الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 670 لسنة 10 ق جلسة 3 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 43 ص 340

جلسة 3 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

------------------

(43)

في القضية رقم 670 لسنة 10 القضائية

عسكريون "أفراد القوات المسلحة - نقلهم إلى الوظائف المدنية - تحديد المرتب الأصلي".
الأصل وفقاً لأحكام القانون رقم 235 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة أن يتم النقل إلى الدرجة التي يدخل الراتب المقرر للرتبة العسكرية في مربوطها والاستثناء أن يتم النقل إلى الدرجة التالية للدرجة المقررة للرتبة العسكرية إذا ما توافر شرطاه - المرتب الأصلي في الحالة الأولى هو المرتب الذي كان مقرراً للرتبة العسكرية، وفي الحالة الثانية هو أول مربوط الدرجة المدنية - الفرق بين المرتب الأصلي وبين مجموع المرتب والتعويضات في الوظيفة العسكرية يؤدي بصفة شخصية حتى يتم استنفاده بالترقية أو العلاوات أو التعويضات الأخرى.

--------------------
إن القانون رقم 235 لسنة 1959 "في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة" ينص في المادة 125 منه على أنه "في حالة نقل أحد الأفراد إلى وظيفة مدنية ينقل في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها وتحسب أقدميته فيها من تاريخ حصوله على أول مربوطها. ويجوز أن ينقل في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته يبلغ بداية مربوطها أو يجاوزه، ويتم النقل في هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية وفي كلتا الحالتين إذا تقاضى الفرد المنقول إلى الوظيفة المدنية رواتب وتعويضات مدنية تقل عن مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية أدى إليه الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده بالترقية أو العلاوات أو التعويضات". فمقتضى أحكام هذه المادة أن المشرع بين أحكام النقل إلى الوظائف المدنية في حالتين: الحالة الأولى وهي التي نصت عليها الفقرة الأولى وجعلتها أصلاً للنقل وتتضمن نقل الفرد إلى الدرجة التي يدخل راتبه المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها، والحالة الثانية وهي التي نصت عليها الفقرة الثانية وتعتبر استثناء من هذا الأصل وفيها ينقل الفرد إلى الدرجة التالية للدرجة المقررة لرتبته العسكرية وذلك بشرطين: الأول أن يبلغ مجموع مرتب الفرد وتعويضات العسكرية بداية مربوط الدرجة المدنية أو يزيد والثاني أن يصدر بالنقل قرار من رئيس الجمهورية، أما عن المرتب الأصلي الذي كان يتقاضاه الموظف المنقول، فإن نصوص المادة 125 المذكورة واضحة الدلالة على أنه المرتب الذي كان مقرراً لرتبته العسكرية في الحالة الأولى وأنه أول مربوط الدرجة المدنية في الحالة الثانية باعتباره الحد الأدنى لهذه الدرجة والذي لا يجوز التعيين بأقل منه وفقاً لقانون موظفي الدولة المعمول به وقتئذ، على أن يؤدي للمنقول في الحالتين الفرق بين مرتبه الأصلي وبين مجموع مرتبه وتعويضاته في الوظيفة العسكرية وذلك بصفة شخصية حتى يستنفد بالترقية أو العلاوات أو التعويضات الأخرى، وآية ذلك أن المشرع جعل المناط عند النقل في الحالتين المذكورتين. "الراتب المقرر لرتبته العسكرية" كما نص في الفقرة الثالثة الخاصة بأداء الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده، أنها تسري "في كلتا الحالتين" الواردتين في الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة 125 بادية الذكر. ولا محل للقول بأن مؤدى الفقرة الثانية المذكورة هو أن يشمل المرتب الأصلي للموظف المنقول مجموع مرتبه وتعويضاته في الدرجة العسكرية المنقول منها استناداً إلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في شأن نص هذه الفقرة من "أن الموازنة قد أجريت في هذا النص بين مجموع الراتب والتعويضات العسكرية ولم يدخل في الاعتبار ما سوف يستولي المنقول بالإضافة إلى ذلك من تعويضات مدنية فوق الراتب الأصلي المحدد للدرجة المدنية" - لا محل لذلك لأن هذا الذي ورد في المذكرة الإيضاحية يعني أن الموازنة المذكورة هي التي تؤخذ في الاعتبار كشرط لكي يجوز نقل الموظف إلى الدرجة التالية التي يزيد أول مربوطها على المرتب المقرر للرتبة العسكرية مرتباً أصلياً في الوظيفة المدنية المنقول إليها، وأياً كان الأمر في تفسير ذلك، فإنه لا يجوز الاعتداد بما ورد في المذكرة الإيضاحية إذا كان على خلاف المفهوم الواضح من نصوص الفقرات الثلاث من المادة 125 من القانون المشار إليه سيما وأن المشرع نص صراحة على تطبيق حكم الفقرة الثالثة على الحالتين اللتين ينطبق عليهما الفقرتان الأولى والثانية على ما سلف البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 652 لسنة 9 القضائية ضد وزارة الحربية، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 25 من فبراير سنة 1962 طلب فيها الحكم بأحقية المدعي في العلاوة المستحقة في أول مايو سنة 1961 وبدون استقطاع حتى يصل راتبه إلى 32 جنيهاً و940 مليماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف فروق مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب". وتوجز أسانيد دعواه في أنه كان معيناً بالقوات المسلحة في رتبة مساعد أول، وفي 14 من فبراير سنة 1961 صدر القرار الجمهوري رقم 42 لسنة 1961 بنقله إلى الكادر المدني في الدرجة الخامسة الكتابية بوزارة الحربية طبقاً للمادة 135 من القانون رقم 235 لسنة 1959، ثم صدر في 2 من مارس سنة 1961 قرار وزير الحربية رقم 293 تنفيذاً للقرار الجمهوري وقد ورد به أن مرتبه الشهري الذي عين به في الدرجة الخامسة هو 30 جنيهاً و940 مليماً على أن يصرف إليه من تاريخ استلامه العمل. وفي 5 من يونيه سنة 1961 أصدر وكيل الوزارة القرار رقم 251 بمنحه العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1961، بيد أن الجهة الإدارية امتنعت عن تنفيذه بناء على ما ارتآه ديوان الموظفين من تعديل القرار الوزاري رقم 293 المشار إليه على أساس منح المدعي أول مربوط الدرجة الخامسة وعلى أن يمنح الفرق بين هذا المرتب وبين مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية بصفة شخصية وأن تستقطع العلاوة الدورية التي استحقت له من البدلات السابق حصوله عليها بالكادر العسكري وذلك إلى أن يستنفد الفرق المذكور بالترقيات أو العلاوات أو التعويضات الأخرى. وينعى المدعي على رأي ديوان الموظفين مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: إن الفقرة الثانية من المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 تنص على أنه يجوز النقل في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته يبلغ بداية مربوطها أو يجاوزه ويتم النقل بقرار من رئيس الجمهورية.
ثانياً: إن المذكرة الإيضاحية للقانون بادي الذكر تضمنت أن الموازنة أجريت بالنسبة للنص المذكور بين مجموع الراتب والتعويضات العسكرية وما يقابله من راتب أصلي في الدرجة المدنية ولم يدخل في الاعتبار ما سوف يستولي عليه المنقول من تعويضات مدنية فوق الراتب الأصلي المحدد للدرجة المدنية ومن ثم يعتبر مجموع الراتب والبدلات والتعويضات عند النقل في حكم المرتب الأصلي.
ثالثاً: جري العمل بهذا الرأي بالنسبة لعدد من زملائه المنقولين إلى الوظائف المدنية.
رابعاً: صدرت فتوى في 20 من يوليه سنة 1961 من مستشار مجلس الدولة لوزارة الحربية بأن القرارين رقمي 293 و251 سالفي الذكر مطابقان للقانون وأنه يستحق العلاوة الدورية المقررة له دون خصمها من مرتبه.
خامساً: أشارت المذكرة الإيضاحية للقرار الجمهوري الصادر بنقله أن مجموع راتبه وتعويضاته هو 30 جنيهاً 940 مليماً.
سادساً: لا يستند رأي ديوان الموظفين إلى أحكام القانون أو القرار الجمهوري أو إلى مذكرتيهما كما أنه يخالف ما جرى عليه العمل في الحالات المماثلة.
وقد أجابت وزارة الحربية على الدعوى بأن المدعي كان معيناً في وظيفة عسكرية ويتقاضى مرتباً شهرياً قدره 22 جنيهاً و500 مليم و2 جنيه بدل سكن و2 جنيه بدل ملبوس و4 جنيه و440 مليماً بدل تعيين، ثم نقل إلى الوزارة في الدرجة الخامسة الكتابية بالقرار الجمهوري رقم 42 لسنة 1961 طبقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959، وصدر القرار الوزاري رقم 293 لسنة 1961 بتعيينه في تلك الدرجة بماهية شهرية قدرها 30 جنيهاً و940 مليماً اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1961 على أن تصرف إليه ماهيته من تاريخ استلامه العمل في 20 من فبراير سنة 1961، وأنه تعقيباً على فتوى مستشار الرأي للوزارة في شأن استحقاق المدعي للعلاوة الدورية التي استحقت له في أول مايو سنة 1961 أيد ديوان الموظفين رأيه السابق والذي رأى فيه تعديل القرار الوزاري المنفذ للقرار الجمهوري على أساس منح المدعي أول مربوط الدرجة الخامسة كمرتب أساسي أما الفرق بينه وبين ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية فيمنح له بصفة شخصية على أن يستهلك بالزيادات التي تطرأ على مرتبه في الوظيفة المدنية ولذلك استقطعت العلاوة الدورية المذكورة من البدلات التي حصل عليها في الوظيفة العسكرية واستبدل بالقرار الوزاري رقم 293 لسنة 1960 القرار الوزاري رقم 1555 لسنة 1961 متضمناً ما انتهى إليه رأي ديوان الموظفين. وبجلسة 26 من أكتوبر سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية "برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 حددت بما لا يدع مجالاً للشك معاملة المنقولين من الوظائف العسكرية إلى الوظائف المدنية وفرقت بين طائفتين الأولى وهم الذين ينقلون في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبتهم العسكرية في مربوطها والثانية وهو الذين أجاز القانون أن ينقلوا في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل المرتب المقرر لرتبتهم العسكرية في مربوطها على أن يجوز نقلهم بشرطين: الأول أن يكون مجموع الراتب والتعويضات العسكرية يبلغ بداية مربوط هذه الدرجة أو يجاوزه. والثاني: أن يتم النقل بقرار من رئيس الجمهورية، وأنه لما كان المدعي يدخل ضمن الطائفة الثانية وقد صدر القرار الجمهوري رقم 42 لسنة 1961 بنقله ثم صدر قرار وزير الحربية رقم 1555 لسنة 1961 بتعديل القرار الوزاري رقم 293 لسنة 1961 واعتبار تعيين المدعي في الوظيفة المدنية بمجموع مرتبه على أن يكون مقداره بصفة أصلية 25 جنيهاً أول مربوط الدرجة الخامسة بالإضافة إلى 5 جنيه و940 مليماً مقدار باقي البدلات في الوظيفة العسكرية تستنفد من علاوات الترقية والعلاوات الدورية ونصت المادة الثانية من القرار على منحه علاوة دورية مقدارها جنيهان اعتباراً من أول مايو سنة 1961 ليصبح 27 جنيهاً بصفة أصلية - لما كان ذلك وكان الفرق بين مرتب المدعي في الوظيفة العسكرية وبين مرتبه في الوظيفة المدنية يجب أن يؤدى له بصفة شخصية حتى يتم استنفاده من العلاوات الدورية أو علاوات الترقية أو من التعويضات الأخرى فإن طلب المدعي بأحقيته في صرف العلاوة الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1961 حتى يصل راتبه إلى 32 جنيهاً و940 مليماً شهرياً، يكون على غير أساس قانوني متعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم، حسبما يبين من تقرير الطعن ومن مذكرة الطاعن المودعة خلال فترة حجز الطعن للحكم، على أن قرار وزير الحربية رقم 293 لسنة 1961، بتعيينه في الدرجة الخامسة الكتابية بالوزارة اعتباراً من تاريخ صدور القرار الجمهوري بنقله في 14 من فبراير سنة 1961، قد صدر مطابقاً للقانون فلا يجوز سحبه إذ أصبح نهائياً بفوات المواعيد القانونية للسحب أو الإلغاء وبذلك يكون المرتب، المحدد في القرار المذكور وقدره 30 جنيهاً و940 مليماً مضافاً إليه العلاوة الدورية المستحقة اعتباراً من أول مايو سنة 1961 والتي صدر بها القرار رقم 251 لسنة 1961، مقدراً تقديراً نهائياً لا يجوز تعديله، كما يقوم الطعن على أن الفقرة الثالثة من المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 لا تنطبق في شأنه إذ تقضي الفقرة الثانية من هذه المادة وما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون أن مرتبه عند نقله إلى الوظيفة المدنية، يشمل مرتبه المقرر في الرتبة العسكرية مضافاً إليه التعويضات العسكرية التي كان يتقاضاها قبل نقله ويعتبر مجموع هذه المرتبات مرتباً أصلياً، ومن ثم يكون القرار الوزاري رقم 1555 لسنة 1961 الذي قام عليه الحكم المطعون فيه باطلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان معيناً بالقوات المسلحة في وظيفة عسكرية برتبة مساعد أول بمرتب أصلي قدره 22 جنيهاً و500 مليم شهرياً بالإضافة إلى بدلات مقدارها 8 جنيه و440 مليماً شهرياً، ثم صدر في 14 من فبراير سنة 1961 قرار رئيس الجمهورية رقم 42 لسنة 1961 بنقله إلى وزارة الحربية في الدرجة الخامسة الكتابية وتضمنت مذكرة الوزارة المؤرخة في ديسمبر سنة 1960 المرفوعة إلى السيد رئيس الجمهورية في هذا الشأن أن طلب النقل كان بناء على المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 "في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة" لوجود درجة خامسة كتابية خالية بميزانية الوزارة للسنة المالية 59/ 1960 ولأن مجموع راتب المدعي وتعويضاته مقدراها 30 جنيهاً و940 مليماً، وصدر بناء على القرار الجمهوري والقرار الوزاري رقم 293 لسنة 1961 في 2 من مارس سنة 1961 بتعيين المدعي في الدرجة الخامسة الكتابية بمرتب شهري مقداره 30 جنيهاً و940 مليماً اعتباراً من تاريخ استلامه العمل في 20 من فبراير سنة 1961 ثم صدر "الأمر الإداري" رقم 251 في 5 من يونيه سنة 1961 بمنح المدعي علاوة دورية مقدارها جنيهان شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1961 ليكون مرتبه مضافاً إليه العلاوة 32 جنيهاً و940 مليماً شهرياً. وفي 4 من نوفمبر سنة 1961 صدر القرار الوزاري رقم 1555 بتعديل القرار رقم 293 لسنة 1961 المشار إليه لكي يكون مرتب المدعي عند نقله إلى الدرجة الخامسة 25 جنيهاً شهرياً باعتباره أول مربوط هذه الدرجة على أن يضاف إليه 5 جنيه و940 مليماً باقي مقدار البدلات التي كان يتقاضاها في الوظيفة العسكرية، على أن يستنفد هذا الفرق من علاوة الترقية والعلاوات الدورية طبقاً للمادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959، كما تضمن القرار رقم 1555 منح المدعي علاوة دورية اعتباراً من أول مايو سنة 1961 تضاف إلى مرتبه الأصلي ليصبح 27 جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إن مقطع النزاع هو بيان ما إذا كان المرتب الأصلي الذي يتعين أن يتقاضاه المدعي في الدرجة الخامسة الكتابية يشمل - عند نقله إليها - مجموع راتبه وتعويضاته المقررة له في الوظيفة العسكرية التي نقل منها ومن ثم يستحق أن تصرف العلاوة الدورية المقررة له في أول مايو سنة 1961 فوق مرتبه الأصلي المذكور، أم أن مرتبه الأصلي عند النقل كان أول مربوط الدرجة الخامسة (25 جنيهاً شهرياً) وأن الفرق بين هذا المرتب وبين مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية يصرف له بصفة شخصية حتى يستنفد بالترقية والعلاوات فيتعين خصم العلاوة الدورية المذكورة من ذلك الفرق الذي تقاضاه بصفة شخصية.
ومن حيث إن القانون رقم 235 لسنة 1959 "في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرطة والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة" ينص في المادة 125 منه على أنه في حالة نقل أحد الأفراد إلى وظيفة مدنية ينقل في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها وتحسب أقدميته فيها من تاريخ حصوله على أول مربوطها. ويجوز أن ينقل في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته يبلغ بداية مربوطها أو يجاوزه، ويتم النقل في هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية. وفي كلتا الحالتين إذا تقاضى الفرد المنقول إلى الوظيفة المدنية رواتب وتعويضات مدنية تقل عن مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية أدي إليه الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده بالترقية أو العلاوات أو التعويضات. فمقتضى أحكام هذه المادة أن المشرع بين أحكام النقل إلى الوظائف المدنية في حالتين: الأولى وهي التي نصت عليها الفقرة الأولى وجعلتها أصلاً للنقل وتتضمن نقل الفرد إلى الدرجة التي يدخل راتبه المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها، والحالة الثانية وهي التي نصت عليها الفقرة الثانية وتعتبر استثناء من هذا الأصل وفيها ينقل الفرد إلى الدرجة التالية للدرجة المقررة لرتبته العسكرية وذلك بشرطين: الأول أن يبلغ مجموع مرتب الفرد وتعويضاته العسكرية بداية مربوط الدرجة المدنية أو يزيد والثاني أن يصدر بالنقل قرار من رئيس الجمهورية، أما عن المرتب الأصلي الذي كان يتقاضاه الموظف المنقول، فإن مفهوم نصوص المادة 125 المذكورة واضحة الدلالة على أنه المرتب الذي كان مقرراً لرتبته العسكرية في الحالة الأولى وأن أول مربوط الدرجة المدنية في الحالة الثانية باعتباره الحد الأدنى لهذه الدرجة والذي لا يجوز التعيين بأقل منه وفقاً لقانون موظفي الدولة المعمول به وقتئذ، على أن يؤدى للمنقول في الحالتين الفرق بين مرتبه الأصلي وبين مجموع مرتبه وتعويضاته في الوظيفة العسكرية وذلك بصفة شخصية حتى يستنفد بالترقية أو العلاوات أو التعويضات الأخرى، وآية ذلك أن المشرع جعل المناط عند النقل في الحالتين المذكورتين. "الراتب المقرر لرتبته العسكرية كما نص في الفقرة الثالثة الخاصة بأداء الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده، أنها تسري "في كلتا الحالتين" الواردتين في الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة 125 بادية الذكر. ولا محل للقول بأن مؤدى الفقرة الثانية المذكورة هو أن يشمل المرتب الأصلي للموظف المنقول مجموع مرتبه وتعويضاته في الدرجة العسكرية المنقول منها استناداً إلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في شأن نص هذه الفقرة من "أن الموازنة قد أجريت في هذا النص بين مجموع الراتب والتعويضات العسكرية ولم يدخل في الاعتبار ما سوف.. يستحق المنقول بالإضافة إلى ذلك من تعويضات مدنية فوق الراتب الأصلي المحدد للدرجة المدنية" - لا محل لذلك لأن هذا الذي ورد في المذكرة الإيضاحية يعني أن الموازنة المذكورة هي التي تؤخذ في الاعتبار كشرط لكي يجوز نقل الموظف إلى الدرجة التالية التي يزيد أول مربوطها على المرتب المقرر للرتبة العسكرية، ومن ثم لا يعني أحقية الموظف المنقول في اعتبار مجموع مرتباته وتعويضاته العسكرية مرتباً أصلياً في الوظيفة المدنية المنقول إليها، وأياً كان الأمر في تفسير ذلك، فإنه لا يجوز الاعتداد بما ورد في المذكرة الإيضاحية إذا كان على خلاف المفهوم الواضح من نصوص الفقرات الثلاث من المادة 125 من القانون المشار إليه سيما وأن المشرع نص صراحة على تطبيق حكم الفقرة الثالثة على الحالتين اللتين ينطبق عليهما الفقرتان الأولى والثانية على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان مرتب المدعي المقرر لرتبته العسكرية 22 جنيهاً و500 مليم ويتقاضى بدلات مقدارها 8 جنيه و440 مليماً وقد صدر قرار جمهوري بنقله إلى الدرجة الخامسة الكتابية متضمناً النص في ديباجته على ما يفيد صدوره بناء على القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة( المعمول به وقتذاك)، وعلى القانون رقم 235 لسنة 1959 المشار إليه، فإن نقله يكون قد تم وفقاً للحالة الثانية التي نصت عليها المادة 125 من هذا القانون، ومن ثم يكون صحيحاً قانوناً ما تضمنه القرار رقم 1555 لسنة 1961 من اعتبار المرتب الأصلي للمدعي عند نقله، 25 جنيهاً شهرياً أول مربوط الدرجة الخامسة الكتابية طبقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 بادي الذكر، ومن منحه الفرق بين هذا المرتب وبين مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية بصفة شخصية، مع خصم مقدار العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1961 مما يتقاضاه بصفة شخصية. ولا يقدح في هذا الشأن أن يحاج بأن القراراين رقمي 293 و251 لسنة 1961 السالف الإشارة إليهما قد اكتسبا حصانة تمنع من سحبهما كلياً أو جزئياً لانقضاء ستين يوماً على صدور كل منهما وبالتالي فإن القرار رقم 1555 لسنة 1961 لا يعتد به - لا يقدح ذلك لأن المركز القانوني للمدعي فيما يتعلق بتحديد مرتبه الأصلي في الدرجة المدنية المنقول إليها وما يؤدى إليه فيها بصفة شخصية حتى يتم استنفاده من علاوة الترقية أو العلاوة الدورية أو التعويضات الأخرى، إنما ينشأ مباشرة وبسلطة مقيدة من القانون رقم 235 لسنة 1959، ومن ثم يعتبر القراران المذكوران رقما 293 و251 لسنة 1961 من قبيل القرارات التنفيذية، فيجوز، وقد صدرا بهذه المثابة، سحبهما فيما تضمناه من تسوية وردت على خلاف أحكام القانون، وذلك دون التقيد بميعاد الستين يوماً المحددة لسحب القرارات الإدارية التي تنشأ منها مباشرة المراكز القانونية، ولا تثريب - والحالة هذه - إذا تداركت جهة الإدارة الأمر وأصدرت القرار التنفيذي رقم 1555 لسنة 1961 بتصحيح تسوية حالة المدعي بما يتفق وحكم القانون.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون ويتعين الحكم بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 269 لسنة 34 ق جلسة 29 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 65 ص 443

جلسة 29 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(65)
الطعن رقم 269 لسنة 34 القضائية

(أ) حراسة. "حراسة الطوارئ". "أثر فرض الحراسة". دعوى. "الخصوم في الدعوى". أهلية.
فرض الحراسة على أموال وممتلكات أحد الأشخاص. أثره: رفع يده عن إدارة أمواله ومنعه من التقاضي. الحارس العام صاحب الصفة الوحيدة في تمثيله أمام القضاء. هذا المنع لا يفقد الشخص الخاضع للحراسة أهليته. الحارس العام نائب عنه نيابة قانونية مقتضاها تمثيله هذا الشخص أمام القضاء وتنفيذ الأحكام التي تصدر ضده في أمواله التي يتولى الحارس إدارتها نيابة عنه. اختصام الحارس - بعد فرض الحراسة - في الدعوى اختصام صحيح ولو بقى الشخص الخاضع للحراسة خصماً في الدعوى.
(ب) رسوم. "رسم دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية". قطن.
عدم التزام المصنع بأداء رسم دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية إلا عن الأقطان المملوكة له الداخلة في التشغيل سواء كان ذلك لحسابه أو لحساب الغير. الأقطان المملوكة للغير ويقوم المصنع بتشغيلها لحسابه لا يلزم المصنع بالرسم وإنما يتحمله صاحب القطن. هذا الرسم مقابل خدمات يؤديها صندوق دعم صناعة القطن يعود بعضها على مالك القطن.
(ج) رسوم. "رسم دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية". تقادم. "تقادم مسقط". التزام. "الوفاء مع الحلول". "دعوى الحلول". دعوى.
رجوع الموفي على المدين بدعوى الحلول هو رجوع بنفس الحق الذي انتقل إليه من الدائن. تقادم الرسم المستحق لصندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية بخمس سنوات.
(د) حجز إداري. "أثر توقيع الحجز". تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم".
الحجز الإداري الموقع ضد الموفي عن الدين لا يقطع مدة التقادم بالنسبة للمدين.
(هـ) التزام. "الوفاء من الغير". "رجوع الموفى غير الملزم على الغير". "الدعوى الشخصية". دعوى. تقادم. "تقادم مسقط".
رجوع الغير الموفى - الذي ليس ملزماً بالوفاء - على المدين بما أوفاه يكون بالدعوى الشخصية. حق الموفي في الرجوع ينشأ من تاريخ وفائه بالدين ويتقادم بثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ.

--------------------
1 - لئن كان يترتب على فرض حراسة الطوارئ على أموال وممتلكات أحد الأشخاص - على ما تقضي به أحكام الأمر رقم 4 لسنة 1956 - رفع يده عن إدارة أمواله ومنعه من التقاضي بشأنها أو متابعة السير في دعوى كانت مرفوعة عليه أمام القضاء قبل فرض هذه الحراسة وأن يصبح الحارس العام هو صاحب الصفة الوحيد في تمثيله أمام القضاء إلا أن هذا المنع لا يفقد الشخص الخاضع للحراسة أهليته. فإذا اختصم الحارس العام على أثر فرض الحراسة ليكون الحكم الذي يصدر في الدعوى حجة عليه فإنه يكون قد اختصم في الدعوى اختصاماً صحيحاً يتفق مع صفة النيابة التي أسبغها عليه القانون عن الشخص الذي فرضت الحراسة على أمواله. ولا يغير من ذلك بقاء هذا الشخص خصماً في الدعوى وصدور الحكم بإلزامه بالمبلغ موضوع الدعوى ذلك بأنه هو الأصيل الملزم بالدين المطلوب الحكم به وما الحارس العام إلا نائباً عنه نيابة قانونية خوله الشارع بمقتضاها تمثيله أمام القضاء وتنفيذ الأحكام التي تصدر ضده في أمواله التي يتولى الحارس العام إدارتها نيابة عنه.
2 - مفاد نصوص المواد 2 و8 و9 و12 من القانون رقم 251 لسنة 1953 بإنشاء صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية - مجتمعة - أن المصنع لا يلتزم بأداء الرسم للصندوق إلا عن الأقطان المملوكة له الداخلة في التشغيل سواء كان هذا التشغيل لحسابه أو لحساب الغير أما إذا كان القطن مملوكاً للغير وقدمه إلى المصنع لتشغيله لحسابه فإن المصنع لا يلتزم في هذه الحالة بالرسم وإنما يتحمله صاحب القطن لأنه يعتبر عندئذ صانعاً يقوم بتشغيل قطن في مصنع الغير ولأن الرسم هو مقابل الخدمات التي يؤديها الصندوق لصانعي الغزل والمنسوجات القطنية وهذه الخدمات كما بينتها المادة الثانية يعود نفعها دائماً على مالك القطن الذي صنع غزلاً أو منسوجات ويقوم هو ببيعها في الأسواق الداخلية أو الخارجية ومن ثم فإن صاحب المصنع لا يلتزم بأداء الرسم المستحق على الأقطان المملوكة للغير والتي لا يقوم المصنع ببيع الغزل والمنسوجات الناتجة منها.
3 - إن الموفي حين يرجع على المدين بدعوى الحلول إنما يرجع بنفس الحق الذي انتقل إليه من الدائن فإذا كان هذا الحق هو الرسم المستحق لصندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية فإنه يتقادم بخمس سنوات عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي عدل المادة 377 من القانون المدني.
4 - الحجز الإداري الموقع ضد الموفي عن الدين لا يقطع مدة التقادم بالنسبة للمدين.
5 - رجوع الغير الموفي - الذي ليس ملزماً بالوفاء - بما أوفاه على المدين يكون بالدعوى الشخصية عملاً بالمادة 324 من القانون المدني. ولا ينشأ حق الموفي في هذا الرجوع إلا من تاريخ وفائه بالدين ولا يتقادم إلا بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام في 27 مايو سنة 1958 الدعوى رقم 865 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة على السيد/ موريس تاجر ومدير صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية ومدير مصلحة الضرائب وطلب فيها الحكم بإلزام الأول في مواجهة الآخرين بأن يدفع له مبلغ 739 ج و807 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وقال شرحاً لدعواه إن السيد/ موريس تاجر كان يعهد إليه بأقطان مملوكة له ليقوم بتشغيلها غزلاً في مصنعه لحساب موريس تاجر وأن صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية طالب المطعون ضده بهذا المبلغ على أساس أنه يمثل الرسم المستحق للصندوق على القطن المملوك لموريس تاجر والذي تم تشغيله في المصنع وأوقع ضده حجزاً إدارياً وفاء لهذا المبلغ فاضطر في سبيل تفادي إجراءات البيع إلى الوفاء للصندوق بمبلغ 374 ج و919 م وتعهد بالوفاء له بالباقي وإذ كان موريس تاجر (الطاعن) هو الملزم طبقاً لأحكام القانون رقم 251 سنة 1953 بهذا الرسم لأنه مستحق على أقطانه التي جرى تصنيعها غزلاً لحسابه في مصنع المطعون ضده وكان قد امتنع عن الوفاء له بهذا المبلغ فقد رفع عليه الدعوى بطلب إلزامه به - وقد طلب موريس تاجر رفض الدعوى استناداً إلى أن الملزم بالرسم هو المطعون ضده باعتباره صاحب المصنع الذي صنع القطن فيه وأقام من جانبه دعوى فرعية عليه طلب فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1019 ج و143 م قيمة رسم الدعم الذي اقتضاه منه المطعون ضده بغير وجه حق عن أقطان سبق أن غزلها في مصنعه. وأثناء سير الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى فرفضت الحراسة على أموال موريس تاجر بمقتضى الأمر رقم 138 سنة 1961 فأدخل المطعون ضده كلاً من الطاعن بصفته الحارس العام على أموال الخاضعين للحراسة والحارس الخاص على أموال موريس تاجر ليكون الحكم الصادر في الدعوى حجة عليهما بصفتيهما - وفي 13 فبراير سنة 1963 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه الأول (موريس تاجر) في مواجهة باقي المدعى عليهم بأن يدفع للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 739 ج و807 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من 7 مايو سنة 1958 حتى السداد وبرفض دعوى موريس تاجر الفرعية فاستأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 318 سنة 80 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية والحكم له بطلباته في الدعوى الفرعية وبنى استئنافه على (أولاً) بطلان الحكم الابتدائي لصدوره على غير ذي صفة بعد أن فرضت الحراسة على أموال موريس تاجر بمقتضى الأمر رقم 138 سنة 1961 وأصبح وفقاً لأحكام الأمر رقم 4 سنة 1956 ممنوعاً من التقاضي (ثانياً) أن الحكم مشوب بقصور يبطله بالنسبة لقضائه في الدعوى الفرعية إذ لم يناقش عناصرها ويحققها. (ثالثاً) إن رسم الدعم المستحق عن موسمي 1953/ 1954، 1954/ 1958 قد سقط بالتقادم الثلاثي في 14 مارس سنة 1957 و14 مارس سنة 1958 أي قبل رفع هذه الدعوى - ومحكمة الاستئناف قضت في 25 فبراير سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف - وبتقرير تاريخه 26 أبريل سنة 1964 طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضي بإلزام موريس تاجر بالمبلغ المحكوم به في مواجهة الطاعن لأن موريس تاجر قد أخضع للأمر رقم 138 سنة 1961 وفرضت الحراسة على أمواله وبذلك زالت صفته في التقاضي طبقاً لهذا الأمر والأمر رقم 4 سنة 1956 وأصبح للحارس العام وحده الصفة في تمثيله أمام القضاء وهو الذي تصدر الأحكام له أو عليه ولا يشفع للحكم قوله إن الحارس العام كان مختصماً في الدعوى وقد صدر الحكم في مواجهته مما يجعل الحكم حجة على الطاعن وينصرف أثره إليه ذلك أن الحجية لا تكون إلا لمنطوق الحكم وإذ كان منطوق الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه يقضي بإلزام موريس تاجر بالمبلغ المحكوم به ولم يلزم به الطاعن بصفته وكان المطعون ضده قد شرع في تنفيذ الحكم على الطاعن بصفته فإنه تكون له مصلحة في التمسك ببطلانه لصدوره على غير ذي صفة وكان على محكمة الاستئناف أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن كان يترتب على فرض حراسة الطوارئ على أموال وممتلكات أحد الأشخاص - على ما تقضي به أحكام الأمر رقم 4 لسنة 1956 - رفع يده عن إدارة أمواله ومنعه من التقاضي بشأنها أو متابعة السير في دعوى كانت مرفوعة عليه أمام القضاء قبل فرض هذه الحراسة وأن يصبح الحارس العام هو صاحب الصفة الوحيد في تمثيله أمام القضاء إلا أن هذا المنع لا يفقد الشخص الخاضع للحراسة أهليته - ولما كان الثابت الذي سجله الحكم المطعون فيه أنه على أثر فرض الحراسة على أموال موريس تاجر بالأمر رقم 138 سنة 1961 قام المطعون ضده رافع الدعوى باختصام الحارس العام (الطاعن) ليصدر الحكم على موريس تاجر في مواجهته بعد فرض الحراسة. كما ذكر بصحيفة إدخال الحارس العام أن المطعون ضده إنما يختصمه ليكون الحكم حجة عليه فإن الحارس العام (الطاعن) يكون قد اختصم في الدعوى اختصاماً صحيحاً يتفق مع صفة النيابة التي أسبغها عليه القانون عن الشخص الذي فرضت الحراسة على أمواله ولا يغير من هذا النظر بقاء موريس تاجر خصماً في الدعوى وصدور الحكم بإلزامه بالمبلغ ذلك بأنه هو الأصيل الملزم بالدين المطلوب الحكم به وما الحارس العام إلا نائب عنه نيابة قانونية خوله الشارع بمقتضاها تمثيله أمام القضاء وتنفيذ الأحكام التي تصدر ضده في أمواله التي يتولى الحارس العام إدارتها نيابة عنه. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه يعتبر مكملاً للمنطوق ويفصح بأن قضاء الحكم بالإلزام صادر ضد موريس تاجر ممثلاً في الحارس العام (الطاعن) فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن الحكم الابتدائي قضى برفض دعواه الفرعية دون أن يناقش عناصرها أو يحققها مكتفياً بالقول بأنها دفع للدعوى الأصلية وقد رفضت محكمة الاستئناف هذا الدفاع تأسيساً على ما قالته من أن الدعوى الأصلية تقوم على التزام موريس تاجر برسم الدعم وأن مبنى الدعوى الفرعية عدم التزامه بهذا الرسم على أساس أن الملزم به هو صاحب مصنع الغزل وأن من حق موريس تاجر أن يسترد ما كان قد دفعه من رسم للمطعون ضده وأن محكمة الدرجة الأولى وقد انتهت بحق إلى أن موريس تاجر مالك القطن الذي تم تشغيله غزلاً لحسابه في مصنع المطعون ضده هو الملزم بالرسم المستحق على ذلك القطن - ويرى الطاعن أن هذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وتأويله لأنه يبين من نصوص القانون رقم 251 سنة 1953 التي استعرضها الطاعن في التقرير أن الرسم مفروض على أصحاب مصانع الغزل وأنهم هم الملزمون بأدائه لصندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية مما كان يتعين معه رفض الدعوى الأصلية والقضاء له بطلباته في الدعوى الفرعية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون بما يستوجب نقضه. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تحصيل الواقع خطأ أدى به إلى الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن العلاقة بينه وبين المطعون ضده يحكمها عقد مقاولة كان الطاعن يعهد بمقتضاه بأقطانه إلى المطعون ضده ليقوم بتشغيلها في مصنعه غزلاً لحساب الطاعن مقابل عمولة معينة وبعد أن صدر القانون رقم 251 سنة 1953 وألزم أصحاب مصانع الغزل ومنهم المطعون ضده برسم دعم صناعة الغزل فإنه كان عليه أن يلجأ للقضاء لفسخ هذا العقد أو رد التزامه الذي أصبح تنفيذه مرهقاً له إلى الحد المعقول تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة ولكنه لم يفعل وبالتالي فقد بقيت العلاقة بينهما محكومة بهذا العقد وهو لا يتضمن إلزامه بدفع الرسم مما كان يتعين معه على محكمة الموضوع أن تقضي برفض الدعوى دون حاجة للخوض في نصوص القانون رقم 251 سنة 1953 على النحو الخاطئ الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه - وأضاف الطاعن أن هذا الخطأ قد جر محكمة الموضوع إلى رفض دفاعه المؤسس على انتهاء العلاقة القديمة ونشوء علاقة جديدة بين الطرفين في سنة 1958 وأنه لا يفهم من خطاب 9 يونيه سنة 1958 قبوله أن يتحمل برسم الدعم عن الأقطان التي تم تشغيلها في موسمي 1953/ 1954، و1954/ 1955 وإنما المفهوم منه أنه قصد أن يتحمل بهذا الرسم ابتداء من 27 مايو سنة 1958 ولا يعني ذلك أنه هو الملزم أصلاً بأدائه وإنما كان أداؤه لجزء منه نيابة عن المطعون ضده لوجود معاملات مالية بينهما.
وحيث إنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 251 لسنة 1953 بإنشاء صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية أن المادة الثانية منه قد بينت أغراض الصندوق وهي تشجيع تصريف الغزل والمنسوجات القطنية في الأسواق الداخلية والخارجية ودعم صناعة الغزل والمنسوجات القطنية عن طريق إجراء بحوث فنية وإنشاء معامل ومعاهد أبحاث ومراكز تدريب لرفع المستوى الفني والمهني لهذه الصناعة وإقراض المصانع لتمكينها من توجيه إنتاجها بما يتمشى مع مقتضيات التصدير ونصت المادة الثامنة على أن "يمول الصندوق من رسم تقوم بأدائه مصانع غزل القطن عند سحب مقطوعيتها من الأقطان من اللجنة الحكومية أو البنوك أو التجار أو غيرهم سواء لتشغيلها لحساب المصانع أو لحساب الغير" وتقضي المادة التاسعة بأن تعين اللجنة القائمة على إدارة الصندوق قيمة الرسم بحيث لا تقل عن نسبة محددة من ثمن القطن المسحوب. كما تلزم المادة العاشرة كل من يبيع قطناً لمصنع من مصانع الغزل بإيداع قيمة الرسم أحد البنوك عند تسليمه القطن - وتقضي المادة الثانية عشر بأن يعتبر المصنع الذي لم يؤد الرسم مسئولاً مع البائع عن أدائه، وأخيراً نصت المادة الثالثة عشر على أن تضاف قيمة الرسم إلى تكاليف إنتاج مصانع الغزل - ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن المصنع لا يلتزم بأداء الرسم للصندوق إلا عن الأقطان المملوكة له الداخلة في التشغيل سواء كان هذا التشغيل لحسابه أو لحساب الغير أما إذا كان القطن مملوكاً للغير وقدمه إلى المصنع لتشغيله لحسابه فإن المصنع لا يلتزم في هذه الحال بالرسم وإنما يتحمله صاحب القطن لأنه يعتبر عندئذ صانعاً يقوم بتشغيل قطنه في مصنع الغير ولأن الرسم هو مقابل الخدمات التي يؤديها الصندوق لصانعي الغزل والمنسوجات القطنية وهذه الخدمات كما بينتها المادة الثانية يعود نفعها دائماً على مالك القطن الذي صنع غزلاً أو منسوجات ويقوم هو ببيعها في الأسواق الداخلية أو الخارجية. ومن ثم فإن صاحب المصنع لا يلتزم بأداء الرسم المستحق على الأقطان المملوكة للغير والتي لا يقوم المصنع ببيع الغزل والمنسوجات الناتجة منها ويؤكد هذا النظر أيضاً أن المشرع حدد الرسم بنسبة معينة ثمن الأقطان المسحوبة من البائعين بقصد تشغيلها وألزم المصانع بأدائه عند سحب مقطوعيتها من هذه الأقطان من البائعين مما مفاده أنه إذا لم يكن المصنع هو المشتري للقطن الداخل في التشغيل فلا يلزم بأداء الرسم عنه وإنما يلتزم بأدائه من اشتراه عند سحبه من البائع - كما أن المشرع إذ نص في المادة 13 على أن تضاف قيمة الرسم إلى تكاليف إنتاج مصانع الغزل - وهي التكاليف التي تعتبر من عناصر تحديد السعر الجبري للغزل والمنسوجات القطنية باعتبارها من السلع المحددة السعر بمقتضى المرسوم بقانون رقم 163 سنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح لإضافتهما إلى الجدول الملحق به بالقرارين رقمي 14 لسنة 1953، 114 لسنة 1958 فإنه يكون قد افترض أن المصنع هو الذي يقوم ببيع الغزل والمنسوجات القطنية الناتجة من القطن وذلك لا يكون إلا إذا كان المصنع هو المالك للقطن الذي صنع غزلاً أو منسوجات وطالما أنه لا يجوز للمصنع أن يضيف قيمة الرسم إلى تكاليف إنتاج الغزل أو المنسوجات إذا كان لا يبيعهما فإنه لا يتأدى إلزامه بالرسم في هذه الحالة - لما كان ذلك وكان الرسم المطالب بقيمته في هذه الدعوى هو عن أقطان مملوكة للطاعن وتم تشغيلها في مصنع المطعون ضده ولحساب الطاعن فإنه يكون - وعلى ما سبق بيانه - ملزماً بأدائه وإذ كان المطعون ضده قد اضطر لأدائه لصندوق دعم صناعة الغزل فإنه يكون من حقه أن يرجع على الطاعن الملتزم به بقدر ما دفعه وذلك عملاً بالمادة 324 من القانون المدني. ولا يغير من هذا النظر كون العلاقة بين الطرفين كان يحكمها قبل صدور القانون رقم 251 سنة 1953 عقد مقاولة التزم المطعون ضده بمقتضاه بأن يقوم بتشغيل أقطان الطاعن في مصنعه لقاء عمولة معينة ذلك بأن هذا العقد قد تم قبل صدور القانون المذكور ولم يتناوله الاتفاق على الرسم الذي قرره هذا القانون ومن ثم فهو لا يحول دون تنفيذ أحكامه التي تلزم الطاعن بأداء الرسم عن أقطانه المذكورة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأخير أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك بسقوط الرسم المطالب به بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 377 من القانون المدني وقد رفضت محكمة الاستئناف هذا الدفع تأسيساً على أن الدعوى لا تتضمن مطالبة برسم الدعم وإنما مطالبة بقيمة هذا الرسم الذي أداه المطعون ضده عن الطاعن إلى مصلحة الضرائب وأن من حقه أن يحل محل الدائن ويطالب المدين به وهو الطاعن عملاً بالمادة 326 من القانون المدني وأن حقه في الحلول لا يسقط إلا بالتقادم الطويل هذا علاوة على أن الجهة المختصة قد أوقعت حجزاً إدارياً في أول أكتوبر سنة 1956 وفاء لهذا الرسم وقبل مضي ثلاث سنوات على تاريخ استحقاقه، ويرى الطاعن أن هذا من الحكم المطعون فيه خطأ في القانون ذلك لأن القانون رقم 251 سنة 1953 إنما يلزم المطعون ضده بهذا الرسم ولا يلزم الطاعن به - على ما سبق بيانه في السبب الثاني - وبذلك يكون المطعون ضده قد أوفى بما هو مستحق عليه وبالتالي لا يجوز له الرجوع عليه بقيمته - وأضاف الطاعن أن المطعون ضده إنما طالب بالمبلغ باعتباره رسماً وأنه يستعمل دعوى الحلول محل دائنه في اقتضاء هذا الرسم الذي يتقادم بثلاث سنوات، هذا إلى أنه لم توجه إلى الطاعن مطالبة تقطع مدة هذا التقادم وبالتالي فإن الحق في طلب هذا الرسم يكون قد سقط بالتقادم الثلاثي وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سبق الرد به على السببين الثاني والثالث من التزام الطاعن بالرسم دون المطعون ضده والنعي في شقه الثاني الخاص بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة بقيمة الرسم بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 377 من القانون المدني عديم الجدوى ذلك بأنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض هذا الدفع على ما قاله من أن دعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المدني لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة - وأن مدة التقادم الثلاثي قد انقطعت بالحجز الإداري الذي أوقعته الجهة المختصة في أول أكتوبر سنة 1956 وقبل انقضاء مدة التقادم - وهو من الحكم خطأ في القانون ذلك بأن الموفى حين يرجع على المدين بدعوى الحلول فإنما يرجع بنفس الحق الذي انتقل إليه من الدائن وهو رسم الدعم المستحق للصندوق وهذا الرسم يتقادم بخمس سنوات لا بثلاث سنوات كما ذكر الحكم وذلك عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي عدل المادة 377 من القانون المدني - كما أن الحجز الإداري الموقع ضد المطعون عليه لا يقطع مدة التقادم بالنسبة للمدين وهو الطاعن إلا أن الحكم المطعون فيه قد انتهى مع ذلك إلى نتيجة صحيحة ذلك بأن الواقع الذي سجله هذا الحكم هو أن المطعون ضده قد اضطر تحت تأثير الحجز الإداري الموقع ضده للوفاء بالرسم المستحق على أقطان الطاعن التي تم تشغيلها بمصنع المطعون ضده والذي يلتزم به الطاعن على ما سبق بيانه وقد رجع المطعون ضده على الطاعن بالرسم الذي أوفاه عنه وهو غير ملزم بوفائه ومن ثم فإن رجوعه يكون بالدعوى الشخصية التي يرجع بها على المدين الغير الذي قام بوفاء الدين عملاً بالمادة 324 من القانون المدني ولا ينشأ حق الموفى في هذا الرجوع إلا من تاريخ وفائه بالدين ولا يتقادم إلا بانقضاء ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ، ولما كان الثابت أن المطعون ضده قد أوفى بالرسم المطالب به خلال سنة 1957 ورفع الدعوى في مايو سنة 1958 فإنها تكون قد رفعت قبل انقضاء مدة التقادم المسقط لها - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويكون النعي عليه لما ورد في أسبابه من تقريرات قانونية غير صحيحة غير منتج إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 644 لسنة 14 ق جلسة 1 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 42 ص 328

جلسة أول فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ويوسف الشناوي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن المستشارين.

-----------------

(42)

القضية رقم 644 لسنة 14 القضائية

(أ) - موظف "تأديب". "تحقيق".
إمكان المتهم أن يبدي ما يراه من دفاع أمام المحكمة التأديبية لا يستقيم معه دفعه ببطلان التحقيق استناداً إلى الإخلال بحقه في الدفاع.
(ب) - نيابة إدارية "تحقيق". موظف. "تأديب".
على النيابة الإدارية أن تستمر في التحقيق الذي تباشره حتى تتخذ قراراً في شأنه - لا يجوز للجهة الإدارية أن تتصرف في التحقيق إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إليها.
(ج) - نيابة إدارية. "تحقيق". صاحب العمل "اتهام" "تأديب".
النيابة الإدارية غير مقيدة في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل - مجال تطبيق حكم المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 الخاص بقانون العمل هو حيث يتولى صاحب العمل حق الاتهام والتأديب - النيابة الإدارية لا تتقيد بحكم هذه المادة - أساس ذلك.
(د) - موظف "تأديب" "واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية".
وجوب توافر حسن السمعة وطيب الخصال في الموظف العام - التدليل على سوء السمعة وعدم طيب الخصال - يكفي وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك المثير على توافر هذه الصفة - لا حاجة للدليل القاطع على ذلك.

------------------
1 - لا يكون هناك أي إخلال بحق الطاعن عن الدفاع عن نفسه، مما لا يعيب التحقيق، وكان في مكنته أن يبدي ما يراه من دفاع أمام المحكمة التأديبية، إذ هي مرحلة تستكمل فيها مراحل التحقيق السابقة، إذ يواجه فيها المتهم بما نسب إليه، وكان يستطيع أن يتدارك أمامها ما فاته من وسائل الدفاع، بما يجعل دفعه ببطلان التحقيق، استناداً إلى الإخلال بحقه في الدفاع دفعاً لا يستقيم في الواقع أو في القانون.
2 - إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق، سواء بناء على طلب الجهة التي يتبعها الموظف، أو بناء على ما كشف عنه إجراء الرقابة الإدارية أو بناء على شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها، فإن لها، بل عليها أن تستمر في التحقيق، حتى تتخذ قراراً في شأنه، دون أن يتوقف ذلك على إرادة الجهة التي يتبعها الموظف - ولا يجوز لتلك الجهة أن تتصرف في التحقيق إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إليها.
3 - ليس في أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 سالف الذكر أو فيما أحال إليه من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 ما يقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين، أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل، والمستفاد من نص المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن مجال تطبيقها هو حيث يتولى صاحب العمل حق الاتهام والتأديب، فيتقيد بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها فيها - ولا وجه أصلاً للقول بوجوب تقيد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليها في الفقرة الثانية من تلك المادة، بمقولة إنها تنطوي على حكم أكثر سخاء للعامل يحقق له ضماناً، يحول دون اتخاذ صاحب العمل، من ارتكابه لمخالفة ما، وسيلة إلى تهديده إلى أجل غير مسمى عن طريق اتهامه بها في أي وقت يشاء إذ فضلاً عن أن ذلك مردود بما تقدم ذكره، فإن في تولي النيابة الإدارية إجراءات التحقيق والاتهام ما يكفل للعمال من الضمانات ما لا يحققه قانون العمل - كما أن المشرع قد استهدف بإخضاع بعض الشركات والهيئات لقانون النيابة الإدارية، تعقب المخالفات الخطيرة التي يرتكبها العاملون فيها، ويتغاضى عنها القائمون على الإدارة إهمالاً أو تواطؤاً.
4 - حسن السمعة وطيب الخصال، وهما من الصفات الحميدة المطلوبة في كل موظف عام وبدون هذه الصفات لا تتوافر الثقة والطمأنينة في شخص الموظف مما يكون له أثر بالغ على المصلحة العامة، ولا يحتاج الأمر في التدليل على سوء السمعة أو عدم طيب الخصال وجود دليل قاطع على توافرهما أو توافر أيهما، وإنما يكفي في هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك المثير على أي من الصفتين المذكورتين حتى يتسم الموظف بعدم حسن السمعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما اتضح من الرجوع إلى أوراق الطعن في أن النيابة الإدارية قدمت في 10 نوفمبر سنة 1967 تقرير اتهام أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة ضد الطاعن نسبت فيه إليه أنه خلال فبراير ومارس وإبريل سنة 1966 وفي يوم 20 إبريل سنة 1967 بمقر الشركة التي يعمل بها وخارجها خرج على مقتضى واجبات وظيفته وسلك مسلكاً شائناً بأن استغل سلطات وظيفته في تعيين المتهمة الثانية بالشركة، ثم سعى إلى لقائها بسكن أحد زملائه، وانفرد بها لمدة تزيد على الساعة، إلى أن ضبطا سوياً بهذا السكن الأمر الذي ثار الريبة حوله وجعله محوطاً بالشبهات في تصرفاته وسيء السمعة في مقر عمله، وكانت النيابة الإدارية قد اتهمت الثانية بأنها أسهمت مع الطاعن في ارتكابه الأفعال المسندة إليه الأمر الذي انعكس على سمعتها بين زملائها، وقد انتهت النيابة المذكورة إلى أن نسبت إلى الطاعن ارتكاب المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المواد 5/ 2، 53 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 والمواد 59، 60 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام وطلبت محاكمتهما بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمادة (14) من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، وطبقاً للمواد 59، 60 من القرار رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967. وبجلسة 11 فبراير سنة 1968 قضت المحكمة التأديبية بمجازاة كل من الطاعن والمتهمة الثانية بمجازاتهما بالفصل من الخدمة مع احتفاظهما بالحق في المعاش أو المكافأة ومن ثم قدم الطاعن هذا الطعن طالباً الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببراءته مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون عليه، أن المحكمة التأديبية قد استخلصت من الأوراق ما يؤيد اقتناعها بثبوت واقعتي استغلال الوظيفة والانحراف الخلقي، والواقعة الأولى تتمثل في معاونة الطاعن للمتهمة الثانية لتعيينها بالشركة التي يعمل فيها رئيساً لقسم شئون الأفراد بها، والواقعة الثانية وهي الانحراف الخلقي، وتتمثل في اختلائهما في شقة مغلقة لمدة تزيد على الساعة إلى أن ضبطا سوياً بهذا المسكن، الأمر الذي أثار الريبة حوله، وجعله محوطاً بالشبهات في تصرفه، وسيء السمعة في مقر عمله - وظاهر من مذكرة النيابة الإدارية في القضية رقم 171 لسنة 1967 نيابة مؤسسات الصناعة التي انتهت إلى صدور قرار الاتهام المشار إليه، أن السيدة عايدة جلف رئيسة قسم التعيين والأخبار بالشركة - قد أبلغت أنه بتاريخ 27 مارس سنة 1966 صدر قرار من الشركة بتعيين سهام رمضان بقسم شئون الأفراد، وأنه بعد استلامها العمل، سرت إشاعة في أنحاء الشركة بأنها على علاقة آثمة بالطاعن، وأنهما ضبطا سوياً بأحد المنازل، وتحرر محضر عن ذلك بتاريخ 28 مارس سنة 1966 بشرطة الدقي برقم 1810 لسنة 1966، وأضافت الشاكية بأنها تعلم أن المخالفة الثانية كانت تتردد على الشركة قبل تعيينها، وأنه بالنسبة لإجراءات تعيينها فقد تمت عن طريق اقتراح تقدم به رئيس العلاقات العامة بحاجة الشركة إلى ثلاثة من العاملين كمراقبي بوابة إلا أن الطاعن أضاف إلى هذا اقتراح بتعيين عامل آخر للعمل على الآلة الكاتبة، وأنه أجرى اختبار بين المتقدمين للتعيين في تلك الوظائف، وكانت المخالفة الثانية من بينهم وقد نجحت في الاختبار وتحرر بشأنه محضر اعتمد من لجنة الاختبار، ثم حرر محضر للجنة شئون الأفراد، واعتمد عن طريق التمرير على أعضاء اللجنة، واعتمده رئيس مجلس الإدارة، وأرسل إلى قسم التعيين والاختبار وصدر القرار الإداري بالتعيين، وأن هذه الإجراءات جميعها قد تمت في يوم واحد، هو يوم 27 مارس سنة 1966، وذلك نتيجة لمساعي الطاعن.
ومن حيث إنه يبين أنه قد أثبت بمذكرة النيابة الإدارية، أنه بالاطلاع على محضر الشكوى الإدارية رقم 1810 لسنة 1966 قسم الدقي تبين أنه بتاريخ 28 من مارس سنة 1966 الساعة العاشرة والنصف صباحاً، أثبت ضابط القسم أنه حضرت السيدة فوزية عبد العال إبراهيم وأبلغت بأنه تردد بعض النسوة الساقطات على إحدى الشقق بالمنزل المملوك لها ويرتكبن الفحشاء مع بعض الشبان المقيمين فيها، وأنها لاحظت في ذلك اليوم أن شخصاً لا تعرفه أحضر معه فتاة ساقطة ودخل بها تلك الشقة في الساعة العاشرة صباحاً، وعلى أثر ذلك انتقل ضابط الشرطة إلى ذلك المكان ثم فتح محضره في الساعة 11.30 صباحاً، وأثبت به ضبط الطاعن الذي أرشد إلى حجرة النوم، فوجد بها المتهمة الثانية، وأنه لما سأله الضابط عن سبب تواجده بالشقة مع هذه السيدة، ذكر أنه كان يحضر دواء تركه له صاحبها، كما قرر أنه صديق لشقيق زوجها، ولما سأله الضابط عن سبب مكوثه مع تلك السيدة حوالي ساعة، أجاب بأنهما كانا يتحدثان، كما سئلت السيدة المذكورة في ذلك المحضر، فأجابت بأن الطاعن اصطحبها إلى تلك الشقة لإحضار دواء، وأنها تسعى للتعيين بالشركة التي يعمل بها هذا الأخير، والذي يعمل على تسهيل إجراءاته - وقد تبين أن النيابة العامة قد انتهت بالنسبة إلى ذلك المحضر إلى قيده بدفتر الشكاوى الإدارية وحفظ إدارياً في 26 إبريل سنة 1966.
ومن حيث إنه يبين من استقراء الحكم المطعون فيه، أن المحكمة التأديبية قد انتهت في حكمها إلى ما استخلصته النيابة الإدارية في مذكرتها، ورأت فيها ما يحمل على الاعتقاد بأن الطاعن قد استغل وظيفته وسعى سعياً في سبيل تعيين المخالفة الثانية بالشركة - وأنه بالنسبة للمتهمة الثانية، فإن الوقائع المجردة تنطق بأن المتهم قد اصطحبها إلى شقة أحد زملائه العزاب، حيث انفردا سوياً مدة تقرب من الساعة، منذ أن هرولت مالكة العقار إلى الشرطة تبلغ الأمر، إلى أن انتقل معها ضابط القسم إلى الشقة المذكورة لضبط الواقعة, وأن هذا الذي انزلق إليه المتهمان هو في أهون صورة يتنافى مع قواعد الدين الحنيف الذي يحظر تواجد المرأة مع رجل محرم في غرفة نوم، ويتنافى مع التقاليد الشرعية والعرفية في مجتمعاتنا الشرقية التي تستنكف اختلاء الرجل بالمرأة في شقة مغلفة وذلك تجنباً للشبهات، وتوقياً لمقولة السوء ومظنتها.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه، قد انتهى في أسبابه إلى ثبوت ما أسند إلى كل من الطاعن والمتهمة الثانية من وقائع تشكل مخالفة تأديبية، لما انطوى عليه من انحراف وظيفي، تمثل في استغلال في الوظيفة، وانحراف خلقي تمثل في اختلاء المتهمين في شقة مغلقة، فقد حقت مساءلتهما، وبمجازاتهما من أجلها، وقد رأت المحكمة التأديبية في حكمها المذكور، أن المتهمين قد بلغا الذروة في الانحراف المسلكي فحق عليهما الفصل جزاء ما فعلاً - الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة أن ما خلصت إليه المحكمة التأديبية في حكمها هو تقدير سليم لما ثبت في حق الطاعن وزميلته، إذ أنه يستند إلى وقائع تؤيدها الأوراق، ومن ثم فهو تقرير موضوعي في محله، فلا موجب للتعقيب عليه.
ومن حيث إنه عن الأسباب التي يستند إليها الطاعن في طعنه، فهي تخلص في أنه ينعى على إجراءات التحقيق الذي انتهى إلى محاكمته تأديبياً، ببطلانها - مستنداً في ذلك إلى أن التحقيق التكميلي الذي أجري في 2 من سبتمبر سنة 1967 فيه إخلال بحق الدفاع لأنه أجري في غفلة من الطاعن وفي غيبة المتهمين المذكورين، ودون استدعائهما بعد ذلك لمواجهتهما بهذه الأقوال الجديدة، فهو تحقيق باطل، ومن ثم يكون قرار الإحالة، باطلاً ومخالفاً للقانون، وأنه كان يتعين على المحكمة التأديبية أن تحكم بعدم قبول الدعوى التأديبية - إلا أن هذا قول في غير محله، إذ أن هذه المحكمة لم تتبين أن هناك إخلالاً بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه، سواء كان ذلك في التحقيق المبدئي الذي أجري في الشركة بتاريخ 23 إبريل سنة 1967، أم في التحقيق الذي أجري بمعرفة النيابة الإدارية في 18 من مايو سنة 1967، إذ ثابت بهما أن الطاعن سئل فيما نسب إليه عن الواقعتين المسندتين إليه وهو استغلال نفوذه كمدير للمستخدمين بالشركة في تعيين المتهمة الثانية، بناء على علاقة سابقة تربطهما، وواقعة ضبطهما في 28 مارس سنة 1966 بأحد المنازل بدائرة قسم الدقي على النحو السالف إيضاحه، كما سئلت السيدة المذكورة في هاتين الواقعتين وسمعت أقوال الشهود إثباتاً ونفياً في كل من هذين التحقيقين، كما أنه ليس هناك تحقيق تكميلي لم تؤخذ فيه أقوال الطاعن بالمعنى الذي يقصده، إذ يبين من الأوراق أن النيابة الإدارية رأت بتاريخ 2 سبتمبر سنة 1967 استيفاء التحقيق بناء على ما ارتآه مدير عام النيابة الإدارية بشأن واقعتي زيارات سهام رمضان للطاعن في الشركة قبل تعيينها وعدد مرات ذلك وواقعة تمرينها على الآلة الكاتبة، وكان ذلك قبل التصرف النهائي في التحقيق الذي تم بعد ذلك بمعرفة وكيل عام النيابة الإدارية في 27 من سبتمبر سنة 1967 الذي انتهى إلى إحالة المتهمين المذكورين إلى المحكمة التأديبية المختصة، ومن ثم فلا يكون هناك أي إخلال بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه، مما لا يعيب التحقيق، وكان في مكنته أن يبدي ما يراه من دفاع أمام المحكمة التأديبية، إذ هي مرحلة تستكمل فيها مراحل التحقيق السابقة إذ يواجه فيها المتهم بما نسب إليه، وكان يستطيع أن يتدارك أمامها ما فاته من وسائل الدفاع، بما يجعل دفعه ببطلان التحقيق، استناداً إلى الإخلال بحقه في الدفاع، دفعاً لا يستقيم في الواقع أو في القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب الثاني الذي يستند إليه الطاعن في طعنه، هو سقوط الدعوى التأديبية وسقوط الحق في توقيع الجزاء عليه، على أساس أن الفترة التي مضت بين علم إدارة الشركة بالوقائع المنسوبة له في ميعاد آخره 27 من مارس سنة 1966 وبين الفترة التي بدأ منها التحقيق أول ما بدأ في 23 إبريل سنة 1967 تزيد على سنة، كما أضاف إلى ذلك يقول إن لائحة نظام العاملين بالشركات رقم 3546 لسنة 1962 قد خلت من أي نص ينظم سقوط الدعوى التأديبية وكذلك سقوط الحق في توقيع الجزاءات التأديبية، وأنه بالتالي يضحى لزاماً تطبيق القواعد الواردة في القانون رقم 91 لسنة 1959 الخاص بقانون العمل إذ تنص المادة 66 منه في فقرتيها الثانية والثالثة على أنه لا يجوز اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من 15 يوماً، ولا يجوز توقيع عقوبة تأديبية بعد تاريخ ثبوت المخالفة بأكثر من ثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال اللذين يتقاضون أجورهم شهرياً وبأكثر من 15 يوماً بالنسبة إلى العمال الآخرين، وقال الطاعن إن ذلك أمر من النظام العام، كان يقتضي على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، فإنه لا وجه إلى ما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن من أنه كان يتعين على جهة الإدارة إعمال الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 66 من قانون العمل سالف الذكر، وإنه بذلك تكون المخالفة قد مضى عليها أكثر من 15 يوماً وتكون الدعوى التأديبية قد سقطت، محتجاً في ذلك بأن ما نسب إليه وقع خلال شهر فبراير وانتهى في 27 من مارس سنة 1966 بصدور قرار تعيين المتهمة الثانية، وأن جميع المسئولين عن التعيين بالشركة كانوا على علم تام بظروف تعيين المتهمة الثانية وبتصرف الطاعن بالنسبة لهذا التعيين الذي تم نهائياً في 27 من مارس سنة 1966 وأن التحقيق الذي أثيرت فيه هذه الاتهامات لأول مرة، والذي تم بمعرفة الشئون القانونية بالشركة قد بدأ بشكوى تقدمت بها إحدى الموظفات بالشركة تتهم فيها زميلاً لها أن تناول الاتهامات المنسوبة للطاعن، كان قد بدأ في 23 من إبريل سنة 1967، فتكون قد مضت مدة أكثر من سنة بين علم الإدارة بالوقائع المنسوبة له وبين الفترة التي بدأ فيها التحقيق، لا وجه لذلك، لأنه ثابت من الأوراق أن الانحرافات التي نسبت للطاعن سواء بالنسبة لإجراءات تعيين المتهمة الثانية وما يشوبها من تصرفات أم سواء بالنسبة للاتهام الثاني الخاص باختلائهما في شقة أحد العاملين بالشركة العزاب وضبطهما فيها بمعرفة الشرطة على النحو السالف إيضاحه، لم تنكشف تلك الوقائع لجهة الإدارة إلا عندما تقدمت إحدى العاملات بالشركة بشكواها المذكورة، ومنها بدأ التحقيق الإداري لأول مرة مع الطاعن فيما نسب إليه بخصوص هاتين المخالفتين وكان ذلك بتاريخ 23 من إبريل سنة 1967 على وجه رسمي وقد انتهى هذا التحقيق في 4 من مايو سنة 1967 ثم رفع إلى رئيس مجلس الإدارة الذي رأى بتاريخ 11 من مايو سنة 1967 إحالته إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال جوانب التحقيق وإحالة المخالفين إلى المحكمة التأديبية نظراً إلى وجود مخالفات جسيمة تتعلق بالصالح العام فضلاً عما تشكله من جرائم عامة (يراجع ملف التحقيقات الإدارية)، وثابت من الأوراق أن النيابة الإدارية قد بدأت في تحقيق تلك الوقائع بتاريخ 11 من مايو سنة 1967 أي أنه لم يكون قد مضى على ظهور هذه المخالفات إلا سبعة أيام فحسب (يراجع ملف النيابة الإدارية رقم 420 لسنة 10 في القضية 171 لسنة 1967 م. صناعة) - كما أنه يبين فضلاً عما تقدم أنه ليس ثمة محل لما ذهب إليه الطاعن من أنه لا يجوز توقيع عقوبة تأديبية من تاريخ ثبوت المخالفة بأكثر من ثلاثين يوماً، مستنداً في ذلك إلى المادة 66 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، لا وجه إلى ذلك إذ أن النيابة الإدارية لا تتقيد بهذا الميعاد، بخلاف ما يقول الطاعن، إذ أن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959، تنص على أنه مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسري أحكام المواد من 3 إلى 11 و14 و17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والمجمعات الخاصة اللذين نصت عليهم المادة المذكورة - وفقاً لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية، والمحاكمات التأديبية التي أحال إليها القانون رقم 19 لسنة 1959، تختص النيابة الإدارية بالنسبة إلى العاملين المنصوص عليهم في المادة الأولى من هذا القانون الأخير بالتحقيق فيما يحال إليها، وما يتلقاه من شكاوى ذوي الشأن، وفي المخالفات التي يكشف عنها إجراء الرقابة وفي شكاوى الأفراد والهيئات ولو لم يكن الشاكي صاحب شأن متى أثبت الفحص جديتها - وقد نظمت هذه الأحكام إجراءات التحقيق ووزعت الاختصاص في شأنه بين النيابة الإدارية والجهة التي يتبعها الموظف على وجه يمنع افتئات تلك الجهة على اختصاص النيابة الإدارية - فإنه وفقاً إلى هذه الأحكام، إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق، سواء بناء على طلب الجهة التي يتبعها الموظف، أو بناء على ما كشف عنه إجراء الرقابة الإدارية أو بناء على شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها، فإن لها، بل عليها أن تستمر في التحقيق، حتى تتخذ قراراً في شأنه، دون أن يتوقف ذلك على إرادة الجهة التي يتبعها الموظف - ولا يجوز لتلك الجهة أن تتصرف في التحقيق إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إليها.
ومن حيث إنه فضلاً عن أنه ليس في أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 سالف الذكر أو فيما أحال إليه من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 ما يقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين، أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل، والمستفاد من نص المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن مجال تطبيقها هو حيث يتولى صاحب العمل حق الاتهام والتأديب، فيتقيد بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها فيها - ولا وجه أصلاً للقول بوجوب تقيد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من تلك المادة، بمقولة إنها تنطوي على حكم أكثر سخاء للعامل يحقق له ضماناً، يحول دون اتخاذ صاحب العمل، من ارتكابه لمخالفة ما، وسيلة تهديده إلى أجل غير مسمى عن طريق اتهامه بها في أي وقت يشاء - إذ فضلاً عن أن ذلك مردود بما تقدم ذكره، فإن في تولي النيابة الإدارية إجراءات التحقيق والاتهام، ما يكفل للعمال من الضمانات ما لا يحققه قانون العمل - كما أن المشرع قد استهدف بإخضاع بعض الشركات والهيئات لقانون النيابة الإدارية، تعقب المخالفات الخطيرة التي يرتكبها العاملون فيها، ويتغاضى عنها القائمون على الإدارة إهمالاً أو تواطؤاً - متى كان الأمر على هذا النحو، فإن الطاعن يكون على غير حق في استناده إلى ادعائه بسقوط الدعوى التأديبية أو بسقوط الحق في توقيع هذا الجزاء.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب الثالث من أسباب هذا الطعن. المبدى من الطاعن خاصاً بخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون الواجب تطبيقه، مؤسساً إياه على مبدأ عدم رجعية القوانين، بمقولة إن النيابة الإدارية لم تجد نصاً في القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة العاملين بالشركات أو في القانون رقم 91 لسنة 1959 الخاص بقانون العمل أو القرار الوزاري رقم 96 لسنة 1962 في شأن بيان العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات تأديب العمال، مدعياً في ذلك بأنها القوانين الواجبة التطبيق على هذه المخالفات المستندات في ذلك إلى أن الشق الثاني منها قد وقع في 28 من مارس سنة 1966 أي قبل صدور القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 الذي قامت بتطبيقه المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه، بمقولة إنه لم يبدأ العمل به إلا بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1966 - فإنه لا صحة لهذا القول لأن القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 قد نص في المادة 55 منه على أنه:
"يضع مجلس إدارة الشركة نظاماً داخلياً للتحقيق يكفل تهيئة الفرصة للعامل لإبداء أقواله فيما نسب إليه".
كما يضع لائحة للجزاءات وشروط توقيعها، ويحدد السلطات المختصة بتوقيعها بالنسبة إلى المستويات المختلفة وذلك مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958، والقانون رقم 91 لسنة 1959 المشار إليهما.
وتعتمد هذه اللائحة بقرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة. ويستفاد مما تقدم أساس مساءلة الطاعن عن التهمتين المثبتتين في حقه مرجعه إلى مخالفة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن تنظيم النيابة الإدارية والقانون رقم 91 لسنة 1959 الخاص بقانون العمل لسوء سلوكه الذي يتصل بعمله، ولا يغير من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أشار في أسبابه إلى سوء سلوك الطاعن الذي وقع بالمخالفة للائحة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 سالفة الذكر، ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه لا صحة إلى إثارة الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد قام على أسباب لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بفصله من الخدمة، مستنداً في ذلك إلى أن واقعة تعيين المخالفة الثانية سهام رمضان مجاهد قد أخذ سيره الطبيعي، وإنه بالنسبة إلى التهمة الثانية وهي سعيه إلى لقائها بمسكن أحد زملائه وانفراده بها إلى أن ضبطا سوياً بهذا المسكن فإنه يقول في طعنه أن التحقيق أثبت أنه لم يكن في هذه الواقعة ما يسيء إلى كرامته أو شرفه أو سمعته، لا صحة لذلك لأن تقرير المحكمة التأديبية بخصوص ما يثبت في حق الطاعن وزميلته يستند إلى وقائع تؤيدها أوراق الدعوى، فهو تقرير في محله، إذ أن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن الطاعن قد استغل وظيفته وسعى سعياً في سبيل تعيين المخالفة الثانية بالشركة تنطق به الظروف والملابسات التي أحاطت بهذه الواقعة، ومما يؤدي إلى فقدانه حسن السمعة وطيب الخصال، وهما من الصفات الحميدة المطلوبة في كل موظف عام، وبدون هذه الصفات لا تتوافر الثقة والطمأنينة في شخص الموظف مما يكون له أثر بالغ على المصلحة العامة، ولا يحتاج الأمر في التدليل على سوء السمعة أو عدم طيب الخصال وجود دليل قاطع على توافرهما أو توافر أيهما، وإنما يكفي في هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك المثير على أي من الصفتين المذكورتين حتى يتسم الموظف بعدم حسن السمعة، وقد تأكد ذلك في حق الطاعن عندما ضبط مع المتهمة الثانية في شقة أحد زملائه العزاب حيث انفردا سوياً مدة ساعة وكان ذلك في اليوم التالي لصدور قرار تعيينها بالشركة ومن ذلك يبين أنه استغل سلطات وظيفته كرئيس لأقسام شئون الأفراد سعياً في سبيل تعيينها ثم السيطرة عليها والإيقاع بها، ومما لا شك فيه أن سوء سلوك الطاعن على هذا النحو وهو في غير نطاق الوظيفة ينعكس على سلوكه العام في مجال الوظيفة من حيث الإخلال بكرامتها ومقتضياتها ووجوب أن يلتزم في سلوكه ما لا يفقده الثقة والاعتبار وأن تصرفه على هذا النحو مما يؤثر تأثيراً بليغاً في حسن سير المرفق وسلامته، وكان لزاماً عليه أن يتجنب كل ما قد يكون من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة، ويتفادى الأفعال الشائنة التي تعيبه فتمس تلقائياً الجهاز الإداري الذي ينتسب إليه ويتميز بمقوماته.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد فقد الأساس الواقعي للنتيجة التي انتهى إليها مستنداً في ذلك إلى أن النيابة العامة قد حفظت الواقعة بالنسبة للمتهمة الثانية لعدم الجريمة، مما ينتفي معه سوء القصد، وحقيقة الأمر كما يبين من الأوراق أن نيابة الدقي قد حفظت الشكوى المقدمة من مالكة المنزل الذي ضبط الطاعن فيه إدارياً في 26 من إبريل سنة 1966، وأن ذلك لا يعني عدم وقوع جريمة، إلا أنه فضلاً عما تقدم فإن الموظف الذي يتسم بسوء السيرة، فإنه من حق المحكمة التأديبية أن توقع عليه العقوبات التي تراها محققة للصالح العام وذلك متى اطمأنت واقتنعت بصحة ما نسب إلى الموظف من أمور قد تخدش السمعة والسيرة وإن لم يصل الأمر إلى حد تكوين الفعل المنسوب إليه جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات - فيكفي لتحقيق سوء السمعة أو سوء السيرة قيام شبهات قوية تتردد على ألسنة الخلق بما يمس خلق الموظف ويؤثر على سمعته الوظيفية، كما حدث في المنازعة المعروضة - هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه لا حجة أيضاً فيما يقوله الطاعن من أن إعادة التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية يعتبر من قبل تغيير التهمة مما يبطل الإجراءات، فإنه غير ثابت في الأوراق أن ثمة تحقيقاً كانت قد أجرته النيابة الإدارية ثم قامت بإعادته ثانية، إذ يبين من الرجوع إلى التحقيقات التي أجريت بشأن المنازعة المعروضة أن ثمة تحقيقاً إدارياً كان قد أجري بمعرفة الشركة بتاريخ 23 من إبريل سنة 1967 وكان ذلك بناء على شكوى تقدمت بها إحدى العاملات بها قررت فيها أنه بتاريخ 27 من مارس سنة 1966 صدر قرار من الشركة بتعيين سهام رمضان بقسم شئون الأفراد، وأنه بعد استلامها العمل بهذا القسم، سرت إشاعة في أنحاء الشركة بأن هذه السيدة على علاقة آثمة بالطاعن، وأنهما ضبطا سوياً بإحدى المنازل، وأنه تحرر محضر عن هذه الواقعة بتاريخ 28 من مارس سنة 1966 بشرطة الدقي رقم 1810 لسنة 1966، فقامت الشركة بالتحقيق الإداري مع الطاعن عن الواقعتين المنسوبتين إليه في 2 من مايو سنة 1967 وقد سئلت فيه المخالفة الثانية والشهود وعند عرض نتيجة هذا التحقيق على رئيس مجلس إدارة الشركة المذكورة بتاريخ 11 من مايو سنة 1967 رأى إحالة الطعن إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال جوانب التحقيق وإحالة المخالفين إلى المحاكمة التأديبية، ثم بدأت النيابة الإدارية في تحقيق تلك الوقائع بتاريخ 18 من مايو سنة 1967 وانتهت إلى إحالة الطاعن والمتهمة الثانية إلى المحاكمة التأديبية وذلك على النحو السالف إيضاحه - الأمر الذي يبين منه أنه لم تكن هناك إعادة للتحقيق أو حفظه، على حد قول الطاعن.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسبب الأخير من أسباب هذا الطعن، من أن ما نسب إلى الطاعن من مخالفات - إن صحت جدلاً - لا تتناسب البتة مع ما انتهت إليه المحكمة التأديبية من جزاء بالفصل من الخدمة، بمقولة إنها قد أساءت في حكمها إلى الطاعن في استعمال سلطتها فتقدير الجزاء في هذه الصورة مشوباً بالغلو، خرج من المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، فإنه لا حجة في ذلك، إذ أن هذه المحكمة ترى أن الحكم التأديبي المطعون فيه إذ قضى بمجازاة الطاعن، والمخالفة الثانية، بالفصل، قد راعى، وهو مقدر لخطورة الذنب الإداري الذي وقع منهما، أن الطاعن قد بلغ الذروة في الانحراف المسلكي، وأنه قد أساء إلى سمعته وإلى سمعة الوظيفة وكرامتها وكان يتعين عليه أن يتفادى الأفعال الشائنة التي تعيبه فتمس تلقائياً الجهاز الإداري الذي ينتسب إليه، كما سلف القول - فالحكم المطعون فيه كان دقيقاً في ميزانه سديداً في تقديره دون إفراط في الشفقة ولا تفريط في حق الجهاز الإداري.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على النحو السالف إيضاحه، يكون الطاعن قد سلك مسلكاً خرج به على مقتضى الواجب، وكان الجزاء الذي توقع عليه في محله، ولم يتسم الحكم المطعون فيه بما يعيبه، ولم يكن فيه شيء من الغلو، ومن ثم يكون الطعن عليه على غير أساس وخليق بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد خسر طعنه فيحمل عبء المصروفات، وذلك إعمالاً لنص المادة 184 من القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 243 لسنة 34 ق جلسة 29 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 64 ص 437

جلسة 29 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(64)
الطعن رقم 243 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) تأمينات اجتماعية. "الاشتراك في التأمينات". "التخلف والتأخير في الاشتراك". قانون. "المذكرة الإيضاحية للقانون".
(أ) تخلف صاحب العمل كلية عن الاشتراك في هيئة التأمينات عن عماله كلهم أو بعضهم. تأخر رب العمل - بعد اشتراكه - في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد وبالأوضاع التي رسمها القانون. حالتان فرق المشرع بينهما وجعل لكل منهما (في القانون 92 لسنة 1959) حكماً خاصاً. جزاء حالة التأخير الفوائد 6% سنوياً عن الاشتراكات التي لم تورد (م 73). وجزاء حالة التخلف. فضلاً عن الفوائد - دفع مبلغ إضافي يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة (م 76). عدم سريان جزاء المادة 76 على حالة التأخير. أخذ القانون الجديد 63 لسنة 1964 بالتفرقة بين حالتي التخلف والتأخير.
(ب) ليس للمذكرة الإيضاحية للقانون الجديد (63 لسنة 1964) أن تضيف لأحكام القانون القديم (رقم 92 لسنة 1959) جديداً لم تتضمنه نصوصه أو أن تفسر أحكامه بما لا يتفق مع مدلولها.

-----------------------
1 - مؤدى نصوص المادتين 73 و76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية أن المشرع فرق بين حالة تخلف صاحب العمل كلية عن الاشتراك في هيئة التأمينات عن عماله كلهم أو بعضهم وبين حالة اشتراك رب العمل بإخطار هيئة التأمينات بعدد عماله وأجورهم الصحيحة ثم تأخره بعد ذلك في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد وبالأوضاع التي رسمها القانون وخص المشرع كل حالة بحكمها فنص على حالة التأخير في توريد الاشتراكات في المادة 73 وجعل جزاءها إلزام صاحب العمل بفوائد 6% سنوياً عن الاشتراكات التي لم تورد في الميعاد القانوني. ولا يغير من ذلك ما نص عليه في صدر المادة 76 من وجوب مراعاة أحكام المادة 73 ذلك أنه لا يتأدى من هذه العبارة إلزام صاحب العمل في حالة التأخير عن توريد الاشتراكات طبقاً للمادة 73 بالجزاء المقرر بالمادة 76 للتخلف وهو دفع مبلغ إضافي يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة لأن الإحالة إلى أحكام المادة 73 إنما وردت بشأن التخلف لا التأخير، وقد استقلت حالة التأخير بأحكامها الخاصة الواردة في تلك المادة لما في ذلك الجزاء المقرر لها وهو سريان الفوائد بواقع 6% على الاشتراكات التي لم تورد في الميعاد. ولا حجة فيما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1964 من أن المشرع قصد تطبيق المادتين 73 و76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 على حالتي التأخير والتخلف إذ لا يتفق ذلك مع مدلول المادتين سالفتي الذكر ولا يمكن أن تضيف المذكرة الإيضاحية إلى أحكام القانون السابق جديداً لم تتضمنه نصوصه أو أن تفسر أحكامه بما لا يتفق مع مدلولها.
2 - أخذ قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 بالتفرقة بين حالتي التأخير والتخلف عن الاشتراك في هيئة التأمينات فجعل التخلف مقصوراً على حالة عدم قيام صاحب العمل بالاشتراك عن العاملين لديه كلهم أو بعضهم وحالة قيامه بأداء الاشتراكات الخاصة بالعمال المؤمن عليهم على أساس أجور غير حقيقية، أما حالة التأخير عن أداء الاشتراكات الشهرية في المواعيد المعينة لذلك فقد خصها هذا القانون بحكم خاص وفرض لها جزاء أخف بكثير من جزاء التخلف مما يدل على أن للتأخير في ذهن المشرع معنى يختلف عن معنى التخلف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى وأضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مستشفى المواساة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 382 سنة 1963 مدني كلي الإسكندرية على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببراءة ذمتها قبلهم من مبلغ 16224 ج و988 م وقالت شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 25 ديسمبر سنة 1962 أرسل إليها مراقب مؤسسة التأمينات الاجتماعية خطاباً يطالبها فيه بدفع المبلغ المذكور على أساس أنه مستحق عليها بالتطبيق لنص المادة 76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية وذلك بسبب تأخرها في أداء اشتراكات عمالها المؤمن عليهم وأنذرها بتوقيع الحجز الإداري على ممتلكاتها إن لم تبادر إلى السداد وأنه لما كانت المادة 76 سالفة الذكر إنما تنص على مضاعفة الاشتراكات المستحقة على أرباب الأعمال في حالة تخلفهم عن الاشتراك ولا ينطبق هذا الجزاء على حالة التأخير في سداد الاشتراكات وكانت الطاعنة مشتركة في المؤسسة فعلاً برقم 58951 وتؤدي الاشتراكات المقررة عن جميع عمالها ومستخدميها المؤمن عليهم لدى المؤسسة فإنه لا يجوز اعتبارها متخلفة وبالتالي لا يجوز توقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة 76 لمجرد تأخيرها في أداء تلك الاشتراكات - ورد المطعون ضدهم بأن التأخير في سداد الاشتراكات يترتب عليه استحقاق الفوائد المنصوص عليها في المادة 73 وغرامة التخلف المنصوص عليها في المادة 76 وفي 25/ 4/ 1963 حكمت المحكمة ببراءة ذمة الطاعنة من المبلغ المرفوعة به الدعوى فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 438 سنة 19 ق وفي 13 فبراير سنة 1964 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. وبتقرير مؤرخ 8 أبريل سنة 1964 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أجرى الجزاء في المادة 76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 وهو فرض مبلغ إضافي يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة على حالة التأخير في سداد الاشتراكات عن الموعد المبين في المادة 73 مع أن ذلك الجزاء لا ينطبق إلا في حالة التخلف عن الاشتراك في المؤسسة أصلاً أو الاشتراك على أساس أجور غير حقيقية أما في حالة تأخير صاحب العمل المشترك في المؤسسة في توريد الاشتراكات المستحقة عليه فيقتصر الجزاء طبقاً للمادة 73 على سريان الفوائد بسعر 6% عن مدة التأخير ولا ينطبق الجزاء المنصوص عليه في المادة 76 وإذ كان الثابت أن الطاعنة مشتركة في مؤسسة التأمينات عن جميع عمالها ومستخدميها وكانت تؤدي هذه الاشتراكات بانتظام حتى شهر نوفمبر سنة 1962 ثم تأخرت بعد ذلك عن أدائها لظروف مالية قهرية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها بضعف الاشتراكات المتأخرة على أساس انطباق المادة 76 في حالتي التأخير والتخلف معاً فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المادة 73 من القانون رقم 92 لسنة 1959 الذي يحكم النزاع تنص على أنه "على صاحب العمل أن يورد الاشتراكات المقتطعة من أجور عماله وتلك التي يؤدها لحسابهم إلى المؤسسة خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من الشهر التالي وتحتسب في حالة التأخير فوائد بسعر 6% سنوياً عن المدة من اليوم التالي لانتهاء الشهر الذي اقتطعت عنه هذه الاشتراكات حتى تاريخ أدائها" وتنص المادة 76 من ذات القانون على أنه مع مراعاة أحكام المادة 73 يلزم صاحب العمل إذا تخلف عن سداد الاشتراكات المنصوص عليها في هذا القانون بالنسبة إلى المؤمن عليهم كلهم أو بعضهم بأداء مبلغ إضافي إلى المؤسسة يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة خلال مدة التخلف" ومؤدى هذين النصين أن المشرع فرق بين حالة تخلف صاحب العمل كلية عن الاشتراك في هيئة التأمينات عن عماله كلهم أو بعضهم وبين حالة اشتراك رب العمل بإخطار هيئة التأمينات بعدد عماله وأجورهم الصحيحة ثم تأخره بعد ذلك في توريد المبالغ المستحقة للمؤسسة في المواعيد وبالأوضاع التي رسمها القانون وخص المشرع كل حالة بحكمها فنص على حالة التأخير في توريد الاشتراكات في المادة 73 وجعل جزاءها إلزام صاحب العمل بفوائد 6% سنوياً عن الاشتراكات التي لم تورد في الميعاد القانوني ولا يغير من ذلك ما نص عليه في صدر المادة 76 من وجوب مراعاة أحكام المادة 73 ذلك أنه لا يتأدى من هذه العبارة إلزام صاحب العمل في حالة التأخير عن توريد الاشتراكات طبقاً للمادة 73 بالجزاء المقرر بالمادة 76 للتخلف وهو دفع مبلغ إضافي يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة لأن الإحالة إلى أحكام المادة 73 التي تتضمنها تلك العبارة إنما وردت بشأن التخلف لا التأخير وقد استقلت حالة التأخير بأحكامها الخاصة الواردة في تلك المادة بما في ذلك الجزاء المقرر لها وهو سريان الفوائد بواقع 6% على الاشتراكات التي لم تورد في الميعاد وذلك على النحو المتقدم ذكره وقد أخذ بهذه التفرقة قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 وجعل التخلف مقصوراً على حالة عدم قيام صاحب العمل بالاشتراك عن العاملين لديه كلهم أو بعضهم وحالة قيامه بأداء الاشتراكات الخاصة بالعمال المؤمن عليهم على أساس أجور غير حقيقية أما حالة التأخير عن أداء الاشتراكات الشهرية في المواعيد المعينة لذلك فقد خصها هذا القانون بحكم خاص وفرض لها جزاء أخف بكثير من جزاء التخلف. وهو ما يشعر بأن للتأخير معنى في ذهن المشرع يختلف عن معنى التخلف ولا حجة فيما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون الجديد من أن المشرع سبق أن قصد تطبيق المادتين 73 و76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 على حالتي التأخير والتخلف عن سداد الاشتراكات إذ أن هذا القول لا يتفق مع مدلول نص المادتين المذكورتين على ما تقدم ذكره ومن ثم فلا يعتد به لأن هذه المذكرة الإيضاحية لا يمكن أن تضيف إلى أحكام القانون السابق جديداً لم تكن تتضمنه نصوصه أو أن تفسر أحكامه بما لا يتفق مع مدلولها هذا إلى أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 92 لسنة 1959 قد خلت من هذا التفسير الخاطئ الذي ورد في المذكرة الخاصة بالقانون الجديد رقم 63 لسنة 1964. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوى بين حالتي التخلف والتأخير فيما يختص بالجزاء المنصوص عليه في المادة 76 وهو مضاعفة الاشتراكات وعلى هذا الأساس انتهى إلى استحقاق هيئة التأمينات الاجتماعية للمبلغ الإضافي المرفوع به دعوى براءة الذمة رغم ثبوت قيام الطاعنة بالاشتراك لدى المؤسسة عن عمالها واقتصار الأمر بالنسبة لها على مجرد التأخير في سداد بعض الاشتراكات الشهرية فإنه بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما كان المبلغ المرفوعة دعوى براءة الذمة بشأنه عبارة عن مضاعفة الاشتراكات التي تبين مما تقدم عدم أحقية الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في اقتضائها ومن ثم تكون براءة الذمة المرفوعة من مستشفى المواساة عن هذا المبلغ على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك تأييد الحكم المستأنف للأسباب المتقدم ذكرها لا للأسباب التي استند إليها ذلك الحكم.

الطعن 812 لسنة 13 ق جلسة 1 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 41 ص 313

جلسة أول فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح السعيد المستشارين.

-------------------

(41)

القضية رقم 812 لسنة 13 القضائية

(أ) - عقد إداري "مزايدة". رئيس مجلس مدينة "سلطته في إلغاء المزايدة".
رئيس مجلس المدينة يختص بإلغاء المزايدة التي طرحها مجلس المدينة، أساس ذلك. موافقة المحافظ على ما ارتآه رئيس مجلس المدينة لا يعدو أن يكون ممارسة من جانبه لاختصاصه بالتفتيش على أعمال مجالس المدن - قرارات رئيس مجلس المدينة تعتبر نافذة بذاتها دون حاجة إلى تصديق من المحافظ ما دامت في حدود اختصاصاته ولم يرد نص يقضي بغير ذلك.
(ب) - إدارة محلية "مجالس محلية".
الوحدة الإدارية التي تمثلها المجالس المحلية لها الشخصية الاعتبارية وأهلية للتقاضي - يقوم رئيس المجلس بتمثيلها، أساس ذلك - المجلس المحلي المختص هو صاحب الصفة فيما يثور من منازعات بشأن ما يصدر عنه من قرارات.
(جـ) - عقد إداري "مزايدة - سلطة البيع والبت في المزايدة".
وفقاً لأحكام لائحة المناقصات والمزايدات، إذا تمت المزايدة بغير طريق المظاريف تتولى البيع والبت لجنة واحدة - تقوم اللجنة في جلسة المزايدة بتكليف المزايد الذي تقدم بأفضل عطاء بتكملة التأمين - يجوز للجنة في نفس الجلسة رد التأمينات الابتدائية المؤداة ممن لم يرس عليهم المزاد - إذا لم يتقدم أحد أو لم تصل نتيجة المزايدة إلى الثمن الأساسي فيؤجل البيع مع تخفيض التقدير السابق لهذا الثمن بنسبة لا تجاوز10%.
(د) - عقد إداري "مزايدة - إبرامها".
إذا رأت الجهة الإدارية المختصة إبرام العقد فإنه يتعين أن تتعاقد مع صاحب أفضل عطاء الذي عينته اللجنة المختصة بالبت في المزايدة ولا تملك أن تستبدل به غيره ولو كان منصوصاً في الشروط على أن لها الحق في رفض أو قبول أي عطاء دون إبداء الأسباب، أساس ذلك - إلغاء المزايدة غير جائز إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون.
(هـ) - عقد إداري "مزايدة - الإلغاء المخالف للقانون - التعويض".
إذا لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام القانون فإنه لا يجوز إلغاؤها لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى - القرار الصادر بإعادة المزايدة قرار غير مشروع - التعويض عما رتبه من ضرر وفوته من ربح، أساس ذلك.

---------------------
1 - إذ كان مجلس المدينة هو الذي قام بطرح عملية هدم وبيع الأنقاض في المزايدة فإن الذي يختص بإلغاء هذه المزايدة وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات هو رئيس هذا المجلس الذي ناطت به المادة 77 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية السلطات المالية المقررة لرئيس المصلحة.
وإنه ولئن كان قد رفع الأمر إلى المحافظ بناء على ما طلبه سكرتير عام المحافظة ولئن كان المحافظ قد وافق على ما ارتآه رئيس مجلس المدينة، إلا أن طلب عرض الأمر على المحافظ في هذه الحالة لا يعدو أن يكون ممارسة من جانبه لاختصاصه بالتفتيش على أعمال مجالس المدن وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية أما ما يتخذه رئيس مجلس المدينة من قرارات في حدود اختصاصه فإنها تعتبر نافذة بذاتها دون حاجة إلى تصديق من المحافظ ما لم يرد نص يقضي بغير ذلك.
2 - إن الوحدات الإدارية التي تمثلها المجالس المحلية لها الشخصية الاعتبارية بحكم الدستور ولها أهلية التقاضي ويقوم رئيس المجلس بتمثيلها أمام القضاء وفقاً لحكم المادة 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 وبهذه المثابة يكون المجلس المحلي المختص هو صاحب الصفة فيما يثور من منازعات بشأن ما يصدر عنه من قرارات وما تتخذه الإدارات التي يستعين بها في مباشرة اختصاصاته من قرارات وإجراءات وهو الذي يتعين أن توجه إليه الدعوى باعتباره الجهة الإدارية ذات الشأن في المنازعة، وإذا أقيمت هذه الدعوى ضد مجلس المدينة بطلب تعويض عن قرار بإعادة مزايدة أجراها هذا المجلس فإنها تكون قد أقيمت على الجهة ذات الشأن في هذه المنازعة ويكون الدفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة غير قائم على أساس متعيناً رفضه.
3 - ووفقاً لأحكام نصوص لائحة المناقصات والمزايدات تتولى البيع والبت في نتيجة المزايدة إذا تمت بغير طريق المظاريف لجنة واحدة - وتقوم هذه اللجنة في جلسة المزايدة بتكليف المزايد الذي تقدم بأفضل العطاءات بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويجوز لها أيضاً في ذات الجلسة رد التأمينات الابتدائية المؤداة من المزايدين الذين لم يرس عليهم المزاد. أما إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو لم تصل نتيجة المزايدة إلى الثمن الأساسي فيؤجل البيع مع تخفيض التقدير السابق لهذا الثمن بنسبة لا تجاوز 10%.
4 - ووفقاً لأحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات يتعين على الجهة الإدارية المختصة إذا رأت إبرام العقد أن تتعاقد مع صاحب العطاء الأفضل الذي عينته اللجنة المختصة بالبت في المزايدة ولا تملك أن تستبدل به غيره حتى ولو كان منصوصاً في شروط المزايدة على أن لها الحق في قبول أو رفض أي عطاء دون إبداء الأسباب لمخالفة هذا الشرط لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات وما تضمنته من قواعد قصد بها تحقيق المساواة بين جميع المزايدين - على أنه يجوز إلغاء المزايدة متى قامت إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون.
5 - وإذ لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام القانون فإنه ما كان يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيداً لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى - بل كان يتعين وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحة المناقصات والمزايدات اعتماد إرسائها على المدعي ما دام أنه قد تقدم بأفضل العطاءات وقام بالتزامه بإكمال التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويكون القرار الصادر بإعادة المزايدة وما ترتب عليه من إجراءات انتهت بإرسائها على غير المدعي - مخالفاً للقانون - ولا شك في أن هذا القرار غير المشروع قد ألحق ضرراً بالمدعي يتمثل فيما تكبده من نفقات للاشتراك في المزايدة وما اقتضاه ذلك من قيامه بإيداع تأمين وفيما فاته من فرصة الحصول على الربح الذي كان يأمل في تحقيقه فيما لو تم التعاقد معه والذي قام الدليل على رجحانه برسو المزايدة على غيره بثمن يزيد على قيمة عطائه - وتقدر المحكمة التعويض المستحق له بمبلغ ثلاثمائة جنيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 17 من مارس سنة 1965 أقام السيد أنور إسماعيل محمد الدعوى رقم1720 لسنة 19 القضائية ضد السيد رئيس مجلس مدينة المنيا بصفته ممثلاً للمجلس طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع إليه على سبيل التعويض مبلغ 1500 جنيه والمصروفات كافة بما فيها مصروفات طلبي الإلغاء ووقف التنفيذ - وقال شرحاً لدعواه إنه في 20 من يوليه سنة 1964 أعلن مجلس مدينة المنيا عن مزايدة عامة تعتمد جلستها ظهر يوم 12 من أغسطس سنة 1964 لهدم وبيع أنقاض مبنى مدرسة الاتحاد الإعدادية الكائن بشارع الحرية بالمدينة المذكورة مشترطاً أن يدفع كل متزايد قبل الدخول في المزايدة تأميناً مؤقتاً مقداره 500 جنيه يزاد إلى 20% من قيمة الثمن عند رسو المزاد عليه ورسا عليه المزاد في الجلسة المذكورة باعتباره صاحب أكبر عطاء بثمن قدره 6020 جنيهاً وأكمل التأمين المؤقت إلى الحد المشترط لكن حدث في يوم 26 من أغسطس سنة 1964 أنه تلقى بالبريد الموصى عليه كتاباً من المدعى عليه مؤرخاً 25 من أغسطس يخطره فيه بأنه قد حدد يوم 2 من سبتمبر سنة 1964 لإعادة المزايدة - وعلم هو أن ذلك كان أثر عرض جديد تقدم به أحد المتزايدين الذين كفوا أيديهم عن المضي في المزايدة بجلسة 12 من أغسطس سنة 1964 - ولما كان قرار إعادة المزايدة مخالفاً للقانون فقد أنذر المدعى عليه في 31 من أغسطس سنة 1964 بالعدول عنه ولكن على غير جدوى إذ مضى في المزايدة الجديدة وأرسي المزاد على شخص آخر ممن حضروها إلا أن البت في نتيجة المزاد لم يكتم قد تم بعد فأقام المدعي في 28 من سبتمبر سنة 1964 الدعوى رقم 1482 لسنة 18 القضائية طالباً بصفة وقتية وقف تنفيذ ذلك القرار وموضوعاً إلغاءه تأسيساً على أن الأصل المقرر قانوناً أن العقود التي تجرى عن طريق المزايدة تتم برسو المزاد على اعتبار أنه القبول الذي يلاقي إيجاب المتزايد وأكد هذا المعنى القانون المدني بنص صريح في المادة 99 ومتى تم العقد برسو المزاد فلا يجوز نقضه إلا باتفاق الطرفين على ما تقضي به المادة 147 مدني ولم يخرج القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات الإدارية على هذا الأصل في أحكامه إذ نصت المادتان 7، 11 منه على عدم جواز إلغاء المناقصات أو المزايدات إلا في حالات ثلاث وسايرت تلك الأحكام لائحة المناقصات والمزايدات إذ نصت المادتان 152، 154 منها على حالات معينة يؤجل فيها بيع الأصناف غير القابلة للتلف إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو إذا لم تصل نتيجة المزاد إلى الثمن الأساسي - مرة واحدة مع تخفيض في هذا الثمن لا يزيد على 90% منه إن كان لا يزيد على قدر معين فإن زاد يؤجل البيع مرة ثانية مع تخفيض آخر في الثمن الأساسي ثم يعرض الأمر على الرئيس الإداري ليقرر ما يراه - أما إذا كان المبيع قابلاً للتلف فتعرض نتيجة المزاد في الجلسة الأولى على الرئيس ليبدي رأيه ومن قبل صدور القانون رقم 236 لسنة 1954 أصدرت وزارة المالية والاقتصاد كتابها الدوري رقم ع 51/ 35/ 14 في 16 من يونيو سنة 1953 موجهة نظر الوزارات والمصالح إلى عدم الالتفات إلى العروض التي تقدم في المزادات أثناء الفترة ما بين رسوه واعتماد نتيجته كما أنه بعد صدور القانون أصدرت الوزارة كتابها الدوري رقم ع/ 4/ 23/ 11 م 3147 في 24 من مايو سنة 1956 موجهة النظر فيه إلى أن - جدية المزادات واحترام نتائجها أمام جمهور المتزايدين تقضي بعدم الالتفات إلى أية عروض تقدم بعد رسو المزاد أو إعادته وتأجيله إلا في الحالات المنصوص عليها ولهذا ينبغي الأخذ بنتيجة المزاد واعتماده بالسعر الراسي به طالما أن هذا السعر لا يقل عن الثمن الأساسي - ومضى المدعي يقول إنه نظراً إلى أن القرار المطعون فيه قد تم تنفيذه قبل الفصل في طلب وقف التنفيذ فإنه لا يجد مندوحة من أن يعدل طلباته إلى الحكم على مجلس المدينة بتعويض ما لحقه من ضرر ناشئ عن صدور قراره المخالف للقانون وهو يتمثل فيما أصابه من ضرر نتيجة اضطراره لإبقاء التأمين المدفوع منه تحت يد المجلس وباقي الثمن تحت يده هو غير منتفع بهما في أعمال المقاولات التي يمارسها وذلك طوال مدة قيام دعوى الإلغاء وفيما فاته من ربح كان خليقاً بأن يحققه من رسو المزاد عليه بالثمن الذي رسا به إذ كان الفرق بينه وبين الثمن الذي أرسى به المجلس المزاد على غيره مبلغ 630 جنيهاً هذا بخلاف ما يرجو أن يحققه من ربح أكيد في العملية.
وأجاب مجلس مدينة المنيا على الدعوى بمذكرة قال فيها إنه أعلن عن عملية هدم وبيع مخلفات مدرسة الاتحاد الإعدادية وحدد لإجراء المزايدة جلسة 12 من أغسطس سنة 1964 التي حضر فيها 23 متزايداً وكان آخر عطاء هو المقدم من المدعي وقيمته 6020 جنيهاً وحصل منه تأمين قدره 20/ من قيمة عطائه في ذات الجلسة ضماناً لجدية عطائه - وفي 15 من أغسطس سنة 1964 وقبل البت في نتيجة المزاد اتصل سكرتير عام محافظة المنيا بمدير الإدارة الهندسية طالباً عدم البت في هذه العملية وعرضها على المحافظ عند حضوره وفي ذات التاريخ تقدم السيد/ عبد الموجود مرسي بعرض - قيمته 6650 جنيهاً ثم قام بتوريد تأمين مؤقت قدره 500 جنيه - كذلك وردت برقية من السيد/ حسن عثمان مؤشراً عليها من المحافظ بالعرض مع أوراق المزايدة - كما ورد عرض آخر من السيد/ عبد الفتاح حسن بقبوله زيادة قدرها 10% من آخر سعر بالمزايدة - وعرضت الأوراق على لجنة البت فرأت إعادة المزايدة ما دام ذلك في صالح الخزانة العامة - ووافق على ذلك السيد المحافظ وحدد يوم 2 من سبتمبر سنة 1964 للمزايدة الجديدة وأخطر المدعي بذلك في 25 من أغسطس سنة 1964 كما أخطر أيضاً جميع المتزايدين - فأرسل المدعي إنذاراً في 31 من أغسطس سنة 1964 بإلغاء المزايدة الجديدة - وفي جلسة إعادة المزايدة كان أعلى سعر هو المقدم من عبد الموجود مرسي بمبلغ 6650 جنيهاً - واجتمعت لجنة البت ورأت إسناد العملية إليه واعتمد المحافظ نتيجة المزاد - ومضى مجلس المدينة يقول إن التعاقد لم يتم مع المدعي إذ لم يصدر قرار من لجنة البت بإرساء المزاد عليه ولم تبرم جهة التعاقد العقد ولم يخطر بأن العقد أبرم معه وكل ما في الأمر أن لجنة المزايدة قد أجرت المزاد فقط تمهيداً لعرض الأمر على لجنة البت - ولجنة المزايدة في صدد هذه العملية كلجنة فتح المظاريف في المناقصات والمزايدات التي تتم بمظاريف مغلقة لا تختص بإبرام العقد بل إنها لا تختص حتى بتعيين أفضل المزايدين حسب القانون كلجنة البت - وأن لجنة البت لم ترس المزاد على المدعي إذ لم تجتمع في 12 من أغسطس سنة 1964 بل لم تجتمع إلا في 23 من أغسطس سنة 1964 ورأت فتح المزايدة بين المتزايدين أما طلب دفع التأمين من المدعي في 12 من أغسطس سنة 1964 فلا يعني أن المزاد رسا عليه وقيامه بتكملة التأمين إلى 20% عن العرض الذي تقدم به لا يعطيه أي حق. وبعد أن تبين للجنة البت عند اجتماعها يوم 23 من أغسطس سنة 1964 وكذلك لجهة التعاقد أن العرض الذي تقدم به المدعي يقل كثيراً عن القيمة السوقية رأت إعادة المزايدة من جديد ولكن المدعي لم يشترك في هذه المزايدة رغم إخطاره بمواعدها. وكان السبب في قرار اللجنة بإعادة المزايدة تغليب المصلحة العامة ورعاية خزانة الدولة وعلى ذلك فإن هذا القرار سليم ومطابق للقانون ولا تكون الجهة الإدارية إذ اتبعت حكم القانون قد ارتكبت خطأ تلزم بالتعويض عنه.
ومن حيث إن المدعي رد على دفاع مجلس المدينة بمذكرة قال فيها إن محور ذلك الدفاع يدور على أن صاحب الشأن في إرساء المزايدة هو لجنة البت وأن اللجنة التي قامت بالمزايدة لم يكن لها هذه الصفة بل كانت تقوم بمثل عمل لجنة المظاريف. وهذا الدفاع لا يستقيم مع الواقع لأن ازدواج اللجنة لا يكون إلا في المزايدات أو المناقصات التي تتم بطريق المظاريف المغلقة أما حيث تكون المزايدة أو المناقصة علنية فليس ثمة سوى لجنة واحدة للبت في النتيجة وهي اللجنة التي تقوم بإجراء المزايدة أو المناقصة وتختص بإرساء العطاء، وقد كان تشكيل اللجنة التي أجرت المزايدة لا يدع ريباً في أنها تختص بالبت في نتيجة المزايدة إذ هو التشكيل المنصوص عليه في المادة 150 من لائحة المخازن والمشتريات. كما كانت اللجنة التي انعقدت في يوم 23 من أغسطس سنة 1964 للنظر في العرض الجديد الذي تقدم به أحد المتزايدين بذات التشكيل لا من حيث الوظائف التي تتطلبها المادة 150 بل من حيث الأشخاص بالنسبة إلى أربعة من الأعضاء وأضاف المدعي أن تكليفه بجلسة 12 من أغسطس سنة 1964 بتكملة التأمين هو بلا ريب إيذان بإرساء المزاد عليه وفقاً لما تقضي به المادة 150 من لائحة المناقصات والمزايدات - وبإرساء اللجنة التي تختص بالبت للمزاد عليه تلتزم الجهة المختصة بتحرير العقد معه إثباتاً للتعاقد الذي تم وقال إن المبلغ الذي يطالب به لا يقتصر على الربح الفائت والخسارة الواقعة بل يشمل التعويض عن التأخير في أدائه وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام مجلس المدينة بمبلغ 1500 جنيه وفوائده بسعر 4% من تاريخ الحكم للسداد مع المصروفات كافة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على أن الإجراءات التي اتبعتها جهة الإدارة في المزايدة قد اتخذت بالموافقة لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات إذ أن لجنة المزايدة في 12 من أغسطس سنة 1964 قد أجرت المزايدة فحسب تمهيداً لعرض الأمر على لجنة البت التي رأت إعادة المزايدة لاحتمال الوصول إلى سعر أكبر من سعر المدعي وذلك تحقيقاً لصالح الخزانة ولم يتم التعاقد مع المدعي أصلاً لأنه لم يخطر بإرساء المزاد عليه ولم تعتمد جهة الإدارة عطاءه بل إنها بإعادة المزايدة قد أعملت حقها المشروع الذي رسمه القانون إذ أجاز المشرع إلغاء المزايدة في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 236 لسنة 1954 ومن بينها حالة ماذا كانت قيمة العطاء تقل عن القيمة السوقية. وقد حققت إعادة المزايدة زيادة على سعر المدعي تبلغ 630 جنيهاً الأمر الذي يستفاد منه أن سعره كان يقل كثيراً عن القيمة السوقية، ولم تتعاقد الجهة المختصة مع عبد الجواد مرسي إلا بعد أن أصدرت لجنة البت في 23 من أغسطس سنة 1964 قرارها بإعادة المزايدة وأجريت مزايدة جديدة أخطر بها المتزايدون ومن بينهم المدعي وقامت لجنة البت بإرساء المزايدة وطلبت من الجهة الإدارية التعاقد مع المذكور فيكون اختياره وإبرام التعاقد معه قد وقع سليماً ومطابقاً للقانون، ولم يثبت أن الجهة الإدارية تنكبت وجه المصلحة العامة فتكون الدعوى على غير أساس سليم من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: إن الحكم قد أخطأ في تطبيق المواد 2، 3، 6 من القانون رقم 236 لسنة 1954 والمواد 56، 67 وما بعدها من لائحة المزايدات والمناقصات لأن هذه النصوص خاصة بالمناقصات والمزايدات التي تتم بطريق المظاريف المختومة أما المناقصات أو المزايدات العلنية فالمرجع فيها إلى الأصل المقرر في المادة 99 من القانون المدني وقد كان التعاقد مع الطاعن بطريق مزايدة علنية لا بطريق المظاريف.
ثانياً: إن الحكم قد أخطأ إذ ذهب إلى أن الأوراق خالية مما يفيد أن عطاء الطاعن قد قبل وأنه على فرض قبوله فإن العقد لم يتم لعدم إخطاره بإرساء المزاد عليه إذ الثابت بمحضر المزايدة المؤرخ 12 من أغسطس سنة 1964 أن الطاعن أكمل التأمين المؤقت إلى ما يوازي 20% من قيمة العطاء ولا يكون هذا عملاً بحكم المادة 150 من لائحة المناقصات والمزايدات إلا عند رسو المزاد ومن ثم تكون تكملة التأمين المؤقت دليلاً على أن لجنة المزاد قبلت عطاءه.
ثالثاً: إن ما ذهب إليه الحكم من أن عطاءه كان يقل عن القيمة السوقية لا أصل له في الأوراق إذ - الثابت من قرار رئيس مجلس مدينة المنيا بإعادة المزايدة أنه لم يبن على قلة الثمن الذي رسا به المزاد على الطاعن عن القيمة السوقية بل على تقدم أحد المتزايدين الذين كفوا عن المضي في المزايدة بعد رسو المزاد عليه بثمن أكثر مما نهت عنه وزارة المالية والاقتصاد في كتابها الدوري الصادر في 27 من مايو سنة 1956.
ومن حيث إن مجلس المدينة قد عقب على الطعن بمذكرة طلب فيها أصلياً الحكم برفض الطعن واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واستند المجلس في دفاعه إلى الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه وأضاف (أولاً) أنه لم يتم إرساء المزاد على المدعي ولم يبرم معه أي عقد إذ لم يتم اعتماد نتيجة المزاد الذي أجري في 12 من أغسطس سنة 1964 من الجهة المختصة بإبرام العقد ولم يخطر المدعي بإرساء المزاد عليه - (وثانياً) أن لجنة المزاد سواء باعتبارها لجنة فتح المظاريف أو باعتبارها لجنة البت في العطاءات ليس من اختصاصها إرساء المزادات كما أن جهة الإدارة لم تتجه نيتها إلى اعتبار لجنة المزاد هي لجنة البت في العطاءات إذ شكلت لجنة أخرى للبت في نتيجة المزايدة - (ثالثاً) أن التكييف الصحيح للدعوى هو اعتبارها دعوى تعويض عن القرار الصادر من محافظة المنيا بإعادة فتح المزايدة بين المتزايدين على أساس آخر سعر وصلت إليه مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 وهو قرار التزم حدود القانون وبرئ من كل العيوب الأمر الذي ينتفي معه وجه مساءلة الإدارة عن التعويض إذ نصت شروط المزايدة في البند الخامس منها على أن (للمجلس الحق في قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب) وهو من الشروط المشروعة فلا تثريب على الإدارة إذ من حقها وفقاً لنص هذا البند رفض العطاء المقدم من المدعي ما دام تصرفها خالياً من شائبة إساءة استعمال السلطة وتغيت به وجه الصالح العام - وليس صحيحاً ما يذهب إليه المدعي من أن حق الإدارة في إلغاء المناقصة أو المزايدة يقتصر على الحالات الثلاثة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 لأن الأسس العامة في العقود الإدارية تخول الإدارة عدم التعاقد في جميع الحالات. وبناء على ما تقدم يكون قرار محافظة المنيا بإلغاء المزايدة التي كان محدداً لها جلسة 12 من أغسطس سنة 1964 قد صدر صحيحاً وتكون إجراءات إعادة المزايدة وإرسائها بجلسة 2 من سبتمبر سنة 1964 على متزايد آخر قد وقعت صحيحة لا خطأ فيها. وفضلاً عن أن ركن الخطأ قد انتفى فإنه لم يقم دليل على توفر ركن الضرر إذ أن المدعي يركن في طلب التعويض إلى ما يزعم أنه أصيب به من خسارة نتيجة لإبقائه التأمين المدفوع منه تحت يد المجلس وباقي الثمن تحت يده معطلين طوال مدة قيام دعوى الإلغاء وإلى ما فاته من ربح كان ممكناً أن يحققه من رسو المزاد عليه، في حين أنه المسئول عن إبقاء التأمين تحت يد الإدارة دون مقتض بعد أن حدد موقفه بعدم الاشتراك في مزايدة 2 من سبتمبر سنة 1964 وذلك يصدق على ما يدعيه من إبقاء باقي الثمن تحت يده. أما ما كان يؤمله من ربح فلا يصلح أساساً للتعويض إذ أنه كما أن الربح محتمل فإن الخسارة محتملة أيضاً أما طلب الفوائد فلا يجوز إقحامه على الدعوى بإبدائه لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
(رابعاً) وإذ كانت الدعوى دعوى تعويض عن قرار محافظ المنيا بإعادة فتح المزايدة فإنه لا يكون لمجلس مدينة المنيا شأن بالنزاع القائم حول هذا القرار طالما كان ذلك سابقاً على مرحلة إبرام العقد التي تتحقق ابتداء منها مسئولية مجلس المدينة عما يترتب في حقه من التزامات عقدية فيكون رئيس مجلس المدينة بصفته غير ذي صفة في الدعوى إذ لم يصدر القرار موضوع الدعوى منه أو من مجلس المدينة بل صدر من المحافظ فكان يتعين توجيه الدعوى إليه.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن مجلس مدينة المنيا طرح في مزايدة عامة علنية هدم وبيع أنقاض مدرسة الاتحاد الإعدادية وتضمن الإعلان عن هذه المزايدة النص على أن (يدفع المتزايد 500 جنيه قيمة التأمين المؤقت يزاد إلى 20% من الثمن عند رسو المزاد) وأن مدة العملية شهران وأنه قد حدد ظهر يوم 12 من أغسطس سنة 1964 موعداً لجلسة المزاد وتضمنت شروط المزايدة التي وقع عليها المتزايدون النص على أن للمجلس الحق في قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب وأن لائحة المزايدات والمناقصات متممة لهذه الشروط وقبل الإعلان عن هذه المزايدة قامت لجنة في 17 من يونيه سنة 1964 بتقدير الثمن الأساسي للمبنى بمبلغ 5500 جنيه وأجريت المزايدة في الموعد المحدد لها واشترك فيها ثلاثة وعشرون متزايداً - وأثبتت اللجنة التي أجرتها في محضرها المؤرخ 12 من أغسطس سنة 1964 بعد أن كف جميع المتزايدين عن المضي في المزايدة - عدا المدعي أنور إسماعيل ما نصه: (وانتهى المزاد على ذلك وكان أعلى سعر هو المقدم من السيد/ أنور إسماعيل محمد بمبلغ 6020 جنيهاً لا غير) وبناء على ذلك قام المذكور بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه أي إلى مبلغ 1304 جنيهات - وردت اللجنة إلى باقي المزايدين التأمينات المؤقتة المقدمة من كل منهم - ثم في 13 من أغسطس سنة 1964 تقدم السيد/ عبد الموجود مرسي قنديل وهو واحد ممن تقدموا بعطاءات في مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 - بطلب إلى رئيس مجلس المدينة ذكر فيه أنه إلحاقاً بالعطاء المقدم منه يبدي استعداده لقبول العملية بمبلغ إجمالي قدره 6650 جنيهاً - وفي 15 من أغسطس سنة 1964 تقدم كل من عبد الفتاح عثمان ومحمد حسن عتمان بطلب إلى محافظ المنيا ذكر فيه أنه لم يتمكن من حضور المزايدة وأبدى فيه استعداده لدفع 10% زيادة على الثمن الراسي به المزاد - وفي 15 من أغسطس سنة 1964 طلب سكرتير عام المحافظة من مدير الإدارة الهندسية لمجلس المدينة عدم البت في المزايدة لحين حضور المحافظ وفي 23 من أغسطس سنة 1964 انعقدت (لجنة البت في عملية هدم وبيع أنقاض مدرسة الاتحاد مزايدة جلسة 12 من أغسطس سنة 1964) حسبما هو مبين بصدر محضرها وبعد أن أشارت في هذا المحضر إلى العروض السابقة انتهت إلى أنها ترى (أنه في حالة استدعاء مقدمي هذه العروض وصاحب أعلى سعر في هذه المزايدة احتمال الوصول إلى سعر أكبر من آخر سعر للمزايدة وذلك لصالح الخزانة) وأشر رئيس مجلس مدينة المنيا على هذا المحضر في 23 من أغسطس سنة 1963 بما نصه (مرفوع للسيد المحافظ رجاء التكرم بالموافقة على فتح المزايدة بين المتزايدين على أساس آخر سعر وصلت إليه المزايدة) وأشر المحافظ بموافقته على ذلك وبكتب مؤرخة 25 من أغسطس سنة 1964 أخطر مجلس المدينة المدعي ومقدمي الطلبات المؤرخة 13، 15 من أغسطس سنة 1964 بأنه قد حدد يوم 2 من سبتمبر سنة 1964 لجلسة المزاد. وأجاب المدعي على هذا الإخطار بإنذار أعلن إلى رئيس مجلس المدينة وإلى المحافظ في 31 من أغسطس سنة 1964 طلب فيه إلغاء المزايدة الجديدة. وتم إجراء هذه المزايدة في الموعد المحدد لها ولم يتقدم فيها سوى ثلاثة مزايدين هم مقدمو الطلبات سالفة الذكر. وأثبتت اللجنة التي أجرت المزايدة المذكورة في محضر محرر على ذات محضر المزايدة أسمته (محضر لجنة البت) ما نصه: (اجتمعت اللجنة المشكلة بعاليه وبعد أن استعرضت العطاءات المقدمة في هذه العملية ترى إسنادها إلى صاحب أعلى سعر وهو المقدم من السيد عبد الموجود مرسي بمبلغ إجمالي قدره 6650 جنيهاً حيث إن هذا السعر أزيد من السعر المقدم من السيد أنور إسماعيل بجلسة 13/ 8/ 1964 ونظراً لأنه أخطر بكتاب المجلس رقم 6940 في 25 / 8/ 1964 لحضور هذه الجلسة ولم يحضر وأرسل إنذاراً يطلب فيه إسناد العملية إليه بمبلغ 6020 جنيهاً ولما كان من حق المجلس قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب وأنه لم يصدر إليه خطاب اعتماد بقبول عطائه بناء على قرار لجنة البت في 23/ 8/ 1964 وموافقة السيد المحافظ وأن هذا الإنذار غير قانوني وأن الـ 20% التي تحصل هي تكملة للتأمين المؤقت بالنسبة لجملة العطاء كضمان لجدية العطاء طبقاً للمادة 150 تطبيقاً للائحة وترى اللجنة قبول السعر المقدم من السيد/ عبد الموجود مرسي بمبلغ إجمالي قدره 6650 جنيهاً لمناسبته وهو أعلى من السعر المقدم في المزايدة التي تمت في 12/ 8/ 1964 بمبلغ 630 جنيهاً وأكبر من التقدير الأساسي بمبلغ 1150 جنيهاً) وأشر رئيس مجلس المدينة على هذا المحضر في 5 من أكتوبر سنة 1964 بما نصه (معروض على السيد المحافظ رجاء الاعتماد) كما أشر عليه المحافظ بكلمة (يعتمد) وبكتاب مؤرخ أول ديسمبر سنة 1964 صادر من رئيس مجلس المدينة أخطر السيد/ عبد الموجود مرسي قنديل باعتماد العطاء المقدم منه في مزايدة 2 من سبتمبر سنة 1964.
ومن حيث إن المدعي يطلب الحكم له بتعويض عما لحق به من ضرر ناشئ عن القرار المخالف للقانون الصادر بإعادة المزايدة. وتقوم دعواه أساساً على أنه كان يتعين على مجلس المدينة أن يلتزم بما أسفرت عنه المزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 من رسو المزاد عليه في حين أن دفاع مجلس المدينة يقوم على أن القرار المذكور وقد صدر من محافظ المنيا فإن الدعوى تكون بتوجيهها إلى مجلس المدينة قد أقيمت على غير ذي صفة. كما يقوم دفاع المجلس في الموضوع على أن لجنة المزايدة سالفة الذكر قد اقتصرت على إجراء المزايدة وإنها حتى لو اعتبرت لجنة بت فإنه لم يكن فيما قامت به ما يقيده بالتعاقد مع المدعي.
ومن حيث إنه إذا كان مجلس مدينة المنيا هو الذي قام بطرح عملية هدم وبيع أنقاض مدرسة الاتحاد الإعدادية في المزايدة فإن الذي يختص بإلغاء هذه المزايدة وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات هو رئيس هذا المجلس الذي ناطت به المادة 77 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية السلطات المالية المقررة لرئيس المصلحة.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أنه بعد أن رأت اللجنة التي انعقدت في 23 من أغسطس سنة 1964 إعادة المزايدة للوصول إلى سعر أكبر، الأمر الذي ينطوي على إلغاء المزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 ووافق على ذلك رئيس مجلس المدينة حسبما هو مستفاد من تأشيرة على محضر اللجنة المذكورة.
وإنه ولئن كان قد رفع الأمر إلى المحافظ بناء على ما طلبه سكرتير عام المحافظة ولئن كان المحافظ قد وافق على ما ارتآه رئيس مجلس المدينة - إلا أن طلب عرض الأمر على المحافظ في هذه الحالة لا يعدو أن يكون ممارسة من جانبه لاختصاصه بالتفتيش على أعمال مجالس المدن وفقاً لما تقضي به المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية أما ما يتخذه رئيس مجلس المدينة من قرارات في حدود اختصاصه فإنها تعتبر نافذة بذاتها دون حاجة إلى تصديق من المحافظ ما لم يرد نص يقضي بغير ذلك.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يعتبر قرار رئيس مجلس المدينة بالموافقة على رأي اللجنة التي انعقدت في 23 من أغسطس سنة 1964 المتضمن إلغاء مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 يعتبر هذا القرار صادراً عن الجهة الإدارية المختصة بمجلس مدينة المنيا.
ومن حيث إن الوحدات الإدارية التي تمثلها المجالس المحلية لها الشخصية الاعتبارية بحكم الدستور ولها أهلية التقاضي ويقوم رئيس المجلس بتمثيلها أمام القضاء وفقاً لحكم المادة 53 من القانون رقم 124 لسنة 1960 وبهذه المثابة يكون المجلس المحلي المختص هو صاحب الصفة فيما يثور من منازعات بشأن ما يصدر عنه من قرارات وما تتخذه الإدارات التي يستعين بها في مباشرة اختصاصاته من قرارات وإجراءات وهو الذي يتعين أن توجه إليه الدعوى باعتباره الجهة الإدارية ذات الشأن في المنازعة. وإذ أقيمت هذه الدعوى ضد مجلس المدينة بطلب تعويض عن قرار بإعادة مزايدة أجراها هذا المجلس فإنها تكون قد أقيمت على الجهة ذات الشأن في هذه المنازعة ويكون الدفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة غير قائم على أساس متعيناً رفضه.
ومن حيث إن لائحة المناقصات والمزايدات تنص في المادة 150 منها على أنه يجب أن ينص في شروط البيع على ما يأتي: "1 أن يدفع المتزايدون نقداً أو بشيكات طبقاً لأحكام الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 149 قبل الدخول في المزاد العلني أو بمظاريف مغلقة مبلغاً معيناً يقدره رئيس المصلحة أو الإدارة.. ويجب أن يكمل بالطريقة ذاتها التأمين المدفوع إلى 20% من ثمن البضاعة وذلك بمجرد رسو المزاد..) وتنص في المادة 151 منها على أن - (تتولى البيع والبت في نتيجة المزاد إذا تم بغير طريق المظاريف لجنة تشكل بالطريقة المنصوص عليها في المادة 66 ثم تحرر محضراً بإجراءاتها تبين فيه قيمة التأمين المؤدى من كل من المتزايدين وما ورد لأربابه ثم تدون مفردات البيع على الاستمارة المعدة لذلك وترافقها قسيمة التحصيل) وتنص المادة 152 منها على أنه (إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو إذا لم تصل نتيجة المزاد إلى الثمن الأساسي للأصناف المعروضة وكانت لا تتلف بمضي مدة التخزين عليها فيؤجل البيع إلى جلسة أخرى وتخفض نسبة مئوية لا تتجاوز 10% من التقرير السابق..) كما تنص في المادة 154 منها على أنه (يجوز رد التأمينات الابتدائية المؤداة من المتزايدين الذين لم يرس عليهم المزاد وذلك في الجلسة ذاتها بعد سحب إيصالات التأمين المؤقت..) ووفقاً لأحكام هذه النصوص تتولى البيع والبت في نتيجة المزايدة إذا تمت بغير طريق المظاريف لجنة واحدة، وتقوم هذه اللجنة في جلسة المزايدة بتكليف المزايد الذي تقدم بأفضل العطاءات بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويجوز لها أيضاً في ذات الجلسة رد التأمينات الابتدائية - المؤداة من المزايدين الذين لم يرس عليهم المزاد - أما إذا لم يتقدم أحد للتزايد أو لم تصل نتيجة المزايدة إلى الثمن الأساسي فيؤجل البيع مع تخفيض التقدير السابق لهذا الثمن بنسبة لا تجاوز 10%.
ومن حيث إن اللجنة التي أجرت المزايدة الأولى في 12 من أغسطس سنة 1964 قد أثبتت في محضرها أن المزاد قد انتهى وأن أعلى سعر كان هو المقدم من المدعي بمبلغ 6020 جنيهاً والثابت من الأوراق أنه قد أكمل التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عرضه وأن اللجنة قد قامت فعلاً وفي ذات الجلسة برد التأمينات الابتدائية المقدمة من باقي المزايدين - وما قامت به اللجنة على هذا الوجه وفقاً لأحكام اللائحة المشار إليها ينطوي في الواقع على البت في نتيجة المزايدة بتعيين صاحب العطاء الأفضل الذي يبرم معه العقد واستبعاد باقي المتقدمين للمزايدة وتحلل كل منهم من التزامه بالعطاء الذي تقدم به ورد تأمينه المؤقت إليه.
ومن حيث إن عدم اعتماد نتيجة مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 وإعادة المزايدة في 2 من سبتمبر سنة 1964 ينطوي في الواقع على إلغاء المزايدة الأولى وهو ما ذهب إليه بحق الحكم المطعون فيه في أسبابه. بل وما ذهب إليه أيضاً مجلس المدينة في مذكرته في هذا الطعن أما أسباب الإلغاء فتتحصل حسبما هو مستفاد من الأوراق في مراعاة المصلحة المالية للمجلس وما يعود عليه من التعاقد مع من يتقدم بعطاء يزيد على عطاء المدعي.
ومن حيث إن القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات ينص في المادة السادسة منه على أنه (مع مراعاة المادة السابقة لا يجوز بعد البت في طلبات الاستبعاد إرساء المناقصة إلا على صاحب أقل عطاء..) كما ينص في المادة السابعة منه على أن (تلغى المناقصات بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها وقبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً أما في غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة إلغاء المناقصة في إحدى الحالات الآتية: (1) إذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد (2) إذا اقترنت العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات (3) إذا كانت قيمة العطاء الأقل تزيد على القيمة السوقية - ويكون الإلغاء في هذه الحالات بقرار من رئيس المصلحة بناء على رأي لجنة البت في العطاءات وهذه الأحكام تسري وفقاً لما تقضي به المادة 11 من القانون على مزادات بيع الأصناف والمهمات التي يتقرر التصرف فيها وعلى مقاولات الأعمال والنقل - ووفقاً لها يتعين على الجهة الإدارية المختصة إذا رأت إبرام العقد أن تتعاقد مع صاحب العطاء الأفضل الذي عينته اللجنة المختصة بالبت في المزايدة ولا تملك أن تستبدل به غيره حتى ولو كان منصوصاً في شروط المزايدة على أن لها الحق في قبول أو رفض أي عطاء دون إبداء الأسباب لمخالفة هذا الشرط لأحكام القانون ولائحة المناقصات والمزايدات وما تضمنته من قواعد قصد بها تحقيق المساواة بين جميع المزايدين - على أنه يجوز إلغاء المزايدة متى قامت إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون.
ومن حيث إنه ليس في الأوراق ما يفيد أنه قد توافرت في المزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام المادة السابعة سالفة الذكر بل إن إلغاءها كان يقصد إعادة المزايدة توصلاً إلى الحصول على ثمن أعلى من الثمن الذي حدده المدعي في عطائه- أما ما ذهب إليه مجلس المدينة وسايره فيه الحكم المطعون فيه من أن عطاء المدعي كان يقل عن القيمة السوقية فمردود بأنه قبل الإعلان عن المزايدة تم تقدير الثمن الأساسي لأنقاض المدرسة بمعرفة لجنة فنية انتهت إلى تحديد هذا الثمن بمبلغ 5500 جنيه وبدهي أنه قد روعي في هذا التحديد الأثمان السائدة في السوق وإذ كان عطاء المدعي يزيد على هذا الثمن بمبلغ 520 جنيهاً فإنه لا يقبل من مجلس المدينة الادعاء بأن العطاء المذكور يقل عن القيمة السوقية وفضلاً عن ذلك فإن اللجنة التي انعقدت في 23 من أغسطس سنة 1964 ورأت إعادة المزايدة لم تستند فيما انتهت إليه في هذا الشأن إلى قلة الثمن الذي عرضه المدعي عن القيمة السوقية بل إلى أنه قد قدمت عروض بعد انتهاء مزايدة 12 من أغسطس سنة 1964 تزيد على أعلى العروض المقدمة فيها.
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ لم تقم بالمزايدة التي أجريت في 12 من أغسطس سنة 1964 إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها وفقاً لأحكام المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 فإنه ما كان يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيداً لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى - بل كان يتعين وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحة المناقصات والمزايدات اعتماد إرسائها على المدعي ما دام أنه قد تقدم بأفضل العطاءات وقام بالتزامه بإكمال التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ويكون القرار الصادر بإعادة المزايدة وما ترتب عليه من إجراءات انتهت بإرسائها على غير المدعي- مخالفاً للقانون - ولا شك في أن هذا القرار غير المشروع قد ألحق ضرراً بالمدعي يتمثل فيما تكبده من نفقات للاشتراك في المزايدة وما اقتضاه ذلك من قيامه بإيداع تأمين قدره 1204 جنيهاً، وفيما فاته من فرصة الحصول على الربح الذي كان يأمل في تحقيقه فيما لو تم التعاقد معه والذي قام الدليل على رجحانه برسو المزايدة على غيره بثمن يزيد على قيمة عطائه - وتقدر المحكمة التعويض المستحق له بمبلغ ثلاثمائة جنيه.
ومن حيث إن المدعي قد طلب في مذكرته المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري الحكم بالتعويض وبفوائده بسعر 4% من تاريخ الحكم حتى السداد. وإذ أصبح هذا التعويض معلوم المقدار على وجه اليقين من تاريخ هذا الحكم فإنه يتعين إجابة المدعي إلى طلب الحكم بالفوائد من التاريخ المذكور.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب بقضائه برفض الدعوى فإنه يتعين إلغاؤه والقضاء بإلزام مجلس مدينة المنيا بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ثلاثمائة جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً عن تاريخ هذا الحكم حتى تمام السداد مع إلزامه بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام مجلس مدينة المنيا بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ثلاثمائة جنيه مصري والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ هذا الحكم وألزمته بالمصروفات المناسبة.