جلسة 10 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي نائبي المحكمة وناجي اسحق وإبراهيم عبد المطلب.
----------------
(35)
الطعن رقم 4060 لسنة 57 القضائية
(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". "إجراءات التحقيق". إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم اعتراض محامي الطاعن على سماع أقوال الشاهد في حضوره بغير يمين. سقوط حقه في التمسك بهذا البطلان الذي يتصل بإجراء من إجراءات التحقيق بالجلسة. م 333 إجراءات.
تعريف الشهادة والشاهد؟
حق المحكمة في الاعتماد في القضاء بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال. بغير حلف يمين.
(2) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه.
(3) دفوع "الدفع بتعذر تحديد الضارب". إثبات "بوجه عام". ضرب "أفضى إلى موت". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتعذر تحديد الضارب. موضوعي. لا يستلزم رداً ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة.
تقدير أدلة الدعوى. موضوعي.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". ضرب "أفضى إلى موت". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكونا غير متناقضين بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
وجود إصابة يسار رأس المجني عليه في حين قرر الشهود أن إصابته بكوريك على رأسه لا تعارض. أساس ذلك. جسم الإنسان لا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء.
2 - لما كان قضاء محكمة النقض جرى على أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ولا يحول عدم سماعهم أمام المحكمة من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم في التحقيقات ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
3 - من المقرر أن الدفع بتعذر تحديد الضارب يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع التي لها أن تكون عقيدتها من كافة عناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وليس هناك تعارض بين ما حصله الحكم من شهود الإثبات من أن الطاعن ضرب المجني عليه بكوريك على رأسه وبين ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه أصيب بجرح رضي متهتك الحواف مائل الوضع طوله 4 سم بيسار فروة الرأس مقابل عظم الجدارية اليسرى التي حدث بها كسر شرخي امتد لعظم الصدغية اليسرى وللحفرة المخية الوسطى اليسرى - وأن إصابة المجني عليه بيسار الرأس إصابة رضية حيوية تحدث من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه ويجوز حدوثها من مثل الضرب بكوريك، فضلاً عن أن جسم الإنسان متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث إصابة الأجزاء الخلفية منه وضاربه واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن....... بأنه....... ضرب...... عمداً بآلة راضة "كوريك" على رأسه فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى الموت وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً.... عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة ضرب أفضى إلى موت قد شابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة استمعت إلى أقوال الشاهدين.....، ...... بغير حلف يمين على خلاف ما تقضي به المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية واستغنت عن سماع باقي الشهود، وأغفلت دفاع الطاعن أن المجني عليه أصيب في معركة بين بلدتين مما يتعذر معه التعرف على الضارب، هذا فضلاً عن أن الشهود قرروا أن الضارب كان في مواجهة المجني عليه في حين أن الإصابة كانت من الخلف، وكل ذلك يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت لشهادة كل من......، ....... بغير حلف يمين وفي حضور محامي الطاعن الذي لم يعترض على ذلك، ومن ثم فإن حق الطاعن في التمسك بهذا البطلان الذي يتصل بإجراء من إجراءات التحقيق بالجلسة وفقاً لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية يكون قد سقط، ولا يعيب الحكم - من بعد - إذا هو اعتمد على هذه الشهادة لما هو مقرر من أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، إذ الشاهد هو من اطلع على الشيء عياناً، وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ولما كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تسترسل بثقتها إليه من عناصر الاستدلال وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهدين سالفي الذكر التي أبدياها بجلسة المحاكمة بغير حلف يمين، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض جرى على أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ولا يحول عدم سماعهم أمام المحكمة من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم في التحقيقات ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وممثل النيابة العامة كليهما قد اكتفيا بمناقشة أقوال الشهود كما جاءت بالتحقيقات، فليس للطاعن - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم، ويكون منعاه في هذا الشأن في غير محله، لما كان ذلك، وكان الدفع بتعذر تحديد الضارب يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع التي لها أن تكون عقيدتها من كافة عناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى - وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم لدى بيانه واقعة الدعوى وتحصيله مؤدى أقوال شهود الإثبات من أنهم شاهدوا الطاعن يعتدي على المجني عليه بالضرب بكوريك على رأسه، فإن منعاه في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامي الطاعن لم يدفع الاتهام بما يثيره في طعنه من أن الشهود قرروا أن الضارب كان في مواجهة المجني عليه في حين أن الإصابة كانت من الخلف، وكان هذا الأمر الذي ينازع فيه الطاعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يسوغ له إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا إلى أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وليس هناك تعارض بين ما حصله الحكم من شهود الإثبات من أن الطاعن ضرب المجني عليه بكوريك على رأسه وبين ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه أصيب بجرح رضي متهتك الحواف مائل الوضع طوله 4 سم بيسار فروة الرأس مقابل عظم الجدارية اليسرى التي حدث بها كسر شرخي امتد لعظم الصدغية اليسرى وللحفرة المخية الوسطى اليسرى - وأن إصابة المجني عليه بيسار الرأس إصابة رضية حيوية تحدث من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه ويجوز حدوثها من مثل الضرب بكوريك، فضلاً عن أن جسم الإنسان متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث إصابة الأجزاء الخلفية منه وضاربه واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق