جلسة 14 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر نائب رئيس المحكمة ومسعود السعداوي وطلعت الاكيابي ومحمود عبد العال.
-----------------
(37)
الطعن رقم 4523 لسنة 57 القضائية
اختصاص "الاختصاص الولائي" "التنازع السلبي". محكمة أمن الدولة طوارئ. محكمة دستورية "اختصاصها". محكمة النقض "اختصاصها".
تنازع الاختصاص بين جهة القضاء العادي وبين هيئة أخرى ذات اختصاص قضائي الفصل فيه مقصوراً على المحكمة الدستورية. أساس ذلك؟
مثال لحالة تنازع سلبي بين محكمة الجنايات ومحكمة أمن الدولة العليا "طوارئ".
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم أولاً: المتهمين جميعاً: استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين هم الرائد...... رئيس وحدة مباحث التموين بدسوق والشرطة السريين....... و...... ومفتش التموين ..... وذلك ليحملوهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبط المخالفة التموينية موضوع التهمة الثانية بأن تعدى المتهمون الثلاثة الأول على الشرطة السريين سالفي الذكر بينما تعدى المتهمان الرابع والخامس على مفتش التموين سالف الذكر فأحدثوا بهم إصاباتهم الواردة بالتقارير الطبية ولم يبلغوا من ذلك مقصدهم. المتهم الأول: وهو المدير المسئول عن إدارة مخبز خالف مواعيد إنتاج الخبز بغير ترخيص بذلك من الجهة المختصة وأحالتهم إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بالمادة 137/ 1 مكرراً من قانون العقوبات والمادتين 34 مكرراً/ ج، 38/ 2 من القانون 90 لسنة 1957 المستبدلتين بالقانون رقم 169 لسنة 1980، والمواد 1/ 1، 52، 57، 58، 61 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1980 بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وشهر ملخص الحكم لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الثانية وإذ أعيدت الإجراءات أمام المحكمة ذاتها قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإعادتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. فأحالت النيابة العامة المطعون ضدهم إلى محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) التي قضت حضورياً أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عن واقعة التعدي، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات. ثانياً ببراءة المتهم الأول من التهمة الثانية المسندة إليه. وبتاريخ....... قرر مكتب شئون أمن الدولة إلغاء هذا الحكم وإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها.
فقدمت النيابة العامة طلباً إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة.
المحكمة
من حيث إن مبنى طلب النيابة العامة هو أن حكم محكمة الجنايات الصادر بتاريخ......... بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإعادتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها وحكم محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" الصادر بتاريخ....... الملغى من مكتب شئون أمن الدولة بتاريخ......... استناداً إلى عدم اختصاص هذه المحكمة بنظرها قد انطويا على تنازع سلبي على الاختصاص مما يدعو إلى الركون إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة تطبيقاً لنص المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أمرت بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لارتكابهم جريمتين بتاريخ........ الأولى هي: "استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع على أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبط الجريمة التموينية موضوع التهمة الثانية". والجريمة الثانية هي: "مخالفة المتهم الأول مواعيد إنتاج الخبز بغير ترخيص". وقضت محكمة الجنايات غيابياً بمعاقبتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وشهر ملخص الحكم عن التهمة الثانية المسندة إلى المتهم الأول. ولدى إعادة إجراءات المحاكمة قضت ذات المحكمة حضورياً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإعادتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها تأسيساً على أن الجريمة الثانية المسندة للمتهم الأول مرتبطة بالجريمة الأولى ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما ينعقد معه الاختصاص بنظر الدعوى برمتها إلى محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" إعمالاً لنص المادة الثانية من الأمر الجمهوري رقم 1 لسنة 1981 بشأن إحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" ولما أحيلت الدعوى إلى محكم أمن الدولة العليا "طوارئ" قضت فيها بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عن واقعة التعدي وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة وببراءة المتهم الأول من التهمة الثانية المسندة إليه ولكن مكتب شئون أمن الدولة قرر إلغاء هذا الحكم وإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها استناداً إلى أن جريمة مقاومة السلطات تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها وهي المحكمة الأعلى درجة من محكمة أمن الدولة الجزئية "طوارئ" التي تشترك مع القضاء العام في الاختصاص بنظر جريمة مخالفة مواعيد إنتاج الخبز فإنه يتعين أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة مما ينعقد معه الاختصاص لمحكمة الجنايات العادية. لما كان ذلك، وكانت محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" هي محكمة استثنائية ذات اختصاص قضائي فإن التنازع السلبي يكون قائماً بين محكمة استثنائية ذات اختصاص قضائي - هي محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" وبين محكمة عادية - هي محكمة الجنايات - وكان مؤدى نص المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية أن محكمة النقض هي المنوطة بتعيين المحكمة المختصة في حالة قيام تنازع سلبي بين محكمة عادة ومحكمة استثنائية ذات اختصاص قضائي، إلا أن هذا الاختصاص قد نقل إلى محكمة تنازع الاختصاص بما نص عليه في المادة 17 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965 ثم نقل إلى المحكمة العليا طبقاً للمادة الرابعة من قانونها الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 وأكد القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية هذا الاختصاص بإسقاطه الفقرة الأولى من المادة 17 المشار إليها، وأخيراً نقل هذا الاختصاص إلى المحكمة الدستورية العلياً طبقاً لما نص عليه في الفقرة "ثانياً" من المادة 25 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنها تختص دون غيرها بما يأتي أولاً....... ثانياً: الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها. لما كان ما تقدم، وكان طلب تعيين المحكمة المختصة الذي تقدمت به النيابة العامة منصباً على قيام تنازع سلبي بين جهة قضاء عادية وهي "محكمة الجنايات" وهيئة أخرى ذات اختصاص قضائي وهي "محكمة أمن الدولة العليا طوارئ" مما تختص بالفصل فيه المحكمة العليا على ما سلف بيانه، فإنه يتعين الحكم بعدم اختصاص محكمة النقض بنظر الطلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق