الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 سبتمبر 2016

الطعن 30138 لسنة 59 ق جلسة 2 / 2 / 1997 مكتب فني 48 ق 22 ص 151

جلسة 2 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

-------------

(22)
الطعن رقم 30138 لسنة 59 القضائية

 (1)ضرب "إحداث عاهة". جريمة "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية جنائية.
علاقة السببية في المواد الجنائية. ماهيتها؟
تقدير قيام علاقة السببية. موضوعي.
المتهم في جريمة الضرب. مسئول عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة. ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه. ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية
.
 (2)
رابطة السببية. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى منازعة الطاعن في قيام رابطة السببية بين فعله والعاهة. ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في الحدود المقررة لجريمة الضرب البسيط.
 (3)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
حق المحكمة أن تأخذ بشهادة شاهد دون قول شاهد آخر. دون بيان العلة. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض
.
(4)
إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
النعي على المحكمة قعودها عن سماع الطبيب الكشاف. غير جائز. ما دام لم يتمسك به في طلباته الختامية
.
(5)
اختصاص "الاختصاص النوعي".
قرار محكمة الجنح باستبعاد الدعوى من الرول وإعادتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها. يلتقي في النتيجة مع الحكم بعدم اختصاصها بنظرها.

------------
1 - لما كانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني، وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل في مدوناته - بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه - على أن العاهة التي تخلفت لدى المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن، وكان الأخير لا يماري في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه من أقوال المجني عليه والتقرير الطبي الشرعي له سنده الصحيح من الأوراق، وكان ما أثاره الطاعن بجلسة المرافعة الأخيرة عن انقطاع رابطة السببية مردوداً بأن الثابت من أقوال الطبيب الشرعي بتلك الجلسة والتي اطمأنت إليها المحكمة - وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها من محكمة النقض - أن تخلف العاهة لم يكن مرجعه إهمال المجني عليه في العلاج وإنما كان نتيجة الإصابة التي أحدثها به الطاعن، هذا فضلاً عن أنه - لو صح - ما قاله الطاعن عن إهمال المجني عليه في العلاج فإنه لا يقطع رابطة السببية، لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية، وما دام الطاعن لا يدعي أن ما نسبه إلى المجني عليه من إهمال كان لتجسيم مسئوليته.
2 - من المقرر أنه لا جدوى للطاعن من وراء منازعته في قيام رابطة السببية بين فعله والعاهة المستديمة ما دامت العقوبة المقضي بها عليه تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
3 - لما كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بشهادة شاهد دون قول شاهد آخر لا تثق بشهادته، من غير أن تكون ملزمة ببيان العلة في ذلك، إذ الأمر في الأخذ بأقوال الشاهد إنما يرجع إلى اقتناع القاضي بصدقه، فمتى اطمأن إلى أقواله وأخذ بها فلا معقب عليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال المجني عليه، فإن ما يثيره من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن وإن أشار في مرافعته إلى أن الطبيب الشرعي الذي سئل بالجلسة ليس هو الطبيب الكشاف، إلا أنه لم يتمسك بطلب سماع الأخير في طلباته الختامية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعه.
5 - من المقرر أن قرار محكمة الجنح باستبعاد الدعوى من الرول وإعادتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها يلتقي في النتيجة مع الحكم بعدم اختصاصها بنظرها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب.... بأداة راضة "عصا" على فخذه الأيسر فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأ عنها عاهة مستديمة هي كسر ملتحم في وضع معيب يتراكب بالنهاية السفلى بعظمة الفخذ الأيسر مصحوب بقصر بالطرف السفلي الأيسر يقدر بمقدار 2 سم عن الطرف السفلي الأيمن وكذلك ضمور بعضلات الفخذ الأيسر بحيث يقل في محيطه عن الفخذ الأيمن بمقدار 3 سم وكذلك الإعاقة في نهاية حركة ثني مفصل الركبة اليسرى وتقدر هذه العاهة في مجموعها بمقدار 15% خمسة عشر في المائة. وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع بانقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة مرجعاً حدوث تلك العاهة إلى إهمال المجني عليه في العلاج وخطأ الطبيب المعالج، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً ويخالف الثابت بالأوراق، واعتنق تصوير المجني علية للواقعة برغم أنه لا يتفق مع العقل والمنطق، ويتعارض مع ما قرره الشهود، هذا إلى أنه طلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي الكشاف لمناقشته، غير أنها لم تجبه إلى طلبه، ورفضت الدفع ببطلان أمر إحالة الدعوى إليها بمقولة إن محكمة الجنح التي أحيلت إليها الدعوى من قبل قد أصدرت قراراً باستبعادها من الرول وإعادتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها، في حين أن الدعوى لا تخرج من حوزة المحكمة إلا إذا قضت الأخيرة بعدم اختصاصها بنظرها، كل أولئك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن دفع بانقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة مرجعاً حدوث تلك العاهة إلى خطأ المجني عليه، ولم يثر شيئاً عن خطأ الطبيب المعالج، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني، وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً، فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل في مدوناته - بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه - على أن العاهة التي تخلفت لدى المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن، وكان الأخير لا يماري في أن ما قام عليه الحكم قضاءه من أقوال المجني عليه والتقرير الطبي الشرعي له سنده الصحيح من الأوراق، وكان ما أثاره الطاعن بجلسة المرافعة الأخيرة عن انقطاع رابطة السببية مردود بأن الثابت من أقوال الطبيب الشرعي بتلك الجلسة والتي اطمأنت إليها المحكمة - وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها من محكمة النقض - أن تخلف العاهة لم يكن مرجعه إهمال المجني عليه في العلاج وإنما كان نتيجة الإصابة التي أحدثها به الطاعن، هذا فضلاً عن أنه - لو صح - ما قاله الطاعن عن إهمال المجني عليه في العلاج فإنه لا يقطع رابطة السببية، لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية، وما دام الطاعن لا يدعي أن ما نسبه إلى المجني عليه من إهمال كان لتجسيم مسئوليته، فإن منعاه فيما سلف يكون غير سديد هذا إلى أنه لا جدوى للطاعن من وراء منازعته في قيام رابطة السببية بين فعله والعاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة. لما كان ذلك، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بشهادة شاهد دون قول شاهد آخر لا تثق بشهادته، من غير أن تكون ملزمة ببيان العلة في ذلك، إذ الأمر في الأخذ بأقوال الشاهد إنما يرجع إلى اقتناع القاضي بصدقه، فمتى اطمأن إلى أقواله وأخذ بها فلا معقب عليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال المجني عليه، فإن ما يثيره من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه أو محاولته تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن وإن أشار في مرافعته إلى أن الطبيب الشرعي الذي سئل بالجلسة ليس هو الطبيب الكشاف، إلا أنه لم يتمسك بطلب سماع الأخير في طلباته الختامية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعه. لما كان ذلك، وكان قرار محكمة الجنح باستبعاد الدعوى من الرول وإعادتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها يلتقي في النتيجة مع الحكم بعدم اختصاصها بنظرها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن بطلان إحالة الدعوى الماثلة إلى محكمة الجنايات بقالة إن محكمة الجنح التي أحيلت إليها الدعوى من قبل لم تحكم بعدم اختصاصها بنظرها يكون على غير سند من القانون، ويتعين الالتفات عن هذا الوجه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق