جلسة 5 من مارس سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.
---------------
(40)
الطعن رقم 2004 لسنة 65 القضائية
إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "أثر الطعن".
عدم جواز تدخل المحكمة في رواية الشاهد وأخذها على وجه يخالف صريح عبارتها. أو إقامة قضائها على وجه يناقضها. حقها في الأخذ بها متى اطمأنت إليها وإطراحها إن لم تثق بها.
عدم امتداد أثر الطعن إلى المحكوم عليه الذي صدر الحكم بالنسبة له غيابياً. علة ذلك؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -.... 2 -..... بأنهما قتلا عمداً..... مع سبق الإصرار والترصد بأن انتويا قتله وعقدا عزمهما على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلية". حمله أولهما وترقباه ورصدا حركته وتبعاه في الحافلة العامة التي استقلها وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه أولهما عدة أعيرة نارية من سلاحه الناري الذي كان يحمله بينما وقف ثانيهما على مسرح الحادث يشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت بهذه الجناية جنايات أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر 1 - قتلا عمداً.... مع سبق الإصرار والترصد بأن انتويا قتل المجني عليه الأول وتبعاه في الحافلة العامة التي كان يستقلها وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه أولهما عدة أعيرة نارية من بندقية الآلية التي كان يحملها في حين وقف ثانيهما على مسرح الحادث يشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأصاب هذا المجني عليه الذي تصادف وجوده بالحافلة العامة - مكان الحادث - بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته 2 - شرعاً في قتل كلاً من.... و.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن انتويا قتل المجني عليه..... وتبعاه في الحافلة العامة التي كان يستقلها وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه أولهما عدة أعيرة نارية من بندقيته الآلية التي كان يحملها في حين وقف ثانيهما على مسرح الحادث يشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأصابا هذين المجني عليهما الذين كانا موجودين بالحافلة العامة بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مداركة المجني عليهما بالعلاج 3 - المتهم الأول (الطاعن): أ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلية": ب - أحرز ذخائر "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح أو إحرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 230، 231، 232، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 2، 5 أ 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين.
فطعن المتهم الأول في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فيه، وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه اعتد بالدليلين القولي والفني معاً على الرغم من التناقض بينهما إذ قرر شاهدا الإثبات.... و...... أن الطاعن أطلق الأعيرة النارية على المجني عليه الأول بعد سقوطه على أرضية ممر الحافلة بينما انتهى تقرير الصفة التشريحية إلى أن اتجاه إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليه كان أفقياً تقريباً وفي الوضع الطبيعي القائم للجسم، وقد تمسك المدافع عن الطاعن بذلك أمام محكمة الموضوع إلا أنها أطرحت دفاعه بما لا سند له من الأوراق وبما يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى على النحو الذي استقر لديه، أورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما أثبته تقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة لمكان الحادث، وقد حصل الحكم أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني.... و..... في أنهما استقلا إحدى حافلات النقل العام للركاب وبعد قرابة عشرة دقائق طلب المتهم الثاني - شقيق الطاعن - من السائق أن يتوقف لنزوله وما أن توقف حتى صعد المتهم الأول حاملاً بيده بندقية آلية وطلب من شقيقه إنزال المجني عليه الأول الذي تمسك بالماسورة الحديدية للمقعد الأمامي حتى انكسرت وسقط على أرضية ممر الحافلة وعندئذ أطلق عليه المتهم - الأول - الطاعن دفعة نارية من بندقيته الآلية أصابت منه مقتلاً وذلك لخصومة ثأرية، ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أن اتجاه إطلاق الأعيرة النارية كان في وضع أفقي تقريباً وفي الوضع الطبيعي القائم للجسم". لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بقيام التناقض بين أقوال شاهدي الإثبات وبين ما أورده التقرير الطبي الشرعي عن موقف المجني عليه من الطاعن بقوله: "لا ينال من صحة الواقعة على التصوير المقول به بالتناقض بين الدليل القولي والدليل الفني فإن الثابت للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى وعلى نحو ما قرره شهودها أن المتهم الأول أطلق النار صوب المجني عليه من بندقيته الآلية التي كانت بيده وهو واقف على سلم الحافلة بينما المجني عليه..... ملقى على الأرض على ممر الحافلة بين المقاعد إذ لا يتم إطلاق النار من خشب مسندة إنما هو من فاعل على معتدى عليه كلاهما يتحرك الحركة الطبيعية التي تقتضيها أحكام الرماية من قبل الجاني ومحاولة النجاة من جانب المجني عليه وبهذا التحرك تتضارب المسافات والاتجاهات والأوضاع ولم يقل أي من الشهود أن الفاعل والمجني عليه التزاما السكون وعدم التحرك حال الاعتداء وإنما قالوا أن الفاعل داهم المجني عليه وهو ملقى على ممر الحافلة ولم يذكروا أن المتهم والمجني عليه ظلا في المواجهة وعلى كل فقد انتهى الطبيب الشرعي في تقريره بأن إصابات المجني عليهم تحدث وفق التصوير الوارد بأوراق الدعوى ومن ثم فقد وافق الدليل القولي الدليل الفني بما حقق معه الملاءمة والتوفيق. ومفاد ذلك أنه اقتصر في رفع التناقض بين الدليلين على افتراضات واحتمالات أساسها أن الفاعل والمجني عليه كانا يتحركان الحركة الطبيعية التي تقتضيها أحكام الرماية من قبل الجاني ومحاولة النجاة من قبل المجني عليه وبهذا التحرك تضاربت المسافات والاتجاهات والأوضاع، وليس على سند من أقوال الشاهدين التي حصلها بما مؤداه أن إطلاق الأعيرة تم بعد سقوط المجني عليه على أرضية ممر الحافلة. لما كان ذلك، وكان لا يجوز للمحكمة أن تتدخل في رواية الشاهد ذاتها وتأخذها على وجه خاص يخالف صريح عبارتها، أو تقيم قضاءها على فروض تناقض صريح روايته، بل كل ما لها أن تأخذ بها إذا هي اطمأنت إليها أو تطرحها إن لم تثق بها، وكان الحكم قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن على افتراض تحركه والمجني عليه حركات تضاربت معها المسافات والاتجاهات والأوضاع وهو ما لا سند له من أقوال شاهدي الإثبات كما بسطها الحكم، فإنه يكون قد تدخل في روايتهما وأخذها على وجه يخالف صريح عبارتها وهو ما لا يجوز له، ويبقى التعارض بعد ذلك بين الدليلين القولي والفني قائماً لم يرفع. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، وذلك بالنسبة للطاعن وحده دون المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم غيابياً بالنسبة له والذي لم يكن له أصلاً حق الطعن فيه بطريق النقض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق