الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

(الطعن 24963 لسنة 66 ق جلسة 15 / 12 / 1998 مكتب فني 49 ق 208 ص 1468)

برئاسة صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية رضوان عبد العليم وعبد الرحمن ابو سليمة وعبد الرحمن فهمى نواب رئيس المحكمة وفؤاد حسن.
----------------------
1 - لما كان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولايعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة تكيفية وقوع الحادث وحاصلها أن الطاعنين قتلا المجنى عليها بطريق الخنق وذلك لتسبيل سرقة نقودها ومصوغاتها، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التى استمد منها عقيدته ومن بينها تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليها الذى نقل عنه أن أصابتها بالعنق حيوية حديثة ورضية وتحدث نتيجة للضغط على العنق ويعزى سبب الوفاة الى إصابتها بالعنق وما أدت إليه من اسفكسيا الخنق وصدمة، فإن ما يثيره الطاعنان من دعوى التناقض فى التسبيب يكون غير سديد.
 
2 - لما كان ما أورده الحكم بصدد استخلاصه لواقعة الدعوى له معينه من الأوراق ـ على ما يبين من المفردات المضمومة ـ فلا يؤثر فى صحته إنه قد نسب إلى الطاعن الثانى إنه طعن المجنى عليها بسكين طالما أن الطاعن أقر بالتحقيقات بأنه ضرب المجنى عليها بالجانب غير الحاد من السكين وهو ما يتحقق به الإسهام فى الجريمة التى دين بها.
 
3 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم فى حقه نفسه وفى حق غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صدقها ومطابقتها للواقع فإن منعى الطاعن الثانى فى شأن القوة التدليلية لأقوال الطاعن الأول لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى وهو من اطلاقاتها ولايجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
 
4 - لما كان ما أثبته الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على القتل بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة من معينهما فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما ، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاهها معاً وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهما قصد الأخر فى ايقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها بالإضافة الى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين فى جناية القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة ويرتب بينهما فى صحيح القانون تضامناً فى المسئولية عرف محدث الإصابة القاتلة منهما أو لم يعرف.
 
5 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لايدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما بضميره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان الحكم قد ساق على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً فى إثبات توافرها لدى الطاعنين بقوله: ...... والمحكمة يطمئن وجدانها فى هذا الصدد بتوافر هذه النية لدى المتهمين الأول والثانى بالضرب به على رأسها عدة ضربات وفى أجزاء أخرى من جسدها فى بطنها ورقبتها رغم شل حركتها بعد أن أوثقا يديها بحبل من خلف ظهرها وقيد رجليها وهى ممدة على الأرض وتكميم فاها بشريط لاصق. ثم قام أحدهما بخنقها بقطعة قماش مبللة كتم بها أنفاسها كما ضغط عمداً بعنف على عنقها، وكسر العظم اللامى بها مما أدى الى وفاتها باسفكسيا الخنق وهو ما يقطع بأن المتهمين لم يتركاها الا جثة هامدة قبل أن يبرحا مكان الحادث وقد فارقت الحياة التى عمدا الى إزهاقها وكان ذلك كله لتسهيل ارتكاب جريمة السرقة واتمامها بالفعل، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم فى شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد.
 
6 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغة النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان به الطاعنين، وكان مرد التعديل هو استبعاد الحكم لركن الإكراه فى السرقة واعتبار ما وقع منهما من اعتداء على المجنى عليها يكون جريمة القتل العمد المسندة إليهما، ومؤاخذتهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات بدلاً من الفقرة الثانية منها، الواردة بأمر الإحالة، وهو ما يدخل فى نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة الى لفت نظر الدفاع، ومن ثم فإن تعييب الحكم فى هذا الخصوص بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لايكون مقبولاً.
 
7 - لما كان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبأت الصدور ودخان النفس التى لاتقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة، وكما أن الاشتراك بالتحريض قد لاتكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصورا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك وللقاضى الجنائى إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه مادام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يببره وكان الحكم فى سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن الثالث قد حرض الطاعن الأول على ارتكاب الجريمة واتفق معه على ذلك ليسار المجنى عليها ثم قام بارشاد الطاعنين الأول والثانى الى العقار الكائن به هذه الشقة وحدد مداخلها ومخارجها والوقت الذى تغادر فيه ابنة المجنى عليها الشقة متجهة الى عملها وكان ذلك سابقاً على ارتكاب الجريمة التى وقعت فعلاً بناء على تحريضه واتفاقه ومساعدته لهما, فإن الحكم إذ استخلص من ذلك اشتراك الطاعن الثالث مع الأول والثانى بالاتفاق والتحرض والمساعدة فى ارتكاب جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة فإنه يكون استخلاصاً سائغاً مؤدياً الى ما قصده الحكم وينحل ما يثيره الطاعن الثالث فى هذا الصدد الى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
 
8 - لما كان من المقرر أن اعتبار جريمة معينة نتيجة محتملة للاتفاق على جريمة أخرى طبقاً لنص المادة 43 من قانون العقوبات هو أمر موضوعى تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ولارقابة لمحكمة النقض عليها مادام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون. وكل البين من الحكم المطعون فيه أنه إنما عاقب المطعون الثالث على الاشتراك فى قتل المجنى عليها على أساس أن القتل كان نتيجة محتملة لاتفاقة مع الطاعنين الأول والثانى على ارتكاب السرقة بظروفها التى وقعت فيها ولم تقع ألا تسهيلاً لارتكابها أثناء قيام الطاعنين بتنفيذها بما يجعله فى صحيح القانون مسئولا عن فعل القتل المرتكب ولو لم يكن باشر بنفسه بل ارتكبه أخر من المتفقين معه على ارتكاب جريمة السرقة. وهو مالاينازع الطاعن فى صحة ما أوردة الحكم فى شأنه.
 
9 - إن عدول الشريك عن ارتكاب الجريمة لا تأثير له على مسئوليته الجنائية إذا وقعت الجريمة فيؤاخذ عليها بصفته شريكاً، ذلك بأن اسهامه فى الجريمة تتم بمجرد قيامة بالأفعال المكونة للاشتراك وعدوله بعد ذلك لايفيده إلا إذا كان قد استطاع أن يزيل كل أثر لتدخله فى ارتكاب الجريمة قبل وقوعها، ولما كانت جريمة السرقة التى اتفق عليها الطاعن قد وقعت فعلاً، وكان ما أورده الحكم يتضمن الرد على ما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص فضلاً عن أن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على دفاع قانونى ظاهر البطلان. فلا محل ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الشأن.
 
10 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد فى حكمها من مؤدى الأدلة مايكفى لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت الى هذه الأدلة واعتمدت عليها فى تكوين عقيدتها. وكان ما أورده الحكم بالنسبة لاعتراف الطاعنين الأول والثانى بالتحقيقات يحقق مراد الشارع الذى استوجبه فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التى يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة فى بيان دليل الإثبات الذى استمده منها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . ومن ثم فإن النعى على الحكم بالقصور فى هذا الشأن يكون على غير أساس.
 
11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً الى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
-----------------------
   إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم اولا : المتهمان الاول والثانى : قتلا عمدا ...... بأن توجها الى مسكنها وما أن ظفرا بها حتى شدا وثاقها وطرحاها ارضا وضغط الاول على عنقها قاصدا من ذلك قتلها فأحدثا بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد إقترنت تلك الجناية بجناية اخرى هى انهما فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرقا المشغولات الذهبية والمنقولات المبينه الوصف والقيمة بالاوراق والمملوكة للمجنى عليها ونجلتها بطريق الاكراه الواقع على المجنى عليها بأن شدا وثاقها وتعدى عليها الثانى بسكين فى رأسها وقد ترك الاكراه اثر الجريمة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية . ثانيا : المتهم الثالث : اشترك مع المتهمين الاول والثانى فى ارتكاب الجريمة المسندة اليهما بأن اتفق معهما وحرضهما وساعدهما على ارتكابها بأن أمدهما بالمعلومات اللازمة بخصوص ميعاد مغادرة نجله المجنى عليها للمسكن وحدد لهما كيفية دخولهما المسكن وإقتسم معهما المسروقات وقد وقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة . وأحالتهم الى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة . والمحكمة المذكورة قررت بإحالة اوراق الدعوى الى فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية لأخذ رأيه فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريا عملا بالمواد 13 ، 40 ، 41 ، 43 ، 234 ، 235 ، 314 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهمين الاول والثانى بالإعدام شنقا وبمعاقبة المتهم الثالث بالاشغال الشاقة المؤبدة بإعتبار أن الواقعة قتل عمد ارتبطت بها جنحة سرقة . فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة قيد بجدولها برقم ...... لسنة 64 القضائية . ومحكمة النقض قضت اولا: بعدم قبول طعن المحكوم عليه الثالث شكلا . ثانيا : بقبول طعن المحكوم عليهما الاول والثانى وعرض النيابة العامة للقضية بالنسبة لهما شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية الى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة لهما وللمحكوم عليه الثالث . ومحكمة الإعادة قضت حضوريا عملا بالمواد 40 ، 41 ، 43 ، 234/1 - 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين الاول والثانى بالاشغال الشاقة المؤبدة. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وذلك عما اسند اليهم.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ( للمرة الثانية ) ....... إلخ.
-------------------
     أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني:
من حيث أن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهما بجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون, والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأنه بعد أن أورد في استخلاصه للواقعة أن الطاعن الثاني طعن المجني عليها بسكين عاد وعول على تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت به أن إصابات المجني عليها رضية تحدث من المصادمة - وليس الطعن- بجسم صلب حاد رغم ما بين التصويرين من خلاف هذا إلى إن الثابت باعتراف الطاعنين المؤيد بتقرير الصفة التشريحية أن الطاعن الثاني ضرب المجني عليها بالجانب غير الحاد من السكين كما نسب الحكم إلى الطاعن الثاني قيامه بكتم أنفاس المجني عليها مع أن الثابت باعتراف الطاعنين بالتحقيقات أن كلاً منهما أسند للأخر القيام بهذا الفعل, والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعنين بعدم توافر الاتفاق بينهما على القتل فلا يسأل كل منهما إلا عن فعله وحده, فضلاً عن أن ما قام عليه استدلال الحكم على قصد القتل لا يوفره, وأخيراً فإن المحكمة لم تلتزم صورة الواقعة ووصفها القانوني كما ورد بأمر الإحالة وأجرت تعديلاً مما كان يتعين معه لفت نظر الدفاع, كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة التي دان الطاعنين بها, وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الأخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة, وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وحاصلها أن الطاعنين قتلا المجني عليها بطريق الخنق وذلك لتسهيل سرقة نقودها ومصوغاتها, ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته ومن بينها تقرير الصفة التشريحية للمجني عليها الذي نقل عنه أن أصابتها بالعنق حيوية حديثة ورضية وتحدث نتيجة للضغط على العنق ويعزى سبب الوفاة إلى إصابتها بالعنق وما أدت إليه من اسفكسيا الخنق وصدمة, فإن ما يثيره الطاعنان من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم بصدد استخلاصه لواقعة الدعوى له معينه من الأوراق- على ما يبين من المفردات المضمونة- فلا يؤثر في صحته إنه قد نسب إلى الطاعن الثاني إنه طعن المجني عليها بسكين طالما أن الطاعن أقر بالتحقيقات بأنه ضرب المجني عليها بالجانب غير الحاد من السكين وهو ما يتحقق به الإسهام في الجريمة التي دين بها. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال منهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى إطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع فإن منعي الطاعن الثاني في شأن القوة التدليلية لأقوال الطاعن الأول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من اطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان ما أثبته الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على القتل بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما معاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد الأخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه, ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية عرف محدث الإصابة القاتلة منهما أو لم يعرف, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وإذ كان الحكم قد ساق على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين بقوله:" ...... والمحكمة يطمئن وجدانها في هذا الصدد بتوافر هذه النية لدى المتهمين الأول والثاني كفاعلين أصليين إذ أنهما فضلاً عن اعتدائهما بسكين على جسم المجني عليها وذلك بالضرب به على رأسها عدة ضربات وفي أجزاء أخرى من جسدها في بطنها ورقبتها رغم شل حركتها بعد أن أوثقا يديها بحبل من خلف ظهرها وقيدا رجليها وهى ممدة على الأرض وتكميم فاها بشريط لاصق. ثم قام أحدهما بخنقها بقطعة قماش مبللة كتم بها أنفاسها كما ضغط عمداً بعنف على عنقها, وكسر العظم اللامي بها مما أدى إلى وفاتها باسفكسيا الخنق وهو ما يقطع بأن المتهمين لم يتركاها إلا جثة هامدة قبل أن يبرحا مكان الحادث وقد فارقت الحياة التي عمدا إلى إزهاقها وكان ذلك كله لتسهيل ارتكاب جريمة السرقة وإتمامها بالفعل, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة, وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان به الطاعنين, وكان مرد التعديل هو استبعاد الحكم لركن الإكراه في السرقة واعتبار ما وقع منهما من اعتداء على المجني عليها يكون جريمة القتل العمد المسندة إليهما, ومؤاخذتهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات بدلاً من الفقرة الثانية منها, الواردة بأمر الإحالة، وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع, ومن ثم فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثالث:
من حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك في جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك بأنه لم يستظهر بالنسبة للطاعن عناصر الاشتراك في الجريمة وركن العلم ولم يدلل على توافرها في حقه, كما لم يستظهر الحكم رابطة السببية بين فعل الاشتراك والجريمة التي وقعت, هذا إلى إن المسئولية الجنائية قد انحسرت عن الطاعن لعدوله عن اقتراف الجريمة قبل وقوعها, كما عول الحكم على أقوال الطاعنين الأول والثاني بالتحقيقات ولم يورد مضمون ومؤدى تلك الأقوال ووجه استدلاله بها على ثبوت التهمة في حقه, وعول الحكم في الإدانة على شهادة المقدم .... رغم خلوها من إسناد أي دور في ارتكاب الجريمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه  النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة. كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه, ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه مادام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن الثالث قد حرض الطاعن الأول على ارتكاب الجريمة واتفق معه على ذلك ليسار المجني عليها ثم قام بإرشاد الطاعنين الأول والثاني إلى العقار الكائن به هذه الشقة وحدد مداخلها ومخارجها والوقت الذي تغادر فيه ابنة المجني عليها الشقة متجهة إلى عملها وكان ذلك سابقاً على ارتكاب الجريمة التي وقعت فعلاً بناء على تحريضه واتفاقه ومساعدته لهما, فإن الحكم إذا استخلص من ذلك اشتراك الطاعن الثالث مع الأول والثاني بالاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة فإنه يكون استخلاصاً سائغاً مؤدياً إلى ما قصده الحكم وينحل ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن اعتبار جريمة معينة نتيجة محتملة للاتفاق على جريمة أخرى طبقاً لنص المادة 43 من قانون العقوبات هو أمر موضوعي تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها مادام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون. وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إنما عاقب الطاعن الثالث على الاشتراك في قتل المجني عليها على أساس أن القتل كان نتيجة محتملة لاتفاقه مع الطاعنين الأول والثاني على ارتكاب السرقة بظروفها التي وقعت فيها ولم تقع إلا تسهيلاً لارتكابها أثناء قيام الطاعنين بتنفيذها بما يجعله في صحيح القانون مسئولاً عن فعل القتل المرتكب ولو لم يكن باشر بنفسه بل ارتكبه آخر من المتفقين معه على ارتكاب جريمة السرقة. وهو مالا ينازع الطاعن في صحة ما أورده الحكم في شأنه, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان عدول الشريك عن ارتكاب الجريمة لا تأثير له على مسئوليته الجنائية إذ وقعت الجريمة فيؤاخذ عليها بصفته شريكاً, ذلك بأن إسهامه في الجريمة تتم بمجرد قيامه بالأفعال المكونة للاشتراك وعدوله بعد ذلك لا يفيده إلا إذا كان قد استطاع أن يزيل كل أثر لتدخله في ارتكاب الجريمة قبل وقوعها, ولما كانت جريمة السرقة التي اتفق عليها الطاعن قد وقعت فعلاً, وكان ما أورده الحكم يتضمن الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص فضلاً عن أن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها, وكان ما أورده الحكم بالنسبة لاعتراف الطاعنين الأول والثاني بالتحقيقات بحق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة, فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان دليل الإثبات الذي استمده منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس.لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد...... بما مؤداه أن تحرياته السرية دلت على أن الطاعنين الأول والثاني هما مرتكبا حادث القتل والسرقة وإذ ألقى القبض عليهما- بعد استئذان النيابة العامة- وواجهما بالتحريات أقرا له بارتكابهما الحادث وأن الطاعن الثالث حرضهما على سرقة مسكن المجني عليهما واتفق مع أولهما على ذلك واصحبهما للإرشاد عن المسكن قبل ارتكاب الجريمة وأن الجريمة وقعت منهما تنفيذاً لهذا الاتفاق وذلك التحريض, وهو ما أورده الطاعن في مذكرة أسباب طعنه, .لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الفساد في الاستدلال يكون غير صحيح, .لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق