الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

طباعة

Print Friendly and PDF

الأحد، 4 يوليو 2021

الطعن 119 لسنة 13 ق جلسة 8 / 6 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 148 ص 409

جلسة 8 يونيه سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

--------------

(148)
القضية رقم 119 سنة 13 القضائية

شفعة:
أ - الدفع بأن الشفيع لا يملك العين التي يشفع بها لأن عقد الشراء الذي يستند إليه في تملكها لم يصدر من المالك بل من وكيل عنه كان قد عزله. هذا الادعاء لو صح لا يترتب عليه إلا بطلان العقد بطلاناً نسبياً. لا شأن للمشفوع منه بهذا البطلان. القضاء للشفيع بالشفعة. في محله.
ب - العلم الذي يعتبر حجة على الشفيع. هو العلم المحيط بجميع شروط البيع الأساسية وأسماء المتعاقدين.

--------------
1 - إذا دفع بأن الشفيع لا يملك العين التي يشفع بها لأن العقد الذي يستند إليه في تملكها لم يصدر من مالكها بل من وكيل عنه كان قد عزله بكتاب مسجل سابق على تاريخ البيع المدعي، وقضت المحكمة للشفيع بالشفعة بناءً على أنه مالك فلا تثريب عليها في ذلك. إذ حتى لو صح أن العقد كان صادراً من وكيل معزول فإن بطلانه لا يكون إلا نسبياً، ولهذا فالعيب الذي يشوبه لا يمنع انتقال المالك حتى يتقدم من شرع البطلان لمصلحته ويطلب إبطاله، والمشفوع منه لا شأن له بهذا البطلان.
2 - إذا دفع بسقوط حق الشفيع في طلب الشفعة لعلمه بالبيع وسكوته عن رفع الدعوى بطلبها في المدة المقررة قانوناً فرفضت المحكمة هذا الدفع بناءً على ما تبينته من شهادة الشهود الذين استشهد بهم المشفوع منه من أن تاريخ علم الشفيع غير معين بالضبط، والعلم الذي يعتبر حجة على الشفيع هو الذي يكون محيطاً بجميع شروط البيع الأساسية وأسماء المتعاقدين، وهذا لم يشهد به أحد من الشهود، فإن ما ذكرته في حكمها من ذلك فيه الكفاية لتسبيب قضائها.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 119 سنة 1941 لدى محكمة طنطا الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضده الثاني وقال في صحيفتها: إن الأخير باع للطاعنين فدانين أطياناً زراعية كائنة بحوض ظهر الحمام رقم 3 قطعة رقم 12 بزمام ناحية الدواخلية مركز المحلة الكبرى، ولأن له حق الشفعة في هذه الأطيان لمجاورتها لأطيانه من الجهة الشرقية منها، ولأن للأطيان المشفوعة حقوق ارتفاق للري والصرف والمرور على أطيانه، فإنه يطلب الحكم بأحقيته بأخذ الأطيان المبينة الحدود والمعالم بالعريضة في مقابل الثمن وقدره 55 ج مع مصاريف التسجيل وباقي المصاريف الرسمية، واحتياطياً يقبل من الآن دفع الثمن المكتوب في العقد وقدره 200 ج، إذا عجز عن إثبات الثمن الحقيقي، مع كافة المصاريف الرسمية وإلزام الطاعنين متضامنين بالمصاريف المناسبة ومقابل أتعاب المحاماة. كما أقام إبراهيم بك مدكور الدعوى رقم 118 سنة 1941 كلي طنطا على الطاعنين والمطعون ضده الثاني طالباً الحكم بأحقيته في أخذ الفدانين المذكورين بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي وقدره 100 ج مع المصاريف التي يظهر أن الطاعنين قاما بدفعها والتصريح له بتسجيل الحكم وتسليمه الأطيان مع إلزامهما متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة والنفاذ. وقررت المحكمة ضم هذه القضية للقضية الأولى، وفي 24 من إبريل سنة 1941 حكمت المحكمة تمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير للانتقال لمحل النزاع لمعاينة أرض كلا المدعيين في القضيتين والأرض المشفوع فيها، وذلك توصلاً لتحقيق سبب طلب الأخذ بالشفعة عند كل من المدعيين، وإذا ثبت أن كليهما له الحق في ذلك فعليه تحقيق من منهما يستفيد أكثر من أخذ الأرض المشفوع فيها، وقد باشر الخبير المأمورية وقدم تقريره، وفي 19 من نوفمبر سنة 1942 حكمت المحكمة حكماً تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول أن الثمن الحقيقي 53 ج وليثبت الطاعنان أن المطعون ضده الأول المذكور لم يظهر رغبته في الأخذ بالشفعة في مدة الخمسة عشر يوماً التالية لعلمه بالبيع، وقد نفذ هذا الحكم التمهيدي. وبتاريخ 26 من يناير سنة 1943 حكمت المحكمة: أولاً - برفض الدعوى رقم 118 سنة 1941 وإلزام إبراهيم بك مدكور بمصاريفها. وثانياً - في الدعوى رقم 119 سنة 1941 بأحقية المدعي (المطعون ضده الأول) في أخذ الفدانين الموضحي الحدود والمعالم بالعريضة في مقابل قيامه بدفع الثمن وقدره 200 ج والمصاريف وقدرها 205 م و8 ج في مدة أربعة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالحكم وإلا فيسقط حقه في الشفعة مع إلزام الطاعنين بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وأحقيته في أخذ الفدانين المقضي بهما له بالشفعة مقابل مبلغ 53 جنيهاً والمصاريف المناسبة ومقابل الأتعاب عن الدرجتين. كما استأنفه الطاعنان وطلبا الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده الأول وإلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وبجلسة 14 من إبريل سنة 1943 قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني للأول. وبتاريخ 26 من مايو سنة 1943 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم للطاعنين في أول و14 أغسطس سنة 1943 فقرر وكيلهما الطعن فيه بطريق النقض في 30 من ذلك الشهر بتقرير أعلن للمطعون ضدهما إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى السبب الأول من سببي الطعن أن المطعون ضده الأول (وهو الشفيع) لا يملك العين التي يشفع بها، لأن مالكها الأصلي سليم عبد الرازق وإن كان قد وكل في 12 من مارس سنة 1932 أحمد إبراهيم بطاح بمقتضى توكيل أمام محكمة عابدين الشرعية في بيعها فباعها في 7 من مايو سنة 1935 إلى المطعون ضده الأول إلا أن سليماً هذا كان قبل ذلك قد عزل أحمد إبراهيم بطاح بمقتضى خطاب مسجل في 26 من يوليه سنة 1934 وشكاه إلى البوليس والنيابة ليرد إليه التوكيل وما له عنده من مستندات وأوراق، ثم باع العين وهي 8 ف و7 ط و7 س في أول مايو سنة 1935 إلى داود أفندي عبد الله. وإذن يكون البيع الحاصل للمطعون ضده الأول قد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة لخروج العين من ملك سليم عبد الرازق.
وحيث إن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه مردود بما قاله الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه من أن المطعون ضده الأول يعتبر مالكاً بمقتضى عقده الذي سجله في أول يونيه سنة 1935 والذي صدر له من وكيل شرعي، وبأن ادعاء الطاعنين في آخر مرحلة من مراحل الدعوى بأن هذا العقد باطل لصدوره من وكيل معزول هو ادعاء لا قيمة له لأن التمسك بهذا البطلان هو من حق المالك فقط لا المشفوع ضده، وقد يجيز المالك البيع. على أن الطاعنين لم يقدما دليلاً على عزل سليم عبد الرازق لوكيله أحمد إبراهيم بطاح سوى صورة غير رسمية من خطاب قالا إن سليماً أرسله لأحمد إبراهيم بطاح يخطره فيه بعزله من التوكيل، كما أنهما لم يقدما صور الشكاوى التي يقولان إن سليماً قدمها إلى النيابة والبوليس ضد وكيله المذكور. فلكل هذا يكون السبب الأول من سببي الطعن على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الآخر أن المحكمة لم تذكر أسباباً لحكمها فيما يتعلق بما دفعا به من سقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة لأنه لم يطلبها في غضون خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بالشراء، وأغفلت دلالة أقوال الشهود.
وحيث إن الحكم قال في ذلك: "إن المدعى عليهما (الطاعنين) استشهدا بجملة شهود قرر أولهم وثانيهم بأنهما لا يعرفان تاريخ حصول البيع وقرر الباقون بأنهم تقابلوا مع المدعي (المطعون ضده الأول) وفهموا منه أن المدعى عليه الثاني (الطاعن) الأول اشترى الفدانين اللذين بجواره في حوض ظهر الحمار ولكنهم لم يذكروا تاريخ هذه الواقعة بالضبط، وبعد العيد الصغير بثلاثة أو أربعة أيام، ولكن اختلفوا فيما بينهم: قال حسن محمد خليفة بأن ذلك حصل في أيام العيد الصغير الذي أتى بعده عيدان، وقال أنور رسلان إنه مضى على الواقعة ثلاثة أعياد على أنه ظهر مما تقدم أن تاريخ علم المدعي بالبيع غير معين بالضبط حتى على فرض التسليم بصحة شهادة شهود المدعى عليهما، كما أنه مما لا نزاع فيه أنه لكي يؤخذ العلم حجة على الشفيع يجب أن يكون علماً شاملاً لجميع شروط البيع الأساسية وأسماء المتعاقدين وهو ما لم يشهد به أحد من الشهود".
وحيث إنه يبين من ذلك أن المحكمة قد ذكرت أسباباً من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، ولم يقدم الطاعنان صورة من محضر التحقيق لإثبات ما ينعيانه على الحكم في هذا الخصوص.
وحيث إنه لذلك يكون السبب الآخر من سببي الطعن على غير أساس أيضاً ويتعين رفض الطعن موضوعاً.


السبت، 3 يوليو 2021

الطعن 61 لسنة 13 ق جلسة 30 / 12 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 89 ص 242

جلسة 30 ديسمبر سنة 1943

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: جندي عبد الملك بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

--------------

(89)
القضية رقم 61 سنة 13 القضائية

شفعة.

وجود مصرف في العقار المشفوع فيه فاصل بينه وبين العقار المشفوع به ومخصص لصرف مياه أراض أخرى. لا يمنع قيام حالة الجوار بين العقارين بالمعنى المقصود في قانون الشفعة. وجود حق ارتفاق للغير على أرض هذا المصرف. لا يخرجها عن ملكية صاحبها. الشفيع يحل محل المالك ويتلقى العقار محملاً بهذا الحق.

-------------
إن وجود مصرف في العقار المشفوع فيه فاصل بينه وبين العقار المشفوع به ومخصص لصرف مياه أراض أخرى لا يمنع قيام حالة الجوار بين العقارين بالمعنى المقصود في قانون الشفعة. فإن وجود حق ارتفاق للغير على أرض هذا المصرف لا يخرج هذه الأرض عن ملكية صاحب العقار المشفوع فيه بل هي تظل جزءً من العقار. فالحكم الذي يعتبر وجود مثل هذا المصرف مانعاً من التلاصق المشترط في الشفعة لمجرد تحمله بحق ارتفاق للغير مما يستحيل معه إزالته يكون حكماً خاطئاً.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 171 سنة 1940 أمام محكمة المنصورة الابتدائية على المطعون ضدهم وقالا في صحيفتها المعلنة في أول فبراير سنة 1940 إنهما علما أن المطعون ضده الثالث باع إلى المطعون ضدهما الأولين ستة أفدنة مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة نظير ثمن قدره 270 ج دفع منها المشتريان مبلغ 120 ج نقداً للبائع والباقي تعهدا بدفعه لبنك التسليف الزراعي المصري على خمسة أقساط متساوية ابتداءً من أكتوبر سنة 1940 لغاية أكتوبر سنة 1944 بفائدة 7% سنوياً على اعتبار أن المطلوب للبنك عن كل فدان خمسة وعشرون جنيهاً، ولما كانت الأطيان المبيعة تجاور أطيان الطاعنين من الجهة الغربية فقد طلبا الحكم بأحقيتهما إلى أخذها بطريق الشفعة مقابل دفع الثمن الحقيقي وجميع الملحقات ومحو التسجيلات التي ترتبت بناءً على عقد البيع وإلزام المطعون ضدهم بالتسليم والمصاريف والأتعاب والنفاذ المعجل بلا كفالة. وفي 26 من نوفمبر سنة 1940 قضت تلك المحكمة أولاً - بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتحقيق واقعة العلم بالبيع وظروفه وعدم إظهار الرغبة في الأخذ بالشفعة في المدة القانونية، وثانياً بندب خبير زراعي لمعاينة الأطيان موضوع الشفعة وأطيان الطاعنين المجاورة وتحقيق أسباب الشفعة من جهة الجوار ومن جهة وجود حق ارتفاق لأحد الطرفين على الآخر فيما يتعلق بالري. وبعد أن تم التحقيق وقدم الخبير تقريره قضت تلك المحكمة في 15 من إبريل سنة 1941 بأحقية الطاعنين إلى أخذ الستة الأفدنة المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بطريق الشفعة مقابل دفع الثمن وقدره 270 ج بخلاف الملحقات ومحو جميع التسجيلات التي ترتبت على عقد البيع وإلزام المطعون ضدهم بالتسليم والمصاريف والأتعاب ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف المطعون ضدهما الأولان هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبا بصحيفته المعلنة في 10 من مايو سنة 1941 الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بجميع أجزائه والحكم برفض دعوى الطاعنين وإلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي 16 من ديسمبر سنة 1942 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين وإلزامهما بمصاريفها عن الدرجتين.
لم يعلن هذا الحكم للطاعنين ولكن وكيلهما قرر الطعن فيه بطريق النقض في 8 من مايو سنة 1943 بتقرير أعلن للمطعون ضدهم في 16 من ذلك الشهر إلخ. إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تأويل القانون إذ اعتبر أن تحميل جزء من الملك حق ارتفاق للغير يخرجه عن ملكية صاحبه فقد قال إن وجود مصرف في العقار المشفوع يفصل بينه وبين العقار المشفوع به ومخصص لصرف مياه أراض أخرى - إن وجود هذا المصرف يمنع قيام حالة الجوار الذي يثبت به حق الشفعة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال: "إن دعوى الشفعة تقوم على أساس الجوار من حد واحد وحق ارتفاق الري المترتب للأرض المشفوع بها على الأرض المشفوع فيها، وحيث إن الثابت من تقريري الخبيرين، المنتدب بمعرفة محكمة أول درجة والاستشاري، أن هناك مصرفاً يفصل بين العقارين، وهذا المصرف وإن كان داخلاً من حيث الملكية ضمن العقار المشفوع فيه إلا أنه في الواقع مخصص لصرف عقارات أخرى تزيد مساحتها على المائة الفدان ويمتلكها ملاك عديدون وليس من بينهم الشفيعان، وترى هذه المحكمة أن وجود هذا المصرف يمنع من الجوار المنشئ لحق الشفعة إذ هو يمنع التلاصق، ولا يستطيع مالك العقار الواقع فيه أن يزيله لتعلق حق الغير به. ولا أهمية بعد ذلك لكون الشفيعين يملكان نصف الطريق الفاصل بين ملكهما وبين العقار المشفوع فيه ما دام يلي هذا الطريق مباشرة المصرف الثابت السالف ذكره. وحيث إنه بانتفاء الجوار بين العقارين لا يكون هناك أساس لدعوى الشفعة لانهيار أحد الركنين اللذين تستند إليهما".
وحيث إن الحكم المطعون فيه بهذا الذي قاله قد أخطأ في تأويل القانون فإن وجود حق الارتفاق للغير على أرض المصرف المشار إليه لا يمنع الجوار الذي يشترطه القانون في صدد حق الشفعة، إذ هو لا يخرج تلك الأرض عن ملكية صاحب العقار المشفوع بل تظل جزءاً من هذا العقار، وإذا زالت الحاجة إلى المصرف لسبب من الأسباب زال معها حق الارتفاق. ولا جدال في أنه إذا حكم بالشفعة، عند توافر جميع شروطها، فإن العقار المشفوع ينتقل إلى ملكية الشفيع محملاً بما قد يكون للغير من حقوق الارتفاق على العقار كله أو بعضه. وبما أن الحكم قد أثبت، كما تقدم، أنه يلي هذا المصرف مباشرة الطريق الفاصل بين العقارين - العقار المشفوع به والعقار المشفوع - وأن هذا الطريق يملكه الطرفان مناصفة، أي أن الطاعنين يملكان نصف الطريق المجاور لأرضهما المشفوع بها والنصف الآخر يملكه صاحب الأرض المشفوعة، فالجوار متحقق قانوناً على أي حال.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف مصر لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى.

الطعن 17 لسنة 13 ق جلسة 21 / 10 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 73 ص 200

جلسة 21 أكتوبر سنة 1943

برياسة حضرة صاحب السعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

----------------

(73)
القضية رقم 17 سنة 13 القضائية

شفعة:
أ - علم الشفيع بالبيع وبأسماء البائعين. مسألة موضوعية. استخلاصها من وقائع تؤدي إليها.
ب وجـ - دعوى الشفعة. وجوب توجيهها إلى البائع هو والمشتري، وإلا سقط الحق فيها.

(المواد 14 و15 و19 من قانون الشفعة الصادر في 23 مارس سنة 1901)

---------------
1 - إن واقعة علم الشفيع ببيع الأرض التي يشفع فيها وبأسماء البائعين مسألة موضوعية تستخلصها المحكمة مما في الدعوى من أدلة وقرائن يصح أن تؤدي إليها عقلاً. فإذا دفع في دعوى الشفعة بسقوط الحق في رفعها لعدم توجيهها إلى جميع البائعين، فطلب المدعي التأجيل لإدخال من لم توجه إليه منهم، فأجابته المحكمة إلى طلبه، فطلب صورة عقد البيع لمعرفة أسماء جميع البائعين ودفع رسم الصورة وسلمت الصورة في التاريخ الذي ذكرته المحكمة في حكمها إلى وكيله في دعوى الشفعة بالذات، ولكنه تأخر في إعلان باقي البائعين أكثر من شهرين من تاريخ تسلم وكيله الصورة، فاستخلصت المحكمة من ذلك وغيره مما ذكرته في حكمها أنه كان يعلم بأسماء البائعين الباقين من تاريخ تسلم وكيله الصورة أو بعد ذلك بزمن وجيز، فإن استخلاصها ذلك سائغ وفي حدود سلطتها. ثم إذا هي رتبت على ذلك سقوط حق المدعي في الشفعة فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، إذ أن دعوى الشفعة يجب رفعها في الميعاد المحدد وإلا سقط الحق فيها طبقاً للمادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة. وهذا الميعاد هو ثلاثون يوماً من وقت إعلان الرغبة في الشفعة (أو من وقت العلم بأسماء باقي البائعين والدعوى قائمة مع سبق إبداء الرغبة كما هي الحال هنا).
2 - إن المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة قد نصت على أن دعوى الشفعة ترفع على البائع وعلى المشتري وإلا سقط الحق فيها. ومع وجود هذا النص الصريح لا محل للاجتهاد والقول بأن البائع ليس خصماً حقيقياً في دعوى الشفعة وأنه لا يترتب على عدم إعلانه سقوط الحق فيها.
3 - إنه إن صح القول بعدم وجوب إعلان الرغبة في الشفعة إلى البائع لعدم النص صراحة على السقوط في المادة الرابعة عشرة من قانون الشفعة وعدم ذكر البائع صراحة في الفقرة (ثانياً) من المادة التاسعة عشرة فإن ذلك لا يؤثر في سقوط الحق في دعوى الشفعة إذا لم ترفع على البائع مع المشتري في ميعاد ثلاثين يوماً من وقت إعلان الرغبة ما دام الشارع - كما سلف - قد نص على السقوط عند عدم مراعاة ذلك.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له ومن الأوراق والمستندات المقدمة لهذه المحكمة والتي كانت من قبل مقدمة لمحكمة الاستئناف - في أن الطاعنين أقاموا لدى محكمة أسيوط الابتدائية الدعوى رقم 267 سنة 1941 على المطعون ضدهم الأول والثاني والرابع وآخرين بعريضة أعلنت في 13 و14 من مايو سنة 1941 قالوا فيها إنهم علموا منذ يومين فقط بأن المطعون ضدهما الثاني والرابع باعا للمطعون ضده الأول والآخرين 16 س و11 ط و4 ف شيوعاً في 4 س و7 ف مبينة الحدود والمعالم بالعريضة، وإن الطاعنين شركاء على الشيوع في تلك الأطيان المبيعة، ولهذا فإنهم يطالبون بحقهم في أخذ هذا القدر المبيع بالشفعة في نظير قيامهم بدفع الثمن وقدره 360 ج والمصاريف والملحقات محتفظين بحقهم في استرداد ما قد يكون زائداً منه مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة والنفاذ المعجل بلا كفالة.
وبجلسة 2 من يونيه سنة 1941 دفع الحاضر مع المطعون ضده الأول بسقوط حق المدعين في دعوى الشفعة لعدم رفعها على جميع البائعين فطلب الطاعنون التأجيل لإدخال باقيهم وهم باقي المطعون ضدهم فأجلت الدعوى لهذا السبب وأعلنوهم بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1941.
وبجلسة 23 من فبراير سنة 1942 دفع الحاضر مع المطعون ضده الأول بسقوط الدعوى لعدم رفعها على بعض البائعين في الميعاد القانوني. وبعد أن سمعت المحكمة دفاع طرفي الخصومة في هذا الدفع حكمت في 16 من إبريل سنة 1942 بقبول الدفع وسقوط حق الطاعنين في الأخذ بالشفعة وألزمتهم بالمصاريف و200 قرش أتعاباً للمحاماة.
استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 191 سنة 17 قضائية طالبين للأسباب الواردة في صحيفة استئنافهم إلغاءه والقضاء بطلباتهم المقدمة لمحكمة أول درجة مع إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وفي 12 من نوفمبر سنة 1942 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضده الأول.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في 29 من ديسمبر سنة 1942 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 24 من يناير سنة 1942 بتقرير أعلن للمطعون ضدهم في 30 إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن محصل أوجه الطعن هو: -
أولاً - أن الحكم المطعون فيه استخلص علم الطاعنين بالبيع بالنسبة إلى بعض البائعين من واقعة لا تنتج هذا العلم. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم رتب علمهم على أن وكيلهم (أو نائبه) في دعوى الشفعة بالذات هو الذي تسلم صورة عقد البيع (وفيها بيان أسماء جميع البائعين) في تاريخ معين وأنهم هم الذين دفعوا له رسم هذه الصورة. وهذا غير كاف في أن يستخلص منه علمهم هم أنفسهم في ذلك التاريخ.
ثانياً - أن دعوى الشفعة رفعت صحيحة في الميعاد القانوني على المشترين وبعض البائعين. ولما كان الأمر كذلك فقد تأكدت الرغبة في الشفعة وهي لا تتجزأ، هذا فضلاً عن أن البائع ليس خصماً حقيقياً في دعوى الشفعة، ولا يترتب على عدم إعلانه بالرغبة فيها أي بطلان.
ثالثاً - لا يصح أن يترتب على سقوط الحق في دعوى الشفعة بالنسبة لبعض البائعين سقوطه بالنسبة إلى البعض الآخر الذي رفعت عليه الدعوى في الميعاد فكان يجب على المحكمة أن تحكم للشفعاء بنصيب هذا البعض على الأقل.
وحيث إنه عن الأمر الأول فإن حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قال في صدد ما أثاره الطاعنون خاصاً بعلمهم بحصول الصفقة ما يأتي: "إن ما ذهب إليه المدعون (الطاعنون) من أن علمهم بهؤلاء البائعين الذين لم ترفع عليهم الدعوى لم يكن علماً تاماً نافياً للجهالة حتى يوم 15 أغسطس سنة 1941 - هذا القول مردود بما هو ثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية لعقد البيع موضوع الشفعة والمقدمة من المدعين أنفسهم (بالحافظة رقم 6 دوسيه 8 حافظة) إذ أنه ثابت في هذه الصورة أنها سلمت لطالبها بتاريخ 11 يونيه سنة 1941 من قلم الرهون المختلطة بأسيوط.
وحيث إنه يخلص من ذلك أن المدعين عقب جلسة 2 يونيه سنة 1941 التي دفع فيها الحاضر مع المدعى عليه الأول بالسقوط والتي طلب فيها المدعون التأجيل لإدخال خصوم آخرين طلبوا صورة من عقد البيع من قلم الرهون المختلطة بأسيوط فسلمت إليهم تلك الصورة بتاريخ 11 يونيه سنة 1941 ولكنهم سكتوا عن رفع الدعوى على باقي البائعين حتى تاريخ 28 أغسطس سنة 1941. وحيث إن المحكمة تستخلص مما تقدم أن علم المدعين بجميع البائعين كان بتاريخ 11 يونيه سنة 1941 علماً تاماً نافياً للجهالة". وزاد الحكم المطعون فيه على ذلك قوله: "إن الوكيل الذي استلم العقد (يقصد صورته الرسمية) عن المستأنفين (الطاعنين) ليس وكيلاً عاماً لإدارة أعمالهم أو بعضها بل وكيلهم في دعوى الشفعة بالذات والمفروض أنه على اتصال دائم بهم، وهم الذين دفعوا له رسوم استخراج صورة عقد البيع التي استلمها ثم أعطوه بيان محال إقامة باقي البائعين في العقد لإدخالهم في الدعوى. والقول من جانب المستأنفين بأنهم يقيمون في بلد أخرى غير بلد وكيلهم، وأن الفترة التي انقضت بين تأجيل الدعوى من جلسة 2 يونيه سنة 1941 إلى جلسة 15 سبتمبر كانت فترة العطلة القضائية لا يمنع استمرار الاتصال بين المستأنفين بمحاميهم لأن المفهوم أن الدعوى أجلت من التاريخ الأول لإعلان باقي البائعين، وأن هذا الإعلان لا يجب أن ينتظر انتهاء العطلة القضائية بل يجب أن يتم في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ العلم بأسماء باقي البائعين بغض النظر عن تاريخ الجلسة التي حددتها المحكمة للنظر في هذا الإعلان. فالواقع إذن أن المستأنفين قد علموا باستلام وكيلهم العقد بمجرد استلامه أو عقب ذلك بقليل وقد مضى من تاريخ هذا الاستلام إلى تاريخ إعلان باقي البائعين أكثر من شهرين".
وحيث إن واقعة العلم بالبيع مسألة موضوعية تستخلصها محكمة الموضوع مما في الدعوى من دلائل وقرائن يصح أن تؤدي إليها عقلاً، ولما كانت المحكمة قد استخلصت من الدفع بالسقوط، ومن طلب الطاعنين التأجيل لإدخال باقي البائعين وإجابة المحكمة هذا الطلب في 2 يونيه سنة 1941، ومن مبادرة الطاعنين إلى طلب صورة العقد عقب هذا التأجيل للوصول إلى معرفة أسماء جميع البائعين، ومن الحصول على هذه الصورة في 11 يونيه سنة 1941 - لما كانت المحكمة قد استخلصت من كل ذلك أن الطاعنين قد علموا بأسماء باقي البائعين يوم 11 يونيه سنة 1941 أو بعده بزمن وجيز، وكان استخلاصها هذا سائغاً عقلاً - هذا مع العلم بوجوب رفع دعوى الشفعة في ميعاد محدد وإلا سقط الحق فيها طبقاً للمادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة وهذا الميعاد هو ثلاثون يوماً من وقت إعلان الرغبة في الشفعة (أو من وقت العلم بأسماء باقي البائعين والدعوى قائمة مع سبق إبداء الرغبة كما حصل في هذه الدعوى) - فإن ما يثيره الطاعنون لا يعدو أن يكون نقاشاً موضوعياً من خصائص محكمة الموضوع وحدها البت فيه، ولا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه عن الأمر الثاني فإن المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة قد نصت صراحة على أن دعوى الشفعة ترفع على البائع والمشتري وإلا سقط الحق فيها فلا محل للاجتهاد مع هذا النص والقول بأن البائع ليس خصماً حقيقياً في دعوى الشفعة وأنه لا يترتب على عدم إعلانه بها سقوط الدعوى. أما ما يتمسك به الطاعنون من عدم وجوب إعلان الرغبة في الشفعة للبائع فإنه إذا أخذ به فيما يتعلق بإعلان الرغبة (لا رفع الدعوى) لعدم النص صراحة على السقوط في المادة الرابعة عشرة وعدم ذكر البائع صراحة في (ثانياً) من المادة التاسعة عشرة فذلك لا يؤثر على سقوط الحق في دعوى الشفعة إذا لم ترفع في ميعاد ثلاثين يوماً من وقت إعلان الرغبة ما دام الشارع قد نص صراحة على هذا السقوط في المادة الخامسة عشرة كما تقدم.
وحيث إنه عن الأمر الثالث فإن الطاعنين لم يتقدموا به إلى محكمة الموضوع فلا يجوز عرضه لأول مرة أمام محكمة النقض.


الطعن 11 لسنة 12 ق جلسة 18 / 6 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 178 ص 485

جلسة 18 يونيه سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

----------------

(178)
القضية رقم 11 سنة 12 القضائية

شفعة.

سببها في الحكم. شيوع لا يتناول جميع الأرض. عدم تحدّث الحكم عن أثر ذلك في حق الشفيع والمشفوع ضدّه. قصور.

------------
إذا قضت المحكمة بالشفعة وأثبتت في صدد سببها أن الشيوع لا يتناول جميع القطع، ولم تتحدّث عن مؤدّى ما أثبتته من أن بعض الأرض المشفوع فيها شائع والبعض غير شائع وعن أثر ذلك في حق الشفيع والمشفوع ضدّه، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.


الطعن 5661 لسنة 78 ق جلسة 28 / 1 / 2010

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رضا وصبري شمس الدين ومحمد عبد الوهاب وعلاء مدكور نواب رئيس المحكمة.

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ عمرو أبو العنين.

وأمين السر السيد/ محمد سعيد دندر.
--------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجناية رقم 10070 لسنة 2006 قسم كرموز (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 539 لسنة 2006) بوصف أنهم في غضون شهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر لسنة 2005 - بدائرة قسم كرموز - محافظة الإسكندرية:- المتهمان الأول والثاني:- 1- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية ارتكبا تزويراً في محررات رسمية هي محاضر الشرطة المرفقة بياناتها بالأوراق بأن اشتركا مع موظف عام حسن النية "محرر المحاضر المنوه عنها" بأن مثلا أمامه وأمداه بالبيانات على غير الحقيقة وهي قيام المجني عليهم بإصدار إيصالات أمانة لصالحهما فتحررت تلك المحاضر بناء على ذلك على غير الحقيقة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
2- ارتكبا تزويراً في محررات عرفية هي إيصالات الأمانة المرفوعة بها المحاضر المنوه بياناتها وأرقامها بالأوراق بأن قاما بملئ تلك الإيصالات على خلاف الحقيقة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
3- استعملا المحررات المزورة "إيصالات الأمانة" فيما زورت من أجله بأن قدموا تلك الإيصالات في محاضر الشرطة المنوه عنها مع علمهما بأنها مزورة.
المتهم الثالث:- اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني على تحرير تلك المحاضر ضد المجني عليهم بأن أمدهما ببيانات المجني عليهم ومحل إقامتهم وذلك مقابل مبلغ من المال يحصل عليه المتهم الأول والثاني عقب تحرير تلك المحاضر فوقعت تلك الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن في 31 من يناير لسنة 2008 عملاً بالمواد 30, 40, 41, 211, 212, 214, 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 16 من فبراير لسنة 2008.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 30 من مارس لسنة 2008 موقعاً عليها من الأستاذ/ ....... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها .
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخرين بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمال المحررات العرفية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه أسبغ على الواقعة وصف الاشتراك في تزوير محاضر الشرطة مع أنها تشكل جنحة البلاغ الكاذب المنصوص عليها في المادة 305 من قانون العقوبات, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "أنه بتاريخ 28/12/2005 أبلغ المدعو ..... بأنه فوجئ بتحرير محضر ضده برقم 21327 لسنة 2005 جنح كرموز وآخر ضد زوجته ..... برقم 21328 لسنة 2005 جنح كرموز وثالث ضد ابنته ..... ثابت برقم 21329 لسنة 2005 جنح كرموز بموجب إيصالات أمانة باسم المتهم الثاني ....... وكل من الإيصالين الأول والثاني بثمانية آلاف جنيه والثالث بمبلغ ستة آلاف جنيه رغم عدم معرفتهم بهذا المتهم أو تحريرهم لأية إيصالات أمانة وأن تلك الإيصالات مزورة وكذلك المحاضر المذكورة المحررة بمناسبتها وبإجراء التحريات بمعرفة ضباط المباحث الجنائية المختصين بالإسكندرية فقد دلت على تلاقي إرادة المتهمين ..... و....... و......... على تكوين تشكيل عصابي تخصص في ارتكاب جرائم النصب على المواطنين باصطناع القضايا ضدهم بقصد مساومتهم وابتزازهم مادياً للتنازل عن تلك القضايا وأن إيصالات الأمانة المحرر بمناسبتها المحاضر السابق الإشارة إليها مزورة ولم تصدر عن أي من المشكو ضدهم في تلك المحاضر وأن المتهمين قاموا بتحرير العديد من المحاضر بذات الأسلوب بأقسام مدن الإسكندرية والقاهرة والجيزة على غير الحقيقة واستناداً إلى الإذن الصادر من النيابة العامة بالضبط والتفتيش توجهت قوة الضبط إلى مسكن المتهم الأول ...... الكائن 17 شارع البدوي متفرع من شارع التوفيقية دائرة قسم مينا البصل وتم إلقاء القبض عليه وبتفتيش مسكنه تم العثور على العديد من إيصالات الأمانة المزورة ضد آخرين وصور لإيصالات أمانة مماثلة وإذ واجهوه بالاتهام المسند إليه أقر لهم باتفاقه والمتهم الثاني على أن يتولى كل منهما تحرير عدة محاضر بأقسام مختلفة في عدة مدن وذلك بتكليف من المتهم الثالث الذي يمدهم بالبيانات اللازمة لتحرير تلك المحاضر بصفته محامياً وبالاتفاق معه لقاء مبالغ مالية يحصلان عليها وأن جملة ما حرراه من محاضر بلغ واحد وأربعين محضراً وأن المتهم الثالث يأتي بأشخاص يحررون بيانات إيصالات الأمانة على غير الحقيقة بعد أن يمدهم بتلك البيانات ثم يتولى المتهمان استعمالها في تزوير محاضر ضد الوارد أسمائهم بها ببلاغات صادرة عن كل من المتهمين الأول والثاني ويتولى كل منهما ابتزاز ومساومة المبلغ ضده للتنازل عن المحضر بعد دفع مبلغ المساومة وذلك دون علم الموظفين المختصين بضبط المحاضر بأقسام الشرطة مع علم المتهمين الثلاثة بكون إيصالات الأمانة والمحاضر المحررة بمناسبتها مزورة على المجني عليهم "وبعد أن أورد الحكم مؤدى أدلة الثبوت خلص إلى إدانة الطاعن - والمتهمين الثاني والثالث - بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمال المحررات العرفية المزورة مع علمهم بذلك عملاً بالمواد 40, 41, 211, 212, 214, 215 من قانون العقوبات مع تطبيق حكم المادة 32 من القانون ذاته.
لما كان ذلك, وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور, وليس من هذا القبيل إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي لأن مثل هذه الشهادة هي مما يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها, فإن الإبلاغ في محاضر الشرطة المشار إليها سلفاً بإيصالات الأمانة المزورة سالفة الذكر لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي ولا تكون المساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة. كما أن الواقعة تلك لا تتوافر بها - من جهة أخرى جريمة شهادة الزور لما يتطلبه القانون للعقاب على هذه الجريمة من أن يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالاً يعلم أنها تخالف الحقيقة بقصد تضليل القضاء - وليس هذا هو الشأن في الدعوى.
لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه ليس لزاماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها, وكان الإبلاغ بأمر كاذب مع سوء القصد هو مما ينطبق عليه حكم المادة 305 من قانون العقوبات. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار جريمة إبلاغ الشرطة بالإيصالات المزورة التي قارفها الطاعن جناية اشتراك في تزوير محرر رسمي وقضى عليه بعقوبتها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه, ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن بحث مدى توافر أركان الجريمة التي ترشح لها واقعة الدعوى مما يندرج تحت نص المادة سالفة البيان, فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وبغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن فقط دون المحكوم عليهما الآخرين اللذين صدر الحكم غيابياً بالنسبة لهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للطاعن

الطعن 22781 لسنة 85 ق جلسة 3 / 12 / 2016

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عاطف عبد السميع فرج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد جمال الشربينى ومفتاح سليم ومحمود عبد المجيد وهشام عبد الرحمن " نواب رئيس المحكمة "

بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / إيهاب نوار .

وأمين السر السيد / رجب حسين .

------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1 – .... . 2 – ...... . 3 – ...... في قضية الجناية رقم 1768 لسنة 2010 جنايات بورفؤاد أول ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 464 لسنة 2010) بأنهم في غضون شهر سبتمبر سنة 2009 بدائرة قسم بورفؤاد أول محافظة بورسعيد :
المتهم الثالث :
اشترك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع المتهمة الأولى في اغتصاب سنداً مثبتاً لدين " إيصالات أمانة " ممهورة على بياض بالقوة بأن أوعز لها بذلك ، واتفق معها على كيفية تنفيذها وساعدها بإمدادها بالطريقة اللازمة لتسهيل ارتكابها وتنفيذاً لذلك ، المخطط الإجرامى دست تلك المادة للمجنى عليه / ..... بشراب قدمته إليه مما أفقده الوعى إثر تناوله إياه وتمكنت بهذه الوسيلة من الإكراه من التحصل على بصمة أصبعه عليها .
المتهمون جميعاً :
1 وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا فيما بينهم بطريقى الاتفاق والمساعدة مع موظفين عاميين حسنى النية هما / ..... أمين شرطة بقسم أول بورفؤاد محرر محضر الجنحة رقم 2718 لسنة 2009 بورفؤاد أول والآخر / ..... سكرتير جلسة جنح الشرق في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما " محضر الشرطة للجنحة سالفة الذكر ومحضر الجلسة المحددة لنظر تلك الجنحة وكان ذلك ، بأن اتفقوا على ارتكاب الجريمة فيما بينهم بعد ملئ المتهم الثالث لبيانات الايصال في حضور المتهمة الأولى وقدمه للمتهم الثانى الذى مثل به أمام / ..... – المختص بتحرير المحضر بطريقى الاصطناع وبجعل واقعة مزورة في صورة صحيحة بأن اتفقوا معه على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة آنفة الذكر – وادعى زوراً أنه وكيلاً عن / ..... – بموجب التوكيل رقم 10426 / ب لسنة 2008 رسمى عام بورسعيد وادعى على خلاف الحقيقة تضرر موكله من المجنى عليه سالف البيان لتبديده مبلغ مالى وقدره خمسة وعشرون ألف جنيه كان قد تسلمهم الأخير من موكله لتوصيله إلى آخر بموجب إيصال أمانة محل التهمة الأولى فحرر الموظف المختص محضره أثبت به ما ادعى به سالف الذكر من بلاغ ثم تلا ذلك ، مثول الأخير بالجلسة المحددة لنظر تلك الجنحة مدعياً زوراً وكالته السابقة مقدماً أصل الايصال فأثبت / ..... – سكرتير جلسة جنح شرق – تلك الأقوال بمحضره فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
2 – ارتكبوا تزويراً في محرر عرفى " إيصال الأمانة سند الجنحة رقم 2718 لسنة 2009 بورفؤاد أول " بأن اتفقوا على ذلك ، التزوير بأن أمد المتهم الأول المتهم الثالث بها فأثبت الأخير تلك البيانات ونسباها زوراً للمجنى عليه سالف الذكر حال تواجدهم جميعاً على مسرح الجريمة
3 استعموا المحرر المزور فيما زور من أجله بدفعه للمتهم الثانى الذى حرر به القضية سالفة البيان وقدمه لسكرتير الجلسة المختص .
4 – أبلغ المتهم الأول وبالاشتراك مع المتهمان الثانى والثالث كذباً وبسوء قصد أحد الحكام القضائيين والاداريين بأن المجنى سالف الذكر قد اقترف الجريمة محل الجنحة رقم 2718 لسنة 2009 بورفؤاد أول تبديد – قاصدين الاضرار به .
5 – شرعوا في الحصول على مبالغ مالية من المجنى عليه سالف الذكر وقيامه بتطليق المتهمة الأولى عن طريق تهديده بالايصالات موضوع التهمة الأولى ومساومته على التنازل عن الجنحة آنفة البيان – إلا أنه قد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لارادتهم فيه وهو ضبط الجريمة وإبلاغ السلطات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات بورسعيد لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأولى والثالث وحضورياً للثانى فى 6 من إبريل لسنة 2015 عملاً بالمواد 40 ، 41 ، 45 ، 211 ، 212 ، 215 ، 305 ، 325 ، 326 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32 من قانون العقوبات بمعاقبة ..... ، ..... ، ...... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليهم وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 21 من إبريل سنة 2015 .
وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن بالنقض فى 2 ، 4 لسنة 2015 موقع عليهم الأولى من الأستاذ / .... المحامى ، والثانية من الأستاذ / .... المحامى ، والثالثة من الأستاذ / ..... المحامى .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
---------------
" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر قانوناً .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك فى تزوير محررين رسميين وآخر عرفى واستعماله مع العلم بتزويره والإخبار بأمر كاذب مع سوء القصد والشروع فى الحصول بالتهديد على مبلغ نقدى قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ، واعتوره الإخلال بحق الدفاع ، ذلك ، أنه خلا من بيان واقعة الدعوى مكتفياً بترديد ما ورد عنها بوصف التهمة , كما لم يستظهر عناصر الاشتراك ولم يدلل على توافرها فى حقه معتبراً قيامه بتحرير محضر الجنحة وحضوره جلسة المحاكمة وتقديمه أصل المحرر العرفى المزور تزويراً فى أوراق رسمية وهو ما لا يصلح سيما أن قيامه بذلك ، العمل كان بصفته وكيلاً عن المستفيد فى إيصال الأمانة بموجب توكيل أقر مصدره بصحته وأن الأمر فى حقيقته لا يعدو أن يكون إقراراً فردياً يخرج عن نطاق التجريم ، فإذا ما اعتبره الحكم مدعياً لتلك الصفة – صفة الوكالة – فى خصوص تلك الدعوى يضحى مجرد تجاوزاً لحدود الوكالة بما يستوجب الجزاء الإدارى ، كما لم يعن بالتدليل على توافر القصد الجنائى وركن العلم فى حقه مستنداً إلى جمع الطاعن والمتهم الثالث لمقر عمل واحد وهو ما لا يكفى منتهياً إلى إدانته بوصفه فاعلاً أصلياً على خلاف الثابت بأمر الإحالة ، وعول فى الإدانة على أدلة لا تؤدى إلى ما انتهى إليه منها ، وعلى أقوال شاهد الإثبات الثانى بالتحقيقات رغم عدوله عنها معرضاً عن إقراراته الموثقة والتى تفيد علمه بتحريك الدعوى ، ودون أن يجب طلبه سماع شهادته على أقوال الشاهدين السادس والسابع وتحرياتهما رغم تناقضهما فى شأن شخص القائم بكتابة بيانات إيصال الأمانة ، وعلى إقرار المتهم الثالث بذلك ، بجلسة المحاكمة رغم أن الهيئة الجديدة التى أصدرت الحكم لم تسمعه ، وعلى تقرير الأدلة رغم أنه نفى عنه أن يكون هو الكاتب لبيانات الإيصال ، معتنقاً تصويرهم للواقعة رغم أن للواقعة صورة أخرى وأن مرتكبها هما المتهمين الأولى والثالث دون علمه لشواهد عددها بأسباب طعنه ، كما أشار الحكم بعجز أسبابه إلى اشتراك الطاعن فى جريمة إغتصاب سند مثبت لدين رغم خلو أمر الإحالة من نسبته إليه ، فضلاً عن قصوره فى التدليل عليها مستنداً إلى أقوال الشهود رغم عدم كفايتها ودون أن يعنى بإجراء تحقيقاً فى هذا الشأن سيما وقد تناقض فى شأن كنه المادة المستخدمة لإكراه المجنى عليه ، وكذا قصوره فى التدليل على باقى الجرائم , مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – كان ذلك ، محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة فى الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفى فى بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعى على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن الاشتراك فى التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التى بينها الحكم وأن القصد الجنائى فى جريمة التزوير فى الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً فى الحكم عن توافر هذا الركن مادام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه ، وكان من المقرر أن جعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع العلم بتزويرها يدخل ضمن الطرق المؤثمة بالمواد 213 من قانون العقوبات ، وتشمل هذه الصورة كل تقرير لواقعة على غير حقيقتها ، فإنه متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن قيامه بتقديم بلاغ بقسم شرطة بورفؤاد أول وتحرير المحضر رقم 2718 لسنة 2009 جنح بورفؤاد أول ، وكذلك ، مثوله أمام المحكمة بشأن هذه الدعوى منتحلاً صفة الوكالة عن ....... – شاهد الإثبات الثانى – باعتباره المستفيد من إيصال الأمانة بمقتضى توكيل صادر منه دون علمه ومن ثم فهو منقطع الصلة تماماً بموضوع الدعوى ولا يخوله القيام بالإبلاغ وتحرير المحضر السالف بيانه وكذا الحضور أمام المحكمة وتمثيل المستفيد من هذه الدعوى ، فأثبت الموظفون المختصون حضوره بهذه الصفة ، فإن هذا يكفى لتوافر أركان جريمة الاشتراك فى تزوير المحررين الرسميين اللذين دانه الحكم بهما وتتوافر به ركن العلم بتزويرهما فى حقه ، ويتضمن كذلك ، الرد على ما أثاره الطاعن فى شأن التكييف القانونى للواقعة باعتبار أن المحررين ليسا رسميين وأن ما أثبت بهما من بيانات فى حكم الإقرارات الفردية ، أو أن ما أتاه من أفعال لا يندرج تحت وصف الجرائم العمدية ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور وينحل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن إلى جدل موضوعى لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحرر الرسمى بالنسبة لجريمة التزوير يعتبر رسيماً فى جميع أجزائه وتكتسب بياناته الصفة الرسمية سواء ما أثبتها الموظف فى المحرر ونسبها إلى نفسه باعتبارها أنها حصلت منه أو وقعت بين يديه أو ما تلقاه الموظف من ذوى الشأن من بيانات وتقريرات فى شأن التصرف القانونى الذى تشهد به الورقة ذلك ، بأن صفة المحرر تختلف عن حجيته فى الإثبات ، ومن ثم فإن ما أثبت بالمحضر رقم 2718 لسنة 2009 جنح بورفؤاد أول وبمحضر الجلسة من بيانات أدلى بها الطاعن على خلاف الحقيقة أمام الموظفين المختصين بتحريرها على نحو ما سلف – تتوافر به أركان جريمة التزوير فى محرر رسمى كما هى معرفة فى القانون ، ويضحى كل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، ، وكان لا مصلحة للطاعن فى النعى على الحكم فى خصوص تعديل وصف الاتهام بالنسبة له من شريك إلى فاعل أصلى – بفرض صحته – بالمخالفة لما ورد بقرار الإحالة ، إذ أن العقوبة المقضى بها عليه باعتباره فاعلاً أصلياً فى جناية تزوير محرر رسمى تدخل فى حدود العقوبة المقررة للشريك فى تلك الجناية ، بما تنتفى معه الجدوى من النعى على الحكم فى هذا الصدد . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن العبرة فى المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التى قيده القانون فيها بذلك ، ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أى بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف وترتيب النتائج على المقدمات . لما كان ذلك ، , وكانت الأدلة التى عول عليها الحكم المطعون فيه فى الإدانة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجرائم التى دين بها ، وقد استخلص الحكم منها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دين الطاعن بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الأخير بوجه نعيه لا يعدو أن يكون جدلاً فى واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، وبالتالى تنحسر عن الحكم المطعون فيه قالة القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها آخر ، مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل – بحسب الأصل – رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم كما أن من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك ، يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحلمها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله أو مع غيره من الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال فى الحكم المطعون فيه – كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها ، وأن لها أيضاً أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . لما كان ذلك ، ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم المطعون فيه من تعويله على أقوال شهود الإثبات معززة بتحريات الشرطة رغم تضاربها وتناقضها مع المستندات المقدمة فى الدعوى والتفاته عن دلالة الإقرارين الموثقين الصادرين عن شاهد الإثبات الثانى الذى أكد فيهما علمه بالدعوى موضوع التزوير لا يكون له محل لما سلف ، ولما هو مقرر أيضاً من أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ومن ثم فحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التى دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه فضلاً عن أن هذين الإقرارين على فرض صدورهما من الشاهد سالف الذكر لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدوله عن أقواله فى حق الطاعن وهو ما يدخل فى تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم بتحقيقه أو بأن تورد سبباً لإطراحه ، لأن أخذها بالأقوال التى عدل عنها يفيد دلالة إطراح هذا العدول , فإن النعى فى هذا الخصوص يكون غير مقبول ، ومع ذلك ، فقد عرض الحكم لهذا الدفاع ولتلك المستندات وأطرحها برد سائغ بما يدحضهما . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التى نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب إعادة سماع شاهد الإثبات الثانى فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ويكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص فى غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول فى إدانة الطاعن على دليل مستمد من إقرار المتهم الثالث بمحضر الجلسة ، فإنه لا جدوى مما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الشأن . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن سوى عقوبة واحدة – وهى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات – وهى عقوبة الاشتراك فى تزوير المحررين الرسميين التى ثبت لمحكمة الموضوع ارتكابه لها ، ومن ثم فإن مصلحته فى النعى على الحكم بالبطلان فى هذا الصدد وبمخالفته القانون فيما يثيره من أنه عاقبه عن جريمة إغتصاب السند – بفرض صحته – تكون منتفية إذ من المقرر أنه إذا أخطأ الحكم فأسند إلى المتهم مع الجريمة الثابت وقوعها منه جريمة أخرى وعاقبه على الجريمتين معاً بعقوبة واحدة داخله فى حدود المواد المنطبقة على الجريمة الواجب معاقبته من أجلها ، فإنه بذلك ، تنتفى مصلحة الطاعن بالتمسك بالخطأ الذى وقع فيه الحكم ، ولما كان الطاعن لا ينازع فى أن الواقعة تشتمل أيضاً على جريمة اغتصاب السند المثبت لدين والتى دين بها المتهمين الأولى والثالث فلا على المحكمة إن هى اتخذت من هذه الواقعة دليلاً من أدلة ثبوت الاشتراك فى جريمة تزوير المحررين الرسميين التى رفعت بها الدعوى مادام أن هذا الدليل له أصله الثابت فى الأوراق ، كما أنها تكون منتفية بالنسبة للنعى على الحكم بالقصور فى التدليل على باقى الجرائم التى أشار إليها الطاعن بأسباب طعنه . لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

الطعن 17518 لسنة 76 ق جلسة 28 / 3 / 2017 مكتب فني 68 ق 67 ص 409

جلسة 28 من مارس سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، أحمد العزب وإبراهيم الشلقاني نواب رئيس المحكمة.
-------------
(67)
الطعن رقم 17518 لسنة 76 قضائية
(1 ،2) تحكيم "بطلان حكم التحكيم: الطعن على حكم التحكيم". نقض "جواز الطعن بالنقض: الأحكام الجائز الطعن فيها بالنقض".
(1) الطعن بالنقض. جوازه بحسب الأصل في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف. م 248 مرافعات.
(2) أحكام التحكيم. لا تقبل الطعن عليها. الاستثناء، رفع دعوى ببطلانها في الأحوال التي أوردتها المادتان 52، 53 /1 ق 27 لسنة 1994. عدم قابلية الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية للطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات. مؤداه. عدم جواز الطعن عليهما بطريق النقض.
(3 ، 4) حكم" إصدار الأحكام: التوقيع على مسودة الحكم والنطق به: التوقيع على مسودة الحكم".
(3) الأحكام. العبرة فيها بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة. مسودة الحكم ورقة لتحضيره.
(4) وجوب توقيع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته. تخلف ذلك. أثره. بطلان الحكم. لا يغني عن ذلك توقيعهم على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت منفصلة عن أسبابه. تحرير الأسباب على أوراق منفصلة واشتمال الأخيرة منها على جزء منها اتصل بمنطوق الحكم وتوقيع جميع القضاة الذين أصدروه عليها. لا بطلان. علة ذلك. نسخة الحكم الأصلية. كفاية توقيع رئيس هيئة المحكمة عليها دون الأعضاء. عدم اشتراط أن يكون التوقيع مقروء. المادتان 175، 179 مرافعات. مثال.
(5 - 15) تحكيم "اتفاق التحكيم: ماهيته" "رضائية التحكيم" "مشارطة التحكيم" "إجراءات التحكيم" "حكم التحكيم: ميعاد إصدار حكم التحكيم" "بطلان حكم التحكيم". نقض "جواز الطعن بالنقض: الأحكام غير الجائز الطعن فيها بالنقض" "أسباب الطعن بالنقض: السبب الجديد".
(5) التحكيم. ماهيته. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. أساسه. القانون. أثره. سلب ولاية القضاء.
(6) قيام التحكيم. شرطه. رضاء الأطراف به كوسيلة تحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم. مفاده. إرادة المتعاقدين توجده وتحدد نطاقه.
(7) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعريف المقصود منها. شرطه. تبيان الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.
(8) القضاء ببطلان حكم التحكيم. أثره. انتهاء الخصومة وزوال كل ما ترتب على حكم التحكيم أو الجزء الذي أبطل منه من آثار بحسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا.
(9) اتفاق التحكيم. بقاء أثره رغم القضاء ببطلان حكم التحكيم. مؤداه. جواز إبرام مشارطة تحكيم جديدة لنفس النزاع. عدم إبرام مشارطة التحكيم الجديدة مع عدم تعرض الحكم الصادر في دعوى البطلان لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم. مؤداه. لكل ذي مصلحة اللجوء إلى التحكيم نفاذا لاتفاق التحكيم. القضاء ببطلان اتفاق التحكيم استنادا لإحدى هذه المسائل. مؤداه. جواز إبرام اتفاق تحكيم جديد. عدم تحقق ذلك. أثره. وجوب اللجوء إلى المحكمة للمطالبة بالحق. القضاء ببطلان حكم التحكيم استنادا لبطلان مشارطة التحكيم اللاحقة على إبرام شرط التحكيم. لا أثر له على شرط التحكيم. مؤداه. بقاء أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة. النعي عليه على غير أساس.
(10) التزام هيئة التحكيم بإصدار حكمها خلال الميعاد المحدد وفقا لاتفاق الخصوم. عدم الاتفاق على الميعاد. مؤداه. وجوب إصدار الحكم خلال اثني عشر شهر من تاريخ بدء إجراءات التحكيم. جواز مد هذا الميعاد لفترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر. شرطه.
(11) إجراءات التحكيم. بدايتها من يوم تسلم المدعى عليه طلب التحكيم ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر. المادة 27 من القانون 27 لسنة 1994.
(12) إقامة المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة. لازمه. وقف سريان ميعاد التحكيم حتى صدور الحكم في هذه الدعوى. مؤداه. عدم احتساب هذه المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. النعي عليه على غير أساس.
(13) الطعن بالنقض، عدم اتساع نطاقه لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف. علة ذلك.
(14) الطلب المقدم للمحكمة هو الطلب الذي يتمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم. عدم التمسك به أمام محكمة الموضوع. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(15) عدم تمسك الطاعنة في صورة الطلب الصريح الجازم بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقا لحين الفصل في الطعن بالنقض رغم أنها أشارت في صحيفة دعواها إلى سابقة الطعن على حكم التحكيم المقضي ببطلانه بطريق النقض كما أنها لم تتمسك ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية أمام محكمة الاستئناف. أثره. عدم جواز إثارة هذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض.
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص المادة 248 من قانون المرافعات أن الطعن بطريق النقض في الحالات التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر جائز- كأصل عام- في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مؤدى نص المادتين 52، 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أن أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجوز فقط رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم في أحوال معينة أوردتها الفقرة الأولى من المادة (53) من القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أوردت في عدة مواضع من صحيفة الطعن الراهن أن طعنها ينصب على الحكمين الصادرين في القضية التحكيمية رقم ... لسنة 2004 أولهما الجزئي بتاريخ 17 من مارس سنة 2005 وثانيهما المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005 بالإضافة إلى الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في دعوى البطلان، وكان الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية المذكورة لا يقبلان الطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات، فإن الطعن عليهما بطريق النقض يكون غير جائز.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن العبرة في الأحكام هي بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة، فهي التي تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور، ولا تعدو مسودة الحكم أن تكون ورقة لتحضير الحكم.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مؤدي نص المادتين 175، 179 من قانون المرافعات أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعا عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلا، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم جميعا على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلا. ولم يستلزم المشرع توقيع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم على نسخته الأصلية بل اكتفى بتوقيع رئيسها فقط وكاتب الجلسة، ولم يشترط أن يكون التوقيع مقروء. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها جاءت موقعة من جميع القضاة الذين اشتركوا في إصداره على كل ورقة من أوراقها، وكان الثابت في النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه المودعة ملف الدعوى أن كل أوراقه موقعة من رئيس الجلسة وكاتبها وتم إثبات صفتيهما بالصفحة الأخيرة للحكم إذ جاء توقيعيهما عليها مسبوقا بعبارتي (رئيس المحكمة) و(أمين السر) وهو ذات توقيعيهما الثابت على باقي صفحات الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بالبطلان يكون على غير أساس.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء.
6 - التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية. فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها.
7 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ولا رقابة عليها في ذلك مادامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.
8 - إذ قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم فإنه يترتب على ذلك زواله كله أو جزء منه بحسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا ويزول كل ما ترتب على حكم التحكيم أو على الجزء الذي أبطل منه من آثار وتنتهي الخصومة أمامها.
9 - يبقى للاتفاق على التحكيم أثره بعد القضاء ببطلان حكم التحكيم، فلا يوجد ما يمنع الطرفين من إبرام مشارطة تحكيم جديدة بالنسبة لنفس النزاع، وإذا لم تعقد هذه المشارطة وكان الحكم الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم لم يعرض لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم فإن هذا الحكم لا يؤثر في اتفاق التحكيم ويكون لكل ذي مصلحة بعد صدور حكم البطلان اللجوء إلى التحكيم نفاذا لهذا الاتفاق. أما إذا كان الحكم - ببطلان حكم التحكيم- قد تعرض لمسألة صحة أو بطلان اتفاق التحكيم فقضى ببطلان حكم التحكيم استنادا إلى بطلان الاتفاق شرطا أو مشارطة أو إلى سقوطه أو عدم نفاذه - سواء كان قضاؤه بهذا صريحا أو ضمنيا - فإن الحكم ببطلان حكم التحكيم يمنع الالتجاء إلى التحكيم ويجب على ذي المصلحة إن أراد المطالبة بحقه أن يلجأ إلى المحكمة، ما لم يبرم الطرفان اتفاق تحكيم جديد. أما في حالة ما إذا كان هناك شرط تحكيم وأبرمت بعده مشارطة وحكم ببطلان المشارطة وبالتبعية ببطلان حكم التحكيم الذي صدر استنادا إليها، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم السابق عليها، فيبقى لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن طرفي التداعي حررا عقد اتفاق مؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- مكملا لعقد المقاولة المبرم بينهما بتاريخ 18 من يناير سنة 1995- واتفقا في البند التاسع منه على حسم أي منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار خلاف بينهما فأقامت المطعون ضدها القضية التحكيمية رقم ... لسنة 1999 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وتم الاتفاق بين الطرفين على اعتبار ما تضمنه محضر جلسة التحكيم المؤرخ 22 من فبراير سنة 1999 بمثابة مشارطة للتحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها والذي قضى ببطلانه بالحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 117ق القاهرة تأسيسا على أن هيئة التحكيم فصلت في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف ولم تتقيد بتطبيق أحكام القانون الذي اتفق عليه الطرفان، ولم يتعرض حكم البطلان إلى صحة أو بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد أو مشارطة التحكيم المتفق عليها في محضر جلسة التحكيم، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد ويظل لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين بالالتجاء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة بهذا العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
10 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في الفقرة الأولى من المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية يدل على أن المشرع أوجب على هيئة التحكيم أن تصدر حكمها المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الخصوم، وأنه في حالة عدم اتفاقهم على الميعاد فإنه يجب عليها أن تصدر حكمها خلال إثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ويجوز لهيئة التحكيم أن تقرر مد هذا الميعاد أو المدة المتفق عليها فترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مد الميعاد أكثر من ذلك.
11 - إجراءات التحكيم عند الاتفاق عليه - بديلا عن القضاء- إنما تبدأ من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم عن الحق المتنازع عليه من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر له وذلك على نحو ما استنه الشارع في المادة 27 من القانون سالف الذكر (القانون رقم 27 لسنة 1994).
12 - إذ كان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم السابق رقم ... لسنة 1999 الصادر بناء على مشارطة التحكيم المؤرخة 22 من فبراير سنة 1999 قد قضى ببطلانه لسبب لا يتعلق بهذه المشارطة، وكانت الطاعنة قد أقامت التحكيم رقم ... لسنة 2004 استنادا إلى شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد المؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- الذي يستمر أثره في التزام طرفيه باللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة به - وذلك بأن أبدت رغبتها بالبدء في تحكيم جديد لفض النزاع بتوجيه الإنذار المؤرخ 17 من فبراير سنة 2003 إلى الطاعنة وتم قيد التحكيم بمركز القاهرة للتحكيم بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 2004، وإزاء امتناع الطاعنة عن تعيين محكم عنها فأقامت المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة فصل فيها نهائيا بالاستئناف رقم ... لسنة 8ق القاهرة بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 2004، ومن ثم يقف سريان ميعاد التحكيم حتى تاريخ صدور هذا الحكم ولا تحسب تلك المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم، وذلك بحسبان أن هذه المسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم، وإذ كانت هيئة التحكيم قد عقدت أولى جلساتها بعد اكتمال تشكيلها بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2004 وأصدرت حكمها المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005، وكان شرط التحكيم الوارد في العقد لم يتضمن تحديد ميعاد لإجراء التحكيم أو إصدار الحكم فيه، فإن حكم التحكيم يكون قد صدر خلال مدة سريان شرط التحكيم وفي الميعاد المقرر قانونا، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
13 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن نطاق الطعن بالنقض لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف، فلا يجوز أن يضمن الطاعن صحيفة طعنه نعيا يخرج عن نطاق الخصومة المعروضة.
14 - لا يعتبر الطلب مقدما للمحكمة إلا إذا كان قد تمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم فإذا كان الطاعن لم يتمسك بطلبه أمام محكمة الموضوع على هذا النحو فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
15 - إذ إن الطاعنة قد أشارت في صحيفة دعواها إلى أن حكم التحكيم السابق المقضي ببطلانه عن ذات الموضوع مطعون عليه بطريق النقض ولم يفصل فيه، بيد أنها لم تشفع ذلك بطلب صريح بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقا حتى يفصل في الطعن بالنقض، كما أنها لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية بسبب عدم إعلانها بحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص ونظر موضوع التحكيم في غيبتها دون إعلانها إعلانا صحيحا مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، ومن ثم فلا يجوز لها التحدي بهذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم .... لسنة 123ق على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم هيئة التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم .... لسنة 2004 (adhoc) بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 2005 من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وفي الموضوع ببطلانه، على سند من أنه بموجب عقد مقاولة عمومية مؤرخ 18 من يناير سنة 1995 اتفق الطرفان على قيام الشركة المطعون ضدها بإنشاء وصيانة فندق "......" شرم الشيخ - وتم تغيير اسمه إلى " ......" شرم الشيخ - لصالح الشركة الطاعنة، وبتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1996 أبرم الطرفان عقدا مكملا للعقد الأول لتنظيم بعض المسائل الخلافية بينهما تضمن الاتفاق على حسم أية منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار نزاع بينهما فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى التحكيمية رقم .... لسنة 1999 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبتاريخ 22 من فبراير سنة 1999 عقدت هيئة التحكيم أولى جلساتها وحررت محضرا اعتبر بمثابة مشارطة للتحكيم وباشرت إجراءات الدعوى حتى أصدرت حكمها بتاريخ 18 من يونيو سنة 2000، أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 117ق القاهرة بطلب بطلان حكم التحكيم سالف البيان فأجابتها محكمة استئناف القاهرة لطلبها وطعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم .... لسنة 72ق ولم يتم الفصل فيه، وإزاء ذلك أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى التحكيمية رقم ... لسنة 2004 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي واختارت محكما عنها واستصدرت حكما بتعيين محكم عن الطاعنة وبعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم تم إخطار الطاعنة ببدء السير في إجراءات التحكيم فوجهت إنذارات إلى المحكمين ومدير مركز التحكيم بعدم جواز السير في التحكيم لانتهاء وسقوط مشارطة التحكيم، بيد أن هيئة التحكيم باشرت الإجراءات في غيبتها وأصدرت بتاريخ 17 من مارس سنة 2005 حكما جزئيا باختصاصها ثم أصدرت حكمها النهائي في 20 من أكتوبر سنة 2005، فأقامت الطاعنة دعواها للقضاء ببطلان هذا الحكم. وبتاريخ 18 من سبتمبر سنة 2006 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، ودفعت الشركة المطعون ضدها والنيابة بعدم جواز الطعن بطريق النقض على حكمي التحكيم الجزئي والنهائي الصادر أولهما في 17 من مارس سنة 2005 وثانيهما بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 2005 في القضية التحكيمية رقم ... لسنة 2004، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مبنى الدفع المثار من المطعون ضدها والنيابة بعدم جواز الطعن أن المشرع في المادة 52 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 نص على عدم جواز الطعن في أحكام التحكيم التي تصدر طبقا له بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات وأجاز استثناء رفع دعوى بطلان على هذه الأحكام في حالات محددة على سبيل الحصر، فإن الحكمين الجزئي والنهائي الصادرين في الدعوى التحكيمية رقم .... لسنة 2004 لا يجوز الطعن فيهما بطريق النقض باعتبارهما غير صادرين من محاكم الاستئناف.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأن مفاد نص المادة 248 من قانون المرافعات- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الطعن بطريق النقض في الحالات التي حددتها هذه المادة على سبيل الحصر جائز - كأصل عام - في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، وأن مؤدى نص المادتين 52، 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أن أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويجوز فقط رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم في أحوال معينة أوردتها الفقرة الأولى من المادة (53) من القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أوردت في عدة مواضع من صحيفة الطعن الراهن أن طعنها ينصب على الحكمين الصادرين في القضية التحكيمية رقم .... لسنة 2004 أولهما الجزئي بتاريخ 17 من مارس سنة 2005 وثانيهما المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005 بالإضافة إلى الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في دعوى البطلان، وكان الحكمان الصادران من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية المذكورة لا يقبلان الطعن فيهما بأي طريق من طرق الطعن الواردة في قانون المرافعات، فإن الطعن عليهما بطريق النقض يكون غير جائز.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان، إذ لم يوقع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرته على كل أوراقه والتي جاءت منفصلة حال كون الورقة الأخيرة منه تضمنت منطوقه فقط دون أي جزء من الأسباب المتصلة به، فضلا عن أن الصورة الرسمية المستخرجة من الحكم لا يوجد بها سوى توقيعين غير مقروءين بما يتعذر معه معرفة اسم وصفة المنسوب إليهما التوقيعين فيكون مشوبا بالبطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن العبرة في الأحكام هي بالنسخة الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها رئيس الجلسة، فهي التي تحفظ بملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وغيرها من الصور، ولا تعدو مسودة الحكم أن تكون ورقة لتحضير الحكم، وأن مؤدى نص المادتين 175، 179 من قانون المرافعات أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعا عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلا، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم جميعا على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب مما يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلا، ولم يستلزم المشرع توقيع أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم على نسخته الأصلية بل اكتفى بتوقيع رئيسها فقط وكاتب الجلسة، ولم يشترط أن يكون التوقيع مقروء. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها جاءت موقعة من جميع القضاة الذين اشتركوا في إصداره على كل ورقة من أوراقها، وكان الثابت في النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه المودعة ملف الدعوى أن كل أوراقه موقعة من رئيس الجلسة وكاتبها وتم إثبات صفتيهما بالصفحة الأخيرة للحكم إذ جاء توقيعيهما عليها مسبوقا بعبارتي (رئيس المحكمة) و(أمين السر) وهو ذات توقيعيهما الثابت على باقي صفحات الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بالبطلان يكون على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالوجوه الأول والثاني والثالث من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن شرط التحكيم الوارد في العقد المؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996 تم نسخه بموجب مشارطة التحكيم التي تضمنها محضر جلسة 22 من فبراير سنة 1999 في التحكيم رقم .... لسنة 1999 بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بين طرفي النزاع والتي استنفدت كافة آثارها بانتهائه وصدور حكم هيئة التحكيم في موضوعه، ومن ثم فلا يصلح الاستناد إلى شرط التحكيم الوارد بالعقد في إقامة التحكيم الجديد رقم ... لسنة 2004- موضوع التداعي- وإجبارها على قبول الدخول فيه قسرا عنها رغم عدم وجود اتفاق تحكيم ساري المفعول يمكن الاستناد إليه، سيما وقد صدر الحكم رقم .... لسنة 117ق القاهرة ببطلان حكم التحكيم السابق وتضمنت أسبابه انقضاء مشارطة التحكيم الواردة في العقد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم تأسيسا على أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقا مستمرا على استبعاد اللجوء إلى القضاء لحل النزاع ويجوز إعادة استخدامه بعد إبطال حكم التحكيم إذا لم يكن حكم البطلان مؤسسا على بطلان اتفاق التحكيم، وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعنة سالف البيان، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ولا رقابة عليها في ذلك مادامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه، وإذا قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم فإنه يترتب على ذلك زواله كله أو جزء منه بحسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا ويزول كل ما ترتب على حكم التحكيم أو على الجزء الذي أبطل منه من آثار وتنتهي الخصومة أمامها، ويبقى للاتفاق على التحكيم أثره بعد القضاء ببطلان حكم التحكيم، فلا يوجد ما يمنع الطرفين من إبرام مشارطة تحكيم جديدة بالنسبة لنفس النزاع، وإذا لم تعقد هذه المشارطة وكان الحكم الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم لم يعرض لمسألة وجود أو صحة أو نفاذ أو بطلان اتفاق التحكيم فإن هذا الحكم لا يؤثر في اتفاق التحكيم ويكون لكل ذي مصلحة بعد صدور حكم البطلان اللجوء إلى التحكيم نفاذا لهذا الاتفاق، أما إذا كان هذا الحكم قد تعرض لمسألة صحة أو بطلان اتفاق التحكيم فقضى ببطلان حكم التحكيم استنادا إلى بطلان الاتفاق شرطا أو مشارطة أو إلى سقوطه أو عدم نفاذه - سواء كان قضاؤه بهذا صريحا أو ضمنيا- فإن الحكم ببطلان حكم التحكيم يمنع الالتجاء إلى التحكيم ويجب على ذي المصلحة إن أراد المطالبة بحقه أن يلجأ إلى المحكمة، ما لم يبرم الطرفان اتفاق تحكيم جديد. أما في حالة ما إذا كان هناك شرط تحكيم وأبرمت بعده مشارطة وحكم ببطلان المشارطة وبالتبعية ببطلان حكم التحكيم الذي صدر استنادا إليها، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم السابق عليها، فيبقى لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين باللجوء إلى التحكيم. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن طرفي التداعي حررا عقد اتفاق مؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- مكملا لعقد المقاولة المبرم بينهما بتاريخ 18 من يناير سنة 1995- واتفقا في البند التاسع منه على حسم أي منازعات متعلقة بهذا العقد عن طريق التحكيم، وإذ ثار خلاف بينهما فأقامت المطعون ضدها القضية التحكيمية رقم .... لسنة 1999 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وتم الاتفاق بين الطرفين على اعتبار ما تضمنه محضر جلسة التحكيم المؤرخ 22 من فبراير سنة 1999 بمثابة مشارطة للتحكيم وأصدرت هيئة التحكيم حكمها والذي قضى ببطلانه بالحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 117ق القاهرة تأسيسا على أن هيئة التحكيم فصلت في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف ولم تتقيد بتطبيق أحكام القانون الذي اتفق عليه الطرفان، ولم يتعرض حكم البطلان إلى صحة أو بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد أو مشارطة التحكيم المتفق عليها في محضر جلسة التحكيم، فإن هذا الحكم لا يبطل شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد ويظل لهذا الشرط أثره في التزام الطرفين بالالتجاء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة بهذا العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الرابع من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بانتهاء مدة مشارطة التحكيم التي تضمنها محضر جلسة 22 من فبراير سنة 1999 في التحكيم رقم ... لسنة 1999- والمحددة بسنة واحدة - بصدور الحكم المنهي للخصومة التحكيمية وذلك قبل البدء في التحكيم الجديد رقم .... لسنة 2004، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاعها سالف البيان وقضى برفض الدعوى ببطلان حكم التحكيم الأخير مسايرا الحكمين الجزئي بالاختصاص والمنهي للخصومة الصادرين فيه بقالة أن مدة التحكيم تبدأ من تاريخ صدور الحكم في الاستئناف بتعيين محكم عن الطاعنة باعتباره عقبة مادية تحول دون السير في إجراءات التحكيم، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في الفقرة الأولى من المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية يدل على أن المشرع أوجب على هيئة التحكيم أن تصدر حكمها المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الخصوم، وأنه في حالة عدم اتفاقهم على الميعاد فإنه يجب عليها أن تصدر حكمها خلال اثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم ويجوز لهيئة التحكيم أن تقرر مد هذا الميعاد أو المدة المتفق عليها فترة أخرى لا تتجاوز ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مد الميعاد أكثر من ذلك، وكانت إجراءات التحكيم عند الاتفاق عليه - بديلا عن القضاء - إنما تبدأ من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم عن الحق المتنازع عليه من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر له وذلك على نحو ما استنه الشارع في المادة 27 من القانون سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن حكم التحكيم السابق رقم .... لسنة 1999 الصادر بناء على مشارطة التحكيم المؤرخة 22 من فبراير سنة 1999 قد قضى ببطلانه لسبب لا يتعلق بهذه المشارطة، وكانت الطاعنة قد أقامت التحكيم رقم .... لسنة 2004 استنادا إلى شرط التحكيم الوارد في البند التاسع من العقد المؤرخ 23 من ديسمبر سنة 1996- الذي يستمر أثره في التزام طرفيه باللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات المتعلقة به- وذلك بأن أبدت رغبتها بالبدء في تحكيم جديد لفض النزاع بتوجيه الإنذار المؤرخ 17 من فبراير سنة 2003 إلى الطاعنة وتم قيد التحكيم بمركز القاهرة للتحكيم بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 2004، وإزاء امتناع الطاعنة عن تعيين محكم عنها فأقامت المطعون ضدها دعوى بطلب تعيين محكم عن الطاعنة فصل فيها نهائيا بالاستئناف رقم .... لسنة 8ق القاهرة بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 2004، ومن ثم يقف سريان ميعاد التحكيم حتى تاريخ صدور هذا الحكم ولا تحسب تلك المدة ضمن الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم، وذلك بحسبان أن هذه المسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بهم، وإذ كانت هيئة التحكيم قد عقدت أولى جلساتها بعد اكتمال تشكيلها بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 2004 وأصدرت حكمها المنهي للخصومة في 20 من أكتوبر سنة 2005، وكان شرط التحكيم الوارد في العقد لم يتضمن تحديد ميعاد لإجراء التحكيم أو إصدار الحكم فيه، فإن حكم التحكيم يكون قد صدر خلال مدة سريان شرط التحكيم وفي الميعاد المقرر قانونا، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين الخامس والسادس من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام هيئة التحكيم ومحكمة الاستئناف بطلب عدم جواز السير في التحكيم رقم .... لسنة 2004 حتى يفصل في الطعن بالنقض رقم .... لسنة 72ق المقام من المطعون ضدها عن الحكم الصادر ببطلان حكم التحكيم رقم .... لسنة 1999 حتى لا تواجه تنفيذا مزدوجا عن ذات الموضوع إذا تم نقض حكم البطلان، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل تكييف طلبها سالف البيان تكييفا صحيحا بأنه في حقيقته طلب بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الطعن بالنقض والتفت عن الرد عليه، وقضى برفض الدعوى ببطلان حكم التحكيم موضوع النزاع إعمالا للمادة 53/ ج من قانون التحكيم رغم عدم إعلانها بإجراءات الدعوى التحكيمية وحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص الصادر فيها مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن نطاق الطعن بالنقض لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف، فلا يجوز أن يضمن الطاعن صحيفة طعنه نعيا يخرج عن نطاق الخصومة المعروضة، ولا يعتبر الطلب مقدما للمحكمة إلا إذا كان قد تمسك به صاحبه في صورة الطلب الصريح الجازم فإذا كان الطاعن لم يتمسك بطلبه أمام محكمة الموضوع على هذا النحو فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أشارت في صحيفة دعواها إلى أن حكم التحكيم السابق المقضي ببطلانه عن ذات الموضوع مطعون عليه بطريق النقض ولم يفصل فيه، بيد أنها لم تشفع ذلك بطلب صريح بعدم جواز السير في الدعوى أو بطلب وقفها تعليقا حتى يفصل في الطعن بالنقض، كما أنها لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات الخصومة التحكيمية بسبب عدم إعلانها بحكم التحكيم الجزئي بالاختصاص ونظر موضوع التحكيم في غيبتها دون إعلانها إعلانا صحيحا مما حال دون حضورها أمام هيئة التحكيم وإبداء دفاعها، ومن ثم فلا يجوز لها التحدي بهذه الأسباب لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.