جلسة 25 من يونيه سنة 1977
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أديب قصبجي وعضوية والسادة المستشارين ممدوح عطية، ومحمد عبد العظيم عيد، وشرف الدين خيرى، وأحمد شوقي المليجي.
---------------
(259)
الطعن رقم 186 لسنة 41 القضائية
(1) عمل "تسوية".
المنازعة بشأن أحقية العاملين تسوية حالاتهم باعتبار أن مؤهلهم من المؤهلات العالية. إقرار المحكمة لوجهة نظرهم. لا يعد تعديا لولايتهما القضائية.
(2) حكم "حجية الحكم". خبير. عمل.
الحكم الصادر بندب خبير في ظل قانون المرافعات السابق. عدم فصله في المنازعة بشأن تحديد مستوى المؤهل العلمي للعمال. لا يجوز حجية في هذا الخصوص.
(3) عمل. "تسوية".
مؤهل التجارة التكميلية العالية. اعتباره مؤهلا عاليا. قانون المعادلات الدراسية 371 لسنة 1953.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 647 سنة 1967 عمال كلى القاهرة على البنك الطاعن، وطلبوا الحكم بأحقيتهم في تسوية حالاتهم باعتبارهم من حملة المؤهلات العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقالوا بيانا لدعواهم أنهم حصلوا على دبلوم الدراسات التكميلية العالية قبل سنة 1957 وبأن هذا المؤهل من المؤهلات العالية بموجب قرارات مجلس الوزارة الصادرة في 8 أكتوبر سنة 1950 وأول ديسمبر سنة 1951 والقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقرار الجمهوري رقم 2022 لسنة 1964، وأن البنك درج على تسوية حالة هذا المؤهل على الدرجة السادسة بمرتب 10 جنيه و500 مليم تعدل إلى 12 جنيه و500 مليم إلا أن عاد واعتبرهم من حملة المؤهلات المتوسطة، ولذلك أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. وبتاريخ 24/ 8/ 1968 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المهمة المبينة فى منطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 28/ 3/ 1970 بأحقية المطعون ضدهم في تسوية حالتهم باعتبارهم من حملة المؤهلات العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1950 سنة 87 ق، وبتاريخ 21/ 12/ 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 28/ 5/ 1977 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون خالف القانون، ذلك أن تقدير الشهادات ومعادلها وتحديد مستواها العلمي هو من إطلاقات السلطة الإدارية التي تترخص فيها بلا معقب عليها لتعلقها بتصميم اختصاصها ولعدم وجود قواعد معينة أو ضوابط محددة يمكن بمقتضاها مراجعة الإدارة عند مخالفتها إياها. وإذ قضى الحكم المطعون فيه باعتبار المؤهل الذى حصل عليه المطعون ضدهم مؤهلا عاليا، فانه يكون قد خالف القانون لتغيير حدود الرقابة القضائية بالنسبة لمسألة تعتبر من إطلاقات السلطة الإدارية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان النزاع المطروح لا يتناول سلطة الجهة الإدارية ذات الشأن في تحديد المستوى العلمي لمؤهل المطعون ضدهم، وإنما يدور حول أحقيتهم في تسوية حالاتهم باعتبار مؤهلهم من المؤهلات العالية، واستنادا منهم إلى قرارات مجلس الوزراء الصادر في سنتي 1950، 1951 وإلى قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 وغيره من القوانين التي رأوا أنها تعبر عن إرادة المختصة في اعتبار هذا المؤهل مؤهلا عاليا، فان المحكمة إذ انتهت إلى إقرار وجهة نظرهم لا تكون قد تعدت ولايتها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف حجية حكم صادر في تلك الدعوى، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الذى أصدرته محكمة أول درجة في 24/ 2/ 1968 قضى بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المهمة المحددة في منطوقه طبقا للكتاب المرسل للبنك الطاعن من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بتاريخ 11/ 7/ 1967. وإذ كان هذا الكتاب قد اعتبر مؤهل المطعون ضدهم مؤهلا متوسطا، وكان الحكم بذلك قد قطع في شق من النزاع وأصبح نهائيا بعدم استئنافه، فإن الحكم الابتدائي الصادر في موضوع الدعوى والذى أيده الحكم المطعون فيه. إذ قضى باعتبار هذا مؤهلا عاليا، يكون قد خالف ذلك القضاء القطعي الذي حاز قوة الأمر المقضي.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 24/ 2/ 1968 أنه عهد إلى الخبير المنتدب بيان ما إذا كان مؤهل المطعون ضدهم يعتبر مؤهلا عاليا طبقا للأسانيد الواردة بصحيفة دعواهم، وكان ما أورده هذا الحكم في شأن كتاب الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة إنما جاء في سياق سرده المستندات الطاعن وتوجيها للخبير للاطلاع عليها دون أن يقطع في تحديد مستوى المؤهل موضوع النزاع. لما كان ذلك وكان لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه لمخالفة حكم سابق حاز قوة الأمر المقضي يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك إنه طبق على النزاع أحكام اللائحة العامة لموظفي البنك والمنشورات المكملة لها، في حين أن قواعد ترتيب الوظائف في القطاع العام هي الواجبة التطبيق لأنها تتعلق بالنظام العام، وتقضى هذه القواعد طبقا لما جاء في كتاب الجهاز مركز للتنظيم والإدارة بأن مؤهل المطعون ضدهم مؤهل متوسط باعتباره من الشهادات التي نص مرسوم 6/ 8/ 1953 على أن تعتمد لصلاحية أصحابها فى التقدم للترشيح لوظائف الدرجة السابعة بالكادر الفني المتوسط، كما جاء بالقواعد العامة في شأن تسوية حالات العاملين بالشركات المرفقة بمذكرة اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة أن العاملين بالدرجة السابعة بالكادر المتوسط ينقلون إلى الفئة الثامنة طبقا للائحة الشركات رقم 3536 لسنة 1962 في حين أن المؤهلات الحالية تجيز الصلاحية للتعيين في الدرجة السادسة المعادلة للفئة السابعة فى لائحة الشركات.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله؛ ذلك أنه لما كان القانون 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد نص فى مادته أن يعتبر المؤهلات المحددة فى الجدول المرافق له فى الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم، وكان الجدول المرافق للقانون قد نص فى البند 33 منه على تقدير مؤهل التجارة التكميلية العالية - الذى حصل عليه المطعون ضدهم في الدرجة السادسة بمرتب 10 جنيهات و500 مليم، أي في ذات الدرجة وبذات المرتب اللذين كانت تمنحهما لحاملي هذا المؤهل قرارات مجلس الوزراء - الصادر في 8 أكتوبر سنة 1950 و2 و9 ديسمبر سنة 1951 قبل إلغائها بموجب المادة الرابعة من قانون المعادلات الدراسية المشار إليه، وكانت قوانين موظفي الدولة السارية وقت صدور تلك القرارات تشترط للتعيين في الدرجة السادسة الحصول على مؤهل عال، فإن مقتضى ذلك اعتبار مؤهل التجارة التكميلية العالية مؤهلا عاليا، ولا ينتقص من مستوى هذا المؤهل أن بداية مرتب التعيين في الدرجة السادسة بالنسبة لحملته هو 10 جنيهات و500 مليما أو ما نصت عليه المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية السالف الذكر بشأن الأقدمية الاعتبارية النسبة لحاملي المؤهلات الجامعية. لما كان ذلك وكان لا يحاج ما ورد في المرسوم الصادر من بعد بتاريخ 6/ 8/ 1953 من اعتماد مؤهل التجارة التكميلية لصلاحية الترشيح لوظائف الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفني المتوسط أو بما جاء في مذكرة اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة استنادا إلى هذا المرسوم ذلك أن المشرع قد أصدر القرار الجمهوري رقم 2022 لسنة 1964 الذى نص على أن تنقل إلى الكادر العالي (الفني والإداري) جميع الدرجات السادسة فما فوقها في الكادر المتوسط (الفني والكتابي) التي يشغلها موظفون حصلوا في نهاية سنة 1957 على مؤهلات دراسية قدر لها الدرجة السادس قبل العمل بمرسوم 6/ 8/ 1953، ثم أصدر القانون رقم 83 لسنة 1973 بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية ونص في مادتيه الأولى والثانية على منح حاملي المؤهلات المحددة بالجدول المرافق له - ومنها مؤهل التجارة التكميلية العالية - الدرجة والماهية المحددة في الجدول المرافق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية من تاريخ تعيينهم أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب، وأن تندرج مرتباتهم وترقياتهم وأقدمياتهم على هذا الأساس، وذلك - كما جاء في مذكرته الإيضاحية رغبة من المشرع في إزالة التفرقة وإعمال المساواة بين من انتفعوا بأحكام قانون المعادلات الدراسية وبين من عينوا في الدرجة السابعة طبقا لمرسوم 6/ 8/ 1953 من حملة المؤهل الدراسي الواحد، وهو ما يكشف بوضوح عن اتجاه المشرع منذ سنة 1964 إلى إقرار الوضع السابق لحملة هذا المؤهل في ظل قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، وبالتالي استمرار اعتبار مؤهلهم مؤهلا عاليا. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق