الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 يونيو 2013

(الطعن 6867 لسنة 63 ق جلسة 6/ 2/ 2002 س 53 ق 44 ص 238)



     برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، هاني مصطفى كمال نواب رئيس المحكمة وعلي سليمان.



     إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلة الاتهام التي ساقتها سلطة الاتهام بما في ذلك أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وما أثبته بمحضر الضبط من اعتراف المطعون ضده بحيازة المخدر المضبوط بقصد التعاطي، أشار إلى إنكار المطعون ضده للاتهام في تحقيق النيابة العامة وبالجلسة وبرر قضاءه بالبراءة لأسباب عددها بقوله "أولا: لا تطمئن المحكمة إلى أقوال شاهدي الواقعة ولا إلى تصويرهما لها ولا إلى نسبة المخدر للمتهم ذلك أنه من غير المستساغ أن يقف المتهم أمام مسكنه في ذلك الوقت المتأخر من الليل محرزا المادة المخدرة والمطواة وهو يعلم أنه هارب من مراقبة وأن أعين الشرطة تترقبه وتترصده في كل مكان، ثانيا: أن ما قام به الشاهد الأول من القبض على المتهم - بفرض حدوثه - حسب روايته هو قبض باطل ذلك أن الجريمة المسندة إلى المتهم ليست من الجرائم التي أجاز القانون القبض فيها والتي حددتها المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية - ثالثا: أن الشاهدين ومنذ مطلع التحقيقات بادرا إلى القول بأن المتهم كان قد تحرر له محضرا عن واقعة هروبه ودلا على رقمه وهو أمر يجعل قولهما محل ريبة ذلك أنه لا يتصور عقلا وفق بديهات الأمور أن يحفظ الضابط رقم المحضر الخاص بالمتهم أو غيره وهناك الكثرة الغالبة من المحاضر لدى القسم على غرار المحضر الذي حرر للمتهم وغيره وليس من المتصور أن يعيها الضابط ويظل ذاكرا أرقامها ونسبتها لكل متهم بالقسم وليس بقدرة الضابط تذكر وجوه وأشكال الهاربين والمراقبين مما يؤكد أن القبض قد وقع أولا على المتهم ثم تلاه البحث عما يخبره أو يرخصه في فكر الضابط ومن ثم ترى المحكمة وبحق الالتفات عنه وعدم التعويل عليه ومن ثم يكون الدفع المبدى من الحاضر عن المتهم في محله تقضي به المحكمة وبالتالي يضحى القبض باطلا وبالتالي استطال البطلان على جميع الإجراءات التالية عليه بما في ذلك ضبط المخدر والمطواة - بفرض صحة وقوعه - ومن كل ما تقدم وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن التهمة المسندة للمتهم لا تقوم على أساس سليم وتفقد أدلتها الواقعية والقانونية فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه". لما كان ذلك، كان من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم على النحو المتقدم من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض - فضلا عما هو مقرر أن الخطأ القانوني في الحكم القاضي بالبراءة لا يعيبه، لأنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إجراءات القبض والتهمة كي يقضي بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه وما يطمئن إليه ومن ثم فتعييب الحكم في إحدى دعاماته بالخطأ في تطبيق القانون - بفرض صحته - يكون غير منتج، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده تأسيسا على الشك وعدم الاطمئنان إلى أقوال شاهدي الإثبات فلا يجدي النيابة العامة - الطاعنة - النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون فيما أورده من أن الجريمة المسندة إلى المتهم ليست من الجرائم التي أجاز القانون القبض فيها والتي حددتها المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية لأنه استند في قضائه بالبراءة على أسباب أخرى مبناها الشك في أقوال شاهدي الإثبات وعدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت في الدعوى بعد أن ألم بها ولم يطمئن وجدانها إلى صحتها.



الوقائع



     اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولا: أحرز بقصد التعاطي جوهرا مخدرا (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. ثانيا: أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر والسلاح المضبوطين.

فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض............. إلخ.



     المحكمة

وحيث إن ما تنعاه النيابة العامة - الطاعنة - على الحكم المطعون فيه أنه قد قضى ببراءة المطعون ضده من جريمتي إحراز مخدر بقصد التعاطي وإحراز سلاح أبيض بدون ترخيص قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه استند في قضائه ببراءة المطعون ضده إلى عدم معقولية أقوال شاهدي الإثبات رغم أن المتهم من ذوي السوابق وعول في قضائه بالبراءة إلى بطلان القبض لكون الجريمة المسندة إلى المتهم - الهروب من المراقبة - ليست من الجرائم التي أجاز القانون القبض فيها والمحددة طبقا للمادة 35 إجراءات جنائية في حين أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي الحبس لمدة لا تزيد عن سنة بالمخالفة لنص المادة 34 من القانون المذكور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلة الاتهام التي ساقتها سلطة الاتهام بما في ذلك أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وما أثبته بمحضر الضبط من اعتراف المطعون ضده بحيازة المخدر المضبوط بقصد التعاطي، أشار إلى إنكار المطعون ضده للاتهام في تحقيق النيابة العامة وبالجلسة وبرر قضائه بالبراءة لأسباب عددها بقوله "أولاً: لا تطمئن المحكمة إلى أقوال شاهدي الواقعة ولا إلى تصويرهما لها ولا إلى نسبة المخدر للمتهم ذلك أنه من غير المستساغ أن يقف المتهم أمام مسكنه في ذلك الوقت المتأخر من الليل محرزاً المادة المخدرة والمطواة وهو يعلم أنه هارب من مراقبة وأن أعين الشرطة تترقبه وتترصده في كل مكان، ثانياً: أن ما قام به الشاهد الأول من القبض على المتهم - بفرض حدوثه - حسب روايته هو قبض باطل ذلك أن الجريمة المسندة إلى المتهم ليست من الجرائم التي أجاز القانون القبض فيها والتي حددتها المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية - ثالثاً: ان الشاهدين ومنذ مطلع التحقيقات بادرا إلى القول بأن المتهم كان قد تحرر له محضراً عن واقعة هروبه ودلا على رقمه وهو أمر يجعل قولهما محل ريبة ذلك أنه لا يتصور عقلاً وفق بديهات الأمور أن يحفظ الضابط رقم المحضر الخاص بالمتهم أو غيره وهناك الكثرة الغالبة من المحاضر لدى القسم على غرار المحضر الذي حرر للمتهم وغيره وليس من المتصور أن يعيها الضابط ويظل ذاكراً أرقامها ونسبتها لكل متهم بالقسم وليس بقدرة الضابط تذكر وجوه وأشكال الهاربين والمراقبين مما يؤكد أن القبض قد وقع أولاً على المتهم ثم تلاه البحث عما يخبره أو يرخصه في فكر الضابط ومن ثم ترى المحكمة وبحق الالتفات عنه وعدم التعويل عليه ومن ثم يكون الدفع المبدى من الحاضر عن المتهم في محله تقضي به المحكمة وبالتالي يضحي القبض باطلاً وبالتالي استطال البطلان على جميع الإجراءات التالية عليه بما في ذلك ضبط المخدر والمطواة - بفرض صحة وقوعه - ومن كل ما تقدم وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن التهمة المسندة للمتهم لا تقوم على أساس سليم وتفقد أدلتها الواقعية والقانونية فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه". لما كان ذلك، كان من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم على النحو المتقدم من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض - فضلاً عما هو مقرر أن الخطأ القانوني في الحكم القاضي بالبراءة لا يعيبه، لأنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إجراءات القبض والتهمة كي يقضي بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه وما يطمئن إليه ومن ثم فتعييب الحكم في إحدى دعاماته بالخطأ في تطبيق القانون - بفرض صحته - يكون غير منتج، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده تأسيسا على الشك وعدم الاطمئنان إلى أقوال شاهدي الإثبات فلا يجدي النيابة العامة - الطاعنة - النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون فيما أورده من أن الجريمة المسندة إلى المتهم ليست من الجرائم التي أجاز القانون القبض فيها والتي حددتها المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية لأنه استند في قضائه بالبراءة على أسباب أخرى مبناها الشك في أقوال شاهدي الإثبات وعدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت في الدعوى بعد أن ألم بها ولم يطمئن وجدانها إلى صحتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق