الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 أبريل 2022

الطعن 396 لسنة 29 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 179 ص 1237

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(179)
الطعن رقم 396 لسنة 29 القضائية

(أ) حكم. عيوب التدليل. الفساد في الاستدلال. ما يعد كذلك. دين.
النص في عقد الشركة على أن الديون التي يتحملها أحد الشركاء في نهاية مدة الشركة هي الديون التي على الشركة. عدم انصرافه إلى الديون التي للشركة في ذمة الغير. تقرير الحكم المطعون فيه بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا أن يتحمل هذا الشريك الديون بنوعيها. تقرير محمول على مجرد احتمال لا يصلح لإقامة تفسير عليه، فضلاً عن أن هذا الاحتمال تنفيه عبارة النص الواضحة المعنى والصريحة في الدلالة على قصد المتعاقدين منها. فساد الاستدلال.
(ب) دين. الديون المعدومة. شركة. ميزانية الشركة. ضرائب. الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. وعاء الضريبة.
الديون المعدومة. اعتبارها بمثابة خسارة على المنشأة. وجوب خصمها من حساب الأرباح والخسائر في ميزانية السنة التي يتحقق فيها انعدامها. وجوب تمثيل الميزانية للمركز الحقيقي للمنشأة.
(جـ) دين. الديون المعدومة. محكمة الموضوع. حكم. عيوب التدليل. الفساد في الاستدلال. ما يعد كذلك.
اعتبار الدين معدوماً من عدمه مسألة موضوعية. لمحكمة النقض التدخل في حالة مخالفة الأسباب التي اعتمد عليها القاضي للقانون أولاً يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. يكون الدين معدوماً إذا فقد الأمل في تحصيله. من الأسباب التي تجعل الدين محقق الانعدام وفاة المدين دون تركة أو إفلاسه مع عدم وجود مال أو انقضاء الدين بالتقادم أو هلاك أموال المدين المكونة للضمان العام للدائنين. تقرير الحكم تعذر التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة لاحتمال أن تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر. تقرير محمول على مجرد افتراض احتمالي لا يجوز بناء حكم عليه فضلاً عن أن هذا الاحتمال منتف في الأحوال المذكورة.
(د) فوائد. الفوائد القانونية. بدء سريانها.
بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها من تاريخ طلبها هي لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي.
(هـ) وكالة. التزامات الوكيل. استخدام الوكيل أموال موكله. فوائد.
الحكم على الوكيل بفوائد المبالغ التي استخدمها من وقت استخدامها يقتضي ثبوت كون هذه المبالغ في يده وأنه استخدمها لصالح نفسه والوقت الذي استخدمها فيه حتى يكون هذا الوقت بدءاً لسريان الفوائد.

--------------------
1 - متى كانت عبارة عقد الشركة صريحة في أن الديون التي التزم أحد الشركاء أن يتحملها في نهاية مدة الشركة هي الديون التي على الشركة وقد عبر عنها بالفرنسية بلفظ Le passif وهذا اللفظ لا يمكن أن ينصرف إلى الديون التي للشركة في ذمة الغير لأنها تعتبر من الذمم التي لا تندرج ضمن الأصول Ľaetif فإن تقرير الحكم المطعون فيه بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا من هذا النص أن يتحمل هذا الشريك الديون بنوعيها هو تقرير علاوة على أنه محمول على مجرد احتمال لا يصلح لإقامة تفسير عليه فإن هذا الاحتمال ينفيه نفياً باتاً عبارة النص الواضحة المعنى والصريحة في الدلالة على قصد المتعاقدين منها، مما يعيب الحكم بفساد الاستدلال.
2 - تقضى أصول علم المحاسبة بأن الديون المعدومة وهي التي فقد الأمل في تحصيلها تعتبر بمثابة خسارة على المنشأة يجب خصمها من حساب الأرباح والخسائر في ميزانية السنة التي يتحقق فيها انعدامها لأن الميزانية يجب أن تمثل المركز الحقيقي للمنشأة مما يقتضي ألا تظهر الديون التي لها في الأصول إلا بقيمتها الفعلية.
3 - الحكم على الدين بأنه معدوم أو غير معدوم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها القاضي في حكمه تنطوي على مخالفة للقانون أو لا يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. فإذا كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه في نفي صفة الانعدام عن الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة هو القول بأنه من العسير وضع ضابط أو مقياس للتفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة فإن ذلك ينطوي على مخالفة للقانون، لأن هذه التفرقة واجبة على ما أجمع عليه الفقه والقضاء وهي ليست كما قال الحكم متعذرة أو عسيرة لأن هناك من الأسباب ما يجعل الدين محقق الانعدام كوفاة المدين دون أن يترك تركة يمكن الرجوع عليها بالدين أو إفلاسه مع عدم وجود مال له يكفي لسداد الدين أو انقضاء الدين بالتقادم أو هلاك أموال المدين المكونة للضمان العام للدائنين. ففي هذه الأحوال وأمثالها التي يفقد فيها الأمل في تحصيل الدين يعتبر هذا الدين معدوماً. أما ما قرره الحكم تبريراً لرأيه في تعذر إجراء التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة من أنه قد تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر فإنه تقرير محمول على مجرد افتراض احتمالي لا يجوز بناء حكم عليه، هذا إلى أن الاحتمال افترض الحكم حدوثه منتف في الأحوال المتقدم ذكرها والتي سلم الحكم بتوافر أولاها في الدعوى.
4 - بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها إنما يكون من تاريخ طلبها هي لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي.
5 - الحكم على الوكيل - طبقاً للمادة 706 من القانون المدني القائم و526 من القانون الملغي - بفوائد المبالغ التي استخدمها من وقت استخدامها يقتضي ثبوت أن هذه المبالغ كانت في يد الوكيل وأنه استخدمها لصالح نفسه وإثبات الوقت الذي استخدمها فيه حتى يكون هذا الوقت مبدءاً لسريان الفوائد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بعقد تاريخه 14/ 4/ 1937 تكونت بين الطاعن وأخيه مورث المطعون ضدهم شركة تضامن الغرض منها الإتجار في الآلات الزراعية والميكانيكية ونص في العقد على أن مدة الشركة ست سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1936 وتنتهي في أول يوليه سنة 1942 وغير قابلة للتجديد وأن إدارة الشركة وحق التوقيع عنها للشريكين مجتمعين وأن صافي الأرباح التي تظهر في الميزانية التي تعمل في نهاية كل سنة يوزع على الشريكين بنسبة 75% للطاعن، 25% لمورث المطعون ضدهم كما تضمن البند السادس عشر أنه في نهاية مدة الست سنوات المحددة للشركة تنقضي الشركة بحكم القانون ومن تلقاء نفسها وتصبح جميع خصومها وأصولها واسمها التجاري وحق التوقيع عنها ملكاً خالصاً للطاعن وحده الذي يتحمل جميع الديون التي على الشركة ويلتزم بأن يدفع إلى شريكه مورث المطعون ضدهم نصيبه في أصول الشركة في يوم حلها بحسب ما تسفر عنه الميزانية التي تعمل بحضور الطرفين المتعاقدين - وقبيل انتهاء مدة الشركة دب الخلاف بين الشريكين - فأقام مورث المطعون ضدهم بتاريخ 22 من يونيه سنة 1942 الدعوى رقم 42 لسنة 1942 كلي الإسكندرية ضد الطاعن طالباً إلزامه بتقديم حساب مؤيد بالمستندات عن أعمال الشركة في السنوات الأربع الأخيرة أي من يوليه سنة 1938 حتى آخر يونيه سنة 1942 وتعيين خبير لفحص هذا الحساب والحكم على الطاعن بنتيجة هذا الفحص - وأسس دعواه هذه على أن الطاعن انفرد في تلك السنوات بإدارة الشركة ولم يقدم له حساباً عن أعمالها وبعد أن قدم الطاعن الدفاتر والمستندات قضت المحكمة بندب خبير للاطلاع عليها وفحص حسابات الشركة في سنوات النزاع وبيان ما يظهر من فحص الحساب لأي من الطرفين قبل الآخر، وأثناء سير هذه الدعوى أقام مورث المطعون ضدهم دعوى أخرى ضد الطاعن أمام محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة طلب فيها تعيين خبير لإثبات حالة الشركة وجرد البضائع الموجودة بها وتقدير قيمتها وقضت المحكمة المذكورة في 16 يوليه سنة 1942 بتعيين خبير لأداء هذه المأمورية وبعد أن قدم تقريره رفع مورث المطعون ضدهم على الطاعن الدعوى رقم 67 سنة 1943 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طلب فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ مائة ألف جنيه قيمة حصته في موجودات الشركة وبعد أن ندبت تلك المحكمة الخبير السابق ندبه في دعوى إثبات الحالة لاستيفاء بعض أمور كلفته باستيفائها وقدم هذا الخبير تقريره عدل مورث المطعون ضدهم طلباته في دعواه هذه وقصرها على مبلغ 24659 جنيهاً و904 مليم معتمداً في تقدير حصته في الموجودات بهذا المبلغ على تقرير هذا الخبير ثم أضاف طلب الحكم بالفوائد من تاريخ المطالبة الحاصلة في 29 يوليه سنة 1943 حتى السداد. وفي 14 يونيه سنة 1947 قضت المحكمة في تلك الدعوى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى مورث المطعون ضدهم مبلغ 24632 جنيهاً و988 مليماً والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 29/ 7/ 1934 لغاية الوفاء فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 108 سنة 3 ق تجاري وفي 24/ 4/ 1951 حكمت المحكمة المذكورة بتعديل المبلغ المحكوم به ابتدائياً إلى 23899 ج و42 م مع الفوائد المقضي بها وقد أخذ الحكمان الابتدائي والاستئنافي بما رآه الخبير من تقدير قيمة الموجودات بحسب سعرها في السوق وقت انقضاء الشركة - وقد طعن الطاعن في الحكم الاستئنافي المذكور بطريق النقض وقيد طعنه برقم 363 سنة 21 ق وبتاريخ 24 من يونيه سنة 1954 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني من أسباب الطعن وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية للحكم فيها مجدداً وبنى نقض الحكم على أنه إذ فسر البند السادس عشر من عقد الشركة بأنه يؤدى إلى استحقاق مورث المطعون ضدهم في نهاية مدة الشركة لنصيبه في الموجودات بحسب أسعارها المتداولة في السوق قد خالف المعنى الظاهر لهذا البند لآن مفاد عبارته أن تجرى تصفية نصيب المطعون عليه في الموجودات بحسب قيمتها الدفترية وليس بحسب سعرها في السوق وقت انقضاء الشركة وقالت محكمة النقض في حكمها هذا رداً على النعي الذي كان وارداً على قضاء الحكم المطعون فيه في خصوص تحديد مبدأ سريان الفوائد عن المبلغ المحكوم به وسعرها أنه وإن كان هذا النعي أصبح بحثه غير منتج بعد نقض ذلك الحكم إلا أنه لا يفوتها أن تنبه إلى أن بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها هو من تاريخ طلبها لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي وأن سعر الفائدة القانونية في المواد التجارية أصبح 5% منذ العمل بالقانون المدني الجديد في 15/ 10/ 1949 - وإذ كان حكم النقض المشار إليه قد صدر قبل أن ينتهي الخبير المعين في دعوى الحساب رقم 42 لسنة 1942 من مأموريته فقد بادر الطاعن بتقديم صوره ذلك الحكم إليه ليسير في بحثه على هداه وبتاريخ 18/ 12/ 1954 أودع هذا الخبير تقريره في تلك الدعوى، وفي 15/ 4/ 1956 حكمت المحكمة الابتدائية فيها بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم - الذين حلوا في الدعوى محل مورثهم وفاته - مبلغ 2223 ج و41 م والفوائد بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/ 6/ 1942 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 5% من 15/ 10/ 1949 حتى السداد فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 287 سنة 12 ق تجاري طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى كما رفع المطعون ضدهم استئنافا فرعياً عن ذات الحكم قيد برقم 410 سنة 12 ق طلبوا فيه تعديل الحكم المستأنف ورفع المبلغ المقضي لهم به إلى 7790 ج و105 م مع الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية ولما كان الاستئناف رقم 108 سنة 3 ق تجاري الذي نقض الحكم الصادر فيه قد عجله رافعه بعد الإحالة فقد ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة إلى بعضها وحكمت فيها بتاريخ 14/ 5/ 1959 على الوجه الآتي... أولاً - في الاستئناف رقم 108 سنة 3 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدهم. ثانياً - في الاستئناف رقم 287 سنة 12 ق (المرفوع من الطاعن) برفضه وإلزام رافعه بمصروفاته. ثالثاً - في الاستئناف رقم 410 سنة 12 ق (المرفوع من المطعون ضدهم) بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده (الطاعن) بأن يؤدي للمستأنفين مبلغ 4291 ج و903 م وفوائده بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 يونيه سنة 1942 حتى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 5% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى السداد والمصروفات المناسبة لمبلغ 7790 ج و105 م وكذا المصروفات المناسبة للفوائد المقضي بها وذلك عن الدرجتين مع المقاصة في أتعاب المحاماة في جميع الاستئنافات وبتاريخ 11 من يونيه سنة 1959 طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وقصر طعنه على قضاء الحكم في الاستئنافين رقمي 287 و410 سنة 12 ق وطلب نقضه فيما قضى به في هذين الاستئنافين والقضاء في موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم رقم 42 سنة 1942 كلي الإسكندرية واحتياطياً إعادة الاستئنافين المذكورين إلى محكمة الاستئناف للفصل فيهما من جديد وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19/ 3/ 1963 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي أبدته في مذكرتها والمتضمن نقض الحكم في خصوص السبب الثاني وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفساد الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الدرجة الأولى أخذت في حكمها بما رآه خبير الدعوى - من تقسيم الديون المستحقة للشركة قبل الغير والتي وصفت في الدفاتر بأنها معدومة إلى قسمين يشمل أولهما الديون التي ثبت للمحكمة أنها معدومة فعلاً وهذه يتحمل المطعون عليهم بحصة مورثهم فيها والقسم الآخر يشمل الديون المشكوك في تحصيلها يتحملها الطاعن وحده ودللت تلك المحكمة على نظرها هذا بالمراجع القانونية التي أشارت إليها في حكمها - لكن محكمة الاستئناف خالفت هذا النظر وقضت بتحميل الطاعن بجميع تلك الديون بما فيها ما ثبت أنه معدوم فعلاً وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على قولها: أولاً - بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا من عبارة البند السادس عشر من عقد الشركة الديون التي للشركة والتي عليها بحيث يلزم الطاعن بها جميعها. ثانياً - أن خبير الدعوى لم يكن محقاً في استبعاد بعض الديون على اعتبار أنها معدومة لما تبين من أن الطاعن قد تعجل الحكم على انعدام ديون ثبت من فحصها أنها قابلة للمطالبة بها وتحصيلها. ثالثاً - أنه من العسير وضع ضابط للتفرقة بين المعدوم من الديون وغيره - ويرى الطاعن أن هذا التدليل من الحكم يجعله غير مسبب في هذا الخصوص من جهة ومخالفاً لنص العقد ومبادئ القانون من جهة أخرى ذلك أن أسلوب الحكم في تفسير البند السادس عشر الذي كان تفسيره محل خلاف بين الطرفين يدل على أنه لم يفصل في هذا الخلاف وإنما أقام قضاءه في شأنه على مجرد افتراض جوازي قد يصدق وقد لا يصدق وأنه إذا كان مقصود الحكم أن نص البند المذكور يلزم الطاعن وحده دون شريكه بجميع الديون التي للشركة قبل الغير فإن الحكم يكون بذلك قد مسخ النص وحمله ما لا يحتمل إذ هو صريح في أنه خاص بالديون التي على الشركة فهذه وحدها التي يتحملها الطاعن وهذا هو المعنى الذي فهمته محكمة النقض في حكمها الصادر في 24 يونيه سنة 1954 في دعوى المطالبة بقيمة الموجودات. كذلك فإن ما قاله الحكم المطعون فيه بصدد الديون المعدومة مخالف لما هو مقرر فقهاً وقضاء في خصوصها وقد أورد الحكم الابتدائي المراجع القانونية المؤيدة لرأيه ولم يلتفت إليها الحكم المطعون فيه أو يناقشها ثم إن ما انتهى إليه الحكم من بحثه في طبيعة الديون من أن بعضها قابل للمطالبة به ويمكن تحصيله - لا يصلح سبباً لاعتبارها جميعها كذلك وإنما يصلح سبباً للتفرقة بين ما ثبت انعدامه منها وما لم يثبت وهذه التفرقة قال بها الفقه والقضاء وأراد الحكم الخروج عليها فأعوزته الأسباب - أما ما قرره الحكم من أنه يتعذر وضع ضابط للتمييز بين النوعين لأنه قد تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر فإنه تقرير محمول على مجرد افتراض احتمالي لا يصلح لبناء حكم عليه وإذ كان قد ثبت لدى الحكم أنه من بين الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة ما أمكن تحصيله فإن ذلك كان يقتضي أن يقتصر الحكم على هذا البعض دون غيره، لا أن يعمم ويسوى بين ما اتضح أنه غير معدوم وبين ما ثبت أنه معدوم فعلاً هذا إلى أن حديث الحكم عن هذا البعض الذي أمكن تحصيله فيه غموض وقصور إذ لم يبين الحكم الديون التي يعينها حتى يستطيع المطلع عليه أن يقتنع بما ورد فيه من أسباب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الأوراق أن المحكمة الابتدائية رأت أن من حق الطاعن أن يحمل حساب الأرباح والخسائر سنوياً بالديون التي ثبت انعدامها وفقد الأمل في تحصيلها وأن يدرج هذه الديون في ميزانية السنة التي أصبحت فيها تلك الديون معدومة فعلاً، وأن نص البند السادس عشر من عقد الشركة الذي قال عنه المطعون ضدهم ومورثهم بأنه يحمل الطاعن في نهاية مدة الشركة بجميع ما للشركة من ديون وما عليها منها لا يسمح بهذا التفسير إذ هو يقضي بأن ما يتحمله الطاعن إنما هي الديون التي على الشركة دون الديون التي لها في ذمة الغير وانتهى الحكم الابتدائي إلى الآخذ بما رآه الخبير من التفرقة بين الديون التي ثبت انعدامها بسبب استحالة تحصيلها وهذه قرر بعدم أحقية المطعون ضدهم في أخذ نصيب مورثهم فيها والديون التي لم يثبت انعدامها ويرجى تحصيلها وقد قدرها الخبير بمبلغ 5579 ج و209 م وهذه استبعدها الحكم الابتدائي من مجموع الديون المدرجة في الدفاتر على أنها معدومة والبالغ قدرها 13854 ج و659 م وقضى للمطعون ضدهم بحصة مورثهم فيها بحق الربع ولما استأنف المطعون ضدهم الحكم الابتدائي واعترضوا في استئنافهم رقم 410 سنة 12 ق على رفض ذلك الحكم القضاء لم بنصيب مورثهم في باقي تلك الديون وقدره 82750 ج و450 م بحجة أنه معدوم أخذت محكمة الاستئناف بهذا الاعتراض وقضت للمطعون ضدهم بربع هذا المبلغ بالإضافة إلى ما قضى لهم به ابتدائياً وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما يأتي "وحيث إنه وإن كانت عبارة البند السادس عشر من العقد بصدد تحميل المستأنف ضده (الطاعن) الديون تنصرف إلى الديون التي على الشركة وليست التي للشركة إلا أنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا الديون بنوعيها - على أنه حتى مع القول بأن الغرض من هذا النص هو الديون التي على الشركة للغير دون النوع الآخر فإنه واضح من ذلك البيان المسطر في تقرير الخبير الاستشاري وفي مذكرة المستأنفين عن الديون التي حصلت أو أصبحت محتملة السداد ومقارنتها بما ورد في تقرير خبير الدعوى أن هذا الأخير لم يكن محقاً بعد تلك العبارة التي قدم بها نتيجة بحث الديون أن يفرق بين نوعيها - ديون قال عنها إنها معدومة ويحق له إعدامها وهذه تخصم من الأرباح وأخرى وصفها بأنها لم يثبت انعدامها ولذلك لا يجوز خصمها - لم يكن محقاً في ذلك خصوصاً بعد أن تيقن من بحث الديون جميعها أن المستأنف ضده قد تعجل الحكم على انعدام ديون ثبت من فحصها وتعقب إجراءاتها أنها لا زالت قابلة للمطالبة بها وتحصيلها. ويتضح من كل ذلك أنه من العسير وضع ضابط أو مقياس لهذه التفرقة كما أنه من غير الميسور التحقق من انعدام هذه الديون التي وصفها الخبير بذلك متعللاً بسوء حالة بعض المدينين أو عدم اهتمامهم بما اتخذ ضدهم من إجراءات قانونية أو وفاة بعض هؤلاء المدينين دون أن يتركوا أموالاً يمكن الرجوع عليها ذلك أنه من كان في حالة عسر وقت بحث حالته أو أثناء المطالبة قد تطرأ عليه ظروف مالية تنقله من العسر إلى اليسر فيقوى على سداد دينه. ويؤكد هذا النظر أو يوضحه ما كشفه المستأنفون من ديون أمكن تحصيلها رغم سبق اتصافها بالانعدام كما قال الخبير - وحيث إنه متى ثبت ذلك بصدد هذه الديون فإن المستأنفين على حق فيما قالوه من إنه ليس من حق المستأنف ضده أن يخصم أي دين من الأرباح أو يجنب أي احتياطي لديون قد تصبح معدومة" ولما كانت عبارة البند السادس عشر من عقد الشركة المحرر باللغة الفرنسية صريحة في أن الديون التي التزم الطاعن بأن يتحملها في نهاية مدة الشركة هي الديون التي على الشركة وقد عبر عنها بالفرنسية بلفظ le passif وهذا اللفظ لا يمكن أن ينصرف إلى الديون التي للشركة في ذمة الغير لأنها تعتبر من الذمم التي تندرج ضمن الأصول .Ľactif ومن ثم يكون تقرير الحكم المطعون فيه بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا من هذا النص أن يتحمل الطاعن الديون بنوعيها هو تقرير علاوة على أنه محمول على مجرد احتمال لا يصلح لإقامة تفسير عليه فإن هذه الاحتمال ينفيه نفياً باتاً عبارة النص الواضحة المعنى والصريحة في الدلالة على قصد المتعاقدين منها - لما كان ذلك، وكانت أصول علم المحاسبة تقضى بأن الديون المعدومة وهي التي فقد الأمل في تحصيلها تعتبر بمثابة خسارة على المنشأة يجب خصمها من حساب الأرباح والخسائر في ميزانية السنة التي يتحقق فيها انعدامها لأن الميزانية يجب أن تمثل المركز الحقيقي للمنشأة مما يقتضى ألا تظهر الديون التي لها في الأصول إلا بقيمتها الفعلية. وإذا كان الحكم على الدين بأنه معدوم أو غير معدوم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها القاضي في حكمة تنطوي على مخالفة للقانون أولا يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها - ولما كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه في نفي صفة الانعدام عن الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة من القول بأنه من العسير وضع ضابط أو مقياس للتفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة ينطوي على مخالفة للقانون لأن هذه التفرقة واجبة على ما أجمع عليه الفقه والقضاء وهي ليست كما قال الحكم متعذرة أو عسيرة لأن هناك من الأسباب ما يجعل الدين محقق الانعدام كوفاة المدين دون أن يترك تركة يمكن الرجوع عليها بالدين أو إفلاسه مع عدم وجود مال له يكفي لسداد الدين أو انقضاء الدين بالتقادم أو هلاك أموال المدين المكونة للضمان العام للدائنين ففي هذه الأحوال وأمثالها التي يفقد فيها الأمل في تحصيل الدين يعتبر هذا الدين معدوماً. أما ما قرره الحكم تبريراً لرأيه في تعذر إجراء التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة من أنه قد تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر فإنه تقرير محمول هو أيضاً على مجرد افتراض احتمالي لا يجوز بناء حكم عليه، هذا إلى أن الاحتمال الذي افترض الحكم حدوثه منتف في الأحوال المتقدم ذكرها ومن بينها حالة المدين الذي توفى بغير تركة التي رفض الحكم المطعون فيه اعتبار الدين معدوماً فيها وإذا كان قد صح لدى الحكم أن الطاعن قد تعجل الحكم على انعدام بعض ديون ثبت من فحص الخبير لها أنها ما زالت قابلة للتحصيل أو صح لديه أن بعض الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة قد أمكن تحصيلها أو أنه يرجى تحصيلها فإن ذلك لا يصلح بمجرده سبباً لنفي صفة الانعدام عن باقي الديون وإنما يبرر استبعاد هذا البعض من عداد الديون المعدومة وكان على محكمة الاستئناف أن تبحث كل دين من الديون الأخرى على حدة وتتبين ما إذا كان الأمل قد فقد في تحصليه فتعتبره معدوماً أو لم يفقد فيكون غير معدوم وإذ هي حجبت نفسها عن هذا البحث، بما قالته من تعذر إجراء التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كان نقض الحكم لهذا السبب يجعل من غير المنتج بحث السبب الآخر المتضمن تعييب الحكم في خصوص تحديده لمبدأ سريان الفوائد عن المبلغ المقضي به للمطعون ضدهم إلا أن هذه المحكمة ترى التنبيه إلى ما سبق أن نبهت إليه في حكمها السابق الصادر في الطعن رقم 363 سنة 21 ق بين الخصوم أنفسهم في دعوى الموجودات من أن بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها إنما يكون من تاريخ طلبها هي لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي كما تنبه المحكمة إلى أن الحكم على الوكيل طبقاً للمادة 706 من القانون المدني القائم و526 من القانون الملغي - بفوائد المبالغ التي استخدمها من وقت استخدامها يقتضي ثبوت أن هذه المبالغ كانت في يد الوكيل وأنه استخدمها لصالح نفسه وإثبات الوقت الذي استخدمها فيه حتى يكون هذا الوقت مبدأ لسريان الفوائد.

الطعن 405 لسنة 21 ق جلسة 10 / 3 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 103 ص 796

جلسة 10 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.

-------------------

(103)
القضية رقم 405 سنة 21 القضائية

)أ ) تقادم مكسب. وقف.

له حق التمسك بالتقادم المكسب. دليل مشروعيته.
)ب) تقادم مكسب. وقف.

المدة اللازمة لكى يكتسب الوقف الملك بالتقادم. هى 15 سنة.
)ج) تقادم مكسب. وقف.

لا يمنع من اكتسابه الملك بالتقادم ما نص عليه القانون 48 لسنة 1946 من أن الوقف لا يصح إلا بإشهاد شرعي.
)د) تقادم مكسب. وقف.

حق الوقف في ضم مدة السلف إلى مدة وضع يده.
)هـ) تقادم مكسب. وقف. حكم. قوة الأمر المقضي.

الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يحوز قوة الأمر المقضي قبل الوقف.
(و) تقادم مكسب.

القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة. استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده. غير لازم.

-------------------
1 - يجوز للوقف أن يتمسك بالتقادم المكسب شأنه في ذلك شأن الأفراد، ذلك أن الحكمة التي أقيم عليها هذا التقادم في القانون المدني هي أن الملك وإن كان لا يزول عن صاحبه بعدم وضع يده عليه مهما طال الترك إلا أن وضع اليد المستوفى للشروط القانونية يعتبر قرينة على شرعية الملك، وهى قرينة قانونية بسيطة يصح دحضها ولكن إذا تطاول عليها الزمن المدة التي حددها القانون ارتفعت إلى مصاف القرائن القاطعة التي لا تقبل نقضا.
2 - المدة اللازمة لكى يكتسب الوقف الملك بالتقادم هي خمس عشرة سنة أما مدة الثلاث وثلاثين سنة فهي التي تلزم للتمسك قبل الوقف باكتساب ملكيته بالتقادم.
3 - لا يمنع الوقف من التمسك بالتقادم المكسب ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه بعد التاريخ العمل به لا يصح الوقف إلا بإشهاد ذلك أنه ليس ثمة ما يمنع الوقف بعد قيامه من الانتفاع بقرينة التقادم القاطعة التي تعفيه من تقديم سند ملكيته.
4 - للوقف أن يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه.
5 - الحكم الصادر قبل ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليه.
6 - القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يحتاج إلى استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه يبين من التوكيل المقدم من وكيل المطعون عليهما أن عبارته مقصورة على التصريح له بالتقرير بالنقض في قضايا الجنح والمخالفات، ولذا فإنه لا يخوله الحضور عن المطعون عليهما أمام محكمة النقض في القضايا المدنية ومن ثم يتعين استبعاد المذكرة وحافظة المستندات المقدمة من وكيلهما ردا على مذكرة الطاعنين.
وحيث إن وقائع الدعوى كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهما بصفتهما ناظري وقف المرحومة مصطفية تاوضروس غبريال أقاما الدعوى رقم 432 لسنة 1944 أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنين وطلبا في صحيفتها المعلنة في 17 و24 من يونيه سنة 1944 تثبيت ملكيتهما بصفتهما إلى فدانين و4 قراريط و10 أسهم مملوكة للوقف المشمول بنظارتهما وواقعة بالقطعة رقم 5 بحوض المرج بزمام طوخ الخيل مركز ومديرية المنيا ومحدودة من الجهة الغربية بوقف رائف باشا ومن الجهات الثلاث الأخرى بأطيان ملك ورثة حنا يعقوب (الطاعنين) وكف المنازعة والتسليم وإلغاء محضر التسليم المؤرخ في 18 من مايو سنة 1944 الوارد على هذا المقدار والحاصل بناء على طلب الطاعنين نفاذا للحكم الصادر لهم في 2 من سبتمبر سنة 1937 في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا - واستند المطعون عليهما في دعواهما إلى إشهاد الوقف الصادر في 13 من نوفمبر سنة 1919 من محكمة المنيا الجزئية الشرعية وإلى عقد فك الرهن الحيازي المؤرخ 15 من ديسمبر سنة 1926 ومسجل في 25 من أكتوبر سنة 1929 والصادر من الدائن المرتهن المرحوم اسحق بك برسوم وإلى الكشوف الرسمية قائلين إن المقدار موضوع النزاع داخل فيها. ودفع الطاعنون الدعوى بأن مورثهم حنا يعقوب اشترى هذا المقدار بعقد مسجل في 11 من نوفمبر سنة 1911 من الفونس كحيل الذي كان اشتراه بدوره من عزيز اسحق الذي تملكه بطريق الميراث عن والده المرحوم اسحق سعد وبعقد قسمة مع باقي الورثة مسجل في 20 من مارس سنة 1911 وأن هذا المقدار هو نصف القطعة رقم 5 التي اختص عزيز اسحق بالنصف الشرقي منها واختص أخوه يوسف اسحق بالنصف الغربي وأن يوسف اسحق باع هذا المقدار الذي اختص به في النصف الغربي من القطعة رقم 5 إلى والدته الواقعة ضمن أطيان أخرى فوقفته، وأنهم لا ينازعون الوقف في هذا المقدار الذي يقع في النصف الغربي في القطعة والذى آل إلى الواقفة من يوسف اسحق. فأصدرت المحكمة الابتدائية في 4 من يونيه سنة 1945 حكما بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان إن كان المقدار موضوع النزاع يدخل ضمن مستندات الطاعنين أو المطعون عليهما وهل يدخل أو لا يدخل في الحكم الصادر في الدعوى 265 لسنة 1929 كلى المنيا وتحقيق وضع اليد ومدته وتصرفات الطاعنين في المقدار موضوع النزاع إن ظهر أنه لا يدخل في مستنداتهم. وقد باشر الخبير مأموريته وانتهى في تقريره إلى أن النصف الغربي من القطعة رقم 5 يدخل ضمن ما ورد في كتاب الوقف وفى وضع يد الوقف ولا نزاع عليه. وإنما يدور النزاع حول النصف الشرقي من القطعة المذكورة وهو يدخل في مستندات الطاعنين وهى عقد شراء مورثهم وعقد القسمة الحاصل من ورثة اسحق والحكم الصادر لهم في الدعوى 265 لسنة 1929 كلى المنيا ومحضر التسليم المحرر في 18 من مايو ستة 1944 وأنه بتحقيق وضع اليد اتضح له أن القطعة كلها في وضع يد الوقف منذ أكثر من خمس عشرة سنة. فعدل المطعون عليهما طلباتهما بإعلان تاريخه 8 من ديسمبر سنة 1945 طالبين الحكم لهما بصفتهما إلى القطعة رقم 5 بكاملها ومساحتها 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما واستند إلى وضع اليد في 13 من نوفمبر سنة 1911 بدون انقطاع - وفى 7 من يناير سنة 1946 قضت المحكمة الابتدائية بثبوت ملكية الوقف إلى فدانين و4 قراريط و10 أسهم وهي النصف الغربي من القطعة رقم 5 والتي ليس عليها نزاع وبرفض الدعوى بالنسبة للباقي، وأسست قضاءها على أن المطعون عليهما إذ أقاما دعواهما لم يطلبا الحكم لهما إلا بمقدار فدانين و4 قراريط و10 أسهم الداخلة في كتاب الوقف المشمول بنظارتهما وأن باقي القطعة ومقداره فدانان و4 قراريط و10 أسهم بيع لمورث الطاعنين من الفونس كحيل المشترى من عزيز إسحق وأن المطعون عليهما اعترفا صراحة في صحيفة الدعوى بأن المقدار الذي يملكه الطاعنون تصرفوا فيه بالبيع وأن المشترين وضعوا يدهم على ما اشتروه لا ينازعهم فيه أحد، وأنه لما تبين لخبير الدعوى أن المقدار الداخل في عقد الطاعنين تحت يد الوقف دون هؤلاء المشترين، عدل المطعون عليهما طلباتهما إلى كامل القطعة رقم 5 وتناسيا كل ما ذكراه في صحيفتها وذهب مذهبا جديدا في تأييد دعواهما إلى أن الوقف تملك هذا المقدار بمضي المدة، وقالت المحكمة إن النزاع تركز أخيرا في جواز تملك الوقف عينا بالتقادم، وأنها لا تأخذ بالري الذي يجيز ذلك، وأنه متى كان الأمر كذلك ولم ينازع الطاعنون المطعون عليهما في العين الواردة في كتاب الوقف وهي النصف الغربي من القطعة 5 المبينة بتقرير الخبير والذى يبدأ في وقف رائف باشا، فإنه يتعين رفض الدعوى بالنسبة لبقية طلبات المطعون عليهما مع إلزامهما بالمصروفات... وبصحيفة معلنة في 5 من مايو سنة 1946 استأنف المطعون عليهما هذا الحكم طالبين تعديله والقضاء لهما بتثبيت ملكيتهما بصفتهما إلى 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما المبينة بصحيفة تعديل طلباتهما أمام المحكمة الابتدائية فقضت محكمة استئناف القاهرة في أول مايو سنة 1950 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة وضع يد الوقف على الأطيان المتنازع عليها من تاريخ إنشائه في 13 من نوفمبر سنة 1919 ووضع يد الواقفة عليها بوصفه ملكا حرا من تاريخ شرائها إياه في سنة 1911 من يوسف اسحق ووضع يد هذا من سنة 1911 تاريخ عقد القسمة وبأن وضع اليد كان مؤسسا على الملكية وظاهرا ومستمرا ومتواصلا وهادئا وخاليا من النزاع وصرحت للمطعون عليهما بأن يستخرجا من دفاتر مصلحة المساحة صورا رسمية من الإقرارات المنوه عنها بالأسباب وبعد أن تم التحقيق بسماع شهود الطرفين، ولامتناع مصلحة المساحة عن إعطاء المطعون عليهما صورة رسمية من الإقرارات قررت المحكمة في 8 من يناير سنة 1951 الانتقال إلى مكتب المصلحة بالمنيا للاطلاع على ملف القطعة المتنازع عليها لمعرفة ما جاء به خاصا بوضع اليد. وبعد أن تنفذ هذا القرار قضت في 12 من يونيه سنة 1951 بتعديل الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهما بصفتهما إلى 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما المبينة بصحيفة تعديل الطلبات المعلنة في 8 من ديسمبر سنة 1945 وبالزام الطاعنين بجميع المصروفات الاستئنافية وبنصف المصروفات الابتدائية وبمبلغ 20 جنيها مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - فقرر الطاعنون الطعن بالنقض في هذا الحكم.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: أولها خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفى تأويله وتفسيره وثانيها قصور الحكم في التسبيب، وثالثها خطؤه في الإسناد.
وحيث إنه عن السبب الأول، فإن الطاعنين ينعون به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من خمسة أوجه: أولها إذ قرر أن الوقف يجوز له اكتساب الملك بالتقادم. وثانيها - إذ قرر أن المدة اللازمة ليتملك الوقف عينا حرة هى خمس عشرة سنة لا ثلاث وثلاثون. وثالثها - أنه عند احتساب مدة التقادم اللازمة على هذا الأساس أدخل فيها مددا لا يجوز ضمها قانونا وهى المدد السابقة على إنشاء الوقف في سنة 1919 التي كان وضع يد يوسف اسحق فيها على أرض النزاع ووضع يد والدته التي اشترت منه بصفتها الشخصية وبطريق الغصب بقصد التملك بالتقادم، بخلاف الوقف الذي لم تكن حيازته بقصد التملك بل بقصد كسب حق عيني آخر هو الوقف، فضلا عن مساس الحكم المطعون فيه ومخالفته للحكم الصادر في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا التي لم يزعم فيها يوسف اسحق ولا عزيز اسحق أنهما وضعا اليد على ارض النزاع، ولا أنها بيعت من يوسف اسحق لوالدته، ولا أنها وضعت اليد عليها، ولا زعما أن الأرض موقوفة أو أنها التحقت بالوقف وكسبت صفته عن طريق وضع اليد. ورابعها - أن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه بتملك أرض النزاع بالتقادم على حيازة معيبة بالخفاء وبالغموض، ذلك أن يوسف وعزيز لم يصرحا في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا سالف الذكر بحيازة الوقف أرض النزاع، وكتمانها ذلك أمام المحكمة يجعل حيازة الوقف خفية غير ظاهرة. كما أن الحكم المطعون فيه سلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف. كان يشوبه الغموض إذ قال "إن المدة الطويلة كانت قد انقضت قبل موت مصطفيه الواقفة في يونيه سنة 1929 وأنه قد ثبت من التحقيق أن وضع يدها كان مستوفيا الشروط القانونية وأنه لا محل إذن للقول بأن وضع يد يوسف كان يشوبه الغموض". وهذا تسليم من الحكم بأن وضع يد هذا الأخير شابه الغموض، وغاية ما هنالك أن هذا الغموض لا يؤثر على نتيجة الدعوى لأن وضع يد مصطفيه (ممثلة بيوسف) كان قد استوفى المدة قبل وفاتها وخامسها - أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات إذ قبل شهادة الشهود في إثبات عقد البدل الذي قيل بحصوله بين يوسف وأخيه عزيز مع أن قيمته تزيد عن العشرة جنيهات.
وحيث إن هذا السبب مردود في جميع وجوهه، بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن هذه الدعوى أقيمت من المطعون عليهما بتثبيت ملكية الوقف المشمول بنظرهما للأرض محل النزاع تأسيسا على ما ذكراه والذى انتهيا منه إلى وضع يد الوقف عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وذلك بناء على أن يوسف إسحق كان واضعا يده منذ حصلت القسمة في سنة 1912 على جميع القطعة رقم 5 بحوض المرج بالحدود الواردة بصحيفة الدعوى الابتدائية التي تتضمن أرض النزاع وكان وضع يده على خلاف ما جاء بكشوف التكليف والعقود والمستندات وأنه استمر واضعا يده عليها إلى أن باعها لوالدته مصطفية تاوضروس غبريال فخلفت البائع لها في وضع يده إلى أن وقفتها مع أطيان أخرى في سنة 1919، وأن وضع يد الوقف استمر على خلاف كشوف التكليف والعقود والمستندات إلى أن بدأ النزاع الحالي. وبعد أن أشار الحكم إلى تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة ومحضر أعماله وما ورد فيهما خاصا بوضع يد الوقف على أرض النزاع وإلى التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف في وضع اليد وإلى محضر الانتقال الذي أمرت به وذكر الحكم أنه استخلص من التحقيق أن يوسف اسحق بقى واضعا يده على أرض النزاع من سنة 1911 حتى باعها لوالدته مصطفية التي وقفتها وأنه استمر واضعا يده عليها بالنيابة عن والدته إلى أن تولاها منير يوسف اسحق الناظر الحالي حتى انتزعت منه بمقتضى محضر التسليم المؤرخ في 18 من مايو سنة 1944. قال الحكم المطعون فيه بعد ذلك إنه يستخلص من تقرير الخبير ومن نتيجة التحقيق ومن محضر الانتقال أن حنا يعقوب مورث الطاعنين اشترى من الفونس كحيل في سنة 1911 القطعة رقم 5 موضوع النزاع إلا أنه لم يضع يده عليها إطلاقا واستوفى ما اشترى في القطعة رقم 3 وأنه سواء كان ذلك تنفيذا للبدل الذي قرر المطعون عليهما حصوله بين الأخوين عزيز ويوسف اسحق أو أن مورث الطاعنين ارتضى هذا الوضع ونفذه وتخلى عن القطعة المتنازع عليها رقم 5 واستبدل بها القطعة رقم 3 ووضع يده عليها إلى أن توفى وخلفه ورثته المقيدون بتصرفه لأنهم لم يرثوا عنه تكليفا على الورقة وإنما ورثوا أرضا زراعية هى القطعة رقم 3 التي كانت في وضع يده وانتقلت اليهم وحازوها ولم ينازعهم أحد فيها وأن هذا البدل الذي ارتضاه المورث فعلا وأقروه هم قد تنفذ من طرفيه وباع يوسف اسحق القطعة رقم 5 برمتها وحددوها الأربعة الواردة في صحيفة الدعوى لوالدته مصطفية وهذه رهنتها إلى إسحق بك برسوم ثم وقفتها وأنها وضعت اليد عليها باعتبارها من ضمن الوقف ولم يعترض على ذلك حنا يعقوب ولا ورثته من بعده وأن هؤلاء الورثة باعوا بعد ذلك في سنة 1934 القطعة رقم 3 تمشيا مع وضع يدهم وسلموها للمشترين فحازوها ولم ينازعهم أحد فيها كما أنهم لم ينازعوا الوقف في القطعة رقم 5 رغما عن أنها هي التي وردت في عقود شرائهم تمشيا مع التكليف ولم يتمسك به الورثة إلا في سنة 1929 بعد أن هدم يوسف اسحق مباني العزبة وبدأت الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا وكان قد مضى على تصرف حنا يعقوب الدال على ارتضائه البدل زهاء 18 سنة استتبت فيها ملكيته ثم ورثته من بعده للقطعة رقم 3 وملكية الوقف للقطعة رقم 5 وأنه ثبت من التحقيق أن وضع يد الواقفة مصطفية كان مستوفيا الشروط القانونية وأنه كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك وأنها استكملت المدة الطويلة قبل وفاتها الحاصلة في سنة 1929... ثم انتهى الحكم إلى القول بأنه بان له من كل ما تقدم أن القطعة المتنازع عليها قد تملكها الوقف فعلا وأن الحكم المستأنف قد جانب الصواب فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لباقى المقدار المطلوب - وحاصل ما سبق ذكره أن الحكم المطعون فيه بنى في أساسه على أنه ثبت له من الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى والتي أشار إليها أن الوقف هو ومن تلقى الحق عنه، وضع اليد على أرض النزاع بصفته مالكا، وضع يد استوفى شرائطه القانونية منذ سنة 1911، وأنه مضى على وضع يده المدة الطويلة المكسبة للملك، وأنه يصح له بذلك أن يتحدى بالتقادم المكسب، وهذا الذي حصله الحكم من واقع الدعوى كاف وحده لإقامته. أما ما أورده غير ذلك فإنه من النوافل التي لا يجدى الطعن عليها كما سيبين فيما بعد - وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا خطأ فيه في القانون، ذلك أن الوقف يجوز له أن يتمسك بالتقادم المكسب شأنه في ذلك شأن الأفراد، وللوقف أيضا أن يتمسك بضم مدد أسلافه أي من تلقى الحق عنهم، ذلك أن الحكمة التي أقيم عليها التقادم المكسب في القانون المدني هي أن الملك وإن كان لا يزول عن صاحبه بعدم وضع يده عليه مهما طال الترك إلا أن وضع اليد المستوفى للشروط القانونية يعتبر قرينة على شرعية الملك وهى قرينة قانونية بسيطة يصح للغير دحضها. ولكن إذا تطاول عليها الزمن المدة التي حددها القانون وهى خمس عشرة سنة ارتفعت هذه القرينة إلى مصاف القرائن القاطعة وأصبحت لا تقبل نقضا. ومرجع ذلك أن استمرار واضع اليد يتصرف في العين تصرف الملاك بلا منازع وبشكل هادئ لا خفاء فيه ولا إبهام طوال هذه المدة التي رأى الشارع أنها كفيلة بتنبيه الغافل عن حقه، أن استمرار وضع اليد بهذه الشروط يدل على سبيل الجزم على أن واضع اليد إنما يستند في وضع يده إلى حق ثابت، فمن العبث بعد هذا اليقين أن يرهق واضع اليد إرهاقا قد يصل في بعض الأحيان إلى حد الاستحالة بأن يحتفظ بما لديه من أدلة على مصدر ملكيته وشرعية يده أمدا لا نهاية له، فلذا أعفاه الشارع من الاحتفاظ بسند ملكيته اكتفاء بهذه القرينة القاطعة. وفى هذا ما يدعم استقرار الأمور على ما قامت به من سبب شرعي ويرد دعاوى المبطلين الذين قد يثيرون النزاع حول شرعية حق واضع اليد. ومن ذلك يبين أن حكمة التقادم المكسب لا تقوم على تبرير الغصب، وإنما مبناها على عكس ذلك وهو دفع الغصب من المعتدين وهذه أيضا هى الحكمة التي من أجلها أجيز الدفع بعدم سماع الدعوى في الشريعة الإسلامية - وبناء على ما تقدم يكون لا محل للتفرقة بين الوقف والأفراد في الانتفاع بهذه القرينة القاطعة التي رتبها القانون لمصلحة واضع اليد المدة الطويلة من إعفائه من تقديم سند ملكيته الأصلي اكتفاء بوضع يده تلك المدة وهى خمس عشرة سنة لا ثلاث وثلاثون كما يذهب الطاعنون، لأن المدة الأخيرة هي التي تلزم لمن يريد التمسك قبل الوقف. ولا يغير من هذا النظر ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه من تاريخ العمل به لا يصح الوقف إلا بإشهاد، ذلك أنه ليس في القانون ما يمنع الوقف بعد قيامه من التمسك بالتقادم المكسب والانتفاع بالقرينة القاطعة التي تعفيه من تقديم سنده - وكذلك لم يخطئ الحكم المطعون فيه، إذ أجاب المطعون عليهما واحتسب للوقف المشمول بنظرها مدة وضع يد الواقفة قبل الوقف ومدة وضع يد البائع لها من قبلها ذلك أن للخلف أن يضيف إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه. والواقع الذي استظهره الحكم، أن التصرفات المتعاقبة وان كان ذكر في أوراقها أن المتصرف فيه هو نصف القطعة رقم 5 ونصف القطعة رقم 3 إلا أن المتصرف كان يسلم المتصرف له جميع القطعة رقم 5 ولا شئ في القطعة رقم 3 وأما الحكم رقم 265 كلى المنيا لسنة 1929 الصادر في 2 من سبتمبر سنة 1937 والذى لم ينفذه الطاعنون بالتسليم في القطعة رقم 5 إلا في 18 من مايو سنة 1944، فإن الثابت منه أن الوقف لم يكن ممثلا فيه، وأنه صدر ضد يوسف اسحق وأخيه عزيز بصفتهما الشخصية لا بصفتهما ناظرين على الوقف، ومن ثم فإنه لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليه، هذا فضلا عما هو ثابت به من أن الدعوى به لم ترفع إلا في 4 من يونيه سنة 1929 بعد أن كانت مدة التقادم المكسب قد تكاملت للوقف على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه - وأما ما ينعاه الطاعنون في الوجه الرابع من هذا السبب فمردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى للوقف المشمول بنظر المطعون عليهما بملكية الأرض موضوع النزاع، أقام قضاءه هذا على ما تبينه من التحقيقات من أن الوقف وضع اليد عليها المدة الطويلة بالشروط التي يتطلبها القانون مقررا أن وضع يده كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك. وهذا الذي أورده الحكم ينفى عن وضع يد الوقف عيب الخلفاء إذ وصفه بالظهور، كما ينفى عنه عيب الغموض إذ وصفه بخلوه من النزاع، ولا يجدى الطاعنين تمسكهم بالحكم رقم 265 كلى المنيا لسنة 1929 لأنه لا تأثير له على الوقف لما سبق ذكره وليس بصحيح ما نسبه الطاعنون للحكم المطعون فيه من أنه سلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف اسحق كان يشوبه الغموض ذلك أن المفهوم من العبارة التي اقتبسها الطاعنون من الحكم أنه لم ير من حاجة للرد استقلالا على ما نعوه على وضع يد يوسف من غموض بعد ما أثبته من أن وضع يد الوقف كان قد استوفى شرائطه القانونية وتكاملت مدته قبل وفاة الواقفة في سنة 1929 - وأما ما نعاه الطاعنون في الوجه الخامس فمردود، بأن ما أورده الحكم المطعون فيه عن واقعة البدل بين الأخوين يوسف وعزيز اسحق إنما كان تزيدا منه وهو في سبيل التماس العلة في مخالفة وضع اليد لعقود القسمة والبيع والرهن وكتاب الوقف، وقد كان قوام دعوى المطعون عليهما أن الوقف المشمول بنظارتهما تملك الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب دون غيره من أسباب التملك.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب من ثلاثة أوجه. الأول تناقضه في مسألة جوهرية هي لب الدعوى وهى وضع اليد إذ سلم في موضع منه أن وضع يد يوسف اسحق كان غامضا ثم استدرك قائلا إن ذلك لا أهمية له لأن وضع يد والدته مصطفية استوفى شرائطه قبل وفاتها في سنة 1929 ثم قال في موضع آخر إن يوسف كان يضع يده نيابة عن والدته ثم قال بعد ذلك إنه ثبت من التحقيقات أن وضع يد مصطفية كان مستوفيا الشروط القانونية وكان ظاهرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك - وهذا القول ينطوي على قصور لأن الحكم لم يبين كيف يكون وضع يد مصطفية مستوفيا الشروط القانونية في نفس الوقت الذي يقول فيه الحكم إنها كانت تضع اليد بطريق إنابة ولدها يوسف وأن وضع يد هذا الأخير كان غامضا - والوجه الثاني - أن الحكم لم يرد على ما دفع به الطاعنون من أن وضع يد الوقف على فرض حصوله كان مشوبا بعيب الخفاء - والوجه الثالث - قول الحكم إن الطاعنين تجردوا من ملكيتهم في هذه الجهة وبذا انتفت مصلحتهم في المطالبة وأنه بما ادعوه من ضمانهم للبيوع التي صدرت منهم لمضى أكثر من خمس عشرة سنة عليها دون أن يرد على دفاع الطاعنين في هذا الصدد مكتفيا بعبارة مجملة هى قوله إنه ثبت من الكشوف المقدمة بحوافظ المطعون عليهم أن الطاعنين باعوا كل ما يملكون في تلك الجهة.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهيه الأول والثاني بما سبق ذكره ردا على الوجه الرابع من السبب الأول، من أن الحكم المطعون فيه، وقد قرر في أسبابه أن الوقف اكتسب ملكية الأرض المتنازع عليها بالتقادم بعد أن أثبت أن وضع يده استوفى شرائطه القانونية وأنه كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية الملك، يكون قد نفى بذلك عن وضع يد الوقف كل شائبة تعيبه من خفاء أو غموض أو غيرهما وبما سبق ذكره من أن الحكم لم يسلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف اسحق كان غامضا، وأن العبارة التي اقتبسها الطاعنون للاستدلال بها على هذا النعي لا تفيد المعنى الذي يريدون استنتاجه منها. ومن ثم فلا تناقض في الحكم ومردود في وجهه الثالث بأن ما أورده الحكم عن تجرد الطاعنين من ملكيتهم في تلك الجهة وانتفاء مصلحتهم بذلك في المطالبة إنما هو تزيد لا يعيب الحكم لأن قوام دعوى المطعون عليهما كما سبق قوله هو أن الوقف المشمول بنظارتهما تملك الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد من ثلاثة أوجه: الأول - إذ أثبت واقعة لا أصل لها في الأوراق اعتمد عليها في قضائه وجعلها حجر الأساس فيه وهى مسألة البدل، الذي زعم أنه تم بين الشقيقين يوسف وعزيز اسحق في سنة 1911 والذى بمقتضاه اختص يوسف بكل القطعة رقم 5 وفيها أرض النزاع مقابل اختصاص عزيز بكل القطعة رقم 3 دون أن يبين الحكم كيف يقتسم الشقيقان ملكهما بعقد مسجل في 30 من مارس سنة 1911 ثم يتبادلان فور القسمة أرضهما على خلاف ما جاء بها ودون أن يبين الحكم ما إذا كانت القطعة رقم 5 توازى تماما القطعة رقم 3 حتى يستساغ عقلا ذلك البدل الوهمي الذي لم يقع والذى خلت أوراق الدعوى من دليل عليه حتى يصح تصوره بالاستنتاج أو البينة، وكلاهما لا يقبله القانون دليلا عليه - والوجه الثاني - إذ أورد الحكم وقائع استخلصها خلافا للثابت في الأوراق، فاستخلص من تقرير الخبير ومن نتيجة التحقيق الذي تولته المحكمة ومن محضر الانتقال الذي أجرته أن يوسف إسحق باع القطعة رقم 5 جميعها إلى والدته التي رهنتها بعد ذلك ثم وقفتها، في حين أن هذه المصادر الثلاثة التي استند إليها الحكم ليس فيها ما يؤيده فيما استخلصه بل فيها ما ينقضه، وقد جاء بتقرير الخبير أن أرض النزاع لا تدخل في كتاب الوقف ولا في مستندات تمليك الخصوم وأنها لم تكن في يوم من الأيام مملوكة للوقف أصلا بل أنها تدخل في مستندات تمليك الطاعنين وأن الذي باعه يوسف لوالدته ثم وقفته ضمن ما وقفت في سنة 1919 إنما هو الجزء الغربي من القطعة رقم 5 وهو ذلك الجزء الذي اختص به يوسف في عقد القسمة المسجل في سنة 1911 ومقداره فدانين و4 قراريط و10 أسهم ولو أن أرض النزاع دخلت في كتاب الوقف كما يقول الحكم لما كان هناك من داع لبحث تملك الوقف لها بالتقادم وقد جاء بالتحقيق على لسان خليل إسماعيل من شهود المطعون عليهما أن يوسف لم يبع أرض النزاع لوالدته كما شهد إبراهيم هندي من شهودهما أيضا أن أرض النزاع لم تدخل في الوقف ولم يرد على لسان أحد من الشهود خلافا لما قال الحكم أن مصطفيه رهنت أرض النزاع إلى إسحق بك برسوم وأما محضر الانتقال وقد نقل الحكم بعضه في أسبابه فخال من أية إشارة إلى أن أرض النزاع داخلة فيما باعه يوسف لوالدته أو فيما رهنته هي بعد ذلك أو وقفته بل ولا صلة له ولا ارتباط بالنتيجة التي انتهى الحكم إليه. وقد اعتمد الحكم في قضائه على واقعة أخرى تخالف الثابت في الأوراق وهى أن الطاعنين قدموا مذكرة بجلسة 3 من أبريل سنة 1950 قالوا فيها إن مورثهم حنا يعقوب الذي توفى في 23 من أغسطس سنة 1919 لم يترك أولادا قصرا وأن ولده الدكتور حبيب توفى في سنة 1928 وترك بعض القصر ورتب الحكم على ذلك أن وضع يد الواقفة ومن قبلها البائع لها استمر على أرض النزاع أكثر من سبعة عشر عاما بدون وجود قصر وهى مدة تزيد عن المدة الطويلة المكسبة للملك، مع أنه يبين من الصورة الرسمية المقدمة من هذه المذكرة خلاف ما قاله الحكم عنها في هذا الشأن وجاء فيها أن حنا يعقوب توفى عن أولاد قصرهم فيكتوريا التي بلغت في سنة 1905 والدكتور وديع المولود في سنة 1901 والدكتور شفيق المولود في سنة 1919 ويعقوب المولود في سنة 1906 ووهيب المولود في سنة 1916 وإبراهيم الذي توفى قاصرا في سنة 1930 ولبيب الذي بلغ في سنة 1915. وبذلك يكون الحكم قد أتى بواقعة جوهرية مخالفة لما هو ثابت في الأوراق - والوجه الثالث - إذ استخلص الحكم من التحقيق أن مصطفية استوفت شروط الحيازة ومدتها قبل وفاتها، وهو استخلاص ليس في التحقيق ما يؤدى إليه، وقد أجمعت شهود المطعون عليهما على أن مصطفية لم تكن لها حيازة مباشرة وأن يوسف كان يضع يده كمالك وكناظر وكوارث مما أضفى على حيازته عيب الغموض الذي سلم به الحكم، كما استخلص الحكم من محضر الانتقال بعد مسخه وتلخيصه تلخيصا مشوها مبتورا أنه يتضح منه أن وضع اليد كان من أول الأمر مخالفا للكشوف الرسمية والعقود المسجلة، في حين أنه لا وجود للإقرارات التي صدر حكم الانتقال للاطلاع عليها وفى حين أن المطعون عليهما طعنا على ما جاء بمحضر الانتقال واتهما من موظفي المساحة بمحاولة إخفاء الحقيقة، وفى حين أن شكوى المطعون عليه الثاني للمساحة قدمت في سنة 1942 أي بعد عقود البيع الصادرة من الطاعنين في سنة 1934 وكانت بالتالي بعد الفترة التي وقف عندها الحكم في بحثه لوضع يد الوقف، فضلا عن أن التحقيق الإداري المبهم المدون بالشكوى والذى نقل محضر الانتقال ملخصه ثم نقل الحكم ملخصا مشوها لما في المحضر، هذا التحقيق الإداري لم يحدد فيه بدء وضع اليد على أرض النزاع ولا العناصر المكونة لوضع اليد المكسب، وهو أيضا غير مستكمل لشروط التحقيق القانوني الصحيح وغير منتج في تأييد النتيجة التي انتهى إليها. كما فات الحكم أن محضر وضع الحدايد الذي قامت به المساحة لا حجية له في إثبات ملكيته ولا في إثبات وضع يده وقد أصر الحكم - مع هذا الدفاع الذي تقدم به الطاعنون لمحكمة الموضوع - على اعتبار محضر الانتقال دليلا على أن الوقف وضع يده في سنة 1911 إلى سنة 1929، وضع يد هادئ ظاهر مستمر وبنية التملك، ولو أنه ألقى بالا للرد على دفاع الطاعنين لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول، بأنه غير منتج: ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما أقاما دعواهما على أن الوقف تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة، فأمرت محكمة الاستئناف في أول مايو سنة 1950، بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق وضع يد الوقف على الأرض من تاريخ إنشائه في سنة 1919 ووضع يد الواقفة والبائع لها عليها منذ سنة 1911. وقد استند الحكم في قضائه للوقف بملكية الأرض على ما استقاه من التحقيق الذي أمر به وما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى وما جاء بمحضر الانتقال خاصا بوضع اليد وما استخلصه منها من أن التقادم المكسب قد توافر للوقف المشمول بنظر المطعون عليهما بشرائطه القانونية، ومن ثم فإن تحدث الحكم عن بدل حصل بين الأخوين يوسف وعزيز بعد القسمة إنما جاء تزيدا منه وهو في سبيل التماس العلة في مخالفة وضع اليد لما جاء في عقود القسمة والبيع والرهن وكتاب الوقف، مع أنه لا حاجة للقضاء لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إلى استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده - ومردود في وجهه الثاني بأن هذه الدعوى، لما سبق بيانه، أقيمت على أساس تملك الوقف أرض النزاع بوضع اليد المخالف للعقود والمستندات ولذا يكون ما جاء بالحكم خارج هذا النطاق تزيدا لا يجدى الخوض فيه أو النعي عليه - أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم خاصا بقصر بعض ورثة حنا يعقوب عند وفاته في 23 من أغسطس سنة 1919 فانه غير مقبول لأنه يبين من الأوراق التي قدمها الطاعنون أنهم إذ تمسكوا بذلك أمام محكمة الموضوع لم يقدموا الدليل على صحته رغم تحدى المطعون عليهما، وكان يتعين عليهم تقديم الدليل إذ ذاك. ومن ثم يكون ما ينعون به الآن في هذا الشأن عاريا عن الدليل - ومردود في وجهه الثالث بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر تملك الوقف أرض النزاع بوضع اليد الذي استوفى شرائطه القانونية ومدته قبل وفاة الواقفة في سنة 1929 استند في ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى والتحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الثانية وإلى محضر الانتقال الذي أمرت به ويبين من تقرير الخبير أنه أورد فيه أن أرض النزاع وإن كانت تدخل في مستندات الطاعنين دون مستندات المطعون عليهما، غير أنه اتضح له أن الوقف وضع يده عليها أكثر من خمس عشرة سنة. وقد أورد الحكم خلاصة أقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق بما لا يتعارض مع أقوالهم الثابتة في محضر التحقيق الذي قدم الطاعنون صورته، وكان استخلاصه منها في خصوص وضع اليد استخلاصا سائغا - ولما كان ما استخلصه الحكم من هذين الأصلين الثابتين وهو مما تستقل به محكمة الموضوع كافيا لحمله في قضائه الذي انتهى إليه دون حاجة إلى استناده إلى شيء آخر، فإنه لم يعد ثمة محل للرد على ما ينعاه الطاعنون خاصا بمحضر الانتقال الذي لم تأمر به المحكمة إلا استزادة في الاستدلال. وأما ما قاله الطاعنون عن إجماع الشهود على أن مصطفية لم يكن لها حيازة مباشرة، فهو غير مجد مع ما أثبته الحكم من أنها كانت تضع يدها بواسطة ابنها يوسف بطريق إنابته وكذلك ما ذكروه عن قول بعض الشهود أن يوسف كان يضع يده كمالك وكناظر وكوارث، فهذا لا يؤثر على سلامة الحكم ولا يتعارض مع ما استخلصه وانتهى إليه في قضائه والثابت منه أن يوسف وضع اليد على أرض النزاع كوارث لوالده ثم كمالك بعض القسمة ثم كنائب عن والدته بعد تصرفه لها بالبيع وبعد الوقف ثم كناظر بعد وفاتها حتى تولى المطعون عليهما النظر.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.

الطعن 117 لسنة 21 ق جلسة 28 / 10 / 1954 مكتب فني 6 ج 1 ق 1 ص 32

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.

----------------------
(1)
القضية رقم 117 سنة 21 القضائية

وصية. بيع. حكم. تسبيبه.

اعتباره التصرف الصادر من المورث إلى أحد ورثته وصية وليس بيعا. إقامته على استخلاص موضوعي سائغ. لا خطأ.

--------------------
متى كان الحكم إذ اعتبر العقد الصادر من المورث إلى أحد ورثته وصية وليس بيعا قد قرر أن المورث لم يكن في حاجة لبيع أملاكه وأنه لم يقبض ثمنا وظل واضعا يده على أملاكه التي تصرف فيها حتى وفاته كما احتفظ بالعقد ولم يسلمه للمتصرف إليه حتى لا يتمكن من إشهاره بالتسجيل ونقل الملك والتصرف فيه ببيع الرقبة على الأقل، إذ قرر الحكم ذلك، فإنه يكون قد أقام قضاءه على استخلاص موضوعي سائغ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى على المطعون عليه وآخر يدعى الشيخ محمد عبد الحافظ عامر طالبة الحكم أولا بصحة عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 19/ 5/ 1929 الصادر من الشيخ محمد عبد الحافظ عامر إلى المرحوم محمد إبراهيم إسحق مورث الطاعنة والمطعون عليه، ثانيا صحة عقود البيع الثلاثة الصادرة من محمد إبراهيم اسحق المذكور إليها في 27/ 5/ 1935 و12/ 7/ 1940 و12/ 10/ 1944 ببيع منزل وأطيان. فدفع المطعون عليه الأول بأن هذه العقود تعتبر وصية. فقضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى هذا الدفاع وذلك بطريق الإثبات كافة. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بصحة عقود البيع، فاستأنف المطعون عليه وقيد الاستئناف برقم 73 سنة 1 ق أمام محكمة استئناف المنصورة التي قضت في 7/ 12/ 1950 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة عقود البيع وبرفض دعوى المستأنف عليها الأولى - الطاعنة - فقررت الطاعنة بالطعن بطريق النقض في هذا الحكم.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ أخطأت المحكمة في تحصيل فهم الواقع من شهادة الشهود والأوراق وحرجت عن حقيقة أمرها من ثلاثة أوجه (الأول) - إذ جاء بأسباب الحكم أنه خلص للمحكمة من شهادة الشهود إثباتا ونفيا أن المورث لم يكن في حاجة لبيع جميع أملاكه ولكن بالرجوع إلى أقوال شهود النفي يظهر منها أن المورث كان مدينا لزوجته الطاعنة ولآخرين كما كان في حاجة إلى العلاج كما قدمت الطاعنة إثباتا لذلك أيضا حكما صادرا على المورث بإلزامه بمبلغ 711 قرشا وكذلك سندا محررا على المورث بمبلغ 1122 قرشا (الثاني) إذ جاء بالحكم أنه خلص للمحكمة من شهادة الشهود أن المورث عند بيع أملاكه للطاعنة لم يفرض أي ثمن وقد أجمع الشهود - وقد حضر منهم ثلاثة تحرير العقود - على أنهم لم يروا الطاعنة تدفع الثمن مع أن شهود الإثبات يقررون أنهم لا يعلمون عن عقود البيع شيئا بينما يقرر شهود النفي صراحة أن المورث أقر أمامهم بقبض الثمن مما يستدل منه على أن الثمن دفع عند التعاقد (الثالث) إذ جاء بالحكم أنه إذا أضيف إلى واقعة بقاء المورث واضعا اليد على الأملاك المبيعة لغاية وفاته واقعة بقاء العقود إلى يوم وفاته دون إشهارها بالتسجيل مما يستدل منه على أنه احتفظ بتلك العقود ولم يسلمها للطاعنة وأنه لم يقصد نقل ملك الرقبة إليها ولكن الثابت هو عكس ذلك إذ قدمت الطاعنة عقود البيع بملف الدعوى مما يفيد أن العقود كانت تحت يدها وليس في الأوراق ما يدل على خلاف ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع أوجهه مردود بأن الحكم قد عنى بسرد أقوال شهود الطرفين سردا يطابق ما ثبت على ألسنتهم في الصورة الرسمية لمحضر التحقيق المقدمة من الطاعنة إلى هذه المحكمة، وقد خلص الحكم بعد ذلك إلى ما يأتي: أولا - إن المورث لم يكن في حاجة لبيع أملاكه لإجماع شهود المطعون عليه الأول على ذلك ولتخبط شهود الطاعنة في بيان سبب البيع (ثانيا) إن المورث لم يقبض ثمنا ولا عبرة بقول شهود الطاعنة إن المورث اعترف أمامهم بقبض الثمن قبل تحرير العقود "لأنه مخالف لما نص عليه في كل من هذه العقود من أن الثمن دفع عند البيع... على أن المورث إذا كان قد قصد الإيصاء وحرر الوصايا في صورة عقود بيع مثبتة لدفع الأثمان لا يرى غضاضة في أن يذكر أمام الشهود بأنه قبض هذا الثمن". ثالثا - ثبت وضع يد المورث على الأعيان المبيعة لغاية وفاته من أقوال شهود الطرفين التي تأيدت "بنصوص عقود البيع نفسها التي أبقت للبائع حق الانتفاع طول حياته" وهذا الذي حصله الحكم من أقوال الشهود والأوراق سديد، وليس فيما تنعاه عليه الطاعنة بأوجه هذا السبب جميعا ما يعيبه.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ جاء به أنه ثبت للمحكمة أن المورث ظل واضعا اليد على أملاكه المبيعة إلى يوم وفاته مع قيامه ببيع جميع أملاكه إلى زوجته دون حاجة ملحة إلى ذلك ودون أن يقبض الثمن مما يدل على أن البيع يستر عقدا من عقود التبرع وهى الهبة أو الوصية، ويخلص للمحكمة من نصوص عقود البيع التي يمنع أولها المشترية من التصرف في الرقبة والانتفاع والتي تستبقى كلها حق الانتفاع للبائع أن التبرع لم يكن منجزا بل مضافا إلى ما بعد الموت وبالتالي وصية مع أنه من المبادئ المتفق عليها أن اشتراط البائع لنفسه بحق الانتفاع بالبيع مدة حياته ومنع المشترى من التصرف فيه طول تلك المدة لا يمنع من اعتبار البيع صحيحا ناقلا للملكية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم يسلم بأنه ليس في القانون ما يمنع البائع من بيع ملكه بيعا صحيحا مع استبقاء حق الانتفاع، ولكنه استند في أن التصرف في العقود يعد وصية لا بيعا إلى قرائن أحرى استدل بها على تراخى نقل الملكية إلى ما بعد موت المورث من "واقعة بقاء المورث واضعا اليد على أملاكه المبيعة لغاية وفاته، وواقعة بقاء عقود البيع مكتومة إلى يوم وفاة المورث وعدم إشهارها بالتسجيل إلى هذا اليوم مما يدل على أن المورث احتفظ بتلك العقود ولم يسلمها للمستأنف عليها الأولى حتى لا تتمكن من إشهارها بالتسجيل ونقل الملك والتصرف فيه ببيع الرقبة على الأقل..." واستخلاص الحكم من هذه القرائن سائغ ومؤد إلى ما انتهى إليه منها.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم القصور في التسبيب المبطل له إذ أسبابه مجملة قاصرة تضمن معظمها بيانا لوقائع الدعوى ثم استخلصت المحكمة النتيجة التي انتهت إليها من تلك الوقائع في عبارة موجزة لم تتضمن الرد الكافي على ما أثارته الطاعنة من دفاع موضوعي وقانوني وما قدمته من مستندات بل عرضت لكل ذلك عرضا ناقصا فخرجت منه بما لا يتفق والحقيقة والواقع.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول لما يلابس عباراته من غموض وإبهام لا يكشف عن المقصود منه إذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع التي أغفلت محكمة الموضوع الرد عليها في أسباب حكمها رغم إثارتها أمامها ولم تحدد العيوب التي تعزوها إلى الحكم في هذا السبب وموضعها منه وأثرها في قضائه وأن كل ذلك لمما يجب أن يحدد ويعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا حتى تستطيع هذه المحكمة أن تعمل رقابتها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 7 لسنة 17 ق جلسة 22 / 4 / 1948 مج عمر المدنية ج 5 ق 303 ص 602

جلسة 22 من أبريل سنة 1948

برياسة حضرة محمد المفتي الجزايرلي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: سليمان حافظ بك وصادق فهمى بك وأحمد حلمي بك وعبد الرحيم غنيم بك المستشارين.

----------------

(303)
القضية رقم 7 سنة 17 القضائية

اختصاص. وقف:
أ - انحصار النزاع في ملكية عين هل هي لجهة الوقف أم لمدعى ملكيتها. ليس نزاعاًً في أصل الوقف. اختصاص المحاكم المدنية بالفصل فيه.
ب - تقادم مكسب للملك. الوقف يجوز له أن يتملك بالتقادم.
جـ - تقادم. وضع اليد المملك. لا يشترط أن يقصد به الغصب. نية التملك. وضع اليد بصفة مالك. استخلاص انعدام نية التملك من كون واضع اليد يجهل أن العين التي تحت يده ملك لغيره. خطأ.
د - وقف مدة التقادم. الجهل باغتصاب الحق. يكون من الأسباب الموقفة للتقادم إذا لم يكن عن تقصير أو إهمال من صاحب الحق.

----------------
1 - ما دام النزاع منحصراً في ملكية الأطيان المتنازع عليها هل هي لجهة الوقف أم لمدعى ملكيتها، فهو ليس نزاعاً متعلقاً بأصل الوقف، فيكون الفصل فيه للمحاكم المدنية.
2 - الوقف - بحكم كونه شخصاً اعتبارياً - له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للملك، إذ ليس في هذا القانون ما يحرمه من ذلك. وإذ كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلاً على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً ولو لم يحصل به إشهاد.
3 - إن القانون في صدد التقادم لا يشترط في وضع اليد أن يقصد به غصب ملك الغير بل أن يكون بصفة مالك، سواء أكان واضع اليد يعتقد أن يده هي على ملك نفسه أم على ملك غيره. فمن الخطأ القول بأن نية التملك تكون منعدمة إذا كان واضع اليد لا يعلم أن العين التي تحت يده مملوكة لغيره وأن يده عليها هي باعتقاد أنها ملكه.
4 - الجهل باغتصاب الحق قد يكون من الأسباب الموقفة للتقادم إذا لم يكن ناشئاً عن إهمال صاحب الحق ولا تقصيره. فإذا كان الحكم قد نفى عن صاحب الحق كل إهمال أو تقصير من جانبه في جهله باغتصاب ملكه، فإنه لا يكون مخطئاً إذ اعتبر أن مدة التقادم لا تحتسب في حقه إلا من تاريخ علمه بوقوع الغصب على ملكه.


الوقائع

في 26 من نوفمبر سنة 1946 طعن الطاعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف مصر الصادر يوم 27 من أبريل سنة 1946 في الاستئناف رقم 8 س ق 63 بإلغاء حكم محكمة مصر الابتدائية (في القضية رقم 132 سنة 1944 كلى الصادر في 8 من فبراير سنة 1945) أولاً في الدفع الخاص بعدم قبول الدعوى لعدم وجود صفة للمدعين في المطالبة عن المدة من 6 من أبريل سنة 1913 لغاية 16 من مايو سنة 1916 بقبوله. ثانياً في الدفع الثاني الخاص بسقوط حق المدعين في رفع الدعوى لتركها أكثر من 15 سنة بقبوله أيضاً وسقوط حق المدعين في إقامة هذه الدعوى وإلزامهم بالمصروفات وعشرة جنيهات أتعاب محاماة للمدعى عليه، ورفض الدفعين المقضي فيهما وبإعادة القضية لمحكمة أول درجة للنظر في موضوعها وإلزام المستأنف عليه بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنفين. وطلب إلى هذه المحكمة قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع نقض الحكم المطعون فيه، والقضاء: أولاً - بإلغاء الحكم المطعون فيه وعدم اختصاص المحاكم الأهلية بالنظر في الدعوى. ثانياً - ومن طريق الاحتياط بعدم سماع الدعوى أو رفضها وإلزام المطعون عليهما بجميع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ جميع الحقوق.
وفى 3 و4 من ديسمبر سنة 1946 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن يبنى طعنه على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة لا ولاية لها في إصداره. ذلك أن النزاع بين الطرفين كان يدور حول ما إذا كانت العين المتنازع في شأنها أصبحت بالتقادم تابعة لجهة الوقف أصلها كأصله وشرطها كشرطه أو لم تصبح كذلك، وهذا النزاع متعلق بأصل الوقف ما يمتنع على المحاكم المدنية نظره عملا بالمادة 16 من لائحة ترتيبها.
ومن حيث إن الثابت بالحكم المطعون فيه أنه في 16 من أبريل سنة 1913 أقام ناظر وقف حسن الهجين أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 964 سنة 1913 كلى مصر على ورثة المرحوم سليمان أفندي فهمى بأنهم اغتصبوا 10 ف و17 ط و14 س من أطيان الوقف المجاورة لأطيانهم طالباً الحكم بتثبيت ملكية الوقف لها. وقد ندبت المحكمة خبراء قرروا صحة تلك الدعوى وقرروا أيضاً أن الوقف من جانبه واضع اليد على 6 ف و14 ط من أطيان الورثة. وفى 11 من يونيه سنة 1929 قضت تلك المحكمة للوقف بطلباته. ثم إنه في 14 من ديسمبر سنة 1939 رفع المطعون عليهما أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 132 سنة 1944 كلى الجيزة على ناظر الوقف طالبين فيها الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى الـ 6 ف و14 ط المغتصبة من أرضهما فدفع ناظر الوقف بسقوط حقهما في الدعوى لتركها بلا عذر شرعي مدة تزيد على خمسة عشر عاماً من أبريل سنة 1913 حتى ديسمبر سنة 1939، وقضت محكمة أول درجة بقبول هذا الدفع. فاستأنف المطعون عليهما وقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع المشار إليه مؤسساً قضاءه على أن الملكية لا تسقط بالتقادم وأن الوقف لا يستطيع أن يتملك بالتقادم. ويتبين مما تقدم أن النزاع بين الطرفين كان منحصراً في ملكية الأطيان المتنازع عليها لأيهما هي فهو ليس نزاعاً متعلقاً بأصل الوقف. ومن ثم يكون هذا السبب مرفوضاً.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه - إذ اعتبر أن الوقف لا يستطيع أن يتملك بالتقادم بمقولة أن الوقف لا يكون إلا بإرادة الإيقاف من واقف ثابتة بإشهاد شرعي - جاء خاطئاً في القانون، لأن ذلك غير لازم لقيام الوقف في كل الأحوال، ولأن المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تشترط وجود الإشهاد إذا كانت الأعيان تحت يد مدعى وقفها، كما هو الحال في الدعوى، ولأنه ليس في القانون ما يمنع الوقف من اكتساب الملك بالتقادم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في ذلك "إن جهة الوقف لا يصح لها التملك بمضي المدة مهما طال وضع يدها على العقار. ذلك لأن صفة الوقف لا تترتب للأعيان إلا بإشهاد خاص وإجراءات خاصة بغيرها، ولا تتحول صفة العقار من ملك إلى وقف". وقد أخطأ الحكم لأن الوقف - بحكم كونه شخصاً اعتبارياً - له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للملك إذ ليس في هذا القانون ما يحرمه من ذلك. ولما كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلاً على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً.
ومن حيث إن السبب الثالث للطعن يتحصل في أن الحكم أخطأ إذ قال إن وضع يد الوقف على الأطيان موضوع النزاع لم يكن مقروناً بنية التملك، لأن ناظر الوقف كان يعتقد أن العين المغصوبة تابعة للوقف وداخلة في حجته ولم يكن يعلم أنها مغتصبة من ملك الغير. ووجه الخطأ في ذلك هو أن العبرة في وضع اليد بقصد التملك، وهذا القصد يتوافر سواء كان واضع اليد يعلم أنه غاصب ملك غيره أو كان يجهل ذلك متى كان هو قد وضع يده بصفته مالك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "إن كلاً من طرفي الخصومة كان يضع يده على أطيان الآخر دون أن يعلم أنها ملك لغيره وبدون أن يقصد اغتصاب ملك هذا الغير وتملكه بوضع اليد بل باعتقاد أنه ملكه هو، فنية التملك بوضع اليد كانت معدومة من جهة الوقف". وقد أخطأ الحكم لأن القانون في صدد التقادم لا يشترط في وضع اليد أن يقصد به غصب ملك الغير بل كونه بصفة مالك سواء أكان واضع اليد يعتقد أن يده هي على ملك نفسه أم على ملك غيره.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم - إذ اعتبر جهل المطعون عليهما باغتصاب ملكهما عذراً موقوفاً لسريان التقادم ورتب على هذا الاعتبار القول بأن مدة التقادم لا تبدأ في حقهما إلا من تاريخ اكتشافها هذا الغصب - يكون قد أخطأ لأن الجهل لا يعد قانوناً من الموانع الموقفة للتقادم.
ومن حيث إن الحكم قال في هذا الصدد "ولم تظهر جلية الأمر إلا من تقارير الخبراء والحكم الذي صدر في دعوى الملكية التي رفعتها جهة الوقف، ولهذا فلم يكن هناك سبب قانوني معلوم لمورث المستأنفين يسوغ له مقاضاة جهة الوقف عن الأطيان موضوع النزاع إذ لم يكن عالماً بوضع يد الوقف على أطيانه... الخ". ولما كان الجهل بالحق المغتصب قد يكون من الأسباب الموقفة لمدة التقادم إذا لم يكن ناشئاً عن إهمال صاحب الحق ولا تقصيره، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى كل إهمال أو تقصير من جانب المطعون عليهما في جهلهما باغتصاب ملكهما، كان الحكم لم يخطئ إذ اعتبر أن مدة التقادم لا تحتسب في حقهما إلا من تاريخ علمهما بوقوع الغصب على ملكهما إذ كان يستحيل عليهما، والحالة هذه، أن يطالبا بالحق من قبل.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قرر بحق أن الملكية لا تسقط بالتقادم، وأثبت أن المطعون عليهما كانا معذورين في جهلهما باغتصاب ملكهما حتى انكشفت لهما حقيقة الأمر من تقارير الخبراء في الدعوى السابقة، وأن وضع يد جهة الوقف من ذلك الوقت إلى تاريخ رفع الدعوى الحالية كان محل نزاع مستمر من جانب المطعون عليهما - لما كان ذلك كذلك كان قضاؤه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دفع جهة الوقف بالتقادم المسقط وبحق المطعون عليهما في رفع الدعوى قضاءً لا مخالفة فيه للقانون. ومن ثم يتعين رفض الطعن على الرغم من خطأ الحكم في إنكاره على جهة الوقف حق التمسك بالتقادم المكسب مما هو موضوع السببين الثاني والثالث من الطعن، فخطؤه هذا غير ضائره متى كانت المدة المقررة قانوناً للتقادم غير موفورة لجهة الوقف.