جلسة 12 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة ومحمود رضوان وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.
---------------
(12)
الطعن رقم 4118 لسنة 57 القضائية
(1)إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2)مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الغيبوبة" "السكر الاختياري". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الغيبوبة المانعة من المسئولية المنصوص عليها في المادة 62 عقوبات. ماهيتها؟
تناول الخمر أو المسكر عن علم واختيار. حكمه؟
اقتراف الجاني لجرائم تتطلب قصد جنائي خاص. وجوب التحقق من قيام هذا القصد لديه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع.مثال.
(3) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وجوب عرض الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً برأي النيابة.وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
حق محكمة النقض في نقض الحكم للخطأ في القانون أو البطلان. ولو من تلقاء نفسها.عدم تقيدها بحدود أوجه الطعن أو رأي النيابة. المادتان 35/ 2، 39/ 2، 3 من القانون 57 لسنة 1959.
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2)مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الغيبوبة" "السكر الاختياري". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الغيبوبة المانعة من المسئولية المنصوص عليها في المادة 62 عقوبات. ماهيتها؟
تناول الخمر أو المسكر عن علم واختيار. حكمه؟
اقتراف الجاني لجرائم تتطلب قصد جنائي خاص. وجوب التحقق من قيام هذا القصد لديه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع.مثال.
(3) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وجوب عرض الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً برأي النيابة.وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
حق محكمة النقض في نقض الحكم للخطأ في القانون أو البطلان. ولو من تلقاء نفسها.عدم تقيدها بحدود أوجه الطعن أو رأي النيابة. المادتان 35/ 2، 39/ 2، 3 من القانون 57 لسنة 1959.
--------------
1 - إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من هذا القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.2 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية - على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون يجرى عليه، في هذه الحالة، حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات - التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص، وأوقع على الطاعن عقوبة القتل العمد المقترن بجنحة السرقة، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه.3 - من المقرر أن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". مفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة يقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وأن تقضي بنقض الحكم من أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها، غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار بيانه. لما كان ذلك، وكان البطلان الذي انطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39 وكانت المادة 46 من القانون ذاته قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه والإعادة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن..... بأنه (أولاً) قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وتوجه لمنزله ليلة الحادث وطعنه بسكين أسفل أذنه اليسرى وسكب على جسده الكيروسين وأشعل فيه النار قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (ثانياً) سرق الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك من مسكنه، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية - (بإجماع الآراء) قررت إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة...... للنطق بالحكم حيث قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234، 317 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام عما أسند إليه.فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.
المحكمة
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من هذا القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أن الطاعن والمجني عليه كانا يحتسيان الخمر بمسكن الأخير، وإذ لاحظ الطاعن تأثير الخمر في المجني عليه طعنه بسكين قاصداً من ذلك قتله. لما كان ذلك وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية - على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون يجرى عليه، في هذه الحالة، حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات - التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن احتساء الطاعن للخمر دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص، وأوقع على الطاعن عقوبة القتل العمد المقترن بجنحة السرقة، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه. ولا يقدح في ذلك أن يكون تقرير أسباب الطعن ومذكرة النيابة العامة لم يشر كلاهما إلى ما اعتور الحكم من بطلان، ذلك بأن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39" ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة يقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وأن تقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها، غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار بيانه. لما كان ذلك، وكان البطلان الذي انطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون ذاته قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه والإعادة، وذلك دون حاجة إلى البحث فيما يثيره الطاعن في أوجه طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق