الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 أبريل 2013

( الطعن رقم 27354 لسنة 59 ق جلسة 1994/11/15 س 45 ق 157 ص1001 )

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وفتحي حجاب ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة.
-----------
(157)

الطعن رقم 27354 لسنة 59 القضائية

 (1)دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". 
وفاة الطاعن بعد التقرير بالطعن وإيداع الأسباب في الميعاد. وجوب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية
. (2) قانون "تفسيره". دستور. جريمة "أركانها". 
ورود النص العقابي ناقصاً أو غامضاً. وجوب تفسيره بتوسع لمصلحة المتهم.
عدم جواز الأخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد صالح المتهم. أساس ذلك؟
المادة 66 من الدستور. مؤداها؟

(3)
مسئولية جنائية. قصد جنائي. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". 

القصد الجنائي من أركان الجريمة. ثبوته فعلياً. واجب.
المسئولية الفرضية. لا يصح القول بها إلا بنص صريح. أو باستخلاص سائغ من استقراء النصوص وتفسيرها وفقاً للأصول المقررة

.  (4)فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. 
عدم مساءلة الشخص جنائياً. بصفته فاعل أو شريك. لا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه. المسئولية المفترضة أو التضامنية. استثناء. وفي الحدود التي نص عليها القانون. 
 (5)قانون "تفسيره". 
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجزائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. القيام في مجال التأثيم محظور
  (6)قانون "تفسيره". أحزاب سياسية. جريمة "جرائم النشر". مسئولية مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". 
مسئولية رئيس الحزب المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون 40 لسنة 1977 في شأن الأحزاب السياسية المضافة بالقانون رقم 36 لسنة 1979. قصرها على المسئولية المدنية. أساس ذلك وعلته؟
إدانة رئيس الحزب عن واقعة قذف بطريق النشر. استناداً إلى المادة 15 من القانون 40 لسنة 77. خطأ في القانون
.

(7)دعوى مدنية. اختصاص. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها". 
اختصاص محكمة الجنح والمخالفات بنظر الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم. استثناء. قيامه على الارتباط بين الدعويين الجنائية والمدنية ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما. شرطه. عام جواز رفع الدعوى المدنية استقلالاً أمام المحكمة الجنائية.
لا ولاية للمحكمة الجنائية بالفصل في الدعوى المدنية. متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية مناط التعويض. غير معاقب عليه قانوناً. اقتصار العيب الذي شاب الحكم على الخطأ في تأويل القانون. وجوب النقض والتصحيح.
(8)دعوى جنائية "انقضاؤها بوفاة المتهم". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". محكمة النقض "نظرها الطعن والحكم فيه". إجراءات "إجراءات المحاكمة". 
انقضاء الدعوى الجنائية لسبب خاص بها. لا أثر له في سير الدعوى المدنية التابعة أمام المحكمة الجنائية.
وفاة أحد الخصوم لا يمنع من القضاء في الدعوى المدنية التابعة على حسب الطلبات الختامية. متى كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها.
متى تعتبر الدعوى مهيأة للحكم أمام محكمة النقض؟

 (9)
سب وقذف. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 

توافر القصد الجنائي في جريمة السب أو القذف متى كانت المطاعن الصادرة من الساب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار.
النقد المباح: مجرد إيداع الرأي في أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته. تجاوز هذا الحد. يوجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف
. الجدل الموضوعي. عدم جواز إثارته أمام النقض.
-----------------
1 - لما كان الطاعن الأول قد توفى إلى رحمة الله بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب في الميعاد ومن ثم يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية وهو من العلم العام.
2 - من المقرر أن القاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي تقضي بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لأنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص وذلك يتضح بجلاء من استقراء نصوص الدستور حيث نص في المادة 66 منه على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها فقد دل بهذه المادة على أن لكل جريمة ركناً مادياً لا قوام لها بغيره يتمثل أساساً في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي مفصحاً بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء في زواجره ونواهيه هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه إيجابياً كان هذا الفعل أم سلبياً ذلك أن العلائق التي ينظمها هذا القانون في مجال تطبيقه على المخاطبين بأحكامه محورها الأفعال ذاتها في ملابساتها الخارجية ومظاهرها الواقعية وخصائصها المادية إذ هي مناط التأثيم وعلته وهي التي يتصور إثباتها ونفيها وهي التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم بعضها البعض وهي التي تديرها محكمة الموضوع على حكم الفعل لتقييمها وتقدير العقوبة المناسبة لها بل إنه في مجال تقدير توافر القصد الجنائي فإن المحكمة لا تعزل نفسها عن الواقعة محل الاتهام التي قام الدليل عليها قاطعاً وواضحاً ولكنها تجعل بصرها فيه منقبة من خلال عناصرها عما قصد إليه الجاني حقيقة من وراء ارتكابها ومن ثم تعكس هذه العناصر تعبيراً خارجياً ومادياً عن إرادة واعية ولا يتصور بالتالي وفقاً لأحكام الدستور أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي ولا إقامة الدليل على توافر علاقة السببية بين مادية الفعل المؤثم والنتائج التي أحدثها بعيداً عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه ولازم ذلك أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية وليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته - تعتبر واقعة في منطقة التجريم كلما كانت تعكس سلوكاً خارجياً مؤاخذاً عليه قانوناً فإذا كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبها وتم التعبير عنها خارجياً في صورة مادية لا تخطئها العين فليس ثمة جريمة وكان الأصل وفقاً لنص المادة 66 من الدستور هو أن يكون لكل جريمة عقوبة محددة ينص عليها القانون في جلية أو ستقرر - على الأقل - وفقاً للحدود التي بينها كذلك فإن من القواعد المدنية التي يتطلبها الدستور في القوانين الجزائية أن تكون درجة اليقين التي تنظم أحكامها في أعلى مستوياتها وأظهر في هذا القوانين منها في أي تشريعات أخرى ذلك أن القوانين الجزائية تفرض على الحرية الشخصية أخطر القيود وأبلغها أثراً ويتعين بالتالي ضماناً لهذه الحرية أن تكون الأفعال التي تؤثمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها وبمراعاة أن تكون دوماً جلية واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها ذلك أن التجهيل بها أو إبهامها في بعض جوانبها لا يجعل المخاطبين بها على بينة من حقيقة الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها كذلك فإن غموض النص العقابي مؤداه أن يحال بين محكمة الموضوع وبين إعمال قواعد منضبطة تعين لكل جريمة أركانها وتقرر عقوبتها بما لا خفاء فيه وهي قواعد لا ترخص فيها وتمثل إطاراً لعملها لا يجوز تجاوزه ذلك أن الغاية التي يتوخاها الدستور هي أن يوفر لكل مواطن الفرص الكاملة لمباشرة حرياته في إطار من الضوابط التي قيدها بها ولازم ذلك أن تكون القيود على الحرية التي تفرضها القوانين الجزائية محددة بصورة يقينية لأنها تدعو المخاطبين بها إلى الامتثال لها كي يدافعوا عن حقهم في الحياة وكذلك عن حرياتهم.
3 - الأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة وكان استخلاصها سائغاً من طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن.
4 - من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه سواء كان ارتكاباً أو تركاً إيجاباً أو سلباً وذلك طبقاً لأوامر الشارع ومناهيه ولا مجال للمسئولية المفترضة أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء وفي الحدود التي نص عليها القانون.
5 - من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم.
6 - الفترة الثانية من المادة 15 من القانون 40 لسنة 77 في شأن الأحزاب السياسية المضافة بالقانون رقم 36 سنة 79 والتي نصت على أن يكون رئيس الحزب مسئولاً مع رئيس تحرير جريدة الحزب عما ينشر فيها قد جاء نصها في صيغة عامة يشوبها الغموض والإبهام ولم يحدد فيها المشرع طبيعة هذه المسئولية وما إذا كانت مدنية أو جنائية ولم يشر من قريب أو بعيد إلى مسئولية رئيس الحزب الجنائية كما لم يرد فيها ما يفيد الخروج على الأحكام العامة في المسئولية الجنائية باعتناق نظرية المسئولية المفترضة ولو أراد الشارع تقرير مسئولية رئيس الحزب الجنائية لما أعوزه النص على ذلك صراحة وأحال في ديباجته إلى المادة 195 من قانون العقوبات التي ترتب مسئولية رئيس التحرير الجنائية وهو ما لم يحدث الأمر الذي ترى مع هذه المحكمة إزاء غموض النص والتجهيل به التحرز في تفسيره وعدم تحميل عباراته فوق ما تحتمل وأن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وتضييق ضد مصلحته عملاً بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في هذا الخصوص وأن تكون المسئولية المنصوص عليها في هذه الحالة قاصرة على المسئولية المدنية هذا فضلاً عن أنه إذا كانت المحكمة تتصدى للتفسير فإنه يكون أصح تفسيراً أن يكون إيراد المشرع للحكم الخاص بمسئولية رئيس الحزب عما ينشر في الجريدة مع رئيس التحرير مقتصراً على مسئوليته المدنية دون المسئولية الجنائية بما يعني أن ما أورده المشرع في هذا الشأن هو تكرار تشريعي لما هو مقرر في القواعد العامة في القانون وهو أمر مندوب في أصول التشريع لأن التكرار هنا تأكيد للمعنى في مناسبة قد يثور الجدل في شأنها من أن يفسر هذا الإيراد على أنه مد لأحكام المسئولية الجنائية ليشمل من لم يقارف الجريمة ولم يكن له بها شأن فعلي. لما كان ما تقدم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن الثاني رئيس حزب....... عن واقعتي القذف والسب استناداً إلى المادة 15/ 2 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 فإنه يكون قد بني على خطأ في تأويل القانون وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءته عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانوناً بالنسبة له.
7 - من المقرر طبقاً للمادتين 220، 253 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب والتي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية المقامة على الطاعن الثاني بصفته متهماً وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون بالنسبة للواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة في الطعن وتصحيح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.
8 - لما كانت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائي لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع على ما تقضي به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني.
9 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السب أو القذف يتوفر إذا كانت المطاعن الصادرة من الساب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار فيكون علمه عندئذ مفترضاً ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك ثمة محل للتحدث عن النقد المباح الذي هو مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغيرة التشهير به أو الحط من كرامته فإذا ما تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته من عبارات دالة بذاتها على معنى السباب كما هو معرف به في القانون لما تضمنته من إسناد وقائع لو صحت لأوجبت احتقار المجني عليه عند أهل وطنه ونالت من سمعته ونزاهته فإن ما استخلصه الحكم من توافر القصد الجنائي للأول بصفته رئيس تحرير جريدة الحزب التي نشر فيها المقال يكون استخلاصاً سديداً في القانون وما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.



الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعنين بوصف أنه أولاً: قذفاً في حقه علانية بطريق النشر في جريدة.... التي يرأس تحريرها المتهم الأول ويصدرها حزب.... الذي يرأسه المتهم الثاني بأن أسند إليه وقائع لو صحت لأوجبت عقابه قانوناً ولأوجبت أيضاً احتقاره عند أهل وطنه. ثانياً: سبا المدعي بالحقوق المدنية علانية بطريق النشر في جريدة..... التي يرأس تحريرها المتهم الأول ويصدرها حزب...... الذي يرأسه المتهم الثاني بأن أسند إليه نعوتاً وأوصافاً ووجه إليه ألفاظاً بذيئة مما يخدش الشرق والاعتبار وطلب عقابهم بالمواد 195/ 1، 197، 302/ 1، 30/ 1، 306، 307 من قانون العقوبات والمادة 15 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1997 المعدل بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 مع الأمر بتعطيل جريدة.... التي وقع بها النشر لمدة ثلاثة أشهر طبقاً للمادة 200/ 2 من قانون العقوبات وإلزام المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن بأن يدفعوا له مائة ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً أولاً: برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى ثانياً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى. ثالثاً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم.... لسنة.... جنح.... رابعاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بالمخالفة للمادة 3 إجراءات جنائية بدون توكيل خاص. خامساً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على المتهم الأول بدون إذن مجلس الشعب. سادساً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على المتهم الأول بدون إذن نقابة المحامين ونقابة الصحفيين. سابعاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على المتهم الثاني بدون إذن نقابة المحامين ثامناً: برفض الدفع بعدم مسئولية المتهم الثاني الجنائية تاسعاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على المتهم الثاني بغير طلب من المدعي الاشتراكي. عاشراً: رفض الدفع بعدم دستورية المادة 157/ 2 من القانون رقم 40 لسنة 1977 المضافة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 36 لسنة 1979 المخالفة للمادة 66 من الدستور الحادي عشر: بتغريم كل من المتهم الأول والثاني مائتي جنيه لما نسب إليهما وإلزامهما والمسئول عن الحقوق المدنية المدعى عليه الثالث أن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي ورفض ما عدا ذلك من الطلبات استأنف المحكوم عليهما والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً أولاً: بقبول الاستئنافات شكلاً. ثانياً: برفض الدفع بعدم دستورية المادة 15 من قانون الأحزاب لمخالفتها لنص المادة 66 من الدستور والدفع بعدم قبول الدعوى لعدم طلب تحريك الدعوى الجنائية بناء على طلب من المدعي العام الاشتراكي طبقاً لنص المادتين 3، 16 من القانون رقم 95 لسنة 1980 والدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم.... لسنة.... جنح..... والدفع باعتبار المدعي تاركاً لدعواه المدنية لسلوكه سبيل التقاضي أمام المحكمة المدنية. ثالثاً: - في الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما والمسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
لما كان الطاعن الأول قد توفى إلى رحمة الله بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب في الميعاد ومن ثم يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية وهو من العلم العام.
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القذف والسب وقضى للمدعي بالحقوق المدنية بالتعويض قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الحكم أقام مسئوليته على أساس المسئولية الافتراضية طبقاً للمادة 15/ 2 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 رغم مخالفة ذلك لمبدأ شرعية الجرائم والعقاب ومسئولية رئيس التحرير فقط عن عملية النشر مما يعيب الحكم.
وحيث إن الدعوى الجنائية قد أقيمت على كل من الطاعن الثاني وآخر بوصف أنهما: أولاً: قذفاً في حق المدعي بالحق المدني علانية بطريق النشر في جريدة...... التي يرأسها المتهم الأول ويصدرها حزب.... الذي يرأسه المتهم الثاني بأن أسندا إليه وقائع لو صحت لأوجبت عقابه قانوناً ولأوجبت احتقاره عند أهل وطنه. ثانياً: سبا المدعي بالحق المدني علانية بطريق النشر في جريدة.... التي يرأس تحريرها المتهم الأول ويصدرها حزب.... الذي يرأسه المتهم الثاني بأن أسندا إليه نعوتاً وأوصافاً ووجهاً إليه ألفاظاً بذيئة مما يخدش الشرف والاعتبار وطلبت النيابة العامة معاقبتهما بالمواد 195/ 1، 197، 302/ 1، 306، 307 من قانون العقوبات والمادة 15 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1972 ومحكمة أول درجة قضت بتغريم كل منهما مائتي جنيه عما نسب إليهما وألزمتهما بالتعويض المدني فاستأنفا فقضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لمسئولية الطاعن الثاني وأثبتها في قوله ومن "حيث إنه من المقرر أن لكل حزب حق إصدار صحيفة أو أكثر للتعبير عن آرائه وذلك دون التقيد بالحصول على الترخيص المشار إليه في المادة 221 من القانون رقم 159 بشأن تنظيم الصحافة ويكون رئيس الحزب مسئولاً مع رئيس تحرير صحيفة الحزب عما ينشر فيها المادة 15 من قانون الأحزاب الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 المضافة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 36 لسنة 1979..... فإنه يبين من هذا النص على أن المشرع قد قرر المسئولية الجنائية لرئيس الحزب عما تنشره صحيفة الحزب ومسئولية رئيس التحرير وقد أفصح المشرع صراحة عن هذا المعنى حيث قرر في الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون الأخير يكون رئيس الحزب مسئولاً مع رئيس تحرير صحيفة الحزب عما ينشر فيها ولما كان من المقرر في القانون بالمادة 195 من قانون العقوبات كما هو مستقر في القضاء والفقه أن مسئولية رئيس التحرير هي مسئولية جنائية مفترضة دون أدنى شبهة ولا يقدح في ذلك أو ينال منه القول بأن مسئولية رئيس الحزب المنصوص عليها في المادة 15/ 2 من قانون نظام الأحزاب هي مسئولية مدنية ذلك أن مقتضى المساواة التي حرص المشرع عليها في نص هذه المادة بين مسئولية رئيس الحزب ومسئولية رئيس التحرير عما تنشره صحيفة الحزب يحول دون ذلك هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإذا كان المشرع قد استهدف تقرير مسئولية مدنية لرئيس الحزب فلم يكن هناك داع للنص عليها صراحة في هذه المادة ذلك أن المسئولية المدنية تحكمها القواعد العامة في القانون المدني ورئيس الحزب يعتبر مسئولاً مدنياً في جميع الأحوال عن أعمال تابعيه الضارة طبقاً لحكم المادة 174 من القانون المدني...... لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن رئيس حزب...... مسئول جنائياً عما تنشره جريدة..... شأنه في ذلك شأن رئيس التحرير عملاً بنص المادة آنفة البيان ويكون بالتالي دفع وكيل المتهم الثاني بعدم مسئوليته الجنائية على غير سند من القانون وترفضه المحكمة.....". لما كان ذلك وكان من المقرر أن القاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي تقضي بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لأنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص وذلك يتضح بجلاء من استقراء نصوص الدستور حيث نص في المادة 66 منه على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها فقد دل بهذه المادة على أن لكل جريمة ركناً مادياً لا قوام لها بغيره يتمثل أساساً في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي مفصحاً بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء في زواجره ونواهيه هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه إيجابياً كان هذا الفعل أم سلبياً ذلك أن العلائق التي ينظمها هذا القانون في مجال تطبيقه على المخاطبين بأحكامه محورها الأفعال ذاتها في ملابساتها الخارجية ومظاهرها الواقعية وخصائصها المادية إذ هي مناط التأثيم وعلته وهي التي يتصور إثباتها ونفيها وهي التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم بعضها البعض وهي التي تديرها محكمة الموضوع على حكم الفعل لتقييمها وتقدير العقوبة المناسبة لها بل إنه في مجال تقدير توافر القصد الجنائي فإن المحكمة لا تعزل نفسها عن الواقعة محل الاتهام التي قام الدليل عليها قاطعاً وواضحاً ولكنها تجعل بصرها فيه منقبة من خلال عناصرها عما قصد إليه الجاني حقيقة من وراء ارتكابها ومن ثم تعكس هذه العناصر تعبيراً خارجياً ومادياً عن إرادة واعية ولا يتصور بالتالي وفقاً لأحكام الدستور أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي ولا إقامة الدليل على توافر علاقة السببية بين مادية الفعل المؤثم والنتائج التي أحدثها بعيداً عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه ولازم ذلك أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية وليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته - تعتبر واقعة في منطقة التجريم كلما كانت تعكس سلوكاً خارجياً مؤاخذاً عليه قانوناً فإذا كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبها وتم التعبير عنها خارجياً في صورة مادية لا تخطئها العين فليس ثمة جريمة وكان الأصل وفقاً لنص المادة 66 من الدستور هو أن يكون لكل جريمة عقوبة محددة ينص عليها القانون في جلية أو ستقرر - على الأقل - وفقاً للحدود التي بينها كذلك فإن من القواعد المبدئية التي يتطلبها الدستور في القوانين الجزائية أن تكون درجة اليقين التي تنظم أحكامها في أعلى مستوياتها وأظهر في هذا القوانين منها في أي تشريعات أخرى ذلك أن القوانين الجزائية تفرض على الحرية الشخصية أخطر القيود وأبلغها أثراً ويتعين بالتالي ضماناً لهذه الحرية أن تكون الأفعال التي تؤثمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها وبمراعاة أن تكون دوماً جلية واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها ذلك أن التجهيل بها أو إبهامها في بعض جوانبها لا يجعل المخاطبين بها على بينة من حقيقة الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها كذلك فإن غموض النص العقابي مؤداه أن يحال بين محكمة الموضوع وبين إعمال قواعد منضبطة تعين لكل جريمة أركانها وتقرر عقوبتها بما لا خفاء فيه وهي قواعد لا ترخص فيها وتمثل إطاراً لعملها لا يجوز تجاوزه ذلك أن الغاية التي يتوخاها الدستور هي أن يوفر لكل مواطن الفرص الكاملة لمباشرة حرياته في إطار من الضوابط التي قيدها بها ولازم ذلك أن تكون القيود على الحرية التي تفرضها القوانين الجزائية محددة بصورة يقينية لأنها تدعو المخاطبين بها إلى الامتثال لها كي يدافعوا عن حقهم في الحياة وكذلك عن حرياتهم. لما كان ذلك وكان الأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة وكان استخلاصها سائغاً من طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن. كما إنه من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه سواء كان ارتكاباً أو تركاً إيجاباً أو سلباً وذلك طبقاً لأوامر الشارع ومناهية ولا مجال للمسئولية المفترضة أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء وفي الحدود التي نص عليها القانون ويجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم. لما كان ما تقدم وكانت الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون 40 لسنة 77 في شأن الأحزاب السياسية المضافة بالقانون رقم 36 سنة 79 والتي نصت على أن يكون رئيس الحزب مسئولاً مع رئيس تحرير جريدة الحزب عما ينشر فيها قد جاء نصها في صيغه عامة يشوبها الغموض والإبهام ولم يحدد فيها المشرع طبيعة هذه المسئولية وما إذا كانت مدنية أو جنائية ولم يشر من قريب أو بعيد إلى مسئولية رئيس الحزب الجنائية كما لم يرد فيها ما يفيد الخروج على الأحكام العامة في المسئولية الجنائية باعتناق نظرية المسئولية المفترضة ولو أراد الشارع تقرير مسئولية رئيس الحزب الجنائية لما أعوزه النص على ذلك صراحة وأحال في ديباجته إلى المادة 195 من قانون العقوبات التي ترتب مسئولية رئيس التحرير الجنائية وهو ما لم يحدث الأمر الذي ترى مع هذه المحكمة إزاء غموض النص والتجهيل به التحرز في تفسيره وعدم تحميل عباراته فوق ما تحتمل وأن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وتضييق ضد مصلحته عملاً بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في هذا الخصوص وأن تكون المسئولية المنصوص عليها في هذه الحالة قاصرة على المسئولية المدنية هذا فضلاً عن أنه إذا كانت المحكمة تتصدى للتفسير فإنه يكون أصح تفسيراً أن يكون إيراد المشرع للحكم الخاص بمسئولية رئيس الحزب عما ينشر في الجريدة مع رئيس التحرير مقتصراً على مسئوليته المدنية دون المسئولية الجنائية ما يعني أن ما أورده المشرع في هذا الشأن هو تكرار تشريعي لما هو مقرر في القواعد العامة في القانون وهو أمر مندوب في أصول التشريع لأن التكرار هنا تأكيد للمعنى في مناسبة قد يثور الجدل في شأنها من أن يفسر هذا الإيراد على أنه مد لأحكام المسئولية الجنائية ليشمل من لم يقارف الجريمة ولم يكن له بها شأن فعلي. لما كان ما تقدم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعن الثاني رئيس حزب..... عن واقعتي القذف والسب استناداً إلى المادة 15/ 2 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 فإنه يكون قد بني على خطأ في تأويل القانون وكان يتعين على المحكمة القضاء ببراءته عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانوناً بالنسبة له. لما كان ذلك وكان من المقرر طبقاً للمادتين 220، 253 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب التي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية المقامة على الطاعن الثاني بصفته متهماً وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون بالنسبة للواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن الثاني مما أسند إليه عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية المرفوعة من المدعي بالحقوق المدنية ضد الطاعن الثاني بوصفه متهماً لما كان ذلك وكانت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع على ما تقضي به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني كما هو الحال في الطعن الحالي كما أن الفقرة الأخيرة من المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت للمضرور من الجريمة إدخال المسئولين عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم لمطالبته بالتعويض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السب أو القذف يتوفر إذا كانت المطاعن الصادرة من الساب أو القاذف محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار فيكون علمه عندئذ مفترضاً ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك ثمة محل للتحدث عن النقد المباح الذي هو مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا ما تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته من عبارات دالة بذاتها على معنى السباب كما هو معرف به في القانون لما تضمنته من إسناد وقائع لو صحت لأوجبت احتقار المجني عليه عند أهل وطنه ونالت من سمعته ونزاهته فإن ما استخلصه الحكم من توافر القصد الجنائي للأول بصفته رئيس تحرير جريدة الحزب التي نشر فيها المقال يكون استخلاصاً سديداً في القانون وما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم وكان الحكم قد قضى بإلزام الطاعن الأول بالتعويض المدني باعتباره رئيساً لتحرير جريدة الحزب والطاعن الثاني باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويتعين تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية بالنسبة للطاعن الأول كمتهم والطاعن الثاني كمسئول عن الحقوق المدنية مع مصادرة الكفالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق