الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 نوفمبر 2017

الطعن 1084 لسنة 32 ق جلسة 1 /1 /1963 مكتب فني 14 ج 1 هيئة عامة ق 1 ص 1

جلسة أول يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: السيد أحمد عفيفي، ومحمود حلمي خاطر، وعادل يونس، وتوفيق الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود إسماعيل، وأديب نصر، وحسين السركي، ومختار رضوان، ومحمد صبري.

-----------------

(1)
الطعن رقم 1084 لسنة 32 القضائية

أسباب الإباحة. شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. ما يعيبه" دفاع. كمبيالة.
استعمال الحق المقرر بالقانون. من أسباب الإباحة: إذا ما ارتكب بنية سليمة، وكان في غير حاجة إلى دعوى لحمايته. المادة 60 عقوبات. علة ذلك؟
الحق المقرر بمقتضى الشريعة. في نص المادة 60 عقوبات. معناه: كل حق يحميه القانون أينما كان موضعه من القوانين المعمول بها.
المعارضة في دفع قيمة الشيك في حالتي ضياعه أو تفليس حامله. من أسباب الإباحة. صيانة لمال الساحب، بغير توقف على حكم من القضاء. علة ذلك: حق الساحب في هاتين الحالتين يعلو على حق المستفيد. المادة 148 من قانون التجارة. سريان حكمها على الشيك.
سرقة الورقة، والحصول عليها بطريق التهديد. يدخلان في حكم الضياع.
تبديد الشيك، والحصول عليه بطريق النصب. من حالات أسباب الإباحة. علة ذلك: القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون.
مخالفة القواعد المتقدمة، والحكم بالإدانة. خطأ يستوجب النقض والإحالة.

----------------
الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه. إلا أن ثمت قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة، فقد نصت المادة 60 عقوبات على أن أحكام قانون العقوبات لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة، بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها – باعتبارها كلاً متسقاً مترابط القواعد - يعتبر سببا من أسباب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة. فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها ويحميها بحيث يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مزايا، وهو في ذلك إنما يوازن بين حقين يهدر أحدهما صيانة للآخر، وعلى هذا الأساس وضع نص المادة 148 من قانون التجارة – الذي يسرى حكمه على الشيك – وقد جرى بأنه "لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها"، فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم من القضاء، لما قدره المشرع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد. وإذ جعل هذا الحق للساحب يباشره بنفسه بغير حاجة إلى دعوى وعلى غير ما توجبه المادة 337 عقوبات، فقد أضحى الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق قيداً وارداً على نص من نصوص التجريم، وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة لاستناده – إذا ما صدر بنية سليمة – إلى حق مقرر بمقتضى الشريعة. والأمر في ذلك يختلف عن سائر الحقوق التي لابد لحمايتها من دعوى، فهذه لا تصلح مجردة سبباً للإباحة. لما كان ما تقدم، وكان من المسلم أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعا من جرائم سلب المال، وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة. ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن المشرع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة – التي هي الأصل – هي الأولى بالرعاية. لما كان ذلك، وكان هذا النظر لا يمس الأصل الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تطبيق أحكام المادة 337 عقوبات وإنما يضع له استثناء يقوم على سبب من أسباب الإباحة، وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن إليه فإنه يتعين نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 3 أغسطس سنة 1960 بدائرة قسم الزيتون: أعطى بسوء نية محمد حسين أحمد شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادة 337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الزيتون قضت حضورياً بتاريخ 19 يناير سنة 1961 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 200 قرش لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف. فاستأنف المتهم والنيابة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – بعد أن سمعت هذين الاستئنافين قضت فيهما حضورياً بتاريخ 10 يناير سنة 1962 بقبولهماً شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. وفى ذلك يقول الطاعن إنه دفع التهمة بأنه إذ أصدر الشيك موضوع التهمة كان ضحية لجريمة نصب وقعت من المستفيد قيدت برقم 6770 سنة 1960 جنح الأزبكية ورفعت عنها الدعوى العمومية، وقد طلب من المحكمة تأجيل الفصل في دعواه حتى يفصل في قضية النصب لكنها لم تجبه إلى ما طلب. وقد أوضح للمحكمة أنه لم يقصد من عدم إيداع الرصيد بالبنك وبالأمر الصادر بعدم الدفع غير مجرد الدفاع عن ماله الذي حاول المجني عليه سلبه بطريق الاحتيال، ولكن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع ودانته دون أن يتوفر في حقه القصد الجنائي الخاص وهو سوء النية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر كالوفاء الحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه. إلا أن ثمت قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة، فقد نصت المادة 60 على أنه "لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة" بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها – باعتبارها كلاً متسقاً مترابط القواعد – يعتبر سبباً من أسباب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة. فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها ويحميها بحيث يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مزايا، وهو في ذلك إنما يوازن بين حقين يهدر أحدهما صيانة للآخر، وعلى هذا الأساس وضع نص المادة 148 من قانون التجارة – الذي يسرى حكمه على الشيك – وقد جرى بأنه "لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها" فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم من القضاء، لما قدره المشرع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد. وإذا جعل هذا الحق للساحب يباشره بنفسه بغير حاجة إلى دعوى وعلى غير ما توجبه المادة 337 من قانون العقوبات، فقد أضحى الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق قيداً وارداً على نص من نصوص التجريم، وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة لاستناده – إذا ما صدر بنية سليمة – إلى حق مقرر بمقتضى الشريعة.
والأمر في ذلك يختلف عنه في سائر الحقوق التي لابد لحمايتها من دعوى، فهذه لا تصلح مجردة سببا للإباحة. لما كان ما تقدم، وكان من المسلم أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف، فإنه يمكن بحق إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعا من جرائم سلب المال، وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة. ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن المشرع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عنها في المادة 148 من قانون التجارة – التي هي الأصل – هي الأولى بالرعاية. لما كان ذلك، وكان هذا النظر لا يمس الأصل الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تطبيق أحكام المادة 337 من قانون العقوبات وإنما يضع له استثناء يقوم على سبب من أسباب الإباحة، وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن إليه فإنه يتعين نقض الحكم والإحالة
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق