جلسة 18 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطيه وعبد اللطيف أبو النيل.
---------------
(44)
الطعن رقم 4380 لسنة 57 القضائية
(1) رشوة. إثبات "بوجه عام". تلبس. تفتيش "إذن التفتيش. بطلانه". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رؤية رجل الضبط للمتهم يتسلم مبلغ الرشوة. توفر حالة التلبس. صحة القبض على المتهم وتفتيشه في هذه الحالة. عدم الجدوى من الدفع ببطلان إذن التفتيش في حالة التلبس.
(2) رشوة. دفوع "الدفع بأن الجريمة تحريضية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
جريمة الرشوة. لا يؤثر في قيامها وقوعها نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي. متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره. وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما اتجه إليه في مقابل ذلك من القيام بعمل من أعمال وظيفته.
الدفع في هذه الحالة بأن الجريمة تحريضية. ظاهر البطلان.
(3) رشوة. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العقوبة المقررة لجريمة المادة 103 عقوبات؟
انطباق المادة 103 عقوبات على المرتشي. إذا كان الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة تنفيذاً لاتفاق سابق.
عدم الاتفاق مع الراشي على أداء العمل أو الامتناع عنه. مطالبة المرتشي بالمكافأة عنه بعد ذلك. انطباق المادة 105 عقوبات.
(4) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً.
2 - لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما اتجه إليه في مقابل ذلك من القيام بعمل من أعمال وظيفته، ويكون النعي على الحكم بأن الجريمة تحريضية غير سديد ولا على المحكمة إن أغفلت الرد على هذا الدفع، لأنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
3 - لما كانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أن "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً، ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به". كما تنص المادة 105 من القانون ذاته على أن "كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملاً من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجباتها هدية أو عطية بعد إتمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه". ومفاد هذه النصوص أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء الموظف لعمل من أعمال وظيفته انطبقت المادة 103 عقوبات يستوي في ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً أو لاحقاً على أداء العمل ما دام أن أداء هذا العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر، أما إذا أدى الموظف عمله أو امتنع عنه أو أخل بواجبات وظيفته دون أن يسبقه اتفاق مع الراشي على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ثم طالب بمكافأته انطبقت المادة 105 من قانون العقوبات.
4 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وهو موظف عمومي "محضر بمحكمة بندر ......" طلب لنفسه وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن أخذ من...... مبلغ خمسين جنيهاً مقابل تنفيذ الحكم الصادر لصالحه وآخرين في الدعوى رقم...... دائرة الأمور المستعجلة بمحكمة...... وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم إذا دان الطاعن بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم أغفل دفاع الطاعن الجوهري ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وبأن الجريمة تحريضية، كما أن الحكم دان الطاعن بعقوبة الجريمة المنصوص عليها في المادة 103 عقوبات، رغم أن الواقعة تحكمها المادة 105 من هذا القانون وعقوبتها السجن دون استعمال الرأفة بإعمال حكم المادة 17 من هذا القانون. وأخيراً، فإن الحكم أحال إلى أقوال الشاهد الثاني وإلى أقوال الشاهد الثالث بالنسبة لأقوال الشاهد الرابع وإلى أقوال الشاهد الخامس بالنسبة لأقوال الشاهد السادس رغم اختلاف أقوال كل شاهد وعدم تطابقها حسبما ورد بمرافعة الدفاع بمحضر جلسة المحاكمة. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "في أنه قد صدر حكم قضائي لصالح........ آخرين في الدعوى رقم...... مستعجل الزقازيق بطرد..... من المنزل رقم..... شارع..... قسم..... بالزقازيق حيث إنه في سبيل سعيه إلى تنفيذه تقابل مع المتهم ثلاث مرات سابقة على يوم........ عرقل خلالها التنفيذ ثم في اللقاء الأخير الذي تم في التاريخ المذكور طلب المتهم منه خمسين جنيهاً، لقاء تنفيذ الحكم فتظاهر بالقبول واتفقا على أن يسلمه المبلغ بعد تنفيذ الحكم وأبلغ المقدم ...... رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بالشرقية الذي حرر محضراً بالواقعة واستصدر إذناً من النيابة العامة بضبط المتهم حال تسليمه مبلغ الرشوة حيث كمن والضابط........ في محل التنفيذ وشاهد تسليم المتهم لمبلغ الرشوة عقد تمام التنفيذ فقام الضابطان ........ و...... بضبطه ومعه المبلغ المذكور". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود...... و..... و ...... رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بالشرقية و....... وكيل قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بالشرقية و....... رئيس مباحث قسم ثان الزقازيق و..... معاون قسم شرطة ثان الزقازيق و....... و....... محضر أول محكمة بندر الزقازيق، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن - أن الضابطين الشاهدين الثالث والرابع لم يقبضا على الطاعن ويقوما بتفتيشه إلا بعد أن رأياه رؤية العين حال أخذه مبلغ الرشوة من الشاهد الأول مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس يخول الضابطين القبض عليه وتفتيشه دون إذن من النيابة العامة بذلك، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن في صدد بطلان إذن النيابة بالقبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر أركان جريمة الرشوة في حكم المادة 103 من قانون المرافعات بقوله: "إن جريمة الرشوة تنعقد بالاتفاق الذي يتم بين الراشي والمرتشي ولا تبقي بعد ذلك إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه بتقديم المبلغ كما أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطيه لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان حقاً كما أن من المقرر أن طلبه الرشوة يتوافر به أركان جريمة الرشوة كما أن القصد الجنائي في الرشوة يتوفر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطاء أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي تصاحب العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة. وقد ثبت يقيناً أن المتهم اتفق مع الراشي على أن يدفع له مبلغ الخمسين جنيهاً لقاء قيامه بتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى....... مستعجل الزقازيق وأن يتم دفع مبلغ الرشوة بعد تنفيذ المتهم للحكم المذكور وأن الأخير قد تسلم من الراشي المبلغ المتفق عليه فإنه بهذا تكون جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادة 103 من قانون العقوبات قد تحققت في شأن المتهم". ومن ثم فلا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما اتجه إليه في مقابل ذلك من القيام بعمل من أعمال وظيفته، ويكون النعي على الحكم بأن الجريمة تحريضية غير سديد ولا على المحكمة إن أغفلت الرد على هذا الدفع، لأنه دفع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أن "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً، ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به". كما تنص المادة 105 من القانون ذاته على أن "كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملاً من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجباتها هدية أو عطية بعد إتمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه". ومفاد هذه النصوص أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء الموظف لعمل من أعمال وظيفته انطبقت المادة 103 عقوبات يستوي في ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً أو لاحقاً على أداء العمل ما دام أن أداء هذا العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر، أما إذا أدى الموظف عمله أو امتنع عنه أو أخل بواجبات وظيفته دون أن يسبقه اتفاق مع الراشي على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ثم طالب بمكافأته انطبقت المادة 105 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت بمدوناته - على النحو المتقدم - أن الطاعن قد اتفق مع الشاهد الأول على تقاضيه منه لمبلغ خمسين جنيهاً للقيام بعمل من أعمال وظيفته هو تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم....... مستعجل الزقازيق واستلامه لهذا المبلغ بعد تنفيذه له فإن الواقعة على هذا النحو تكون منطبقة على نص المادة 103 من قانون العقوبات التي دين بها ولا يؤثر على ذلك أن يكون العطاء لاحقاً ما دام أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة كانت قائمة منذ البداية وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، ومن ثم فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون لأن الواقعة تحكمها المادة 105 من قانون العقوبات غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه الاختلاف بين أقوال الشهود مما يمتنع معه الإحالة إليها، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أوجه التناقض التي أثارها الطاعن تنحصر فيما ذكره من أن ضابط الواقعة قرر بأنه ركب السيارة معه لتنفيذ الحكم حين أنهما ذهبا إلى مكان التنفيذ مشياً على الأقدام، وما ذكره أيضاً من أن الشاهد....... لم يحضر واقعة الاتفاق على الرشوة بين الشاهد الأول والطاعن، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه لم يحل إلى أقوال أي من الشهود بالنسبة لما شهد به الشاهدان السابقان خاصاً بهاتين الواقعتين، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق