحقيق معهم، يعوزها السند القانوني الذى ينظم هذه القرارات ويحدد إجراءات الطعن عليها، ذلك أن تقاعس المشرع العادي عن إصدار تشريع ينظم إجراءات المنع من السفر والسلطة المختصة بتقريره والجهة التي تختص بنظر الطعن عليها، لا يغير من الطبيعة القضائية لتلك القرارات، ولا يسوغ بحال إسناد الفصل في المنازعات التي تثيرها تلك القرارات لمحاكم مجلس الدولة، والتى حددت الدساتير المصرية ابتداء بدستور 1971 وانتهاء بالدستور الحالي اختصاصه حصرًا فى المنازعات الإدارية باعتباره قاضيها الأصيل .
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن مقتضى الحكم الصادر عنها بتعيين الجهة القضائية المختصة عملاً بالبند ثانيًا من نص المادة (25) من قانونها، استنهاض هذه الجهة لنظر النزاع الموضوعي من خلال إسباغ الولاية عليها من جديد، ولو كان حكمها بتسلبها من الاختصاص بنظره قد صار نهائيًّا، بما مؤداه التزامها بنظر الدعوى الموضوعية غير مقيدة بسبق قضائها بعدم الاختصاص .
فلهــــــــذه الأسبــــــــاب
حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء العادي محكمة جنايات الإسكندرية " جهة مختصة بنظر التظلم من قرار النائب العام الصادر بتاريخ 5/9/1999 بمنع سفر المدعيين في القضية المقيدة أمامها برقم 507 لسنة 1999 أموال عامة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق