الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 يوليو 2023

الطعن 275 لسنة 34 ق جلسة 5 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 75 ص 510

جلسة 5 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

---------------

(75)
الطعن رقم 275 لسنة 34 القضائية

(أ) أوراق تجارية. "رهنها". "تحصيل قيمتها". "التظهير التأميني". "أثره". رهن. "الأوراق التجارية".
الأوراق التجارية المرهونة. التزام الدائن المرتهن بتحصيل قيمة الورقة في ميعاد الاستحقاق. المادة 80 من قانون التجارة. التظهير التأميني. اعتباره في حكم التظهير الناقل للملكية بشأن تطهير الورقة من الدفوع. احتجاج المدين بالدفوع قبل الدائن المرتهن. شرطه. إقامة المدين الدليل على أن الدائن المرتهن لم يكن حسن النية وقت التظهير.
(ب) دعوى. "وقف الدعوى".
وقف الدعوى. المادة 293 مرافعات. شرطه. دفع الدعوى بدفع يثير مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى.

-----------------
1 - إن المادة 80 من قانون التجارة إذ نصت على أن "تحصيل قيمة الأوراق التجارية المرهونة تكون بمعرفة الدائن المرتهن لها" فإن مؤدى هذا النص أن الدائن المرتهن يلتزم قانوناً قبل الراهن بالمحافظة على الشيء المرهون وبتحصيل قيمة الورقة في ميعاد الاستحقاق ويعتبر التظهير التأميني - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - في حكم التظهير الناقل للملكية بشأن تطهير الورقة من الدفوع فلا يكون للمدين الاحتجاج على الدائن المرتهن حسن النية بالدفوع التي يجوز له الاحتجاج بها على الدائن الأصلي أو المظهرين السابقين بما في ذلك الدفع بانقضاء الالتزام أو انعدام سببه ولا يستطيع المدين مخالفة هذا الوضع والاحتجاج بالدفوع قبل الدائن المرتهن إلا إذا أقام هو الدليل على أن الدائن المرتهن لم يكن حسن النية وقت التظهير (1).
2 - يشترط في حالة الوقف إعمالاً لحكم المادة 293 مرافعات أن تدفع الدعوى بدفع يثير مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن بنك مصر - المطعون عليه - تقدم إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بطلب استصدار أمر أداء ضد الطاعن بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 700 ج قيمة السند الإذني الموقع عليه بإمضاء الطاعن باعتباره مديناً والمستحق الأداء في 31 ديسمبر سنة 1961 والمظهر لأمر البنك تظهيراً تأمينياً واستند في طلبه إلى أن الطاعن امتنع عن الوفاء بقيمة السند المشار إليه رغم إعلانه في 25 من إبريل سنة 1962 ببروتستو عدم الدفع. رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة أمام محكمة القاهرة الابتدائية لنظر الدعوى حيث قيدت برقم 1343 سنة 1962 كلي القاهرة. طلب الطاعن أصلياً إحالة الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية لارتباطها بالدعوى رقم 310 سنة 1962 والتي أقامها ضد الدائن الأصلي واختصم فيها البنك المطعون عليه وضمنها طلب الحكم ببراءة ذمته من الدين موضوع السند المطالب بقيمته، وطلب احتياطياً وقف الدعوى حتى يفصل في دعوى براءة الذمة. والمحكمة قضت في 17 نوفمبر سنة 1962 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 700 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 34 سنة 80 ق القاهرة، والمحكمة قضت في 24 فبراير سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك أنه طلب من محكمة الاستئناف كما طلب من المحكمة الابتدائية وقف الدعوى حتى يفصل في الدعوى رقم 310 سنة 1962 تجاري كلي المنصورة التي أقامها ضد الدائن المحيل للسند موضوع النزاع واختصم فيها المطعون عليه بطلب براءة ذمته من هذا السند وسندات أخرى تأسيساً على أن المحيل أقر بأن هذه السندات لا تمثل ديناً حقيقياً وإنما حررت ثمناً لبضاعة لم يتسلمها الطاعن وأنه على الرغم من تقديمه لمحكمة الاستئناف الشهادة الرسمية المؤيدة لطلبه مما كان يحتم عليها وقف نظر الاستئناف فإنها أصدرت حكمها بتأييد الحكم الابتدائي في رفض طلب الوقف وأقامت قضاءها على افتراض حسن النية لدى المطعون عليه دون أن تبين الدليل على ذلك فجاء حكمها مخالفاً للقانون وقاصراً في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 80 من قانون التجارة إذ نصت على أن "تحصيل قيمة الأوراق التجارية المرهونة تكون بمعرفة الدائن المرتهن لها" فإن مؤدى هذا النعي أن الدائن المرتهن يلتزم قانوناً قبل الراهن بالمحافظة على الشيء المرهون وبتحصيل قيمة الورقة في ميعاد الاستحقاق ويعتبر التظهير التأميني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في حكم التظهير الناقل للملكية بشأن تطهير الورقة من الدفوع فلا يكون للمدين الاحتجاج على الدائن المرتهن حسن النية بالدفوع التي يجوز له الاحتجاج بها على الدائن الأصلي أو المظهرين السابقين بما في ذلك الدفع بانقضاء الالتزام أو انعدام سببه ولا يستطيع المدين مخالفة هذا الوضع والاحتجاج بالدفوع قبل الدائن المرتهن إلا إذا أقام هو الدليل على أن الدائن المرتهن لم يكن حسن النية وقت التظهير. ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الطاعن استند في طلب وقف الدعوى إلى أنه أقام الدعوى رقم 310 سنة 1962 تجاري كلي المنصورة ببراءة الذمة من السند موضوع النزاع لانعدام سبب الدين وكان الحكم قد اعتمد في رفض الوقف على أن هذا السند ظهر تأمينياً لصالح البنك المطعون عليه وأن حق الدائن المرتهن حسن النية في اقتضاء قيمة السند لا يتأثر بزوال الالتزام بالنسبة للمستفيد أو المظهرين السابقين فيه، وإذ اكتفى الطاعن بمجرد القول أمام محكمة الاستئناف بأن البنك كان على علم بأن السند لم يكن يمثل ديناً حقيقياً وقت تظهيره إليه فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ اعتبر البنك حسن النية ولا عليه إن هو لم يورد أسباباً للتدليل على ذلك. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في حالة الوقف إعمالاً لحكم المادة 293 مرافعات أن تدفع الدعوى بدفع يثير مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه وقد أوضح أن هذا الشرط غير متوافر على النحو المتقدم قد أقام قضاءه برفض طلب الوقف على أسباب تبرره ويكون النعي عليه بمخالفة القانون أو القصور في التسبيب على غير أساس.


(1) نقض 15/ 6/ 1967 - الطعن رقم 81 لسنة 34 ق - السنة 18 ص 1275.

الطعنان 1320 ، 1340 لسنة 12 ق جلسة 15 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 48 ص 373

جلسة 15 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستإذ المستشار الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين السعيد المستشارين.

--------------------

(48)

القضيتان رقما رقم 1320، 1340 لسنة 12 القضائية

(أ) - عقد إداري. "تنفيذه". "السبب الأجنبي. القوة القاهرة والحادث الفجائي" 

الاستحالة الناشئة عن سبب أجنبي تنقضي بها أصلاً الالتزام - الشرط الواجب توافرها في السبب الأجنبي. لا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا من أثر القوة القاهرة.
(ب) - عقد. "تنفيذه".
الخطأ العقدي، سواء كانت العقود مدنية أو إدارية، هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد - أثر ذلك.
(جـ) - عقد إداري. "تنفيذه" "السبب الأجنبي والقوة القاهرة".
الشروط الواجب توافرها في السبب الأجنبي والقوة القاهرة - أثر إمكان توقع الحادث الذي يعتبر قوة قاهرة.

----------------------
1 - إذا كانت الاستحالة ناشئة عن سبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي أصلاً، والسبب الأجنبي هو الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ الدائن أو فعل الغير، ويجب أن يكون الحادث غير متوقع ومستحيل الدفع ويكون من شأنه أن يجعل التنفيذ مستحيلاً، وغني عن البيان أنه لا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا باتفاقهما من أثر القوة القاهرة، فيتفقا مثلاً على أن يتحمل المدين بالأثر.
2 - من الأمور المسلمة في العقود كافة، سواء كانت عقوداً إدارية أو مدنية، أن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أياً كان السبب في ذلك، يستوي في ذلك أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن عمده أو إهماله، أو عن فعله دون عمد أو إهمال.
وبما أن العقد الذي تستند إليه المنازعة الحالية هو عقد مبرم بين الجهات الإدارية المدعى عليها والمدعي للقيام ببناء عقارات لصالح شخص معنوي عام وبقصد تحقيق مصلحة عامة فهو عقد أشغال عامة، ويولد هذا العقد في مواجهة جهة الإدارة التزامات عقدية أخصها أن تمكن المتعاقد معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه فإذا لم تقم بهذا الالتزام فإن هذا يكون خطأ عقدياً في جانبها يخول المدعي الحق في أن يطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم قيام جهة الإدارة بالتزامها أو من جراء تأخرها في القيام به.
3 - وإن كان الإجراء الذي اتخذته مصلحة الآثار بمنع العمل في الموقع لمدة تسعة أشهر يستند إلى ما لهذه المصلحة من سلطة عامة في تنفيذ القوانين المتعلقة بالآثار. غير أنه مع ذلك لا يعتبر بمثابة القوة القاهرة أو السبب الأجنبي الذي يعفي جهة الإدارة المتعاقدة من تنفيذ التزامها المشار إليه، ذلك لأنه من الأمور المسلمة أنه يشترط في القوة القاهرة أو السبب الأجنبي أن يكون غير ممكن التوقع مستحيل الدفع، فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه أو أمكن دفع الحادث ولو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة ولا يترتب عليه إعفاء المدين من التزامه، والذي يبين من الاطلاع على المادة السادسة والعشرين من عقد الأشغال العامة المبرم بين المدعي وجهات الإدارة المدعى عليها أن العمل كان يجرى في منطقة أثرية وأنه كان من الأمور المتوقعة عند إبرام العقد توقف العمل فيه لوجود آثار في الموقع، ويترتب على ذلك أن تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل كان أمراً متوقعاً ولذلك فلا يعتبر هذا العمل سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة يترتب عليها أن يتحلل المدعى عليهم من التزامهم بتمكين المدعي من المضي في تنفيذ العمل المتعاقد عليه حتى يتم إنجازه، وكان يجب عليهم قبل أن يكلفوا المدعية بالعمل أن يتأكدوا من مصلحة الآثار أنه لا يوجد بالموقع ما يحول دون تنفيذ العملية المتعاقد عليها في الأجل المتفق عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن الشركة المدعية أقامت الدعوى رقم 1506 سنة 17 القضائية ضد وزارة الإسكان والمرافق ومؤسسة الأبنية العامة وتفتيش مباني القاهرة التابعين لوزارة الإسكان بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في يوم 5 من يونيه سنة 1963 طالبة الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 9904.500 مليمجـ والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 4 من مارس سنة 1959 أرسيت عليها عملية إضافات مركز التدريب المهني بالمطرية، وتحدد لإنهائها 35 أسبوعاً تبدأ من يوم 18 من إبريل سنة 1959 على أن يتم التنفيذ تحت إشراف تفتيش مباني القاهرة، وقد قامت بحفر مساحة الموقع إلى عمق 2.5 متر حسب الرسومات غير أن تفتيش المباني كلفها بالتعميق إلى 3.5 متر ثم إلى 5.25 متر بعد أن وعد أن يعوضها عن التغيير الذي وقع في الرسومات، وبعد أن أتمت الحفر وأخذت في صب الخرسانة المسلحة فوجئت بأمر صادر من مصلحة الآثار بإيقاف العمل، ثم حاصرت الشرطة المنطقة وأخذ رجال مصلحة الآثار في البحث والتنقيب عن الآثار بالموقع، وظل العمل موقوفاً لهذا الغرض مدة تسعة أشهر، وترتب على ذلك إلحاق أضرار بالغة بالشركة تتمثل فيما يأتي: ( أ ) تلف الأسمنت والخشب اللاتزانة والرمال التي شونتها في الموقع نتيجة تعرضها للمؤثرات الجوية مدة طويلة دون استعمال (ب) تعطلت العدد والآلات التي كانت موجودة في الموقع ولم يكن في استطاعة الشركة استعمالها في أغراض أخرى لأن مدة الإيقاف لم تكن محددة وكان من المحتمل استئناف العمل في أية لحظة (جـ) تحملت الشركة مرتبات موظفيها ومهندسيها وعمالها طوال تلك المدة (د) ازدادت الأسعار وارتفعت الأجور مما كلف الشركة مبالغ أكبر من المبالغ التي قدرتها لإتمام العمل (هـ) تحملت الشركة فوائد للبنوك لم تكن لتتحملها لو أن العملية سارت في مجراها الطبيعي.
وقد قدرت الشركة الأضرار التي لحقت بها من جراء إيقاف العمل بمبلغ 6000 جنيه وقدمت بذلك مذكرة إلى تفتيش المباني، فقامت هذه المصلحة بفحص الموضوع وأقرت حق الشركة في مبلغ 1500 جنيه وبعد أن عادت الشركة إلى العمل وجدت أن الأعمال التي سبق أن قامت بها من حفر وصب للخرسانة قد انطمست، فاضطرت إلى إعادته من جديد بتكاليف أكثر، واشترطت مصلحة الآثار أن يكون الحفر تحت إشرافها، وكانت تغير من أوضاعه حيناً وتوقف العمل في أحيان أخرى لإعادة البحث والتنقيب عن الآثار، كما أن تفتيش المباني عدل في الرسوم فغير الأساسات من أساسات مستمرة إلى أساسات منفصلة، وترتب على هذا التغيير أن الحديد الذي تسلمته الشركة على أساس الرسومات الأولى لم يعد صالحاً بعد التعديل، فاضطرت إلى بيعه خردة وشراء حديد آخر شكلته من جديد مما حملها تكاليف أكثر بسبب ارتفاع أسعار الحديد وزيادة أجور الصناعة ويضاف إلى ذلك أنه بعد أن قامت الشركة بتشييد المباني بطول 80 متراً وارتفاع 4 متر في الجهة الشرقية وبطول 22 متراً وارتفاع 4 متر من الجهة القبلية للرسومات المعتمدة، أمرت المصلحة بهدم هذه المباني لمساسها بأرض الجار، وكذلك عندما همت الشركة بعمل شبكة المجاري طلبت منها المصلحة وقف العمل حتى يتم تغيير الرسومات، وتوقف العمل نتيجة لذلك مدة شهرين، وعدلت الإدارة أيضاً رسومات مجاري تصريف الأمطار ولم يسلم التعديل إلى الشركة إلا بعد سبعة أشهر من تاريخ استئناف العمل، كما عدلت أيضاً فرشة الخرسانة، وورشة الكهرباء مما تطلب مدداً أطول للعمل ولم يكن متصوراً بعد كل ما حدث من عطل ترجع أسبابه إلى فعل المصلحة أن تقوم الأخيرة بتوقيع غرامات تأخير عليها، غير أن الذي حدث أن المصلحة أوقعت عليها غرامات تأخير بلغت 2100 جنيه خصمت من مستحقاتها، وإذا كانت المصلحة قد تجاوزت عن مدد التأخير التي تسببت فيها مصلحة الآثار فإنها لم تلتفت إلى التأخير الذي نشأ عن التعديلات المتكررة في رسومات المبنى وطلبات هدم بعض المباني التي أقيمت. وانتهت الشركة المدعية إلى تحديد طلباتها فيما يلي:-
أولاً: بيان التعويضات المطلوبة عن فترة التوقف عن العمل لمدة ستة أشهر ومقدارها 6654.500 مليمجـ.
1 - 18.000 جنيه أجرة 72 عامل أوقفوا عن العمل بالقوة.
2 - 202.500 مليمجـ أجرة ثلاث خفراء لمدة تسعة أشهر.
3 - 144.000 جنيه أجرة ملاحظ عن تسعة أشهر × 16 ج شهرياً.
4 - 360.000 جنيه أجرة مهندس عن تسعة أشهر × 40 ج شهرياً.
5 - 2000.000 جنيه إيجار عدد ومهمات هي 50 متر خشب حصرت بمعرفة التفتيش.
6 - 210.000 جنيه فرق ثمن أسمنت اضطرت الشركة لبيعه بسبب تلفه.
7 - 300.000 جنيه زيادة في سعر الطوب بمقدار جنيه في الألف.
8 - 640.000 جنيه زيادة في أسعار أعمال الكهرباء بواقع 20%.
9 - 375.000 جنيه زيادة في أسعار الحديد الرفيع بواقع 15 ج في الطن في 25 طن.
10 - 900.000 جنيه زيادة في أسعار الكريتال بواقع 30%.
11 - 85.000 جنيه فوائد البنك عن 9 أشهر لخطابات الضمان.
12 - 150.000 جنيه أجر نقل مهمات من مكان إلى آخر بناء على أوامر مصلحة الآثار وما ترتب على ذلك من فقدان بعضها.
13 - 270.000 جنيه مصاريف مكتب مدة التوقف بواقع 30 ج شهرياً.
ثانياً أضرار نشأت عن تعديل الرسومات ومقدارها 1150 ج.
1 - 600.000 جنيه قيمة الخسارة في الحديد الذي بيع خردة بسبب عدم صلاحيته بعد تعديل رسومات الأساسات من أساسات مستمرة إلى قواعد منفصلة.
2 - 200.000 جنيه خسارة الشركة عن تعديل شبكة المجاري لدخولها في أرض الجار.
3 - 250.000 جنيه خسارة الشركة بسبب هدم المباني التي أقيمت.
4 - 50.000 جنيه خسارة الشركة بسبب تعديل رسومات ورشة الكهرباء.
5 - 50.000 خسارة الشركة بسبب تعديل في رسومات صرف الأمطار.
ثالثاً: قيمة غرامة التأخير التي أوقعتها المصلحة ومقدارها 2100 ج. فيكون جملة التعويض المستحق للشركة هو مبلغ 9904.500 مليمجـ هو الذي تطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوه إليها.
ردت وزارة الإسكان على الدعوى بأن عملية الإضافات اللازمة لمركز التدريب المهني بالمطرية أرسيت على الشركة المدعية بمبلغ 24885.860 مليمجـ على أن ينتهي العمل خلال 35 أسبوعاً تبدأ من 14 من مارس سنة 1959 وتنتهي في 11 من نوفمبر سنة 1959 ثم تعديل ميعاد بدء التنفيذ إلى 18 من إبريل سنة 1959، وقد بدأت الشركة في العمل من هذا التاريخ واستمرت فيه إلى يوم 20 من مايو سنة 1959، وفيه طلبت مصلحة الآثار إيقاف العمل لوجود آثار بموقع العمل، واستمر الإيقاف حتى يوم 27 من فبراير سنة 1960 أي لمدة 282 يوماً، ولذلك فقد تحدد ميعاد النهو يوم 25 من سبتمبر سنة 1960 ولكن الشركة لم تنته من إنهاء العملية وتسليمها تسليماً ابتدائياً إلا في يوم 19 من أكتوبر سنة 1961 بتأخير قدره 388 يوماً احتسبت عنه غرامة تأخير مقدارها 2090.248 مليمجـ خصمتها الإدارة من مستحقات الشركة.
ثم ردت الحكومة عن مطالبات الشركة بالآتي:
أولاً: بالنسبة إلى التعويض عن مدة وقف العمل بسبب البحث عن الآثار.
توجب المادة 26 من العقد على المقاول أن يوقف العمل في المكان الذي يعثر فيه على الآثار حتى يتلقى تعليمات من المراقب أو من ينوب عنه ولذلك يكون من الأمور المتوقعة في العقد توقف العمل إذا وجدت آثار بالموقع، والشركة وحدها تكون هي المسئولة عن تدبير أمورها في هذه المدة دون أن يحق لها طلب تعويض نظير ذلك، وقد قضت بذلك أيضاً المادة 61 من الشروط العمومية التي تنص على أن المقاول مسئول وحده عن مواجهة كل الصعوبات التي تصادفه مهما كان نوعها سواء كانت منظورة أو غير منظورة وسواء كان ذلك بسبب طبيعة الأرض أو الطبقات السفلية فيها أو المواد التي سيجرى حفرها أو تعترضه أثناء العمل، وليس له الحق في المطالبة بفئات أزيد مما هو مدون في عطائه أو أي مبالغ إضافية أو تعويض نظير الصعوبات التي تطرأ أو الظروف التي لم تكن منتظرة أو بسبب تكبده مصروفات زائدة أو خسارة أو تأخير يمكن أن ينشأ من طبيعة الطبقات أو الماء الذي يوجد بالأساسات والطبقات السفلية أو عدم التحقق من التزاماته أو بسبب أي خطأ أو سهو مهما كان نوعه، حصل في مستندات العقد أو في أي معلومات أخرى معطاة للمقاول، ويجب أن يعتبر أن النفقات المعطاة شاملة ومغطية مثل هذه المخاطر والمسئوليات والالتزامات، وقد نصت المادة 22 من العقد على هذا السبب. ويتضح من هذه النصوص أنه لا يحق للشركة أن تطالب بأي تعويض نتيجة صعوبات نشأت عن طبيعة الأرض وما ينتج من ذلك من توقف عن العمل، وكل ما يمكن للشركة أن تطالب به هي مهلة إضافية تساوي مدة إيقاف العمل وما دامت جهة الإدارة قد منحت الشركة هذه المهلة ومقدارها 282 يوماً، فمن ثم لا يجوز للشركة أن تطالب بتعويض آخر، ويضاف إلى ذلك أن المبالغ التي تطالب بها الشركة عن هذه المدة لا أساس لها من العقد أو القانون فبالنسبة إلى أجر المهندس فإن المادة 18 من العقد إذا كانت توجب على الشركة تشغيل مهندس أثناء سير العمل، فإنها لا تلزمها بذلك أثناء مدة التوقف عن العمل، فضلاً عن أن تقارير المهندس الحكومي قاطعة في أن مهندس الشركة لم يكن موجوداً بموقع العمل اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1959. وبالنسبة إلى أجر الملاحظ فمن غير الثابت بالأوراق وجوده في محل العمل أثناء مدة التوقف، وأما بالنسبة إلى أجر الخفراء فالثابت أن مصلحة الآثار تضع حراسة مشددة على الموقع وتمنع أي فرد من الاقتراب منها مما يتعذر معه قيام أية حراسة أخرى، وبالنسبة إلى ما تطالب به الشركة نظير زيادة الأسعار فإن رتب الزيادة غير ثابتة، كما أنها لا حق لها فيها طبقاً للمادة 37 من العقد، والتي تنص على أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال إجابة طلبات المقاولين فيما يختص بزيادة الفئات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما تطالب به الشركة نظير إيجار الأخشاب الموجودة بالموقع، فهو يخالف نص المادة 27 من العقد التي تقضي بأن تكون جميع العدد والآلات والمهمات التي يستحضرها المقاول إلى موقع العمل بقصد استعمالها في تنفيذ العمل مملوكة للحكومة ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للشركة أن تطالب عن بقائها بالموقع بأي تعويض، وأما ما تطالب به الشركة كفوائد عن خطاب الضمان، فإن خطابات الضمان كالتأمين النقدي، وقد نصت المادة 13 من العقد على أن لا تدفع فوائد عن التأمين، ولذلك فلا يحق للشركة المطالبة بفوائد عن خطاب الضمان. وأما بالنسبة إلى ما تطالب به الشركة عن تلف الأسمنت فإنه أمر لا دليل عليه، ولا تتحمل الإدارة أي مسئولية عن التلف طبقاً للمادة 37 من العقد.
وانتهت جهة الإدارة إلى أن كل العناصر التي تطالب بها الشركة كتعويض عن توقف العمل لا أحقية للشركة فيها أصلاً، كما أن هذه العناصر كلها لا أساس لها من الواقع أو القانون وتكون طلبات الشركة على غير أساس.
ثانياً: التعويضات الناشئة عن تعديل الرسومات.
قالت جهة الإدارة إن الثابت من الملفات أن الشركة حوسبت عن جميع الأعمال التي قامت بها واستوفت كافة مستحقاتها عنها، كذلك لا يجوز للشركة أن تطالب بالزيادة في الأسعار أو غير ذلك نتيجة تعديل الرسومات، وذلك طبقاً لنص المادة 40 من العقد التي تنص على أن للإدارة في أي وقت سواء قبل أو بعد البدء في التنفيذ أن تعدل الأعمال أو تزيدها أو تنقصها، وعلى ذلك فإنه إذا قامت جهة الإدارة بشيء من هذا القبيل فلا يخول ذلك المتعاقد معها أي حق في المطالبة بتعويض.
ثالثاً: عن غرامة التأخير.
تنص المادة 29 من العقد على أنه إذا تأخر المقاول عن إتمام العمل وتسليمه كاملاً في المواعيد المحددة ولم ترد الإدارة سحب العمل لهذا السبب فإنها توقع عليه غرامة عن المدة التي يتأخر فيها نهو العمل بعد الميعاد المحدد للتسليم إلى أن يتم الاستلام بنسبة مقدارها 1% عن الأسبوع الأول أو أي جزء منه، 1.5% عن الأسبوع الثاني، 2% عن الأسبوع الثالث، 2.5% عن الأسبوع الرابع و3% عن أي مدة تزيد على ذلك، وتحتسب الغرامة من قيمة ختامي العملية جميعها إذا رأت أن الجزء المتأخر يمنع الانتفاع بالعمل على أكمل وجه.
وأوضحت جهة الإدارة أن مدد التوقف قد روعيت فلم تحتسب المدة التي أوقف فيها العمل فيها العمل بناء على طلب مصلحة الآثار، كما أنه عندما تظلمت الشركة من أن الحفريات التي قامت بها في المدة من 18 من إبريل سنة 1959 حتى 20 من مايو سنة 1959 قد تهدمت مما اضطرها إلى إعادة العمل من جديد وزيادة العمق من 2 متر إلى 5 متر قدرت جهة الإدارة مد العمل فترة مقدارها 32 يوماً كما أضافت إلى مدة العمل مدداً إضافية أخرى تعادل الأعمال الإضافية الناشئة عن تعديل الرسومات بلغت 127 يوماً أضيفت إلى الميعاد المقرر للنهو وكان يوم 25 من سبتمبر سنة 1960 ولكن الشركة رغم ذلك لم تقم بإنهاء العمل إلا في 19 من أكتوبر سنة 1961 فأوقعت عليها غرامة تأخير تمثل 7% فقط من قيمة التأمين، وعن مدة أربعة أسابيع فقط في حين أن تأخير الشركة يفوق ذلك أضعافاً مضاعفة، وانتهت جهة الإدارة إلى أن الدعوى برمتها على غير أساس من القانون متعينة الرفض.
وقد عقبت الشركة المدعية على ذلك بمذكرتين رددت فيهما ما جاء في صحيفة الدعوى وأضافت أن المادتين 26، 61 من العقد لا تتناولان حالة الإيقاف الكلي عن العمل إذ لا تدخل هذه الحالة في نطاق الصعوبات التي تعترض المقاول أثناء التنفيذ فالصعوبات التي تشير إليها هاتان المادتان خاصتين بطبيعة العمل ذاته ولا تتصل بفعل الغير، وإذا أوقف العمل بسبب لا دخل للمقاول فيه وارتفعت الأسعار إبان الانقطاع، فإن للمقاول أن يرجع بالزيادة على رب العمل أما القول بأن المادة 27 من العقد تجعل الحكومة مالكة للعدد والآلات والمهمات التي يستحضرها المقاول إلى الموقع لاستخدامها في العمل فالحكمة من إيرادها هي ضمان تنفيذ العملية، ومتى نفذت بقيت تلك المهمات كما كانت من قبل في ملك المقاول، ولذلك فإنه يستحق إيجاراً عما تعطل منها أثناء فترة التوقف وكذلك الأمر بالنسبة إلى فوائد خطاب الضمان وأما بالنسبة إلى غرامة التأخير فقد نشأ التأخير عن كثرة التعديلات التي أجرتها جهة الإدارة، وخرجت بالمشروع عن نطاقه الأصلي وقد طلب تفتيش المباني إزاء ذلك مد المهلة المحددة للعمل ورفع غرامة التأخير، ويضاف إلى ذلك أن التفتيش اعترف بحق الشركة في مبلغ 1502.903 مليمجـ كتعويض لها عن مدة الإيقاف.
ومن حيث إنه بجلسة 5 من يونيه سنة 1966 حكمت المحكمة بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بأن تدفع للشركة المدعية مبلغ 459.500 مليمجـ والمصاريف المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وأقامت قضاءها على أن المادة 26 من العقد وإن كانت قاطعة في توقع أن تكون موقع العمل منطقة أثرية كما حتمت وقف العمل في حالة اكتشاف آثار به، غير أن ذلك لا يعدو أن يكون تنظيماً لسير العمل في حالة اكتشاف آثار بالموقع، ولا يمنع القضاء بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بالمتعاقد مع الإدارة والمترتبة على وقف العمل، ولا يجوز الاحتجاج بنص المادة 61 من شروط العقد لأن هذا النص ينفي حق المتعاقد مع الإدارة في المطالبة بأي تعويض نظير الصعوبات المادية التي تواجهه بسبب طبيعة طبقات الأرض، (وهو ما يفترض تحققه منه قبل التعاقد بوسائله الفنية) أو بسبب عدم تبينه حقيقة التزاماته (وهو ما يفترض وقوع خطأ منه) ومن ثم فلا يصلح هذا النص سبباً لنفي حقه في التعويض نتيجة وقف العمل بسبب خارج عن إرادته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما ورد بالشروط العمومية، وعلى ذلك فإن الشركة تستحق التعويضات الآتية عن مدة التوقف عن العمل.
1 - 18.500 مليمجـ أجر الـ 72 عاملاً الذين أوقفوا عن العمل في يوم الإيقاف لأن الشركة لم تكن تستطيع تفادي هذا الإجراء.
2 - 141 ج قيمة أجرة خفيرين فقط بواقع 25 قرشاً يومياً لكل منهما طوال مدة التوقف ومقدارها 282 يوم ولا حق للشركة في أجر المهندس أو الملاحظ لأنه ما كان يصح بعد أن أوقف العمل أن تستبقي أياً منهما بالموقع وكذلك لا حق لها في إيجار الأخشاب الموجودة بموقع العمل والفرق بين ثمن شراء الأسمنت وبيعه لأنها أمور غير ثابتة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما تطلبه من التعويض عن الزيادة في أسعار الطوب وأعمال الكهرباء والحديد والكريتال لأنه فضلاً عن أنها غير ثابتة فلا تعتبر من الآثار المباشرة المترتبة على وقف العمل، وأما بالنسبة إلى فوائد كتاب الضمان فلا يحق للشركة المطالبة بها طبقاًً لنص المادة 13 من العقد لأن خطاب الضمان كالتأمين النقدي فلا تستحق عنه فوائد. وأما بالنسبة إلى ما تطلبه الشركة كثمن للأخشاب التي فقدت نتيجة نقلها بأمر مصلحة الآثار، فإنه لما كانت الشركة تستحق أجر الحراسة فلا يسوغ لها أن تطالب بقيمة الأخشاب المفقودة لأن تبعة ذلك تقع على خفرائها وأما بالنسبة إلى مصاريف المكتب فلا حق لها فيها لأن هذه المصاريف تدخل ضمن نفقات الشركة كمنشأة إنتاجية، ولا يرتبط اتفاقها بحالة العملية، بل بعموم نشاط الشركة، ولذلك فلا تدخل ضمن الأضرار التي أصابت الشركة من جراء الإيقاف. وأما بالنسبة إلى التعويض الذي تطلبه الشركة نتيجة تعديل الرسومات بسبب وجود منطقة آثار في الموقع فإنه لا حق لها فيه طبقاً للمادة 40 من العقد التي تعطي لجهة الإدارة حق تعديل الأعمال الجارية بالزيادة أو بالنقصان أو تأمر بإضافة أعمال جديدة دون أن يكون من حق المقاول المطالبة بأي تعويض عن ذلك، غير أن هذا النص لا ينفي حق الشركة في التعويض عما تكون قد أزالته من المباني التي أقامتها نتيجة تعديل الرسومات وما يكون قد تلف من المهمات التي استعملت، ولهذا رأت المحكمة تعويض الشركة بمبلغ 50 ج عن تعديل الشبكة الأرضية للمجاري مسترشدة في ذلك بفئات التعاقد ولأن الشركة استعملت بعض متخلفات الهدم وبمبلغ 250 ج عن هدم الأبنية وهي واقعة لم تنفها الحكومة.
وأما بالنسبة إلى غرامة التأخير فقالت المحكمة إن الثابت أن الشركة استلمت الموقع وبدأت في العمل من يوم 19 من إبريل سنة 1959 ثم أوقف العمل في يوم 20 من مايو سنة 1959 بناء على طلب مصلحة الآثار، ثم استؤنف في يوم 27 من فبراير سنة 1960، وكان يجب على الشركة أن تنهيه في 25 من سبتمبر سنة 1960 غير أنها لم تسلم المبنى إلا في 19 من أكتوبر سنة 1961 ومن ثم تكون قد تأخرت في تنفيذ التزاماتها وتكون الحكومة محقة في توقيع غرامة التأخير عليها وتكون دعواها في هذا الشأن على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1320 لسنة 12 القضائية المقدم من الشركة المدعية أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب على النحو الآتي:
1- فمع أن المحكمة انتهت في حكمها إلى مسئولية الحكومة عن وقف العمل طوال مدة التسعة أشهر فإنها لم تحكم باستحقاقها لأجر المهندس أو الملاحظ بمقولة إن الشركة لا حق لها في استبقاء أي منهما بالموقع بعد إيقاف العمل، وهذا مردود بأن الشركة ما كانت تستطيع الاستغناء عن أيهما دون أن تعوضهما تعويضا مجزياً عن إنهاء العمل بسبب يرجع إليها، كما أنها ما كانت تستطيع تسريحهما لأنها لم تكن تعرف أن العمل سيظل موقوفاً وكان استئنافه متوقعاً في أي لحظة.
2- طالبت الشركة بإيجار العدد والمهمات طوال مدة الإيقاف ومقابل ما تلف من الأسمنت وزيادة الأسعار وقالت المحكمة إنه لا حق لها فيها لأنها أمور غير ثابتة ولأن زيادة الأسعار لا تعتبر آثاراً مباشرة لإيقاف العمل، وهذا لا يصلح رداً على طلبات الشركة لأنه من غير المنكور في الدعوى أن الأخشاب والمهمات تركت في مكان العمل وحصرت بمعرفة مهندس التفتيش، كما أنه لا جدال في أن الأسمنت يتلف إذا ترك تسعة أشهر بدون استعمال، ويضاف إلى ذلك أن تفتيش المباني اعترف في مذكراته بزيادة الأسعار.
3- اضطرت الشركة بعد استئناف العمل إلى أن تعيد الحفر وصب الخرسانة المسلحة من جديد ولم يتحدث الحكم عن ذلك مع أن لهذه الواقعة أصلاً ثابتاً في الأوراق بخطاب مرفوع إلى السيد وكيل الوزارة ملف رقم 141/ 2/ 10 ص 499 وملف رقم 116/ 4/ 66 أ ب% 2.
4- ذكرت المحكمة في حكمها المطعون فيه في معرض تحصيل الوقائع أن الحكومة أقرت حق الشركة في اقتضاء مبلغ 150 ج كتعويض لها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إيقاف الأعمال، وإذا كان ذلك ثابتاً في أوراق الملف رقم 141/ 2/ 10 ص 531 فإنه كان مطلوباً من الحكم أن يبين أثر هذا الإقرار، والحكم بأحقية الشركة في هذا المبلغ، ولا يقتصر على مجرد الحكم لها بأجر خفيرين وأجور العمال الذين أجلتهم مصلحة الآثار عن الموقع في يوم 20 من مايو سنة 1959.
5- انتهي الحكم إلى أحقية جهة الإدارة في تعديل الرسومات الخاصة بالأساسات على ألا ينفي ذلك حق الشركة في الحصول على تعويض عما تكون إزالته من المباني بعد إقامتها نتيجة التعديل وما يكون قد تلف من المهمات التي استعملتها، وتأسيساً على ذلك فإن الحكم إذا أغفل النظر في المبلغ الذي طالبت به الشركة وقدره 600 ج مقابل الحديد الذي تلف نتيجة تعديل الرسومات الخاصة بالأساسات يكون قد شابه قصور يجعله مخالفاً للقانون.
6- بالنسبة إلى ما قضت به المحكمة من رفض الدعوى بالنسبة إلى غرامة التأخير فقد أخطأ الحكم إذ لم يرد على دفاع الشركة في شأن المدد الواجب إضافتها إلى الميعاد المقرر لنهو العمل بسبب تعديل الرسومات واضطرار الشركة إلى هدم ما سبق أن أنشأته لدخوله في أرض الجار وإعادة إنشائه من جديد ويضاف إلى ذلك أن الحكم لم يتنبه إلى ما هو ثابت في الأوراق من أن جهة الإدارة أسقطت غرامة التأخير عن الشركة (يراجع الملف 141/ 2/ 5 ص 499 والملف 141/ 2/ 10 ص 289، 240، 250) وليس من شك في أنه يحق لجهة الإدارة التنازل عن توقيع الغرامة لأنها أقدر على تبين ظروف العمل، فإذا كانت الأوراق قاطعة في أن جهة الإدارة تنازلت عن توقيع الغرامة للظروف العملية فلا يجوز لها بعد ذلك أن توقعها على الشركة، ويكون الحكم إذ قضى بغير ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن مبني الطعن رقم 1340 لسنة 12 القضائية المقدم من الحكومة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن المادة 26 من العقد جعلت من الأمور المتوقعة وقف العمل لوجود آثار بالموقع، ولهذا تكون الشركة وحدها مسئولة عن تدبير أمورها خلال مدة الإيقاف، دون أن يكون لها أي حق في التعويض نظير ذلك، وقد نصت على ذلك أيضاً المادة 61 من الشروط العمومية فقضت بأن المقاول مسئول وحده عن مواجهة الصعوبات التي تصادفه مهما كان نوعها، وسواء كانت منظورة أو غير منظورة، وسواء كانت بسبب طبيعة الأرض أو الطبقات السفلية منها أو المواد التي يجرى حفرها أو تعترضه أثناء العمل، وليس له المطالبة بفئات أزيد عما هو مدون بعطائه أو أية مبالغ إضافية أو تعويضات نظير الصعوبات التي تطرأ أو الظروف التي لم تكن منتظرة ويتضح من ذلك أن قيمة العطاء المتفق عليه تشمل جميع الالتزامات والمسئوليات المترتبة على العقد دون أن يكون للشركة أن تطالب بأي تعويض نتيجة صعوبات ناشئة عن طبيعة الأرض، وما ينتج عن ذلك من توقف عن العمل، وكل ما يمكن أن تطالب به هو تعويضها عن مدد التوقف وقد قامت جهة الإدارة بذلك فعلاً، وبالرغم من هذه النصوص الصريحة فقد قضت المحكمة بحق الشركة، في التعويض على أساس المسئولية العقدية في حين أنه ليس ثمة خطأ يمكن نسبته إلى جهة الإدارة يبرر الحكم عليها بالتعويض. أما ما ذهب إليه الحكم من أن نص المادة 61 من العقد لا يصلح سبباً في نفي حق المدعية في التعويض نتيجة وقف العمل بسبب خارج عن إرادتها، فإنه قول لا سند له من القانون، لأنه إذا كانت الاستحالة ناشئة عن سبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي أصلاً، والسبب الأجنبي هو الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ الدائن أو فعل الغير، ويجب أن يكون الحادث غير متوقع ومستحيل الدفع ويكون من شأنه أن يجعل التنفيذ مستحيلاً، وغني عن البيان أنه لا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا باتفاقهما من أثر القوة القاهرة، فيتفقا مثلاً على أن يتحمل المدين بالأثر، وعلى ذلك فلم يكن للمحكمة أن تبحث ما إذا كان نص المادة 61 من العقد يصلح أو لا يصلح سبباً لنفي حق الشركة في التعويض، إلا بعد أن تبحث أولاً ما إذا كان لها حق أصلا في التعويض أم ليس لها هذا الحق أي هل تعتبر جهة الإدارة المتعاقدة مسئولة عن توقف العمل أم لا، فالمسئولية العقدية لا تترتب إلا على خطأ عقدي ولم يبين الحكم كنة هذا الخطأ الذي يبرر الحكم بالتعويض ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون فيما قضى به من تعويض للشركة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الشق الأول من المنازعة والخاص بالتعويضات التي يطلبها المدعي نظير الأضرار التي لحقت به نتيجة لتوقف العمل بسبب تدخل مصلحة الآثار، فإنه من الأمور المسلمة في العقود كافة، سواء كانت عقوداً إدارية أو مدنية، إن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أياً كان السبب في ذلك، يستوي في ذلك أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن عمده أو إهماله، أو عن فعله دون عمد أو إهمال.
ومن حيث إن العقد الذي تستند إليه المنازعة الحالية هو عقد مبرم بين الجهة الإدارية المدعى عليها والمدعي للقيام ببناء عقارات لصالح شخص معنوي عام وبقصد تحقيق مصلحة عامة فهو عقد أشغال عامة، ويولد هذا العقد في مواجهة جهة الإدارة التزامات عقدية أخصها أن تمكن المتعاقد معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه فإذا لم تقم بهذا الالتزام فإن هذا يكون خطأ عقدياً في جانبها يخول المدعي الحق في أن يطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم قيام جهة الإدارة بالتزامها أو من جراء تأخرها في القيام به.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من أوراق الطعن أن جهة الإدارة المدعى عليها مكنت المدعي من البدء في تنفيذ العملية المتعاقد عليها، فسلمته الموقع في يوم 18 من إبريل سنة 1959 وباشر العمل فيه حتى يوم 20 من مايو سنة 1959، وفيه منع المدعي من مباشرة العمل منذ ذلك التاريخ حتى يوم 27 من فبراير سنة 1960 بواسطة عمال مصلحة الآثار بسبب قيام هذه المصلحة بالبحث والتنقيب عن الآثار في أرض الموقع، فإن الخطأ العقدي يتحقق في جانب جهة الإدارة المتعاقدة ويتمثل هذا الخطأ في عدم قيامها بتنفيذ التزام من التزاماتها الناشئة عن عقد الأشغال العامة المشار إليه، وهو عدم تمكينها المدعي من إنجاز العملية المتفق عليها في المواعيد المحددة في العقد، ويترتب على ذلك أن تكون جهة الإدارة مسئولة عن تعويض الأضرار التي لحقت بالمدعي من جراء ذلك الإيقاف إن كان لذلك وجه. ما لم تثبت انتفاء علاقة السببية بين خطئها وبين الضرر الذي أصاب المدعي ولا يتأتى ذلك إلا بإثبات أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد لها فيه كحادث فجائي أو بقوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ من الغير.
ومن حيث إنه وإن كان الإجراء الذي اتخذته مصلحة الآثار بمنع العمل في الموقع لمدة تسعة أشهر يستند إلى ما لهذه المصلحة من سلطة عامة في تنفيذ القوانين المتعلقة بالآثار، غير أنه مع ذلك لا يعتبر بمثابة القوة القاهرة أو السبب الأجنبي الذي يعفي جهة الإدارة المتعاقدة من تنفيذ التزامها المشار إليه، ذك لأنه من الأمور المسلمة أنه يشترط في القوة القاهرة أو السبب الأجنبي أن يكون غير ممكن التوقع مستحيل الدفع، فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه أو أمكن دفع الحادث ولو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة ولا يترتب عليه إعفاء المدين من التزامه، والذي يبين من الاطلاع على المادة السادسة والعشرين من عقد الأشغال العامة المبرم بين المدعي وجهات الإدارة المدعى عليها أنها تنص على ما يأتي "الآثار والمواد الصالحة للبناء- ( أ ) جميع الآثار والعملة والأشياء الأخرى ذات القيمة التي قد يعثر عليها أثناء العمل يجب تسليمها في الحال للمراقب أو لمن ينوب عنه أو لأي شخص آخر يكون مخولاً له استلامها بالنيابة عن الحكومة، وعلى المقاول أن يتخذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع حصول أي كسر أو ضرر لهذه الأشياء وعله أن يخطر في الحال المراقب أو من ينوب عنه عند اكتشاف أية مقبرة أو تماثيل أو حفريات أو بقايا مبان قديمة أو أية آثار أخرى يصعب نقلها ويعثر عليها أثناء الحفر وفي تلك الحالة يجب أن يتوقف العمل في هذا المكان حتى يتلقى تعليمات من المراقب أو من ينوب عنه، ويستفاد من هذا النص كما ذهب إلى ذلك المدعى عليهم في مذكراتهم المقدمة في الدعوى وفي عريضة الطعن المقدمة منهم أن العمل كان يجرى في منطقة أثرية وأنه كان من الأمور المتوقعة عند إبرام العقد توقف العمل فيه لوجود آثار في الموقع، ويترتب على ذلك أن تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل كان أمراً متوقعاً ولذلك فلا يعتبر هذا العمل سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة يترتب عليها أن يتحلل المدعى عليهم من التزامهم بتمكين المدعي من المضي في تنفيذ العمل المتعاقد عليه حتى يتم انجازه، وكان يجب عليهم قبل أن يكلفوا المدعية بالعمل في الموقع أن يتأكدوا من مصلحة الآثار أنه لا يوجد بالموقع ما يحول دون تنفيذ العملية المتعاقد عليها في الأجل المتفق عليه.
ومن حيث إنه لا اعتداد في هذا الشأن بما ذهب إليه المدعى عليهم من أن الشركة المدعية كانت تعلم بأن موقع العمل من المناطق الأثرية فإذا ما توقف العمل لهذا السبب كانت الشركة المدعية هي المسئولة عن تدبير أمورها ولا يحق لها المطالبة بأي تعويض نظير ذلك أو بأن المادة 61 من الشروط العامة للعقد قد تضمنت اتفاقاً على أن تتحمل الشركة المدعية أثر القوة القاهرة لا اعتداد لذلك لأنه بالنسبة إلى السبب الأول فإنه مردود بأن الالتزام بتمكين الشركة المدعية من إنجاز العمل المعهود به إليها إنما يقع على عاتق جهة الإدارة، وهي لم تقم بتنفيذه على النحو السالف بيانه، فتكون جهة الإدارة قد قصرت في تنفيذ التزاماتها وتلتزم بالتعويض، ويقع عليها هي بحث إثبات أن القوة القاهرة هي التي حالت دون تنفيذ التزامها أو أن السبب في الأضرار التي لحقت بالشركة المدعية ترجع إلى خطئه أو خطأ الغير وهي لم تقدم ما يثبت شيئاً من ذلك، وأما بالنسبة إلى السبب الثاني فإنه مردود أيضاً بما أورده الحكم المطعون فيه ومحصله أن هذا النص ينفي حق المتعاقد مع الإدارة في المطالبة بأي تعويض نظير الصعوبات المادية التي تواجهه بسبب طبيعة طبقات الأرض، (وهو ما يفترض تحققه منه قبل التعاقد بوسائله الفنية) أو بسبب عدم تبينه حقيقة التزاماته (وهو ما يفترض وقوع خطأ منه) غير أنه لم يرد بهذا النص أو غيره من نصوص العقد الأخرى ما يدل على أن المتعاقدين قصدا أن يعدلا باتفاقهما من أحكام القوة القاهرة أو آثارها أو أن تتحمل الشركة المدعية الآثار المترتبة على تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل إذا وجدت آثار بالموقع.
ومن حيث إنه يترتب على ذلك كله أنه لما كانت جهة الإدارة المتعاقدة لم تقدم ما يدل على أن سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة هي التي حالت بينها وبين تنفيذ التزامها بتمكين الشركة المدعية من إنجاز العمل المتعاقد عليه على النحو السالف بيانه فمن ثم فإن الخطأ العقدي يكون ثابتاً في حقها، وتتحقق بذلك مسئوليتها العقدية وتلتزم بتعويض الشركة المدعية عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة إيقاف الأعمال في المدة من 18 من إبريل سنة 1959 حتى يوم 27 من فبراير سنة 1960.
ومن حيث إن الشركة المدعية تذكر أن الأضرار التي لحقت بها نتيجة توقف العمل خلال تلك المدة يقدر بمبلغ 6654.500 مليمجـ تتمثل في ثلاثة عشر عنصراً سبق بيانها فيما سبق وقد تبين لهذه المحكمة من بحث هذه العناصر ما يأتي:
أولاً: فيما يتعلق بمطالبة الشركة المدعية بأجر الـ 72 عاملاً الذين أوقفوا عن العمل في يوم 20 من مايو سنة 1959 تاريخ تدخل مصلحة الآثار والاستيلاء على الموقع، فإن من حق الشركة أن تحصل على أجور عمالها في هذا اليوم وقد قدرته بمبلغ 18 ج، غير أن الثابت من الاطلاع على الملف رقم 141/ 2/ 10/ 6 جزء 2 أن الشركة المدعية تقدمت بشكوى طالبة تعويضها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إيقاف العمل فأحيلت إلى مديري أعمال بتفتيش المباني، قاما ببحث الشكوى ثم قدما مذكرة برأيهما أشر عليها مدير عام المصلحة في 19 من مايو سنة 1962 وقد أثبتت هذه المذكرة حق المقاول في مبلغ 13 جنيهاً و200 مليم كأجر للعمال على أساس ما ثبت لمقدميها من الاطلاع على تقارير المهندس المشرف على العملية وعلى أساس طبيعة الأعمال التي كانت تنفذ عند صدور أمر الإيقاف، وترى المحكمة اعتماد هذا التقدير والحكم للشركة بمبلغ 13.200 مليمجـ عن هذا العقد.
ثانياً: فيما يتعلق بأجور الخفراء فقد أصاب الحكم المطعون فيه في قضائه بمبلغ 141 ج للأسباب التي بني عليها، خاصة وقد أقرت المذكرة المشار إليها في البند السابق حق الشركة المدعية في الحصول على أجور الخفراء، وذكرت أنها احتسبت أجرهم ضمن ختامي العملية مما يدل دلالة قاطعة على أن الخفراء كانوا موجودين في موقع العمل طوال مدة الإيقاف وأنه لا صحة لما جاء بدفاع جهة الإدارة من أنه لم يكن هناك خفراء بالموقع، وإذ كان يتضح من الاطلاع على المذكرة المرفقة بالملف رقم 141/ 2/ 10/ 5 تحت رقمي 189، 190 أن أجور الخفراء قد استبعدت من ختامي العملية فمن ثم يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بدفع ذلك المبلغ.
ثالثاً: أما بالنسبة إلى أجر الملاحظ وتقدره الشركة بمبلغ 144 ج على أساس أن أجر الملاحظ هو 16 ج شهرياً، فالذي يتضح من الاطلاع على المذكرة المشار إليها في البند الأول من عناصر التعويض أن مقدمي المذكرة أثبتا فيها ما يأتي "وحيث إن الملاحظ الذي كان موجوداً بها حتى يوم تسلميها لم يكن ليتمكن من الانتقال إلى عملية أخرى لأن الأمر بإعادة استئناف العمل لم يكن موقوتاً بوقت معين وحيث إن المقاول قدم صورة فوتوغرافية تثبت أن راتبه 14 ج شهرياً يتضح أن تقدير هذا البند هو 9 أشهر × 14 ج = 126 ج" والذي يستخلص من هذا البيان أن الملاحظ كان موجوداً بالموقع طوال مدة الإيقاف، وأن الشركة المدعية لم تكن في حل من تنحيته لأن استئناف العمل في أي وقت كان متوقعاً، وهذا ينفي في ذاته صحة دفاع جهة الإدارة في شأن وجود الملاحظ في موقع العمل، وإذ كان مرتب الملاحظ هو 14 ج وليس ستة عشر جنيهاً كما تذهب الشركة المدعية، لذلك يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بدفع 126 ج عن هذا العنصر.
رابعاً: أما بالنسبة إلى أجر المهندس وتقدره الشركة المدعية بمبلغ 360 ج فقد جاء في المذكرة المشار إليها أنه يسري على هذا البند ما ذكرته في شأن الملاحظ ولذلك قدرت المبلغ المستحق للشركة المدعية بمبلغ 360 ج، غير أنه يبين من الاطلاع على الملف رقم 141/ 2/ 10/ 6 المرفق به تقارير المهندس مراقب العملية التي كانت تقدم كل خمسة عشر يوماً أن مهندس العملية كان موجوداً بموقع العمل خلال المدة من 20 من مايو سنة 1959 حتى يوم 31 من أكتوبر سنة 1959 وكان المهندس مراقب العملية يثبت في التقارير المقدمة منه أن مهندس المقاول كان مواظباً على التواجد في الموقع، أما بعد هذا التاريخ فلم يذكر عنه شيء مما يدل على أن الشركة استغنت عن خدماته، وأنه لم يباشر عمله منذ ذلك التاريخ بموقع العمل "الصفحات من 18 إلى 66 بالنسبة إلى المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1959، من صفحة 78 وما بعدها بالنسبة إلى المدة التالية لذلك، وعلى ذلك تستحق الشركة أجر المهندس عن المدة من 20 من مايو سنة 1959 حتى 31 من أكتوبر سنة 1959 أما بعد ذلك التاريخ فلا يحق لها المطالبة بأجر المهندس عنها، ولذلك يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا إلى الشركة المدعية مبلغ 214.600 مليمجـ عن هذا العنصر.
خامساً: أما بالنسبة إلى إيجار العدد والمهمات التي تركت بالموقع وقد قدرته الشركة بمبلغ 2000 ج فإنه يبين من الاطلاع على المذكرة المشار إليها أن العدد والمهمات التي كانت موجودة بموقع العمل عند الإيقاف كانت تقدر بحوالي 30 م3 أخشاب من ألواح وعروق ومهمات وأنه إذا احتسب الإيجار عنها طبقاً لقائمة الأثمان فيكون المستحق هو مبلغ 171 ج وليس من شك في ملاءمة هذا التقدير للأسباب التي بني عليها خاصة وأن الشركة المدعية لم تقدم ما يناقضه أو ينال من صحته. ولا اعتداد في هذا الشأن بما أثاره المدعى عليهم في دفاعهم من أن هذا الطلب يتعارض مع نص المادة 27 من العقد التي تقضي بأن تكون جميع العدد والآلات والمهمات التي يستحضرها المقاول إلى موقع العمل بقصد استعمالها في تنفيذ العمل مملوكة للحكومة ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للشركة أن تطالب بتعويض عن بقائها في الموقع- لا اعتداد لذلك - لأن الحكمة من إيراد ذلك النص هو ضمان تنفيذ العملية ومتى نفذت بقيت المهمات كما كانت في ملك المقاول، ولما كانت العملية قد أوقفت لأسباب تسأل عنها جهة الإدارة على الوجه السالف بيانه فإن الشركة تستحق الإيجار المناسب عنها طوال فترة التوقف عن العمل، ولذلك يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للشركة عن هذا العنصر مبلغ 171 ج.
سادساً: أما بالنسبة إلى فروق ثمن الأسمنت الذي اضطرت الشركة المدعية إلى بيعه فقد قدرت قيمة الخسارة التي لحقتها من جراء ذلك بمبلغ 210 ج وبالاطلاع على المذكرة المشار إليها يتضح أنه ورد عن هذا العنصر ما يأتي "كان للمقاول عند استئناف العمل بعد مدة الإيقاف 35 طن أسمنت... وعند إعادة بدء العمل اتضح عدم صلاحيتها مما اضطر معه المقاول استبدالها بأسمنت آخر جديد ورفعها من محل العمل فلو فرض أنه باعها كما جاء في شكواه فلن يتعدى ثمن البيع لمثل هذا البيع أكثر من الرسمية وعلى هذا يقدر هذا 35 طن × 2/ بند 280= طن 35 × 2.900 مليمجـ = 101.500 مليمجـ" وليس من شك في أن هذا البيان يدحض دفاع الحكومة من أنه لا دليل على تلف الأسمنت ولذلك ترى المحكمة الحكم بإلزام المدعى عليهم بدفع القيمة التي انتهت إليها تلك المذكرة ومقدارها 101.500.
سابعاً: وأما بالنسبة إلى العنصر الحادي عشر من عناصر التعويض والمتعلق بفوائد خطاب الضمان عن مدة تسعة أشهر فقد ورد عنه في المذكرة المشار إليها أن المقاول قدم خطاباً صادراً من البنك يثبت أن فوائد خطاب الضمان عن مدة الوقف هي 84.975 مليمجـ وإذ كانت الشركة المدعية قد دفعت تلك الفوائد بسبب تعطل العمل فمن ثم تستحق الشركة هذا المبلغ، دون اعتداد بما أثارته جهة الإدارة من أن المادة 13 من العقد تنص على ألا تدفع فوائد عن التأمين وأن هذا النص ينطبق سواء كان التأمين نقداً أو كان بخطاب ضمان ذلك لأن الفوائد التي تحملتها الشركة خلال مدة إيقاف الأعمال، إنما تمثل خسارة لحقت بها نتيجة سبب تسأل عنه جهة الإدارة على النحو السالف بيانه وتستحق لذلك تعويضاً عنها ويتعين لذلك الحكم بإلزام جهة الإدارة بأن تدفع للشركة مبلغ 84.975 مليمجـ عن هذا العنصر.
ثامناً: وأما بالنسبة إلى العنصرين، الثامن الخاص بالزيادة في أسعار أعمال الكهرباء والعاشر الخاص بالزيادة في أسعار الكريتال فلما كان من المتعارف عليه عدم تركيب مثل هذه الأدوات والمهمات إلا بعد الانتهاء من الأعمال المعمارية، وقد تضمن الجدول الزمني للعملية ما يؤيد ذلك إذ قضى بأن تنفذ تلك الأعمال في آخر مراحل العملية "ص 224 ملف رقم 141/ 2/ 10 جزء 3 وكان تاريخ استئناف العمل غير معروف، فمن ثم كانت الشركة المدعية معذورة في عدم تدبير هذه المهمات منذ بدء تنفيذ العملية، وإذ كان الثابت من المذكرة المشار إليها أن أسعار أعمال الكهرباء وأسعار الكريتال زادت عند استئناف العمل عما كانت عليه وتقدر الزيادة على أساس ختامي العملية بمبلغ 220.228 مليمجـ للعنصر الأول، 240 ج للعنصر الثاني فمن ثم يتعين الحكم بإلزام جهة الإدارة بدفع هذين المبلغين دون اعتداد لدفاع جهة الإدارة في شأن الزيادة في الأسعار لذات الأسباب المشار إليها في البند السابق.
تاسعاً: وأما بالنسبة إلى العناصر الباقية وهي العنصر السابع الخاص بأسعار الطوب، والتاسع الخاص بأسعار الحديد والعنصر الثاني عشر الخاص بأجر نقل المهمات وفقدان بعضها والعنصر الثالث عشر والخاص بمصروفات المكتب فإن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه برفض الدعوى بالنسبة إليها للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
وعلى أساس ما تقدم تستحق الشركة المدعية أن يقضى بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لها مبلغ 1312.803 مليمجـ ألف وثلاثمائة واثنى عشر جنيهاً وثمانمائة وثلاثة مليمات، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الشق الثاني من المنازعة والخاص بالتعويض الذي تطالب به الشركة المدعية عن تعديل الرسومات بسبب وجود آثار في المنطقة ومقداره 1150 ج فإن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع إلى الشركة المدعية مبلغ 300 ج (ثلاثمائة جنيه) ورفض ما عدا ذلك من الطلبات للأسباب التي استند إليها الحكم، ويضاف إليها بالنسبة إلى طلب الشركة تعويضها بمبلغ 600 ج قيمة خسارتها في الحديد الذي استغنى عنه بسبب تعديل رسومات الأساسات، فإنه يبين من الاطلاع على محضر التسليم الابتدائي للعملية، والمذكرة التي حررها مراقب عام التخطيط في شأن فحصه الختامي للعملية "الصفحات 188 - 194 ملف 141/ 2/ 10/ 5 أن جهة الإدارة أدخلت في الحساب عند تصفية المبالغ المستحقة للشركة المدعية، قيمة حديد التسليح الذي كانت الشركة قد أعدته لاستعماله في جزء من الأساسات قبل تعديلها، ولعدم صلاحيته للتشغيل بعد تعديل رسومات الأساسات بيع للمقاول بمبلغ 122.199 مليمجـ وخصم ثمنه من المستخلص المستحق للشركة ويتضح من ذلك أن جهة الإدارة كلفت الشركة المدعية بتقديم الحديد اللازم للعملية بعد تعديل الأساسات، وأضافت إلى حسابه قيمة الكميات التي قدمها جميعها سواء كان ذلك قبل تعديل الرسومات أو بعد ذلك، ثم باعت له ما اتضح أنه غير صالح للتشغيل بثمن اتفقا عليه، وخصمته من الحساب المستحق له، ومن ثم تكون الشركة المدعية قد حوسبت على الكميات التي تلفت وتكون مطالبتها عنها بتعويض آخر على غير أساس حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الشق الثالث من الدعوى والخاص بغرامة التأخير التي أوقعتها جهة الإدارة بالشركة المدعية، فقد أصاب الحكم المطعون فيه في قضائه للأسباب التي بني عليها والتي تعتبرها أسباباً لحكمها، ويضاف إلى ذلك أنه يبين من الاطلاع على الملف رقم 141/ 2/ 10/ 6 جزء 2، أنه بعد أن قامت الشركة المدعية بإنهاء العملية وتسليمها تسليماً ابتدائياً في يوم 19 من أكتوبر سنة 1961 بتأخير مقداره 373 يوماً، تقدمت بمذكرة أشارت فيها إلى الصعوبات التي صادفتها أثناء التنفيذ وطلبت رفع غرامة التأخير فقام تفتيش المباني بفحص الشكوى، ثم حرر مذكرة رأى فيها أن أسباب التأخير ترجع إلى أعمال الأساسات التي عدلت رسوماتها بسبب حفريات الآثار وتغيير نوع الأساسات وبعد أن تم الحفر على عمق خمسة أمتار بدلاً من مترين، كما أن الحفريات أثرت على التربة فجعلتها هشة، كما أن العمل كان يجرى تحت إشراف مصلحة الآثار التي كثيراً ما أوقفت العمل لإعادة التنقيب، واقترح التفتيش أن تضاف إلى المدد المقررة لنهو العمل مدة مقدارها 137 يوماً عن السبب الأول، 76 يوماً عن تدخل عمال مصلحة الآثار وتعطيل العمل، كما رأى إضافة 160 يوماً لأسباب أخرى ذكرها في المذكرة، ولهذا انتهت المذكرة إلى اقتراح إضافة المدد المشار إليها ومقدارها 373 يوماً إلى المدة المقررة لإنهاء العملية ورفع غرامة التأخير الموقعة على الشركة المدعية تبعاً لذلك. وقد عرضت المذكرة المشار إليها على إدارة المشروعات بالوزارة فأرسلت كتاباً بملاحظاتها إلى تفتيش عام المباني، وقد جاء فيه أن أعمال الأساسات التي طلب التفتيش تعويض الشركة المدعية عنها بمدة 137 يوماً + 76 يوماً = 213 يوماً قد أنجزها المقاول فعلاً في خلال ثلاثة أشهر تقريباً كما يتضح من الاطلاع على التقارير النصف شهرية التي تقدم عن سير العمل، كما ضمن كتابه ملاحظات أخرى وطلب تحرير مذكرة تتفق مع نصوص العقد ومع التقارير نصف الشهرية المقدمة "ص 256 ملف" فرد تفتيش المباني على ذلك بمذكرة أشار فيها إلى الأسباب التي ضمنها مذكرته الأولى وانتهى إلى تأييد رأيه الأول برفع الغرامة غير أنه لم يرد على الأسباب التي ضمنها تفتيش المشروعات كتابه المشار إليه. ولم يقدر مدداً جديدة للتعويض الذي يرى منحه للشركة المدعية، ثم حررت إدارة المشروعات مذكرة برأيها في الموضوع ناقشت فيها الأسباب التي تقدم بها تفتيش المباني. وذكرت فيه بالنسبة لعملية الأساسات أن التقدير المناسب لتعويض المقاول عن الظروف التي سببت تعطيل العمل في مرحلة الأساسات وهو تعديل الأساسات مما أدى إلى زيادة قيمة العملية بحوالي 19% والنزول بالحفر إلى 5 متر وصعوبة الحفر بعد عمل الحفريات بواسطة مصلحة الآثار هي مدة 8 أسابيع وهي المدة التي كانت مقررة أصلاً لنهو عملية الأساسات وليست 213 يوم خاصة وأن المقاول أتم الأساسات فعلاً في حوالي ثلاثة شهور، كما أن المقاول في شكوى سابقة له مقدمة بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1960 لم يطلب أكثر من ثلاثة شهور نظير ما صادفه من تعطيل في العملية، ثم ناقشت إدارة المشروعات باقي ما جاء في مذكرة تفتيش المباني وانتهت إلى أن المقاول لا يستحق تعويضاً أكثر من 127 يوماً بخلاف الـ 282 يوماً السابق إضافتها إلى مدة العملية ويكون الموعد المحدد لنهو العمل هو 30 من يناير سنة 1961 ونظراً لأنه لم يتم العمل إلا في 19 من أكتوبر سنة 1961 فيكون قد تأخر 36 أسبوعاً بدون مبرر ولذلك انتهت إلى المطالبة بإيقاع غرامة مقدارها 7% من قيمة العملية، وقد اعتمدت الجهات المختصة هذه المذكرة وأوقعت الغرامة على الشركة.
ومن حيث إن الأسباب التي استندت عليها هذه المذكرة في شأن المدد الواجب إضافتها إلى مدة العمل الأصلية بالنسبة إلى عملية الأساسات هي أسباب سليمة تبرر النتيجة التي انتهت إليها، وإذا أضيفت هذه المدة إلى باقي المدد التي اقترح تفتيش المباني تعويض الشركة بها عن باقي العناصر "بافتراض صحة تقديره" لا تضح أن مجموع المدد التي يجب إضافتها إلى المدة المقررة لإنهاء العملية هي 56 يوماً عن الصعوبات، في أعمال الأساسات، 160 يوماً عن باقي الصعوبات المبينة في مذكرة تفتيش المباني فيكون المجموع هو 216 يوماً، ولما كانت الشركة قد تأخرت في انجاز العملية مدة 373 يوماً فيكون التأخير الذي تحاسب عنه بعد استبعاد مدد التعويض هو 157 يوماً.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 29 من العقد تجيز لجهة الإدارة توقيع الغرامة بالنسبة التي أوقعتها إذا بلغ التأخير أربعة أسابيع فقط فمن ثم يكون القرار الصادر بإيقاع الغرامة سليماً وتكون الدعوى على غير أساس بالنسبة إلى هذا الشق.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الطعن رقم 1340 لسنة 12 القضائية المقدم من الحكومة على غير أساس من القانون حقيق بالرفض، أما الطعن رقم 1320 لسنة 12 القضائية المقدم من الشركة المدعية فإن الشركة محقة بالنسبة إلى المبالغ التي رأت هذه المحكمة الحكم لها بها على النحو السالف بيانه ومجموعها 1612.803 مليمجـ ولذلك فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما برفض الطعن الأول مع إلزام الحكومة بمصروفات طعنها وبالنسبة إلى الطعن الثاني، بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلزام الحكومة بأن تدفع إلى الشركة المدعية مبلغ 1612.803 مليمجـ والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 1320، 1340 لسنة 12 القضائية شكلاً وفي موضوعهما: أولاً - بالنسبة إلى الطعن رقم 1340 لسنة 12 القضائية المقام من الحكومة برفضه وألزمتها بمصروفات طعنها.
ثانياً: بالنسبة إلى الطعن رقم 1320 لسنة 12 القضائية المقام من المدعي بتعديل الحكم المطعون فيه، وبإلزام الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ 1612.803 مليمجـ (فقط ألف وستمائة واثنى عشر جنيهاً مصرياً وثمانمائة وثلاثة مليمات لا غير) والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.


قارن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 689 لسنة 4 القضائية بجلسة 12 - 12 - 1959 المنشور في مجموعة السنة الخامسة المبدأ 15 صفحة 106.

الطعن 364 لسنة 33 ق جلسة 5 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 74 ص 501

جلسة 5 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

-----------------

(74)
الطعن رقم 364 لسنة 33 القضائية

(أ) اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية". "أعمال السلطات العامة". محكمة الموضوع.
اختصاص المحاكم بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة ومدى تعلقه بأعمال السيادة. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض.
(ب) اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية". "أعمال السيادة". "الدعاوى المتعلقة بأضرار الحرب". دعوى.
عدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة. مناطه.
(ج) دعوى. "الصفة في الدعوى". نظام عام.
النزاع حول بلوغ سن الرشد نزاع حول الصفة. لا شأن له بالنظام العام ولا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) إثبات. "طرق الإثبات". "قرائن قضائية".
لقاضي الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في قضائه.

-------------------
1 - المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه. ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض.
2 - يشترط حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة أن تكون هذه الأضرار قد وقعت نتيجة مباشرة وحتمية للعمليات الحربية وسيرها.
3 - النزاع حول بلوغ الخصم سن الرشد وقت تمثيله في الدعوى أمام محكمة أول درجة بالولي الشرعي عنه هو مما يتعلق بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى وهو أمر لا شأن له بالنظام العام (1). وإذ لم يتمسك الخصم بالنزاع حول صفة خصمه أمام محكمة الموضوع وكان تحقيقه يخالطه واقع فإنه يكون سبباً جديداً لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض (2).
4 - لقاضي الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الأولين أقاما الدعوى رقم 1981 سنة 1957 كلي القاهرة ضد وزارة الحربية - الطاعنة - وضد المطعون عليه الثالث يطلبان الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 10000 ج. وقالا شرحاً لها إنه بتاريخ 29/ 10/ 1956 هاجمت قوات الاعتداء الثلاثي الأراضي المصرية، وفي يوم 1/ 11/ 1956 أغارت طائراتها على مطار كبريت بالضفة الشرقية من القنال حيث كان مورثهما المرحوم حسني محمد يحيى يعمل ميكانيكياً بالقوات الجوية وأصيب أثناء هذه الغارة في إحدى رجليه ثم نقل إثر إصابته إلى مستشفى كبريت العسكري بإسعافه المطعون عليه الثالث وهو كبير الأطباء فيه ولكنه تركه جريحاً في مكانه وغادر المستشفى فقضى النزيف على حياته وثبت هذا الإهمال الجسيم على المطعون عليه الثالث بحكم من مجلس عسكري وقتي ميداني بتاريخ 14/ 11/ 1956 قضى باعتباره مذنباً وتكديره تكديراً شديداً وإذ لحق المطعون عليه الأول ضرر بالغ وألم نفسي شديد بفقد ولده وأصابه بصفته ولياً شرعياً على أولاده ابنه كما أصاب المطعون عليها الثانية وهي زوجة المتوفى ضرر شديد بفقد عائلهم الوحيد وكان تعويض هذا الضرر يقدر بمبلغ 10000 ج فقد أقاما دعواهما ضد المطعون عليه الثالث وضد الطاعنة - وزارة الحربية بصفتها متبوعة له ومسئولة عن أعماله للحكم لهما بطلباتهما. دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى لأن موضوعها متعلق بعمل من أعمال السيادة. وبتاريخ 27/ 2/ 1961 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع وبرفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1147 سنة 78 ق القاهرة وصممت الطاعنة على دفعها بعدم الاختصاص ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 11/ 12/ 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما الأولان أن المطعون عليه الثالث أهمل في العناية بمورثهما لتركه جريحاً في المستشفى وأن هذا الإهمال أدى إلى وفاته وأنه لحقهما من ذلك أضرار مادية وأدبية مع بيان مداها وصرحت للطاعنة والمطعون عليه الثالث بنفي ذلك وإثبات أن سبب الوفاة يرجع إلى القوة القاهرة ولم ينفذ حكم التحقيق. وبتاريخ 25/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبإلزام الطاعنة والمطعون عليه الثالث متضامنين بأن يدفعا إلى المطعون عليهما بالسوية بينهما مبلغ 1000 ج. طعنت الطاعنة في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تعنى الطاعنة بالسبب الأول والشق الأول من السبب الخامس على الحكمين المطعون فيهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وتقول في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن إهمال المطعون عليه الثالث - كبير أطباء المستشفى العسكري بكبريت - في إسعاف مورث المطعون عليهما الأولين الذي أصيب في ميدان القتال أثناء الاعتداء الثلاثي على البلاد هو فعل صادر منه بإرادته وحده ولا يمكن إسناده إلى السلطة التنفيذية كما لا تحتمه أعمال الحرب فلا يعتبر من أعمال السيادة المحظور على المحاكم نظرها، هذا في حين أن مورث المطعون عليهما أصيب في مطار كبريت بمقذوف ناري من طائرات العدو ثم نقل إلى المستشفى العسكري الملحق بالمطار وصدر في ذلك الوقت أمر عام لجميع القوات بالانسحاب السريع إلى الضفة الغربية للقنال لحكمة حربية، وكان ذلك هو سبب وفاة المورث وليس فعل المطعون عليه الثالث الذي كان ينفذ أوامر لا تحتمل التأخير ووقع الحادث بذلك نتيجة لسير العمليات الحربية، وهي تعد من أعمال السيادة التي تخرج عن نطاق المنازعات القضائية أمام المحاكم. وإذ قضى الحكم المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى التي رفعت بالمطالبة بالتعويض عن هذا الحادث فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأضافت الطاعنة تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن صدور هذه الأوامر بالانسحاب السريع هو السبب المباشر في وفاة مورث المطعون عليهما الأولين مما ينفي رابطة السببية بين فعل المطعون عليه الثالث ووفاة المورث ولكن الحكم المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 والذي فصل في الموضوع لم يرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض ولما كان يشترط حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلق بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة أن تكون هذه الأضرار قد وقعت نتيجة مباشرة وحتمية للعمليات الحربية وسيرها وكان الثابت من الحكم المطعون فيه الأول أن المطعون عليهما الأولين أقاما الدعوى ضد الطاعنة - وزارة الحربية - وضد المطعون عليه الثالث لمطالبتهما بالتعويض عن الضرر الذي لحقهما نتيجة إهمال المطعون عليه الثالث في إسعاف مورثهما الذي كان يعمل بالقوات الجوية في مطار كبريت وأصيب يوم 1/ 11/ 1956 أثناء غارة جوية لطائرات الأعداء على هذا المطار لأن الطاعنة بصفتها متبوعة للمطعون عليه الثالث مسئولة عن إهماله وكان هذا الحكم قد حصل أن المطعون عليه الثالث عندما كان معيناً كبيراً لأطباء المستشفى العسكري الملحق بمطار كبريت قد أهمل في تأدية واجبة بترك مورث المطعون عليهما الأولين بالمستشفى المذكور عند إخلاء المطار دون أن يتخذ الإجراءات اللازمة لنقله إلى مستشفى آخر وأن هذا الخطأ لا تحتمه أعمال القتال لأنه يرجع إلى إرادة المطعون عليه الثالث وحده ومنقطع الصلة بالسلطة التنفيذية واستند الحكم في ذلك إلى حكم المجلس العسكري الذي قضى بإدانة المطعون عليه الثالث وتكديره تكديراً شديداً لإهماله بترك المصاب حسني محمد يحيى - مورث المطعون عليهما الأولين - بمستشفى كبريت العسكري أثناء إخلاء مطار كبريت دون أن يقوم بنقله مما أدى إلى وفاته وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه المشار إليه على ما سلف بيانه أن الفعل الخاطئ المنسوب إلى المطعون عليه الثالث لم يكن يستلزمه تنفيذ عملية الانسحاب وبالتالي لا يكون قد وقع نتيجة لأعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة والتي لا تختص المحاكم بنظر دعوى المطالبة بالتعويض عنها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الثاني قد خلص إلى أن خطأ المطعون عليه الثالث بترك مورث المطعون عليهما الأولين جريحاً في مستشفى كبريت العسكري هو الذي أدى إلى وفاته وكان هذا الذي حصله ذلك الحكم وانتهى إليه يتضمن الرد على دفاع الطاعنة بشأن انتفاء رابطة السببية بين الخطأ والوفاة - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه الأول لا يكون قد خالف القانون إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى ويكون النعي بالقصور على الحكم المطعون فيه الثاني على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني خطأ الحكمين المطعون فيهما في تطبيق القانون ذلك أن الحكم الأول الصادر في 11/ 12/ 1962 قضى بقبول استئناف المطعون عليها الثانية شكلاً كما قضى لها الحكم الثاني الصادر في 25/ 6/ 1963 بالتعويض هذا في حين أن المطعون عليها الثانية لم تكن خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة إذ أقامها المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أولاد ابنه المتوفى للمطالبة بالتعويض أما ما ذكره المطعون عليه الأول بصحيفة الدعوى من أنه ولي شرعي على المطعون عليها الثانية باعتبارها من الورثة فغير صحيح قانوناً لأنها كانت قد بلغت سن الرشد وقتذاك ولها أهلية التقاضي ولم يكن له أن يباشر أي تصرف نيابة عنها ويكون حكم محكمة أول درجة قد صدر ضد المطعون عليه الأول وحده وليس للمطعون عليها الثانية أن تطعن عليه بالاستئناف وإذ قضى الحكم المطعون فيه الأول بقبول استئنافها شكلاً وقضى لها الحكم الثاني بالتعويض فإنهما يكونان قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النزاع الذي تثيره الطاعنة بأن المطعون عليها الثانية كانت قد بلغت سن الرشد وقت تمثيلها في الدعوى أمام محكمة أول درجة بالمطعون عليه الأول باعتباره ولياً شرعياً عليها - هو مما يتعلق بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمر لا شأنه له بالنظام العام وإذ لم تتمسك الطاعنة بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وكان تحقيقه يخالطه واقع فإنه يكون سبباً جديداً لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وإذ قضى الحكم المطعون فيه الأول بقبول استئناف المطعون عليها الثانية شكلاً ثم قضى لها الحكم المطعون فيه الثاني بالتعويض فإن النعي عليهما بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الصادر في 25/ 6/ 1963 مخالفة القانون والتناقض في الأسباب ذلك أن المطعون عليهما الأولين طلبا ضم ملف المحاكمة العسكرية للمطعون عليه الثالث عن الإهمال المنسوب إليه في رعاية مورثهما وقررت محكمة الاستئناف في حكمها الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 أنه لا محل لإلزام الطاعنة بتقديم هذا الملف لأنه ليس ورقة مشتركة بين الخصوم في حكم المادة 253 من قانون المرافعات كما قررت المحكمة أن الصورة الشمسية لنشرة وزارة الحربية عن قرار المجلس العسكري بمحاكمة المطعون عليه الثالث والتي قدمها المطعون عليهما الأولان هي صورة غير رسمية ولم يعترف بها من الخصوم فلا تصلح بذاتها دليلاً قانونياً كافياً على صحة ما تحتويه ولكن المحكمة عادت في حكمها الثاني الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 وقررت إنه إذ امتنع أحد الخصوم عن تقديم ورقة كلفته المحكمة بتقديمها كان لها أن تحكم في موضوع الدعوى لمصلحة الخصم الذي ترجح لديها أنه المحق وأنها تأخذ بمحتويات الصورة الشمسية لنشرة وزارة الحربية عن قرار المجلس العسكري وتستند إليها في قضائها بالتعويض وتقول الطاعنة إن ما قرره الحكم الثاني فيه مخالفة لحجية الحكم الأول فضلاً عن أنه يتناقض مع ما جاء بأسباب ذلك الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الحكمين المطعون فيهما أن المطعون عليهما الأولين استندا في دعواهما بالمطالبة بالتعويض إلى صورة شمسية من نشرة وزارة الحربية لقرار المجلس العسكري بمحاكمة المطعون عليه الثالث عن إهماله في رعاية مورثهما مما أدى إلى وفاته وطلبا أمام محكمة أول درجة ضم ملف هذه المحاكمة وكان الحكم المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 قد قرر إن الطاعنة غير ملزمة بتقديم هذا الملف وأن الصورة الشمسية لقرار المجلس العسكري هي صورة غير رسمية لم يعترف بها الخصوم ولا تصلح بذاتها دليلاً قانونياً كافياً على صحة ما تحتويه ثم أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات أركان المسئولية وكان الحكم المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 قد حكم للمطعون عليهما الأولين بالتعويض وقرر إن مسلك الطاعنة في الدعوى بامتناعها عن تنفيذ قرار محكمة أول درجة بتقديم ملف محاكمة المطعون عليه الثالث عسكرياً وبامتناعها عن إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان تنفيذاً لحكم التحقيق الذي أصدرته المحكمة يعد قرينة على صحة ما يدعيه المطعون عليهما الأولان من ثبوت الإهمال المنسوب إلى المطعون عليه الثالث في ملف المحاكمة العسكرية وعلى أن الصورة الشمسية لقرار المجلس العسكري تطابق القرار الأصلي الذي صدر بإدانته عن هذا الإهمال فإن هذا الذي أورده الحكم الثاني لا مخالفة فيه لحجية الحكم الأول الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1962 ولا يناقض ما جاء فيه ذلك أنه استنبط القرينة التي استند إليها في قضائه من امتناع الطاعنة عن تقديم ملف محاكمة المطعون عليه الثالث وهو أمر لا يتعارض مع كونها غير ملزمة بتقديمه وإذ لم يقطع الحكم الأول في دلالة الصورة الشمسية لنشرة وزارة الحربية الخاصة بقرار المجلس العسكري ولم يستبعد قوتها في الإثبات بل قرر إنها لا تصلح بذاتها دليلاً قانونياً كافياً على صحة ما تحتويه وكانت المحكمة في حكمها الثاني قد عززت اقتناعها على النحو السالف بيانه بما استجد من وقائع بعد صدور الحكم الأول وهي امتناع الطاعنة عن إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان تنفيذاً لحكم الإحالة إلى التحقيق بأن اتخذت من ذلك قرينة على أن الصورة الشمسية لقرار المجلس العسكري تطابق القرار الأصلي فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع والشق الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1963 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه استند في قضائه إلى أن الطاعنة منعت إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان للإدلاء بمعلوماتهم في الدعوى وأن منع هؤلاء الضباط من الشهادة بما بلغ علمهم أثناء قيامهم بعلمهم متروك لتقديرهم الذي يخضع هؤلاء لرقابة الجهة المختصة فضلاً عن أن أحكام المجالس العسكرية تنشر في نشرات عامة توزع على وحدات الجيش مما يخرجها عن الحظر الوارد في المادة 206 من قانون المرافعات هذا في حين أنه يبين من نص هذه المادة أن أداء الموظف للشهادة بما يكون قد وصل إلى علمه أثناء قيامه بالعمل لا يخضع لتقديره هو وإنما يخضع لتقدير السلطة المختصة وقد منعت الطاعنة الضباط الذين أعلنهم المطعون عليهما الأولان من الأداء بمعلوماتهم استعمالاً لهذا الحق كذلك لم يبين الحكم المصدر الذي استند إليه فيما قرره من نشر أحكام المجالس العسكرية على وحدات الجيش مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على السبب الثالث أنه استند في استنباط القرينة التي عول عليها في قضائه إلى مسلك الطاعنة بمنعها إعلان الضباط الذين أشهدهم المطعون عليهما الأولان وما ترتب عليه من الحيلولة دون تنفيذ حكم الإحالة إلى التحقيق ولما كان ما استند إليه الحكم من منع الطاعنة إعلان الضباط للحضور لسماع شهادتهم في التحقيق لا شأن له بحق الطاعنة في الإذن لهؤلاء الضباط بأداء الشهادة على النحو الذي تقرره المادة 206 من قانون المرافعات وكان لقاضي الموضوع أن يستنبط من وقائع الدعوى ومن مسلك الخصوم فيها القرائن التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته وكان ما قرره الحكم على النحو السالف يكفي لحمله فإن ما استطرد إليه بشأن تفسير المادة المشار إليها يعتبر تزيداً لم يكن الحكم بحاجة إلى تقريره ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص غير منتج وبالتالي يصبح النعي عليه بالقصور ولا محل له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 21/ 2/ 1967 - الطعن 136 لسنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 418.
(2) راجع نقض 23/ 5/ 1967 الطعن 10 لسنة 34 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1084.

الطعن 1467 لسنة 10 ق جلسة 9 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 47 ص 369

جلسة 9 من فبراير سنة 1969

جلسة السيد الأستاذ محمد مختار العزبي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة أحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد ومحمود فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.

-------------------

(47)

القضية رقم 1467 لسنة 10 القضائية

موظف. "مدة خدمة سابقة. إثباتها" 

شهادات المعاصرين عن مدد الخدمة السابقة هي دليل يحتمل الصدق وعدمه ولا تنهض بذاتها قرينة قاطعة في إثبات صحة ما تضمنته - جهة الإدارة هي صاحبة الرأي في تقدير قيمتها - ليس للقضاء الإداري أن يستأنف النظر فيما قام لدى جهة الإدارة من دلائل إثبات أو نفي في خصوص صحة أو عدم قيام الواقعة المراد التدليل عليها بهذه الشهادات.

-----------------
إن شهادات المعاصرين عن مدد الخدمة السابقة لا تعدو أن تكون دليلاً تقديرياً يحتمل الصدق وعدمه، وهي لا تنهض بذاتها قرينة قاطعة في إثبات صحة ما تضمنته طالما لا توجد قاعدة تلزم بحجيتها، ومن ثم تكون جهة الإدارة صاحبة الرأي في تقدير قيمتها، فإذا ما تطرق إلى وجدانها الارتياب في أمرها ولم تقتنع بصحة هذه الشهادات كدليل لإثبات مدد الخدمة السابقة فإن قرارها في هذا الشأن، الذي هو متروك لوزنها وعقيدتها يكون سليماً، وليس للقضاء الإداري أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وشواهد وقرائن أصول إثباتاً أو نفياً في خصوص صحة أو عدم صحة قيام الواقعة المراد التدليل عليها بهذه الشهادات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام الدعوى رقم 751 لسنة 9 القضائية ضد وزارة التربية والتعلم والتعليم العالي في 18 من سبتمبر سنة 1962 بناء على قرار بإعفائه من الرسوم صادر لصالحه من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بجلسة 16 من يوليه سنة 1962 في طلب الإعفاء رقم 499 لسنة 9 القضائية، وطلب في عريضة دعواه.. الحكم بضم مدة خدمته السابقة تطبيقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من أغسطس سنة 1950 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً لدعواه، إنه حاصل على دبلوم المدارس الصناعية في سنة 1930 ويشغل وظيفة ملاحظ ورشة نجارة بالعهد العالي الزراعي بمشتهر، وترجع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 20 من سبتمبر سنة 1940 وفي الدرجة السادسة إلى 12 من نوفمبر سنة 1954، ونظراً لأن له مدداً خدمة سابقة من مارس سنة 1930 إلى مايو سنة 1932 ومن مارس سنة 1933 إلى أكتوبر سنة 1936 ومن فبراير سنة 1937 إلى سبتمبر سنة 1940 قضاها في وظيفة ملاحظ بورش مدرسة الزراعة بمشتهر ومدرسة طوخ الصناعية، ويحق له حساب هذه المدد في أقدمية الدرجة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من أغسطس سنة 1950 فقد أقام دعواه طالباً بذلك. وقد أجابت منطقة بنها التعليمية عن الدعوى بأنه يتبين بعد فحص طلب المدعي أنه لا توجد سجلات تثبت صحة هذه المدد، وأنه لم يرد لهذه المدد ذكر إلا في استمارة 97 مالية بناء على شهادة معاصرين، وأن وزارة التربية والتعليم لا تأخذ بالشهادات الصادرة من معاصرين وطلبت رفض الدعوى، وبجلسة 9 من يونيه سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية "بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بأحقية المدعي في ضم خدمته السابقة على 20 من سبتمبر سنة 1940 إلى مدة خدمته الحالية بالتطبيق لأحكام القرارين الصادرين من مجلس الوزراء في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ جنيهين قيمة أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أنه يبين من ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة دبلوم المدارس الصناعية في سنة 1929، وعين بوظيفة ملاحظ ورشة النجارة بمدرسة الزراعة المتوسطة بمشتهر اعتباراً من أول يناير سنة 1951، وقدم ضمن مسوغات تعيينه الاستمارة 103 ع. ح المؤرخة أول يناير سنة 1951 التي أوضح فيها بيان مدة خدمته السابقة منذ سنة 1930، وقد ضمت له مدة خدمة سابقة باليومية اعتباراً من 20 سبتمبر سنة 1940 إلى 31 من ديسمبر سنة 1950 وتقدم بعدة طلبات لضم مدة خدمته السابقة باليومية منذ سنة 1930 بمدرستي مشتهر الزراعية وطوخ الصناعية وأيدها بشهادتين من معاصرين مؤرختين 7 من نوفمبر سنة 1944 و3 من ديسمبر سنة 1944 إلا أن الجهة الإدارية ضمت له فقط مدد الخدمة الثابتة بسجلات مدرسة مشتهر الزراعية منذ سنة 1940 ولم تضم له المدد السابقة على ذلك لعدم ثبوتها بسجلات المدرسة، وأضافت المحكمة أن مدة خدمة المدعي السابقة منذ سنة 1930 ثابتة من شهادتي المعاصرين السالفتى الذكر اللتين تأيدتا بكتاب صادر من فرع طلبة الزراعة بمشتهر برقم 653 في 10 من ديسمبر سنة 1944 ثابت به أن للمدعي مدد خدمة سابقة بملف خدمته على الوجه الآتي: (1) نجارة بمدرسة مشتهر الزراعية من مارس سنة 1930 إلى مايو سنة 1932. (2) نجارة بمدرسة طوخ الصناعية من مارس سنة 1923 إلى أكتوبر سنة 1936، (3) نجارة بمدرسة مشتهر الزراعية من فبراير سنة 1937 إلى يوليه سنة 1939. (4) نجارة بمدرسة مشتهر الزراعية من سبتمبر سنة 1940 إلى تاريخ تحرير الخطاب في 11 من ديسمبر سنة 1944، وأنه إزاء ذلك فإن رفض جهة الإدارة ضم هذه المدد بحجة عدم ثبوتها في السجلات يكون غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الثابت من ملف خدمة المدعي أنه ليس ثمة دليل على مدة خدمة المدعي السابقة على سنة 1940 إلا إقرار المدعي نفسه بذلك وشهادتي المعاصرين المقدمتين منه والمؤرختين 7 من نوفمبر و3 من ديسمبر سنة 1944 وأن الكتاب الصادر من فرع كلية الزراعة بمشتهر الذي اعتبرته المحكمة مؤيداً لهاتين الشهادتين ليس في حقيقته دليلاً آخر منفصلاً عنهما إذ هو محرر في 10 من ديسمبر سنة 1944 وجاء به أن "مدد خدمته المذكورة بملفه هي الآتي: ثم عدد مدد الخدمة الواردة في إقراره وفي شهادتي المعاصرين، وأن المدعي ذكر في إقرار منه مقدم منه ومودع بملف خدمته أن المدرسة التي يطالب بضم مدة خدمته بها لم تكن بها سجلات في الفترة التي يطالب بضمها كما أفادت بذلك مدرسة مشتهر الزراعية، ومن ثم لا يكون هناك دليل على ثبوت هذه المدة إلا شهادتي المعاصرين اللتين لم تقتنع بهما جهة الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة المدعي أن المدد التي يطالب بضمها لم تثبت بسجلات مدرستي مشتهر الزراعية وطوخ الصناعية، وأنه ليس ثمة دليل على ثبوت هذه المدد إلا إقرار المدعي نفسه وشهادتي المعاصرين المقدمتين منه والمرفقتين بملف خدمته. وأن الإشارة إلى هذه المدد في الكتاب الصادر من فرع كلية الزراعة بمشتهر بتاريخ 11 من ديسمبر سنة 1944 أو في غير ذلك من الكتب إنما كان ترديداً لما جاء في إقرار المدعي وشهادتي المعاصرين وكلها مستندات مرفقة بملف الخدمة بحيث لا يمكن الركون إلى أي من هذه الكتب كدليل منفصل عن شهادتي المعاصرين يؤيد ما جاء فيهما، ولا يكون ثمة دليل في الأوراق يؤيد دعوى المدعي إلا شهادتي المعاصرين.
ومن حيث إن شهادات المعاصرين عن مدد الخدمة السابقة لا تعدو أن تكون دليلاً تقديرياً يحتمل الصدق وعدمه، وهي لا تنهض بذاتها قرينة قاطعة في إثبات صحة ما تضمنته طالما لا توجد قاعدة تلزم بحجيتها، ومن ثم تكون جهة الإدارة صاحبة الرأي في تقدير قيمتها، فإذا ما تطرق إلى وجدانها الارتياب في أمرها ولم تقتنع بصحة هذه الشهادات كدليل لإثبات مدد الخدمة السابقة فإن قرارها في هذا الشأن، الذي هو متروك لوزنها وعقيدتها يكون سليماً، وليس للقضاء الإداري أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وشواهد وقرائن أصول إثباتاً أو نفياً في خصوص صحة أو عدم صحة قيام الواقعة المراد التدليل عليها بهذه الشهادات.
ومن حيث إن جهة الإدارة إذ اعتدت بمدة خدمة المدعي السابقة الثابتة في السجلات اعتباراً من 20 من سبتمبر سنة 1940، وأطرحت المدة السابقة على ذلك لعدم اطمئنانها إلى ما جاء في شهادتي المعاصرين، باعتبار أن هذه الشهادات دليل تقديري يحتمل الصدق والخطأ المرجع فيه إليها وحدها ما دامت لم تنحرف أو تسيء استعمال سلطتها، فإن قرارها في هذا الشأن يكون سليماً. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 302 لسنة 33 ق جلسة 5 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 73 ص 497

جلسة 5 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

-----------------

(73)
الطعن رقم 302 لسنة 33 القضائية

التماس إعادة النظر. "نطاقه".
التماس إعادة النظر. نطاقه. تحديده بالأسباب التي ينبني عليها داخلة فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر.

------------------
نطاق الالتماس يتحدد بالأسباب التي ينبني عليها داخلة فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الدكتور محمود زكي سالم بصفته ولياً طبيعياً على ولده علي سالم - الطاعن - أقام الدعوى رقم 4295 سنة 1957 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم يطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 4 إبريل سنة 1956 وتثبيت ملكيته لأرض وبناء المنزل رقم 22 شارع دار الشفاء قسم السيدة زينب وبإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 196 ج و500 م وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد بيع مؤرخ 4 إبريل سنة 1956 اشترى من المطعون عليهم العقار سالف البيان بثمن قدره 13000 ج دفع منه عند التوقيع على العقد مبلغ 3999 ج واتفق على دفع باقي الثمن عند تسجيل العقد وإذ كان العقار المبيع وقفاً وآلت ملكيته إلى المرحوم أحمد حمدي سليمان - مورث بعض المطعون عليهم والموصي للبعض الآخر - فقد اتفق في البند الرابع من عقد البيع على التزام المطعون عليهم بأن يتخذوا الإجراءات اللازمة لشهر إنهاء الوقف وتسجيل الوصية على نفقتهم وبمصروفات تسجيل عقد البيع، وأنه اضطر للقيام بهذه الإجراءات بمصروفات من عنده كلفته مبلغاً يزيد عن الباقي للمطعون عليهم من الثمن بمقدار 196 ج و500 م يستحق قبل المطعون عليهم وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. كما أقام المطعون عليه الأول بصفته قيماً على محمد عبده إبراهيم الدعوى رقم 775 سنة 1958 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وقال شرحاً لها إن المحجور عليه المشمول بقوامته كان قد باع قبل الحجر عليه للطاعن نصيبه في المنزل رقم 22 بشارع دار الشفاء بثمن قدره 2133 ج و333 م وأن الباقي له منه مبلغ 1353 ج و333 م وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن به. وضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 14/ 11/ 1958 حكمت في الدعوى رقم 4295 سنة 1957 بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 4/ 4/ 1956 المتضمن بيع كل من المطعون عليهم الخامس والسادس والسابع والثامن والمرحوم عبد الهادي سليمان مورث المطعون عليها الرابعة أنصبتهم في العقار المبين بصحيفة الدعوى وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لباقي المطعون عليهم، وبرفض باقي الطلبات، وفي الدعوى، رقم 775 سنة 1958 بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليه الأول بصفته مبلغ 608 ج و133 م استأنف الطاعن الحكم رقم 775 سنة 58 وقيد هذا الاستئناف برقم 1199 سنة 75 ق القاهرة، كما استأنف الحكم رقم 4295 سنة 1957 وقيد هذا الاستئناف برقم 1226 سنة 75 ق القاهرة. وضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 21 يناير سنة 1962 حكمت في موضوع الاستئناف رقم 1199 سنة 75 ق بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 535 ج و153 م وفي الاستئناف رقم 1226 سنة 75 ق باستجواب الخصوم، وبتاريخ 27 مايو سنة 1962 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لعدم قبول الدعوى بالنسبة لبعض المطعون عليهم وبقبولها وبصحة ونفاذ عقد البيع... وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. أقام الطاعن التماس إعادة النظر في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1226 سنة 75 ق قيد برقم 1569 سنة 78 ق القاهرة وأسس الالتماس على أن الحكم الملتمس فيه قضى بأكثر مما طلبه الخصوم كما قضى بما لم يطلبه الخصوم أصلاً. وبتاريخ 19 مايو سنة 1963 حكمت المحكمة بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع برفضه وتغريم الملتمس أربعة جنيهات للخزانة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول إن الطاعن ضمن أسباب الالتماس أن اتفاقاً انعقد بينه وبين البائعين - المطعون عليهم - على أن يكون الثمن المسمى في عقد 4 إبريل سنة 1956 شاملاً لرسوم التسجيل ورسوم حل الوقف وكل ما يلزم لنقل الملكية إليه وتأييد هذا الاتفاق بإقرار قضائي صدر من المطعون عليه الأول بجلسة 10/ 12/ 1961 وقد أغفل الحكم المطعون فيه جزءاً من هذا الإقرار وهو الخاص بالتزام المطعون عليهم برسوم التسجيل وترتب على ذلك أن قضى برفض طلب الطاعن الخاص بالتزام المطعون عليهم بمبلغ 196 جنيهاً و500 مليم، وفي ذلك إهدار لهذا الإقرار القضائي وعدم الاعتداد بطلبات الطاعن وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن الطاعن أسس التماسه على أن الحكم الملتمس فيه قضى للمطعون عليهم بأكثر مما طلبوه بل بشيء لم يطلبوه، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الالتماس على أن الحكم الاستئنافي الملتمس فيه إذ حكم برفض طلب الطاعن إلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا له مبلغ 196 جنيهاً و500 مليم تأسيساً على أنهم غير مسئولين عن مصروفات التسجيل لا يكون قد قضى بأكثر مما طلبه الخصوم أو بما لم يطلبوه، وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه صحيح في القانون، ذلك إن قضاء الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من رفض إلزام المطعون عليهم بمصروفات التسجيل لا يعتبر أنه قضي بأكثر مما طلبه المطعون عليهم إنما هو قضاء برفض أحد طلبات الطاعن وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك رفض الالتماس فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من سببي الطعن إن الطاعن تمسك في دفاعه بإقرارين أحدهما قدم بجلسة 5/ 4/ 1960 موقعاً عليه بإمضاء المرحوم الدكرور محمد أمين شكيب والثاني مؤرخ 15/ 5/ 1967 قدمه بعض المطعون عليهم ويفيد هذان الإقراران التسليم بطلبات الطاعن إلا أن الحكم الملتمس فيه والحكم المطعون فيه أغفلا هذين الإقرارين ولم يردا عليهما مما يشوبهما بالقصور.
وحيث إن هذا النعي - في خصوص الحكم الاستئنافي - غير مقبول لانقضاء ميعاد الطعن فيه وهو مردود - في خصوص الحكم الصادر في الالتماس - ذلك إن نطاق الالتماس يتحدد بالأسباب التي ينبني عليها داخلة فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر، وإذا كان ما يثيره الطاعن في وجه نعيه - بفرض صحته - يخرج عن نطاق تلك الأسباب فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفله ولم يرد عليه لا يكون مشوباً بعيب القصور.

الطعن 1164 لسنة 9 ق جلسة 9 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 46 ص 361

جلسة 9 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة أحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.

-----------------

(46)

القضية رقم 1164 لسنة 9 القضائية

(أ) - مرفق سكك حديد الدلتا "تكييفه - موظفوه".
مرفق سكك حديد الدلتا - هو مرفق عام كان يدار بطريق الالتزام ثم أدارته الدولة بالطريق المباشر بعد إسقاط الالتزام - قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 عهد بإدارته إلى مصلحة السكك الحديدية - إن موظفي هذا المرفق ومستخدميه وعماله يعتبرون منذ هذا التاريخ في عداد الموظفين العموميين - أساس ذلك.
مرفق سكك حديد الدلتا "موظفوه - ضم مدة الخدمة السابقة".
(ب) - خدمة موظفي مرفق سكك حديد الدلتا ليست كلها من طبيعة واحدة - مدة الخدمة السابقة على 10 من يونيه سنة 1953 تاريخ إدارة المرفق إدارة مباشرة تعتبر قضيت في شركة مساهمة - المدة التالية لهذا التاريخ تعتبر مدة خدمة قضيت في أحد الأشخاص الإدارية العامة. أثر ذلك بالنسبة لضم مدد الخدمة طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958.
(ج) - مرفق سكك حديد الدلتا. "وظيفة ناظر بلوك".
وظيفة ناظر بلوك نظيرة لوظيفة فراز. أساس ذلك.

------------------

1 - إن مرفق سكك حديد الدلتا هو مرفق عام، كان يدار أولاً بطريق الالتزام بواسطة شركة مساهمة إنجليزية ثم أخذت الدولة في إدارته بالطريق المباشر بعد إسقاط الالتزام المشار إليه، إذ بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 عهدت الدولة بإدارة هذا المرفق إلى مصلحة السكك الحديدية، وقد كانت هذه الإدارة، بادئ ذي بدء مؤقتة ثم استقرت بصفة نهائية بقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من أكتوبر سنة 1955 وعلى ذلك فإن موظفي هذا المرفق ومستخدميه وعماله يعتبرون منذ 10 من يونيه سنة 1953 في عداد الموظفين العموميين، ولا يغير من هذا النظر أن تكون العلاقة التي كانت تربط هؤلاء أصلاً بشركة سكك حديد الدلتا تخضع للأحكام الواردة في مجموعة الأوامر التي أصدرتها الشركة المذكورة مكملة بقانون عقد العمل الفردي، لا يغير كل ذلك من النظر المتقدم، لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 إذ نص على أن تكون إدارة المرفق بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائح الشركة مكملة بقانون عقد العمل الفردي يكون قد أضفي على الأحكام سالفة الذكر وصف القواعد التنظيمية، إذ ليس ثمة ما يمنع قانوناً من استعارة بعض الأحكام التي تنظم العلاقات العقدية، وتطبيقها في حالات خاصة على بعض موظفي الدولة، وعندئذ تعتبر هذه الأحكام المستعارة، بناء على النص عليها أو الإحالة إليها أحكاماً تنظيمية عامة بكل ما يترتب على ذلك من آثار.
2 - إن مدد خدمة موظفي مرفق سكك حديد الدلتا ليست كلها من طبيعة واحدة، فمدة الخدمة السابقة على 10 من يونيه سنة 1953 تاريخ موافقة مجلس الوزراء على تخويل مصلحة السكك الحديدية إدارة المرفق إدارة مباشرة، هذه المدة تعتبر قضيت في شركة مساهمة أما المدة التالية لهذا التاريخ فإنها تعتبر مدة خدمة قد قضيت في أحد الأشخاص الإدارية العامة وبذلك يختلف حكم إحدى المدتين عن حكم الأخرى، طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - الذي أحال إليه القرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961 السابق الإشارة إليه - من حيث الشروط التي يجب توفرها لحساب أيهما في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة.
3 - إن وظيفة ناظر بلوك التي شغلها المدعي من 26 من أكتوبر سنة 1950 نظيرة لوظيفة ناظر محطة التي قررت لجنة شئون الموظفين أنها تتفق في طبيعتها مع وظيفة فراز ولما كان كل أولئك هو الثابت فإن اعتبار طبيعة العمل في المدة التي قضاها المدعي في الشركة سالفة الذكر من 10 من يونيه سنة 1946 إلى 9 من يونيه سنة 1953، متفقة مع طبيعة عمله كفراز إذ يجرى داخل الإطار العام لقرار لجنة شئون الموظفين المبين آنفاً ويعد بمثابة تطبيق لفكرته ومن ثم فليس في هذا التطبيق أي افتئات على اختصاص لجنة شئون الموظفين في هذا الصدد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1352 لسنة 9 القضائية ضد الهيئة العامة للبريد، بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية في 22 من يوليه سنة 1962 يطلب فيها "الحكم بضم مدة خدمته السابقة بمرفق سكك حديد الدلتا، مع صرف العلاوة الدورية مع إلزام الهيئة بالمصروفات وأتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه إنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في عام 1944، ثم التحق في عام 1946 بمرفق سكك حديد الدلتا بوظيفة معاون محطة بلبيس ثم رقي في عام 1948 إلى وظيفة ناظر محطة الصدفية، وفي عام 1950 تبادل النقل مع ناظر بلوك الصافورية، إذ لا فرق بين الوظيفتين من حيث طبيعة العمل، وبمناسبة تصفية مرفق سكك حديد الدلتا، ألحق اعتباراً من 30 من يونيه سنة 1960 بالعمل بوظيفة فراز بالهيئة العامة للبريد بالمرتبة الخامسة (الدرجة التاسعة في الكادر العام) وعقب تعيينه تقدم بطلب للهيئة لضم مدة خدمته السابقة إلى أقدمية المرتبة الخامسة التي أعيد تعيينه فيها، ولم توافق لجنة شئون الموظفين على طلبه بجلستها المنعقدة في 21 من أكتوبر سنة 1961 استناداً إلى أن طبيعة عمله بمرفق سكك حديد الدلتا كناظر بلوك تختلف عن طبيعة عمله في هيئة البريد كفراز، مع أن اللجنة المذكورة سبق أن وافقت على ضم مدة خدمة زملائه الذين كانوا يعملون معه بالمرفق المذكور كنظار لمحطات، وقال إنه لا شك أن "ناظر محطة" و"ناظر بلوك" يطلقان على وظيفة واحدة، كما يقطع بذلك الخطاب المرسل من السيد مقرر اللجنة العامة لتصفية سكك حديد الدلتا إلى الهيئة برقم 234/ 2 في 15 من فبراير سنة 1962. وقد أجابت الهيئة العامة للبريد عن الدعوى بأن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 يشترط لضم مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة، وأنه قد سبق للجنة شئون الموظفين أن قررت بجلسة 21 من أكتوبر سنة 1961 بأن طبيعة عمل المدعي في سكك حديد الدلتا كناظر بلوك لا تتفق مع طبيعة عمله في الوظيفة التي عين فيها بالهيئة كفراز بريد وأنه لا شك أن أمر تقدير ذلك متروك للجنة شئون الموظفين بما لها من سلطة خولها إياها القرار الجمهوري سالف الذكر. وبجلسة 5 من يونيه سنة 1963 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه على النحو المبين سابقاً، وأقامت قضاءها على أن مدة الخدمة التي تعتبر كأنها مدة خدمة قضيت في خدمة شركة سكك حديد الدلتا في مفهوم القرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961 هي المدة التي تبدأ من تاريخ التحاق الموظف أو العامل بالشركة المذكورة حتى تاريخ وضعه على درجة بالميزانية تنفيذاً للقرار الجمهوري سالف الذكر، وأنه لما كان الثابت أن لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة للبريد قد قررت بجلستها المنعقدة في 21 من أكتوبر سنة 1961 أن وظائف ناظر محطة ومفتش تذاكر ومخزنجي وكمساري وكاتب مخازن ومراجع بضائع ومعاون محطة في مرفق سكك حديد الدلتا، تتفق في طبيعتها مع وظائف فراز وموزع أعمال كتابية بهيئة البريد، وكان قد سبق للسيد مقرر اللجنة العامة لتصفية هذا المرفق أن قرر في كتابه المؤرخ 15 من فبراير سنة 1962 بأنه لا يوجد فرق بين وظيفة ناظر بلوك التي كان يشغلها المدعي وبين وظيفة ناظر محطة لأنهما من طبيعة واحدة لذلك فإن الشروط المنصوص عليها في المادة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 متوفرة في شأن المدعي، ويتعين لذلك ضم ثلاثة أرباع المدة التي قضاها بشركة سكك حديد الدلتا من 10 من يونيه سنة 1946 حتى تاريخ تعيينه بهيئة البريد.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن لجنة شئون الموظفين قد قررت رفض طلب المدعي الخاص بضم مدة خدمته السابقة لأن طبيعة عمله السابق في وظيفة ناظر بلوك لا تتفق في طبيعتها مع طبيعة عمله الجديد في وظيفة فراز، وليس من اختصاص المحكمة الإدارية أن تقيم نفسها مقام الجهة الإدارية فيما هو متروك لتقديرها، إذ أن سلطة المحكمة يجب أن تقف عند حد البحث في مشروعية القرار الإداري ومدى مطابقته لأحكام القانون، وليس لها بعد ذلك أن تتدخل في صميم عمل الإدارة فتقرر شيئاً على خلاف ما ذهبت إليه لجنة شئون الموظفين، وهي إذ فعلت ذلك تكون قد خرجت عن حدود سلطتها القانونية، وخالفت بذلك القانون وتعين من ثم القضاء بإلغاء حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إنه بالاطلاع على ملف خدمة المدعي يبين أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في عام 1944 والتحق بخدمة شركة سكك حديد الدلتا في 10 من يونيه سنة 1946 بوظيفة "معاون محطة" ثم رقي إلى وظيفة "ناظر محطة الصدفية" في ديسمبر سنة 1948، وفي 26 من أكتوبر سنة 1950 نقل إلى وظيفة "ناظر بلوك" الصافورية وظل قائماً بهذا العمل إلى أن ألحق بوظيفة "فراز" من المرتبة الخامسة (المعادلة للدرجة التاسعة) بالهيئة العامة للبريد اعتباراً من 30 من يونيه سنة 1960 وذلك نتيجة لتصفية مرفق سكك حديد الدلتا، وفي 27 من يوليه سنة 1961 قدم طلباً بضم مدة خدمته السابقة التي قضاها بمرفق سكك حديد الدلتا إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لما قضى به القرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961 في شأن تصفية ما بقي من خطوط سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية ووضع قواعد خاصة لتعيين الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعملون بها ببعض الهيئات العامة وبعرض أمره على لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة للبريد قررت بجلستها المنعقدة في 21 من أكتوبر سنة 1961 رفض طلبه لاختلاف طبيعة عمله السابق "كناظر بلوك" عن طبيعة عمله الحالي بوظيفة "فراز".
ومن حيث إنه يبين من المراحل التي مر بها مرفق سكك حديد الدلتا أنه كانت تديره بطريق الالتزام شركة مساهمة إنجليزية مركزها الرئيسي بلندن وتأسست في عام 1897 وفي 4 من أغسطس سنة 1952 وافق مجلس الوزراء على اقتراح وزارة المواصلات بوضع الشركة تحت الحراسة لمدة ثلاثة أشهر وتعيين حارس عليها لإدارة المرفق لحساب الشركة وعلى مسئوليتها، ثم صدرت بعد ذلك عدة قرارات من مجلس الوزراء بمد مدة الحراسة مرة بعد مرة إلى أن صدر قرار في 3 من يونيه سنة 1953 بإسقاط الالتزام الممنوح للشركة ومصادرة التأمين المدفوع منها، على أن تعلن الحكومة عن مزايدة عامة لبيع المرفق وأدواته وفقاً لأحكام عقد الالتزام والشروط الملحقة به ثم صدر قرار لاحق في 10 من يونيه سنة 1953 نص على أن يستمر سير هذا المرفق تحت إدارة مصلحة السكك الحديدية باعتبار أن أعمالها وثيقة الصلة به، وتكون إدارتها بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها، مع تخويل مجلس إدارة السكك الحديدية سلطة البت في شئون هذا المرفق خلال فترة إدارته بواسطة المصلحة، وفي 5 من أكتوبر سنة 1955 رفعت وزارة المواصلات مذكرة إلى مجلس الوزراء رأت فيها الآتي:
أولاً: إقرار ما تم من طرح موجودات المرفق وحق استغلاله في المزايدة العامة مرتين لم تسفرا عن ملتزم جديد يحل محل شركة سكك حديد الدلتا التي أسقط امتيازها، وترتب على ذلك سقوط كل حق كان عقد الامتياز يخوله لتلك الشركة وأن ملكية الدولة لموجودات المرفق لا يقابلها أي عبء على الخزانة وفقاً للمادة 17 من دفتر الشروط الملحق بعقد الالتزام.
ثانياً: تخويل وزارة المواصلات وضع نظام لإدارة مرفق النقل بالسكك الحديدية الزراعية على الأسس التي يقرها المجلس.
وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 5 من أكتوبر سنة 1955 على البند الأول، وفيما يختص بالبند الثاني قرر المجلس تخويل وزارة المواصلات وضع نظام لإدارة المرفق كهيئة اعتبارية ملحقة بالسكة الحديد ذات إدارة خاصة ومنفصلة.
وفي 8 من إبريل سنة 1961 صدر القرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961 السابق الإشارة إليه، ونص في المادة الرابعة منه على أن "مدد العمل السابقة التي قضيت في شركتي سكك حديد الدلتا والفيوم والزراعية، تحسب في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة لمن يعين في خدمة الحكومة وذلك وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة 2 وما بعدها من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 بشأن حساب مدد العمل السابقة".
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن مرفق سكك حديد الدلتا هو مرفق عام، كان يدار أولاً بطريق الالتزام بواسطة شركة مساهمة إنجليزية ثم أخذت الدولة في إدارته بالطريق المباشر بعد إسقاط الالتزام المشار إليه، إذ بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 عهدت الدولة بإدارة هذا المرفق إلى مصلحة حكومية هي مصلحة السكك الحديدية، وقد كانت هذه الإدارة، بادئ ذي بدء مؤقتة ثم استقرت بصفة نهائية بقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من أكتوبر سنة 1955 وعلى ذلك فإن موظفي هذا المرفق ومستخدميه وعماله يعتبرون منذ 10 من يونيه سنة 1953 في عداد الموظفين العموميين، ولا يغير من هذا النظر أن تكون العلاقة التي كانت تربط هؤلاء أصلاً بشركة سكك حديد الدلتا تخضع للأحكام الواردة في مجموعة الأوامر التي أصدرتها الشركة المذكورة مكملة بقانون عقد العمل الفردي، لا يغير كل ذلك من النظر المتقدم، لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 إذ نص على أن تكون إدارة المرفق بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائح الشركة مكملة بقانون عقد العمل الفردي يكون قد أضفى على الأحكام سالفة الذكر وصف القواعد التنظيمية، إذ ليس ثمة ما يمنع قانوناً من استعارة بعض الأحكام التي تنظم العلاقات العقدية، وتطبيقها في حالات خاصة على بعض موظفي الدولة، وعندئذ تعتبر هذه الأحكام المستعارة، بناء على النص عليها أو الإحالة إليها أحكاماً تنظيمية عامة بكل ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مدد خدمة موظفي مرفق سكك حديد الدلتا ليست كلها من طبيعة واحدة، فمدة الخدمة السابقة على 10 من يونيه سنة 1953 تاريخ موافقة مجلس الوزراء على تخويل مصلحة السكك الحديدية إدارة المرفق إدارة مباشرة، هذه المدة تعتبر قضيت في شركة مساهمة أما المدة التالية لهذا التاريخ فإنها تعتبر مدة خدمة قد قضيت في إحدى الأشخاص الإدارية العامة وبذلك يختلف حكم إحدى المادتين عن حكم الأخرى، طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - الذي أحال إليه القرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961 السابق الإشارة إليه - من حيث الشروط التي يجب توفرها لحساب أيهما في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالمدة الأولى التي قضاها المدعي في شركة سكك حديد الدلتا في 10 من يونيه سنة 1946 إلى 9 من يونيه سنة 1953 فإن البند الرابع من المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ينص على أن "مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات المستقلة أو الملحقة سواء كانت متصلة أو منفصلة تحسب ثلاثة أرباعها بالشروط الآتية:
( أ ) ألا تقل المدة السابقة عن سنتين (ب) أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة، ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة.
فأما عن الشرط الأول فلا نزاع في تحققه في حالة المدعي إذ قضى بشركة سكان حديد الدلتا سبع سنوات، وأما عن الشرط الثاني وهو مدى اتفاق طبيعة العمل السابق للمدعي في الشركة المذكورة وعمله "كفراز" بالهيئة العامة للبريد. فإنه وإن كانت لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة للبريد قد قررت بجلستها المنعقدة في 21 من أكتوبر سنة 1961 أن وظائف ناظر محطة ومفتش تذاكر ومخزنجي وكمساري وكاتب حسابات ومراجع بضائع ومعاون محطة في مرفق سكك حديد الدلتا تتفق في طبيعتها مع وظائف فراز وموزع أعمال كتابية بهيئة البريد، ورفضت في ذات الجلسة طلب المدعي حساب مدة خدمته السابقة بالمرفق المذكور نظراً لأن وظيفة "ناظر بلوك" التي كان يشغلها قبل تعيينه مباشرة بالهيئة العامة للبريد - لا تتفق في طبيعتها مع وظيفة "فراز" إلا أنه لما كان الثابت من ملف خدمة المدعي أن مدة خدمته بشركة حديد الدلتا لم يكن المدعي قد قضاها كلها في وظيفة "ناظر بلوك" بل كان يشغل وظيفة "معاون محطة" اعتباراً من 10 من يونيه سنة 1946 ثم "ناظر محطة" الصدفية في ديسمبر سنة 1948 ثم نقل اعتباراً من 26 من أكتوبر سنة 1950 إلى وظيفة "ناظر بلوك" ولم يكن ثمة نزاع في أن وظيفتي "معاون محطة" و"ناظر محطة" تعتبران - حسب قرار لجنة شئون الموظفين المشار إليه - من الوظائف التي تتفق في طبيعتها مع وظيفة "فراز" بهيئة البريد، ولما كان الثابت - فيما يتعلق بوظيفة "ناظر بلوك" أن العميد مقرر اللجنة العامة لتصفية سكك حديد الدلتا - قد قرر في كتابه رقم 234/ 2 (تصفية) المؤرخ 15 من فبراير سنة 1962 والمودع بملف خدمة المدعي - "أنه لا يوجد أي فرق بمرفق سكك حديد الدلتا بين وظيفة ناظر بلوك كوبري الصافورية وبين ناظر أي محطة أخرى من درجتها" وكان مؤدى ذلك أن وظيفة ناظر بلوك التي شغلها المدعي من 26 من أكتوبر سنة 1950 نظيرة لوظيفة ناظر محطة التي قررت لجنة شئون الموظفين أنها تتفق في طبيعتها مع وظيفة فراز ولما كان كل أولئك هو الثابت فإن اعتبار طبيعة العمل في المدة التي قضاها المدعي في الشركة سالفة الذكر من 10 من يونيه سنة 1946 إلى 9 من يونيه سنة 1953، متفقة مع طبيعة عمله كفراز، إذ يجرى داخل الإطار العام لقرار لجنة شئون الموظفين المبين آنفاً ويعد بمثابة تطبيق لفكرته ومن ثم فليس في هذا التطبيق أي افتئات على اختصاص لجنة شئون الموظفين في هذا الصدد، وبذلك يتحقق أيضاً في حالة المدعي الشرط الثاني ويكون مستحقاً لضم ثلاثة أرباع المدة المشار إليها إلى مدة خدمته الحالية.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمدة خدمة المدعي الثانية والمحصورة ما بين 10 من يونيه سنة 1953 تاريخ إدارة مرفق سكك حديد الدلتا بواسطة مصلحة السكك الحديدية و30 من يونيه سنة 1960 تاريخ إعادة تعيينه في الدرجة التاسعة بالهيئة العامة للبريد فإن هذه المدة تعتبر قد قضيت في خدمة شخص من الأشخاص الإدارية العامة، وإذ لم يقضها المدعي على درجة فإنها تخضع للحكم الوارد في الفقرة الثانية من البند الأول من القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 التي تشترط لضم مثل هذه المدة أن يكون العمل السابق قد أكسب الموظف خبرة يفيد منها في عمله الجديد ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة، وأن تكون المدة المضمومة قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها.
ولما كان المرتب الذي كان يتقاضاه المدعي خلال مدة خدمته المشار إليها لم يجاوز 3 جنيه و750 مليماً في حين أن بداية مربوط الدرجة التاسعة التي أعيد تعيينه فيها ستة جنيهات، فإنه يكون قد تخلف في حالته شرط التعادل بين الدرجتين السابقة والجديدة الأمر الذي من أجله لا يحق له طلب ضم هذه المدة ويتعين لذلك رفض دعواه في هذا الشق منها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضى به من ضم ثلاثة أرباع المدة من 10 من يونيه سنة 1953 حتى 30 من يونيه سنة 1960 إلى مدة خدمة المدعي الحالية ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه في هذا الشق فيما قضى به من إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات وبرفض هذا الطلب وبإلزام المدعي بالمصروفات المناسبة وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من "ضم ثلاثة أرباع مدة خدمة المدعي السابقة من 10 من يونيه سنة 1953 حتى 30 من يونيه سنة 1960 إلى مدة خدمته الحالية بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 441 لسنة 1961" وفيما قضى به من إلزام الهيئة المدعى عليهما بالمصروفات وبرفض هذا الطلب وبإلزام المدعي بالمصروفات المناسبة وبتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك.

الطعن 279 لسنة 33 ق جلسة 5 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 72 ص 493

جلسة 5 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

-----------------

(72)
الطعن رقم 279 لسنة 33 القضائية

(أ) فوائد. "تقاضي فوائد على متجمد الفوائد". "تجاوز الفوائد لرأس المال".
حظر تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومنع تجاوز الفوائد لرأس المال. خروج ما تقضي به العادات التجارية عن دائرة هذا الحظر. المادة 332 مدني.
(ب) فوائد. قرض. "قروض المصارف". "طبيعتها".
القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته. وبالنسبة للمقترض تعتبر كذلك مهما كانت صفة المقترض وأياً كان الغرض الذي خصص له القرض. خروج هذه القروض عن نطاق الحظر الوارد في المادة 232 مدني. خضوعها للقواعد والعادات التجاري.

-------------------
1 - تنص المادة 232 من القانون المدني على أنه لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية.
ويبين من هذا النص أن المشرع حظر أمرين أولهما أن يتقاضى الدائن فوائد على متجمد الفوائد التي لا تسدد والثاني أن تتجاوز الفوائد رأس مال القرض ثم أخرج المشرع من هذا الحظر ما تقضي به القواعد والعادات التجارية.
2 - القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته وفقاً لنص المادة الثانية من قانون التجارة وهي كذلك بالنسبة للمقترض مهما كانت صفته والغرض الذي خصص له القرض فإن هذه القروض وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض تخرج عن نطاق الحظر المنصوص عليه في المادة 232 السابقة الذكر وتخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لرأس المال (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته حارساً قضائياً على تركة المرحوم الشناوي محمد إسكندر أقام الدعوى رقم 1500 سنة 1956 مدني كلي الإسكندرية ضد بنك الأراضي المصري - الطاعن - وضد وزير المالية (وزير الخزانة الآن) وبنك الائتمان - المطعون ضدهما الثاني والثالث - وقال بياناً لها إن المرحوم الشناوي محمد إسكندر اقترض من البنك الطاعن مبلغ 7500 ج في سنة 1928 مقابل رهن 80 ف و8 ط و13 س أطياناً زراعية مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وذلك بموجب عقد قرض ورهن رقم 5024، وأنه في سنة 1943 قررت لجنة تسوية الديون العقارية بناء على طلب قدم لها من ورثة المدين قبول الطلب وتخفيض الدين الناشئ عن القرض وتخفيض الأقساط السنوية وإذا كانت الأقساط التي قبضها سداداً لذلك القرض سواء منها ما كان سابقاً على قبول الدين من لجنة تسوية الديون العقارية أو تالياً لذلك يزيد على قيمة القرض وكان البنك قد امتنع عن تقديم بيان عنها، فقد أقام الدعوى طالباً الحكم بإلزام الطاعن في مواجهة المطعون ضدهما الثاني والثالث بتقديم حساب عن الأقساط المسددة من القرض والأساس الذي بني عليه احتساب كل قسط منها ولما قدم البنك كشفاً لهذا الحساب قضت محكمة أول درجة في 14 يونيه سنة 1957 بندب خبير لبيان الأقساط المسددة من القرض وتصفية الحساب بين الطرفين بعد مراجعة الكشف المشار إليه على ما هو مقيد في دفاتر البنك بشأن القرض موضوع النزع. وبعد أن باشر الخبير مأموريته قدم تقريراً انتهى فيه إلى أنه بإضافة الفوائد إلى متجمد فوائد ذلك القرض يكون رصيده مديناً في 31 ديسمبر سنة 1960 بمبلغ 5786 ج و130 م أما إذا أجرى الحساب بغير إضافة فوائد إلى متجمد الفوائد فإن رصيد القرض يكون مديناً بمبلغ 291 ج و141 م. وإذ سدد المطعون ضده الأول للطاعن هذا المبلغ الأخير أثناء سير الدعوى فقد طلب الحكم ببراءة ذمته من الدين الناشئ عن القرض.
وقضت المحكمة في 28 مايو سنة 1962 بإجابة المطعون عليه الأول إلى هذا الطلب. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 538 سنة 18 ق، وبتاريخ 22 من إبريل سنة 1963 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قرر أنه لا يصح أن تضاف فوائد إلى متجمد فوائد الدين موضوع النزاع مستنداً في ذلك أن نص المادة 232 من القانون المدني، هذا في حين أن الثابت بهذه المادة أنها بعد أن حظرت على الدائن تقاضي فوائد على متجمد الفوائد قيدت هذا الحظر بما قررته من أن "ذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية". وإذ كان هذا القيد مستمداً من عرف سائد جرت به معاملات الدولة مع بنوك الائتمان العقاري وأقره المشرع بقصد الإبقاء على صحة هذه المعاملات ومن بينها القروض الطويلة الأجل التي يتعرض بسببها الدائنون لمخاطر مختلفة أثناء مدة القرض، فإن الحكم المطعون فيه - وقد أغفل تطبيق هذا العرف المستقر على القروض الطويلة الأجل التي يعقدها البنك الطاعن ومن بينها القرض موضوع النزاع ولم يقض للبنك بفوائد على متجمد فوائد هذا القرض - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المادة 232 من القانون المدني تنص على أنه "لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد، ولا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية" ويبين من هذا النص أن المشرع حظر أمرين أولهما أن يتقاضى الدائن فوائد على متجمد الفوائد التي لا تسدد والثاني أن تتجاوز الفوائد رأس مال القرض، ثم أخرج المشرع من هذا الحظر ما تقضي به القواعد والعادات التجارية. ولما كانت القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته وفقاً لنص المادة الثانية من قانون التجارة وهي كذلك بالنسبة المقترض مهما كانت صفته والغرض الذي خصص له القرض، فإن هذه القروض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخرج عن نطاق الحظر المنصوص عليه في المادة 232 السالفة الذكر وتخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لرأس المال، لما كان ذلك وكان البنك الطاعن قد درج كغيره من مصارف الائتمان العقاري على ممارسة القروض لآجال طويلة وجرى في معاملة المقترضين على اتباع قاعدة تجارية لازمة لقروضه التجارية هي تقاضي فوائد على متجمد الفوائد، وكانت العادة قد جرت بحكم طول أجل هذه القروض التي تعقدها هذه المصارف أن تزيد فيها الفائدة على رأس المال، فإنه يتعين تطبيق الاستثناء الوارد في عجز المادة 232 من القانون المدني على القرض موضوع النزاع. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى إجراء حساب القرض مستبعداً الفوائد المستحقة على الفوائد المتجمدة تأسيساً على ما قرره من أنه لا محل لتطبيق عجز المادة 232 الآنفة الذكر على هذا القرض باعتبار أنه قرض مدني بالنسبة للمدين، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 27/ 6/ 1963 - الطعنين 115 لسنة 28 ق و255 لسنة 27 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 936 وص 946 - ونقض 3/ 11/ 1960 الطعن 660 لسنة 25 ق - المجموعة السنة 11 ص 544.