جلسة 3 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/
محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان
ومحمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وناجي اسحق وإبراهيم عبد المطلب.
------------------
(31)
الطعن رقم 4033 لسنة 57
القضائية
(1)أسباب
الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
متى تقوم حالة الدفاع
الشرعي؟
(2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". مسئولية
جنائية "موانع المسئولية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض
"أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق الدفاع الشرعي كسبب من
أسباب الإباحة يبيح الفعل ويمحو عنه وصف الجريمة. فلا مسئولية على فاعله. ما دام
فعل الدفاع مناسب مع الاعتداء حتى ولو أصاب هذا الدفاع غير المعتدي عن غير قصد إما
الغلط في الشخص أو نتيجة الحيدة عن الهدف. أساس ذلك؟
(3)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع
"الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
التمسك بقيام حالة الدفاع
الشرعي. لا يشترط إيراده بصريح لفظه وعباراته المألوفة.
(4)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة
الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه.
تسبيب معيب".
تقدير الوقائع التي
يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. حد ذلك؟
مثال لتسبيب معيب في الرد
على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي.
2 - مفاد نصوص المواد 245 وما بعدها من قانون العقوبات أن حق الدفاع الشرعي كسبب من أسباب الإباحة المقرر كمبدأ عام بمقتضى نص المادة 60 من القانون ذاته يبيح الفعل ويمحو عنه وصف الجريمة متى توافرت الشروط التي استلزمتها تلك المواد لقيامه ولم يخرج المدافع عن القيود التي فرضتها على استعماله، فهو سبب موضوعي متى قام فلا مسئولية على فاعله ما دام فعل الدفاع متناسباً مع الاعتداء حتى لو أصاب هذا الدفاع غير المتعدي من غير قصد إما لغلط في الشخص أو نتيجة الحيدة عن الهدف، ذلك أن العبرة في نشؤ حق الدفاع الشرعي هي بتوافر شرط حلول الخطر وشرط لزوم القوة لدفعه، ومتى نشأ الحق فكل قوة مناسبة تستعمل بحسن نية لرد الاعتداء تكون مباحة، وليس من شأن الغلط في الشخص أو الحيدة عن الهدف نفي الحق الذي نشأ ولا نفي الإباحة المترتبة على مباشرته بحسن نية ما دام لم ينسب للمدافع أدنى قدر من الإهمال أو عدم التبصر ففي هذه الحالة فقط يسأل عن جريمة غير عمدية.
3 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قرر أن أولاد المجني عليه كانوا قادمين يحملون آلات "جنازير وسكاكين" للاعتداء على الطاعن في محله، وأن....... شهدت بأن الاعتداء كان على محل الطاعن، وأن محاولة حجز المجني عليه تفيد أنه كان متوجهاً للاعتداء على الطاعن، وأن...... شهد بأن المجني عليه وأولاده تعدوا على الطاعن في محله، وكان ما أبداه المدافع على السياق المتقدم، مفاده التمسك بحالة الدفاع الشرعي الذي لا يشترط في التمسك به إيراده بصريح لفظه وبعبارته المألوفة.
4 - من المقرر أنه ولئن كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب إلا أن حد ذلك أن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يصلح رداً لنفي ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي، ذلك بأنه أغفل كلية الإشارة إلى ما ذكره المدافع بمحضر الجلسة من أن أولاد المجني عليه كانوا قادمين يحملون آلات "جنازير وسكاكين" للاعتداء على الطاعن في محله ولم يستظهر أثر ذلك على نفسه حسب تقديره في الظروف التي كان فيها ومدى تخوفه منه والصلة بين ذلك التخوف - في حالة قيامه - واعتداء الطاعن على المجني عليه ومدى التناسب بينهما كما أن الحكم لم يستظهر الصلة بين الاعتداء الذي وقع على الطاعن والاعتداء الذي وقع منه وأي الاعتداءين كان الأسبق لأن التشاجر بين فريقين إما أن يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع فتنتفي فيه مظنة الدفاع الشرعي عن النفس وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق رداً على الفريق الآخر الذي تصدق في حقه حالة الدفاع الشرعي عن النفس، وما أورده الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت من أقوال شهود الإثبات أن المجني عليه كان متوجهاً إلى مكان المشاجرة للاعتداء على الطاعن وأن الثابت من تلك الأقوال أنه كان متوجهاً لاستطلاع الأمر دون أن يكون معه أية أداة من أدوات الاعتداء لا يرفع قصوره في رده على دفاع الطاعن من أن الاعتداء عليه وقع من المجني عليه وأولاده وليس منه وحده في غمار الشجار الذي سلم به الحكم في مدوناته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في الرد على ما دفع به الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي بما يبطله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بسكين في بطنه وأعلى فروة الرأس مما أحدث به الإصابات
الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته.
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات
بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة ضرب أفضى إلى موت قد شابه قصور
في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الدفاع عنه تمسك أمام المحكمة بقيام حالة
الدفاع الشرعي غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً فلم
يتعرض لبحث حالة توافر الدفاع الشرعي أو عذر التجاوز في استعمال ذلك الحق أو الخطأ
غير العمدي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن من المقرر أن
حالة الدفاع الشرعي تقوم إذا وقع فعل يخشى منه حصول اعتداء على النفس أو المال
والعبرة في هذا هي بتقدير المدافع في الظروف التي كان فيها بشرط أن يكون تقديره
مبنياً على أسباب مقبولة من شأنها أن تبرره، كما أن مفاد نصوص المواد 245 وما
بعدها من قانون العقوبات أن حق الدفاع الشرعي كسبب من أسباب الإباحة المقرر كمبدأ
عام بمقتضى نص المادة 60 من القانون ذاته - يبيح الفعل ويمحو عنه وصف الجريمة متى
توافرت الشروط التي استلزمتها تلك المواد لقيامه ولم يخرج المدافع عن القيود التي
فرضتها على استعماله، فهو سبب موضوعي متى قام فلا مسئولية على فاعله ما دام فعل
الدفاع متناسباً مع الاعتداء حتى لو أصاب هذا الدفاع غير المعتدي عن غير قصد إما
لغلط في الشخص أو نتيجة الحيدة عن الهدف، ذلك أن العبرة في نشؤ حق الدفاع الشرعي
هي بتوافر شرط حلول الخطر وشرط لزوم القوة لدفعه، ومتى نشأ الحق فكل قوة مناسبة
تستعمل بحسن نية لرد الاعتداء تكون مباحة، وليس من شأن الغلط في الشخص أو الحيدة
عن الهدف نفي الحق الذي نشأ ولا نفي الإباحة المترتبة على مباشرته بحسن نية ما دام
لم ينسب للمدافع أدنى قدر من الإهمال أو عدم التبصر ففي هذه الحالة فقط يسأل عن
جريمة غير عمدية. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن
الطاعن قرر أن أولاد المجني عليه كانوا قادمين يحملون آلات "جنازير
وسكاكين" للاعتداء على الطاعن في محله، وأن..... شهدت بأن الاعتداء كان على
محل الطاعن، وأن محاولة حجز المجني عليه تفيد أنه كان متوجهاً للاعتداء على
الطاعن، وأن..... شهد بأن المجني عليه وأولاده تعدوا على الطاعن في محله، وكان ما
أبداه المدافع على السياق المتقدم، مفاده التمسك بحالة الدفاع الشرعي الذي لا
يشترط في التمسك به إيراده بصريح لفظه وبعبارته المألوفة، وكان الحكم المطعون فيه
قد حصل واقعة الدعوى في قوله أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن
إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها في الجلسة تخلص في
أنه في مساء يوم 14/ 9/ 1984 حدثت مشاجرة بين...... وبين...... زوج ابنة عمه
وأخوته سببها زوجة هذا الأخير وذلك بشارع....... بدائرة قسم...... وعندما خرج والد
الأول من مسكنه ليستطلع الأمر قام المتهم بالاعتداء عليه بأن طعنه بسكين في فروة
رأسه وبأعلا يسار بطنه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يقصد
من ذلك قتله ولكن أودت الإصابات بحياته" وبعد أن أورد أدلة الثبوت عرض لدفاع
الطاعن وأطرحه بقوله "وحيث إنه بالنسبة لما دفع به الدفاع عن المتهم من أن
المجني عليه كان متوجهاً إلى مكان المشاجرة للاعتداء على المتهم فمردود عليه بأنه
لم يثبت من أقوال شهود الإثبات ذلك الذي ذهب إليه الدفاع على النحو سالف الذكر بل
يثبت من أقوال شهود الإثبات والتي تطمئن إليها المحكمة أن المجني عليه توجه إلى
مكان المشاجرة عندما علم بحدوث المشاجرة مع ابنه...... لاستطلاع أمر هذه المشاجرة
ولم يكن بيده أو حاملاً أية أداة من أدوات الاعتداء". وكان يبين من المفردات
المضمومة أن من بين مرفقاتها تقريراً طبياً يتضمن نتيجة الكشف الطبي على الطاعن
وأنه وجد مصاباً باشتباه جرح نافذ وثابت بمحضر الضبط المؤرخ 14 من سبتمبر سنة 1984
أن محرره تسلم من المستشفى تقريراً طبياً يفيد إصابة الطاعن باشتباه جرح نافذ
بالظهر وسحجات بأعلا الظهر وسحجات بالكتف الأيسر. وكان من المقرر أنه ولئن كان
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً
بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب، إلا أن حد ذلك أن يكون استدلال
الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه وإذ كان ما أورده الحكم المطعون
فيه لا يصلح رداً لنفي ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي، ذلك بأنه أغفل
كلية الإشارة إلى ما ذكره المدافع بمحضر الجلسة من أن أولاد المجني عليه كانوا
قادمين يحملون آلات "جنازير وسكاكين" للاعتداء على الطاعن في محله ولم
يستظهر أثر ذلك على نفسه حسب تقديره في الظروف التي كان فيها ومدى تخوفه منه
والصلة بين ذلك التخوف - في حالة قيامه - واعتداء الطاعن على المجني عليه ومدى
التناسب بينهما، كما أن الحكم لم يستظهر الصلة بين الاعتداء الذي وقع على الطاعن
والاعتداء الذي وقع منه وأي الاعتداءين كان الأسبق لأن التشاجر بين فريقين إما أن
يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع فتنتفي فيه مظنة الدفاع الشرعي عن النفس
وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق رداً على الفريق الآخر الذي تصدق في حقه حالة
الدفاع الشرعي عن النفس، وما أورده الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت من أقوال
شهود الإثبات أن المجني عليه كان متوجهاً إلى مكان المشاجرة للاعتداء على الطاعن
وأن الثابت من تلك الأقوال أنه كان متوجهاً لاستطلاع الأمر دون أن يكون معه أية
أداة من أدوات الاعتداء لا يرفع قصوره في رده على دفاع الطاعن من أن الاعتداء عليه
وقع من المجني عليه وأولاده وليس منه وحده في غمار الشجار الذي سلم به الحكم في
مدوناته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في الرد على ما دفع به
الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث
سائر أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق