جلسة 24 من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل، منصور القاضي، عثمان متولي نواب رئيس المحكمة ومصطفى حسان.
--------------
(115)
الطعن رقم 29145 لسنة 71 القضائية
(1) محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض" أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجب حضور محام مع المتهم بجانية.
وجوب استماع المحكمة لمرافعة المدافع عن المتهم. إنهاء المحكمة مرافعته قبل استكمالها. يبطل إجراءات المحاكمة. لا يغير من ذلك ترافع محام آخر عن الطاعن. ما دام أن الدفاع كان مقسمًا بينهما. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة أو إطراحها دون بيان العلة. إفصاحها عن سبب إطراحها. أثره؟
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
لا يجوز تكذيب الشاهد في إحدى روايته اعتمادًا على رواية أخرى بغير دليل. أساس ذلك؟
استناد الحكم في إطراح شهادة المجني عليه لكونها جاءت مبتسرة وفي صورة ساذجة. يعيبه. ما دام أن للمحكمة حق مناقشة الشاهد تفصيلاً ومواجهته بأقواله في التحقيقات توصلاً للحقيقة.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة وأن تلتفت عما عداه دون أن تبيّن العلة في ذلك، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على الدليل، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديًا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا يتنافر مع حكم العقل والمنطق، وأن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها.
3 - لما كان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى رواياته اعتمادًا على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك، لأن ما يقوله الشخص الواحد كذبًا في حالة، وما يقرره صدقًا في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد أفصح عن طرحه شهادة المجني عليه أمام المحكمة وبنى ذلك على دعامتين هما أن روايته صورة ساذجة للواقعة، وأنها جاءت مبتسرة لا تنطلي على المحكمة. والسذاجة لغة هي بالغة الغرابة وهو قول من الحكم غير مقام على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليه ذلك لأنه كما يحتمل كذب هذه الشهادة فإنه يحتمل صدقها وهو أمر لا يمكن نعته بالسذاجة إذ أن عدول الشاهد عن رواية له ليس بالأمر المستغرب لاحتمال صدقها كما أن الدعامة الأخرى بالقول بأن رواية الشاهد أمام المحكمة جاءت مبتسرة لا تنطلي على المحكمة مردود بأن المحكمة كان في وسعها مناقشة الشاهد مناقشة تفصيلية ومواجهته بما سبق أن قرره بالتحقيقات توصلاً إلى حقيقة الواقع في الدعوى. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انطوى - أيضا - على فساده في الاستدلال مما يوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: سرقا المبلغ النقدي المبين قدرًا بالتحقيقات والمملوك...... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أشهر المتهم الأول في وجهه "مسدس صوت" مهددًا إياه به وطالبه بإرشاده عن مكان النقود فبث الرعب في نفسه وشل بذلك مقاومته وتمكنًا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المبلغ سالف البيان. المتهم الثاني: أحرز سلاحًا أبيضًا "سكين" دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات... لمحاكمتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكررًا/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول الأول المرفق بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح ومحدث الصوت المضبوطين.
فطعن كل من المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة السرقة الإكراه، قد شابه البطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع، والفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة أنهت مرافعة محاميه ومنعته من استكمالها وفصلت في الدعوى، ولا يغير من ذلك وجود محام آخر معه لكون الدفاع كان مقسمًا بينهما، كما عول الحكم في إدانة الطاعن على أقوال المجنى عليه بتحقيقات النيابة العامة بعد أن أطرح روايته الصادقة التي أدلى بها أمام المحكمة والتي عدل فيها عن تلك الأقوال مبررًا هذا الإطراح بتبرير غير سائغ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبيّن من محضر جلسة المحاكمة أن المحامي.... حضر مع الطاعن الأول واستهل مرافعته بأن الواقعة المسندة إلى موكله هي في تكييفها الصحيح جنحة سرقة ثم أثبت بالمحضر عقب ذلك وأنهت المحكمة مرافعة المدافع عند ذكره أنه لا يستطيع أن يقلل من شأن المحكمة، وعاد واعتذر وقرر "أنه لا يستطيع ذلك" ثم أثبت بالمحضر عقب ذلك حضور المحامي..... مع الطاعن الأول ودارت مرافعته حول التشكيك في أدلة الدعوى والإشارة إلى ظروف الطاعن الاجتماعية. بما مفاده أن الدفاع كان مقسمًا بين المحاميين على نحو ما ذهب إليه الطاعن الأول بصحيفة طعنه. لما كان ذلك، وكان الدستور قد أوجب في الفقرة الثانية من المادة 67 منه على أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية، تقديرًا بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا يؤتي هذا الضمان ثمرته إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع، وأنه متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع، فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته، لأن حق المتهم في الاستعانة بمدافع هو أيضًا واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية. لما كان ذلك، فإن قيام المحكمة بإنهاء مرافعة المدافع عن الطاعن قبل استكمالها، هو في حقيقته تجريد المتهم من معاونة الدفاع له في درء الاتهام عنه مما يشكل مخالفة للمبدأ الدستوري سالف الإشارة إذ أن احترام حق الدفاع يعتبر ضمانًا أساسيًا للعدالة، ويكون الإجراء الصادر من المحكمة قد عطل واجب حضور محام مع المتهم بجناية، مما يؤدي إلى كون الواجب - في هذه الحالة - قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، حتى يتاح للمتهم فرصة إبداء دفاعه على الوجه المبسوط قانونًا، ولا ينال من ذلك وجود محام آخر مع الطاعن الأول ترافع في الدعوى، حيث إن الثابت من محضر جلسة المحاكمة صحة ما ذهب إليه الطاعن بصحيفة طعنه من أن الدفاع كان مقسمًا بينهما على النحو سابق الإشارة. وفضلاً عن ذلك، فإنه لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى شهادة المجني عليه حيث عدل كلية عن روايته الواردة بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة وأن تلتفت عما عداه دون أن تبيّن العلة في ذلك، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على الدليل، فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديًا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا يتنافر مع حكم العقل والمنطق، وأن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها. لما كان ذلك، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة أطرحت أقوال المجنى عليه التي أدليت أمامها بقولها فإن الواقعة ثبتت في يقين المحكمة ولا يطمئن وجدانها إلى صحة ما قرره المجنى عليه بجلسة المحاكمة من صورة ساذجة للواقعة محاولاً التراجع عن بلاغه وعن أقواله المفصلة بالتحقيقات عن الجريمة التي اقترافها المتهمين ضده، إذ من البيّن لوجدان المحكمة أن أقوال المجنى عليه بجلسة المحاكمة رواية مبتسرة لا تنطلى على المحكمة تمت منه خدمة لموقف المتهمين لا تطمئن لها المحكمة ولا تستقر في عقيدتها فلا تعول عليها ولا تؤثر على ثبوت التهمة قبل المتهمين". لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى رواياته اعتمادًا على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك، لأن ما يقوله الشخص الواحد كذبًا في حالة، وما يقرره صدقًا في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلابسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد أفصح عن طرحه شهادة المجني عليه أمام المحكمة وبنى ذلك على دعامتين هما أن روايته صورة ساذجة للواقعة، وأنها جاءت مبتسرة لا تنطلى على المحكمة. والسذاجة لغة هي بالغة الغرابة وهو قول من الحكم غير مقام على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليه ذلك لأنه كما يحتمل كذب هذه الشهادة فإنه يحتمل صدقها وهو أمر لا يمكن نعته بالسذاجة إذ أن عدول الشاهد عن رواية له ليس بالأمر المستغرب لاحتمال صدقها كما أن الدعامة الأخرى بالقول بأن رواية الشاهد أمام المحكمة جاءت مبتسرة لا تنطلى على المحكمة مردود بأن المحكمة كان في وسعها مناقشة الشاهد مناقشة تفصيلية ومواجهته بما سبق أن قرره بالتحقيقات توصلاً إلى حقيقة الواقع في الدعوى. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انطوى - أيضًا - على فساده في الاستدلال مما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك دون بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق