برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رضا وصبري شمس الدين ومحمد عبد الوهاب وعلاء مدكور نواب رئيس المحكمة.
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ عمرو أبو العنين.
وأمين السر السيد/ محمد سعيد دندر.
--------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجناية رقم 10070 لسنة 2006 قسم كرموز (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 539 لسنة 2006) بوصف أنهم في غضون شهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر لسنة 2005 - بدائرة قسم كرموز - محافظة الإسكندرية:- المتهمان الأول والثاني:- 1- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية ارتكبا تزويراً في محررات رسمية هي محاضر الشرطة المرفقة بياناتها بالأوراق بأن اشتركا مع موظف عام حسن النية "محرر المحاضر المنوه عنها" بأن مثلا أمامه وأمداه بالبيانات على غير الحقيقة وهي قيام المجني عليهم بإصدار إيصالات أمانة لصالحهما فتحررت تلك المحاضر بناء على ذلك على غير الحقيقة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
2- ارتكبا تزويراً في محررات عرفية هي إيصالات الأمانة المرفوعة بها المحاضر المنوه بياناتها وأرقامها بالأوراق بأن قاما بملئ تلك الإيصالات على خلاف الحقيقة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
3- استعملا المحررات المزورة "إيصالات الأمانة" فيما زورت من أجله بأن قدموا تلك الإيصالات في محاضر الشرطة المنوه عنها مع علمهما بأنها مزورة.
المتهم الثالث:- اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني على تحرير تلك المحاضر ضد المجني عليهم بأن أمدهما ببيانات المجني عليهم ومحل إقامتهم وذلك مقابل مبلغ من المال يحصل عليه المتهم الأول والثاني عقب تحرير تلك المحاضر فوقعت تلك الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن في 31 من يناير لسنة 2008 عملاً بالمواد 30, 40, 41, 211, 212, 214, 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 16 من فبراير لسنة 2008.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 30 من مارس لسنة 2008 موقعاً عليها من الأستاذ/ ....... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها .
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخرين بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمال المحررات العرفية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه أسبغ على الواقعة وصف الاشتراك في تزوير محاضر الشرطة مع أنها تشكل جنحة البلاغ الكاذب المنصوص عليها في المادة 305 من قانون العقوبات, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "أنه بتاريخ 28/12/2005 أبلغ المدعو ..... بأنه فوجئ بتحرير محضر ضده برقم 21327 لسنة 2005 جنح كرموز وآخر ضد زوجته ..... برقم 21328 لسنة 2005 جنح كرموز وثالث ضد ابنته ..... ثابت برقم 21329 لسنة 2005 جنح كرموز بموجب إيصالات أمانة باسم المتهم الثاني ....... وكل من الإيصالين الأول والثاني بثمانية آلاف جنيه والثالث بمبلغ ستة آلاف جنيه رغم عدم معرفتهم بهذا المتهم أو تحريرهم لأية إيصالات أمانة وأن تلك الإيصالات مزورة وكذلك المحاضر المذكورة المحررة بمناسبتها وبإجراء التحريات بمعرفة ضباط المباحث الجنائية المختصين بالإسكندرية فقد دلت على تلاقي إرادة المتهمين ..... و....... و......... على تكوين تشكيل عصابي تخصص في ارتكاب جرائم النصب على المواطنين باصطناع القضايا ضدهم بقصد مساومتهم وابتزازهم مادياً للتنازل عن تلك القضايا وأن إيصالات الأمانة المحرر بمناسبتها المحاضر السابق الإشارة إليها مزورة ولم تصدر عن أي من المشكو ضدهم في تلك المحاضر وأن المتهمين قاموا بتحرير العديد من المحاضر بذات الأسلوب بأقسام مدن الإسكندرية والقاهرة والجيزة على غير الحقيقة واستناداً إلى الإذن الصادر من النيابة العامة بالضبط والتفتيش توجهت قوة الضبط إلى مسكن المتهم الأول ...... الكائن 17 شارع البدوي متفرع من شارع التوفيقية دائرة قسم مينا البصل وتم إلقاء القبض عليه وبتفتيش مسكنه تم العثور على العديد من إيصالات الأمانة المزورة ضد آخرين وصور لإيصالات أمانة مماثلة وإذ واجهوه بالاتهام المسند إليه أقر لهم باتفاقه والمتهم الثاني على أن يتولى كل منهما تحرير عدة محاضر بأقسام مختلفة في عدة مدن وذلك بتكليف من المتهم الثالث الذي يمدهم بالبيانات اللازمة لتحرير تلك المحاضر بصفته محامياً وبالاتفاق معه لقاء مبالغ مالية يحصلان عليها وأن جملة ما حرراه من محاضر بلغ واحد وأربعين محضراً وأن المتهم الثالث يأتي بأشخاص يحررون بيانات إيصالات الأمانة على غير الحقيقة بعد أن يمدهم بتلك البيانات ثم يتولى المتهمان استعمالها في تزوير محاضر ضد الوارد أسمائهم بها ببلاغات صادرة عن كل من المتهمين الأول والثاني ويتولى كل منهما ابتزاز ومساومة المبلغ ضده للتنازل عن المحضر بعد دفع مبلغ المساومة وذلك دون علم الموظفين المختصين بضبط المحاضر بأقسام الشرطة مع علم المتهمين الثلاثة بكون إيصالات الأمانة والمحاضر المحررة بمناسبتها مزورة على المجني عليهم "وبعد أن أورد الحكم مؤدى أدلة الثبوت خلص إلى إدانة الطاعن - والمتهمين الثاني والثالث - بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمال المحررات العرفية المزورة مع علمهم بذلك عملاً بالمواد 40, 41, 211, 212, 214, 215 من قانون العقوبات مع تطبيق حكم المادة 32 من القانون ذاته.
لما كان ذلك, وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور, وليس من هذا القبيل إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي لأن مثل هذه الشهادة هي مما يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها, فإن الإبلاغ في محاضر الشرطة المشار إليها سلفاً بإيصالات الأمانة المزورة سالفة الذكر لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي ولا تكون المساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة. كما أن الواقعة تلك لا تتوافر بها - من جهة أخرى جريمة شهادة الزور لما يتطلبه القانون للعقاب على هذه الجريمة من أن يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالاً يعلم أنها تخالف الحقيقة بقصد تضليل القضاء - وليس هذا هو الشأن في الدعوى.
لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه ليس لزاماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها, وكان الإبلاغ بأمر كاذب مع سوء القصد هو مما ينطبق عليه حكم المادة 305 من قانون العقوبات. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار جريمة إبلاغ الشرطة بالإيصالات المزورة التي قارفها الطاعن جناية اشتراك في تزوير محرر رسمي وقضى عليه بعقوبتها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه, ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن بحث مدى توافر أركان الجريمة التي ترشح لها واقعة الدعوى مما يندرج تحت نص المادة سالفة البيان, فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وبغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن فقط دون المحكوم عليهما الآخرين اللذين صدر الحكم غيابياً بالنسبة لهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للطاعن